عرض مشاركة واحدة
قديم 2012/11/29, 09:04 AM   #7
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي

البحث الثالث
الزواج عند القبائل القديمة


قدم لنا ديورانت في كتابه القيم قصة الحضارة صور عن تقاليد الزواج عند الشعوب والقبائل القديمة.
فعند قبيلة «أورانج ساكاي» Orang Sakai في ملقا كانت المرأة تعاشر كل رجل من رجال القبيلة حيناً، حتى إذا ما أتمّت الدورة بدأت من جديد.
وعند قبيلة «ياكوت» Yakuts في سيبيريا وقبيلة «بوتوكودو» Botocudos في جنوب أفريقيا، والطبقات الدنيا في التبت، وكثير غير هذه من الشعوب، كان الزواج تجريبياً خالصاً بمعنى أن كلاً من الزوجين له الحق في فضّ العلاقة إذا شاء وبغير أن يبدي لذلك سبباً أو يطالب بالسبب.
وعند قبيلة «بوشمن» يكفي أقل خلاف بين الزوجين لانحلال الزوجية، ولا يلبث الزوجان أن يجد كل منهما زوجاً آخر.
وعند قبيلة Damatvas فيما يروي سير فرانسز جولتن: يتبدل الزوج مرة كل أسبوع تقريباً، وقلما استطعتُ أن أعرف إلا بعد استقصاء وبحث من ذا كان زوجاً مؤقتاً لهذه السيدة أو تلك في وقت معين، وكذلك في قبيلة «بايلا» ينتقل النساء من رجل إلى رجل ويتركن زوجاً لينتقلن إلى زوج آخر بمحض اختيارهن؛ والفتيات اللائي كدن لا يجاوزن العشرين، تجد للواحدة منهن في كثير من الحالات أربعة أزواج أو خمسة كلهم أحياء.
وكلمة الزواج في هواي معناها في الأصل «تجربة» وقد كان الزواج في تاهيتي منذ قرن حراً من القيود وينحل لغير سبب ما دام الزوجان لم ينسلا، أما إن أنجبا طفلاً فلهما أن يقتلوه دون أن يقع عليهما لوم من المجتمع، أو هما يقومان على تربيته وبذلك يبدءان حياة دائمة الصلات، بحيث يتعهد الرجل للمرأة أن يعولها في مقابل رعايتها للطفل التي أخذتها الآن على عاتقها.
وكتب ماركو بولو عن قبيلة في آسيا الوسطى، كانت تسكن إقليم بين Peyn، وهي تعرف الآن باسم كيريا Keriya في القرن الثالث عشر، يقول: إذا سافر رجل متزوج بحيث بعد عن بلده ليغيب في رحلته عشرين يوماً، فلزوجته الحق - إذا شاءت - أن تتزوج من رجل آخر؛ والمبدأ صحيح كذلك بالنسبة للرجال، فيتزوجون حيث أقاموا وهكذا ترى الأساليب الجديدة التي أدخلناها في زواجنا وأخلاقنا حديثاً قديمة في أصلها.
يقول «لِتُرو Letourreau» عن الزواج: «لقد جُرّبت كل صورة من صور الزواج مما يتفق مع طول بقاء المجتمعات الهمجية والوحشية، ولا يزال بعضها اليوم قائماً لدى أجناس مختلفة، دون أن يطوف بأذهان أهلها أية فكرة من الأفكار الخلقية التي تسود أوروبا عادةً. فهناك تجارب أجريت في العلاقة بين الزوجين إلى جانب التجارب التي أجريت لاختبار مدة الزواج؛ ففي حالات قليلة نرى (زواجاً جماعياً) بمعنى أن تتزوج طائفة من رجال ينتمون إلى جماعة من طائفة من النساء تنتمين إلى جماعة أخرى، بحيث يكون الزواج جمعياً بين الطائفتين؛ وفي التبت مثلاً كانت العادة أن تتزوج طائفة من الأشقاء طائفة من الشقيقات، بحيث تقدم الشيوعية الجنسية بين الطائفتين، لكل رجل أن يعاشر كل امرأة».
وعن تعدد الزوجات يقول ديورانت: ولا شك أن تعدد الزوجات لاءم حاجة المجتمع البدائي في ذلك الصدد أتم ملاءمة، لأن النساء فيه يزدن عدداً على الرجال؛ وقد كان لتعدد الزوجات فضلٌ في تحسين النسل أعظم من فضل الزواج من واحدة الذي نأخذ به اليوم لأنه بينما نرى أقدر الرجال وأحكمهم في العصر الحديث هم الذين يتأخر بهم الزواج عن سواهم، وهم الذين لا ينسلون إلا أقل عدد من الأبناء ترى العكس في قلل تعدد الزوجات الذي يتيح لاقٌدر الرجال أن يظفروا - على الأرجح - بخير النساء، أن ينسلوا أكثر الأبناء، ولهذا استطاع تعدد الزوجات أن يطول بقاؤه بين الشعوب الفطرية كلها تقريباً، بل بين معظم جماعات الإنسان المتحضر، ولم يبدأ في الزوال في بلاد الشرق إلا في عصرنا الحاضر.
وعن وجوب الزواج في القبائل البدائية يقول: ومهما يكن أمر الصورة التي يتخذها الزواج فقد كان إجباراً بين الشعوب البدائية كلها تقريباً، ولم يكن للرجل الأعزب منزلة في المجتمع، أو عدّ مساوياً لنصف رجل فحسب، كذلك كان إجباراً على الرجل أن يتزوج من غير عشيرته، ولسنا ندري إن كانت هذه العادة قد نشأت لأن العقل البدائي داخله الشك فيما يترتب على زواج الأقارب من سوء النتائج أو لأن التصاهر بين الجماعات أوجد تحالفاً سياسياً مفيداً بينها، أو زاد هذا التحالف قوة إن كان موجوداً بالفعل، وبهذا زاد التنظيم الاجتماعي تقدماً وقلل من أخطار الحروب.
ثم يتطرق إلى طبيعة الزواج في مرحلة سيطرة الأم: فكيف كان يتاح للرجل أن يظفر بزوجته من قبيلة أخرى، لما كانت الأسرة التي ترأسها الأم هي النظام السائد، كان يطلب إلى الزوج في كثير من الحالات أن يعيش مع عشيرة المرأة التي أراد زواجها؛ فلما تطور نظام الأسرة الأبوية، سمح للخطيب أن يأخذ عروسه إلى عشيرته، على شرط أن يقيم فترة معلومة قبل ذلك في خدمة أبيها، فمثلاً خدم يعقوب لابان في سبيل زواجه من «ليمه» و«راشيل» لكن الخطيب كان أحياناً يقتصر الأمر باصطناعته للقوة الصريحة الغاشمة؛ وكان من حسنات الرجل وميزاته أن يأخذ زوجته من أهلها قسراً، فذلك يجعل منها أمة رخيصة من جهة، كما يستولدها عبيداً من جهة أخرى، وهي إذا ما ولدت له هؤلاء الأطفال العبيد، ازدادت بعبوديتها له صلةً وربطاً، ومثل هذا الزواج الذي يتم بطريق الاغتصاب لم يكن القاعدة الشاملة، لكنه كان يقع في العالم البدائي حيناً بعد حين.
ثم يتحدث عن نوع آخر من الزواج: والزواج بالشراء يسود أصقاع أفريقيا جميعاً وهو النظام المألوف في الصين واليابان، وكان شائعاً في الهند القديمة وعند اليهود القدماء وفي أمريكا الوسطى قبل عهد كولمبس وفي بيرو، بل لا تزال أمثلة منه في أوروبا اليوم وهو تطور طبيعي لنظام الأسرة الأبوية، لأن الوالد يملك ابنته، وفي وسعه أن يتصرف فيها بما يراه مناسباً لا يحدد حقه في هذا إلا حدود ضئيلة، ويعبر عن هذا هنود (أورنوكو) بقولهم إن الخطيب يجب عليه أن يدفع للوالد ثمن تربيته لفتاة سينتفع بها هو ويحدث أحياناً أن تعرض الفتاة في معرض للعرائس أمام جماعة من الرجال قد يكون منهم لها خطيب؛ وكذلك من عادة أهل الصومال أن يزينوا العروس أفخر الزينة، ويعرضوها على ظهر جواد أو ماشية على قدميها في جو يفوح بالعطور لعلها تثير الخطّاب فيدفعوا فيها ثمناً أعلى.

  • الحياة قبل الزواج:
ثم يتحدث عن الحياة قبل الزواج: عند الهنود في أمريكا الشمالية، يتصل الشبان بالشابات اتصالاً حراً دون أن يكون ذلك عائقاً للزواج، وكذلك عند قبيلة بابوا في غينيا الجديدة تبدأ الحياة الجنسية في سن مبكرة جداً والقاعدة قبل الزواج هي الشيوعية الجنسية وكذلك توجد مثل هذه الحرية قبل الزواج في قبيلة «السويوت» Soyots واليوشمن في أفريقيا؛ وقبائل نيجيريا وأوغندا وجورجيا الجديدة وجزائر مري وجزائر اندمان وتاهيتي وبولينزيا وأسام وغيرها.

  • الطلاق عند الشعوب البدائية:
ويقول ديورانت: وكان الوفاء الزوجي أيسر على أهل «بابوا» لأنهم كمعظم الشعوب البدائية لا يقيمون إلا قليلاً من الطوائف التي تعوق الزوج عن طلاق زوجته، حتى أن الاتحاد الزوجي أوشك ألا يزيد بين الهنود الأمريكيين على عدد قليل من السنين؛ ويقول في ذلك «سكولكرافت» SchoolCraft: إن نسبة كبيرة من الرجال الكهول أو الشيوخ، قد اتصلت بزوجات كثيرة حتى أن هؤلاء ليجهلون أبناءهم المنتشرين في أرجاء إقليمهم.. كان الطلاق عملية لا تتفق وقواعد الاقتصاد في رأي الرجل، لأن طلاق الزوجة معناه في حقيقة الأمر تفريط في أمة تعود على سيدها بالربح ولما أصبحت الأسرة هي نواة الإنتاج في المجتمع، تحرث الأرض وترعاها بالتعاون ازدادت ثراء كلما ازدادت نفراً وتماسكاً على فرض المساواة في سائر الظروف بينها وبين ما هو أصغر منها في الأسرة؛ وتبين للناس ما هو في صالح المجتمع من أن الرابطة الزوجية ينبغي أن تدوم بين الزوجين حتى يفرغا من تربية أصغر الأبناء.. ولم يعد الطلاق إلى اتساع نطاقه من جديد إلا بعد انتقال الإنسان إلى الصناعة في المدن، وما تبع ذلك من ضعف لعدد أفراد الأسرة وقلة في خطرها.

  • الأمومة، والأطفال:
ثم يقول: ويمكن القول بصفة عامة أن الرجال خلال عصور التاريخ كلها أحبوا كثرة الأطفال؛ ولذا جعلوا الأمومة مقدسة؛ بينما النساء اللاتي يقاسين مرارة النسل قد اضطربت في أنفسهن ثورة خفية على هذا التكليف الثقيل، فاستخدمن ما لا عدد له من الوسائل ليتخففن من أعباء الأمومة؛ فالرجال البدائيون لا يأبهون عادة لعدد السكان أن يزيد على غير تحديد، لأن الأبناء مربحون لهم في ظروف الحياة السوية، ولئن أسف الرجل على شيء فذاك أنه يستحيل عليه أن يستولد امرأته البنين بغير البنات؛ أما المرأة فتقابل هذا من ناحيتها بالإجهاض ووأد الأطفال وضبط النسل.. فحتى هذا الأخير يحدث آناً بعد آن في الشعوب البدائية.


توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس