حبر الأمة ، وفقيه العصر ، وإمام التفسير أبو العباس عبد
الله ، ابن عم رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- العباس بن عبد المطلب شيبة بن هاشم ، واسمه عمرو بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر القرشي الهاشمي المكي الأمير -رضي
الله عنه.
مولده بشعب بني هاشم قبل عام الهجرة بثلاث سنين .
صحب النبي -صلى
الله عليه وسلم- نحوا من ثلاثين شهرا ، وحدث عنه بجملة صالحة ، وعن عمر ، وعلي ، ومعاذ ، ووالده ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأبي سفيان صخر بن حرب ، وأبي ذر ، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت وخلق .
وقرأ على أبي ، وزيد .
قرأ عليه مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وطائفة .
روى عنه ; ابنه علي ، وابن أخيه عبد
الله بن معبد ، ومواليه ; عكرمة ، ومقسم ، وكريب ، وأبو معبد نافذ ، وأنس بن مالك ، وأبو الطفيل ، وأبو أمامة بن سهل ، وأخوه كثير بن العباس ، وعروة بن الزبير ، وعبيد
الله بن عبد
الله ، وطاوس ، وأبو الشعثاء جابر ، وعلي بن الحسين .
وسعيد بن جبير ، ومجاهد بن جبر ، والقاسم بن محمد ; وأبو صالح السمان ، وأبو رجاء العطاردي ، وأبو العالية ، وعبيد بن عمير ، وابنه عبد
الله ، وعطاء بن يسار ، وإبراهيم بن عبد
الله بن معبد ، وأربدة التميمي صاحب التفسير ، وأبو صالح باذام ، وطليق بن قيس الحنفي ، وعطاء بن أبي رباح ، والشعبي ، والحسن ، وابن سيرين ; ومحمد بن كعب القرظي ، وشهر بن حوشب ، وابن أبي مليكة ، وعمرو بن دينار ، وعبيد
الله بن أبي يزيد ، وأبو جمرة نصر بن عمران الضبعي ، والضحاك بن مزاحم ، وأبو الزبير المكي ، وبكر بن عبد
الله المزني ، وحبيب بن أبي ثابت ، وسعيد بن أبي الحسن ، وإسماعيل السدي ، وخلق سواهم .
وفي " التهذيب " : من الرواة عنه مائتان سوى ثلاثة أنفس . وأمه هي أم الفضل لبابة بنت الحارث بن حزن بن بجير الهلالية من هلال بن عامر .
وله جماعة أولاد ; أكبرهم العباس ، وبه كان يكنى ، وعلي أبو الخلفاء ، وهو أصغرهم ، والفضل ، ومحمد ، وعبيد
الله ، ولبابة ، وأسماء .
وكان وسيما ، جميلا ، مديد القامة ، مهيبا ، كامل العقل ، ذكي النفس ، من رجال الكمال .
وأولاده ; الفضل ، ومحمد ، وعبيد
الله ، ماتوا ولا عقب لهم . ولبابة ولها أولاد وعقب من زوجها علي بن عبد
الله بن جعفر بن أبي طالب ، وبنته الأخرى أسماء وكانت عند ابن عمها عبد
الله بن عبيد
الله بن العباس ، فولدت له حسنا ، وحسينا .
انتقل ابن
عباس مع أبويه إلى دار الهجرة سنة الفتح ، وقد أسلم قبل ذلك ، فإنه صح عنه أنه قال : كنت أنا وأمي من المستضعفين ; أنا من الولدان ، وأمي من النساء .
روى خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن
عباس ، قال : مسح النبي -صلى
الله عليه وسلم- رأسي ، ودعا لي بالحكمة .
قال أبو عبد
الله بن منده : أمه هي أم الفضل أخت أم المؤمنين ميمونة ، ولد قبل الهجرة بسنتين .
وكان أبيض ، طويلا ، مشربا صفرة ، جسيما ، وسيما ، صبيح الوجه ، له وفرة ، يخضب بالحناء ، دعا له النبي -صلى
الله عليه وسلم- بالحكمة .
قلت : وهو ابن خالة خالد بن الوليد المخزومي .
سعيد بن سالم ، حدثنا ابن جريج قال : كنا جلوسا مع عطاء في المسجد الحرام ، فتذاكرنا ابن
عباس ; فقال عطاء : ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة إلا ذكرت وجه ابن
عباس .
الزبير : حدثني ساعدة بن عبيد
الله المزني ، عن داود بن عطاء ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن عمر ; أن عمر دعا ابن
عباس ، فقربه . وكان يقول : إني رأيت رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- دعاك يوما ، فمسح رأسك ، وتفل في فيك ، وقال : اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل .
داود مدني ضعيف .
حماد بن سلمة وغيره ، عن عبد
الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد
الله ، قال : بت في بيت خالتي ميمونة ، فوضعت للنبي صلى
الله عليه وسلم غسلا ، فقال : من وضع هذا ؟ قالوا : عبد
الله . فقال : اللهم علمه التأويل وفقهه في الدين .
أخبرنا إسحاق الأسدي ، أخبرنا ابن خليل أخبرنا اللبان ، أخبرنا الحداد ، أخبرنا أبو نعيم ، حدثنا محمد بن جعفر بن الهيثم ، حدثنا ابن أبي العوام ، حدثنا عبد
الله بن بكر ، حدثنا حاتم بن أبي صغيرة ، عن عمرو بن دينار : أن كريبا أخبره عن ابن
عباس ، قال : صليت خلف النبي -صلى
الله عليه وسلم- من آخر الليل ، فجعلني حذاءه ، فلما انصرف ، قلت : وينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول
الله ؟ فدعا
الله أن يزيدني فهما وعلما .
حاتم بن أبي صغيرة : عن عمرو بن دينار ، عن كريب ، عن ابن
عباس : أن رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- دعا له أن يزيده
الله فهما ، وعلما .
ورقاء : سمعت عبيد
الله بن أبي يزيد ، عن ابن
عباس : وضعت لرسول
الله -صلى
الله عليه وسلم- وضوءا ، فقال : اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل .
وعن ابن
عباس : دعا لي رسول
الله بالحكمة مرتين .
حبان بن علي : عن رشدين بن كريب ، عن أبيه ، عن ابن
عباس ، قال : أتيت خالتي ميمونة ، فقلت : إني أريد أن أبيت الليلة عندكم . فقالت : وكيف تبيت ، وإنما الفراش واحد ؟ فقلت : لا حاجة لي به . أفرش إزاري ، وأما الوساد ، فأضع رأسي مع رءوسكما من وراء الوسادة . قال : فجاء النبي -صلى
الله عليه وسلم- فحدثته ميمونة بما قال ابن
عباس ، فقال : هذا شيخ قريش .
إسناده ضعيف .
قرأت على إسحاق بن طارق ، أخبركم ابن خليل ، أخبرنا اللبان ، أخبرنا أبو علي المقرئ ، أخبرنا أبو نعيم ، حدثنا حبيب ، حدثنا عبد
الله البغوي ، حدثنا داود بن عمرو ، حدثنا نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، قال : سئل ابن
عباس : ما بلغ من هم يوسف ؟ قال : جلس يحل هميانه ، فصيح به ، يا يوسف ! لا تكن كالطير له ريش ، فإذا زنى ، قعد ليس له ريش .
صالح بن رستم الخزاز ، عن ابن أبي مليكة ; صحبت ابن
عباس من مكة إلى المدينة ، فكان إذا نزل ، قام شطر الليل . فسأله أيوب : كيف كانت قراءته ؟ قال : قرأ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ فجعل يرتل ويكثر في ذلك النشيج .
يزيد بن إبراهيم : عن سليمان الأحول ، عن طاوس ، عن ابن
عباس ، قال : إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي -صلى
الله عليه وسلم.
إسناده صحيح .
ابن عيينة : عن أبي بكر الهذلي ، عن الحسن ، قال : كان ابن
عباس من الإسلام بمنزل ، وكان من القرآن بمنزل ، وكان يقوم على منبرنا هذا ، فيقرأ البقرة وآل عمران ، فيفسرهما آية آية . وكان عمر -رضي
الله عنه- إذا ذكره ، قال : ذلك فتى الكهول ، له لسان سئول ، وقلب عقول .
إسرائيل : أخبرنا سماك ، عن عكرمة ، عن ابن
عباس ، قال : كل القرآن أعلمه إلا ثلاثا ; " الرقيم " و" غسلين " و" حنانا " .
يحيى بن يمان : عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن سعيد بن جبير ، قال : قال عمر لابن
عباس : لقد علمت علما ما علمناه .
عاصم بن كليب ، عن أبيه ، عن ابن
عباس ، قال : دعاني عمر مع الأكابر ، ويقول لي : لا تتكلم حتى يتكلموا ، ثم يسألني ، ثم يقبل عليهم ، فيقول : ما منعكم أن تأتوني بمثل ما يأتيني به هذا الغلام الذي لم تستو شئون رأسه .
ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : ما سمعت فتيا أحسن من فتيا ابن
عباس إلا أن يقول قائل : قال رسول
الله -صلى
الله عليه وسلم.
وعن الشعبي وغيره : أن عليا -عليه السلام - أقام بعد وقعة الجمل بالبصرة خمسين ليلة ، ثم سار إلى الكوفة ، واستخلف ابن
عباس على البصرة ، ووجه الأشتر على مقدمته إلى الكوفة ، فلحقه رجل فقال : من استخلف أمير المؤمنين على البصرة ؟ قال : ابن عمه . قال : ففيم قتلنا الشيخ أمس بالمدينة ؟ قال : فلم يزل ابن
عباس على البصرة حتى سار إلى صفين ، فاستخلف أبا الأسود بالبصرة على الصلاة ، وزيادا على بيت المال .
قلت : وقد كان علي لما بويع ، قال لابن
عباس : اذهب على إمرة الشام . فقال : كلا ، أقل ما يصنع بي معاوية إن لم يقتلني الحبس ، ولكن استعمله ، وبين يديك عزله بعد ، فلم يقبل منه . وكذلك أشار على علي أن لا يولي أبا موسى يوم الحكمين وقال : ولني ، أو فول الأحنف ، فأراد علي ذلك ، فغلبوه على رأيه .
قال أبو عبيدة في تسمية أمراء علي يوم صفين : فكان على الميسرة ابن
عباس ، ثم رد بعد إلى ولاية البصرة .
قال على بن المديني : توفي ابن
عباس سنة ثمان أو سبع وستين وقال الواقدي ، والهيثم ، وأبو نعيم : سنة ثمان وقيل : عاش إحدى وسبعين سنة .
ومسنده ألف وست مائة وستون حديثا . وله من ذلك في "الصحيحين" خمسة وسبعون . وتفرد البخاري له بمائة وعشرين حديثا ، وتفرد مسلم بتسعة أحاديث .