اللهم صل على محمد وآل محمد..
كما ينقب عاملو المناجم أجواف الأرض بحثا عن اللآلىء والمعادن الثمينة ، وحتى لو كانت في ظروف كالحميم، أو لو تطلب الأمر تنقلهم بين منجم وآخر، فان سلمان الفارسي فاقهم اصرارا في عماية بحثه عن الحق الذي يبحث عنه ، ولم يكتف أن يكون على دين آبائه. يستوقفني سلمان الفارسي.
هو استبصار بكل معنى الكلمة في عملية تحول من عبدة للنار الى المسيحية الى الاسلام والى ولاية علي حتى الرمق الأخير من حياته. وما لاقاه سلمان في مسيرة بحثه وتنقيبه حتى استهدى.
عاش سلمان الفارسي 250عاما. ابى فيها أن يكون أحدا من الناس ،يأكل ويشرب وينام ، ويكرر ما يفعل دون ان يسأل عقله عن هدف الحياة حتى وجدها في خالق ليس نارا ، وليس مجزءا ، بل هو اله واحد أحد على يد نبي عربي هاشمي وجده في مكة بعد ان وصل اليها بجهد جهيد.
كان مقررا أن يكون سلمان دهقانا كأبيه ، في مدينة من مدن بلاد فارس، وكانوا يوقد النار التي لا يجب أن تخبو ، ثم عندما لاحت لسلمان أفاق في الاجابة عن أسئلته غادر أهله وبيئته متحديا والده الذي حبسه مكبلا، ورأى في المسيحية في بلاد الشام والموصل وعمورية دينا امضى في كنائسه متفقها ، ولم يكتف ، ترجى أن يعرف الحقيقة فقاده مؤمن عمورية أن يفتش عن نبي عنده الاجابة على كل اسئلته في الحياة والموت والأنبياء والرسل والقضاء والقدر، وقال له :
"فَمِن حق المؤمن على اخيه المؤمن و الصّاحب على صاحبه، ان يصدقه القول، ويخلص له النّصيحة!
والله يا بُنيّ، لقد أظلّك زمانُ نبيٍّ مبعوث بدين ابراهيم يخرج بأرض العرب، مهاجراً الي أرض بين حرّتين بينهما نخيل، به علامات لا تَخفى:
يأكل الهديّة، ولا ياكل الصّدقة، بين كتفَيهِ خاتَم النبوّة! ..
وإنّي لأراك مُدركَه! ».
عمل سلمان وجمع مالا ، حتى سمع بقافلة تتوجه الى يثرب ، عرض عليهم كل ماله ليأخذوه معهم، أخذوه وباعوه عبدا ، وتنقل عبدا من يهودي الى يهودي يعمل عندهم، الى أن سمع بالنبي العربي، أراد أن يراه ويفحص علاماته رفضى أسياده أن يحرروه ، ومضت بدر وأحد وسلمان عبد ، حتتى تمكن ان يرسل خبر للنبي وأن يواجهه وان يؤمن بأنه النبي الموعود ، ومن ثم النبي يحرره منهم وبعدها يصبح سلمان من صحابة الرسول الذي يقف معه في كل الغزوات وان لخطة سلمان في حفر الخندق في معركة الأحزاب لفضيلة في نصر الاسلام والمسلمين، وقد أعلن الرسول عليه الصلاة والسلام أن سلمان منا أهل البيت ، ولم يغب عن سلمان انه من أهل البيت بعد وفاة النبي فبقي مع علي حافظا لوصية الرسول فيه وقد وقف خطيبا في الناس.
" « أيّها النّاس! ألا إنّ لكم منايا، تَتَبعُها بلايا، فإنّ عند عليٍّ علمَ المنايا، وعلم الوصايا، وفصلَ الخطاب! على منهاج هارون بن عمران، قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى. فإذا رأيتم أيّها النّاس الفتنَ كقِطَع الليل المظلم يهلك فيها الراكب المُوضِع ( أي: المُسرع )، والخطيبُ المُصْقِع ( البليغ )، والرأس المتبوع، فعليكم بآلِ محمّد؛ فإنهم القادة الى الجنّة والدّعاة اليها يوم القيامة، وعليكم بعليّ، فوالله، لقد سلّمنا عليه بالولاء مع نبيّنا، فأين يُذهَب بكم؟! وَيْحَكم! .. والله ماأدري: أتجهلون أم تتجاهلون؟ أم نسيتم أم تتناسَون؟ .. أنزِلوا آلَ محمّد منكم منزلة الرأس من الجسد، بل منزلةَ العينَين من الرأس! ».
واستقر سلمان في الدين القويم له مكانته وتزوج من كندة ويتابع الفتوحات مع الخلفاء بعد الرسول الى ان تتوفاه المنية في رحلة حياة تليق بسلمان ان يحصل فيها على الجنة مع رسول الله وامير والمؤمنين في اعلى عليين.
قصة سلمان الفارسي وسمي سلمان المحمدي، من اعظم دروس الشخصيات في التاريخ الذي يجب أن نتعلمها ونضعها نصب أعيننا ونحن نفكر في عقيدتنا ، ونعرف أن العقيدة ليست ارثا نحمله، بل هي مسيرة جهاد مضني تماما كما يحصل مع المستبصرين.
sglhk hgthvsd H,g lsjfwv>