السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمدٍ وآل محمد وعجل فرجهم
النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم
الهوية :
الاسم : محمّد .
اسم الأب : عبد الله .
اسم الأم : آمنة .
محل الولادة : مكّة .
تاريخ الولادة : شهران بعد عام الفيل .
تاريخ الوفاة : 28 / صفر / 11 هجرية .
محل الوفاة : المدينة المنورة .
من كلماته المضيئة :
المؤمن دعب لعب ، والمنافق قطب غضب .
حسن العهد من الإيمان .
أفضلكم إيماناً أحسنكم أخلاقاً .
حسْن الخلق يثبت المودّة .
نظر الولد إلى والديه حبّاً لهما عبادة .
الحياء من الإيمان .
الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام
الميلاد :
في يوم الجمعة 13 رجب وقبل 23 عاماً من الهجرة الشريفة ولد في أسرة أبي طالب صبيٌ أضاء مكة والدنيا بأسرها .
كان العباس بن عبد المطلب عم النبي جالساً مع رجل اسمه " قعنب " عندما جاءت فاطمة بنت أسد " أم علي " تطوف حول الكعبة وتدعو الله .
كانت تتجه ببصرها نحو السماء وتتضرع إلى الله بخشوع وتقول : ربي إنّي مؤمنة بك ، وبما جاء من عندك من رسلٍ وكتب ، وإني مصدّقة بكلام جدي إبراهيم الخليل ، وأنه بنى البيت العتيق ، فبحق الذي بنى هذا البيت ، وبحق المولود الذي في بطني لماّ يسّرت عليّ ولادتي .
وهنا حدث أمر عجيب ، لقد استجاب الله سبحانه ، فانشقّ جدار الكعبة لتدخل فاطمة بنت أسد ثم انغلق وراءها .
كان الحادث مدهشاً جعل الذين رأوه في حيرة من أمرهم ، فقد أسرع العباس إلى منزله وأحضر بعض النسوة لمساعدتها ولكن ظلّ الجميع يدورون حول بيت الله عاجزين عن الدخول .
ظلّ أهل مكّة في حيرة ودهشة وكانوا ينتظرون فاطمة .
مرّت أربعة أيام ، خرجت بعدها فاطمة وهي تحمل وليدها العظيم .
وتساءل الناس عن إسم هذا الوليد فقالت فاطمة أن اسمه عليُّ ، ولقد سمعت أنا في داخل بيت الله نداءً من وراء الغيب يقول : سمّيه علياً .
وتربّى علي في بيت محمّد ( صلى الله عليه وآله ) منذ أن كان رضيعاً .
يقول في إحدى خطبه في نهج البلاغة :
" وضعني في حجره وأنا ولد يضمّني إلى صدره ويكنفني في فراشه . . . وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه ".
أيام الصبا :
وعندما اصبح صبياً كان لا يفارق مربيه العظيم ، وكان يتبعه كالظل .
يقول علي متذكراً تلك الأيام :
" لقد كنت أتبعه اتباع الفصيل اثر أمّه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً ويأمرني بالاقتداء ، ولقد كان يجاور في كل سنة بحرّاء فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة وأشمّ ريح النبوّة ".
وعندما بعث الله محمّداً رسولاً إلى العالمين وأمره أن يُنذر عشيرته ، أمر رسولُ الله علياً أن يصنع طعاماً لأربعين رجلاً و أن يدعو له عشيرته وفيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب .
يقول علي :
" ثم تكلَّم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : " يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومَه بأفضل مما قد جئتكم به ، إني قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة . وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه ’ فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فأحجم القوم عنها جميعاً وقلت وإني لأحدثهم سناً : أنا يا رسول الله أكون وزيرك عليه " .
عندها قال سيدنا محمّد : " هذا أخي و وصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا" .
أيام الشباب :
مضت أيام الصبا وأصبح علي شاباً قوي البُنية ، وهو ما يزال ملازماً لسيدنا محمد يدور حوله كما تدور الفراشات حول الشموع .
كان علي قوياً و كانت قوّته في خدمة دين الله ورسوله .
و عندما نقرأ تاريخ الإسلام نشاهد علياً ( عليه السلام ) حاضراً في كل المعارك والغزوات وهو يقاتل في الصفوف الأولى ببسالة .
ففي معركة " حنين " وعندما فرّ المسلمون عن رسول الله في بداية المعركة ثبت علي وظل يقاتل وراية الإسلام تخفق فوق رأسه حتى انتصر جيش الإسلام على الشرك .
و في معركة خيبر قاد علي هجوماً عنيفاً بعدما سخر اليهود من تراجع المسلمين ، وفتَح حصون خيبر ، بل أنه اقتلع بيده أحد أبوابها ، وعندما شاهد اليهود بطولته المدهشة فرّوا مذعورين ثم استسلموا بعد ذلك .
الفدائي الأول :
كل إنسان يدافع عن نفسه ، لأنه يحب الحياة ولا يريد الموت . والقليل جداً من الناس من يضحي في حياته من اجل الآخرين .
وعندما نقرأ قصة سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) وهجرته نقف معجبين ونحن نرى علياً وهو في ريعان شبابه ينام في فراش النبي لينجو النبي من الموت والقتل .
والقصة تبدأ عندما اجتمع المشركون في " دار الندوة " وقرروا قتل سيدنا محمد ، وكانت الخطّة أن ينتخبوا من كل قبيلة شاباً فيقتحموا منزل رسول الله ويقتلوه .
وهبط الوحي من السماء يخبر سيدنا محمد بمؤامرة " قريش " . وهنا بادر علي ونام في فراش النبي ليوهم المشركين أنه ما يزال نائماً .
ونجا رسول الله بتضحية علي ، وفوج
الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام
الهوية :
الاسم : فاطمة الزهراء .
اسم الأب : محمد ( صلى الله عليه وآله ) .
اسم الأم : خديجة .
تاريخ الولادة : يوم الجمعة 20 جمادى الآخرة العام الخامس من البعثة .
محل الولادة : مكّة المكرمة .
تاريخ الوفاة : 11 هـ .
محل الوفاة : المدينة المنوّرة .
محل الدفن : مجهول .
الأسرة المثال :
الحياة الزوجيةُ اندماج لحياتين لتصبح حياةً مشتركة . . . حياة واحدة .
حياة الأسرة تنهض على التعاون والمحبّة والاحترام .
كانت حياة علي وفاطمة (عليهما السلام ) مثالاً للحياة الزوجية الكريمة .
كان علي يساعد فاطمة في أعمال المنزل وكانت فاطمة تسعى إلى إرضائه وإدخال الفرحة في قلبه .
كان حديثهما في منتهى الأدب والاحترام .
إذا نادى علي فاطمة قال : يا بنت رسول الله ، وإذا خاطبتْه قالت : يا أمير المؤمنين . وكانا مثال الأبوين العطوفين على أبنائهما .
الثمار :
في العام الثالث من الهجرة أنجبت فاطمة ( عليها السلام ) أول أولادها فسمّاه سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) " الحسن " ، وبمولده غمرت الفرحة قلب رسول الله ، وهو يؤذن في أذنه اليمنى ويقيم في أذنه اليسرى ويغمره بآيات القرآن .
وبعد عام وُلد الحسين ( عليه السلام ) .
أراد الله أن تكون ذرّية رسوله محمد ( صلى الله عليه وآله ) من فاطمة ( عليها السلام ) .
واحتضن الرسولُ سبطيه يحوطهما برعايته ، وكان يقول عنهما : " هما ريحانتاي من الدنيا " .
كان يحملهما معه إذا خرج أو يُجلسهما في أحضانه الدافئة .
دخل رسول الله ذات يوم منزل فاطمة وكان الحسن يبكي جوعاً وفاطمة نائمة ، فأخذ إناءً وملأه حليباً وسقاه بنفسه .
ومرّ ذات يوم آخر أمام بيت فاطمة فسمع بكاء الحسين ، فقال متأثراً : " ألا تدرون أن بكاءه يؤذيني " .
ومرّ عام جاءت بعده " زينب " إلى الدنيا ، وبعدها " أم كلثوم " .
ولعلّ رسول الله تذكّر ابنتيه زينب وأم كلثوم عندما سمّاهما بهذين الاسمين .
وهكذا أراد الله أن تكون ذرية الرسول في ابنته الوحيدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) . . ذرّية بعضها من بعض والله سميع عليم .
منزل فاطمة :
بالرغم من حياتها القصيرة فقد كانت حافلة بالخير والبركات ، وكانت قدوة وأسوة للنساء ، فكانت الفتاة المثال والزوجة المثال ، والمرأة المثال ، ولهذا أصبحت سيدة نساء العالمين .
كانت مريم بنت عمران سيدة النساء في عصرها ، وكانت آسية امرأة فرعون سيدة نساء زمانها ، وكذلك كانت خديجة بنت خويلد .
أمّا فاطمة الزهراء فقد توّجها الإسلام سيدةً للنساء على مرّ العصور .
كانت قدوة في كل شيء . . يوم كانت فتاة تسهر على راحة أبيها وتشاركه آلامه ، ويوم كانت زوجة ترعى زوجها وتوفّر له سكناً يطمئن إليه ويلوذ به عندما تعصف به الأيام ، ويوم كانت أمَّا تربّي صغارها على حبّ الخير والفضيلة والخلق الكريم ، فكان الحسن والحسين وزينب ( عليهم السلام ) أمثلة سامية في دنيا الأخلاق والإنسانية.
رحيل الأب :
عاد رسول الله من حجة الوداع ولزم فراش المرض وغُشي عليه من شدّة الحمّى ، وهرعت إليه الزهراء تحاول دفع الموت عنه وهي تذرف الدموع ، وكانت تتمنى أن تموت هي بدلاً عنه .
فتح الرسول ( صلى الله عليه وآله ) عينيه وراح يتأمّل ابنته الوحيدة ، فطلب منها أن تقرأ له شيئاً من القرآن ، فراحت الزهراء تتلو القرآن بصوتٍ خاشع وكان الأب العظيم يصغي بخشوع إلى كلمات الله وهي تطوف في فضاء البيت .
أراد أن يقضي آخر لحظات عمره المبارك وهو يصغي إلى صوت ابنته التي رعتْه صغيرة و وقفتْ إلى جانبه كبيرة .
والتحق الرسول بالرفيق الأعلى وعرجت روحه الطاهرة إلى السماء .
كان رحيل الرسول صدمة كبيرة لابنته البتول ولم يتحمل قلبها تلك المصيبة ، فراحت تبكي ليل نهار .
ثم وجهت لها السياسة والأطماع ضربة أخرى بعد أن اغتصبوا منها " فدكاً " وتجاهلوا حق زوجها في الخلافة .
حاولت الزهراء الدفاع عن حقّها وكان لها في ذلك مواقف غاية في الشجاعة .
كان الإمام يدرك أن استمرار الزهراء في معارضة الخليفة سيجرّ البلاد إلى فتنة ، فتضيع كل جهود الرسول ( صلى الله عليه وآله ) أدراج الرياح ويعود الناس إلى الجاهلية مرّة أخرى .
طلب الإمام من زوجته العظيمة الاعتصام بالصمت والصبر ، حفاظاً على رسالة الإسلام .
وهكذا سكتت الزهراء لكنها بقيت غاضبة وتذكّر المسلمين أن غضبها يعني غضب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وغضب الرسول يعني غضبَ الله سبحانه .
سكتت الزهراء إلى أن رحلت عن الدنيا ولكنها طلبت في وصيّتها أن تُدفن سرّاً .
الرحيل عن الدنيا :
كانت فاطمة كشمعة تتوهج وتحترق وتذبل ثم يخبو نورها شيئاً فشيئا .
لم تستطع البقاء بعد رحيل أبيها وتنكّر الزمان لها .
كانت أحزانها تتجدّد كلما ارتفع الأذان يهتف : أشهد أن محمداً رسول الله .
كانت تريد اللقاء بأبيها وكان شوقها يستعر يوماً بعد آخر .
وهزل جسمها ولم يعد يتحمل شوق روحها إلى الرحيل .
وهكذا ودّعت الدنيا :
ودّعت الحسن بسنواته السبع
والحسين بأعوامه الستة
وزينب بسنواتها الخمس
وأم كلثوم وردة في ربيعها الثالث .
وكان أصعب ما في الوداع أن تودّع زوجها وشريك أبيها في الجهاد وشريك حياتها .
أغمضت الزهراء عينيها بعد أن أوصت زوجها بأطفالها الصغار ، كما أوصته أن تدفن سرّاً .
وما يزال قبر الزهراء مجهولاً ، فترتسم علامة استفهام كبرى في التاريخ .
ما تزال الزهراء تستفهم التاريخ ، ما تزال تطلب حقها ؛ وما يزال المسلمون يتساءلون عن بقاء القبر مجهولاً .
جلس الإمام المفجوع عند قبرها ، وكان الظلام يغمر الدنيا فقال يؤبنّها :
" السلام عليك يا رسول الله . . عني وعن ابنتك النازلة في جوارك والسريعة اللحاق بك ، قلَّ يا رسول الله عن صفيّتك صبري ورقّ عنها تجلّدي . . . وستنبئك ابنتك بتضافر أمتك على هضمها ، فأحفها السؤال وأستخبرها الحال . . والسلام عليكما سلام مودِّع ".
الإمام الحسن بن علي عليهما السلام
هوية الإمام :
الاسم : الحسن .
اللقب : المجتبى .
الكنية : أبو محمد .
اسم الأب : علي ( عليه السلام ) .
اسم الأم : فاطمة ( عليها السلام ) .
اسم الجد : محمد ( صلى الله عليه وآله ) .
تاريخ الولادة : 15 رمضان عام 3هجري .
العمر : 47 سنة .
تاريخ شهادته : 28 صفر عام 50هجري .
في الخامس عشر من شهر رمضان ، ربيع القرآن ، ولد الإمام الحسن ( عليه السلام ) .
في بيت طيني صغير فتح عينيه ، وتربّى في أحضان جدّه محمّد ( صلى الله عليه وآله) وأبيه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وأمّه فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) .
كان سيدنا محمّد يحب حفيده الحسن ويقول : إنه ابني ، ويقول : إنه ريحانتي من الدنيا .
و طالما رآه المسلمون يحمل الحسنَ ( عليه السلام ) على عاتقه ويقول : إن ابني هذا سيد ولعل الله يُصلح به بين فئتين من المسلمين . ثم يدعو الله قائلاً : اللهم إني أحبّه فأحبّه وأحبّ من يحبّه .
وكان سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) يردد دائماً : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة .
وذات يوم كان رسول الله يصلّي في المسجد ، فجاءه الحسن وهو ساجد فصعد على ظهره ثم رقبته ، وكان الرسول يقوم برفق حتى ينزل الحسن ، فلما فرغ من صلاته قال بعض المسلمين : يا رسول الله إنك تصنع بهذا الصبي شيئاً لا تصنعه بأحد ، فقال (صلى الله عليه وآله ) : إن هذا ريحانتي وإن ابني هذا سيّد وعسى أن يصلح الله به بين فئتين من المسلمين .
أدبه :
كان الحسن مع أخيه الحسين في طريقهما إلى المسجد ، فشاهدا شيخاً يتوضأ لكنه لا يحسن الوضوء .
فكّر الحسن ( عليه السلام ) كيف يصلح وضوء الشيخ دون أن يسيء الأدب ، فتقدما إلى الشيخ وتظاهرا بالنزاع ، وكل منهما يقول : أنت لا تحسن الوضوء ، ثم قالا للشيخ : كن حكَماً بيننا ، ثم راحا يتوضأن .
كان الشيخ يراقب وضوءهما ، وأدرك هدفهما ، فقال مبتسماً :
كلاكما تحسنان الوضوء .
وأشار إلى نفسه وقال : ولكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لا يُحسن الوضوء ، وقد تعلّم منكما .
وشاهد أحد الصحابة رسولَ الله ( صلى الله عليه وآله ) يحمل على عاتقه الحسن والحسين . فقال الصحابي : نِعْمَ الجمل جملكما .
فقال سيدنا محمد : ونِعْمَ الراكبان هما .
الإمام الحسين بن علي عليهما السلام
هوية الإمام :
الاسم : الحسين .
اللقب : سيد الشهداء .
الكنية : أبو عبد الله .
اسم الأب : علي ( عليه السلام ) .
اسم الأم : فاطمة ( عليها السلام ) .
اسم الجد : محمد ( صلى الله عليه وآله ) .
تاريخ الولادة : 3 شعبان سنة 4 هجرية .
مدة الإمامة : عشرة أعوام .
العمر : 57 سنة .
تاريخ شهادته : 10 محرم سنة 61 هجرية .
محل الدفن : كربلاء .
هدف الحسين :
أعلن سيدنا الحسين رفضه البيعة ليزيد ، لأن يزيد لا يليق بالخلافة ، فهو رجل فاسق يشرب الخمر ويحلّل الحرام ويحرّم الحلال .
لذلك قال سيدنا الحسين ( عليه السلام ) في وصيته لأخيه محمد بن الحنفية : إني لم أخرج مفسداً ولا ظالماً ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي ( صلى الله عليه وآله ) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) .
كان سيدنا الحسين يعرف أنه سيُقتل في الصحراء مع أصحابه وأهل بيته ، ولكنه أراد أن يوقظ المسلمين من نومهم ليعرفوا حقيقة معاوية وابنه يزيد ، وأنهم يفعلون كل شيء من أجل البقاء في الحكم حتى لو قَتلوا سبط النبي ، وأخذوا حرمه سبايا .
الحسين يوم عاشوراء :
قطع جيش يزيد الطريق على قافلة الحسين ( عليه السلام ) ، في مكان يدعى كربلاء قرب نهر الفرات ، ومنعوا الماء عن الأطفال والنساء .
وفي يوم 10 محرّم وكان الحرّ شديداً ، وعظ سيدنا الحسين ( عليه السلام ) الناس وحذّرهم من عاقبة عملهم :
أيها الناس انسبوني من أنا ، ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها وانظروا هل يحلّ لكم قتلي وانتهاك حرمتي . . ألست أنا ابن بنت نبيكم وابن وصيه وابن عمه وأول المؤمنين بالله والمصدق لرسوله .
أو ليس حمزة سيد الشهداء عم أبي ؟!
أو ليس جعفر الطيّار عمّي ؟ !
أو لم يبلغكم قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لي ولأخي : هذان سيدا شباب أهل الجنّة ؟!.
كان أهل الكوفة يعرفون جيداً ، ولكن الشيطان قد غرّهم ، ففضّلوا حياة الذلّ مع " يزيد " و" ابن زياد " وتركوا الحسين ( عليه السلام ) وحيداً .
قالوا لسيدنا الحسين ( عليه السلام ) :
بايع يزيد كما بايعناه نحن .
أجاب الحسين ( عليه السلام ) : لا والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ولا أفرُّ فرار العبيد .
أصدر " عمر بن سعد " قائد جيش " يزيد " أمره بالهجوم على معسكر الحسين (عليه السلام ) ، وحدثت معركة ضارية سقط فيها خمسون شهيداً ، وبقي مع الإمام عدد قليل من أصحابه و أهل بيته ، فكانوا يتقدمون إلى الموت الواحد تلو الآخر بشجاعة وبسالة دون أي إحساس بالخوف ، وكانوا يعتقدون انهم سوف يستشهدون في سبيل الله ويذهبون إلى الجنّة .
استشهد جميع أصحابه وأهل بيته وبقي سيدنا الحسين وحيداً ، فودّع عياله وأمرهم بالصبر والتحمل في سبيل الله ، ثم ركب جواده وتقدم يقاتل آلاف الجنود لوحده ، حتى سقط شهيداً فوق الرمال .
لم يكتف " ابن زياد " بقتل سيدنا الحسين بل أمر بعض الفرسان الذين باعوا ضمائرهم بأن يدوسوا على صدره ، فانبرت عشرة خيول وراحت تمزّق صدر الحسين بحوافرها .
بعدها أمر " ابن سعد " بإضرام النار في خيام الحسين بعد أن نهبوها وأخذوا الأطفال والنساء سبايا إلى الكوفة وكانت فيهم زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وزين العابدين ابن الإمام الحسين ( عليهم السلام ) .
تقدمت زينب بشجاعة إلى جثمان أخيها الحسين . وضعت يديها تحت الجسد الطاهر ورفعت رأسها إلى السماء ، وقالت بخشوع :
- الهي تقبّل منّا هذا القربان .
لماذا نتذكر الحسين ؟
قدّم سيدنا الحسين كل ما يملك من اجل عزّة الإسلام والمسلمين . . قدّم أطفاله ونساءه وأصحابه ثم قدّم نفسه في سبيل الله .
علّم سيدنا الحسين الناس الثورة ضد الظلم والفساد ، وقضى آخر أيام حياته يقرأ القرآن ويصلي لله .
حتى في وسط المعركة طلب من أعدائه إيقاف القتال لأداء الصلاة .
وصلّى الحسين بأصحابه وكانت السهام تنهمر عليهم كالمطر .
كانت ثورة سيدنا الحسين من اجل الإسلام وفي سبيل الله ؛ لهذا فإن المسلمين يذكرون الإمام الحسين ( عليه السلام ) دائماً . . يذكرون بحزن يوم عاشوراء تلك المذبحة الفظيعة التي ارتكبها الأمويون وقتلوا فيها سبط النبي وخيرة المسلمين .
عاش سيدنا الحسين 57 سنة قضاها في عمل الخير وخدمة الناس .
وحجّ بيت الله الحرام ماشياً مرّات عديدة .
مرّ سيدنا الحسين ( عليه السلام ) ذات يوم بمساكين قد فرشوا كساء لهم و وضعوا عليه كسراً من الخبز ، فقالوا له :
هلمّ يابن رسول الله .
فجلس معهم يأكل ، ثم تلا قوله تعالى : {إن الله لا يحبّ المستكبرين }، وقال لهم:
- قد أجبت دعوتكم فأجيبوا دعوتي .
قالوا : نعم يابن رسول الله
فذهبوا معه إلى منزله فأكرمهم .
وعندما أراد الإمام زين العابدين دفْنَ أبيه ، سأله الناس وهم ينظرون إلى آثارٍ تشبه الجروح القديمة في ظهره ، فقال زين العابدين ( عليه السلام ) :
- هذا مما كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين .
يوم عاشوراء :
هو يوم العاشر من المحرّم ، وكان يوماً عادياً لا يحتفل به أحد ، وعندما استشهد سيدنا الحسين ( عليه السلام ) في هذا اليوم سنة 61 للهجرة اصبح مناسبة كبرى يحتفل بها المسلون في كل مكان ، ويجلسون للعزاء والبكاء على شهداء كربلاء .
وكانت كربلاء صحراء لا يسكنها أحد ، فأصبحت – بمرور الأيام – مدينة كبيرة ومركزاً من مراكز العلم والدين .
في مصر أعلن " الفاطميون " يوم عاشوراء عزاءً عاماً تتعطل فيه الأسواق ، حيث يجتمع الناس عند مرقد السيدة زينب للبكاء و ذكر مصيبة كربلاء .
وفي إيران أمر " مُعزّ الدولة الديلمي " بإعلان يوم عاشوراء عطلة رسمية في البلاد .
وهكذا أصبح المسلمون يحتفلون في يوم عاشوراء في مصر وإيران والعراق والهند وغيرها من البلدان الإسلامية .
وما تزال ذكرى " عاشوراء تتجدد عاماً بعد عام .
وفي إيران استلهم الشعب تضحيات سيدنا الحسين ( عليه السلام ) وقام بثورة كبرى أطاحت بالنظام الفاسد و أقامت النظام الإسلامي .
من المنتصر !
يتصور البعض أن سيدنا الحسين قد مني بهزيمة أمام جيش يزيد بن معاوية ، ولكن عندما ندقّق في صفحات التاريخ سنشاهد أن سيدنا الحسين هو الذي انتصر على أعدائه .
إن المبادئ التي قُتل من اجلها الحسين ما تزال باقية حيّة في قلوب الناس .فأين يزيد الآن ، و أين ابن زياد ، بل أين معاوية نفسه . لقد ذهبوا جميعاً ولم يبق لهم من ذكر . و إذا ذكرهم أحد فإنّه يذكرهم للّعنة فقط .
لقد أراد المجرمون القضاء على سيدنا الحسين ، ولكن الله أراد له الخلود في الدنيا والآخرة ؛ وأصبح نصيب أعدائه اللعنة في الدنيا . . . والنار في الآخرة .
وأصبحت كربلاء رمزاً للثورة والحرّية وانتصار الدم على السيف .
من كلماته المضيئة :
لا أرى الموت إلاّ سعادة والحياة مع الظالمين إلاّ برما .
هيهات منا الذلّة .
الناس عبيد الدنيا والدين لعِق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معايشهم ، فإذا مُحّصوا بالبلاء قلّ الديّانون .
قال لابنه زين العابدين ( عليه السلام ) : أي بني إيّاك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلاّ عز وجل .
إن قوماً عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار ، وإن قوماً عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، وإن قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار ؛ وهي أفضل العبادة .
lojwv fsd' uk hwphf hg;shx (u)