من معجزات الإمام الجواد(ع)
(1)الإمام الجواد(ع) نفسه معجزة ربانية
المعصوم بذاته من أكبر معجزات الله تعالى ، ففي أي جانب من شخصيته نظرت تشاهد اليد الربانية تصنعه على عين الله ، وتعلمه ، وتوجهه .
والإمام الجواد(ع) معجزة بهذا المعنى، ومعجزة بصغر سنه أيضاً ، وقد خشع المؤمنون لما رأوه فيه من آيات الله تعالى ، ولما رأوا على يده من آيات !
وقد اشتهرت معجزاته(ع) لأن موقف المأمون ومجلسه الشهير في تزويجه ابنته ، دوَّى في محافل بغداد ، وانتشر خبره في بلاد المسلمين .
ولكن سياسة طمس مناقب أهل البيت(ع) وما فضلهم الله به على العالمين ، كانت كفيلة بتجهيل أكثر الأمة ، وشد عيونها بعصابات التعتيم والتضليل ، الى يومنا هذا !
ولذلك تجد أن علماء الحكومات ورواتها الذين يخافون من السلطة يختصرون الحديث عن الإمام الجواد(ع) ، فيمدحونه ، دون أن يذكروا نوع شخصيته ومعجزاته ، التي أعلنها الخليفة المأمون على أعين الناس ، وأقر بها الفقهاء والشخصيات !
(2) نماذج من معجزات الإمام الجواد(ع)
شملت المعجزات المروية عن الإمام الجواد(ع) عدة مجالات ، من إحياء الموتى ، وشفاء المرضى بإذن ربه ، والإخبار عما في الضمير بتعليم ربه ، والإخبار عن المستقبل ، واستجابة دعائه لأشخاص ، وإجابة دعائه على آخرين ، وظهور بركته حيث توضأ على شجرة يابسة فاخضرت وأثمرت في الحال ، وتحول ورق الزيتون بيده الى دراهم ، وطي الأرض له ولمن أراد .. الى آخر ما شاهده منه القريب والبعيد .
فقد روى الطبري الشيعي بأسانيده في دلائل الإمامة /398-400: ( قال إبراهيم بن سعد: رأيت محمد بن علي(ع) يضرب بيده إلى ورق الزيتون فيصير في كفه ورقاً (دراهم) فأخذت منه كثيراً وأنفقته في الأسواق فلم يتغير..
قال محمد بن العلاء: رأيت محمد بن علي(ع) يحج بلا راحلة ولا زاد من ليلته ويرجع ، وكان لي أخ بمكة لي عنده خاتم ، فقلت له: تأخذ لي منه علامة ، فرجع من ليلته ومعه الخاتم..
حدثنا محمد بن عمر قال: رأيت محمد بن علي(ع) يضع يده على منبر فتورق كل شجرة من نوعها ، وإني رأيته يكلم شاة فتجيبه .
قال عمارة بن زيد: رأيت محمد بن علي(ع) ، فقلت له: يا بن رسول الله ، ما علامة الإمام ؟ قال: إذا فعل هكذا . فوضع يده على صخرة فبانت أصابعه فيها. ورأيته يمد الحديد بغير نار ، ويطبع الحجارة بخاتمه..
قال لي محمد بن علي بن عمر التنوخي: رأيت محمد بن علي(ع) وهو يكلم ثوراً فحرك الثور رأسه فقلت: لا ولكن تأمر الثور أن يكلمك . فقال: عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَئٍْ . ثم قال للثور: قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، فقال ! ثم مسح بكفه على رأسه ). ونحو ذلك في نوادر المعجزات/181.
وفي الثاقب في المناقب/526: (عن إسماعيل بن عباس الهاشمي قال: جئت إلى أبي جعفر(ع) يوم عيد ، فشكوت إليه ضيق المعاش ، فرفع المصلى فأخذ من التراب سبيكة من ذهب فأعطانيها. فخرجت بها إلى السوق فكان فيها ستة عشر مثقالاً من الذهب) .
وفي الكافي (1/492): (عن علي بن خالد ، وكان زيدياً قال: كنت بالعسكر فبلغني أن هناك رجل محبوس أتي به من ناحية الشام مكبولاً وقالوا: إنه تنبأ ! قال علي بن خالد: فأتيت الباب وداريت البوابين والحجبة حتى وصلت إليه فإذا رجل له فهم ، فقلت: يا هذا ما قصتك وما أمرك ؟ قال إني كنت رجلاً بالشام أعبد الله في الموضع الذي يقال له: موضع رأس الحسين ، فبينا أنا في عبادتي إذ أتاني شخص فقال لي قم بنا ، فقمت معه فبينا أنا معه إذا أنا في مسجد الكوفة ، فقال لي: تعرف هذا المسجد ؟ فقلت: نعم هذا مسجد الكوفة ، قال: فصلى وصليت معه ، فبينا أنا معه إذ أنا في مسجد الرسول(ص) بالمدينة ، فسلم على رسول الله(ص) وسلمت وصلى وصليت معه وصلى على رسول الله(ص) ، فبينا أنا معه إذا أنا بمكة ، فلم أزل معه حتى قضى مناسكه وقضيت مناسكي معه . فبينا أنا معه ، إذا أنا في الموضع الذي كنت أ عبد الله فيه بالشام ، ومضى الرجل!
فلما كان العام القابل إذا أنا به فعل مثل فعلته الأولى ، فلما فرغنا من مناسكنا وردني إلى الشام وهم بمفارقتي قلت له: سألتك بالحق الذي أقدرك على ما رأيت إلا أخبرتني من أنت؟ فقال: أنا محمد بن علي بن موسى .
قال: فتراقى الخبر حتى انتهى إلى محمد بن عبد الملك الزيات ، فبعث إلي وأخذني وكبلني في الحديد وحملني إلى العراق ! قال فقلت له: فارفع القصة إلى محمد بن عبد الملك ، ففعل وذكر في قصته ما كان .
فوقع في قصته:قل للذي أخرجك من الشام في ليلة إلى الكوفة ، ومن الكوفة إلى المدينة، ومن المدينة إلى مكة، وردك من مكة إلى الشام، أن يخرجك من حبسك هذا ! قال علي بن خالد فغمني ذلك من أمره ، ورققت له وأمرته بالعزاء والصبر قال: ثم بكرت عليه فإذا الجند وصاحب الحرس وصاحب السجن وخلق الله ، فقلت ما هذا ؟ فقالوا: المحمول من الشام الذي تنبأ ، افتقد البارحة فلا يدري أخسفت به الأرض ، أو اختطفه الطير) .
هذا ، ومعجزات النبي(ص) وأهل بيته المعصومين (ع) كثيرة محسوسة ، سواء في حياتهم أو بعد مماتهم ، في التوسل بقبورهم المقدسة ، أو بأسمائهم الشريفة ، وقد ظهرت للقاصي والداني . ووثقت المؤلفات قديماً وحديثاً ، وأمانة مشاهدهم المشرفة كثيراً من ذلك .
ختام في مشهد الكاظمين(ع)
أجمع المسلمون على اختلاف مذاهبهم على تعظيم قبر الإمام الكاظم(ع) وتقديسه ، وترجموا له في كتبهم ، وزار قبره ويزوره كبار أئمة السنة وعلمائهم للتبرك والتوسل به الى الله تعالى .
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء:6/268: ( موسى الكاظم، الإمام ، القدوة ، السيد أبو الحسن العلوي، والد الإمام علي بن موسى الرضا، مدني نزل بغداد. ذكره أبو حاتم فقال: ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين.. له مشهد عظيم مشهور ببغداد ، دفن معه فيه حفيده الجواد . ولولده علي بن موسى مشهد عظيم بطوس ).
ووصف ابن بطوطة/218، مشهد الإمامين(ع) فقال: ( وفي هذا الجانب قبر موسى الكاظم بن جعفر الصادق والد علي بن موسى الرضا ، وإلى جانبه قبر الجواد ، والقبران داخل الروضة ، عليهما دكانة (ضريح) ملبسة بالخشب ) .
وفي مفاتيح الجنان/700: (يبدو من كلام الشيخ الصدوق أن قبر الإمام الكاظم (ع) كان مفرزاً عن قبر الإمام الجواد(ع) فكان ينفرد بقبة مستقلة وباب خاص ، فالزائر يخرج منها ليدخل تحت قبة الجواد ، التي كانت ذات بناء خاص ).
وقد عرف القبران المقدسان بمشهد الكاظم، والكاظمين، والجوادين(ع) ، وبالكاظمية ، تغليباً لإسم الكاظم(ع) ، لأنه توفي قبل حفيده الجواد بنحو أربعين سنة ولأنه عاش أكثر منه ، وظهرت منه المعجزات والعلوم أكثر .
وذكرنا في سيرة الإمام الكاظم(ع) أن الشافعي صاحب المذهب ، كان يزور قبر الإمام الكاظم(ع) ويقول: ( قبر موسى الكاظم ترياقٌ مجرب لإجابة الدعاء) (كرامات الأولياء للسجاعي/6، والرسالة القشيرية لابن هوازن/10، والفجر الصادق للزهاوي/89 ، وسيوف الله للقادري الحبيبي/83 ، والبصائر/42 لحمد الله الداجوي الحنفي).
وروى الخطيب البغدادي في تاريخه:1/133، عن إمام الحنابلة في عصـره الحسن بن إبراهيم أبا علي الخلال يقول: (ما همني أمرٌ فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسلت به، إلا سهل الله تعالى لي ما أحب)!
وقال ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة:2/932: ( وهو المعروف عند أهل العراق بباب الحوائج إلى الله ، وذلك لنجح قضاء حوائج المسلمين ، ونيل مطالبهم وبلوغ مآربهم وحصول مقاصدهم ).
أقول: والإمام الكاظم(ع) حامي بغداد لأن الله تعالى يدفع عنها ببركة قبره الشـريف أنواع الشرور التي قد يستحقها أهلها. قال الإمام الرضا(ع) : (فإن الله يدفع البلاء بك عن أهل قم ، كما يدفع البلاء عن أهل بغداد بقبر موسى بن جعفر(ع) )
(رواه المفيد(رضي الله عنه) في الإختصاص/87، ، والنجاشي:2/857 ، والكشي /496).
والإمام الجواد حامي بغداد أيضاً ، فهما سبب نجاتها من كثير من الأخطار.
ففي تهذيب الأحكام (6/82) عن زكريا بن آدم الأشعري ، عن الإمام الرضا(ع) قال: (إن الله نجَّى بغداد بمكان قبور الحسينيين فيها ).
ومعنى ذلك أن بقاء بغداد وسلامتها رغم ما أصابها من موجات وأحداث ، مديون لمشهد الإمامين الكاظمين صوات الله عليهما .
~ ~
lk lu[.hj hgYlhl hg[,h](u) frgl hgado ugd hg;,vhkd