عرض مشاركة واحدة
قديم 2012/12/04, 11:42 PM   #7
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي

من كرمه عليه السلام


روى الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه عن الحسن بن كثير قال:
شكوت إلى أبي جعفر محمد بن علي سلام الله عليهما الحاجة وجفاء الإخوان. فقال: «بئس الأخ أخ يرعاك غنياً ويقطعك فقيراً» ثم أمر غلامه فأخرج كيساً فيه سبعمائة درهم وقال: «استنفق هذه فإذا نفدت فاعلمني».

العصر العلمي


كان عصر الإمام سلام الله عليه يمثل الوجود العلمي لمدرسة أهل البيت سلام الله عليهم بكل ما تمثله الكلمة من معاني. فقد كان الإمام الخامس سلام الله عليه منهلاً لجميع المسلمين على اختلاف توجهاتهم الفكرية والتأريخية. وحتى أن الذين اختطوا لأنفسهم طريقاً جديداً بل غريباً عن روح الإسلام في الاستنباط والقياس وساروا على طريق موالاة ومداهنة السلطة الظالمة، استفادوا من فكر الإمام الباقر سلام الله عليه وأحاديثه الشرعية المتصلة بالسند الصحيح بجده رسول الله صلى الله عليه وآله. فـ «سفيان بن عُيينة» (ت 198 هـ) المشهور بمحدث مكة، و«أبو حنيفة» (ت 159 هـ) رائد مدرسة القياس التي حرمها أئمة أهل البيت سلام الله عليهم، و«سفيان الثوري» (ت 161 هـ)، انتهلوا كلهم من علوم الباقر سلام الله عليه بما ينفع مقاصدهم. وبكلمة، فإن الإمام سلام الله عليه كان رافداً عظيماً للعلم النبوي الشريف وعلوم التفسير وبيان الأحكام. وكان أيضاً صمام الأمان لفحص الانحرافات الشرعية وفضحها أمام الملاء بكل ما أوتي من قدرة بالغة في البيان والخطاب التكليفي المُلزم للافراد.
أما عُشّاق الولاية وخط الإسلام الأصيل كـ «أبان بن تغلب» (ت 141 هـ)، و «زرارة بن أعين» (ت 150 هـ)، و «محمد بن مسلم» (ت 150 هـ) فقد كانوا درعاً حصيناً لصيانة أحاديث محمد بن علي سلام الله عليه من مطبّات التزوير والتلفيق التي كانت السلطة الأموية جاهدة في ممارستها. وقد كان من ثمرات محافظتهم على تراث الإمام سلام الله عليه الفكري، أن وصل إلينا تراث أهل بيت النبوة سلام الله عليه بأمانة عبر الأجيال المتعاقبة.
وقد كان الإمام الباقر سلام الله عليه صريحاً في إعلان مهمته الشرعية في الحفاظ على الرسالة السماوية من خلال عرض نصوص في توضيح الأحكام والتفسير ونقل الأحاديث النبوية التي حاولت السلطات السياسية تحريفها. فكان له دور تأريخي على صعيد ربط زمان النبي صلى الله عليه وآله بالأزمان المتعاقبة بجسر من النصوص الشرعية التي تستطيع معالجة جميع مشاكل الحياة الإنسانية على وجه الأرض. فالإمام سلام الله عليه يخاطب أصحابه بالقول: «... انظروا أمرنا وما جاءكم عنا، فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقاً فردوه، وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شُرِحَ لنا...». وهذا النص يعكس مركزية القرآن المجيد في الأحكام الشرعية التي جاءت بها العترة الطاهرة. ويعكس أيضاً فكرة مفادها أن الدور الشرعي للعترة الذي صمّمه لها الخالق عز وجل إنما يصبّ في إطار التفاعل مع الكتاب المجيد وإدراك معانيه الواقعية في الخلق والتكوين والبعث والإنشاء والعدالة الاجتماعية وتوزيع الحقوق وفرض الواجبات الشرعية على الأفراد. فلا ريب أن نرى التلازم العقلي والشرعي بين القرآن الكريم والعترة المطهرة قائماً منذ بيعة الغدير وسيبقى قائماً ما دام البشر يعيشون على وجه هذه الأرض.
ولم يكن الجانب العلمي للإمام الباقر سلام الله عليه نظرياً بحتاً، بل كان – في الواقع – أخلاقياً تربوياً بالإضافة إلى نزعته الإلزامية التكليفية. فقد كانت أفكاره الفقهية التي تعبّر عن روح النص الشرعي، تنزع نحو التربية الأخلاقية وبناء الإلزام الذاتي عند الفرد. خصوصاً فيما يتعلق بتربية الذات كطلب العلم، والإيمان، والولاية، والصبر، والعفو، والرفق، والتواضع، والأخوة ونحوها من الصفات الأخلاقية التي تساهم بشكل حاسم وفعال في بناء ذات المؤمن على النقاء والطهارة والفهم النفسي الداخلي للأشياء الخارجية.
احتجاجه عليه السلام مع نافع

جاء في روضة الكافي بسنده عن أبي الربيع قال:
حججنا مع أبي جعفر الباقر سلام الله عليه في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك وكان معه نافع مولى عمر بن الخطاب فنظر نافع إلى أبي جعفر سلام الله عليه في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس فقال نافع لهشام من هذا الذي قد تداك عليه الناس فقال له هشام: هذا نبي أهل العراق محمد بن علي بن الحسين سلام الله عليه فقال نافع لأسألنه عن مسائل لا يجيب عنها إلا نبي أو وصي نبي. فقال هشام اذهب وأسأله لعلك تخجله. فجاء نافع حتى اتكأ على الناس وأشرف على أبي جعفر سلام الله عليه وقال يا محمد بن علي... أخبرني عن قول الله تعالى «أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهم». فما معنى هذا الرتق والفتق. فقال الباقر سلام الله عليه أن الله سبحانه لما أهبط آدم إلى الأرض كانت السماء رتقاً. أي لا تنزل المطر وكانت الأرض رتقاً. أي لا تنبت شيئاً فلما تاب الله على آدم فتق السماء بالمطر وفتق الأرض بالنبات والزرع. فقال نافع صدقت يا أبا جعفر. وأخيراً قال نافع بقيت عندي مسألة فقال الباقر سلام الله عليه وما هي؟ فقال نافع أخبرني عن الله سبحانه متى كان؟ أي متى وجد؟ فقال الباقر سلام الله عليه ويلك ومتى لم يكن حتى أخبرك متى كان. ان الله أزلي أبدي لم يزل ولا يزال فرداً صمداً لم يلد ولم يولد ولم يتخذ صاحبة ولم يكن له شريك ولا شبيه. ثم قال له الإمام الباقر سلام الله عليه يا نافع ما تقول في أهل النهروان قتلوا على حق أم على باطل؟ فان قلت قتلوا على باطل فقد إرتددت عن مذهبك وإن قلت قتلوا على حق فقد كفرت. فسكت نافع وانصرف عنه وهو يقول أنت والله أعلم الناس حقاً حقاً. ثم أتى إلى هشام فقال له هشام ما صنعت يا نافع؟ قال دعني من كلامك هذا والله أعلم الناس حقاً وهو ابن رسول الله صلى الله عليه وآله حقاً ويحقّ لأصحابه أن يتخذوه نبياً.


توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس