عرض مشاركة واحدة
قديم 2016/11/17, 05:06 PM   #1
العقيلة

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3785
تاريخ التسجيل: 2015/04/19
المشاركات: 805
العقيلة غير متواجد حالياً
المستوى : العقيلة is on a distinguished road




عرض البوم صور العقيلة
افتراضي ( كل سور القرآن عدا سورة براءة )

بسم الله الرحمن الرحيم

علّمنا القرآن الكريم في بداية كل سورة ( عدا سورة التوبة ) و في آيات كثيرة اُخرى أن نبدأ عملنا باسم الله و أن نعطّر أجواء قلوبنا و أرواحنا بطيب اسمه .
< الاهمية الخاصة لـ ﴿ بِسْمِ اللَّهِ ... ﴾ . ـ هل أن بسم الله جزء لكلِّ سورة ؟. لماذا لم تُذكر بسم الله في بداية سورة براءة ؟ ـ لا تقرنوا اسم الله باسم غيره ؟
باسم « الرحمن » و « الرحيم » .
بسمه الذي على كل شيء قدير .
بسمه الذي بكل شيء عليم .

إن هذا الاسم المقدّس ينوّر القلب و يهب لروح الصفاء و القوة و النشاط .
ذِكر رحمته الخاصّة و العامّة تبعث في الإنسان عالماً من الأمل .
ذكر قدرته و جبروته يبعث في الإنسان الجرأة لمواجهة المصاعب .
ذكر علمه و إحاطته بكلِّ إنسان و بكل شيء يُطمئِنُ الإنسان بأنّه ليس لوحده .
فإذا بدأنا عملنا بهذه الروح فإنه سيصل إلى غايتهِ بلا شك ، و كل سعي و جهاد يبذل وفق هذا المنهج نتيجته النصر و الفلاح .
لذلك فقد رأينا أن أفضل ما نبدأ به بحثنا في هذا الكتاب هو موضوع ( بداية كل عمل باسم الله ) .
فنبدأ أولا بمناقشة الآيات المرتبطة بهذا المعنى ، ثم نقوم بعملية التفسير
و الجمع ، و في المرحلة الأخيرة نذكر بحوثاً مكملة تحت عنوان « توضيحات » و سنواصل إتباع هذا الأسلوب بالترتيب المذكور إلى آخر الكتاب إن شاء الله .
الآيات :
1 ـ
﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ ﴾1
( كل سور القرآن عدا سورة براءة )
2 ـ ﴿ ... اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾2
3 ـ ﴿ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾3
4 ـ﴿ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾


شرح المفردات

الاسم
يعتقد الكثير من علماء اللغة ان هذه الكلمة في الأصل مشتقة من مادة « سمو » ( على وزن علو ) بمعنى الارتفاع و حيث ان التسمية سبب للمعرفة و الظهور و علو المنزلة لكل شيء استخدمت كلمة اسم في هذا المعنى 5 .
( الرحمن ) و ( الرحيم ) كلمتان مشتقتان من ماده « رحمة » و المعروف انّ ( الرحمن ) يعني ذو الرحمة العامة الشاملة للجميع و ( الرحيم ) يوصف بها ذو الرحمة الخاصة و على هذا فان رحمانية الله جعلت فيضه و نعمته شاملة للعدو و الصديق و المؤمن و الكافر ، و لكن رحيميته أوجبت للمؤمنين مواهب خاصة في الدنيا و الآخرة في حين انّ هذه المواهب محرّمة على الغافلين و البعيدين عن الله .
و الشاهد على هذا الاختلاف ما يلي :
1 ـ « الرحمن » صيغة مبالغة و الرحيم صفة مشبهة ، و صيغة المبالغة تقيد معنى التأكيد بنحو أكثر و تدل على سعة هذه الرحمة و لكن البعض يرى ان كليهما صفة مشبهة أو أن كليهما صفة مبالغة ، و لكن مع ذلك صرحوا بانّ الرحمن تفيد معنى المبالغة الكثيرة 6 .
2 ـ و قال البعض أن الرحيم صفة مشبهة و تُفيد الإستمرار و الثبات لذلك هي مختصة بالمؤمنين ، لكن الرحمن صيغة مبالغة و لا تدل على المعنى المذكور .
3 ـ ( الرحمن ) اسم خاص بالله و لا يطلق على غيره ، في حين أن الرحيم يقال له و لغيره ، و هذا دليل على أن مفهوم الرحمن يدل على رحمة أوسع .
4 ـ هناك قاعدة معروفة في الأدب العربي و هي زيادة المباني تدل على زيادة المعاني ، يعني أن الكلمة التي حروفها أكثر فان مفهومها يكون أكبر و حيث ان ( رحمن ) خمسة أحرف و ( رحيم ) أربعة أحرف فمفهوم ( رحمن ) اوسع 7 .
5 ـ كما أن البعض استفاد هذا المعنى من آيات القرآن حيث أنَّ ( الرَّحمن ) . ذكر غالباً بنحو مطلق ، في حين ان ( رحيم ) ذكر مقيداً في كثير من الموارد مثلا قوله تعإلى :﴿ ... إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ 8.
و قوله تعإلى :﴿ ... إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ 9.
أما الرحمن فذكر من غير قيود فهو يدل على عموم رحمته .
6 ـ و تشهد بعض الروايات على هذا الاختلاف ، ففي حديث عميق عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) نقرأ : ( الرحمن اسمٌ خاص بصفة عامة و الرحيم اسم عام بصفة خاصة ) 10 .
و لكن مع هذا لا يمكن أن ننفي استخدام الكلمتين في معنى واحد ، كما ورد في دعاء الإمام الحسين ( عليه السلام ) في يوم عرفة : ( يا رحمن الدنيا و الآخرة و رحيمهما ) و يمكن أن يعد هذا استثناءً فلا ينافي الاختلاف المذكور .
﴿ ... مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ... ﴾ 3.
كلتا الكلمتين اسم زمان أو اسم مكان بمعنى مكان الحركة و زمانها ، أو مكان التوقف و زمانه 11 .
الأولى مشتقة من مادة ( جريان ) و الثانية من مادة ( رسو ) على وزن ( رَسم ) بمعنى الثبات و الاستقرار لذلك يقال للجبال ( الرواسي ) جمع ( راسية ) لأنها ثابتة و مستقرة .
جمع الآيات و تفسيرها

لماذا نبدأ فقط باسم الله ؟
في الآية الأولى﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ ﴾1التي تصدرت كل سور القرآن ( ما عدا سورة براءة ) يعني نعلمكم أن تبدأوا عملكم باسم الله الرحمن الرحيم و تستعينوا به في اداء عملكم و تنفيذ خططكم 12 .
إن أعمالنا مهما تكن فهي فانية زائلة و صغيرة محدودة ، أما عندما نربطها بتلك الذات القدسية الباقية الخالدة التي لا حد لها و لا نهاية ، فانها ستصطبغ بصبغته و تستلهم من عظمته و أزليته .
قوتنا مهما تكن فهي ضعيفة لكن عندما ترتبط تلك القطرات بالبحار العظيمة للقدرة الإلهية فانه ستجد العظمة و تكتسب روحاً جديدة و هذا كله رمز بسم الله في بداية كل عمل .
* * *
في الآية الثانية كلام عن خطاب جبرئيل الأمين في بداية البعثة للنبي الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم )عندما احتضن النبي وضمه و قال ﴿ ... اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾2.
و بهذا فقد بدأ جبرئيل منهاج رسالته عند بعثة النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) باسم الله .
الآية الثالثة تتحدث عن قصه نوح عندما حلت لحظة الطوفان و العقاب الإلهي الشديد على قومه الكفرة و الطغاة ، و عندما استعدت السفينة للحركة و صدر الأمر لأصحاب نوح الذين لم يتجاوز عددهم الثمانين بان يركبوا في الفلك قال﴿ ... بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ... ﴾3ثم استعان بمغفرة الله و رحمته و قال﴿ ... إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾3.
و في الآية الأخيرة كلام عن كتاب سليمان إلى ملكة سبأ بعد أن أخبره الهدهد عن قوم سبأ و عبادتهم للأصنام .
و عندما تناولت ملكة سبأ الكتاب جمعت أعوانها و افراد البلاط و قالت ﴿ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾4.
من مجموع الآيات الأربع المذكورة ندرك جيداً أن ابتداء كل عمل يجب ان يكون بـ ﴿ بِسْمِ اللَّهِ ... ﴾13، سواء كان في التعليم و الهداية مثل سور القرآن أو كان دعاءً من العباد مع الذات القدسية مثل سورة الحمد ، أو بداية البعثة و الرسالة و أول نداء للوحي مثل بداية سورة العلق ، أو أنه بداية الحركة للنجاة من الخطار و الطوفان و بداية توقف السفينة و النزول منها للابتداء بالمنهج الجديد كما في قصة نوح ، أو ابتداء الكتاب المرسل من أجل الدعوة للتسليم إلى الحق كما في كتاب سليمان لملكة سبأ .
و خلاصة الكلام أن العمل سواء كان من الله سبحانه أو من الخلق أو من جبرئيل او من الانبياء مثل نوح و سليمان أو من عامة الأفراد ، يجب أن يبدأ بـ﴿ بِسْمِ اللَّهِ ... ﴾13 و يرتبط بالذات المقدَّسة و يستمد منه القوه و العلم و الدراك .
و هذا هو معنى الحديث المعروف للنبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ( كل أمر ذي بال لم يذكر فيه اسم الله فهو ابتر ) 14 .
و الأمر الذي ينبغي ملاحظته ان الصفات التي ذكرت بعد بسم الله في الآيات المذكورة تناسب العمل الذي بدأ بـ ﴿ بِسْمِ اللَّهِ ... ﴾13 ففي قصة نوح جاء ذكر ( غفور رحيم ) و هو إشارة إلى شمول الرحمة الإلهية لأصحاب نوح ، و في قصة نزول أول آية جاء ذكر صفة الربوبية و الخالقية و نحن نعلم ان مسألة الوحي بداية لعمل تربوي و على هذا فان التربية التشريعية تقترن بالتربية التكوينية .
و بهذا نعلمُ أن الاستفادة من ذكر الصفات المناسبة تعليم للجميع حول كيفية ابتداء أعمالهم بـ ﴿ بِسْمِ اللَّهِ ... ﴾
مركز الاشعاع الاسلامي للبحوث والدراسات الاسلامية






( ;g s,v hgrvNk u]h s,vm fvhxm ) fvhxm



رد مع اقتباس