عرض مشاركة واحدة
قديم 2017/02/12, 12:42 PM   #1
امامي

موالي مبتدأ

معلومات إضافية
رقم العضوية : 4735
تاريخ التسجيل: 2016/07/30
المشاركات: 36
امامي غير متواجد حالياً
المستوى : امامي is on a distinguished road




عرض البوم صور امامي
افتراضي عندما نحترق ألما لنضيء دروب فلذات أكبادنا

عندما نحترق ألما لنضيء دروب


كل ما حولها أصبح غريبا عنها حتى روحها المعتادة على نشر الحب والفرح والابتسامة الصادقة تشوهت من كثرة الهموم والأحزان لدرجة أنها لم تعد تعرفها أو على الأقل تعي ما يؤلمها ويقلقها.

ربما لأنها اختارت أن تتوجع بصمت، محاولة إخفاء كل ما تشعر به عن تلك الأعين التي راهنت على ضعفها وفشلها في تحمل مسؤولية أبنائها الذين لم يعد لهم أحد يعينهم ويحتويهم سواها بعد وفاة والدهم.

هي من النساء المتعففات كغيرها كثيرات، نذرت حياتها بأكملها لتربية أطفالها الذين كبروا قبل الأوان، فقط لأنهم أدركوا أن حياتهم لم تعد كالسابق وأن هناك شيئا ما قد تغير وعليهم أن يستوعبوه ويتأقلموا معه.

الشيء الوحيد الذي تريده هو أن يعيش أبناؤها حياة كريمة هانئة بعيدة تماما عن تلك الأشياء المهينة القاسية القادرة على أن تسلبهم كبرياءهم وكرامتهم، حتى لو كان ذلك على حساب إلغاء ذاتها وأنوثتها كامرأة لها حق العيش والحلم داخل مساحة شاسعة من الأمل القادر على إخراجها من ذلك الحصار المجحف الذي فرضته على نفسها، معتقدة أن لجوءها لتلك الطريقة سيمكنها من التركيز على مصلحة أبنائها والاهتمام بجميع شؤون حياتهم.

وهي تحاول جاهدة منحهم كل ما يحتاجونه حتى قبل أن يطلبوا لعلها تلمح في أعينهم سعادة افتقدتها هي بدون أن تشعر أو بالأحرى حرمتها منها الهموم المتراكمة. لكن قناعتها بأن القادم أجمل تجعلها موقنة أن هناك في تلك الدروب المعتمة التي ستضطر أن تقطعها ضوء خافت حتما سيزداد وهجه كلما اقتربت منه، معتمدة في ذلك كله على رغبتها الكبيرة في التقدم نحو المستقبل بخطوات ثابتة راسخة لا تعرف اليأس أو العجز.

في العتمة تظل تبحث عن الربح الجزئي لمن تعيلهم، مقابل خسارتها لكل شيء يختص بها ويعنيها، تحاول جاهدة التملص من حصار أيامها التي ترغمها دائما على الرضوخ والاستكانة داخل دوامة أحزانها التي لا تنتهي حتى وإن أرادت هي ذلك، لأنها ببساطة ستبقى ترزح تحت ضغوط نفسية ومادية تستطيع وبجدارة منعها من التوقف أمام تفاصيل جمالها الآسر الذي ورغم قسوة الزمن ما يزال محتفظا بأوجه لم تنل منه تلك التجاعيد التي تحدثها الآلام غير الاعتيادية داخل أرواحنا المنهكة.

فهي مثلها مثل غيرها من النساء اللواتي أرهقهن التعب والفقر، وحول كل واحدة منهن إلى أنثى بدون أحلام خاصة، تستمد منها القدرة على تحمل تبعات الحياة اليومية التي ستظل تثقل كاهلها كلما اقتربت أكثر من أهدافها، ربما لأن احتياجات الأبناء وطلباتهم تتغير بتغير الظروف لهذا السبب، بالتحديد هي مرغمة على التصالح مع الأيام لمصلحة من تريد أن تمنحهم لذة الحياة على حساب حياتها.

هي الحياة بكل تناقضاتها، تستثير حيرتها لتتركها مكبلة بسلاسل الواقع الذي يرفض أن يعطيها الوقت لتنصف ذاتها ولو لمرة واحدة، يبقى حريصا على التعامل معها، ومع من لديه ظروفها نفسها بنظام إحراق النتائج، لا يهتم بتأجيل الرغبات بل يلغيها تماما، والمؤلم أنه بعد ذلك كله يتجرأ ويدعوها إلى رحلة أمل، لكن فجأة وبدون أي مقدمات يغير خط سيره ربما لتبقى مهمته الوحيدة هي فرض الحقائق.

ودورها هي ومن معها الاستسلام للمعطيات الجديدة، التي تحتم عليها أن تتعامل مع ما استجد بتأن وحذر، حتى لا تضبط متلبسة بالخوف، ومن ثم تفقد اتزانها ورغبتها في المواجهة.

كل ما تعرفه وتريد أن تبرهنه هو أن الأيام حتى وإن أصرت على معاندتها ومطاردتها، فلن يزيدها ذلك إلا صمودا يمنحها حصانة العبور متجاوزة بذلك كل العقبات المتناثرة أمامها، مكتفية بما سيحققه أبناؤها من نجاحات، فهم خريطة الطريق الوحيدة التي تعي ملامحها جيدا الآن وغدا.

ربى الرياحي



uk]lh kpjvr Hglh gkqdx ]v,f tg`hj H;fh]kh uk]lh



رد مع اقتباس