عرض مشاركة واحدة
قديم 2014/11/01, 05:33 PM   #4
أسد العراق

موالي مبتدأ

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1629
تاريخ التسجيل: 2013/06/12
المشاركات: 63
أسد العراق غير متواجد حالياً
المستوى : أسد العراق is on a distinguished road




عرض البوم صور أسد العراق
افتراضي

ثانيا : الحديث متنا

هناك إشكالات كثيرة جدا تدور حول هذا الحديث وتجعله يتهاوى أمامها , من أهمها :

1ـ من هم هؤلاء ( الخلفاء الراشدون المهديين ) .
لا يوجد نص عن رسول الله (ص) يوضح لنا من هؤلاء ؟ وما عددهم ؟ وفي أي زمان هم ؟ وتخصيصهم بالخلفاء الأربعة ـ كما هو المشهور ـ تخصيص بغير مخصص .
وإن احتجوا بحديث : ( الخلافة بعدي ثلاثون سنة ) , قيل : وحتى هذا لا يخصص الخلفاء الراشدون بهؤلاء الأربعة , وكذلك فإن الكثير من علماء أهل السنة عدوا الإمام الحسن (ع) احد الداخلين في الثلاثين سنة ؛ لكنهم لم يعدوه من الخلفاء الراشدين المشهورين عندهم .
وأيضا ـ وكما عرفت ـ أن هذا الحديث شامي مائة بالمئة , وأهل الشام لم يكونوا يعترفون بكون عليا (ع) خليفة , فإطلاق تسمية الخلفاء الراشدين على الأربعة جاء متأخرا , وعلى هذا يظهر التالي : إن اطلاق هذا الحديث على الأربعة لم يكن تخصيصا من النبي (ص) لهم , بل إن الناس هم الذين خصصوا الخلفاء في الحديث بهؤلاء الأربعة , وعلى هذا تبقى مجهولية الخلفاء الراشدون المهديين .

إن الأمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين , إما جاء لاحتمال أن تحدث أمور لم يبنها الله ورسوله , أو لأن هنا نقص في الشريعة أوكل الرسول (ص) إكماله لهؤلاء الخلفاء .
وكلا الأمرين باطل , فعيله يبطل الحديث .

إن سنتهم هي : إما نفس سنة الرسول (ص) او مغايرة لها , فإن كانت نفسها فالحديث لا باطل لا حاجة له , وإن كانت غيرها فهي سنة غير شرعية , ويكون الحديث هذا مفتعلا من قبل البعض حتى يبرروا مخالفات الخلفاء والحكام لسنة النبي (ص) .
أقول : وهو الاحتمال الأقوى لوضع هذا الحديث .

إن الأمر باتباع سنتهم إما مطلق أو مقيد , فإن كان مطلق ثبتت عصمتهم وأهل السنة لا يرون عصمة أحد سوى الرسول (ص) , وإن كان اتباعهم مقيد فما هو القيد ؟ لا بد أن يكون هو اتباع القرآن والسنة وعدم مخالفتهما .


قال الألباني في السلسلة الضعيفة حيث قال :
( ... و يدعمون ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين " ، و قوله : " اقتدوا باللذين من بعدي ، أبي بكر و عمر " ، و نحن نجيب عن هذا الاستدلال غيرة على السنة المحمدية من وجوه : الأول : أن هذين الحديثين لا يراد بهما قطعا اتباع أحد الخلفاء الراشدين في حالة كونه مخالفا لسنته صلى الله عليه وسلم باجتهاده ، لا قصدا لمخالفتها ، حاشاه من ذلك ، و من أمثلة هذا ما صح عن عمر رضي الله عنه أنه كان ينهى من لا يجد الماء أن يتيمم و يصلي , و إتمام عثمان الصلاة في منى مع أن السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم قصرها كما هو ثابت مشهور ، فلا يشك عاقل ، أنهما لا يتبعان في مثل هذه الأمثلة المخالفة للسنة .. ) (1)
فعلى هذا يكون الحديث باطل , لأنه قطعا يجب اتباع الخليفة أو الحاكم إذا سار بكتاب الله وسنة رسول (ص) , أما ما عدا ذلك فيكون اتباعه باطلا , وإلا لو كانت سنة الخلفاء الراشدين هي نفسها سنة الرسول (ص) , فلماذا يأمر الرسول (ص) باتباع سنة الخلفاء وحدهم على الخصوص ؟ وهذا يورث الشك في الحديث .

كانت لبعض الخلفاء سنة خاصة بهم , منهم عمر بن الخطاب :
كان عمر ينهى من أجنب ولم يجد ماءا أن يصلي (2) , كان عمر يجلد شارب الخمر ثمانين جلدة وقد كان رسول الله (ص) أبو بكر يجلدون أربعين (3) , كان عمر ينهى عن البكاء على الميت وهذا مذهب منه مشهور , كان الطلاق في عهد رسول الله (ص) بذكر اللفظ ثلاث مرات يعتبر واحد فجعله عمر ثلاثا (4) , نهى عمر عن متعة الحج والنساء بعدما كانتا على عهد رسول الله (ص) (5) , وأمور كثيرة خالف فها عمر سنة رسول الله (ص) , وقد جمع العلامة الأميني منها مائة مورد وبين جهله فيهن (6) .

ـــــــــــــــــــــ هامش ـــــــــــــــــــــ
(1) سلسلة الأحاديث الضعيفة : 4 | 153 ح 1003 .
(2) صحيح مسلم 1 / 355 ح 112 كتاب الحيض / باب التيمم .
(3) صحيح مسلم / كتاب الحدود / باب حد الخمر ح 36 و 38 , سنن أبي داود 4 / 163 ح 4480 .
(4) مسند أحمد 1 / 516 ح 2870 , صحيح مسلم 3 / 276 ح 15 كتاب الطلاق , وغيرها .
(5) ذكر القوشجي في شرح التجريد ص 484 في مبحث الإمامة أن عمر قال وهو على المنبر : أيها الناس ثلاث كن على عهد رسول الله (ص) وأنا أنهى عنهن وأحرمهن واعاقب عليهن : متعة النساء , ومتعة الحج , وحي على خير العمل .
(6) الغدير للعلامة الأميني 6 / 83 ـ 333 .




وكذلك عثمان بن عفان , فقد كانت له مخالفات للسنة منها :
أنه أتم الصلاة في السفر (1) , زيادته النداء الثالث في الصلاة في حين أنه لم يكن في زمن رسول الله (ص) ولا أبي بكر ولا عمر (2) , كان يأخذ الزكاة على الخيل (3) في حين أن الرسول (ص) عفا عنها (4) , وهو أول من قدم الخطبة على الصلاة في العيدين (5) وغير هذه الموارد كثير جدا ذكر عددا منها العلامة الأميني في الغدير (6) .
وهذه الموارد كلها اجتهدوا فيها ولم يوجد فيها نص لا من الله ولا من الرسول (ص) , وقد خالفوا فيها سنة الرسول (ص) , لذا يقول الألباني كما مر سابقا : ( فلا يشك عاقل ، أنهما لا يتبعان في مثل هذه الأمثلة المخالفة للسنة ) .
وعلى هذا الأساس يبطل الحديث .

6ـ الإمام علي (ع) كان يعارض كثيرا من الأمور التي فعلها عمر وعثمان , ولنعطي مثالين على ذلك :
لما نهى عمر عن المتعة , كان علي (ع) يقول : ( لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي ) وفي لفظ : ( لو لا ما سبق من رأي عمر بن الخطاب لأمرت بالمتعة , ثم ما زنى إلا شقي ) (7) .
هذا لعمر أما لعثمان , فقد كان عثمان ينهى عن متعة الحج , وعلي (ع) يأمر بها , فلما عاتبه عثمان قال (ع) : ( ما كنت لأدع سنة رسول الله (ص) لقول أحد من الناس ) (8) .

ـــــــــــــــــــــ هامش ـــــــــــــــــــــ
(1) صحيح البخاري 2 / 596 ح 1572 , صحيح مسلم 2 / 142 ح 17 كتاب صلاة المسافرين , مسند أحمد 2 / 319 ح 6316 , سنن البيهقي 3 / 126 .
(2) صحيح البخاري 1 / 309 ح 870 , 874 , سنن الترمذي 2 / 392 ح 516 , سنن أبي داود 1 / 285 ح 1087 , وغيرها .
(3) أنساب الأشراف للبلاذري 5 / 26 , المحلى لابن حزم 5 / 227 , مصنف عبد الرزاق 4 / 35 ح 6888 .
(4) صحيح البخاري 2 / 532 ح 1394 و 1395 , صحيح مسلم 2 / 371 ح 8 ـ 9 كتاب الزكاة .
(5) فتح الباري 2 / 451 , نيل الأوطار للشوكاني 3 / 334 و 345 , تاريخ المدينة لابن شبة 1 / 135 , تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 154 .
(6) الغدير 8 / 97 ـ 386 و 9 / 3 ـ 67 .
(7) تفسير الطبري 5 / 9 , مصنف عبد الرزاق 7 / 500 , منتخب كنز العمال هامش مسند أحمد 6 / 405 , تفسير الرازي 10 / 50 , الدر المنثور 2 / 140 , شرح نهج البلاغة للمعتزلي 2 / 253 .
(8) صحيح البخاري 2 / 567 ح 1488 , ص 569 ح 1494 , صحيح مسلم 3 / 68 ح 158 كتاب الحج , مسند أحمد 1 / 98 ح 433 , ص 153 ح 735 , سنن النسائي2 / 345 ح 3703 , مستدرك الحاكم ح 1735 , تيسير الوصول 1 / 333 , سنن البيهقي 4 / 352 و 5 / 22 .





فلو كان الحديث صحيحا , لماذا لم يكن علي (ع) يقبل بما يفعلونه ؟

الإمام علي (ع) وبشكل واضح وصريح يرفض سيرة أبي بكر وعمر .
اتفق مؤرخو الإسلام قاطبة على أن أمير المؤمنين (ع) رفض قبول البيعة بعد مقتل عمر , حينما طلب منه عبد الرحمن بن عوف أن يبايع على كتاب الله وسنة نبيه (ص) وسيرة الشيخين , فأصر أمير المؤمنين (ع) على حذف الشق الثالث , وأبى إلا أن يبايع على كتاب الله وسنة نبيه (ص) , لأنه يرى أن سيرة الشيخين لا تمثل مصدرا من مصادر التشريع الاسلامي المقدس .
فقد جاء في تاريخ الطبري ـ على سبيل المثال ـ:
فقال سعد بن أبي وقاص : يا عبد الرحمن افرغ قبل أن يفتتن الناس , فقال : عبد الرحمن : إني قد نظرت وشاورت , فلا تجعلن أيها الرهط على أنفسكم سبيلا . ودع عليا , فقال : عليك عهد الله وميثاقه لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخليفتين من بعده , ـ فقال : ـ أرجوا أن أفعل وأعمل بمبلغ علمي وطاقتي , ودعا عثمان فقال له مثل ما قال لعلي , قال : نعم , فبايعه , فقال علي : حبوته حبو دهر , ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا , فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون , والله ما وليت عثمان إلا ليرد الأمر إليك , والله كل يوم هو في شأن .(1) .

فلو كان الرسول (ص) فعلا أمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين , فلما رفض علي (ع) قبول سيرتهما ؟؟ !!

إلى هنا نكتفي بإبطال هذا الحديث الشاذ سندا ومتنا , والذي لا يصح بأي شكل من الأشكال .

ــــــــــــ هامش ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تاريخ الطبري ج3 ص 67 , أحداث السنة 23 هـ , تحت عنوان ( قصة الشورى ) . وراجع أيضا : مسند أحمد , مسند عثمان بن عفان , البداية والنهاية لابن كثير ج10 ص 212 , أحداث سنة 24 هـ , تاريخ المدينة لابن شبة النميري ج2 ص 82 بإسناد صحيح , تاريخ ابن خلدون ج 2 ص 126 , العقد الفريد لابن عبد ربه ج1 , تاريخ أبي الفداء , تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 112 تحت عنوان ( أيام عثمان بن عفان ) , تاريخ مختصر الدول لابن العبري , شرح الفقه الأكبر للمولى علي القارئ ص 120 , الكامل في التاريخ لابن الأثير ج2 , الاستغاثة لأبي القاسم الكوفي ج2 ص64 , شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي مج1 ج1 ص 65 , سبل الهدى والرشاد , الصالحي الشامي ج11 ص 277 , الذهبي في تاريخ الإسلام 3 / 305 .



نسألكم الدعاء


توقيع : أسد العراق
أبو مريم العراقي
رد مع اقتباس