عرض مشاركة واحدة
قديم 2016/02/28, 09:26 PM   #3
الشيخ عباس محمد

موالي بلاتيني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3773
تاريخ التسجيل: 2015/04/07
المشاركات: 1,723
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً
المستوى : الشيخ عباس محمد is on a distinguished road




عرض البوم صور الشيخ عباس محمد
افتراضي

____________
1- سورة الحجرات 49\12 .
2- سورة البقرة 2\189 .
3- سورة النور 24\27 .
4- الغدير ج6 ص121 ح2 ، نقلاً عن ألمستطرف لشهاب الدين الأبشيهي ج2 ص115 في الباب الحادي والسّتين. يظهر من القرائن أنَّ هذه القضيَّة غير سابقتها والله أعلم




زنى
المغيرة بن شعبة
وهو أحد العصابة الّتي تجرأت على الصدّيقة الزهراء(عليها السلام) بالهجوم على دار أمير المؤمنين(عليه السلام)، بل هو أحد الّذين باشروا ضرب الصديقة الزهراء(عليه السلام) كما دلّت عليه الرواية عن الطبرسي في الإحتجاج(1):
فيما احتجّ به الحسن(عليه السلام) على معاوية وأصحابه أنه قال لمغيرة بن شعبة: وأنت الذّي ضربت فاطمة بنت رسول اللّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) حتّى أدميتها(2)
ومثل هذا الفاسق الكافر الفاجر، لا يستبعد منه وقوع أشنع الأفعال وأقبحها، وفي قضيّة زناه شاهد في ردّ شبهة الباب، فلا بأس بطرح قضيّة زناه، وإن كان فيها من القذارة ما فيها، وننقل القضيّة من الغدير مع تعليق الشيخ الأميني(قدّس سرّه) عليها، حتّى يعرف مدى انحطاط وخبث هذا الشخص، ثمّ نذكر الإستشهاد بهذه الروايات لدرأ شبهة الباب.
____________
1- الإحتجاج للطبرسي ص277 .
2- البحار ج43 ص197 ح28.




قال الشيخ الأميني في غديره(1):
(( عن أنس بن مالك: إنّ المغيرة بن شعبة كان يخرج من دار الإمارة وسط النهار، وكان أبو بكرة ـ نفيع الثقفي ـ يلقاه فيقول له: أين يذهب الأمير؟ فيقول: إلى حاجة. فيقول له: حاجة ما؟ إنَّ الأمير يُزار ولا يزور.
قال: وكانت المرأة ـ أُمّ جميل بنت الأفقم ـ التي يأتيها جارةً لأبي بكرة.
قال: فبينا أبو بكرة في غرفة له مع أصحابه وأخويه نافع وزياد ورجلٌ آخر يقال له: شبل بن معبد، وكانت غرفة تلك المرأة بحذاء غرفة أبي بكرة.
فضربت الريح باب غرفة المرأة ففتحته، فنظر القوم، فإذا هم بالمغيرة ينكحها، فقال أبو بكرة: هذه بليِّةٌ ابتليتم بها، فانظروا. فنظروا حتّى أثبتوا، فنزل أبو بكرة حتّى خرج عليه المغيرة من بيت المرأة فقال له: إنَّه قد كان من أمرك ما قد علمت فاعتزلنا، قال: وذهب ليصلّي بالناس الظهر فمنعه أبو بكرة، وقال له: واللّه لا تصلّي بنا وقد فعلت ما فعلت. فقال النّاس: دعوه فليصلِّ فإنَّه الأمير واكتبوا بذلك إلى عمر. فكتبوا إليه فورد كتابه أن يقدموا عليه جميعاً المغيرة والشهود.
قال مصعب بن سعد: إنَّ عمر بن الخطاب جلس ودعا بالمغيرة والشهود، فتقدَّم أبو بكرة، فقال له: أرأيته بين فخذيها؟ قال: نعم واللّه لكأنّي أنظر تشريم جدري بفخذيها، فقال له المغيرة: لقد ألطفت النظر، فقال له: ألم أك قد أثبت ما
____________
1- الغدير ج6 ص138 .




يخزيك اللّه به؟ فقال له عمر: لا والله حتّى تشهد، لقد رأيته يلج المرود في المكحلة؟ فقال: نعم أشهد على ذلك، فقال له: اذهب، مغيرة ذهب ربعك، ثمَّ دعا نافعاً، فقال له: علامَ تشهد؟ قال: على مثل شهادة أبي بكرة. قال: لا حتّى تشهد أنَّه يلج فيه ولوج المرود في المكحلة، فقال: نعم حتّى بلغ قذذه. فقال: إذهب، مغيرة ذهب نصفك، ثمَّ دعا الثالث، فقال: علامَ تشهد. فقال: على مثل شهادة صاحبيَّ. فقال له: اذهب، مغيرة ذهب ثلاثة أرباعك، ثمَّ كتب ـ عمر ـ إلي زياد، فقدم على عمر، فلمّا رآه جلس له في المسجد، واجتمع له رؤوس المهاجرين والأنصار، فقال المغيرة: ومعي كلمة قد رفعتها لأحلم القوم، قال: فلمّا رآه عمر مقبلاً قال: إنّي لأرى رجلاً لن يُخزي اللّه على لسانه رجلاً من المهاجرين. فقال: يا أمير المؤمنين أما أنّ الحق ماحقّ القوم، فليس ذلك عندي، ولكنّي رأيت مجلساً قبيحاً، وسمعت أمراً حثيثاً وانبهاراً، ورأيته متبطّنها، فقال له: أرأيته يدخله كالميل في المكحلة؟ فقال: لا.
وفي لفظ قال: رأيتُه رافعاً برجليها، ورأيت خصيتيه تتردَّدان بين فخذيها، ورأيت خفزاً شديداً، وسمعت نفساً عالياً.
وفي لفظ الطبري قال: رأيته جالساً بين رجلي إمرأة، فرأيت قدمين مخضوبتين تخفقان، وإستين مكشوفتين، وسمعت خفزاناً شديداً.
فقال له: أرأيته يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة؟ فقال: لا، فقال عمر: اللّه أكبر قم إليهم فاضربهم، فقام إلى أبي بكرة فضربه ثمانين، وضرب الباقين، وأعجبه قول زياد، ودرأ عن المغيرة الرَّجم، فقال أبو بكرة بعد أن ضُرب: فإنِّي




أشهد أنَّ المغيرة فعل كذا وكذا. فهمَّ عمر بضربه، فقال له عليٌّ(عليه السلام) : إن ضربته رجمت صاحبك، ونهاه عن ذلك(1).
قال الأميني: لو كان للخليفة قسطٌ من حكم هذه القضيَّة لما همَّ بجلد أبي بكرة ثانياً، ولا عزب عنه حكم رجم المغيرة إن جُلد.
وإن تعجب فعجبٌ إيعاز الخليفة إلى زياد لمّا جاء يشهد بكتمان الشهادة بقوله: إنَّي لأرى رجلاً لن يخزي اللّه على لسانه رجلاً من المهاجرين(2) أو بقوله: أما أنّي أرى وجه رجل أرجو أن لا يُرجم رجلٌ من أصحاب رسول اللّه(صلى اللّه عليه وآله وسلم) على يده، ولا يُخزى بشهادته(3) أو بقوله: إنّي لأرى غلاماً كيِّساً لا يقول إلاّ حقاً، ولم يكن ليكتمني شيئاً(4) أو بقوله: إنّي أرى غلاماً كيِّساً لن يشهد إن شاء اللّه إلاّ بحق(5)، وهو يوعز إلى أنَّ الذين
____________
1- الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ج14 ص146 . تاريخ الطبري ج4 ص207. فتوح البلدان للبلاذري ص352، تاريخ الكامل لابن الأثير ج2 ص228، تاريخ ابن خلكان ج2 ص455 . تاريخ ابن كثير ج7 ص81 . شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج3 ص161، عمدة القارى ج6 ص340.
2- الأغاني كما مر.
3- فتوح البلدان للبلاذري ص353.
4- سنن البيهقي ج8 ص235 .
5- كنز العمال .




تقدَّموه أغرارٌ شهدوا بالباطل، وعلى أيِّ فقد استشعر زياد ميل الخليفة إلى درأ الحدَّ عن المغيرة، فأتى بجمل لا تقصر عن الشَّهادة، لكنَّه تلجلج عن صراح الحقيقة لمّا انتهى إليه، وكيف يصدَّق في ذلك؟ وقد رأى إستاً مكشوفة، وخصيتين متردِّدتين بين فخذي أُمّ جميل، وقدمين مخضوبتين مرفوعتين، وسمع خفزاناً شديداً ونفساً عالياً، ورآه متبطّناً لها، وهل تجد في هذا الحدِّ مساغاً لأن يكون الميل في خارج المكحلة؟ أو أن يكون قضيب المغيرة جامحاً عن فرج أمّ جميل؟.
نعم: كان في القضيَّة تأوّلٌ واجتهادٌ، أدّى إلى أهميَّة درأ الحدِّ في المورد خاصَّة، وإن كان الخليفة نفسه جازماً بصدق الخزاية، كما يُعربُ عنه قوله للمغيرة: واللّه ما أظنُّ أبا بكرة كذب عليك، وما رأيتك إلاّ خفت أن أُرمى بالحجارة من السَّماء. قاله لمّا وافقت أُمّ جميل عمر بالموسم، والمغيرة هناك فسأله عنها. فقال: هذه أُمّ كلثوم بنت عليّ. قال عمر: أتتجاهل عليَّ؟ واللّه ما أظنّ. إلخ(1).
وليت شعري لماذا كان عمر يخاف أن يُرمى بالحجارة من السَّماء؟ ألِردِّه الحدَّ حقّاً؟ وحاشا اللّه أن يرمي مقيم الحقّ، أو لتعطيله الحكم؟ أو لجلده مثل أبي بكرة الذي عدّوه من خيار الصَّحابة، وكان من العبادة كالنّصل؟ أنا لا أدري.
وكان عليٌّ أمير المؤمنين(عليه السلام) يصافق عمر على ما ظنَّ أو جزم به، فخاف أن يُرمى بالحجارة، وينمُّ عن ذلك قوله(عليه السلام) : لئن لم ينته المغيرة لأتبعنَّه أحجاره. أو
____________
1- الأغاني ج14 ص147 . شرح النهج ج3 ص162 .




قوله: لئن أخذت المغيرة لأتبعنَّه أحجاره(1).
وقد هجاه حسّان بن ثابت في هذه القصَّة بقوله:
لو أنَّ اللّوم يُنسب كان عبداً
.قبيح الوجه أعور من ثقيفِ
تركتَ الدِّين والإسلام لمّا
بدت لك غدوة ذات النصيفِ
وراجعت الصّبا وذكرت لهواً
من القينات في العمر اللطيفِ(2)

ولا يشكُّ ابن أبي الحديد المعتزلي في أنَّ المغيرة زنى بأمّ جميل وقال: إنَّ الخبر بزناه كان شايعاً مشهوراً مستفيضاً بين النّاس(3) غير أنّه لم يخطئ عمر بن الخطاب في درأ الحدِّ عنه، ويدافع عنه بقوله: لأنَّ الإمام يستحبُّ له درأ الحدِّ وإن غلب على ظنِّه أنَّه قد وجب الحدُّ عليه.
عزب على ابن أبي الحديد أنَّ درأ الحدِّ بالشّبهات لا يخصُّ بالمغيرة فحسب، بل للإمام رعاية حال الشهود أيضاً، ودرأ الحدِّ عنهم، فأنَّى للإمام دارأ الحدِّ عمَّن يُقال: أنَّه كان أزنى الناس في الجاهليَّة، فلمّا دخل في الإسلام قيَّده الإسلام، وبقيت عنده منه بقيّة ظهرت في أيّام ولايته بالبصرة(4)؟ أنّى له رفع اليد عن مثل الرَّجل وقد غلب على ظنِّه وجوب الحدِّ عليه، وحُكمه بالحدِّ على أبرياء ثلاثة
____________
1- الأغاني ج14 ص147.
2- الأغاني ج14 ص147 . شرح ابن ابي الحديد ج3 ص163 .
3- شرح نهج البلاغة ج3 ص163 .
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج3 ص136 نقلاً عن المدايني .




يشكُّ في الحدِّ عليهم، وفيهم من يُعدُّ من عبّاد الصّحابة؟ وأنّى يتأتّى الإحتياط في درأ الحدّ عن واحد مثل المغيرة برمي ثلاثة بالكذب والقذف، وتشويه سمعتهم في المجتمع الدينيَّ وتخذيلهم بإجراء الحدِّ عليهم؟ ))
ونحن بحاجة إلى أن ندقق النظر في هذه العبارة السابقة( فضربت الريح باب غرفة المرأة ففتحته، فنظر القوم فإذا هم بالمغيرة ينكحها، فقال أبو بكرة: هذه بليّة ابتليتم بها، فانظروا، فنظروا حتّى أثبتوا )).
فنجد أنّ هناك باباً قد فتحتها الريح، ولم تكن ستارة، وإلاّ لقيل: ارتفعت الستارة، أو تطايرت، ويؤكّد ذلك أنّ الباب بقي مفتوحاً، حتّى أنّ البقيّة نظروا، ودققوا النظر في ذلك بشكل دقيق، كما يتبيّن ذلك من مقام شهادتهم، ولو كانت مجرّد ستارة تعبث بها الريح لما أمكن ذلك بتلك الصورة الدقيقة.


رد مع اقتباس