عرض مشاركة واحدة
قديم 2013/06/16, 01:09 AM   #1
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي الزمن عند الله‎

الزمن عند الله
[47] [ ويستعجلونك بالعذاب و لن يخلف الله وعده ]

من المشاكل النفسية التي يعالجها القرآن الحكيم في آياته المرة تلو الاخرى هي مشكلة الاغترار بالفرصة ، فترى الانسان يقول ، عندما يرى الوان النعم تصب عليه : أين هو عذاب الله ؟ ولماذا لم يأت ؟ فيكفر بالعقاب أساسا لأنه يبطئ عليه .

لقد وعد الله بالعذاب وعدا حتما ، و لكن يعطي الانسان مهلة كافية لعله يكتشف خطأه ، و لو بعد حين ، فيتوب الى الله متابا ، فاذا لم يكن للاعتراف و الاستغفار في قلبه محلا ، و حان اجله آنئذ لا يستقدم ساعة ولا يستأخر .

جاء في الدعاء: (سبحانك ما اعجب ما اشهد به على نفسي ، و اعدده من مكتوم امـــري ، و اعجب من ذلك اناتك عني و ابطاؤك عن معاجلتي ، و ليس ذلك من كرمي عليك ، بل تأنيا منك لي ، و تفضلا منك علي لان ارتدع عن معصيتك المسخطة ، و اقلع عن سيئاتي المخلقة ، و لان عفوك عني احب اليك من عقوبتي ... ) .

[ و إن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ]

لو كان للزمن عند الله قيمة اذا لاهلكنا عند اول ذنب . و لكن الله الذي لا يقدر أحد على الفرار من حكومته ، ولا يفوته شيء في السموات و الارض ، لا يبادر بالجزاء و يكون اليوم الواحد عنده كألف سنة .


(1) المصدر / ص 507


انه سبحانه ليس كما نحن ،اننا محددون بالزمان و المكان ، و علومنا و قدراتنا محدودة ، بينما الله على كل شيء قدير ، و هو مهيمن على خلقه ، قادر على ان يقبض المكذبين متى شاء كيف شاء ، فلماذا العجلة ، و انما يعجل من يخاف الفوت ، سبحانه ؟

[48] ان تأخير العذاب ، و تلاشي قانون الزمن عند الله ، لا يعني ان العذاب لن يأتي ، فكم من امة اعطاها الله مهلة بالرغم من انها ظالمة ، ثم أخذها بالعذاب حين حقت عليها كلمته .

[ و كأين من قرية أمليت لها و هي ظالمة ثم أخذتها و إلي المصير]اين يذهب هؤلاء أو ليس الىالله ؟ بلى انه سبحانه لا يخشى الفوت ، و من لا يخشى الفوت لا يبادر بالانتقام .

[49] ان وظيفة الرسول هي تبليغ الرسالة للناس ، لتكون لهم نذيرا بين يدي عذاب شديد . ان هم اصروا على المعصية . و بالرغم من ان الرسول بشير ايضا الا ان السياق أكد على جانب الانذار لان الاطار العام للحديث هنا التكذيب و العذاب .

[ قل يا ايها الناس إنما أنا لكم نذير مبين ]

[50] [ فالذين ءامنوا و عملوا الصالحات لهم مغفرة و رزق كريم]من يقف بجانب الرسالة و يؤمن بها و بالرسول و يعمل الصالح بموجبها ، فانه يفوز بجائزتين:اولهما المغفرة و حط الذنوب ، و ثانيهما الرزق الكريم ، انها جائزة معنوية تتمثل في التطهير من الذنوب و أخرى مادية و هي الرزق الكريم ، اي يوفر كرامة الانسان ذلك لأن من الرزق ما يذهب بها ، و يسبب له الهوان .


و ليس في الآية ما يدل على الآخرة فقط بل يشمل الدنيا أيضا . ذلك ان المغفرة و كفران الذنوب و تطهير الواقع الفردي و الاجتماعي من آثار الانحراف و الفساد ، و تزكية النفس من قذر العقد و الاحقاد ، ان كل ذلك نعمة عظيمة يسبغها الله على المؤمنين في الدنيا ايضا .

كذلك الرزق الكريم يوفره الله لعباده المؤمنين ، الذين يرفضون الخضوع لاصحاب السلطة و الثروة ، و يتعالون على الذلة و الهوان ، او لم يقل ربنا سبحانه :

" و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب " ؟

[51] [و الذين سعوا في ءاياتنا معاجزين أولئك اصحاب الجحيم ]اولئك الذين يبذلون قصارى جهدهم في سبيل تعجيز آيات الله ، حسب ظنهم ، اي عرقلة مسيرتها ، و تعويق تطبيقها ، و تحديها و التكذيب بها أو تأويلها ، انهم اصحاب الجحيم .

و يسعى هؤلاء نحو الحاق العجز بالآيات ، بتحديها و مواجهتها ، فهم بعكس المؤمنين الذين يسلمون بالآيات ، و يقولون : كل من عند ربنا بلا مكابرة و لا جدال .

و يدخل ضمن هؤلاء :

اولئك الذين يكذبون بالآيات رأسا .

و اولئــك الذين يأولونها و يحرفون مواضعها ، مثل خدم السلاطين من علماء السوء .

و اولئك الذين يعوقون تطبيقها كالحكام الظلمة .


و اولئك الذين يحبسونها في حدود ضيقة .

و كلمة " معاجزين " من معاجزة ، على وزن مفاعلة و هي صرف الشيء عن وجهه .

و الانسان الذي لا يريد ان يطبق أوامر الله و شريعته يبدأ بتأويل الآيات القرآنية المحتوية على الاحكام و الشرائع فيبعدها عن مقاصدها ، و هذه هي المعاجزة .

يؤكد القرآن مثلا على محاربة الطاغوت ، اما المعاجز فيقول : صحيح ان القرآن يؤكد علىمحاربة الطاغوت و لكن الطاغوت المقصود في القرآن هم ( فرعون ، نمرود.. ) و ليس هؤلاء طغاة اليوم ، و القرآن يحرم الربا ، و يقول المعاجز انما نأخذ الفائدة .

ان الآيات من الوضوح بحيث لم تدع سبيلا لتحريف مدلولاتها ، ان الطاغوت هو الطاغوت ، و لا سبيل الى التستر عليه بعد ان سلطت عليه الآيات القرآنية الاضواء الكاشفة ، ففرعون قال : انا ربكم الأعلى ، و فلان ( ... ) حاكم قال مثل ذلك بعمله و تصرفاته . و هما سواء ، كما انه لا فرق بين الفائدة و الربا .

ان في القرآن الحكيم العلاج الناجح لأدواء الانسان و امراضه ، فالقرآن لا يشير الى العلاج فقط ، بل و يقوم ايضا بمعالجة الانسان مباشرة ، بشرط ان يتفاعل مع آياته ولا يعاجزها فيزداد مرضا على مرض .

تفسير القران الكريم الجزء الثامن
اية الله العظمى محمد تقي المدرسي




hg.lk uk] hggi‎



توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس