عرض مشاركة واحدة
قديم 2018/09/07, 03:14 AM   #3
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي

وإليك هذه القصة نموذجاً وشاهاً على ما أقول:

الشعائر الحسينية في كربلاء المقدسة (ركضة الطوريج) وهو عزاء شعبي يشترك فيه الجميع وبالملايين ينطلق من منطقة (طويريج) التابعة لقضاء الهندية، صوب الحرم الشريف كل عام ظهر العاشر من محرم الحرام في جموع غفيرة هائلة تفوق الأعجاب والدهشة وهي تهرول وتلطم على رؤوسها وتنادي (يا حسين يا حسين).

ويعرف هذا العزاء الرهيب والفريد من نوعه بـ (ركضة طويريج) لأنّ المشاركين فيه من الكثرة والعموم بنحو لا يسعهم المسير بهدوء وقراءة الرّدات (أبيات من الشعر) ولذلك يهرولون ويضربون على الرؤوس بأيديهم ويصرخون (يا حسين) أو (أبد والله ما ننسى حسينا).

والمظهر الغريب في هذا العزاء إنّك ترى قد شارك فيه جميع الأطياف ففيه الرئيس والمرؤوس والحوزوي والجامعي، والعالم والكاسب والتاجر، والغني والفقير حتى كبار العلماء كمراجع التقليد في حالة واحدة من التأثر والإنطلق والهرولة والمشاركة والبكاء والصّراخ الحسيني.

وفي إحدى السنوات الماضية وبينما الجموع الحاشدة منطلقة في العزاء وإذا به يرون مرجع التقليد في زمانه آية الله الكبرى السيد مهدي بحر العلوم+، قد ألقى عمامته وردائه وإحتفى وهو يضرب على رأسه الشريف وينادي ( يا حسين يا حسين).

بعد أن تمّ العزاء سألوه عن سبب ذلك؟

فقال: كيف لا أصنع ذلك وأدخل مع المواكب الحسينية وقد رأيت سيدي ومولاي صاحب الزمان الحجة المنتظر# يركض حافياً في العزاء؟!

كما قال×: (لأندبنك صباحاً ومساءً ولأبكينّك بدل الدموع دماً).

وفي كل زمان ومكان وفي كل الأجيال لابّد أن يكون الوعي الحسيني والثقافة الحسينية هي الحاكمة على الفرد والمجتمع وأن يكون كل واحد منّا في أي دور من أدوار حياته، وفي أيّ موقع كان أن يكون ملبيّاً دعوة الحسين وندائه (هل من ناصر ينصرني) فتكون من أنصار الحسين كما كانوا، كما نكون مدداً لأنصار الإمام القائم×.

إنّ الإمام الصادق× يقف على ثرى الطّف ليسلّم على شهداء كربلاء أنصار الحسين فيقول: السلام عليكم يا أنصار الله ويا أنصار رسول الله.. يا أنصار أمير المؤمنين يا أنصار فاطمة الزهراء يا أنصار أبي محمد الحسن.. يا أنصار أبي عبد الله... بأبي أنتم وأمي طبتم وطابت الأرض التي فيها دفنتم وفزتم والله فوزاً عظيماً فيا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً.

يا ترى بالله عليك من هؤلاء الذين يسلّم عليه الإمام المعصوم الناطق الصادق× ويفيهم بأبيه وأُمّه، ويتمنى أن يكون معهم؟ وكيف نالوا هذه المرتبة العظيمة والمقام الشامخ؟ فما فضلهم وما قدرهم، وكيف نكون منهم ومعهم حياتنا حياتهم ومماتنا مماتهم؟!

إنّ الله محّص أنصار الحسين× وإختبرهم في مواطن، فإنّه قد تبع الإمام جماعات من الناس إلّا أنّه في (زبالة) أخبرهم أنّه مقبل على الموت والشهادة، فتفرقوا عنه فأخذوا يميناً وشمالاً وكذلك إختبرهم في ليلة محرم وخاطبهم (إتخذوا هذا الليل جملاً) (). فتفرقوا عنه كما أخبرتنا السيدة سكينة بنت الحسين سلام الله عليها بذلك، فلم يبق معه إلّا القليل الأندر الأندر وفي العسكر اليزيدي ثلاثون ألفاً، فبقى رجال الثورة الحسينية الحقيقيون وحدهم (72 نفر) بعد أن إنجلى الموقف وتبين المصير بكل وضوح، فبقى معه الرجال الأشاوس النادرون الذي عرفهم التاريخ بإسم (أنصار الحسين).

ولو قرأت مشاهد كربلاء وليلة عاشوراء وما قاله الأصحاب والأنصار في مقام التضحيّة والفداء لرأيت العجب العجاب، ومن ثم قال الإمام الحسين×: (إني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبّر ولا أوصل من أهل بيتي فجزاكم الله عني جميعاً خيراً) ()، وهذا يدل على أنّ أنصار الحسين كانوا أعلى مرتبة من الشرف والسّمو والعلّو والرفعة بنحو لم يسبقهم إليها سابق ولا يلحق بهم لاحق. كما أخبر بذلك أمير المؤمنين علي× حين وصل إلى كربلاء في مسيره إلى صفين فقال: ها هنا مناخ ركاب ومصارع عشّاق شهداء، لا يسبقهم من كان قبلهم، ولا يلحقهم من بعدهم ().

إنّهم نالوا شرف الشهادة في سبيل الله وسجلوا أروع البطولات والتضحيات في حالة من الهزيمة للأمة أمام قوى الطغيان ومن كراهيتهم للموت في سبيل الله حبّاً بدنياهم وأولادهم ونسأؤهم وبيوتهم.

لقد كشف ليلة عاشوراء الغطاء لهم حتى رأوا منازلهم من الجنة، فكان الرّجل منهم يَقدِم على القتل ليبادر إلى حوراء يعانقها وغلى مكانة في الجنة، لقد كشف الله لهم الغطاء ومهد لهم الوطاء وأجزل لهم العطاء.

إنّ أنصار الحسين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فنصروه على قلّتهم، وأرخصوا له دمائهم الغالية، وإستقبلوا الموت بكل رحابة صدر، وإستقبلوا الرماح بأجسادهم والسيوف بوجوههم والنبال بنحورهم، وبذلوا مهجهم دون الحسين× وهم يقولون لا عذر لنا عند رسول الله إن قُتل الحسين× ومنا عين تطرف، لا دام لا يكون ذلك أبداً حتى نقتل دونه...

فوصفهم أحد أعدائهم قائلاً: (أتدرون من تقاتلون؟!! إنّما تقاتلون فرسان المصر وأهل البصائر وقوماً مستميتين) ().

وقيل لرجل شهد يوم الطف مع عمر بن سعد: ويحك! أقتلتم ذريّة رسول الله‘؟ فقال: إنّك لو شهدت ما شهدنا لفعلت ما فعلنا، ثارت علينا عصابة أيديها في مقابض سيوفها، كالأسود الضارية، تحطم الفرسان يميناً وشمالاً، وتلقى أنفسها على الموت، لا تقبل الأمان، ولا ترغب في المال.. ولا يحول حائل بينها وبين الورود على حياض المنيّة أو الإستيلاء على الملك، فلو كففنا عنها رويداً لأتت على نفوس العسكر بحذافيرها، فما كنّا فاعلين لا أمّ لك) ().

أجل وهكذا أنصار الإمام المهدي× الذي يأخذ بثأر سيد الشهداء وينتقم من الظالمين، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً.

عن الإمام الصادق×: لما كان من أمر الحسين× ما كان ضجّت الملائكة غلى الله بالبكاء، وقالت: يُفعل هذا باحلسين صفيّك وإبن نبيّك؟ فأقام الله لهم ظلّ القائم× وقال: بهذا إنتقم لهذا ().

وأنصاره يملكون الصفات والخصائص التي يملكها أنصار الإمام الحسين× (يبيتون قياماً على أطرافهم، ويصبحون على خيولهم، رهبان بالليل ليوق بالنّهار) (). (كأن قلوبهم زبر الحديد لا يشوبها شك في ذات الله أشد من الجمر).

وشعارهم (يالثارات الحسين) ().

وما تجديد عاشوراء وإقامة المآتم في محرم وصفر، إلّا إستعداداً ليوم الظهور، فإنّ سيد الشهداء حلقة وصل بين خاتم الأنبياء محمد وخاتم الأوصياء سمّي النبي المصطفى‘.

ثم أي سرّ في الحسين وفي يوم عاشوراء يجمع حوله كبار أمم الأرض على مرّ الأجيال وطوال الأحقاب على إختلاف أديانهم ومذاهبهم ومدارسهم الفكريّة والعقديّة، حتى يجعل الشاعر المرهف يعزف على أوتار بطولته الفذة لينشد الملحمة الحسينية التي هي رشحة من رشحات الحبّ الإنساني.

إنّ الإمام الحسين× هو المحور وأنّ شخصيته المحورية تمثل الإنسان الكامل المؤيد للعدل وللّرافض للظم المتعالي على مراتب الدنيا وحطامها، والنفوس الأبيّة والسامية تحبّ هذا النموذج البشري وتقتدى بهداه وتتأسى بسيرته الرفيعة.


توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس