عرض مشاركة واحدة
قديم 2014/10/28, 06:22 PM   #3
أسد العراق

موالي مبتدأ

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1629
تاريخ التسجيل: 2013/06/12
المشاركات: 63
أسد العراق غير متواجد حالياً
المستوى : أسد العراق is on a distinguished road




عرض البوم صور أسد العراق
افتراضي

هذا من ناحية السند , أما من ناحية المتن , فنقول :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
(1) سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني ج3 ح 1233 .
(2) لسان الميزان 1 | 149 رقم 596 .
(3) لسان الميزان 1 | 204 رقم 832 .
(4) الفصل في الملل والنحل 4 | 108 .
يوجد على متن هذا الحديث اشكالات كثيرة تخرجه عن الصحة , منها :
1ـ لو كان هذا الحديث صحيحا لكان نصا على خلافة أبي بكر وعمر , والمحققون من أهل السنة أجمعوا على أن خلافة أبي بكر وعمر لم تكن بالنص .
2ـ على هذا الحديث , إما أن يكون الاقتداء بهما مطلقا أو مقيدا , فإن كان مطلقا ثبتت عصمة أبي بكر وعمر , وأهل السنة مجمعون على عدم عصمة أحد سوى الأنبياء , فيكون الاقتداء مقيدا وهذا ما اختاره الألباني في السلسلة الضعيفة حيث قال :
( ... و يدعمون ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين " ، و قوله : " اقتدوا باللذين من بعدي ، أبي بكر و عمر " ، و نحن نجيب عن هذا الاستدلال غيرة على السنة المحمدية من وجوه : الأول : أن هذين الحديثين لا يراد بهما قطعا اتباع أحد الخلفاء الراشدين في حالة كونه مخالفا لسنته صلى الله عليه وسلم باجتهاده ، لا قصدا لمخالفتها ، حاشاه من ذلك ، و من أمثلة هذا ما صح عن عمر رضي الله عنه أنه كان ينهى من لا يجد الماء أن يتيمم و يصلي , و إتمام عثمان الصلاة في منى مع أن السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم قصرها كما هو ثابت مشهور ، فلا يشك عاقل ، أنهما لا يتبعان في مثل هذه الأمثلة المخالفة للسنة .. ) (1)

وهذا اعتراف من الألباني أن الاقتداء بهما لا يكون في حال مخالفتهما السنة باجتهاد , وعلى ذلك فيكون شرط الاقتداء بهما هو عدم مخالفتهما السنة .
وعند ذلك يسقط هذا الحديث عن الاعتبار ؛ لأن كل الحكام والأمراء ـ كما يقول أهل السنة ـ واجبوا الاتباع فيما لم يخالفوا السنة , وقد اشتهر عنه (ص) أنه قال : [ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ] (2) .
3ـ لوكان هذا الحديث صحيحا , لاحتج به يوم السقيفة , ولما كان ليحصل ذلك النزاع , والتخاصم , ولاتبع الكل أبو بكر دون نزاع , وكذلك حين ولى أبو بكر عمر من بعده , لم يوله لوجود نص عليه إنما قال : ( استخلفت عليهم خير أهلك ) (3) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
(1) سلسلة الأحاديث الضعيفة : 4 | 153 ح 1003 .
(2) سنن الترمذي , أبواب الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , باب ما جاء لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق , ح 1759 وقال : هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ , مصنف ابن أبي شيبة , كتاب الجهاد , في إمام السرية يأمرهم بالمعصية ، من قال : لا طاعة له , ح 12 , وغيرها من المصادر .
(3) مصنف عبد الرزاق , (5 / 449)ح 9764 .

ولما كان ليعترض طلحة على أبي بكر لاستخلافه عمر , أخرج عبد الرزاق في المصنف :
عن معمر عن الزهري عن القاسم بن محمد عن أسماء بنت عميس قالت : دخل رجل من المهاجرين على أبي بكر رحمه الله وهو شاك فقال استخلفت عمر وقد كان عتا علينا ولا سلطان له فلو قد ملكنا لكان أعتى علينا وأعتى فكيف تقول لله إذا لقيته فقال أبو بكر أجلسوني فأجلسوه فقال هل تفرقني إلا بالله فإني أقول إذا لقيته استخلفت عليهم خير أهلك قال معمر فقلت للزهري ما قوله خير أهلك قال خير أهل مكة ) (1)
وهذا الرجل من المهاجرين هو طلحة بن عبيد الله كما يوضحه النص الآتي :
تاريخ الطبري : حدثنا ابن حميد , قال : حدثنا سلمة , عن ابن اسحاق , عن الزهري , عن القاسم بن محمد , عن أسماء بنت عميس , قالت : دخل طلحة بن عبيد الله على أبي بكر , فقال : استخلفت على الناس عمر , وقد رأيت ما يلقى الناس منه , فكيف به إذا خلا بهم ؟ وأنت لاق ربك فسائلك عن رعيتك , فقال أبو بكر ـ وكان مضطجعا ـ : أجلسوني , فأجلسوه , فقال لطلحة : أبالله تفرقني ـ أو أبالله تخوفني ـ إذا لقيت الله ربي فساءلني قلت : استخلفت على أهلك خير أهلك .
حدثنا ابن حميد , قال : حدثنا سلمة , عن ابن اسحاق , عن محمد بن عبد الرحمن بن الحصين , بمثل ذلك .
4ـ لو كان الحديث صحيحا لما تخلف عن بيعة أبي بكر كبار الصحابة , فمنهم لم يبايعه حتى مات , ومنهم من لم يبايعه إلا بعد فترة ليست بالقصيرة .
فمن القسم الأول : سعد بن عبادة , وأمره أشهر من أن يذكر , وكذلك فاطمة الزهراء (ع) , ماتت وهي واجدة على أبي بكر .
ومن القسم الثاني : علي (ع) وحزبه من بني هاشم لم يبايعوا أبا بكر إلا بعد ستة أشهر , فلو كان هذا النص صحيحا , لكان كل هؤلاء المتخلفون عن بيعة أبي بكر عاصين لرسول الله (ص) , وبالتالي عاصين لله عز وجل ـ ونعوذ بالله من هذا القول ــ .
5ـ وعلى فرض صحة هذا النص لوجب أن يكون أبو بكر وعمر متوافقان في كل أحكامهما , لكن ما نراه هو العكس , فقد اختلفا في أحكامهما كثيرا , ومن تلك الاختلافات :
اختلافهما في حكم المتعة , فأبو بكر أقر بجوازها , وعمر منعها , كما صرح هو بقوله المشهور المذكور في عامة كتب الفريقين : ( متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) وعلى عهد أبي بكر , وأنا أنهى عنها ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المصدر السابق , ورجاه ثقات .
(2) تاريخ الطبري 2 | 330 السنة 13 هـ , حال أبي بكر قبل الخلافة وبعدها .
ومنها أن عمر كان يرى أن يقام الحد على خالد بن الوليد لما فعله بماك بن نويرة وقومه , لكن أبا بكر كان يرى عكس ذلك . (1) .
ومنها أن أبا بكر سبا قوم مالك بن ونويرة , لكن لما تولى عمر رد سبيهم , وأمره مشهور .
ومنها أن أبا بكر منع أن يعطى ميراث الرسول (ص) لآله وذويه , وعمر أعطاه لهم لم تولى (2) .
وأمور أخرى يطول مقامنا بها نعرض عنها للاختصار .
6ـ لو كان هذا الحديث صحيحا , لما رفض أمير المؤمنين (ع) السير بسيرتيهما , ذلك الشرط الذي شرطه عليه ـ وعلى المتولي للخلافة ـ عبد الرحمن بن عوف , حيث أن عبد الرحمن قال لأمير المؤمنين (ع) : أبايعك على أن تسير فينا بكتاب الله وسنة نبيه (ص) , وسيرة أبي بكر وعمر , فتعهد (ع) بالسير فيهم بكتاب الله وسنة نبيه (ص) فقط , ولم يرض سيرة الشيخين . (3)
7ـ في بعض طرق هذا الحديث توجد زيادة : (وتمسّكوا بعهد ابن أمّ عبد ، واهتدوا بهدي عمّار) والملاحظ هنا أن الحديث يحث على الاهتداء بهدي عمار , وهذا تناقض بين الأصل وهذه الزيادة , حيث أن عمار بن ياسر كان المتخلفين عن بيعة أبي بكر , ومن المعتقدين بأفضلية علي (ع) وأنه الأولى بالخلافة , وهذا تناقض واضح .

إلى هنا ينتهي بحثنا في هذا الحديث , وقد بينا ضعفه ووهنه سندا ومتنا , سائلين المولى عز وجل أن يتقبل منا هذا القليل .
ليث كريم الزبيدي 22 | 12 | 2011
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
(1) تاريخ الطبري 2 | 254 ذكر البطاح وخبره .
(2) صحيح مسلم , كتاب الجهاد والسير , باب حكم الفيء , ح 1757 , ص 787 .
(3) مسند أحمد , مسند عثمان بن عفان , البداية والنهاية لابن كثير ج10 ص 212 , أحداث سنة 24 هـ , تاريخ المدينة لابن شبة النميري ج2 ص 82 بإسناد صحيح , تاريخ ابن خلدون ج 2 ص 126 , العقد الفريد لابن عبد ربه ج1 , تاريخ أبي الفداء , تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 112 تحت عنوان ( أيام عثمان بن عفان ) , تاريخ مختصر الدول لابن العبري , شرح الفقه الأكبر للمولى علي القارئ ص 120 , الكامل في التاريخ لابن الأثير ج2 , الاستغاثة لأبي القاسم الكوفي ج2 ص64 , شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي مج1 ج1 ص 65 , تاريخ الطبري ج3 ص 67 , أحداث السنة 23 هـ , تحت عنوان ( قصة الشورى ) , سبل الهدى والرشاد , الصالحي الشامي ج11 ص 277 .


نسألكم الدعاء


توقيع : أسد العراق
أبو مريم العراقي
رد مع اقتباس