عرض مشاركة واحدة
قديم 2016/06/24, 04:27 AM   #3
معلومات إضافية
رقم العضوية : 4414
تاريخ التسجيل: 2016/02/20
المشاركات: 1,006
ابو الحسن غير متواجد حالياً
المستوى : ابو الحسن is on a distinguished road




عرض البوم صور ابو الحسن
افتراضي



ما الفائدة من الإمام الغائب؟




ما الفائدة من الإمام الغائب؟

أولاً: دفع العذاب

أقسام العذاب

كيف يقوم الإمام المهدي عليه السلام بدرء العذاب؟

وجه التشابه بين دور الخضر و دور المهدي عليه السلام

ثانياً: المحافظة على الكيان الاسلامي

ثالثاً: المحافظة على أتباع أهل البيت

رابعاً: تسديد العمل الاجتهادي

خامساً: الحيلولة دون حصول الإجماع

سادساً: الإمام مصدر الفيض الإلهي

سابعاً: الإمام يدعو لشيعته

ماذا فقد الشيعة نتيجة غيبة إمامهم

إدارة المجتمع الشيعي في عصر الغيبة

سمات و خصائص عصر الغيبة






ما الفائدة من الإمام الغائب؟

بعد الوقوف على هوية الغيبة، وأنّها ليست أكثر من استتار العنوان فقط، يتضح أنّ الإمام حاضر بوجوده المبارك في الوسط الشيعي، وأنّه يمشي في الطرقات ويدخل في الدور، ويجول في شرق الأرض وغربها، ويسمع الكلام، ويسلّم على الجماعة ويرى ولا يرى...([1]) وعلى هذا الأساس فهو حاضر ببركاته وفيوضاته بيننا، وحيث لا يمكننا الإحاطة بفوائد وجوده المبارك، إلاّ أنّه يمكن أن نستخلص بعض منافعه وبركاته وآثاره علينا في هذا العصر. كما في الرواية عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) حين سأله جابر بن عبدالله الأنصاري: هل ينتفع الشيعة بالقائم في غيبته؟

«فقال: إي والذي بعثني بالنبّوة، إنّهم لينتفعون به، ويستهنئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن جلّلها السحاب»([2]). ومن هذه المنافع هي:

أولاً: دفع العذاب:

ويمكن استيحاء هذه المفردة من نصوص روائية متظافرة من قبيل «لولا الحجّة لساخت الأرض بأهلها»، وغيرها ممّا يشاركها في المضمون، إلاّ أنّ السؤال الذي يطرح نفسه في المقام هو: أي عذاب يدفعه الإمام؟

أقسام العذاب:

ولكي تكون الاجابة واضحة لا لبس فيها نقول: إنّ العذاب ينقسم إلى قسمين:

1 ـ العذاب الذي يبيد البشرية بأسرها، ويسمّى عذاب الاستئصال، كالطوفان والخسف ونحوها، كما حصل في الاُمم السابقة.

2 ـ العذاب التأديبي الذي لا يستأصل البشرية بكاملها، من قبيل الأمراض كالإيدز مثلاً، أو عذاب الطغاة والظالمين، ونحوهما مما لا يقضي على كل البشر.

والروايات التي قاربت مهمّة الإمام (الحجّة) التي جاءت بلسان «لولا الحجّة لساخت الأرض» تشير إلى المعنى الأوّل من العذاب، وهو عذاب الاستئصال الذي يقضي على البشرية كاملاً، وقد أضاء القرآن الكريم جوانب هذه الحقيقة، كاشفاً عن دور الحجة في الأرض، كما في قوله تعالى: (وَما كانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ )([3])، فالآية المباركة تعتبر الرسول(صلى الله عليه وآله) المصدر الأوّل للأمان، ومن الواضح أنّ ذكر الرسول(صلى الله عليه وآله) باعتبار وجوده هو حجة الله في أرضه، وبذلك يشمل أهل البيت(عليهم السلام) كل أمان للناس في زمان، وعلى هذا الأساس يكون الإمام المهدي(عليه السلام) مصدر الأمان في فترة وجوده وإمامته.

وأشار القرآن الكريم مرةً اُخرى لدور الحجة والخليفة في درء الفساد، كما هو واضح من اعتراض الملائكة على جعل الله تعالى للخليفة، كما في قوله تعالى: (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ )([4])، ولا ريب أنّ اعتراض الملائكة لا يتوجه على العذاب وسفك الدماء الجزئي الذي يقابل الخير الكثير، وإنّما كان اعتراضهم ينحصر في العذاب الكامل أو الأكثر، ولذا جاء الجواب من الباري تعالى: (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ )(3) في إشارة منه تعالى إلى دور الخليفة في منع العذاب الكامل.



كيف يقوم الإمام المهدي(عليه السلام) بدرء العذاب؟

للجواب عن هذا السؤال علينا أن نعود إلى القرآن الكريم، حيث نجد أنّه يضرب مثلين للحكومة التي تُدير الكون، وهي:

أ ـ الحكومة الخفية كحكومة الخضر(عليه السلام).

ب ـ الحكومة العلنية كحكومة ذي القرنين(عليه السلام).

وهذان القسمان من الحكومة هما أبرز نموذجين لحكومة وإدارة الإمام المهدي وقيامه بدوره، حيث تمثّل إدارة الخضر لوظائفه الملقاة على عاتقه خير مثال لحكومة الإمام المهدي وأداء وظائفه في عصر الغيبة، وكذلك الحال بالنسبة لحكومة ذي القرنين الذي آتاه الله من كلّ شيء سبباً، وهو خير مثال لحكومة الدولة العادلة بقيادة الإمام المهدي(عليه السلام).



وجه التشابه بين دور الخضر ودور المهدي(عليه السلام)

عند الرجوع إلى القرآن الكريم نجد أنّه يرمي من وراء استعراضه لهذه القصة إلى أمر مهم; وذلك لأنّ القرآن لم يكن يهدف إلى حكاية قصص خيالية لا واقع لها ـ والعياذ بالله ـ فالقرآن منزّه عن ذلك، بل أراد من وراء ذلك الإشارة إلى كيفية إدارة الكون من خلال إيكال مسؤوليات مهمة لعباد وأولياء يمارسون دورهم بالخفاء، حيث نجد أنّ الله تعالى يأمر موسى بالذهاب إلى الخضر المتخفّي المتستّر، ليتعلم منه كما قال تعالى: (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنّا عِلْماً * قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمّا عُلِّمْتَ رُشْداً * قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً )([5])، ثم بعد ذلك تستعرض السورة المباركة ثلاث قضايا لها دور كبير على صعيد البشرية، وهذه القضايا المركزية مارسها الخضر (عليه السلام) هي:

الاُولى: وهي ترتبط بصورة مباشرة بالعامل الاقتصادي، وهي قضية خرق السفينة; لكي لا يغصبها الملك، كما قال تعالى: (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَة غَصْباً )([6]). إذن مارس الخضر(عليه السلام) وظيفته في المحافظة على معيشة هؤلاء الفقراء، والسفينة تعتبر مصدر رزقهم فخرقها; لكي لا يأخذها الملك; لأنّه كان يأخذ كلّ سفينة سالمة.

ولذلك قال الفخر الرازي في تفسيره.

الثانية: قصة قتل الغلام وأنّه لو كان حياً لكان مفسدةً لوالديه، بل في بعض الروايات: أنّ الغلام لو بقي حياً لكان سبباً في قتل سبعين نبيّاً، ولا ريب كم هي المفسدة التي تَحرم البشرية من هداية سبعين نبياً([7]).

الثالثة: قصة إقامة الجدار، قال تعالى: (وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً )([8]). فعلّل الخضر (عليه السلام) سبب إقامة الجدار أنّه لو سقط لضاع مال الأيتام، ولا يخفى ما في هذه العملية من حفظ لأموال اليتامى والطبقات المحرومة.

ومن ذلك نستخلص أنّ الخضر (عليه السلام) كان منفّذاً لأمر الله تعالى، كما هو واضح من قوله: (وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ).

إذن لله تعالى عباد صالحون وأولياء ينفِّذون أمره في الأرض بإذنه وإرادته تعالى:

وعلى هذا الأساس فإنّ الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ يقوم بدوره وينفِّذ أمر الله تعالى في الخفاء، ضمن مجموعة بشرية منظّمة تسمّى بالأوتاد أو الأبدال، كما في الروايات:

فعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «لا يزال في اُمّتي ثلاثون بهم تقوم الأرض وبهم تُمطرون وبهم تنظرون»([9]).

ونحوها من الروايات، ولذلك نقرأ في دعاء رجب «... وصلِّ على محمّد وآله، وعلى عبادك المنتجبين وبَشَرِكَ المحتجبين»([10]).

وقد ورد عن الإمام الصادق قال: «لابدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة، ولابدّ له في غيبته من عزلة، ونعم المنزل طيبة، وما بثلاثين من وحشة»([11]).

وفي بعض الأحاديث: أنّ الخضر(عليه السلام) من مرافقيه([12]).

وقد أشار القرآن الكريم لمثل هذا الدور في اعتراض الملائكة كما تقدم([13])، وهو دور الخليفة في الحفاظ على البشرية من الاستئصال والفساد الكامل.

إذن الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ يمارس دوره بهذه الكيفية من الخفاء; ليمنع البشرية من الانحدار في الهاوية، والحيلولة دون انتشار الفساد والحروب التي تستأهلها أو أكثرها، سواء على الصعيد العسكري أو الصحي أو الاخلاقي..

ولا يخفى أنّ ممارسة الدور في الخفاء ربما يكون أقوى من الحكومة العلنية، كما هو واضح في عالم اليوم، فإنّ الأيادي الخفية هي التي تدير العالم اليوم دون الحكومات المعلنة، كما نلمس ذلك في الأجهزة الأمنية للدول ونحوها.

وقد أشارت بعض الروايات لهذا الدور، كما في تعبير إحداها: «وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الانظار السحاب...»([14]). فهي تشعر بالدور الخفي للامام (عليه السلام).

وفي بعض الروايات تعلّل تسميته بالقائم ـ رغم أنّ الأئمة(عليهم السلام) كلّهم قائمون ـ هو لأجل التنبيه على أنّ المهدي في الغيبة يقوم بالأمر وليس قاعداً.

إذن اتضح ان الفائدة والدور الاساسي للامام المهدي (عجل الله فرجه) في غيبته هو درء الفساد الكلي عن البشرية.

ثانياً: المحافظة على الكيان الاسلامي

وهذا ما نلمسه من رسالة الإمام المهدي(عليه السلام) للشيخ المفيد، حيث يقول «.. فإنّا نحيط علماً بأنبائكم، ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم، ومعرفتنا بالذلّ الذي أصابكم مُذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً، ونبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم، كأنّهم لا يعلمون أنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللاواء واصطلمكم الأعداء»([15]).

ثالثاً: المحافظة على أتباع أهل البيت(عليهم السلام)

حيث أنّ الإمام ـ عجل الله فرجه ـ يتابع أوضاع المؤمنين وما يتعرضون له من محاولات الإبادة، ومن ثم يتخذ الإجراءات اللازمة لدفع الأخطار عنهم بمختلف أشكالها. وهذه الرعاية هي أحد العوامل المفسِّرة لحفظ أتباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام) واستمرار وجودهم، على الرغم من كلّ المحاولات الرامية لتصفيتهم والقضاء عليهم والتي مورست ضدّهم لقرون طويلة.

رابعاً: تسديد العمل الاجتهادي:

وتعدّ هذه المهمة من المهامّ الاساسية للإمام، حيث يقوم(عليه السلام) بتسديد العلماء والفقهاء الذين نصبهم بالنيابة العامة عنه (عجل الله فرجه)، فهو(عليه السلام)يتدخّل بالمقدار الممكن لتسديد العمل الاجتهادي.



خامساً: الحيلولة دون حصول الإجماع:

ومعنى ذلك: أنّ الإجماع في مذهب أهل البيت(عليهم السلام) يعدّ أحد مصادر التشريع; لأنّه يكشف عن رأي المعصوم، كما هو مقرر في اُصول الفقه([16])، فاذا تمّ اتفاق الجميع على مسألة معينة وكانت هذه المسألة مخالفة في حكمها للواقع، فإنّ الإمام (عجل الله فرجه) يلقي الخلاف بينهم لكي لا ينعقد إجماع على حكم مخالف للواقع.

ومن الواضح أنّ هذه المهمة تعتبر من المهامّ الرئيسية في الحفاظ على التشريع الإسلامي الصحيح.

سادساً: الإمام مصدر الفيض الإلهي:

إنّ من بركات وفوائد الإمام (عجل الله فرجه) ـ وإن كان غائباً ـ هي كونه مصدراً من مصادر الفيض الالهي للمخلوقات جميعاً.

وقد أشارت لهذه الوظيفة الروايات الواردة بلسان «لولا أهل بيتي لساخت الأرض بأهلها»([17]). ونحوها مما يشاركها بالمضمون مضافاً إلى ما ورد من روايات تشير إلى أن الله تعالى جعل محمّد وآل محمّد علة الخلق ولولاهم لم يخلق الله الخلق.

وقد أخرج الحمويني عن جعفر الصادق (عليه السلام) «... ونحن الذين بنا تمسك السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذن الله، وبنا ينزل الغيث وتنشر الرحمة وتخرج بركات الأرض ولولا ما على الارض منا لساخت بأهلها...»([18]).

سابعاً: الإمام يدعو لشيعته:

من أبرز بركات وفوائد إمامنا (عليه السلام) في غيبته: أنّه يدعو لمنتظريه ومحبّيه ويستغفر لهم، وقد وردت في ذلك عدة من الروايات([19]).

وهذه فائدة عظيمة لاغنى عنها لا سيما عند ملاحظة أهمية الدعاء في حياة المؤمن خصوصاً إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنّ الإمام(عليه السلام) مستجاب الدعوة.



ماذا فقد الشيعة نتيجة غيبة إمامهم(عليه السلام)؟:

عندما نستنطق الواقع الشيعي في عصر الغيبة، لنبصر الأثر الذي تركته الغيبة على الشيعة نجد أنّ غيبة الإمام(عليه السلام) ـ وإن كانت لطفاً إلهياً، وأنّه لم يغب في دوره الوجودي أيّة غيبة لبركاته وفيوضاته ـ لها تداعيات وآثار على الشيعة، منها:

1 ـ إنّ الغيبة حوّلت الإمامة من شهادة وحضور إلى غيب، ففي

الحديث عن الشيخ الصدوق(رضي الله عنه) بإسناده، عن يحيى بن أبي القاسم، قال: سألت الصادق(عليه السلام)عن قول الله عزّوجل: (الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ )([20])؟ فقال: «المتقون: شيعة علي(عليه السلام)، والغيب هو الحجّة الغائب». وشاهد ذلك قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّى مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ )([21])»([22])، ولاشكّ أنّ فقدان الحضور والمشاهدة بالحس، يفقد عنصر الاطمئنان الفردي والإجتماعي.

2 ـ إنّ الغيبة تمثل تأجيلاً بالنسبة إلى اليوم الموعود وبشارة الأنبياء واللقاء مع الإمام(عليه السلام)، الذي أسندت إليه السماء تصفية الحساب مع الإنسانية الكافرة.

ومن الواضح أنّ هذا التأخير والتأجيل لهذا المشروع الإلهي يسبّب الألم والأسى في قلوب المؤمنين.

3 ـ إنّ الغيبة تمثّل تأجيلاً لمشروع الإنسان الموحِّد لله تعالى ففي رواية عن أبي الحسن(عليه السلام) قال: «... لا يبقى في المشارق والمغارب أحد إلاّ وحَّد الله»([23]).

4 ـ في الغيبة تعود الجاهلية بصورة أعقد ممّا كانت عليه في أيّام رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، ففي الرواية: «إنّ قائمنا إذا قام استقبل من جهل الناس أشدّ ممّا استقبله رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) من جهّال الجاهلية»، قلت: وكيف ذلك؟ قال: «إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة، وإنّ قائمنا إذا قام أتى الناس وكلّهم يُؤَوِّل عليه كتاب الله ويحتجّ به عليه»([24]).



إدارة المجتمع الشيعي في عصر الغيبة:

بعدما ثبت أنّ لأهل البيت(عليهم السلام) المرجعية بعد رسول الله(عليهم السلام)، وأنّ هذه المرجعية والإمامة امتداد لحركة الأنبياء والمرسلين، فإنّ العترة الطاهرة جعلت الفقيه العارف العالم العادل نائباً عنهم في زمن الغيبة الكبرى، فعن الإمام العسكري(عليه السلام) أنّه قال: «فأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه فللعوامّ أن يقلّدوه»([25]).

وفي التوقيع الشريف الصادر عن الإمام المهدي(عليه السلام) والذي يقول فيه: «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم، وأنا حجّة الله عليهم»([26]).

وكذلك ما ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «ينظر أنّ مَن كان منكم ممّن روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً»([27]).

إذن فإدارة المجتمع الشيعي في هذا العصر تقع على عاتق العلماء المراجع الذين تتمثّل صفاتهم في (الاجتهاد والعدالة والكفاءة)([28]).

وهذا النظام من المرجعية في عصر الغيبة هو الذي رسمه وأرسى دعائمه أهل البيت(عليهم السلام)، ولعلّنا لا نجانب الصواب إذا ما قلنا: إنّ الغيبة الصغرى لها دور كبير في ترسيخ دعائم هذا النظام; لكي يعتمد الشيعة بعد السفراء على الاستقلال بأنفسهم، من خلال الرجوع إلى العلماء الذين اُطلق عليهم اسم (نوّاب الإمام)، وقد عُبّر عن وظيفتهم الشرعية بـ (النيابة العامة).



سمات وخصائص عصر الغيبة :

إنّ الغيبة تمثّل حالة استثنائية بالنسبة لأتباع أهل البيت(عليهم السلام); لأنّ الحالة الطبيعية تتمثّل في كون الإمام حاضراً ومشهوداً، ومن هنا تميّزت هذه الفترة الاستثنائية بخصائص ومميّزات، منها:

1 ـ إنّ الشيعة في هذا المقطع من وجودهم انقطعوا عن إمامهم، وبذلك فقدوا إمكانية التعاطي المباشر مع الإمام(عليه السلام).

2 ـ انتشار الظلم والجور في الأرض، وتعرّض الشيعة في هذا المقطع الزمني لأقسى وأشدّ حالات الظلم بالشكل الذي فاق ما كانت عليه في عصر الحضور، وحديث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) المتواتر المضمون وهو أنّ المهدي بعد ظهوره «... يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً» يكشف عن حجم ومقدار الظلم الذي يسود الأرض إلى درجة امتلائها بالجور والظلم.

3 ـ تأكّد الامتحـان الإلهي على العبـاد في هـذه الفتـرة.





--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ الغيبة للنعماني : 72، 73.

[2] ـ إلزام الناصب: 1/378، كمال الدين: 1/253/3، عنه البحار: 52/93 .

[3] ـ الأنفال: 33.

[4] و 3 ـ البقرة: 30.

[5] ـ الكهف: 65 ـ 68.

[6] ـ الكهف: 79.

[7] ـ التفسير الكبير: 11/161 .

[8] ـ الكهف: 82.

[9] ـ راجع مجمع الزوائد للهيثمي: 10/63، فتح الباري لابن حجر العسقلاني: 355، عون المعبود للعظيم آبادي: 8/151، كتاب السنّة لابن عاصم: 582.

[10] ـ مصباح المتهجد: 557. مفاتيح الجنان: ما يُدعى به في كلّ يوم من شهر رجب.

[11] ـ الكافي 1/340/16، غيبة النعماني 194/41.

[12] ـ راجع كمال الدين: 390/4، اثباة الهداة: 3/480/181.

[13] ـ مرّ ذكره في أوائل الفصل الأوّل.

[14] ـ الأمالي للشيخ الصدوق: ص253 .

[15] ـ الاحتجاج: 2/598، معادن الحكمة: 2/303.

[16] ـ فرائد الأصول للشيخ الأنصاري 1/179.

[17] ـ غيبة الطوسي: 139 ح 102، عنه البحار: 36/259 ح 79.

[18] ـ ينابيع المودة: 1/75 ح 11، فرائد السمطين: 1/45 ح 11، عنه منتخب الأثر: 2/268 ح 638.

[19] ـ انظر الإحتجاج للطبرسي: 2/324 .

[20] ـ البقرة: 1 ـ 3 .

[21] ـ يونس : 20 .

[22] ـ كمال الدين: 1/18، عنه بحار الأنوار: ج 52/124/10.

[23] ـ تفسير العياشي: 1/207/82، عنه بحار الأنوار : 52/340/90.

[24] ـ الغيبة للنعماني: 307/1.

[25] ـ الاحتجاج: 2/511.

[26] ـ كمال الدين: 2/484/4، وسائل الشيعة: 27/140، أبواب صفات القاضي، ب 11، ح 9.

[27] ـ الكافي: 1/67/10، وسائل الشيعة: 27/136، أبواب صفات القاضي، ب 11، ح1.

[28] ـ راجع الكتب الفقهية في هذا المجال .


يتبع

-
-





توقيع : ابو الحسن
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس