عرض مشاركة واحدة
قديم 2018/07/24, 01:08 PM   #1
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي غرفات من بحر الأخلاق الرضوية


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته






ان الأخلاق تعني : الملكات الراسخة في النفس توجب صدور الفعل بسهولة ، وإنّها حسنة أو سيئة ، وان الله سبحانه هو الحسن الجميل في ذاته وصفاته وأفعاله ، وانه الكمال المطلق ومطلق الكمال ، فمن تخلّق بأخلاقه وصفاته وأسمائه كان سيداً في الأخلاق الحسنة ، وفي المكارم والفضائل ، وامتاز الإمام الرضا عليه آلاف التحية والثناء بأخلاقه الرفيعة التي تتجلى فيها أخلاق الله وأخلاق أنبيائه ورسله ، فكان كجده المصطفى محمد 6 كله خلق ، كما مدحه الله بذلک بقوله تعالى (وانک لعلى خلق عظيم ) وكان خلقه القرآن ، والقرآن مأدبة الله وانه ليتجلّى فيه .

فحياة الإمام الرضا 7 وسيرته الطيّبة كلها أخلاق الهية ونبويّة ، والشواهد على ذلک تفوق حدّ الاحصاء.

قيل لأبي نؤاس الشاعر العباسي المعروف : لِمَ لا تمدح الإمام الرضا 7 فأجاب :

قيل لي أنت أوحد الناس طرّاً في علوم الورى وشعر البديهة



لک من جوهر الكلام نظام يُثمر الدرّ في يدي مجتبيه


فعلى مَ تركت مدح ابن موسى والخصال التي تجمعن فيه


قلت : لا اهتدي بمدح إمام كان جبرئيل خادماً لأبيه[1]

ان رسالات السماء لتصنع القدوة الصالحة والاسوة الحسنة للبشرية جمعاء، ومن اولئک الذين أمر الله سبحانه أن نقتدي بهديهم وأخلاقهم وسيرتهم العطرة الإمام الرضا 7 فامتاز بانسانية عملاقة استمدها من روح رسالة السماء، واستهوى به قلوب الناس ومودّتهم . ولقد اعترف المؤالف والمخالف بمكارم أخلاقه وأفضليته وأعلميته ، وهذه نماذج ممّا يدل على حسن خلقه :

1 ـ عن أبي الصلب الهروي وياسر الخادم وغيرهما: ان المأمون قال للرضا 7: يابن رسول الله قد عرفت فضلک وعلمک وزهدک وورعک وعبادتک ، وأراک أحق بالخلافة منّي .

فقال الرضا 7: بالعبودية أفتخر، وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شرّ الدنيا، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم ، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله[2] .




واليكم نبذة يسير جداً من سيرته وأخلاقه المحمودة :

2 ـ روى الشيخ الصدوق عن ابراهيم بن العباس أنه قال : ما رأيت أبا الحسن الرضا 7 جفا أحداً بكلمةٍ قطّ ، وما رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه ، وما ردّ أحداً عن حاجة يقدر عليها، ولا مدّ رجليه بين يدي جليس له قطّ ، ولا



اتكأ بين يدي جليس له قط ، ولا رأيته شتم أحداً من مواليه ومماليكه قطّ ، ولا رأيته تفل قطّ ، ولا رأيته يقهقه في ضحكه قطّ ، بل كان ضحكه التبسّم[3] .




3 ـ وروى الشيخ الكليني في الكافي بسنده : انه نزل بأبي الحسن الرضا 7 ضيف ، وكان جالساً عنده يحدّثه في بعض الليل ، فتغيّر السراج ، فمدّ الرجل يده ليصلحه ، فزبره أبو الحسن 7، ثم بادره بنفسه فأصلحه ، ثم قال : إنّا قوم لا نستخدم أضيافنا.

فان الضيف حبيب الله وله كرامة ، فكيف يستخدمه صاحب الدار، بل المفروض أن يكون هو في خدمته كما فعل الإمام أبوالحسن الرضا 7 فهو القدوة الصالحة قولاً وفعلاً.

4 ـ وفي رواية دخل الإمام الرضا 7 إلى دار مع المعتّب فنظر إلى غلمانه يعملون بالطين أوارى الدواب ـ محبسها ـ وغير ذلک ، وإذا معهم أسود ليس منهم .

فقال : ما هذا الرجل معكم ؟ قالوا: يعاوننا ونعطيه شيئاً، قال : قاطعتموه على أجرته ؟ ـ ويسمى بأجرة المسمّى ـ قالوا: لا، هو يرضى منّا بما نعطيه ، فأقبل عليهم وغضب لذلک غضباً شديداً، فقلت : جعلت فداک ! تدخل على نفسک ؟ ـ أي لِمَ تؤذي نفسک ؟ ـ فقال : إني قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرة ـ وهذا ممّا يشدّد الغضب انهم قد ذكرهم بذلک تكراراً ولكن مع ذلک خالفوا ـ ان يعمل معهم أحد حتى يقاطعوه أجرته ، واعلم انه ما من أحد يعمل لک شيئاً بغير مقاطعة ثم زدته لذلک الشيء ثلاثة أضعاف على أجرته ـ المسمّاة بأجرة المثل ـ إلّا ظنّ انک



نقصته أجرته ، وإذا قاطعته ثم أعطيته أجرته حمدک على الوفاء، فان زدته حبّةً عرف ذلک لک ـ أي يرى ذلک انه من معروفک فيشكرک ـ ورأى انک قد زدته .

سبحان الله ما أروع ما قاله الإمام وما فعله ، فانه يحكي عن نفوس الناس من أعماقهم وقد أعطى بذلک درساً في علم النفس ، ودرساً في حقوق العمّال ، ودرساً في الوفاء والجود، وهكذا دروس وعبر يقف عليها الألمعي ، فارجع البصر كرّة أُخرى لتقف على ما أقوله كما جربت ذلک مع الناس ، فوجدته حقاً، فكم جرى النزاع مع من لم تقاطعه في الاجرة ، وكم شكرک حينما قاطعته وزت عليه درهماً، فلابد من التعاقد بين العامل وربّ العمل ، من تسمية الاجرة والمقاطعة على الأجر المعلوم ، يضمن حق الطرفين دون نزاع أو خلاف .

5 ـ وروى عن ياسر الخادم كان يخدم الإمام الرضا 7 قال : أكل الغلمان يوماً فاكهة ـ كالتفاح ـ فلم يستقصوا أكلها ـ أي لم يأكلوها كلها ـ ورموا بها، فقال لهم أبو الحسن الرضا 7: سبحان الله ان كنتم استغنيتم ، فان اناساً لم يستغنوا، أطعموه من يحتاج إليه .

وبهذا الخلق الرفيع والموعظة الحسنة يمارس الإمام 7 اُسلوباً تربوياً ويعطينا دروساً قيمة أولاً: في مراقبة الغلمان ومن كان تحت إشرافک ، وثانياً : تصحيح سلوكهم الخاطئ ، وثالثاً: عدم الاسراف، ورابعاً: التفكير بالفقراء والمحتاجين بسد حاجاتهم ، وليس في الأكل وحسب بل في كل ما يحتاجونه وعندک الزائد، وخامساً: السخاء والجود وسادساً: اليقظة وعدم الغفلة ، وسابعاً : عدم التبطّر والابتذال ، وغير ذلک من الدروس النافعة في حياتنا الفردية والاجتماعية .


وقفة متأمّل :

6 ـ ومن روائع سيرة الإمام 7 مع أصحابه وشيعة جدّه أميرالمؤمنين علي 7 وكيف يؤدّبهم ويحثّهم على الالتزام بالفرائض الدينية ، وعدم التهاون بحقوق الآخرين .

ففي كتاب الاحتجاج للطبرسي بسنده قال : لما جعل إلى علي بن موسى الرضا7 ولاية العهد دخل عليه آذنه ـ خادمه ـ فقال : ان قوماً بالباب يستأذنون عليک يقولون : نحن من شيعة علي 7 فقال 7: أنا مشغول فاصرفهم ، فصرفهم .

فلمّا كان في اليوم الثاني جاءوا وقالوا كذلک ، فقال مثلها، فصرفهم إلى أن جاءوه هكذا يقولون ويصرفهم شهرين ، ثم أيسوا من الوصول ، وقالوا للحاجب : قل لمولانا: إنّا شيعة أبيک علي بن أبي طالب 7، وقد شمت بنا أعداؤنا في حجابک لنا، ونحن ننصرف هذه الكرّة ، ونهرب من بلدنا خجلاً وأنفةً ممّا لحقنا، وعجزاً عن احتمال مضض ما يلحقنا بشماتة أعدائنا.

فقال علي بن موسى الرضا 7: إئذن لهم ليدخلوا، فدخلو عليه ، فقالوا : يابن رسول الله، ما هذا الجفاء العظيم والاستخفاف بعد هذا الحجاب الصعب ؟ أيّ باقية تبقى منّا بعد هذا؟

فقال الرضا 7: اقرأوا (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصيüبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْديüكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثيüرٍ)[4] .




ما اقتديت إلّا بربي عزوجل فيكم ، وبرسول الله 6 وبأميرالمؤمنين 7
ومن بعده من آبائي الطاهرين عتبوا عليكم فاقتديت بهم .

قالوا: لماذا يابن رسول الله؟!

قال لهم : لدعواكم أنكم شيعة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب 7، ويحكم انما شيعته الحسن والحسين 8 وسلمان وأبوذر والمقداد وعمّار ومحمّد بن أبي بكر الذين لم يخالفوا شيئاً من أوامره . ولم يرتكبوا شيئاً من فنون زواجره ، فأمّا أنتم إذا قلتم أنكم من شيعته ، وأنتم في أكثر أعمالكم له مخالفون ، مقصّرون في كثير من الفرائض ، ومتهاونون بعظيم حقوق اخوانكم في الله، وتتقون حيث لا تجب التقية ، وتتركون التقيّة حيث لابدّ من التقية ، لو قلتم أنكم موالوه ومحبّوه ، والموالون لأوليائه ، والمعادون لأعدائه ، لم أنكره من قولكم ، ولكن هذه مرتبة شريفة ادّعيتموها، ان لم تصدّقوا قولكم بغعلكم ، إلّا ان تتدارككم رحمة من ربكم .

قالوا: يابن رسول الله فانا نستغفر الله ونتوب اليه من قولنا، بل نقول ـ كما علّمتنا مولانا ـ نحن محبّوكم ومحبّوا أوليائكم ومعادو أعدائكم .

قال الرضا 7: فمرحباً بكم يا اخواني وأهل ودّي ، ارتفعوا ارتفعوا فما زال يرفعهم حتى ألصقهم بنفسه ، وتفقد أُمورهم وأُمور عيالاتهم ، فأوسعهم بنفقات ومبرّات وصلات[5] .




yvthj lk fpv hgHoghr hgvq,dm



توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس