مرض فاطمة الزهراء(عليها السلام):
قال سويد بن غفلة : لما مرضت فاطمة سلام الله عليها ،
المرضة التي توفيت فيها دخلت عليها نساء المهاجرين والأنصار يعدنها ، فقلن لها :
كيف أصبحت من علتك يا بنت رسول الله ؟ فحمدت الله ، وصلت على أبيها ، ثم قالت :
أصبحت والله : عائفة لدنياكن ، قالية لرجالكن ، لفظتهم بعد أن عجمتهم وسئمتهم بعد
أن سبرتهم فقبحا لفلول الحد ، واللعب بعد الجد ، وقرع الصفات وصدع القناة ،
وختل الآراء وزلل الأهواء ، وبئس ما قدمت لهم أنفسهم : أن سخط الله عليهم ،
وفى العذاب هم خالدون . لا جرم لقد قلدتهم ربقتها وحملتهم أوقتها وشننت عليهم غاراتها فجدعا ،
وعقرا وبعدا ، للقوم الظالمين . ويحهم انى زعزعوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة والدلالة ،
ومهبط الروح الأمين ، والطبين بأمور الدنيا والدين ؟ ! ألا ذلك هو الخسران المبين !
وما الذي نقموا من أبى الحسن (عليه السلام) ؟ ! نقموا والله منه نكير سيفه ، وقلة مبالاته لحتفه ،
وشدة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمره في ذات الله وتالله لو مالوا عن المحجة اللايحة ،
وزالوا عن قبول الحجة الواضحة ، لردهم إليها ، وحملهم عليها ولسار بهم سيرا سجحا
لا يكلم حشاشة ولا يكل سائرة ولا يمل راكبة ، ولأوردهم منهلا نميرا ، صافيا ، رويا ،
تطفح ضفتاه ولا يترنق جانباه ولأصدرهم بطانا ، ونصح لهم سرا وإعلانا ،
ولم يكن يتحلى من الدنيا بطائل ، ولا يحظى منها بنائل ، غير ري الناهل ، وشبعة الكافل ،
ولبان لهم : الزاهد من الراغب والصادق من الكاذب ، ولو أن آهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا
عليهم بركات من السماء والأرض ، ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ،
والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين !
إلا هلم فاسمع ؟ ! وما عشت أراك الدهر عجبا ! وان تعجب فعجب قولهم!.
ليت شعري إلى أي إسناد استندوا ؟ ! والى أي عماد اعتمدوا ؟ ! وبأية عروة تمسكوا ؟ !
وعلى أية ذرية أقدموا واحتنكوا لبئس المولى ولبئس العشير ، وبئس للظالمين بدلا ،
استبدلوا والله الذنابى بالقوادم والعجز بالكاهل فرغما لمعاطس قوم يحسبون إنهم يحسنون صنعا .
ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون . ويحهم أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أم من
لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ؟ ! أما لعمري لقد لقحت ، فنظرة ريثما تنتج ،
ثم احتلبوا ملاء القعب دما عبيطا وزعافا مبيدا ، هنالك يخسر المبطلون ،
ويعرف البطالون غب ما أسس الأولون ، ثم طيبوا عن دنياكم أنفسا ، واطمأنوا للفتنة جاشا ،
وابشروا بسيف صارم ، وسطوة معتد غاشم ، وبهرج شامل ، واستبداد من الظالمين : يدع فيئكم زهيدا ،
وجمعكم حصيدا ، فيا حسرة لكم ! واني بكم وقد عميت عليكم ! انلزمكموها وانتم لها كارهون .
قال سويد بن غفلة فأعادت النساء : قولها (عليها السلام) على رجالهن فجاء إليها :
قوم من المهاجرين والأنصار متعذرين ، وقالوا : يا سيدة النساء ،
لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر قبل أن يبرم العهد ، ويحكم العقد ، لما عدلنا عنه إلى غيره ،
فقالت (عليها السلام ) : إليكم عني فلا عذر بعد تعذيركم ، ولا أمر بعد تقصيركم .
وفي البحار عن العياشي قال دخلت أم سلمه على فاطمة (عليها السلام) فقالت لها :
كيف أصبحت عن ليلتك يا بنت رسول الله ؟ قالت : أصبحت بين كمد وكرب ،
فقد النبي وظلم الوصي ، هتك والله حجابه من أصبحت إمامته مقيضة على غير
ما شرع الله في التنزيل وسنها النبي (صلى الله عليه وآله) في التأويل ،
ولكنها أحقاد بدرية وترات أحدية كانت عليها قلوب النفاق مكمنة لا مكان للوشاة ،
فلما استهدف الأمر أرسلت علينا شآبيب الآثار من مخيلة الشقاق فيقطع وتر الإيمان من قسي صدورها ،
ولبئس على ما وعد الله من حفظ الرسالة وكفالة المؤمنين ،
أحرزوا عائدتهم غرور الدنيا بعد استنصار ممن فتك بآبائهم في مواطن الكرب ومنازل الشهادات.
وروي إنها قالت لأسماء بنت عميس : إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء أنه يطرح
على المرأة الثوب فيصفها لمن رأى وقالت : إني نحلت وذهب لحمي ألا تجعلين لي شيئا يسترني ،
قالت أسماء : إني إذ كنت بأرض الحبشة رأيتهم يصنعون شيئا ، أفلا اصنع لك فإن أعجبك أصنع لك ؟
قالت : نعم ، فدعت بسرير فاكبته لوجهه ثم دعت بجرائد فشدته على قوائمه ثم جللته ثوبا ،
فقالت هكذا رأيتهم يصنعون ، فقالت سلام الله عليها :
اصنعي لي مثله أستريني ، سترك الله من النار .
وروي أنها لما رأت ما صورته أسماء تبسمت ، وما رؤيت متبسمة إلا يومئذ
وقالت : ما أحسن هذا وأجمله لا تعرف به المرئة من الرجل
lvq th'lm hg.ivhx(ugdih hgsghl):