الموضوع: فلسفة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2014/03/29, 11:46 PM   #2
الجمال الرائع


معلومات إضافية
رقم العضوية : 799
تاريخ التسجيل: 2012/12/12
المشاركات: 857
الجمال الرائع غير متواجد حالياً
المستوى : الجمال الرائع is on a distinguished road




عرض البوم صور الجمال الرائع
افتراضي

إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}(الاحزاب/33)
قال الإمام الخميني ( قدِّس سرُّه ) في بيان شخصيَّة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلَّم:
((وهو صاحب الفتح المطلق وواجد لمقام العصمة الكبرى بالأصالة وبقية المعصومين واجدون لذاك المقام تبعا لتلك الذات المقدسة وهو صاحب مقام الخاتمية الذي هو الكمال على الإطلاق، وحيث أن أوصياءه مشتقون من طينته ومتصلون بفطرته فهم أصحاب العصمة المطلقة))
ثمَّ يقول:
((وأما بعض المعصومين من الأنبياء والأولياء عليهم السلام فليسوا أصحاب العصمة المطلقة ولم يكونوا خالين من تصرّف الشيطان ، كما أن توجّه آدم عليه السلام إلى الشجرة كان من تصرفات ابليس كبير الأبالسة))
{فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَامُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ}(القصص/19)
ولم يكن بصدد قتله لأنَّ البطش كما قال اللغويون هو “التناول عند الصولة والأخذ الشديد”
وأما كلام القبطي باتهام موسى فليس بصحيح ولو أُمهل موسى لكان يجيب عليه إلا أنَّه جاء رجل من أقصى المدينة.

عين موسـى و عين الحسـين :
{وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنْ النَّاصِحِينَ}(القصص/20)
وهذا الرجل وإن كان بعيداً عن المدينة إلا أنَّه كان مطَّلعاً كمال الإطِّلاع على ما يحدث فيها وما يجري في قصر فرعون ولعلَّه كان عيناً من قبل موسى في قصر فرعون وقد أخبره موسى بالذهاب إلى المدينة وكان يعرف مكان موسى بالدقة، ولا يخفى عليك أنَّ كلمة الملأ تطلق على السواد الذين يملئون العين، قال الراغب في مفرداته في معنى المـلأ:
“جماعة يجتمعون على رأي فيملئون العيون رواء ومنظرا والنفوس بهاء وجلالا” فهم الذين كانوا ملتفِّين حول الطاغية فرعون :
((فقال الحسين عليه السلام: يا أخي والله لو لم يكن (في الدنيا) ملجأ ولا مأوى، لما بايعت يزيد بن معاوية، فقطع محمد بن الحنفية الكلام وبكى، فبكى الحسين عليه السلام معه ساعة ثم قال: يا أخي جزاك الله خيراً، لقد نصحت وأشرت بالصواب وأنا عازم على الخروج إلى مكة، وقد تهيأت لذلك أنا وإخوتي وبنو أخي وشيعتي، وأمرهم أمري ورأيهم رأيي، وأما أنت يا أخي فلا عليك أن تقيم بالمدينة، فتكون لي عينا (عليهم) لا تخفي عني شيئا من أمورهم))(العوالم ص178،179).

{فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين}(القصص21)
لماذا كان يخاف الإمام الحسين عليه السلام:
كان خوفه لا على نفسه كيف والقرآن يقول: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}(البقرة/112). {أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}(يونس/62). ويقول سبحانه : {…فَمَنْ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}(الأعراف/35). والإمام الحسين عليه السلام ينادي: “وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ”

هناك أمور ثلاثة يمكننا أن نفسِّر من خلالها خوف الإمام الحسين عليه السلام:
1-إنـدراس الحـق:
وهذا ما يستفاد من كلمات سيد الشهداء عليه السلام كما في الخطبة الآتية وهي قبل موت معاوية بسنتين حيث حج الإمام الحسين بن على عليهما السلام وعبدالله بن جعفر، وعبدالله بن عباس معه، وقد جمع الحسين بن على عليهما السلام بني هاشم رجالهم ونساءهم ومواليهم وشيعتهم من حج منهم ومن لم يحج، ومن بالأمصار ممن يعرفونه وأهل بيته، ثم لم يدع أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله ومن أبنائهم والتابعين ومن الأنصار المعروفين بالصلاح والنسك إلا جمعهم، فاجتمع إليهم بمنى أكثر من ألف رجل فقام الحسين عليه السلام فيهم خطيبا فحمدالله وأثنى عليه ثم قال:
“أمّا بعد فإن هذا الطاغية، قد صنع بنا وبشيعتنا ما قد علمتم، ورأيتم، وشهدتم، وبلغكم. وإني أريد أن أسألكم عن أشياء فإن صدقت فصدقوني، وإن كذبت فكذبونى، اسمعوا مقالتي واكتموا قولي، ثم ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم، من أمنتم ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون، فإني أخاف أن يندرس هذا الحق ويذهب، والله متم نوره ولو كره الكافرون.”
فما ترك الإمام الحسين عليه السلام شيئا أنزل الله فيهم من القرآن إلا قاله وفسره، ولا شيئا قاله الرسول صلى الله عليه واله في أبيه وأمه وأهل بيته إلا رواه، وكل ذلك يقول الصحابة: اللهم نعم قد سمعناه شهدناه، ويقول التابعون: اللهم قد حدثناه من نصدقه ونأتمنه، حتى لم يترك شيئا إلا قاله. ثم قال: أنشدكم بالله إلا رجعتم وحدثتم به من تثقون به، ثم نزل وتفرق الناس عن ذلك.(الاحتجاج ص150،151)

2-الاغـتيـال :
وكان خوفه من الاغتيال، لا من أجل نفسه بل كان يخاف من أن يهتك بيت الله الحرام، وقد جاء ذلك في حديثه مع ابن الحنفية في الليلة التي أراد الخروج في صبيحتها عنمكة، فقال له ابن الحنفية:
” يا أخي إن أهل الكوفة قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك، وقد خفتأن يكون حالك كحال من مضى، فان رأيت أن تقيم فانك أعز من بالحرم وأمنعه.”
“فقال: يا أخي قد خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية بالحرم ، فأكون الذي يستباح به حرمة هذا البيت”.
فقال له ابن الحنفية: “فإن خفت ذلك فصر إلى اليمن أو بعض نواحي البر فانك أمنع الناس به ، ولا يقدر عليك أحد”.
فقال: “أنظر فيما قلت”.
فكان عليه السلام يعلم بأنّه لا محالة سيقتل كما جاء في كلامه، حيث قال لرجل سأله عن سبب ذهابه إلى كربلاء:
“إن هؤلاء أخافوني وهذه كتب أهل الكوفة، وهم قاتلي، فإذا فعلوا ذلك ولم يدعوا لله محرما إلا انتهكوه، بعث الله إليهم من يقتلهم حتى يكونوا أذلّ من قوم الأمة”
وقوله: “وهم قاتلي” أي أنّه سوف يتحقق القتل سواء ذهبت إلى كربلاء أو بقيت في المدينة أو ذهبت إلى أي من البلاد.

3-استجابة الدعاء:
وقد استجيب دعاء الإمام عليه السلام ونجّاه الله من القوم الظالمين كما نجّى فرعون، ولا يهم بعد ذلك ما سيحدث، فربّ نجاة الإنسان تكون في أن يسجن حيث يتم بذلك الحفاظ على الدين كما في قصَّة يوسف، فلا سبيل ثالث في البين إمّا أن يلبي طلباتهنَّ أو يسجن، وقد خيَّر السجن على التورط في الذنب. والظاهر أنّه دعاء ولكن لا على نفسه بالسجن بل بالتخلُّص منهنَّ ولذلك يقول {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}(يوسف/34).
فلم يكن هناك حلٌّ إلا أن يقتل الإمام الحسين عليه السلام “لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد” وكان يقول ” الموت خير من ركوب العار والعار أولى من دخول النار” ويقول: “إنى لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما” “خُطّ الموت على ولد آدم مَخطّ القلادة على جيد الفتاة وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه” “ألا أن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلّة، يأبى الله ذلك ورسولُه وحجورٌ طابت وحجور طهرت وأنوف حمية ونفوس أبية لا تؤثرُ مصارعَ اللئام على مصارع الكرام”.
فبالفعل استجيب الدعاء ونجّاه الله من القوم الظالمين فبالنسبة إلى موسى يقول:
{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}(القصص/25)

وأما نجاة الإمام الحسين عليه السلام لم يتمّ إلا بالشهادة في سبيل الله تعالى، وهو مقام عظيم ودرجة عالية كما ورد في الحديث: “إنَّ لَكَ دَرَجَةً فِي الجَنَّةِ لاَ تَنَالُهَا إِلاَّ بِالشَّهَادَة”.
قال الإمام الخميني قدس سره في الأربعون حديثاً الحديث 15:
“ومن المعلوم أن الصورة الملكوتية للشهادة في سبيل الله لم تحصل إلا بعد وقوع الشهادة في عالم الملك -عالمنا الحاضر- كما برهن على ذلك في العلوم العالية. وورد في الأخبار المذكورة أن لكل عمل في هذا العالم صورة في عالم آخر.”
وقد طلبت امرأة فرعون ذلك المقام حيث طلبت عند ربِّها بيتاً في الجنَّة، وقد بلغت من العظمة بمكان، قال تعالى:
{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}(التحريم/11)
فهي قد تخلَّصت من القوم الظالمين بالشهادة في سبيل الله.
والجدير بالذكر أنّه عليه السلام يقرأ قوله تعالى:
{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيل}(القصص/22)
وكيف لا يهديه الله إلى سواء السبيل ويقول سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}(العنكبوت/69).
وقد قال تعالى بالنسبة إلى موسى عليه السلام: {.. وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}(طه/39)
ويقول سيد الشهداء أبو عبد الله الحسين عليه السلام كما نقل السيد:
“هوّن عليّ ما نزل بي أنه بعين الله”

وقد استجيب دعاء سيد الشهداء عليه السلام ووصل إلى أمنيته وهي لقاء الله فقد نزل في شأنه قوله تعالى:
{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ،ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ،فَادْخُلِي فِي عِبَادِي،وَادْخُلِي جَنَّتِي}(الفجر27/30).
2 محرم الحرام 1423


رد مع اقتباس