عرض مشاركة واحدة
قديم 2012/11/18, 11:41 PM   #1
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
جرائم بني العباس


إليك نموذجاً مصغّراً لما فعلته هذه الدولة وما ارتكبته من الجرائم الفظيعة منذ بدء حكومتها إلى انتهائها، فهذا أبو العبّاس السفّاح (لُقّب بهذا اللقب لكثرة سفكه الدماء) لمّا تربّع على دست الخلافة وجلس على منصّة الحكم وانقادت إليه أزمة الأمور، قال المقريزي في النـزاع والتخاصم: فكان أوّل ما فعله أن ولّى ابن أخيه إبراهيم بن يحيى بن محمد بن علي بن عبد الله سنة ثلاث وثلاثين ومائة الموصل، فدخلها في اثني عشر ألفاً، فأوّل ما بدأ به أن دعا أهل الموصل فقتل منهم اثني عشر رجلاً، فنفر أهل البلد وحملوا السلاح، فنادى: من دخل الجامع فهو آمن، فأتاه الناس يهرعون إليه، فأقام الرجال على أبواب الجامع وقتل الناس فيه قتلاً ذريعاً تجاوز فيه الحدّ وأسرف في المقدار، فيقال أنّه قتل أحد عشر ألف إنسان ممّن له خاتم، سوى من ليس في يده خاتم وهم عدد كثير، بحيث لم ينجُ من رجال الموصل ـ مع كثرتهم ـ إلاّ نحو أربعماءة رجل صدموا الجند فأفرجوا لهم، فلما كان الليل سمع صراخ النساء اللاتي قتل رجالهنّ، فأمر من الغد بقتلهنّ، فأقام رجاله ثلاثة أيام يقتلون النساء والصبيان، وكان في عسكره قائد معه أربعة آلاف عبد زنجيّ فأخذوا النساء قهراً، فلمّا فرغ إبراهيم من قتل الناس في اليوم الثالث ركب في اليوم الرابع وبين يديه الحراب والسيوف المسلولة فأخذت إمرأة بزمام دابّته فأراد أصحابه قتلها فكفّهم عنها، فقالت له: ألستَ من بني هاشم؟ ألست ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ أما تأنف للعربيّات المسلمات أن ينكحهنّ الزنوج؟ فلم يُجبها وبعث معها من بلّغها مأمنها، ثمّ جمع من الغد الزنوج للعطاء وقتلهم عن آخرهم، فكانت هذه فعلة لم نسمع بأقبح منها إلاّ ما كان من السفّاح.(2) ولعمري لقد فاق فرعون في فساده وأربى عليه في عتوّه وعناده، وإنّ السفّاح بما فعله ابن أخيه قد صار يسوم أمّة محمد (صلى الله عليه وآله) من سوء العذاب أشدّ وأقبح ما كان فرعون يسوم بني إسرائيل منه، فكيف بها إذا ضمّت مع ما حكاه البلاذريّ قال: كان أبو العبّاس ـ يعني السفّاح ـ يسمع الغناء، فإذا قال للمغنّي: أحسنت! لم ينصرف من عنده إلاّ بجائزة وكسوة، فقيل له: إنّ الخلافة جليلة، فلو حجبت عنك من يشاهدك على النبيذ، فاحتجب عنهم وكانت صلاته قائمة لهم، فأين هذا من هدى النبوّة وسيرة أئمّة الهدى فما أبعده عن هداهم، ولله درّ القائل:
نزلوا بمكّة في قبائل نوفل ونزلتَ بالبيداء أبعد منـزلِ
لا يفترق العبّاسيّون عن بني أميّة في شيء، لا في الظلم والقسوة، ولا في الفسوق والفجور، ولا في الاستهتار والزندقة، فالغاية واحدة عند الجميع، وهي الانتفاع والاستقلال، والمبدأ واحد وهو اللامبالاة بالدين والقيم، فالكلّ ركب متون الأهواء وسلك طريق الضلال، من قطع الرؤوس، ونصب المشانق، وهدم الدور على الأحياء، وما إبراهيم وأخوه السفّاح إلا كمعاوية، وما المنصور والرشيد إلاّ كهشام، وما المتوكّل إلا كيزيد بن معاوية، فلقد عرفنا حاكمين يتّخذون من القتل وسيلة لتوطيد سلطانهم، أو لحفظ الأمن بزعمهم، أمّا من ذكرناه من الأمويّين وسنذكره من العبّاسيّين فقد كان يقتل لا لسبب إلاّ بدافع من الغدر والاسراف في القتل.
حين ضاق الناس ذرعاً بالأمويّين، وبلغ الاستياء ذروته من سياستهم، أرسل إبراهيم الإمام ـ أخو السفّاح ـ أبا مسلم الخراسانّي إلى خراسان وقال له فيما قال: احفظ وصيّتي: انظر هذا الحيّ من اليمن فأكرمهم واسكن بين أظهرهم، فإنّ الله لا يتمّ هذا الأمر إلاّ بهم، واتّهم ربيعة في أمرهم، وأمّا مضر فإنّهم العدو القريب الدار، واقتل مَن شككتَ فيه، وإن استطعت ألاّ تدع بخراسان من يتكلّم بالعربية فافعل، وأيّما غلام بلغ خمسة أشبار تتّهمه فاقتله!...(3)
وبعد أن نقل المقريزي هذا الكلام من كتاب (النـزاع والتخاصم) قال معقّباً: (فأين ـ أعزّك الله ـ هذه الوصيّة من وصايا الخلفاء الراشدين لعمّالهم، وتالله لو توجّه أبرّ مسلم إلى أرض الحرب ليغزو أهل الشرك بالله لما جاز أن يُوصي بهذا، فكيف وإنّما توجّه إلى دار الإسلام وقتال أبناء المهاجرين والأنصار وغيرهم من العرب، لينتزع من أيديهم ما فتحه آباؤهم من أرض الشرك، ليتّخذوا مال الله دولاً، وعبيده خولاً؟! وقد عمل أبو مسلم بوصيّة إبراهيم.(4)
وأيّ فرق بين قول إبراهيم العبّاسّي: (واقتُل من شككتَ فيه) وقول معاوية الأمويّ حين كتب إلى عماله: (انظروا من اتّهمتموه بموالاة أهل البيت فنكّلوا به واهدموا داره).



[vhzl fkd hgufhs



توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس