عرض مشاركة واحدة
قديم 2018/06/04, 02:55 PM   #1
السيد امير الاعرجي

موالي جديد

معلومات إضافية
رقم العضوية : 5125
تاريخ التسجيل: 2017/03/23
المشاركات: 28
السيد امير الاعرجي غير متواجد حالياً
المستوى : السيد امير الاعرجي is on a distinguished road




عرض البوم صور السيد امير الاعرجي
Man3 الصدق في حياة الانسان 4

ولا ريب ـ أيّها الأصدقاء ـ أنّ معاناة العروج الروحيّ والإيمانيّ للاقتراب من دائرة الصادقين في الاعتقاد وفي العمل.. تمرّ بمرحلة محاكاة «المِثال»، والتشبّه بملامحه، والتعاطف الوجدانيّ معه، والتلبّس به. يقول الإمام عليّ عليه السّلام وهو يشير إلى هذا المفهوم

إن لم تكن حليماً فتحلَّمْ؛ فإنّه قَلّ مَن تشبّه بقوم إلاّ أوشك أن يكون منهم

والمؤمن حين يهمّه أمر الصدق ويتطلّب التلبّس بحال الصادقين.. تتفتّح له عين جديدة، هي: عين البصيرة

وعين البصيرة دفقة جديدة في إدراك المؤمن، تمنحه صدق الظنّ ورؤية الأشياء بنور جديد، وبعمق جديد

ويلحظ الناسُ مستويات مختلفة من دفقة هذا الإدراك المفاجئ، ويطلقون عليها أسماء عديدة. فهم يذكرون: الظنّ الصادق، والفطنة، والفراسة، والتوسّم، والحدس، كما يذكرون «البصيرة» ـ التي تعني النظر إلى الأشياء والعلاقات بنور خاصّ، هو من نور الله عزّوجلّ، يقول رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهو المعلّم الأكبر

اتّقوا فراسة المؤمن؛ فإنّه ينظر بنور الله عزّوجلّ

والواقع ـ أيّها الأصدقاء أنّ إنكار صدق الإدراك الذي يفاض على عين البصيرة.. يجرف الانسان إلى نمط من التفكير هو أقرب إلى التفكير المادّيّ الذي يحبس نفسه في تصيّد العلاقات الرياضيّة المباشرة بين الأشياء، ويُحرم من الفوز برؤية أوسع مدىً، وأبعد غوراً، وأوفر حكمةً وسعادة الصدق في الحياة ممّا يعين على تنمية عين البصيرة، أو يجعلها تصفو وتزدهر

يقول الإمام عليّ عليه السّلام

بالهدى يكثر الاستبصار

وبدون الاهتداء الصادق تتعطل هذه العين، ويقبع الإنسان وراء سياج الحواسّ القاصرة، فإنّه «ليست الرؤية مع الإبصار، فقد تَكدِبُ العيونُ أهلَها

وليس الأعمى مَن يَعمى بصره، إنّما الأعمى مَن تعمى بصيرته

وقبل ذلك كان كتاب الله المجيد قد جلّى هذه الحقيقة

وكشفها حين قال

فإنّها لا تَعمى الأبصار، ولكنْ تَعمى القلوبُ التي في الصدور

ويترقّى الصادقون والصادقات إلى مدىً متألّق رفيع، حين يستغرق الصدقُ دقائقَ حياتهم، في الفكر والعمل، وفي الخواطر والدوافع والنيّات؛ فيكونون في ميزان الله، وفي أثرهم على بيئاتهم قد ارتفعوا إلى درجة جديدة من الصدق، هي درجة الصدّيقين

والصدّيقيّة التي هي درجة سامية متألّقة من درجات الصدق هي أن يتحرّى الإنسانُ الصدق ليعيشه في يوميّات حياته ويستغرق فيه، فيقول ما يفعل ويفعل ما يقول، وما ثَمّ مناقضة أو مخالفة بين قوله وفعله

وهذه الخصلة القيّمة تتحوّل إلى «ملَكة» راسخة وصفة متأصّلة في النفس، بحيث لا يتأتّى لصاحبها أن يكذب، لفرط تعوّده الصدق والصدّيقيّة لها صلة قربى بالعصمة، أو إنّها تكاد تكون بمنزلة العصمة، لكنّها في ظروفها الاعتياديّة العامّة لا ترقى إلى مقام النبوّة

والذين آمنوا بالله ورسُلِه أولئك هم الصدّيقون والشهداء عند ربّهم، لهم أجرُهم ونورُهم

وقد وصف الله سبحانه بعض أنبيائه عليهم السّلام في القرآن بهذا الوصف، فذكر صدّيقيّة إبراهيم عليه السّلام وصدّيقيّة إدريس عليه السّلام إلى جوار صفتهما النبويّة، فجمع لهما الصدّيقيّة والنبوّة.. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم

كما ذكر القرآن من بين الصدّيقات: مريم ابنة عمران التي كانت وعاء حمل ابنها عيسى النبيّ عليه السّلام، ولم يكن لها هي من النبوّة شيء ما المسيحُ ابنُ مريمَ إلاّ رسولٌ قد خَلَت مِن قبله الرسُل، وأمّه صدّيقة.. كانا يأكلان الطعام

وكانت الصدّيقيّة ـ في البيئة الإسلاميّة ـ إحدى المقامات المعنويّة السامقة المنطوية في الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب. وفي أحاديث عديدة ورد تصريح من رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّ علياً عليه السّلام أفضل الصدّيقين، كقوله صلّى الله عليه وآله

سُبّاق الأمم ثلاثة، لم يكفروا بالله طَرفةَ عين عليّ بن أبي طالب، وصاحب ياسين، ومؤمن آل فرعون.. فهم الصدّيقون، وعليّ أفضلُهم
.. يتبع


hgw]r td pdhm hghkshk 4 hgw]r



رد مع اقتباس