عرض مشاركة واحدة
قديم 2016/10/21, 11:08 PM   #2
الشيخ عباس محمد

موالي بلاتيني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3773
تاريخ التسجيل: 2015/04/07
المشاركات: 1,723
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً
المستوى : الشيخ عباس محمد is on a distinguished road




عرض البوم صور الشيخ عباس محمد
افتراضي

معنى لفظ (أهل البيت) في آية التطهير ؟عندي مناظرة في أحد المنتديات مع أحد الوهابية بخصوص آية: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) (الأحزاب:33)، وكلّ ما أتيت له بآيات من القرآن الكريم، أو بتفسير الآيات من المفسرين من السُنّة والشيعة لا يقبل..، وآخر شيء أتى لي بآية: (( وَامرَأَته قَآئمَةٌ فَضَحكَت فبَشَّرنَاهَا بإسحَقَ وَمن وَرَاء إسحَقَ يَعقوبَ قَالَت يَا وَيلَتَى أَأَلدٌ وَأَنَا عَجوزٌ وَهَـذَا بَعلي شَيخًا إنَّ هَـذَا لَشَيءٌ عَجيبٌ قَالوا أَتَعجَبينَ من أَمر اللّه رَحمَت اللّه وَبَرَكَاته عَلَيكم أَهلَ البَيت إنَّه حَميدٌ مَّجيدٌ )) (هود:71)، مستشهداً أنّ زوجة نبيّ الله إبراهيم عليه وآله السلام من أهل البيت..،
وأيضاً أتى بآية: (( قَالَ لِأَهلِهِ امكُثُوا إِنِّي آنَستُ نَاراً لَعَلِّي آتِيكُم مِنهَا بِخَبَرٍ... )) (القصص:29)، مستشهداً أيضاً على أنّ زوجة نبيّ الله موسى(عليه السلام) من أهل البيت، بقرينة (( قَالَ لِأَهلِهِ )).
فماذا أجيبه؟
الجواب:

إنّ معنى البيت المذكور في الآية هو: أمّا مأوى الرجل ومسكنة ومنزله وداره، أو مركز الشرف ومجمع السيادة والعزّ وما أشبه ذلك، هذا ما يقوله أهل اللغة(1).
فإنّ كان المراد من البيت المعنى الأوّل: فسيكون الكلام عن بيت مخصوص من البيوت، وهو بيت سارة في الآية القرآنية، بقرينة توجه الخطاب اليها، أمّا آية التطهير التي تذكر أهل بيت النبيّ محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فلا يمكن أن يكون المراد بها بيت أزواجه لأنّه لم يكن لأزواجه بيت واحد معهود، بل كان لكلّ منهن بيت خاص، كما أنّه لا سبيل إلى القول بأنّ المراد بيت واحد من بيوتهن، إذ لا قرينة على ذلك، فتعين أن يكون بيت خاص مغاير لتلك البيوت، وهو ليس إلاّ بيت فاطمة(عليها السلام)، إذ لم يكن في جانب بيوت أزواج النبيّ بيت سوى بيتها(عليها السلام)، ويؤيده نزول الآية في بيت فاطمة(عليها السلام) وجمع النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إياها وزوجها وابنيها تحت الكساء.
وإن كان المراد من البيت المعنى الثاني، وهو مركز الشرف ومجمع السيادة والعزّ وما يناسب ذلك اللفظ: فالمراد يكون هو بيت النبوة وبيت الوحي ومركز أنوارهما، فلا يراد منه إلاّ المنتمون إلى النبوة والوحي بوشائج معنوية خاصّة على وجه يصح مع ملاحظتها عدهم أهلاً لذلك البيت، وتلك الوشائج عبارة عن النزاهة في الروح والفكر، فلا يشمل كلّ من يرتبط ببيت النبوة عن طريق السبب أو النسب، وفي الوقت نفسه يفتقد الأواصر المعنوية الخاصّة.
ولو فرض أنّ سارة متحقق عندها تلك الوشائج التي تجعلها مشمولة بالخطاب، فهو لا يعني أنّ تلك الوشائج متحققة عند نساء كلّ نبيّ حتى تشمل نساء النبيّ محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وعلى ذلك لا يصح تفسير الآية بكلّ المنتمين عن طريق الأواصر الجسمانية إلى بيت خاص، إلاّ أذا كانت الوشائج المشار إليها موجودة عندهم, وهذا المعنى هو الأقرب، لأنّ آية التطهير تدلّ في آخرها على تلك الوشائج المتمثلة بعصمة أولئك الأشخاص، فقال تعالى: (( وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً ))، فلا تكون الآية شاملة لنساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولا أعمامه ولا أيّ مصداق آخر غير العترة خاصّة، لأنّ جميع المسلمين متّفقون على عدم عصمة أولئك, فالوقائع التاريخية تشير إلى صدور الأخطاء والإشتباهات والمعاصي والإنحرافات منهم، وهذا ما يخالف العصمة التي من المفروض أنّ الآية نصّت عليها بهم.
والروايات التي وصلت من الفريقين تحدد المراد من أهل البيت بالخمسة أصحاب الكساء، فلا يبقى معنى لدخول غيرهم في آية التطهير، حتى لو كان إصطلاح (أهل البيت) عامّاً يشمل غيرهم في غير آية التطهير.
فإذا رجعنا إلى صحيح مسلم، والترمذي، والنسائي، وإلى مسند أحمد، والبزار، وإلى المستدرك، وتفسير الطبري، وابن كثير، والدر المنثور، نجد أنّهم يروون عن ابن عبّاس، وعن أبي سعيد، وعن جابر بن عبد الله الأنصاري، وعن سعد بن أبي وقاص، وعن زيد بن أرقم، وعن أُمّ سلمة، وعن عائشة: أنّه لمّا نزلت آية التطهير جمع (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أهله أيّ عليّ وفاطمة والحسن والحسين وألقى عليهم كساءاً وقال: (هؤلاء أهل بيتي)(2).
وقد أشتمل لفظ الحديث في أكثر طرقه على أنّ أُمّ سلمة أرادت الدخول معهم تحت الكساء فلم يأذن لها بالدخول، وقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لها: (وانّك على خير)، أو (إلى خير)، وبالإضافه إلى ذلك كلّه فإنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) حدد المراد من البيت بشكل عملي! فكان يمرّ ببيت فاطمة عدّة شهور كلّما خرج إلى الصلاة، فيقول: (الصلاة أهل البيت (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) (الأحزاب:33) )(3).
وأمّا الروايات التي تقول أنّ الآية نزلت في حقّ نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأزواجه، فإنّها تصل إلى عكرمة الخارجي الحروري، وعروة بن الزبير المعروف بالإنحراف عن عليّ(عليه السلام)، ومقاتل بن سليمان الذي يعد من أركان المشبهة، وأنّ قراءة بسيطة في ترجمة هؤلاء يعرف قيمة رواياتهم، وأنّها لا تقف في قبال تلك الروايات الصحيحة والكثيرة التي تحدد أهل البيت بالخمسة أصحاب النساء.
وأمّا بخصوص سارة فإنّها كانت ابنة عم نبيّ الله إبراهيم(عليه السلام) فدخلت في أهل بيته من هذا الوجه.
وأمّا آية نبيّ الله موسى(عليه السلام) ففيها مصطلح آخر متّفق عليه، وهو (أهل الرجل)، وهو يختلف عن مصطلح (أهل بيت الرجل)، فنرجو عدم الخلط والمغالطة والتدليس عند الاستدلال، فقد قال الله تعالى: (( فَقَالَ لِأَهلِهِ امكُثُوا )) (طه:10)، وهذا المصطلح لغوي معروف مشهور مستعمل بكثرة وليس هو مصطلح خاص، وهو يختلف عن مصطلح (أهل بيت الرجل) وبالتالي أهل بيت النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم).


(1) لسان العرب 2: 15، مادة (بيت).
(2) انظر: صحيح مسلم 7: 130 باب ((فضائل أهل بيت النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)))، مسند أحمد 6: 292 حديث أُمّ سلمة زوج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، المستدرك 2: 416 تفسير سورة الأحزاب، شواهد التنزيل 2: 55 (انما يريد الله ليذهب...) الآية، ينابيع المودّة 2: 41، السنن الكبرى للبيهقيّ 2: 149 باب ((أهل بيته الذين هم آله))، الدرّ المنثور 5: 198 سورة الاحزاب، الجامع الكبير 5: 328، جامع البيان 22: 8 قوله تعالى: (( وَأَقِمنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ...))، تفسير ابن كثير 3: 492 قوله تعالى: (( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ...)).
(3) انظر: المستدرك 2: 416، مسند أبي يعلى 12: 456، المعجم الكبير 3: 53، شواهد التنزيل 2: 63، تاريخ مدينة دمشق 14: 142.






تعليق على الجواب (1)
السادة المحترمون
إنّ من يقرأ الآية الكريمة يجد أنّ الله عزّ وجلّ يخاطب نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) موجهاً لهنّ ومرشداً، والآيات واضحات لا تحتاج إلى تأويل ولا جدال, فالله بعد كلّ هذا التوجيه والحرص على إستقامتهن، يوضح سبب ذلك، لأنّه يريد إبعاد الرجس عنهن أمام المسلمين، وفعلاً جعلهن مطهّرات ولا يجوز لأحد النكاح منهن بعد وفاة الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم). ثم وبعد الآية مباشرة، هناك استمرارية المخاطبة لهنّ إستكمالاً لنفس الموضوع ولنفس الغرض، ممّا يؤكد أنّ المقصود هنا هو أنّ نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أهل بيته، وبكلّ ماتعنيه كلمة أهل لغة.
ولا ينفي حديث الكساء أنّ نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليس بأهله، أمّا كون الإمام عليّ وفاطمة والحسنيين(عليهم السلام) أهل بيته، فلا يلغي حقيقة أنّ نساءه هنّ أهل بيته شرعاً وعرفاً، وأنّ الآية الكريمة تقصدهن بكلّ تأكيد، ولا تقبل التأويل لأيّ غرض أو قصد.
كما أنّ الإمام عليّ(عليه السلام) وزوجه الطهور وولديه هم أطهار، فكيف لا وهم بضعة من الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟
الجواب:

ما قلته مجرد دعوى، وأساس الاحتجاج بها هو وحدة السياق, ووحدة السياق معارضة بأمرين، إن لم تكن أمور:
أولاً: تغير ضمير الخطاب من نون النسوة إلى ميم الجمع، وهذا يعني أنّ الخطاب قد تحول من النساء إلى جهة أخرى, وإلاّ كان المناسب الإستمرار بمخاطبتهن بنون النسوة، كما هو الشأن في الآيات السابقة واللاحقة لآية التطهير.
ثانياً: جاءت جملة وفيرة من الروايات تبلغ حدّ التضافر بل التواتر تشير إلى أنّ أهل بيته(عليهم السلام) هم عليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام)، وهذه الروايات كانت تبين سبب النزول لآية التطهير وتقرنه بفعل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بإدارة الكساء حولهم(عليهم السلام), وفي الكثير منها ورد قوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (هؤلاء أهل بيتي) - أيّ بتعريف الجزأين - وتعريف الجزأين كما هو المعروف بلاغياً يفيد الحصر وينفي عمّا عداه(1), بل في بعضها تصريح واضح بإخراج النساء عن معنى أهل البيت, ومعنى الآية الكريمة.
بالإضافة إلى أنّ بعض الروايات كانت تشير إلى نزول آية التطهير قبل إتمام بنائه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بتسع نساء, وهذا يعني أنّ هذه الآية نزلت قبل الآيات التي جاءت مخاطبة للنساء.
وهناك مسألة أخرى:
إنّ الذي استفاده جمع كبير من المفسرين - سُنّة وشيعة - أنّ الآية تشير إلى معنى التنزيه وإذهاب الرجس بالإرادة الإلهية، والذي يعني العصمة بحسب استفادة المتكلمين الشيعة, وهذا المعنى ينافي واقع حال بعض نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهو مدلول عليه قرآناً وسنة.
وإضافة إلى مسألة مهمة، أفصح عنها المحدثون وأصحاب المسانيد والصحاح من أهل السُنّة قبل الشيعة، وهي: أنّهم عدّوا هذه الآية وما ورد من سبب النزول لها، من فضائل الخمسة أصحاب الكساء دون نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم).
وما ذكرناه ليس من التأويل في شيء، وإنّما هو من التفسير، فلا يختلط عليك الحال! فإنّ التفسير هو بيان الظاهر، وأمّا الجدال فهو الإصرار على رأي بدون دليل أو التمسك بدليل عليل, وأمّا إذا ساق المدعي أدلّة على الخصم لا يستطيع الإجابة عليها، فلا ينجيه التشبث بالدعوى المجردة ورمي المقابل بالجدل.
وأمّا أنّ معنى لفظة (أهل) يدخل فيها امرأة الرجل, فليس الكلام في هذه اللفظة، وإنّما الكلام في مصطلح (أهل البيت)، فما تجده عند البعض من الاستدلال بتسمية الله تعالى في القرآن لأهل موسى بـ(أهله) لا يجدي.


(1) انظر: الإتقان في علوم القرآن: 560 النوع الثاني والأربعون.






تعليق على الجواب (2)
أخي المحترم, إنّ تفسيركم لهذه الآية بهذا اللي, يحتم علينا الحذر في آيات أُخرى. كتفسير الشيخ المهاجر للآيات من سورة المدثر: (( كَلَّا وَالقَمَرِ * وَاللَّيلِ إِذ أَدبَرَ * وَالصُّبحِ إِذَا أَسفَرَ * إِنَّهَا لَإِحدَى الكُبَرِ * نَذِيرًا لِلبَشَرِ )) (المدثر:32-36) فسياق الآيات لا تدع مجالا للشك أنّها (سقر) أي جهنم.
لكن العلامّة المهاجر يقول انّ الله يقصد بها (فاطمة)؟؟
إذن لا مجال لسياق الآيات.
إذن القرآن ليست آياته بيّنات؟؟
أيّها السادة الكرام انّ الغلو في آل البيت هو الذي أوجد هذا التفسير الملتوي... محاولة إخراج الآيات عن سياقها لإلصاقها بآل البيت رضي الله عنهم أجمعين.
الجواب:

إذا جاء الكلام من المعصوم كالنبيّ مثلاً يوضح لنا المراد بـ(أهل البيت)، فلا معنى للإعتراض على ما جاء من كلام المعصوم، ولا القول بأن السياق لا يقبل ذلك، لأنّه مؤخر عن قول المعصوم، والنبيّ المعصوم المطلع على القرآن يقول لنا، إنّ المراد بأهل البيت هم الخمسة أصحاب الكساء دون نساءه، فلا معنى لأن تعترض على النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وتقول أن السياق يغاير كلامك، لأنّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أعلم بمراد الآيات القرآنية والألفاظ الواردة فيها.








سبب تذكير الضمير في آية التطهير
في آية التطهير جاء ميم الجمع بدل نون النسوة، لأنّ النساء دخل معهن النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهو رأس أهل بيته(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فما هي الإجابة على هذه الشبهة التي تريد أن تخرج أهل بيت الخمسة من الآية؟
الجواب:

للإجابة على ما ذكرت نقدّم نقاط:
الأول: ذُكرت عدّة آراء في المراد من (أهل البيت) في هذه الآية، نذكر المهمّ منها، فبعضها شاذّة، أو لم يقل به قائل محدّد:
أ- إنّها نزلت خاصّة بأهل البيت(عليهم السلام) الخمسة أصحاب الكساء.
ب- إنّها نزلت في الخمسة أهل الكساء، وأزواج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم).
ج- إنّها نزلت في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) خاصّة.
الثاني: إنّ القول الثالث قال به عكرمة ومقاتل وعروة بن الزبير، ونقل عن ابن عبّاس، وهو قول شاذّ لم يأخذ به إلاّ المتعصّب ضدّ أهل البيت(عليهم السلام)، مع أنّه مردود لأنّ عكرمة ومقاتل لا يأخذ بقولهما، إذ كانا كذّابين مطعون بدينهما، وعروة كان يناصب أمير المؤمنين(عليه السلام) أشدّ العداء، وعدّه بعضهم ممّن يضعون الأخبار في عليّ(عليه السلام)، وما عن ابن عبّاس فضعيف، لأنّ فيه مجاهيل، مع أنّ له معارضاً من قول ابن عبّاس نفسه.
وقد استدلّ الرادّون له وللقول الثاني، بأدلّة كثيرة على بطلانهما:
منها: الروايات الصحيحة الكثيرة الواردة على أنّهم خصوص أصحاب الكساء، حيث جلّلهم النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) به حصراً.
ومنها: إنّ الأهل والآل تدلّ على النسب دون السبب.
ومنها: إنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) جاء بأهل بيته للمباهلة، وقد كانوا هؤلاء الخمسة حصراً.
ومنها: إنّ الآية تفيد الحصر لإرادة الله بإذهاب الرجس عن جماعة مخصوصين، ولم يدّع أحد العصمة لغير هؤلاء.
ومنها: إنّ الأزواج لم يدّعين دخولهن فيها، بل صرّحن في روايات عديدة بعدم دخولهن.
ومنها: الردّ على وحدة السياق بعدّة وجوه كثيرة؛ كدلالة تغيير الضمير، وأنّ ما قبل الآية فيه تهديد ووعيد، ولا يناسب ذلك إذهاب الرجس، وإنّ إختلاف المخاطب لا يقدح بوحدة السياق، وقد ورد كثيراً في القرآن، وإنّ الإلتزام بوحدة السياق إجتهاد مقابل النصّ الوارد في الروايات الصحيحة، وعدم الإلتزام بالسياق إذا جاءت قرينة على خلافه، وعدم التسليم بالسياق والترتيب الموجود، وأنّه هو المنزل، بل إنّ الروايات تدلّ على أنّ الآية نزلت منفردة، وغيرها.
الثالث: المهمّ إنّ الذين إختاروا إختصاصها بالنساء احتجّوا بالسياق، وقد عرفت الردّ عليه، ولكن عندما جوبهوا بإختلاف الضمير من المؤنث إلى المذكّر، حاولوا التملّص بما ذكرت من قولهم بدخول النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) معهن، ولكنّك عرفت أنّ أصل القول مردود ضعيف شاذّ، وهو الإختصاص بالنساء، فما تفرّع عليه واشتقّ منه يكون أضعف، إذ مع سقوط الأصل فلا مجال للفرع.
مع أنّ أكثر من حاول صرفها عن أهل البيت(عليهم السلام) خاصّة، وجعل الآية عامّة في نساء النبيّ، والنبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام)، وكان لنفس السبب، وهو تذكير الضمير، فراجع أقوالهم، كابن كثير، وابن روزبهان، بل وابن تيمية، ولم يستفد أحد منهم أنّ تذكير الضمير كان بسبب دخول النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) مع النساء فقط.
وبعبارة أُخرى: إنّ سبب قولهم بأنّ تذكير الضمير كان لدخول رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقط، هو التزامهم السابق بأنّ الآية نزلت في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقط بمقتضى السياق، وكان قولهم تخلّصاً وتملّصاً من ورود الإشكال عليهم، إذ ليس لهم مخرج من الإشكال، سوى هذا الإدعاء، ولم يستندوا فيه إلى حديث، أو قول لغويّ، أو دليل عقليّ، فإذا لم نلتزم بالقول بأنّ الآية نازلة في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقط، ورددناه وأثبتنا بطلانه! فما هو الملزم والملجئ لنا لتعليل تذكير الضمير بدخول النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وحده فقط معهن؟
ثمّ إنّهم لم يبيّنوا لنا، لماذا أدخل الله النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) هنا في هذه الآية بالخصوص، ولم يدخله في الآيات الأُخر، التي جاء فيها الضمير مؤنّث، فإنّ قالوا أدخله فقد كذبوا، لما فيها من ظاهر الضمير، وظاهر التهديد والوعيد، المبرأ عنه الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وإذا قالوا لم يدخله في الآيات الأُخر وأدخله في هذه الآية فقط، فلماذا؟ بعد أن حصرتم النزول في النساء فقط.
الرابع: فإذا قالوا: أدخله في هذه الآية فقط، لما فيها من ميزة من نفي الرجس وإثبات التطهير والمدح.
قلنا: إذاً أقررتم بأنّ هذه الآية لا تختصّ بالنساء فقط، وإنّما دخل معهن غيرهن، بمقتضى تذكير الضمير، وأنّ الإعتماد على وحدة السياق كان غير تامّ.
وعليه؛ فإذا كنّا نحن والآية فقط، نضيف: أنّ تذكير الضمير لوحده لا يدلّ على تشخيص الداخل من هو؟ أو أنّه شخص واحد أو أكثر، فما هو دليلكم على دخول النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقط، فلعلّ معه غيره.
وليس لكم نفي دخول غيره إلاّ القول باختصاص الآية بالنساء، وهذا عود من البدء، وهو دور صريح.
فلا يبقى إلاّ الإعتماد على قرينة من داخل الآية، وهو المعنى المراد من أهل البيت(عليهم السلام)، وفي هذا عودة إلى الآراء المختلفة التي ذكرناها أوّلاً، ومنها مدّعاكم، وقد رددناه بما لا مزيد عليه، بل إنّ القرينة (الداخلية) في الآية تخرج النساء أصلاً، لأنّ نفي الرجس واثبات التطهير ينافي ما خوطب به النساء من التهديد والوعيد وإحتمال صدور المعصية منهن، أو الإعتماد على قرينة من خارج الآية من سُنّة أو لغة، وهي معنا كما عرفت سابقاً.







تعليق على الجواب (1)
في جوابكم ذكرتم: ((وعدم التسليم بالسياق والترتيب الموجود وأنّه هو المنزل , بل أنّ الروايات تدلّ على أنّ الآية نزلت منفردة. وغيرها)).
هل معنى هذا الكلام إنّه تمّ اللعب بترتيب الآيات في القرآن؟
الجواب:

سوف يأتي في إجاباتنا في قسم (القرآن وعلومه) من الأسئلة العقائدية رأينا، أننا نؤمن بترتيب آيات السور في الجملة كما هي موجودة في القرآن الكريم, ولكن لا نقطع بذلك على نحو الكلّية، بحيث نجزم أن كلّ آية قد وضعت في مكانها الصحيح, ولذلك احتملنا أنّ آية التطهير قد أقحمت بين آيات النساء في سورة الأحزاب لوجود دواعي لذلك, وهو واضح من محاولة الاستدلال بالسياق في هذه الآية على الرغم من ورود سبب للنزول صريح بحصرها في الخمسة أصحاب الكساء والنصّ على نزولها لوحدها منفردة دون أي علاقة لها بآيات النساء التي قبلها وبعدها, فهي تنزل مع تلك الآيات التي تتحدث مع نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم), وضمير المخاطب فيها مذكّر لا يشبه ما قبلها ولا ما بعدها.
فكتبت في المصحف جزءاً من آية, وليست آية كاملة, وأُقحمت كجملة معترضة بين الآيات التي تحذر نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) , وتأمرهنّ وتنهاهنّ، كلّ ذلك ليدّعى أنّها في سياق الكلام مع النساء لتكون نازلة في النساء, مع عدم وجود رواية واحدة ولو ضعيفة بأنّها نزلت في النساء, أو أنّ لها علاقة بالنساء, أو دخول النساء فيها, أو ادعاء أحدى نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بدخولها وشمولها في آية التطهير, أو نزول آية التطهير فيها!!
فمع كلّ ذلك يدّعى دخولهنّ, ويدّعى أنّ السياق يقتضي ذلك، مع أنّ السياق ليس حجّة دائماً خصوصاً مع وجود قرينة, أو دليل على إرادة خلاف السياق, أو الدلالة على معنى لا علاقة له بالسياق، كما هو حاصل هنا.
مع وجود شواهد كثيرة في القرآن تنفي حجّية السياق، كقوله تعالى: (( حُرِّمَت عَلَيكُمُ المَيتَةُ وَالدَّمُ وَلَحمُ الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيرِ اللّهِ بِهِ وَالمُنخَنِقَةُ وَالمَوقُوذَةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيتُم وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَستَقسِمُوا بِالأَزلاَمِ ذَلِكُم فِسقٌ اليَومَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُم فَلاَ تَخشَوهُم وَاخشَونِ اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضطُرَّ فِي مَخمَصَةٍ غَيرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )) (المائدة:3).
فما قبل آية (إكمال الدين) وما بعدها يتكلم عن محرمات وذبائح وصيد واستقسام بالأزلام, وهي أمور محرمة منذ بداية الإسلام في مكة, وآية إكمال الدين نزلت منفردة في حجّة الوداع في غدير خم, (أو في عرفة على قول)، مع كونها في القرآن الآن في ضمن آية المحرمات التي لا علاقة لها بها, وأمثال هذه الآيات كثيرة تطلب في مظانها، من التنقل بين الموضوعات في السياق الواحد, أو الإضراب عن الموضوع فجأة, أو الإعتراض بجملة اعتراضية في أثناء آية واحدة أو سياق واحد، كما هو الشأن في آية التطهير, وآية إكمال الدين وغيرهما كثير.
ولذلك لا يمكن جعل السياق دليلاً مطلقاً دون قيد, أو شرط, أو تخصيص, أو إستثناء، أي على نحو القاعدة الكلّية.
وبالجملة: إنّما يستدل, أو يستأنس, أو يستفاد من السياق عند غياب الدليل, أو القرينة على عدم نقضه بشيء كما قدمنا في آيتي التطهير وإكمال الدين وغيرها.
والإنتقال من موضوع إلى موضوع أسلوب موجود في القرآن الكريم لوجود مناسبة ما, أو حكمة معينة تجعل إقحام بعض الآيات في سياق موضوع آخر لعلاقة ما، قد ندركها وقد لا ندركها, فلا يمكن بعد هذا الاحتجاج بالسياق لتفسير آية مع وجود أدلّة على عدم حجّية السياق هناك.






السياق لا يوجب دخول النساء في آية التطهيرهل يعتقد أهل السُنّة والجماعة بأنّ القرآن الكريم ليس مرتب؟
مثلاً.. في آية التطهير أنّها في غير مكانها.. مع ذكر المصدر يرحمكم الله؟
الجواب:

ليس المهم في مفروض السؤال الإعتقاد أو عدم الإعتقاد بالترتيب في آية التطهير، بل البحث في المراد من (أهل البيت)، فنقول:
إنّ العدول عن السياق المتناول في الآية وهو خطاب التأنيث إلى خطاب التذكير، بل والرّجوع منه ثانياً في الفقرات التالية بعده إلى خطاب التأنيث، يدلّ بكلّ وضوح على تمييز المخاطبين بهذه الفقرة بالذات عن باقي المخاطبين في الآية، حتّى أذعن الرازي في تفسيره للآية بهذه النقطة الحسّاسة(1)، فالحكم بالتطهير المطلق عن كافّة الأرجاس إنّما يخصّ هذه المجموعة الّتي تسمّى (أهل البيت)، وهذا ما يسمّى بالعصمة.
ثمّ على فرض قبول وحدة السياق - مع ما يأباه الظهور الخطابي - نقول بالتخصيص في هذا المجال استناداً إلى مصادر أهل السُنّة إذ ورد في الكثير منها، أنّ المراد من (أهل البيت) هم عليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام)، وقد صرّح فيها بأنّ أُمّ سلمة لم تكن من هؤلاء مع أنّها على خير؛ والمصادر الروائيّة في هذا المعنى أكثر من أن تحصى، فعلى سبيل المثال ينبغي مراجعة: (صحيح مسلم 7 /130 باب فضائل أهل بيت النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، مسند أحمد 6/292 حديث أُمّ سلمة زوج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، المستدرك على الصحيحين 2/416 تفسير سورة الأحزاب، سنن الترمذي 5/327 مناقب أهل بيت النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، خصائص أمير المؤمنين للنسائي 49 منزلة عليّ كرم الله وجهه، 63 قول النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّ الله لا يخزيه أبداً، 81 الإختلاف في حديث المنزلة) وغيرها من المصادر.
ولا يخفى أنّ في الآيات السابقة على هذه الآية اشارة لطيفة الى عدم اعطاء هذه الرتبة السامية للأزواج مطلقاً، وفي كلّ الأحوال إذ يقول تعالى: (( فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلمُحسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجرًا عَظِيمًا )) (الأحزاب:29)، فيقيّد الاجر بالمحسنات منهنّ، والحال لم يقيّد التطهير والعصمة من الأرجاس عن أهل البيت(عليهم السلام)بشيء! فنستفيد بأنّ عنوان (أهل البيت) يختلف موضوعاً عن عنوان (الأزواج).


(1) التفسير الكبير 9: 168






تعقيب على الجواب (1)

أرى من المهم على الأخوة الأعزاء في الموقع أن يجيبوا على ما يثيره المخالفون حول سياق آية التطهير، ببيان أنّ ذلك لا يتناقض مع حديث الكساء، وأنا هنا أطرح هذا البحث المتواضع حول هذا الموضوع، قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَيَاة َ الدُّنيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَينَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَة َ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلمُحسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجرًا عَظِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَة ٍ مُّبَيِّنَة ٍ يُضَاعَف لَهَا العَذَابُ ضِعفَينِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَن يَقنُت مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعمَل صَالِحًا نُّؤتِهَا أَجرَهَا مَرَّتَينِ وَأَعتَدنَا لَهَا رِزقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيتُنَّ فَلا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي فِي قَلبِهِ مَرَضٌ وَقُلنَ قَولا مَّعرُوفًا * وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّة ِ الأُولَى وَأَقِمنَ الصَّلاة َ وَآتِينَ الزَّكَاة َ وَأَطِعنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرًا )) (الأحزاب:28-33).
إنّ لعنوان أهل البيت معنى لغوي عام، ومعنى اصطلاحي خاص، كما للكثير من المفردات، فمثلاً للصلاة معنىً لغوي عام وهو الدعاء، ومعنىً اصطلاحي خاص وهو الصلاة المعروفة، فبأي معنى استخدم القرآن عنوان أهل البيت في آية التطهير؟
وللإجابة على ذلك، لابدّ من الرجوع إلى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لكونه مبين للقرآن قال تعالى: (( وَأَنزَلنَا إِلَيكَ الذِّكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيهِم ))، وها هو رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) نجده قد جمع معه عليّ وفاطمة والحسنين(عليهم السلام) تحت الكساء ليشير إلى الحصر، ثم قرأ هذا المقطع من الآية دون غيره وهو قوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرًا ))، وحينما أرادت إحدى أزواج النبيّ الدخول معهم تحت الكساء منعها، وقال لها: (مكانك إنك على خير)، بل إننا نجد أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يكتفي بذلك، وإنّما كان ولعدّة أشهر كلّما خرج إلى الصلاة يأتي باب فاطمة، ويقول: (الصلاة يا أهل البيت)، ثم يقرأ هذا المقطع من الآية دون غيره، وهو قوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرًا ))، في إشارةٍ واضحةٍ منه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأنّ لعنوان أهل البيت في الآية معنىً اصطلاحي خاص.
وهنا لابدّ من بيان أنّ سياق آية التطهير لا تناقض مع حصر عنوان أهل البيت بأصحاب الكساء دون أزواج النبيّ، ولتوضيح هذه المسألة يمكننا أن نطرح هذا التساؤل:
عندما يكون هناك شخص تهتم لأمره بالغ الإهتمام، أفلن تحذر كلّ من يحاول أن يسيء إليه؟.. وهذا تماماً ما تشير إليه هذه الآيات، فهي قد حذرت أزواج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) من إرتكاب أي عملٍ قد تسيء إلى أهل البيت(عليهم السلام) (محمّد وعليّ وفاطمة والحسنين)
ففي هذه الآيات خطابٌ من الله لنبيّه: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَيَاة َ الدُّنيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَينَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَة َ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلمُحسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجرًا عَظِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَة ٍ مُّبَيِّنَة ٍ يُضَاعَف لَهَا العَذَابُ ضِعفَينِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَن يَقنُت مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعمَل صَالِحًا نُّؤتِهَا أَجرَهَا مَرَّتَينِ وَأَعتَدنَا لَهَا رِزقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيتُنَّ فَلا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي فِي قَلبِهِ مَرَضٌ وَقُلنَ قَولا مَّعرُوفًا * وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّة ِ الأُولَى ))، ثمّ قال الله بعد ذلك لنبيّه موضحاً له: إنّما أردتُ من كلّ تلك الأوامر والنواهي لأزواجك أن أذهِبَ عنكم يا أهل البيت (محمّد وعليّ وفاطمة والحسنين) الرجس الذي قد يصدر منهنّ.
فإن قال قائلٌ بأنّ قوله تعالى: (( يَا نِسَاء النَّبِيِّ... )) إنّما هو خطاب منه تعالى للنساء مباشرة.
فإننا نقول أيضاً: إنّه لا يضر فيما نرمي إليه، لأنّه قد جاء على سبيل الإلتفات إليهن، فالله سبحانه و تعالى خاطب نبيّه وأمره أن يقول لأزواجه: (( إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَيَاة َ الدُّنيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَينَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَة َ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلمُحسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجرًا عَظِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَة ٍ مُّبَيِّنَة ٍ يُضَاعَف لَهَا العَذَابُ ضِعفَينِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَن يَقنُت مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعمَل صَالِحًا نُّؤتِهَا أَجرَهَا مَرَّتَينِ وَأَعتَدنَا لَهَا رِزقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيتُنَّ فَلا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي فِي قَلبِهِ مَرَضٌ وَقُلنَ قَولا مَّعرُوفًا * وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّة ِ الأُولَى وَأَقِمنَ الصَّلاة َ وَآتِينَ الزَّكَاة َ وَأَطِعنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ))، ثم رجع الله مخاطباً النبيّ الذي هو من أصحاب الكساء وممثلهم: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرًا ))، وهذا نظير قوله تعالى: (( فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيدِكُنَّ إِنَّ كَيدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعرِض عَن هَذَا وَاستَغفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الخَاطِئِينَ )) (يوسف:28-29)، ففي هذه الآيات من سورة يوسف خاطب عزيز مصر زوجته قائلاً لها: (( إِنَّهُ مِن كَيدِكُنَّ إِنَّ كَيدَكُنَّ عَظِيمٌ ))، ثم التفتَ إلى يوسف قائلاً له: (( يُوسُفُ أَعرِض عَن هَذَا )) ثم رجع مخاطباً زوجته قائلاً لها: (( وَاستَغفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الخَاطِئِينَ )).
وما يؤكد أنّ الآيات كانت بصدد تحذير أزواج النبيّ من الإساءة إلى أهل البيت (محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين) هو ما حدث بالفعل على أرض الواقع.. فإننا نجد أنّ من ضمن ما ذكرته الآيات، هو أنّ الله قد خيّر أزواج النبيّ بين التسريح - أي الطلاق - أو الإستقامة: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَيَاة َ الدُّنيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَينَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحاً جَميلاً ))، لما كان يصدر منهنّ من إساءةٍ لرسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والآيات القرآنية صريحة في ذلك، كما في قوله تعالى: (( وَإِذ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعضِ أَزوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَت بِهِ وَأَظهَرَهُ اللَّهُ عَلَيهِ عَرَّفَ بَعضَهُ وَأَعرَضَ عَن بَعضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَت مَن أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ * إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَد صَغَت قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَولاهُ وَجِبرِيلُ وَصَالِحُ المُؤمِنِينَ وَالمَلائِكَة ُ بَعدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ * عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبدِلَهُ أَزوَاجًا خَيرًا مِّنكُنَّ مُسلِمَاتٍ مُّؤمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبكَارًا )) (التحريم:3-5).
وكذلك تصرّح الآيات بأنّ الله قد أمرهنّ بالقرار في البيت: (( وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّة ِ الأُولَى ))، ولكنّ بعضهنّ خالفنَ هذا الأمر الإلهي كما حدث في معركة الجمل التي قادتها بعض أزواج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ضد الإمام عليّ(عليه السلام).







الاستدلال بآية مخاطبة امرأة إبراهيم(عليه السلام) على عود الضمير للنساءقد يستدل المخالف على إشكال الشيعة بأنّ تبدّل الصيغة في آية التطهير من نون النسوة إلى ميم الجمع بخروج النساء، بالاحتجاج بأنّ هناك آية أخرى تخاطب الملائكة فيها امرأة إبراهيم وهو قوله تعالى: (( قَالُوا أَتَعجَبِينَ مِن أَمرِ اللّهِ رَحمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيكُم أَهلَ البَيتِ )) (هود:73) والخطاب مباشر لامرأة إبراهيم ومع ذلك خاطبها بصيغة الأهل؟
الجواب:

صحيح أنّ الخطاب في بداية الآية موجّه إلى امرأة إبراهيم(عليه السلام)، لكن المقصود من (( أَهلَ البَيتِ )) في آخر الآية أوسع من امرأة إبراهيم(عليه السلام)، وإلاّ لما صح الخطاب بصيغه الجمع بالإضافة إلى استخدام ضمير التذكير لا التأنيث، ونحن من خلال الضمائر نعرف المراد من الخطاب.
فأنت إذا قلت؛ إنّ الخطاب موجه في أوّل الآية إلى امرأة إبراهيم(عليه السلام)، لأنّه استخدم ضمير الخطاب إلى المؤنث، قبلنا منك ذلك.
وإذا قلت؛ بأنّها داخلة مع جماعة في كلمة عليكم من خلال السياق، قبلنا منك ذلك.
ولكن أن تقول؛ انّ الخطاب موجه إليها فقط مع ضمير الجمع والتذكير! فكلام غير مقبول، وخارج قواعد اللغة العربية التي نزل بها القرآن.
ثم لا يشكل، بأنّ امرأة إبراهيم(عليه السلام) دخلت في أهل البيت في الآية, فلماذا لا تدخل نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أيضاً في آية التطهير؟ فإنّا نقول: إنّ زوجة إبراهيم(عليه السلام) وهي سارة، كانت ابنة عمه فدخلت في أهل البيت من هذه الجهة لا من جهة الزوجية.تعليق على الجواب (1)
كما اشرتم ازواج النبي (صلى الله عليه وآله) ايضا داخلات مع جماعه في كلمه عليكم من خلال السياق وهؤلاء الجماعة هم علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام .
اما قولكم بان ساره كانت ابنت عم ابراهيم (عليه السلام) فدخلت في اهل البيت من هذه الجهة ... مضحك للغاية ومتي اصبحت بنت العم اقرب من الزوجه بحيث تعد من اهل البيت والزوجة لا تعد من اهل البيت!!! والواقع ان بنت العم ليست من اهل البيت الا اذا تكن زوجه كساره زوجه ابراهيم.
انا اعرف غرض عناد الروافض وذلك لانه ليس لديهم نص صريح في القران لاثبات العصمة المزعمومة لاهل البيت لهذا يستغلون هذه الاية لاثبات عقيدتهم الباطلة فلو ادخلوا ازواج النبي (صلى الله عليه وآله) في اهل البيت (عليهم السلام) فهم لايعتقدون لهن العصمة ولذلك يكون لفظ الطهارة لايدل علي العصمة ولايبقي لديهم شئ من القران يستنجدون به من اجل اثبات العصمة. والا والله وبالله وتالله الاية بينه وشفافه لمن كان له قلب او القي السمع وهو شهيد .. من اين علمتم ايها الجهلاء بان الله خاطب ساره بانها من اهل البيت لكونها ابنت عمه ولا لكونها زوجته؟!
الجواب:

هناك روايات تشير الى عدم ادخال النبي للنساء معه في الكساء وحدد اهل بيته بمن تحت الكساء ونحن عندما نستدل بان الضمير في الاية كان هو الميم دون النون نريد ان نبين امرين الاول انه لا يصح ان يقال ان المراد باهل البيت هم ازواجه خاصة والامر الثاني ان لا يصح الاستدلال من خلال السياق على ان المراد باهل البيت الزوجات لان الاية بستعمالها لضمير الجمع الميم تدلل على مغايرة بيت النساء المذكورات في الاية السابقة وبين اهل البيت المذكورين في هذه الاية .
واما كون سارة هي ابنة عم ابراهيم فهذا مذكور في كتب التاريخ والتفسير في كتب الفريقين ففي جامع البيان للطبري 17/ 62 قال: (وتزوج سارة ابنة عمه). وفي المحرر الوجيز 3/189: (وامراة ابراهيم هذه هي سارة بنت هارون بن ناحور وهو ابراهيم بن ازر بن ناحور فهي ابنة عمه). وفي تفسير البيضاني 4/314 : وامراته سارة ابنة عمه.
وفي تفسير البحر المحيط 5/243 وهي سارة بنت هارون بن ناحور وهي ابنة عمه.
ومن خلال هذه الاخبار التي اثبتت ان سارة ابنة عم ابراهيم فنحن لا نحتاج لاكثر من ايراد الاحتمال على كون الاية اشارت اليها بانها من اهل البيت من خلال كونها ابنة عمه لان الاحتمال يكفينا لابطال استدلالكم بهذه الاية على عموم اهل البيت للزوجات وانتم الذين تحتاجون للاتيان بالدليل على انه اشار لها باهل البيت من جهة كونها زوجة لا من جهة كونها ابنة عمه فتأمل.
ثم اننا لاثبات عصمة الانبياء والائمة لا نقتصر على اية التطهير بل هناك عشرات الادلة العقلية والنقلية التي تدل على العصمة .








مناقشة رواية ظاهرها أنّ زوجاته (صلى الله عليه وآله) من أهل هذه الآية
يحتج البعض من المخالفين بهذه الرواية الواردة عندهم لإثبات دخول النساء في آية التطهير الكريمة, وإثبات عدم وجود التخصيص في روايات الكساء.
فكيف الرد عليهم؟
الرواية: ما رواه البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ غير مرة, وأبو عبد الرحمن محمّد بن الحسين السلمي من أصله, وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي, قالوا: ثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب, ثنا الحسن بن مكرم, ثنا عثمان بن عمر, ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار, عن شريك بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار عن أُمّ سلمة، قالت: في بيتي أنزلت: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) (الاحزاب:33).
قالت: فأرسل رسول الله(صلّى الله عليه وسلم) إلى فاطمة وعليّ والحسن والحسين.
فقال: هؤلاء أهل بيتي.
وفي حديث القاضي والسلمي: هؤلاء أهلي, قالت: فقلت: يا رسول الله, أما أنا من أهل البيت, قال: بلى، إن شاء الله تعالى).
قال أبو عبد الله: هذا حديث صحيح سنده, ثقات رواته.
قال الشيخ: وقد روي في شواهده, ثمّ في معارضته أحاديث لا يثبت مثلها, وفي كتاب الله البيان لما قصدناه في إطلاق النبي صلى الله عليه وسلم الآل, ومراده من ذلك أزواجه أو هنّ داخلات فيه(1).
اللّهمّ صل على محمّد وآل محمّد
(1) السنن الكبرى 2: 150 باب (الدليل على أن أزواجه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من أهل بيته).


الجواب:

أولاً: نقول هذه الرواية تدحض الدعوى المألوفة عند أهل السنّة، بأنّ الآية نزلت في خصوص نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم), أو نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) مع ضم الرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إليهنّ، ليصح توجيه الخطاب بضمير الجمع (عنكم, يطهّركم) الوارد في الآية الكريمة.
فهي من هذه الناحية تكون ملزمة للقائلين بصحتها في عدم تبني الدعوى المذكورة التي يروج لها البعض - من دون تحصيل - وإلاّ لزم التهافت في الدعوى والأدلة.
ثانياً: الرواية المذكورة معارضة بروايات كثيرة متضافرة، تفوقها عدداً ودلالة، في بيان إنّ المراد بأهل البيت هم الخمسة أصحاب الكساء: محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعليّ, وفاطمة, والحسن والحسين(عليهم السلام) حصراً, بل أنّ في نفس الرواية المذكورة ما يدل على هذا المعنى ؛ إذ قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (هؤلاء أهل بيتي), يفيد الحصر كما نصّ عليه علماء اللغة والبيان في أنّ تعريف الجزأين (المسند والمسند إليه) يفيد الحصر(1).
فإذا عرفنا ذلك، فربما يشكل التمسك بالرواية المذكورة، لمحل التهافت بين إرادة الحصر وعدمه فيها, الأمر الذي يرجح رواية المستدرك على رواية السنن هذه، كما ستأتي الإشارة إليها في الأمر الرابع.
وعن ابن حجر في (الصواعق المحرقة), قال: ((إنّ أكثر المفسرين على أنّها نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين))(2)، انتهى.
وعند التعارض يلاحظ الجانب الذي تتفوق رواياته عدداً, بل ودلالةً، فيقدم على الآخر..، والروايات الوارد أنّها نزلت في خصوص الخمسة أصحاب الكساء، دون غيرهم، متضافرة تفوق كلّ رواية أخرى تناهضها في هذا المعنى.
ثالثاً: هذه الرواية معارضة بروايات أخرى، وردت عن أُمّ سلمة نفسها، يستفاد منها بأنّها ليست من أهل هذه الآية, كهذه الرواية التي يرويها الترمذي في سننه: ((قالت أُمّ سلمة: وأنا معهم يا نبي الله, قال: أنت على مكانك وأنتِ على خير))(3)، (انتهى).
وأيضاً ورد بمضمون هذه الرواية رواية أخرى عن عائشة, قالت فيها - بعد أن رأت النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يجلل عليّاً وفاطمة والحسن والحسين بالكساء، يدعو لهم ويتلو عليهم آية التطهير-: ((وأنا من أهل بيتك؟ قال النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (تنحي فإنّك على خير) ))(4).
وبلحاظ هذا التعارض، تتساقط هذه الروايات، وتصير الرواية المذكورة - الواردة في السؤال - لا قيمة لها في معارضة الروايات المتضافرة الدالة على نزول آية التطهير في خصوص الخمسة أصحاب الكساء.
رابعاً: الرواية المذكورة، رواها الحاكم في مستدركه - بالسند نفسه مع إختلاف العبّاس بن محمد الدوري بدل الحسن بن مكرم - وفيها ما يخالف الدعوى المذكورة بدخول أُمّ سلمة في مفهوم (أهل البيت) الوارد في الآية, والرواية فيها: ((قالت أُمّ سلمة: يا رسول الله ما أنا من أهل البيت؟ قال: (إنّك أهلي خير وهؤلاء أهل بيتي اللّهمّ أهلي أحق) )), وهذا الحديث قد صححه الحاكم على شرط البخاري(5), وأقرّه الذهبي على شرط مسلم.
وإذا سلّمنا بأنّ الرواية المذكورة في المستدرك هي نفسها رواية السنن - للبيهقي - فلا نجزم عندئذٍ بأن أي النصين هو الصادر عن النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم), هل هو قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأمّ سلمة: (بلى إن شاء الله)، أي أنت من أهل بيتي, أم هو قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إنّك أهلي خير وهؤلاء أهل بيتي)، المستفاد منه أنّها ليست من أهل بيته, وأنّها أهله بالمعنى المتعارف بأنّ الزوجة أهل الرجل، وهذا المعنى - بهذا الشكل الأخير الذي بيّناه - لازمه الاجمال وسقوط هذه الرواية برمتها عن معارضة الروايات المتضافرة بأنّ أهل بيته هم خصوص: علي وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام).
بل ربما يُرّجح الوارد في رواية المستدرك على الوارد في رواية السنن، لمحل التهافت الذي اشرنا إليه سابقاً في رواية السنن ولما موجود من تحريف في السند.
وعندئذٍ لا توجد معارضة بين الرواية المذكورة, والمعنى المعروف بنزول الآية في خصوص الخمسة من أصحاب الكساء (عليهم السلام) دون غيرهم.


(1) انظر: الإتقان في علوم القرآن: 583 في دلالة تعريف الجزأين على إفادة الحصر والتعين.
(2) الصواعق المحرقة: 141 سورة الأحزاب.
(3) سنن الترمذي 5: 31 سورة الأحزاب.
(4) انظر: تفسير ابن كثير 3: 493 قوله تعالى: (( يَا نِسَاء النَّبِيِّ...)) الآيات.
(5) انظر: المستدرك على الصحيحين 2: 416 سورة الأحزاب.










: أم سلمة ليست من أهل البيت (عليهم السلام)
إخواني، أهل السُنّة يستدلون بهذا الحديث على دخول (أم سلمة) رضوان الله تعالى عليها تحت الكساء.. الرجاء من سيادتكم التكرم بتوضيح الرد على ذلك بالأدلّة، وفقكم الله تعالى:
أحمد بن حنبل في (المسند 6/298) ح/ حدّثنا أبو النضر هاشم بن القاسم, ثنا عبد الحميد يعني ابن بهرام، قال: حدّثني شهر بن حوشب, قال: سمعت أُمّ سلمة زوج النبيّ حين جاء نعي الحسين بن عليّ(عليه السلام) لعنت أهل العراق، فقالت: قتلوه قتلهم الله، عزوه وذلوه لعنهم الله, فإنّي رأيت رسول الله جاءته فاطمة الزهراء غدية ببرمة, قد صنعت له فيها عصيدة تحمله في طبق لها حتى وضعتها بين يديه، فقال لها: (أين ابن عمك؟)، قالت: هو في البيت: قال: (فاذهبي فأدعيه وأتني بابنيه)، قالت: فجاءت تقود ابنيها كلّ واحد منهما بيد وعليّ يمشي في أثرهما, حتى دخلوا على رسول الله فأجلسهما في حجره وجلس عليّ عن يمينه وجلست فاطمة عن يساره، قالت أُمّ سلمة: فاجتبذ من تحتي كساء خيبرياً كان بساطاً لنا على المنامة في المدينة, فلفه النبيّ عليهم جميعاً، فأخذ بشماله طرفي الكساء وألوى بيده اليمني إلى ربّه عزّ وجلّ، قال: (اللّهمّ أهلي أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، اللّهمّ أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، اللّهمّ أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً)، قلت: يا رسول الله! ألست من أهلك؟ قال: (بلى, فادخلي في الكساء, قالت: فدخلت في الكساء بعد ما قضى دعاه لابن عمه عليّ(عليه السلام) وابنيه وابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنهم.

الجواب:

يمكن رد هذه الرواية من عدة جهات:
1- إنّ الرواية في كتب السُنّة ولا يمكن الاحتجاج بها علينا.
2- إنّ هذه الرواية معارضة بروايات متعددة صحيحة تحصر أصحاب الكساء بالخمسة، بل يُصرح في بعضها أنّ أُمّ سلمة ليست من أهل البيت.
3- الرواية توضح في آخرها أنّ أُمّ سلمة لم يشملها الدعاء بالتطهير, معنى ذلك أنّ خصوصية الخمسة وشمولهم بالتطهير - أي بالعصمة - تختلف عن أُمّ سلمة، التي هي إن كانت من أهل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فذلك وفق المعنى اللغوي لكلمة أهل، بخلاف الخمسة الذين دخلوا في أهل البيت الذين لهم خصوصية العصمة, فالرواية لا تدخل أُمّ سلمة في أهل البيت بل تدخلها في أهل النبيّ, وهناك فرق بينهما.
4- إنّ الحديث من جهة السند لا يصح الاحتجاج به, فشهر بن حوشب، قال عنه أبو حاتم: لا يحتج به, وقال عنه ابن عون: انّ شهراً تركوه, وقال النسائي وابن عدي: ليس بالقوي, وقال ابن عدي: شهر ممّن لا يحتج به ولا يتدين بحديثه, وسأل ابن عون عن شهر فقال: ما يصنع بشهر انّ شعبة قد ترك شهراً، وسأل شعبة عن عبد الحميد بن بهرام فقال: صدوق, إلاّ أنّه يحدث عن شهر, وقال عنه ابن حجر: كثير الإرسال والأوهام، فلعل هذه الرواية من أوهامه، خصوصاً إذا عرفنا أنّه خالف بها الثقات ممّن قال بأنّ أُمّ سلمة ليست من أهل البيت.
5- الرواية رويت عن شهر بطرق أُخر صحيحة أخرجت أُمّ سلمة من أهل البيت, فعن بلال بن مرداس عن شهر بن حوشب عن أُمّ سلمة: ((... ألست من أهل البيت؟ قال: (إنّك على خير وإلى خير))), وعن زبيد عن شهر، عن أُمّ سلمة مثل ذلك: ((قالت: أنا منهم, قال: (إنّك على خير) ))(1), وقال الترمذي عن هذا الحديث: ((هذا الحديث حسن صحيح وهو أحسن شيء روي في هذا الباب))(2), وأصرح من هذين ما روي عن علي بن زيد، عن شهر، عن أُمّ سلمة، حيث قالت: ((فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي، وقال: (إنّك على خير) ))(3)، ومثله ما روي عن عقبة عن شهر، عن أُمّ سلمة, حيث قالت: ((فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم) من يدي, وقال: (إنّك على خير) ))(4), ويقرب منه ما رواه حبيب بن أبي ثابت، عن شهر، عن أُمّ سلمة, حيث قالت: ((فجئت أدخل معهم، فقال: (مكانّك.. إنّك على خير) ))(5).
فبعد هذا كيف يمكن الاحتجاج بتلك الرواية عن شهر وقد روى عنه العدّة خلافها؟!


(1) تأريخ مدينة دمشق 14: 142 الحسن بن عليّ بن أبي طالب، مسند أحمد 6: 304 حديث أُمّ سلمة زوج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم).
(2) سنن الترمذي 5: 360 ما جاء في فضل فاطمة (رض).
(3) مسند أحمد 6: 323 حديث أُمّ سلمة زوج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم).
(4) مسند أبي يعلي 12: 344 الحديث (6912).
(5) الذرية الطاهرة للدولابي: 150 الحديث (192) سند حديث فاطمة(عليها السلام).








اذا كان سلمان من أهل البيت فلماذا لا تكون زوجات النبي (صلى الله عليه وآله) منهم معنى قول رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (سلمان منّا أهل البيت؟
هناك سؤال تطرحه أخت سنّية تقول: إذا كان سلمان من أهل البيت، فلماذا لا تكون زوجات النبيّ من أهل البيت وهن أقرب إلى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟


الجواب:

إنّ سلمان (رضوان الله تعالى عليه) وصل إلى تلك الدرجة الرفيعة بالعلم والمعرفة، وبشدّة ولائه لأهل البيت(عليهم السلام)، فعن أبي جعفر(عليه السلام): (... وقال رسول الله: سلمان منّا أهل البيت، إنّما عني بمعرفتنا وإقراره بولايتنا)(1)، فهو من أهل البيت بالتولي لهم، كما قال إبراهيم(عليه السلام) فيما حكاه الله تعالى من قوله: (( فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي )) (ابراهيم:36)، فكأنّه (عليه السلام) يقول: من تبعني وعمل بشريعتي وسار بسيرتي فإنّه من أقاربي ملحق بي ومن أبنائي تنزيلاً(2).
وانّ سبب دخول سلمان في أهل البيت(عليهم السلام) ليس هو القرب النسبي، فإنّه لا قرابة نسبية له مع النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ولدخل كلّ من كان أقربائه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى أهل البيت(عليهم السلام) من جهة النسب، بل انّ دخوله كدخول جبرائيل مع أهل البيت(عليهم السلام)، حينما سئل: ((وأنا منكم؟ فقال صلوات الله عليه: (وأنت منّا) ))(3)، فصار جبرئيل يفتخر بانه من أهل بيت محمّد(صلوات الله عليه وآله)، فدخول جبرئيل لم يكن بقرب نسبي، فكذلك دخول سلمان لم يكن بقرب نسبي.
ثم إنّ الذي أدخل سلمان في أهل البيت(عليهم السلام) هو الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والذي أخرج زوجات النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) من أهل البيت هو الرسول أيضاً! فقد قال (صلوات الله عليه وآله) عندما سألته أُمّ سلمة عن كونها من أهل البيت؟ فقال (صلوات الله عليه و آله): (أنّك على خير وهؤلاء أهل بيتي اللّهمّ أهلي أحق)(4)، أو (أنّك على مكانك، وأنت على خير)(5)، أو (لا، وأنت على خير)(6)، أو (وأنت مكانك، وأنت على خير)(7)، أو (أنت على خير، أنّك من زواج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم))، وما قال: أنّك من أهل البيت(8).
فالنبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) منع أُمّ سلمة من الدخول معه تحت الكساء، ولم يقل لها أنّها من أهل البيت على الرغم من طلبها ذلك وكونها من خيرة نساءه! وما كان ردّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلاّ لغرض بيان عدم دخول أزواج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) مع أهل البيت وعدم قبول الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذلك، وإذا فعلنا ذلك فاننا عملنا خلاف ما يريده الله ورسوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)!


(1) تفسير فرات الكوفي: 170 الحديث (218)، بحار الأنوار 65: 55.
(2) انظر: تفسير الميزان 13: 71 قوله: (( فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي )).
(3) أمالي الطوسي: 368 سبب نزول قوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ...)).
(4) المستدرك على الصحيحين2: 416 جمعه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أهل بيته وقوله: هؤلاء أهل بيتي.
(5) المستدرك على الصحيحين2: 416 جمعه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أهل بيته وقوله: هؤلاء أهل بيتي.
(6) سنن الترمذي 5: 31 سورة الأحزاب.
(7) المعجم الكبير 9: 26 ما أسند عمر بن أبي سلمة.
(8) خصائص الوحي المبين، لابن بطريق: 102 الفصل الرابع.



يتبع


رد مع اقتباس