عرض مشاركة واحدة
قديم 2012/10/02, 07:23 PM   #1
الجزائرية

موالي جديد

معلومات إضافية
رقم العضوية : 475
تاريخ التسجيل: 2012/09/28
المشاركات: 17
الجزائرية غير متواجد حالياً
المستوى : الجزائرية is on a distinguished road




عرض البوم صور الجزائرية
افتراضي تفاصيل قضية فدك وهجوم القوم على دار فاطمة الزهراء عليها السلام

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وال محمد وعجل فرجهم الشريف..

ساستعرض في هذا الموضوع بعض المواقف التي تقرح العيون وتدمي القلوب ومن قِبل خليفة رسول الله المغتصب للخلافة ابو بكر عندما انكر ميراث الزهراء لفدك .

فمجرّد تكذيب الزهراء سلام الله عليها وعدم قبول قولها مصيبة ما أعظمها، ليست القضية قضية فدك، ليست المسألة مسألة أرض وملك، إنّما القضية ظلم الزهراء سلام الله عليها وتضييع حقّها، وعدم إكرامها، وإيذائها وإغضابها وتكذيبها، ولاحظوا خلاصة القضية أنقلها كما في المصادر المهمة المعتبرة :

أوّلاً : لقد كانت فدك ملكاً للزهراء في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنّ رسول الله أعطى فاطمة فدكاً، فكانت فدك عطية من رسول الله لفاطمة .وكلنا نعلم بذلك ولاداعي لتوضيح الامر اكثر
وهذا الأمر موجود في كتب الفريقين .
أمّا من أهل السنة : فقد أخرج البزّار وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : لمّا نزلت الآية ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) دعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاطمة فأعطاها فدكاً .
وهذا الحديث أيضاً مروي عن ابن عباس .
تجدون هذا الحديث عن هؤلاء الكبار وأعاظم المحدّثين في الدر المنثور(1) .

وقد أقرّ بكون فدك ملكاً للزهراء في حياة رسول الله، وأنّ فدكاً كانت عطيةً منه (صلى الله عليه وآله وسلم) للزهراء البتول، ، ونصّوا على هذا المطلب، منهم : سعد الدين التفتازاني، ومنهم ابن حجر المكي في الصواعق، يقول صاحب الصواعق : إنّ أبا بكر انتزع من فاطمة فدكاً..الى هنا نكتفي بالخبر.

اذاً كانت فدك بيد الزهراء وانتزعها أبو بكر .
فلماذا انتزعها ؟ وبأيّ وجه ؟ لنفرض أنّ أبا بكر كان جاهلاً بأنّ الرسول أعطاها وملّكها ووهبها فدكاً، فهلاّ كان عليه أن يسألها قبل الانتزاع منها ؟
وثانياً : لو كان أبو بكر جاهلاً بكون فدك ملكاً لها، فهل كان يجوز له أنْ يطالبها بالبيّنة على كونها مالكة لفدك ؟ إنّ هذا خلاف القاعدة، وعلى فرض أنّه كان له الحق في أنْ يطالبها البيّنة على كونها مالكة لفدك، فقد شهد أمير المؤمنين سلام الله عليه، ولماذا لم تقبل شهادة أمير المؤمنين ؟ قالوا : كان من اجتهاده عدم كفاية الشاهد الواحد وإنْ علم صدقه !
(1) منهاج السنّة 7 / 13 .
(2) الصواعق المحرقة : 31 .

لاحظوا كتبهم، فهم عندما يريدون أن يدافعوا عن أبي بكر يقولون : لعلّه كان من اجتهاده عدم قبول الشاهد الواحد وإن كان يعلم بصدق هذا الشاهد .
نقول : لكنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل شهادة الواحد ـ وهو خزيمة ذو الشهادتين ـ وخبره موجود في كتب الفريقين، بل إنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قضى بشاهد واحد فقط في قضية وكان الشاهد الواحد عبدالله بن عمر، وهذا الخبر موجود في صحيح البخاري وإنّه في جامع الاصول لابن الأثير : قضى بشهادة واحد وهو عبدالله بن عمر .


طيب نسأل هذا السؤال هل كان علي في نظر أبي بكر أقل من عبدالله بن عمر في نظر النبي ؟

امير المؤمنين الذي هو نفس النبي لاتُقبل شهادته بشهادتين وعبد الله بن عمر تُقبل شهادته بشهادتين ..


لو سلّمنا حصول الشك لأبي بكر، وفرضنا أنّ أبا بكر كان في شك من شهادة علي، فهلاّ طلب من فاطمة أن تحلف ؟ فهلاّ طلب منها اليمين فتكون شهادة مع يمين ؟ وقد قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بشاهد ويمين

وأيضاً، فقد شهد للزهراء ولداها الحسن والحسين، وشهد للزهراء أيضاً أُم أيمن، ورسول الله يشهد بأنّها من أهل الجنّة، كما في ترجمتها من كتاب الطبقات لابن سعد وفي الإصابة لابن حجر .
____________
(1) صحيح مسلم 5 / 128 .
(2) صحيح أبي داود 3/419 .
(3) شرح المواقف 8 / 356 .
(4) الإصابة في معرفة الصحابة 4 / 432 .


ثمّ نقول : سلّمنا، إنّ فاطمة وأهل البيت غير معصومين، وسلّمنا أنّ فدكاً لم تكن بيد الزهراء سلام الله عليها في حياة النبي، فلا ريب أنّ الزهراء من جملة الصحابة الكرام، أليس كذلك ؟! تنزّلنا عن كونها بضعة رسول الله، تنزّلنا عن كونها معصومة، لا إشكال في أنّها من الصحابة، وقد كان لأحد الصحابة قضية مشابهة تماماً لقضيّة الزهراء، وقد رتّب أبو بكر الأثر على قول ذلك الصحابي وصدّقه في دعواه .
هذا كلّه بعد التنزّل عن عصمتها، عن شهادة علي والحسنين وأُم أيمن، وبعد التنزّل عن كون فدك ملكاً لها في حياة النبي .
استمعوا إلى القضية أنقلها لكم، ثمّ لاحظوا تبريرات كبار العلماء لتلك القضية :
أخرج الشيخان عن جابر بن عبدالله الأنصاري : إنّه لمّا جاء أبا بكر مال البحرين، وعنده جابر، قال جابر لأبي بكر : إنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لي : إذا أتى مال البحرين حثوت لك ثمّ حثوت لك ثمّ حثوت لك، فقال أبو بكر لجابر : تقدّم فخذ بعددها .

فنقول : رسول الله ليس في هذا العالم، يدّعي جابر أنّ رسول الله قد وعده لو أتى مال البحرين لأعطيتك من ذلك المال كذا وكذا، وتوفي رسول الله وجاء مال البحرين بعد رسول الله، وأبو بكر خليفة رسول الله، عندما وصل هذا المال أتاه جابر فقال له : إنّ رسول الله قال لي كذا، ورتّب أبو بكر الأثر على قوله وصدّقه وأعطاه من ذلك المال كما أراد .
هذه هي القضية، وتأمّلوا فيها، وهي موجودة في الصحيحين .
فلاحظوا ما يقوله شرّاح البخاري، كيف يجوز لأبي بكر أنْ يصدّق كلام صحابي ودعواه على رسول الله، وقد رحل رسول الله عن هذا العالم، ثمّ أعطاه من مال المسلمين، من بيت المال، بقدر ما ادّعاه، ولم يطلب منه بيّنة، ولا يميناً !! لاحظوا ماذا يقولون !!
يقول الكرماني في كتابه الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري وهو من أشهر شروح البخاري يقول : وأمّا تصديق أبي بكر جابراً في دعواه، فلقوله (صلى الله عليه وسلم) : « من كذب عَلَيّ متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار »، فهو وعيد، ولا يُظنّ بأنّ مثله ـ مثل جابر ـ يقدم على هذا .
____________
الدراري في شرح البخاري 10 / 125 .


فإذا كنتم لا تظنّون بجابر أنْ يقدم على هذا الشيء، ويكذب على رسول الله، بل بالعكس، تظنّون كونه صادقاً في دعواه، فهلاّ ظننتم هذا الظن بحقّ الزهراء ـ بعد التنزّل عن كلّ ما هنالك كما كرّرنا ـ وقد فرضناها مجرّد صحابيّة كسائر الصحابة !
ثمّ لاحظوا قول ابن حجر العسقلاني في فتح الباري يقول : وفي هذا الحديث دليل على قبول خبر الواحد العدل من الصحابة ولو [ لو هذه وصلية ]جرّ ذلك نفعاً لنفسه(1) .
فالحديث يدلّ على قبول خبره، لأن أبا بكر لم يلتمس من جابر شاهداً على صحة دعواه، وهلاّ فعل هكذا مع الزهراء التي أخبرت بأنّ رسول الله نحلني فدكاً، أعطاني فدكاً، ملّكني فدكاً !!
ويقول العيني في كتاب عمدة القاري في شرح صحيح البخاري قلت : إنّما لم يلتمس شاهداًمنه ـ أي من جابر ـ لأنّه عدل


بالكتاب والسنّة، أمّا الكتاب فقوله تعالى : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ )وقوله تعالى : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً )، فمثل جابر إنْ لم يكن من خير أُمّة فمن يكون ؟ وأمّا السنّة فلقوله (صلى الله عليه وسلم) : « من كذب عَلَيّ متعمداً ... .
لاحظوا بقية كلامه يقول : ولا يظن بمسلم فضلاً عن صحابي أنْ يكذب على رسول الله متعمّداً .
فكيف نظن بجابر هكذا ؟ فكان يجوز لأبي بكر أنْ يصدّق جابراً في دعواه، فلِمَ لم يصدق الزهراء في دعواها ؟ وهل كانت أقل من جابر ؟ ألم تكن من خير أُمّة أُخرجت للناس ؟ أيظن بها أن تتعمّد الكذب على رسول الله ؟ وأنت تقول : لا يظن بمسلم فضلاً عن صحابي أنْ يكذب متعمّداً على رسول الله ؟
أقول : ما الفرق بين قضية جابر وقضية الصدّيقة الطاهرة سلام الله عليها، بعد التنزّل عن كلّ ما هنالك، وفرضها واحداً أو واحدة من الصحابة فقط ؟ ما الفرق ؟ لماذا يعطى جابر ؟ ولماذا يكون الخبر الواحد هناك حجة ؟ ولماذا لا يكذَّب جابر بل يصدّق ويترتّب الأثر على قوله بلا بيّنة ولا يمين ولا ولا ؟ ولماذا ؟ ولماذا ؟ ولماذا ؟

اذن من وراء هذه القضية قضية ....

نكمل القضية: جاءت الزهراء مرّةً أُخرى لتطالب بفدك وغير فدك من باب الإرث من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأنّ فدكاً أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب بالإجماع، وكلّ ما يكون كذا فهو ملك لرسول الله بالإجماع، وكلّ ما يتركه المسلم من ملك أو من حق فإنّه لوارثه من بعده بالاجماع، والزهراء أقرب الناس إلى رسول الله في الإرث بالإجماع ,,

أخرج البخاري ومسلم عن عائشة ـ واللفظ للاوّل ـ إنّ فاطمة (عليها السلام) بنت النبي أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ممّا أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي عن خمس خيبر فقال أبو بكر : إنّ رسول الله قال : « لا نورّث ما تركنا صدقة » ، إنّما يأكل آل محمّد في هذا المال ، وإنّي والله لا أُغيّر شيئاً من صدقة رسول الله عن حالها التي كان عليها في عهد رسول الله ، ولاعملنّ فيها بما عمل به رسول الله ، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً ، فوجدت فاطمة على أبي بكر فهجرته ، فلم تكلّمه حتّى توفّيت ، وعاشت بعد النبي ستّة أشهر ، فلمّا توفّيت دفنها زوجها علي ليلاً ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلّى عليها ، وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة (1) .صحيح البخاري باب غزوة خيبر ، صحيح مسلم كتاب الجهاد والسير .
وقضية مطالبة الزهراء بفدك وغير فدك من باب الارث قضية كتبت فيها الكتب الكثيرة منذ قديم الايّام ، وخطبتها سلام الله عليها في هذه القضية خطبة خالدة تذكر على مدى الايّام ، وهنا أيضاً نسأل ونتسائل فنقول :


كيف يكون إخبار أبي سعيد وابن عباس وشهادة علي والحسنين وغيرهم في أن رسول الله أعطى فدكاً للزهراء ، هذه الاخبارات والشهادات كلها غير مقبولة ، ويكون خبر أبي بكر وحده في أنّ الانبياء لا يورّثون مقبولاً ؟ لاحظوا آراء العلماء في هذه القضيّة ، فلقد اختلفت آراؤهم واضطربت كلماتهم اضطراباً وكان أوجه حلّ للقضيّة أنْ يقال بأنّ الخبر متواتر، ولم يكن أبو بكر لوحده الراوي لهذا الخبر، وإنّما أبو بكر أحد الرواة من الصحابة، وهنا نقاط :
____________
النقطة الأُولى : كيف لم يسمع هذا الحديث أحد من رسول الله ؟ ولم ينقله أحد ؟ وحتّى أبو بكر لم يُسمع منه هذا الخبر والإخبار به عن رسول الله إلى تلك الساعة ؟
النقطة الثانية : كيف لم يسمع أهل بيته هذا الحديث ؟ وحتّى ورثته لم يسمعوا هذا الحديث ؟ ولذا أرسلت زوجاته عثمان إلى أبي بكر يطالبن بسهمهنّ من الإرث ! هلاّ قال لهنّ عثمان ـ في الأقل ـ إنّ رسول الله قال كذا ؟ ولماذا مشى إلى أبي بكر وبلّغه طلب الزوجات ؟


وهنا كلمة لطيفة للفخر الرازي ، هذه الكلمة في تفسيره يقول : إنّ المحتاج إلى معرفة هذه المسألة ما كان إلاّ فاطمة وعلي والعباس، وهؤلاء كانوا من أكابر الزهاد والعلماء وأهل الدين ، وأمّا أبو بكر فإنّه ما كان محتاجاً إلى معرفة هذه المسألة، لأنّه ما كان ممّن يخطر بباله أنّه يورّث من الرسول، فكيف يليق بالرسول أن يبلّغ هذه المسألة إلى من لا حاجة له إليها، ولا يبلّغها إلى من له إلى معرفتها أشدّ الحاجة ؟ .
(1) التفسير الكبير 9/210 .


النقطة الثالثة : إنّه لو تنزّلنا عن كلّ ذلك، فإنّ دعوى تواتر الخبر كاذبة، لأنّهم ينصّون على انفراد أبي بكر بهذا الخبر، وقد ذكروا ذلك في مباحث حجّية خبر الواحد، ومثّلوا بهذا الخبر من جملة ما مثّلوا ، راجعوا : مختصر ابن الحاجب(1)، والمحصول في علم الأصول(2) للفخر الرازي، والمستصفى في علم الأصول(3) للغزّالي، والإحكام في أصول الأحكام(4) للآمدي، وكشف الأسرار في شرح اصول البزدوي(5)للبخاري، وغير هذه الكتب .
مضافاً إلى هذا، هناك في الأحاديث أيضاً شواهد على انفراد أبي بكر بهذا الحديث، فراجعوا مثلاً : كتاب كنز العمال(6).

النقطة الرابعة : إنّ أبا بكر أيضاً ليس من رواة هذا الحديث، لا أنّه منفرد به، بل إنّ هذا الحديث موضوع، وضعه بعض الناس دفاعاً عن أبي بكر، وأبو بكر في تلك القضيّة لم يكن عنده جواب، حتّى بهذا الحديث لم يستدل، وهذا ما يقوله الحافظ عبدالرحمن بن يوسف ابن خراش، إنّه يقول : هذا الحديث باطل، وضعه مالك بن أوس بن الحدثان » .
وهو الراوي للقصّة، فلقد ذكر الحافظ ابن عدي بترجمة الحافظ ابن خراش المتوفى سنة 283 هـ الذي ألّف جزئين في مثالب الشيخين قال : سمعت عبدان يقول : قلت لابن خراش : حديث ما تركنا صدقة؟ قال: باطل، أتّهم مالك بن أوس بالكذب.

فكيف يريدون رفع اليد عن محكمات القرآن الحكيم بخبر موضوع يحكم ببطلانه هذا الحافظ الكبير، الذي لأجل هذا الحكم بالنسبة إلى هذا الحديث، ولأجل تأليفه جزئين في مثالب الشيخين ، رموه بالرفض، ومع ذلك كلّ كتبهم مملوءة بأقواله وآرائه في الحديث والرجال .
لاحظوا كيف يتهجّم عليه الذهبي يقول : هذا والله الشيخ المعثّر الذي ضلّ سعيه، فإنّه كان حافظ زمانه، وله الرحلة الواسعة والإطلاع الكثير والإحاطة، وبعد هذا فما انتفع بعلمه [ وكأنّ الإنتفاع بالعلم يكون فيما إذا كان ما يقوله في صالح القوم !! ] فلا عتب على حمير الرافضة وحوافر جزّين ومشغرى » .
هذه بلاد في جبل عامل في جنوب لبنان من المناطق الشيعية البحتة، فلا عتب على حمير الرفضة أو الرافضة وحوافر جزّين ومشغرى !!
فظهر أن هذه القضية ـ قضية غصب فدك وتكذيب الزهراء وأهل البيت ـ من جملة القضايا التي أخبر عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإنّ الفؤاد ليقطر دماً عندما يكتب الإنسان الحرّ الأبي مثل هذه القضايا أو يقرؤها أو يرويها،
لكن في القلب لظى وفي الحلق شجى,,فالى الله المشتكى وعليه المعول..

ذكرنا أنّ القوم قد منعوا من نقل القضايا والحوادث ، وجزئيّات الأُمور، وتفاصيل الوقائع، نوجه كلامنا للمخالفين أتتوقّعون أن ينقل لكم البخاري أنّ فلاناً وفلاناً وفلاناً أحرقوا دار الزهراء بأيديهما ؟! بهذا اللفظ تريدون ؟! لقد وجدتم البخاري ومسلماً وغيرهما يحرّفون الأحاديث التي ليس لها من الحسّاسيّة والأهميّة ولا عشر معشار ما لهذه المسألة .
إنّ إحراق بيت الزهراء من الأُمور المسلّمة القطعيّة في أحاديثنا وكتبنا، وعليه إجماع علمائنا ورواتنا ومؤلّفينا، ومن أنكر هذا أو شكّ فيه أو شكّك فيه فسيخرج عن دائرة علمائنا، وسيخرج عن دائرة أبناء طائفتنا كائناً من كان .
أمّا في كتب أهل السنّة، فقد جاءت القضيّة على أشكال، وأنا قد رتّبنا القضايا والروايات والأخبار في المسألة ترتيباً، حتّى لا


يضيع الأمر ولا يختلط، وحتّى نكون على يقظة ممّا يفعلون في نقل مثل هذه القضايا والحوادث فإنّ القدر الذي ينقلونه أيضاً يتلاعبون به، أمّا الذي لم ينقلوه، أمّا الذي منعوا عنه، أمّا الذي تركوه عمداً، فذاك أمر آخر، فالذي نقلوه كيف نقلوه ؟ وسنذكر ما يتعلّق بهذه المسألة تحت عناوين :



1 ـ التهديد بالإحراق :
بعض الأخبار والروايات تقول بأنّ عمر بن الخطّاب قد
هدّد بالإحراق، فكان العنوان الأول التهديد، وهذا ما تجدونه في كتاب المصنّف لابن أبي شيبة، من مشايخ البخاري المتوفى سنة 235 هـ ، يروي هذه القضيّة بسنده عن زيد بن أسلم، وزيد
عن أبيه أسلم وهو مولى عمر، يقول :
حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله، كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله، فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم، فلمّا بلغ ذلك عمر بن الخطّاب، خرج حتّى دخل على فاطمة فقال : يا بنت رسول الله، والله ما أحد أحبّ إلينا من أبيك، وما من أحد أحبّ إلينا بعد أبيك منك، وأيم الله ما ذاك بمانعي إنْ اجتمع هؤلاء النفر عندك أن أمرتهم أن يحرّق عليهم البيت(1) .
____________
(1) المصنف لابن أبي شيبة 7/432 .



وفي تاريخ الطبري بسند آخر :
أتى عمر بن الخطّاب منزل علي، وفيه طلحة والزبير [ هذه نقاط مهمّة حسّاسة لا تفوتنّكم، في البيت كان طلحة أيضاً، الزبير كان من أقربائهم، أمّا طلحة فهو تيميّ ] ورجال من المهاجرين فقال : والله لأُحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة، فخرج عليه الزبير مصلتاً سيفه، فعثر فسقط السيف من يده، فوثبوا عليه فأخذوه(1) .


وأنا أكتفي بهذين المصدرين في عنوان التهديد .
لكن بعض كبار الحفّاظ منهم لم تسمح له نفسه لأنْ ينقل هذا الخبر بهذا المقدار بلا تحريف، لاحظوا كتاب الاستيعاب لابن عبد البر، فإنّه يروي هذا الخبر عن طريق أبي بكر البزّار بنفس السند الذي عند ابن أبي شيبة، يرويه عن زيد بن أسلم عن أسلم وفيه : إنّ عمر قال لها : ما أحد أحبّ إلينا بعده منك ، ثمّ قال : ولقد بلغني
أنّ هؤلاء النفر يدخلون عليك، ولأن يبلغني لأفعلنّ ولأفعلن(2).
____________
(1) تاريخ الطبري 3 / 202 .
(2) الإستيعاب في معرفة الأصحاب 3 / 975 .


نفس الخبر، بنفس السند، عن نفس الراوي، وهذا التصرف ! وأنتم تريدون أنْ ينقلوا لكم إنّه أحرق الدار بالفعل ؟ وأيُّ عاقل يتوقّع من هؤلاء أنْ ينقلوا القضيّة كما وقعت ؟ إنّ من يتوقّع منهم ذلك إمّا جاهل وإمّا يتجاهل ويضحك على نفسه !!


2 ـ المجيء بقبس أو بفتيلة :
وهناك عنوان آخر، وهو « جاء بقبس » أو « جاء بفتيلة » هذا أيضاً أنقل لكم بعض مصادره :
روى البلاذري المتوفى سنة 224 في أنساب الأشراف بسنده : إنّ أبا بكر أرسل إلى علي يريد البيعة، فلم يبايع، فجاء عمر ومعه فتيلة، فتلقّته فاطمة على الباب، فقالت فاطمة : يابن الخطّاب ، أتراك محرّقاً عَلَيّ بابي ؟! قال : نعم، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك(1) .

____________
(1) أنساب الأشراف 1/586 .

وفي العقد الفريد لابن عبد ربّه المتوفى سنة 328 : وأمّا علي والعباس والزبير، فقعدوا في بيت فاطمة حتّى بعث إليهم أبو بكر [ ولم يكن عمر هو الذي بادر، بَعَثَ أبو بكر عمر بن الخطّاب ]ليخرجوا من بيت فاطمة وقال له : إنْ أبوا فقاتلهم، فأقبل بقبس من نار على أنْ يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة فقالت : يابن الخطّاب ، أجئت لتحرق دارنا ؟ قال : نعم، أو تدخلوا ما دخلت فيه الأُمّة(1) .
أقول: وقارنوا بين النصوص بتأمّل لتروا الفوارق والتصرّفات .
وروى أبو الفداء المؤرخ المتوفى سنة 732 هـ في المختصر في أخبار البشر الخبر إلى : وإنْ أبوا فقاتلهم، ثمّ قال : فأقبل عمر بشيء من نار على أن يضرم الدار(2) .

(1) العقد الفريد 5/13 .
(2) المختصر في أخبار البشر 1 / 156

3 ـ إحضار الحَطَب ليحرّق الدار
وهذا هو العنوان الثالث، ففي رواية بعض المؤرّخين :

أحضر الحَطَب ليحرّق عليهم الدار، وهذا في تاريخ المسعودي ( مروج الذهب ) وعنه ابن أبي الحديد في شرح النهج عن عروة بن الزبير ، إنّه كان يعذر أخاه عبدالله في حصر بني هاشم في الشِعب، وجمعه الحطب ليحرّقهم، قال عروة في مقام العذر والاعتذار لأخيه عبدالله ابن الزبير : بأنّ عمر أحضر الحطب ليحرّق الدار على من تخلّف عن البيعة لأبي بكر(1) .
« أحضر الحطب » هذا ما يقوله عروة بن الزبير، وأولئك يقولون « جاء بشيء من نار » فالحطب حاضر، والنار أيضاً جاء بها ، أتريدون أنْ يصرّحوا بأنّه وضع النار على الحطب، يعني إذا لم يصرّحوا بهذه الكلمة ولن يصرّحوا ! نبقى في شك أو نشكّك في هذا الخبر، الخبر الذي قطع به أئمّتنا، وأجمع عليه علماؤنا وطائفتنا ؟!!

(1) مروج الذهب 3 / 86، شرح ابن أبي الحديد 20 / 147 .



4 ـ المجيء للإحراق :
وهذه عبارة أُخرى : إنّ عمر جاء إلى بيت علي ليحرّقه أو
ليحْرقه .

وبهذه العبارة تجدون الخبر في كتاب روضة المناظر في أخبار الأوائل والأواخر لابن الشحنة المؤرخ المتوفى سنة 882 هـ، وكتابه مطبوع على هامش بعض طبعات الكامل لابن الأثير ـ وهو تاريخ معتبر ـ يقول : إنّ عمر جاء إلى بيت علي ليحرّقه على من فيه ، فلقيته فاطمة فقال : أُدخلوا فيما دخلت فيه الأُمّة .
هذا، وفي كتاب لصاحب الغارات إبراهيم بن محمّد الثقفي، في أخبار السقيفة، يروي عن أحمد بن عمرو البجلي، عن أحمد ابن حبيب العامري، عن حمران بن أعين، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد (عليهما السلام) قال : « والله ما بايع علي حتّى رأى الدخان قد دخل بيته » .
كتاب السقيفة لهذا المحدّث الكبير لم يصلنا، نقل هذا المقطع عن كتابه المذكور : الشريف المرتضى في كتاب الشافي في الإمامة .
وعندما نراجع ترجمة هذا الشخص ـ إبراهيم بن محمّد الثقفي المتوفى سنة 280 أو 283 هـ ـ نرى من مؤلّفاته كتاب السقيفة وكتاب المثالب، ولم يصلنا هذان الكتابان، وقد ترجم له علماء السنّة ولم يجرحوه بجرح أبداً، غاية ما هناك قالوا : رافضي .
نعم هو رافضي، ألّف كتاب السقيفة وألّف كتاب المثالب، ونقل مثل هذه الأخبار، روى مسنداً عن الصادق أبي عبدالله جعفر بن محمّد : والله ما بايع علي حتّى رأى الدخان قد دخل بيته .

وممّا يدلّ على صحّة روايات هذا الشخص ـ إبراهيم بن محمّد الثقفي ـ ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني قال : لمّا صنّف كتاب المناقب والمثالب أشار عليه أهل الكوفة أن يخفيه ولا يظهره، فقال : أيّ البلاد أبعد عن التشيّع ؟ فقالوا له : إصفهان ـ إصفهان ذاك الوقت ـ، فحلف أنْ يخفيه ولا يحدّث به إلاّ في إصفهان ثقةً منه بصحة ما أخرجه فيه، فتحوّل إلى إصفهان وحدّث به فيها(1)ذكره أبو نعيم الاصبهاني في أخبار اصبهان .
في هذه الرواية : « والله ما بايع علي حتّى رأى الدخان قد دخل بيته »، وأولئك كانوا يتجنبون التصريح بهذه الكلمة، صرّحوا « بالحطب » صرّحوا « بالنار » صرّحوا « بالقبس »

صرّحوا « بالفتيلة » صرّحوا بكذا وكذا، إلاّ أنّهم يتجنّبون التصريح بكلمة إنّه وضع النار على الحطب، وتريدون أنْ يصرّحوا بهذه الكلمة ؟ أما كانوا عقلاء ؟ أما كانوا يريدون أن يبقوا أحياء ؟ إنّ ظروفهم ما كانت تسمح لهم لأنْ يرووا أكثر من هذا، ومن جهة أُخرى، كانوا يعلمون بأنّ القرّاء لكتبهم والذين تبلغهم رواياتهم سوف يفهمون من هذا
____________
(1) لسان الميزان 1 / 102 .

نقول الذي يقولون أكثر ممّا يقولون، ويستشمّون من هذا الذي يذكرون الأُمور الأُخرى التي لا يذكرون، أتريدون أنْ يقولوا بأنّ ذلك وقع بالفعل ويصرّحوا به تمام التصريح، حتّى إذا لم تجدوا التصريح الصريح والتنصيص الكامل تشكّون أو تشكّكون، هذا والله لعجيب !





jthwdg rqdm t]; ,i[,l hgr,l ugn ]hv th'lm hg.ivhx ugdih hgsghl



توقيع : الجزائرية
لولا سيف علي لم يُسلم في الدنيا احد
رد مع اقتباس