عرض مشاركة واحدة
قديم 2012/11/29, 08:08 AM   #16
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي

المبحث الثاني
آثار الزواج من الكتابية


ويستتبع الزواج من الكتابية أحكاماً خاصة في الرضاعة والحضانة والمهر، والإرث والاستمتاع والنفقة.
أولاً: الرضاعة.
وردت في الرضاعة بعض النصوص لابد من إيرادها.
عن أبي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن سعيد بن يسار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تسترضع للصبي المجوسية وتسترضع له اليهودية والنصرانية ولا يشربن الخمر يمنعن من ذلك ويكره لبن الحمقاء وقبيحة الوجه ويستحب لبن الوضاء من النساء.
وقد علق صاحب المسالك على هذا الحديث قائلاً: ولا تسترضع الكافرة هذا النهي على وجه الكراهة (في الذمية) لا التحريم بقرينة قوله: «وتتأكد الكراهة في ارتضاع المجوسية» لأن التأكيد يقتضي كراهة في غيرها، ولم يسبق منه الحكم بأصل الكراهة في الذمية بخصوصها حتى يكون في المجوسية آكد، كما صنع غيره فيبقى حينئذٍ حاصل كراهة الكافرة مطلقاً والمجوسية أشد كراهة، ويدل على الجواز مطلقاً، مضافاً إلى أصالة رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: «سألت أبا عبد الله (عليه السلام): هل يصلح للرجل أن ترضع له اليهودية والنصرانية والمشركة؟ قال: لا بأس، وقال: امنعوهن من شرب الخمر»، وهو شامل لجميع أصناف الكفار.
وعلى الكراهة مطلقاً ما تقدم من الأخبار الدالة على أن للبن تأثيراً في الولد مطلقاً، وعلى تأكد الكراهة في المجوسية ورود النهي عنها في بعض الأخبار المحمول على تأكد الكراهة جمعاً، ففي صحيحة سعيد بن يسار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لا تسترضع للصبي المجوسية وتسترضع له اليهودية والنصرانية ولا يشربن الخمر، يمنعن من ذلك» وروى عبد الله بن هلال عنه (عليه السلام) أنه قال: «إذا أرضعوا لكم فامنعوهن من شرب الخمر».
وهذا المنع على وجه الاستحقاق إن كانت المرضعة أمة أو مستأجرة شرط عليها ذلك في العقد وإلا توصّل إليه بالرفق استحباباً لأنه يؤثر في الطباع تأثيراً خبيثاً فيتعدى إلى اللبن ويمكن أن يكون وجه كراهته تسليمه إليها لتحمله إلى منزلها حذراً من أن تسقيه شيئاً من ذلك، مضافاً إلى النهي عن الركون إلى الذين ظلموا، وهي منهم وإنها ليست مأمونة عليه,
ثانياً: الحضانة.
تعني الولاية على الطفل لتربيته وتدبير شؤونه، وشرعاً عرفت الحضانة بأنها تربية من لا يستقل بأموره بما يصلحه ويقيه عما يضرّه ولو كان كبيراً مجنوناً وهو تعريف الأنصاري، وعرفه ابن عابدين أنه تربية الولد لمن له حق الحضانة، وعند الشافعية: تربية الصبي بما يصلحه وعند الحنابلة والإباضية: حفظ الولد في نفسه، ومؤونه وطعامه ولباسه ومضجعه وتنظيف جسده.
ويشترط المالكية والحنفية إسلام الحاضنة فيصح كون الحاضنة كتابية أو غير كتابية سواء كانت أماً أم غيرها لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) خيّر بين أبيه المسلم وأمه المشركة فمال إلى الأم فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما رواه أبو داود وغيره: «اللهم اهدهٍ، فعدل إلى أبيه» ولأن مناط الحضانة الشفقة وهي لا تختلف باختلاف الدين.
ويبقى المحضون مع الحاضنة غير المسلمة في رأي المالكية إلى انتهاء مدة الحضانة شرعاً، ولكنها تمنع من تغذيته بالخمر ولحم الخنزير، فإن خشينا أن تفعل الحرام أعطي حق الرقابة إلى أحد المسلمين ليحفظ الولد من الفساد، ولم يشترط المالكية أيضاً إسلام الحاضن أو الحاضنة لأن حق الحضانة للرجل لا يثبت عندهم إلا إذا كان عنده من النساء من يصلح للحضانة كزوجة أو أم أو خالة أو عمة، فتكون الحضانة في الواقع حقاً للمرأة.
ويقول الشيخ محمد جواد مغنية في رأي المذاهب الإسلامية: واختلفوا: هل الإسلام شرط: قال الإمامية والشافعية: لا حضانة لكافر على مسلم، وبقية المذاهب لم يشترطوا الإسلام إلا أن الحنفية قالوا: بارتداد الحاضن أو الحاضنة يسقط الحضانة.
وتشترط الحنفية في الحضانة أمور هي:
أحدها أن لا يرتد الحاضن فإن ارتدت سقط حقها في الحضانة سواء لحفت بدار الحرب أو لا، فإن تابت رجع لها حقها، ولا يشترط الإسلام فإن كان متزوجاً بذمية فإن لها أن تحضن ابنها فيه بشرط أن يأمن عليه الكفر والفساد، فإذا لم يأمن كأن رآها تذهب به إلى الكنيسة أو رآها تطعمه لحم الخنزير أو تسقه الخمر، فإن للأب أن ينزعه منها.
وتشترط الشافعية الإسلام: فلا حضانة لكافر على مسلم، أما حضانة الكافر للكافر والمسلم للكافر فإنها ثابتة.
ولا يشترط الحنابلة الإسلام، إلا ما ورد في الكافي في فقه ابن حنبل «ولا حضانة لكافر على مسلم».
أما المالكية فلا يشترطون في الحاضن أن يكون مسلماً ذكراً كان أو أنثى، فإن خيف على الولد من أن تسقيه خمراً أو تغذيه بلحم خنزير ضمت حاضنته إلى مسلمين يراقبوها ولا ينزع منها الولد، ولا فرق في ذلك بين الذمية والمجوسية.
وفي مسالك الإفهام (رأي الشيعة الإمامية):
الحضانة هي بفتح الحاء ولاية على الطفل والمجنون لفائدة تربيته وما يتعلق بها من مصلحته من حفظه وجعله في سريره ورفعه وكحله ودهنه وتنظيفه وغسل خرقه وثيابه ونحو ذلك وهي بالأنثى أليق منها بالرجل لمزيد شفقتها وخلقها المعد لذلك بالأصل.
وعند شرحه لنص الشرائع: «وكذا لو كان الأب مملوكاً أو كافراً كانت الأم الحرة أحق بها وإن تزوجت» يقول المصنف: والضابط أن الأب إنما يكون أولى من الأم مع اجتماع شرائط الحضانة فيه التي من جملتها الإسلام والحرية والعقل إجماعاً والأمانة والحضر والسلامة من الأمراض المعدية على الخلاف، فمتى اختل شرط من شروطها فيه فالأم أحق بالولد مطلقاً إلى أن يبلغ.


توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس