عرض مشاركة واحدة
قديم 2020/08/28, 02:48 AM   #1
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي عليّ الأكبر سلام الله عليه

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته



ولمّا لمْ يبقَ معَ الحسينِ إلّا أهلُ بيتهِ ، عَزمُوا على ملاقاةِ الحتوفِ ببأسٍ شديدٍ وحِفاظٍ مُرٍّ ونفوسٍ أبيّةٍ ، وأقبلَ بعضهمْ يودّعُ بعضآ، وأوّلُ منْ تقدّمَ أبو الحسينِ عليٍّ الأكبرُ، وعمرُهُ سبعٌ وعشرونَ سنةٍ ، فإنّهُ وُلدَ في الحادي عشرَ منْ شعبانٍ سنةَ ثلاثٍ وثلاثينَ منَ الهجرةِ ، وكانَ مرآةَ الجمالِ النبويّ، ومثالَ خُلُقهِ الساميْ، واُنموذجآ منْ منطقهِ البليغِ .

فعليٌّ الأكبرُ هوَ المتفرّعُ منَ الشجرةِ النبويّةِ ، الوارثُ للمآثرِ الطيّبةِ ، وكانَ حَريّآ بمقامِ الخلافةِ لولا أنّها منصوصةٌ منْ إلهِ السَّماءِ، وقدْ سجّلَ سبحانَهُ أسماءَهمْ في الصحيفةِ النازلِ بها جبرئيلُ 7 على رسولِ اللهِ 9.

ورثَ الصفاتَ الغرَّ وهيَ تُراثُهُ منْ كلِّ غطريفٍ وشَهمٍ أصيدِ

في بأسِ حمزةَ في شجاعةِ حيدرٍ بإبا الحسينِ وفي مهابةِ أحمدِ

وتراهُ في خُلُقٍ وطيبِ خلائقٍ وبليغُ نُطقٍ كالنبيِّ محمّدِ

ولمّا يمَّمَ الحربَ عزَّ فراقُهُ على مخدّراتِ الإمامةِ لأنّهُ عمادُ أخبيتُهنَّ وحِمى أمنهُنَّ ومعقدِ آمالِهنَّ بعدَ الحسينِ 7، فكانتْ هذهِ ترى هتافَ الرسالةِ في وشکِ الانقطاعِ عنْ سمعِها، وتلکَ تجدُ شمسَ النبوّةِ في شفا الكسوفِ ، واُخرى تشاهدُ الخُلُقَ المحمّديَّ قدْ آذنَ بالرَّحيلِ ، فأحَطْنَ بهِ وتعلّقنَ بأطرافِهِ وقُلنَ :
إرحمْ غُربتَنا لا طاقةَ لنا على فراقِکَ ، فلمْ يَعبأْ بِهنَّ ، لأنّهُ يَرى حجّةَ الوقتِ مكثورَآ قدِ اجتمعَ أعداؤُهُ على إراقةِ دمهِ الطاهرِ، فاستأذنَ أباهُ وبرزَ على فرسٍ للحسينِ 7 تسمّى «لاحقآ».

ومنْ جهةٍ أنّ ليلى اُمِّ الأكبرَ بنتُ ميمونةَ ابنةُ أبي سفيانْ ، صاحَ رجلٌ منَ القومِ : يا عليَّ، إنَّ لکَ رحمآ بأميرِ المؤمنينِ «يزيدَ»، ونريدُ أنْ نرعى الرحمَ فإنْ شئتَ آمنّاکَ . قالَ 7: إنَّ قرابةَ رسولِ اللهِ 9 أحقُّ أنْ تُرعَى ، ثمَّ شدَّ يرتجزُ معرِّفآ بنفسِهِ القدسيّةِ وغايتهِ السَّاميةِ :

أنا عليُّ بنُ الحسينِ بنُ عليِّ نحنُ وربُّ البيتِ أولى بالنبيِّ

تااللهِ لا يحكمُ فينا ابنُ الدعيِّ أضربُ بالسيفِ اُحامي عنْ أبي

ضربَ غلامٍ هاشميٍّ قرشيْ

ولمْ يتمالکْ الحسينُ 7 دونَ أنْ أرخى عينيهِ بالدموعِ وصاحَ بعُمرِ بنِ سعدٍ :

ما لَکَ ؟ قَطَعَ اللهُ رَحِمَکَ كَما قَطَعْتَ رَحِمي ، وَلَمْ تَحْفَظْ قَرابَتي مِنْ رَسولِ اللهِ 6، وَسَلَّطَ عَلَيْکَ مَنْ يَذْبَحُکَ عَلَى فِراشِکَ .

ثمَّ رفعَ شيبتَهُ المقدّسةَ نحوَ السَّماءِ، وقالَ :

اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَى هَؤُلاءِ فَقَدْ بَرَزَ إلَيْهِمْ أشْبَهُ النَّاسِ بِرَسولِکَ مُحَمَّدٍ خَلْقآ وَخُلُقآ وَمَنْطِقآ، وَكُنَّا إذا اشْتَقْنا إلَى رُؤْيَةِ نَبِيِّکَ نَظَرْنا إلَيْهِ ، اللَّهُمَّ فَامْنَعْهُمْ بَرَكاتِ الأرْضِ وَفَرِّقْهُمْ تَفْريقآ، وَمَزِّقْهُمْ تَمْزيقآ، وَاجْعَلْهُمْ طَرائِقَ قِدَدآ، وَلا تُرْضِ الوُلاةَ عَنْهُمْ أبَدآ، فَإنَّهُمْ دَعَوْنا لِيَنْصُرونا ثُمَّ عَدَوْا عَلَيْنا يُقاتِلونا، ثُمَّ تَلا قَوْلَهُ تَعالى : (إنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحآ وَآلَ إبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ
بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )[1] .



ولمْ يزلْ يحملُ على الميمنةِ ويُعيدُها على الميسرةِ ، ويغوصُ في الأوساطِ فلمْ يقابلْهُ جَحفلٌ إلّا رَدّهُ ، ولا برزَ إليهِ شجاعٌ إلّا قتلَهُ :

يرمي الكتائبَ والفلا غصّتْ بها في مثلِها منْ بأسِهِ المتوقَّدُ

فيردُّها قَسرآ على أعقابِها في بأسِ عرّيسِ العرينةِ مُلبّدُ

فقتلَ مائةً وعشرينَ فارسآ، وقدْ اشتدَّ بهِ العطشُ فرجعَ إلى أبيهِ يستريحُ ويذكرُ ما أجهدهُ منَ العطشِ ، فبكى الحسينُ وقالَ :

وَا غَوْثاهُ ، ما أسْرَعَ المُلْتَقى بِجَدِّکَ فَيَسْقيکَ بِكَأسِهِ شِرْبَةً لا تَظْمَأُ بَعْدَها وَأخَذَ لِسانَهُ فَمَصَّهُ ، وَدَفَعَ إلَيْهِ خاتِمَه لَيَضَعْهُ في فيهِ .

ورجعَ «عليٌّ» إلى الميدانِ مُبتهجآ بالبشارةِ الصادرةِ منَ الإمامِ الحجّةِ 7 بملاقاةِ جدّهِ المصطفى 6 فزحفَ فيهمْ زحفَهُ العلويُّ السابقُ وغبَّرَ في وجوهِ القومِ ، ولمْ يُشعروا أهوَ «الأكبرُ» يطردُ الجماهيرَ منْ أعدائِهِ أمْ أنَّ «الوصيَّ» 7، يزأرُ في الميدانِ ، أمْ أنَّ الصواعقَ تَترى في بريقِ سيفِهِ ، فأكثرَ القتلى في أهلِ الكوفةِ حتّى أكملَ المائتينَ .

فقالَ مرّةُ بنُ منقذٍ العبديّ: عليَّ آثامُ العربِ إنْ لمْ اُثكلُ أباهُ بهِ ، فطعنهُ بالرّمحِ في ظهرهِ ، وضربَهُ بالسيفِ على رأسِهِ ، ففلَقَ هامتَهُ ، واعتنقَ فرسَهُ فاحتملَهُ إلى معسكرِ الأعداءِ، وأحاطوا بهِ حتّى قطّعوهُ بسيوفهِمْ إربآ إرَبآ.

ونادى رافعَآ صوتَهُ : عليکَ منّي السلامُ أبا عبدِ اللهِ هذا جدّي قدْ سقاني
بكأسِهِ شربةً لا أظمأُ وهوَ يقولُ : إنَّ لکَ كأسآ مذخورةً ، فأتاهُ الحسينُ 7 وانكبَّ عليهِ واضعآ خَدّهُ على خدّهِ وهوَ يقولُ :

عَلَى الدُّنْيا بَعْدَکَ العَفا ما أجْرَأهُمْ عَلَى الرَّحْمَنِ وَعَلَى انْتِهاکِ حُرْمَةِ الرَّسولِ يَعُزُّ عَلَى جَدِّکَ وَأبيکَ أنْ تَدْعُوهُمْ ، فَلا يُجيبونَکَ ، وَتَسْتَغيثُ بِهِمْ فَلا يُغيثونَکَ .

ثمَّ أخذَ بكفّهِ منْ دمِهِ الطاهرِ ورمى بهِ نحوَ السَّماءِ فلمْ يسقطْ منهُ قطرةً ! وفي هذا جاءتْ زيارتُهُ :

«بِأبي أنْتَ وَاُمِّي مِنْ مَذْبوحٍ وَمَقْتولٍ مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ ، بِأبي أنْتَ وَاُمِّي دَمُکَ المُرْتَقَى بِهِ إلَى حَبيبِ اللهِ، بِأبي أنْتَ وَاُمِّي مِنْ مُقَدَّمٍ بَيْنَ يَدَيْ أبيکَ يَحْتَسِبُکَ وَيَبْكي عَلَيْکَ مُحْتَرِقآ عَلَيْکَ قَلْبُهُ يَرْفَعُ دَمَکَ إلَى عَنانِ السَّماءِ لا يَرْجَعُ مِنْهُ قَطْرَةٌ وَلا تَسْكُنُ عَلَيْکَ مِنْ أبيکَ زَفْرَةٌ »!

وأمرَ فتيانَهُ أنْ يحملوهُ إلى الخيمةِ فجاؤوا بهِ إلى الفُسطاطِ الذي يقاتلونَ أمامَهُ .

وحرائرُ بيتِ الوحيِ ينظرنَ إليهِ محمولا قدْ جلّلتهُ الدماءُ بمطارفِ العزِّ حمراءَ، وقدْ وَزّعَ جثمانَهُ الضربُ والطعنُ فاستقبلْنهُ بصدورٍ داميةٍ وشعورٍ منشورةٍ وعَولَةٍ تصکُّ سمعَ الملكوتِ ، وأمامَهنَّ عقيلةُ بني هاشمٍ «زينبٌ الكبرى » ابنةُ فاطمةٍ بنتُ رسولِ اللهِ 9 صارخةً نادبةً فألقتْ بنفسِها عليهِ ، تضمُّ إليها جمامَ نفسِها الذاهبَ ، وحمى خِدرِها المنثلمِ ، وعمادَ بيتها المنهدمِ .

لهفي على عقائلِ الرسالةْ لمّا رأينهُ بتلکَ الحالةْ

علا نحيبهنَّ والصياحُ فاندهشَ العقولُ والأرواحُ

ناحتْ على كفيلها العقائلُ والمُكرماتُ الغُرُّ والفضائلُ


لهفي لها إذْ تَندبُ الرَّسولا فكادتِ الجبالُ أنْ تَزولا[2]



ugd~ hgH;fv sghl hggi ugdi hgH;fv sghl ugdi



توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس