عرض مشاركة واحدة
قديم 2014/06/01, 04:36 PM   #2
الممهدون

موالي جديد

معلومات إضافية
رقم العضوية : 2741
تاريخ التسجيل: 2014/02/08
المشاركات: 14
الممهدون غير متواجد حالياً
المستوى : الممهدون is on a distinguished road




عرض البوم صور الممهدون
افتراضي

على حافة الظهور- الحلقة (14)
هل بعث المهدي رسولا ممهدا؟!

بسم الله الرحمن الرحيم
وصل الله على محمد وآله الطاهرين

بعد ان تجري سنة التكذيب، فيكذب القوم رسولهم، وما يرافقها من سنة الجدل، حيث يجادله القوم بالباطل ليدحضوا الحق، وتفعّل سنة الهزء لاسقاط قدسية الرسول وتحجيمه منعا من ان يكبر في النفوس!

ومع انتشار الدعوة، تجري سنة الانذار بالتحذير من التجاوب مع الرسول! فيبدأ الانذار من التحذير من تصديقه ويتطور الى محاولة أسره او اغتياله، ويترافق كل ذلك مع المطارده والاعتقال والتهجير والتعذيب للمؤمنين بالرسالة الجديدة!

الا ان الله يعزز بعثة الرسول بتشديد قبضته على القوم تعسيرا يتناسب مع درجة تكذيبهم فتتظاهر سنة التضييق التي تتطور شيئا فشيئا الى ان تبلغ درجة تتحول معها تحولا نوعيا بانقلابها الى سنة عقاب، فيتحول العذاب من التضييق الى الاهلاك من خلال كوارث تستأصل القوم المكذبين.

سنة التضييق:
يتحدث القران عن سنة التضييق بالقول: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ). واضاف القول:
(وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ).
يفسر معنى (البأساء والضراء) بالعذاب كما تفيد الاية: (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ).

فالبأساء تأتي بمعنى الضراء وتصدق على أشكال من العذاب والازمات الفردية والاجتماعية الاقتصادية والامنية والعسكرية، مثل الفقر والاسقام والاوجاع والغلاء والكساد والأوبئة والقحط والجدب والمجاعات والحروب!.

وان الغاية من تشديد قبضة العذاب تضييقا يعللها النصان المتقدمان بالقول:"لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُون". حيث التضرع الى الله هي الحالة التي يلجأ اليها الانسان بعد ان تغلبه المحنة التي يتعرض لها، ولن يكون التضرع ناجعا الا باللجوء الى الرسول- باعتباره باب الله- الذي لايقبل التوسل بغيره.

لقد وصف الإمام علي(ع)الذي في حديث المدينة بالباب: "علي بابها"، وان اعراض الأمة عنه وعن الأوصياء-الذين هم رسل الرسول الى الامة- أدى إلى جريان سنة التضييق! ففي تأويل الآية: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ)، أي من ترك ولاية علي والبيت النبوي - المؤولة بالذكر- له معيشة ضيقة في دنياه.

ويمكن ان نجد مشهدا مفصلا لسنة التضييق جرى في التاريخ يذكره القران لما سرد تاريخ موسى وفرعون، حيث شدد الله قبضته على الفرعون وقومه، لما ارسل عليهم ايات التضييق تباعا.

يوضح القران؛ ان موسى جاء الى *فرعون، وعرف نفسه بانه رسول رب العالمين، وبرهن على صدقه بآيتي العصا المنقلبة الى ثعبان واليد البيضاء من غير سوء، وطالب موسى وهارون من الفرعون ان يرسل معهما بني اسرائيل: (فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ)، أرسل بمعنى حرر، فطالباه بتحرير بني اسرائيل وانهاء وضع استرقاقهم وتسخيرهم!

فكانت دعوة موسى دعوة لتحرير الشعب اليهودي خارجيا وداخليا؛ من نير النظام الفرعون خارجيا، ومن سلطة أهواء الذات داخليا: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ).

ولكن فرعون والملأ من قومه كذبوه، فتوالى التضييق عليهم، وبدأ ذلك لما هزم موسى فريق السحرة، الممثل للفرعون، في مهرجان تحدي بين الدعوتين، فكانت ردة الفعل ان آمن اكثر الناس بالغالب، باعتبار الناس اتباع من غلب: (لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ). بل واخترقت دعوة موسى حاشية الفرعون بايمان ابن عمه، الذي لقبه القران بالرجل الذي يكتم *ايمانه.

اننا يمكن ان نشعر بحلقة الضيق التي ضربت الفرعون والملأ من حوله والذي تظاهر في حكمه على السحرة بالموت عن طريق الصلب وتقطيع الاطراف انتقاما منهم لخذلانهم له، والحرج الذي أوقعوه به، حيث هزيمة السحرة كانت هزيمته!

ثم ان موسى ظل يطالب الفرعون ان يستجيب لطلبه بتحرير بني اسرائيل، فرفض فارسل عليه الطوفان، فامطرت السماء غزيرا وفاض النيل وحدث الطوفان فخرب دورهم ومساكنهم حتى ضاقت عليهم الحياة، والجأتهم الى الخروج الى البرية وضربوا فيها الخيام فطلب فرعون من موسى ان يرفع عنهم عذاب الطوفان مقابل ان يحرر بني اسرائيل إلا ان فرعون لم يوف بوعده، حيث منعته مشورة هامان من ذلك، الذي قال: ان استجابته سوف تؤدي الى غلبة موسى وزوال ملك الفرعون، كما تقول النبوءة.

فلما نكث أرسل الله عليهم في السنة التالية أسراب الجراد، التي أكلت الزرع والمحاصيل، وضاقت على أهل مصر الحياة، وكادت تحدث المجاعة، فطلب فرعون من موسى ان يرفع عنهم هذا الضيق، ووعده بتحرير بني إسرائيل إلا أنه نكث وعده ثانية ...

وتكرر مثل هذا المشهد بحذافيره بإرسال القمل كوباء عم قوم فرعون فضاقت عليهم أنفسهم... ثم أسراب الضفادع التي غزتهم وضيقت حياتهم..ثم الدم حيث تحول الماء لفرعون وقومه إلى دم فجزعوا لذلك جزعا شديدا ... وفي كل مرة يضطر الفرعون لمطالبة موسى متضرعا، بان يرفع عنهم العذاب ويعده بالوفاء بتحرير بني اسرائيل الا انه ينكث، ويوجز القران ذلك المشهد بقوله تعالى: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ، وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ ۖ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ).

كل هذه الصور من التضييق كانت تضطر الفرعون الى اللجوء الى باب الله موسى ليعرف قدره عبر الخضوع له وتوسله والتضرع اليه تائبا، من عصيانه، واعدا بالوفاء، شرط ان يرفع عنه العذاب الذي ياخذ عليهم آفاق الحياة ويجعلها نكده لا تطاق: (حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
ليتضح، ان التضييق هو سنة يجريها الله على الذات البشرية المستكبرة ليذللها ويضطرها الى البحث عن سبيل خلاص لن تجده الا باللجوء الى المخلص، مما يفرض عليها ان تعدل من شعورها وسلوكها اتجاهه فتتحول من الاستكبار والتكذيب الى موقف الايمان والتسليم، فكانت نفسية فرعون تتردد بين الموقفين،ذهابا وايابا، ولم تستطع ان تسلم تسليما مطلقا لانكث فيه ..

ان سنة التضييق هذه سوف تعصر القوم الذين يعاصرون رسول المهدي عبر المشاكل التي تأتي الأمة من كل مكان والفتن التي تتفجر من تحت أقدامها، والمحن التي تمطر سماءها، فتضيق عليهم انفسهم، وتضيق عليهم الارض بما رحبت، حتى يظنوا ان لا ملجأ من الله الا باللجوء الى باب الله ورسول مهديهم، لكي يتوب عليهم انه تواب رحيم.

سنة العقاب:
يتطور عذاب التضييق ليبلغ ذروته بالتحول تحولا نوعيا الى سنة عقاب، فاذا كان التضييق عذاب أصغر، فان العقاب هو العذاب الاكبر: "وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ". هذه الاية واردة في سياق الحديث عن ايات التضييق التي تعرض لها فرعون مصر زمن موسى!

ليتضح ان التضييق باعتباره نوعا من العذاب المقنن هو دون العذاب الاكبر، الذي يتظاهر في إطار سنة العقاب، وان العذاب في سنة التضييق يهدف الى مراجعة القوم -أفرادا وجماعات- لموقفهم الخاطئ! بينما ياتي العذاب الاكبر بعده بتفعيل سنة العقاب ليكون عذابا مهلكا، وعن الصورة الكاملة التي تطور فيها مشهد بني اسرائيل مع فرعون من سنة التضييق الى سنة العقاب يقول تعالى:
(فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ ۖ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيل فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ، فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ).

لقد انتهى المشهد من انتقال سنة التضييق التي تجلت عبر العذاب بالطوفان والجراد والضفادع والدم الى سنة العقاب التي تجلت باغراق الفرعون وجيشه!!

ان سنة العقاب تجري عندما ييأس من ايمان القوم، كما يقول تعالى: (وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُون... انهم مغرقونَ). لذلك ارسل عليهم الطوفان الذي اغرقهم!.

لقد تحدثت الكثير من ايات القران عن سنة العقاب التي كثابت يعيد نفسه: (وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ، إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ).
وقدم القران صورا ونماذجا لعذاب الأقوام المستأصل: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).

نستنتج؛ ان سنة التضييق وآيات عذاباتها المقننة تتزامن مع بعثة الرسل لتضطر الاقوام المكذبة للتراجع عن موقف التكذيب، فكان الهدف تقويم سلوك القوم وتصحيح أفكارهم ومشاعرعم، الا أن الخشية تبقى من انتهاء سنة التضييق والدخول في سنة العقاب، التي تعني نفاد المهلة أمام المكذبين باليأس من إيمانهم!

ان الامام المهدي(ع) ارسل رسله من أجل اعادة الاسلام الى أصالته الأولى، وتاسيس قاعدة انطلاقته، وان المهلة التي فيها يبلغ رسول المهدي رسالته محدودة، وتوشك ان تنقضي ليظهر المهدي مستلا سيفه من غمده، ليحرر التشيع من الرؤوس الصادة عن الحق، كما فعل جده محمد(ص) عندما صفى عتاة قريش في بدر، فدخلت بعدها عامة قريش في الاسلام قهرا، عندما برقت السيوف فوق الرؤوس بعد ان اخذت بعضها في الحروب!

فسنة التضييق توشك ان ترفع! وسنة العقاب توشك ان تقع!

فهل من مراجعة؟ هل من يقظة؟!


رد مع اقتباس