عرض مشاركة واحدة
قديم 2012/11/29, 06:33 PM   #12
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي




( تانا بولينغ )

البطاقة الشخصية
مولده ونشأته : الأخت تانيا المانية الأصل ، تشرفت عام 1999م بإعتناق الدين الإسلامي الحنيف المتمثّل بخط أهل البيت (ع) متحوّلة من الديانة المسيحية في عمر ناهز الإثنين وعشرين عاماًً ، بعد مدّة طوتها ـ حسب قولها ـ في الضياع وجهل الذات إلى أنّ أخذ الله بيدها وإنتشلها من قعر الظلمات ليرفعها إلى حيث سناء النور.

مرحلة الضياع الفكري : كانت الأخت تعيش في أجواء تصفها بنفسها : كنّا يومئذ نعيش سوية بعضنا إلى جنب بعض ، لكن بحالة لايبالي فيها أحدنا بالآخر ، وكان الكل يحيا لنفسه ومن أجل نفسه ، إذ كنا نتقاسم سوية الوحدة والعزلة ، ولعلّي لا أغالي إن قلت : أنّ أحدنا لم يكن يعيش حتى مع ذاته التي هجرها ، ولم نكن نمعن النظر حتى في مستقبلنا! ، بل لم يجرء أحد على سؤال نفسه : لماذا أحيا؟ ولماذا ولدت؟ ومن أين جئت؟ وإلى أين المصير؟ ، فكان الكل يهيم على وجهه في طرقات ومنعطفات مظلمة لايلوي على شئ ، وكنّا جميعاًًًً نتسكّع في أزقة الحياة الغوغائية ، ولأنفكر في مأوى أو دار هنيئة ، وهكذا أمضينا حياتنا في ضياع الغايات ، وضياع الأخلاق والعقيدة والمعنويات.

أسباب ترك الدين في الغرب : كان هذا الأمر في أوائل ردّة الفعل التي حدثت في الغرب آزاء الدين ، نتيجة لتصرفات رجال الكنيسة ، ونتيجة وقوع التحريف في الديانة المسيحية التي فشلت في أداء مهامها ودورها في حياة الفرد والمجتمع المسيحي ، فإنّ رجال الكنيسة وضعوا لمجتمعاتهم قوانين وتشريعات جعلت ديانة المسيح أكثر الأديان السماوية والوضعية تعقيداًً ، وعلى خلاف ما جاء به عيسى (ع) الذي قدمها ببساطة.
وظنّ علماء المسيحيّة أنّهم بذلك قد أسسوا بنياناً فكرياً صالحاًًً لتنظيم حياة الإنسان الفردية والإجتماعية ، لكن بمجرد أنّ وضعت هذه النظريات موضع التنفيذ لم يستقم أمرها فإضطربت وتعثّرت ، ولم يكن من الممكن أن تعيش هذه التعاليم والمبادئ في أرض الواقع ، وكان ثمرتها حصاد الفشل الذريع والوقوع في الكوارث المريرة ، التي أدت إلى نشوء ردود فعل معاكسة آزاءها ، بل آزاء الدين بالكامل ، مما جعل الغرب يعيش حالات الضياع نتيجة رفضه للدين بصورة عامة.

وتقول الأخت تانيا : كان يعيش أكثر من 50% من الناس ، وأكثر من 60 % من الشباب والشابات في منطقتنا حالة الوحدة ، رغم علاقات الصداقة والرفقة والصلات العائلية والأسرية الظاهرية ، بل أنّ جميع الصلات الإنسانية في شكلها المادي والظاهري من قبيل الترفيه واللهو واللعب وغيرها ، كان لايطيقها هؤلاء إلاّّ لبضع ساعات من ليلهم ونهارهم ، فيما يمضون ماتبقى من عمرهم في غرفة أو شقة منزوين عن الآخرين.

بدء الرحلة من الظلمات إلى النور : عاشت الأخت تانيا عشرين عاماًً في مثل هذه الأجواء ، حتى عثرت بفضل الإسلام الأصيل المتمثل بمذهب أهل البيت (ع) على ذاتها التي فقدتها طيلة هذه المدّة ، فتعرفت على ربّها بعد أن كانت عنه غريبة.

وكان بدء قصة رحلتها من الظلمات إلى النور : أنّها إلتقت صدفة في سوق مدينة " هامبورغ " بفتاة مسلمة محجبة ، وكانت يومذاك في رفقة عدد من أصدقائها ، وتصف الأخت : تانيا هذه الحادثة بقولها : إنني كنت ذلك الحين طائشة كما هو ديدن آية فتاة شابة المانية ، فسخرت من حجاب تلك المرأة وحقّرتها لأجل حجابها ، فقلت لتلك الفتاة : أيّ مرض ألم بك فجعلك تغطين جسدك بهذه الصورة؟ ، فردت الفتاة المحجبة عليَّ بهدوء وإتزان موحي بالتأمل العميق الذي يدعو إلى الإيمان الواعي المرتكز على الحجة والبرهان ، ودخلت معي في حوار أكّدت لي فيه ، أنّ الستر وحفظ حياء وعفة المرأة دليل على سلامة نفسها ، وأنّ الحجاب يمنح المرأة حرية معنوية يمكنها من صيانة أمنها الإجتماعي، فيما التعري أمر يخالف الفطرة.

وتقول تانيا : لكنني رفضت كلامها جملة وتفصيلاً! ثم إنطلقت مع رفاقي إلى شؤوني ، لكنّني بقيت أفكّر لفترة بمنطق تلك الفتاة المحجبة وثقتها بنفسها ، وحرصها على مبادئها ، وسعة إطلاعها ، حتى سنحت لي فرصة دفعني خلالها حبّ الإستطاع أن أذهب إلى مسجد الإمام عليّ (ع) في " هامبورغ " ، فتحدثت وتحاورت مع عدد من المسلمين الشيعة الذين إجتمعوا هناك وكانوا من شعوب مختلفة ، فلاحظت فيهم المنطق وقوّة الدليل ، فقوّيت صلتي مع عدد منهم لأتعرف على الحقائق التي كنت أجهلها من قبل ، وبالتدريج أخذ عقلي وروحي يستسلمان وينقادان لأفكارهم وعقائدهم ، حتى وصلت بي الحالة أن بدأت أشعر كأنني مسلمة مثلهأولا أختلف عنهم في شي.

المستشرقون وتشويه الإسلام : كان من حسن حظ الأخت تانيا أنّها تعرفت على الإسلام بصورة مباشرة ، ولم تتعرف على الإسلام عبر المسيحية التي حاولت إختراق الفكر الإسلامي بإتخاذ نهج التشكيك والمغالطة وتشويه الحقائق والإفتراء ، لتحريف التاريخ الإسلامي وتشويه مبادئه وثقافته وإعطاء المعلومات المغلوطة عنه تحت عنوان الإستشراق.
فإنّ ما كتبه المستشرقون من دراسات وما قاموا به من رحلات يحتاج إلى قدر كبير من الحيطة والحذر فأكثر هذه الإنجازات لم تكن تتسم بصفة الموضوعية ، حيث جاء المستشرقون بأفكار مسبّقة وإنطباعات ذهنية شاذّة عن الإسلام والمسلمين ، فطبقوها بشكل لايخلو من التعسف والتعنت ، فضلاً عن أنّهم لم يعايشوا ما كتبوه عن المسلمين ، ولذا غابت عنهم الحقيقة ووقفوا عند ظواهر الأمور.

والمستشرقون تدخلوا بآرائهم وأهوائهم الخاصة ، ففسروا الحوادث وناقشوا النصوص وحلّلوا القضايا علي ضوء ذلك ، وقد آلوا على الإسلام من نافذتهم ، وألقوا عليه ظلالهم لتغيير معالمه الأصيلة ، ولذلك خلطوا بين الإسلام كدين قويم وبين الوضع المتردي للمسلمين ، فحكم بعضهم ـ مثل كيسلنج ـ على الإسلام بأنه دين ميّت!.
وإنّ هذا الإنطباع الذي حملته ذهنية المستشرقين نابع من التعصب الشديد ضد الإسلام ، إذ لايشك المتأمل في الإرتباط بين الإستشراق والتنصير هو إرتباط جذري ، ألا إنّ الفرق بينهما هو إنّ الإستشراق إتخذ صورة البحث والتحقيق العلمي ، في حين أنّ التنصير إتخذ المظهر الإنساني المرتبط بالله ـ حسب النظرية المسيحية ـ فمراحل الإستشراق لم تكن خالية من الرهبان والقسس ، ولم تكن منفصلة عن رعاية الكنيسة! ، حيث أنشأوا المراكز والمعاهد لأجل ذلك وفق خطّةٌ منهجية ومبرمجة كان الغرض منها توظيف العقيدة والتاريخ والثقافة و ... الإسلامية لخدمة أغراضهم المشبوهة ، فماذا ينتظر من أناس يحملون هذه الأفكار ، عندما يعرضون ديننا على العالم!!.

ولكن رغم هذا الكم الهائل من التيارات المعاكسة التي واجهها الإسلام ، إخترق الكثير من المسيحيين هذا الحاجز ، لأنّهم واجهوا في أذهانهم أسئلة حائرة تحتاج إلى جواب مقنع لم تمنحها النصرانية فصل الخطاب ، وكان الإسلام هو المنقذ لمثل هذه النفوس.

القيم الإسلامية الرائعة : تقول الأخت تانيا : وممّا إستحوذ على إهتمامي في الإسلام ، هو العلاقة المعنوية للمسلمين مع ربّهم ، وعلاقتهم الصميمية فيما بينهم وأفراد أسرهم وتوادهم ، ووجود الهدفية في الحياة عندهم ، وتضامنهم الذي لايعرف حدوداً ، سواء على الصعيد العنصري أو القومي أو الإنتماء الجغرافي ، إضافة إلى تمسكهم بدينهم وإعتقادهم الراسخ بالقضايا العقائدية.

وتضيف الأخت : إنّ المسلمين أخذوا هذه الأمور من الإسلام نفسه ، وهم يمارسون حياتهم اليومية إلى حد ما وفق ذلك ، وبالطبع فإنني لو كنت قد إلتقيت بمسلمين غرباء عن دينهم وإسلامهم لما كنت قد ركنت إلى الإسلام.

دور أهل البيت (ع) في صيانة الإسلام : قد نشأت في نفسية إلاُّخت تانيا جاذبية فائقة إلى مطالعة الكتب الفكرية والعقائدية للإسلام ، فقرأت القرآن أولاًً ، ثم أحاديث الرسول وأهل بيته (ع) وكان في مطالعتها لأحاديث أهل البيت (ع) دوراًً كبيراًً لتنمية رصيدها الإيماني ، وإستيقاظ عقلها وقلبها وإشراق وجهها بنور الإيمان ، وذلك لما تمثّل هذه الأحاديث من مدرسة فكرية تعتني بالبناء الفكري الذي طرحه أئمة أهل البيت (ع) بكل صدّق وإخلاص وعمق ودراية ، لمعالجة مشاكل الإنسان وتعميق وعيه الديني ، فكان هدف مدرسة أئمة أهل البيت (ع) الفكرية ، توعية القاعدة الشعبية بالفكر الإسلامي الأصيل ، من أجل تهيئة الفرد المسلم لتحمّل المسؤولية.

ومن هنا تصدى أهل البيت (ع) لتبيين حقائق القرآن الكريم ونشر علوم الشريعة ، فحفظوا بذلك للأُمة الإسلامية تراثها من الضياع ، ورسموا معالم المنهج الإلهي الذي أرسى دعائمه رسول الله (ص) قولاً وعملاً.
ولولا جهود أئمة أهل البيت (ع) لضاع الكثير من الأحاديث ، وإندرست معالم جانب كبير ومهم من الشريعة ، نتيجة تلاعب أيدي حكام الجور الذين تولّوا الخلافة ، ولكن شاءت الحكمة الإلهية أن تضع حفظة للشريعة لصيانة التراث على مر العصور وإيصاله إلى الأجيال القادمة ، ولتكون الأمة على بيّنة من دينها ، ولهذا نجد أنّ التراث الفكري الذي حافظ عليه أئمة أهل البيت (ع) ساهم في بناء حضارة فكرية إسلامية متكاملة منسجمة مع فطرة الإنسان ، بحيث إرتوت منها النفوس المتعطشة التي تبحث عن السعادة والكمال كما حصل مع الأخت تانيا ، فإنها وجدت في ظل هذه التعاليم إلاّ من والسكينة الروحية التي كانت تفقدها من قبل.

وقد وصفت حالتها بعد إعتناقها لمذهب أهل البيت (ع) قائلة : إنني إكتسبت من القرآن وأحاديث الرسول وأهل البيت (ع) كل ما يتمناه المرء في دينه ، ولو أنّني فقدت وخسرت كلّ شيء في حالة إسلامي! ، لكنني في مقابل ذلك وجدت نفسي وكسبت ذاتي ، فقد كنت أجد كل شئ إلاّّّ الله! ومع ذلك كنت أشعر بالضياع والحيرة.
واليوم وبعد أن عثرت على ذاتي التي فقدتها منذ عشرين عاماًً وعرفت ربّي الذي كنت عنه غريبة بالمرة ، حصلت على كل شئ ، بل وكل ما أريد بفضل الإسلام ، فحصلت على الحرية المعنوية ، كما حصلت على اخوة وأخوات في الله في كل مكان ، في هامبورغ والمانيا ، بل في العالم قاطبة ، والأهم من كل ذلك أنني عثرت فيما عثرت عليه رسالة الله إلى الإنسانية ، التي بعثها منذ قرون متمادية ، وعثرت عليها في خزانة كنوز التاريخ ، فأخذتها وكانت أعظم رأس مال في حياتي.
أجل لقد طويت ليل العشرين عاماًً من عمري عبر طلوع فجر يوم جديد ، بحيث منحتني شمس الإسلام الدفء ، وبعثت في نفسي النشاط والحيوية بعد سبات شتائي طويل إمتد لسنوات طوال ".
ثم تصف الأخت تانيا حالها مع الآخرين ولاسيما مع عائلتها بعد تشرفها بالإسلام قائلة : أما أنا فعلى الرغم ممّا أعيشه من وحدة ظاهرية ومشاكل كثيرة مع عائلتي بسبب تشرفي بالإسلام ، ألاّ إنني لازلت أعيش مع والدي ووالدتي ، وبالطبع كانت فيما بيننا طيلة هذه الفترة مساجلات ونقاشات عديدة ، لكنهما أدركا أنني جادة في إنتمائي للإسلام ، وهو ما قلل إلى حدّ كبير شدّة النزاعات فيما بيننا ، وأضحى والدي ووالدتي يستحسنان في واقع الأمر أخلاقي وشخصيتي الإسلامية على نحو هو أفضل مما كانت عليه تصرفاتي في السابق.

وبهذه العزيمة الراسخة والإرادة المتينه تمكّنت تانيا من إجتياز الكثير من العقبات التي إعترت طريقها إلى الإسلام ، وذلك بفضل إرتقاء مستواها الفكري الذي إكتسبته من معارف مدرسة أهل البيت (ع) فتمكنت من الصمود إمام التيارات المعاكسه ، وتثبت جدارتها في ميدان العمل لتكون نموذجاً لكل إنسان حر متمسّكاً بمبادئه لاتأخذه في الله لومة لائم.


توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس