عرض مشاركة واحدة
قديم 2016/05/28, 03:38 PM   #96
أبو زينب اليمني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 4529
تاريخ التسجيل: 2016/04/22
المشاركات: 1,034
أبو زينب اليمني غير متواجد حالياً
المستوى : أبو زينب اليمني is on a distinguished road




عرض البوم صور أبو زينب اليمني
افتراضي

المشهور في الوسط الإسلامي أن المعتزلة هم رواد المدرسة العقلية، والعقل عندهم سيد الحكماء ! وله اليد الطولى، إلى درجة أنهم إذا وجدوا نصا شرعيا يتعارض وعقولهم لجأوا إلى تأويلات واجتهادات شتى، صائبة أحيانا، وخاطئة أحيانا أخرى.
ولكن ما يدعو إلى العجب، أن هؤلاء المعتزلة، رواد المدرسة العقلية، أصحاب المنهج العقلي البحت، فقدوا عقولهم عندما قاموا بتأويل آية الولاية ، وتناسوا تماما الأصل الأصيل عندهم، وهو العقل، حيث إنهم لجأوا إلى خيال فلسفي عريض، وترف فكري لا حدود لمنتهاه !!.
وقبل سبر أغوار العبقرية الاعتزالية، نود أن نشير بصورة خاطفة إلى الجو العام في الآية الشريفة ؛
خلاصة المسألة أن (إنما) أداة قصر، تثبت الحكم للشيء وتنفيه عما عداه، هكذا تقول علوم اللسان العربي المبين؛
فالآية الشريفة أخبرتنا بأن الولاية مقصورة على ثلاثة أطراف منفية عمن عداهم، مقصورة على الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون.
بكلمات أخرى، مفهوم الآية هو ما يلي : نحيطكم علما أيها المسلمون أنه ليس لكم ولي إلا المذكورون في الاية :
( الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ).
ماذا صنع المعتزلة ؟!
بالمختصر المفيد، لقد فسروا ( وليكم ) بمعنى ناصركم ومحبكم ؛ وفسروا ( راكعون ) بمعنى خاضعون أو متواضعون أو ذليلون.... إلخ من المعاني التي ابتكروها.
فيكون المعنى وفق تفسيرهم هكذا : ( ما ناصركم ومحبكم أيها المسلمون إلا الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وحالهم الخضوع والتواضع والتذلل ....)
أو : ( ليس لكم أيها المسلمون ناصر ومحب إلا الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وصفتهم الخضوع، التواضع، التذلل ....).
هذا هوتفسير رواد المدرسة العقلية، فتعالوا ننظر إلى تفسيرهم من منظار عقلي.
إذا فعلنا ذلك فإن أول سؤال نواجهه هو : كيف يمكننا نحن المخاطبين في الآية، معرفة الخاضعين، المتواضعين، المتذللين، الذين أخبرنا الله بأنهم أنصارنا ومحبونا؟!.
وسألنا هذا السؤال لأنه لابد من معين ومحدد في الآية يمكن الركون إليه والاعتماد عليه ؛ فنحن نعرف الله عزوجل بصفته واسمه، ونعرف رسول الله بصفته واسمه ؛
فكيف، ياترى، نعرف الخاضعين، المتواضعين، المتذللين بصفتهم واسمائهم؟! كيف يمكننا ذلك؟!!.
الخضوع، التواضع، التذلل، وجميع المعاني التي ذكروها للركوع تعتبر أوصافا نفسانية، وهي غير كافية لتعيين وتحديد وتشخيص المقصود في الاية الكريمة.
هلا أخبرونا، هؤلاء المعتزلة، ما الأوصاف التي تمكنوا عن طريقها من معرفة الخاضعين، المتواضعين المتذللين وتمييزهم عن باقي المسلمين أكمل تمييز ؟!!!
هل يوجد عند المعتزلة أوصاف مخصوصة، جسمانية أو غيرها، استطاعوا من خلالها أن يعرفوا أولئك الخاضعين المتواضعين المتذللين ؟!!
سنكون ممتنين لهم إن دلونا على ذلك !!
لكنهم، في الحقيقة، لم يذكروا شيئا، لا إسما ولا وصفا، وكنا نأمل أن يفيدونا بتحديد بعض الأوصاف الخاصة ل (الخاضعين، المتواضعين، المتذللين) حتى نتمكن من معرفتهم وتمييزهم عن غيرهم، فليست معرفة الناصرين و المحبين حكرا على المعتزلة فقط.
كان ينبغي على المعتزلة أن يقدموا مزيدا من التفصيل والبيان، كأن يقولوا مثلا : للخاضعين، المتذللين، المتواضعين عيون عسلية، وألوانهم صفراء، فاقعة تسر الناظرين، مكتوب في جباههم اركعوا مع الراكعين، ومكتوب بين عينيهم اسجد واقترب....، وغيرها من الأوصاف المخصوصة التي يمكن أن يهتدي بها العقلاء إلى معرفة المقصود والمراد من كلام الناطقين باللسان العربي المبين.
المعتزلة، للأسف، فقدوا عقولهم في هذه المسألة فلم يفيدونا بشيء، وإنما جاءونا بتفسير جعل معنى الآية عسيرا، صعبا، لا يمكن، أبدا، أن تناله العقول أو يستوعبه أولوا الألباب !!.
المعتزلة في هذه الحال، أفسدوا معنى الآية تماما، وجعلوها بلا قيمة وبلا فائدة.... فتفسيرهم مردود عليهم.
وهكذا تجد عزيزي القارئ أن أصحاب المنهج العقلي، المشهورين بالعبقرية ، أصبحوا فجأة وبدون سابق إنذار، بلا عقول، أو قل : عقول كالجبال أظلها العجل والسامري.
هذه فقط مفسدة من مفاسد المخالفين، ولو ذكرنا بقية المفاسد لطال بنا المقام، و لكن ما ذكرناه، بخصوص الآية والمنهج العقلي الإعتزالي، كافيا للعقلاء، خصوصا أننا نعيش عصر السرعة !. ليس للآية الشريفة إلا معنى واحد، وهو في غاية الوضوح، ولكن كما قيل :
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وينكر الفم طعم الماء من سقم.
و صلى الله على محمد وآله الطاهرين.


رد مع اقتباس