عرض مشاركة واحدة
قديم 2016/10/18, 10:22 PM   #2
الشيخ عباس محمد

موالي بلاتيني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3773
تاريخ التسجيل: 2015/04/07
المشاركات: 1,723
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً
المستوى : الشيخ عباس محمد is on a distinguished road




عرض البوم صور الشيخ عباس محمد
افتراضي

لسؤال: أدلّة جواز البكاء وتعظيم الشعائر في مناسبات أهل البيت(عليهم السلام)
قال الله تعالى: (( الَّذينَ إذَا أَصَابَتهم مّصيبَةٌ قَالوا إنَّا للّه وَإنَّا إلَيه رَاجعون )) (البقرة:156)، هل هذه الآية توصينا باللطم أو ضرب البدن على المصائب؟
الجواب:

البكاء واللطم وضرب البدن في عزاء أهل البيت(عليهم السلام) يستفاد من قوله تعالى: (( وَمَن يُعَظّم شَعَائرَ اللَّه فإنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوب )) (الحج:32)؛ فأئمّة أهل البيت(عليهم السلام) من شعائر الله بلا ريب، والاحتفاء بذكرى وفياتهم ومواليدهم بما يناسب تلك المناسبات، بشرط أن لا يكون الفعل محرّماً، هو أمر جائز، بل راجح بحسب هذه الآية الكريمة، فالتعظيم معنىً عرفيّاً خاضع لفهم الناس في كيفية التعظيم، وهو مشروع بكلّ الوسائل التي يراد بها التعظيم، بشرط أن لا يكون حراماً قد نصّت على حرمته الشريعة المقدّسة.
وكذلك يستفاد رجحان هذه الأفعال باعتبارها مظهراً من مظاهر المودّة التي صدحت بها الآية الكريمة وندبت المسلمين إليها، ونعني بها: قوله تعالى: (( قُل لاَ أَسأَلُكُم عَلَيهِ أَجراً إلَّا المَوَدَّةَ فِي القُربَى )) (الشورى:23).
وأيضاً يستفاد رجحان هذا الفعل من التأسي بفعل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في البكاء على الشهداء وسادات الدين حين سمع نساء الأنصار يبكين على من قُتل من أزواجهنّ في أُحد، فقال(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (ولكن حمزة لا بواكي له)؛ قال ابن عمر - كما يروي أحمد في مسنده: ثمّ نام رسول الله فاستنبه وهنّ يبكين، (قال): فهنّ اليوم إذا يبكين يندبن بحمزة(1).
ولا يخفى ما في قوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (ولكن حمزة لا بواكي له)، من الحثّ على البكاء على سيّد الشهداء حمزة(عليه السلام)، والملامة لنساء الأنصار لتركهنَّ البكاء على حمزة.
وفي ترجمة حمزة من (الاستيعاب)، نقلاً عن الواقدي (ت 207هـ)، قال: لم تبكِ إمرأة من الأنصار على ميت بعد قول رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (ولكن حمزة لا بواكي له) إلى اليوم، إلاّ وبدأت بالبكاء على حمزة.. انتهى(2).
فهذه سيرة الأنصار والصحابة في رجحان البكاء على الميّت عموماً، وعلى من هو كحمزة خصوصاً، وإن بَعُد العهد بموته.
وأخرج البخاري في (صحيحه) في أبواب الجنائز، وأيضاً ذكره ابن عبد البر في (الاستيعاب): أنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بكى على جعفر وزيد - شهداء واقعة مؤتة(3) - وقال: (أخواي ومؤنساي ومحدّثاني)(4).
وذكر ابن عبد البر أيضاً في ترجمة جعفر من (الاستيعاب): لمّا جاء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) نعي جعفر، أتى امرأته أسماء بنت عميس فعزّاها، (قال): ودخلت فاطمة وهي تبكي وتقول: واعمّاه، فقال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (على مثل جعفر فلتبكِ البواكي). انتهى(5).
وهذا الأمر منه(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (فلتبكِ)، دليل على استحباب البكاء على أمثال جعفر من رجالات الأمّة الذين فدوا مهجهم في سبيل نصرة الدين وإعلاء كلمة شريعة سيّد المرسلين(صلّى الله عليه وآله وسلّم).
وقد بكى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) على فاجعة ولده الحسين(عليه السلام) قبل استشهاده(6)، كما بكاه أبوه أمير المؤمنين(عليه السلام) عند مروره بأرض كربلاء..
فقد أخرج ابن سعد - كما في الفصل الثالث من الباب الحادي عشر من (الصواعق المحرقة) لابن حجر - عن الشعبي، قال: ((مرّ عليّ (رضي الله عنه) بكربلاء عند مسيره إلى صفّين وحاذى نينوى - قرية على الفرات - فوقف وسأل عن اسم الأرض، فقيل: كربلاء، فبكى حتّى بلّ الأرض من دموعه، ثمّ قال: دخلت على رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قال: كان عندي جبرئيل آنفاً وأخبرني أنّ ولدي الحسين يقتل بشاطئ الفرات، بموضع يقال له: كربلاء))(7). وروى مثله الهيثمي في (مجمع الزوائد)، وقال: ((رواه أحمد وأبو يعلى والبزّار والطبراني ورجاله ثقات))(8).
وأمّا الآية المذكورة فهي تحثّ على التسليم لأمر الله وعدم الاعتراض على قضائه، وقول رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) عندما مات ولده: (إنّ العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلاّ ما يرضي ربّنا، وإنّا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون)(9) يوضّح لك المراد منها، والادّعاء بأنّ ما يفعله المعزّين بمصيبة الحسين(عليه السلام) اعتراض على أمر الله تجنٍّ واتّهام لا يرضونه، وإنّما هو حزن على مصيبة الحسين(عليه السلام)، وغضب على الجناة من قاتليه، وإحياء لبعض الشعائر الإسلامية؛ لتبقى جذوة الإسلام متوقّدة إلى يوم القيامة.

(1) مسند أحمد 2: 40 مسند عبد الله بن عمر.
(2) الاستيعاب 1: 374.
(3) صحيح البخاري 2: 72 باب في الجنائز.
(4) الاستيعاب 2: 546.
(5) الاستيعاب 1: 243 ترجمة جعفر.
(6) المعجم الكبير 3: 107 حديث (2814).
(7) الصواعق المحرقة 2: 566 الباب (11).
(8) مجمع الزوائد 9: 187 باب مناقب الحسين بن عليّ(عليهما السلام)، مسند أحمد بن حنبل 1: 85 مسند عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، المعجم الكبير 3: 105 حديث (2811)، مسند أبي يعلى 1: 298 حديث (363) مسند علي بن أبي طالب.
(9) صحيح البخاري 2: 85 كتاب الكسوب باب الجنائز.

سؤال: اللطم على الصدور مصداق من مصاديق الجزع
لماذا نلطم على الصدور بالتحديد.. وحسب ما فهمت من الرواية السابقة بأنّ اللطم على الخدود؟.
الجواب:

ورد عندنا أنّ كلّ الجزع والبكاء مكروه ما خلا الجزع والبكاء لقتل الحسين(عليه السلام)، ومن مظاهر الجزع: اللطم، سواء كان على الصدور، أو على الخدود، أو على الفخذين. وما ذكر في الرواية كمثال لمظهر من مظاهر الجزع، وهو: اللطم على الخدود، ولم تمنع الرواية من اللطم على مكان آخر.

السؤال: هل اللطم أفضل أم الصلاة والصوم
هل ضرب الصدر أفضل من الصلاة والصوم والذكر وتلاوة القرآن والتسبيح في ذكرى استشهاد الحسين(عليه السلام)؟
لماذا البكاء على سيّد شباب أهل الجنّة الحسين(عليه السلام) الشهيد وفي القرآن: (( وَلَا تَحسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَموَاتاً بَل أَحيَاءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرزَقُونَ )) (آل عمران:169).
لماذا البكاء على من هو في الجنّة؟
الجواب:

إنّ هذه الأعمال التي تقام في ذكرى عاشوراء تدخل تحت الأعمال المستحبّة، وكذلك ما ذكرت يدخل تحت الأعمال المستحبّة.
أمّا مقدار الثواب على كلّ عمل فهو راجع إليه سبحانه، ونحن لا نستطيع القول بأنّ أحدهما أفضل بعد عدم ورود ما يرجّح أحدهما على الآخر.
نعم، نستطيع القول أنّها أفضل إذا كانت تزيد في ولاء ومحبّة الشخص لأئمّته(عليهم السلام)، أو أنّها تحقّق الولاء لهم بعد أن كان ضعيفاً أو معدوماً، والولاء لهم(عليهم السلام) شرط أساسي لقبول باقي الأعمال من الصلاة والصيام..
أو نقول أنّها أفضل من جهة ما يصاحب تلك الأعمال عادة من الاستماع إلى كلام الخطباء والرواديد الذي قد يتضمّن بعض المعاني السامية التي هي بمثابة مدرسة للتعليم والإرشاد، فتكون أفضليتها من أفضلية طلب العلم على العبادة.
ويمكن أن نقول: أنّ الصلاة والصيام وقراءة القرآن أفضل لبعض الأشخاص إذا لم يكن لهم في تعظيم الشعائر دور ومشاركة، وكان انتفاعهم بالصلاة والصيام وغيرها من الأعمال أكثر بلحاظ مرتبتهم في سلّم التكامل.
أمّا البكاء على الحسين(عليه السلام) فهو على الرغم من كونه(عليه السلام) في الجنّة، فهو كبكاء رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) على الحسين(عليه السلام)، وعلى حمزة، وجعفر الطيار، وغيرهم من الشهداء، فهو بكاء مشروع، بل محبّذ، وإلاّ لم يفعله رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)(1).

(1) المستدرك على الصحيحين 3: 176، مسند أحمد 2: 40، 84، المصنّف للصنعاني 3: 550 حديث (6666).

السؤال: اللطم على الصدور
ما هو التفسير الديني والعلمي بخصوص لطم الصدور؟.
الجواب:

لا يخفى عليكم أنّ أوّل من أقام العزاء على سيّد الشهداء أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) هو: رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؛ فعن أُمّ الفضل بنت الحارث: أنّها دخلت على رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقالت: يا رسول الله! إنّي رأيت حلماً منكراً الليلة. قال: (وما هو؟) قالت: إنّه شديد. قال: وما هو؟ قالت: رأيت كأنّ قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري. فقال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (رأيت خيراً، تلد فاطمة غلاماً فيكون في حجرك)..
فولدت فاطمة الحسين، فكان في حجري، كما قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فدخلت يوماً إلى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فوضعته في حجره، ثمّ حانت منّي التفاتة فإذا عينا رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) تهريقان من الدموع، قالت: فقلت: يا نبيّ الله! بأبي أنت وأُمّي، ما لك؟ قال: (أتاني جبريل(عليه الصلاة والسلام) فأخبرني أنّ أمّتي ستقتل ابني هذا)، فقلت: هذا؟ فقال: (نعم)، وأتاني بتربة من تربته حمراء(1).
وعن أُمّ سلمة، قالت: كان الحسن والحسين يلعبان بين يدي النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في بيتي، فنزل جبريل، فقال: يا محمّد! إنّ أمّتك تقتل ابنك هذا من بعدك. وأومأ بيده إلى الحسين، فبكى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وضمّه إلى صدره، ثمّ قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): وديعة عندك هذه التربة، فشمّها رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقال: ويح وكرب وبلاء. قالت: وقال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (يا أُمّ سلمة إذا تحولت هذه التربة دماً فاعلمي أنّ ابني قد قتل)(2).
وهناك روايات أُخرى كثيرة في هذا المجال.
وهكذا تجد أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) اقاموا العزاء على الحسين(عليه السلام) وأمرونا بذلك وبإظهار الحزن، كما أشرنا إلى ذلك في الأجوبة السابقة.
ومن هذا المنطلق أخذت الشيعة الإماميّة تعمل بهذه الوصية، فتظهر مختلف علامات الحزن والعزاء على الإمام الحسين(عليه السلام) كلّ بحسب منطقته وعاداته وتقاليده.
فبعضهم اتّخذ - مثلاً - اللطم على الصدور طريقة من طرق إظهار الحزن ليظهر من خلاله حبّه وولاءه الشديد لأبي عبد الله الحسين(عليه السلام) وعدّه عملاً راجحاً يتوقّعون فيه الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى.
ودليلهم على جوازه: إجماع علماء الطائفة الشيعية عليه، وبعض الروايات، منها: ما رواه الشيخ الطوسي في كتابه (التهذيب): عن الإمام الصادق(عليه السلام)، أنّه قال: (وقد شققن الجيوب، ولطمن الخدود - الفاطميات - على الحسين بن عليّ(عليهما السلام)، وعلى مثله تلطم الخدود، وتشقّ الجيوب)(3).
وقد أشار إلى هذه الرواية أيضاً الشهيد في (الذكرى)(4)؛ فراجع!

(1) المستدرك على الصحيحين 3: 176.
(2) مجمع الزوائد 9: 189 باب (مناقب الحسين بن عليّ(عليه السلام)).
(3) تهذيب الأحكام 8: 325 كتاب الأيمان والنذور والكفّارات حديث (12071).
(4) ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة 2: 56 البحث الرابع من المطلب الثالث من أحكام الأموات.


تعليق على الجواب (1)
في جوابكم للأخ علي حول قضية اللطم ذكرتم الرواية وعدّة مصادر للرجوع إليها، ولكن هناك روايات في قضية منع النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لذلك لدى العامّة، فكيف نردّ على هذه الروايات، والرواية التي ذكرتموها بأنّ اللطم على الإمام الحسين(عليه السلام) فقط هو الجائز.
فكيف نثبت جواز اللطم على بقية المعصومين(عليهم السلام)؟
الجواب:

إنّ الروايات المانعة التي أشرت إليها عند العامّة إن صحّت سنداً فإنّها تدلّ على المنع من البكاء على الميّت على نحو الإطلاق، فيمكن الذبّ والدفاع عن الروايات المجوّزة - كالتي وردت في جواب بعض الإخوة - بأنّ هذه الأحاديث خاصّة في مورد الإمام الحسين(عليه السلام) فتخصّص تلك الإطلاقات بهذه المخصّصات، وهذا أُسلوب مألوف في علم الفقه - كما هو ثابت في محلّه من علم الأُصول - لجمع الأدلّة ونفي التعارض بينها.
على أنّ الروايات المانعة المشار إليها هي بنفسها - مع غضّ النظر عن الأخبار الواردة في شأن الحسين(عليه السلام) - متعارضة مع روايات أُخرى في مصادر أهل السُنّة؛ فورد في بعضها أنّ عائشة ردّت هذه الروايات ونقلت صور أُخرى لا تدلّ على المنع(1)..
ويؤيّد رواية عائشة: ما ورد في صحيح البخاري من أنّ منع رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان في مجال بكاء اليهود على أمواتهم(2).
وورد أيضاً أنّ عمر هو بنفسه كان لا يمنع من إقامة العزاء والبكاء على الميّت(3).
وجاء أيضاً في سيرة الصحابة ما يدلّ على المقام(4).
وأمّا تعميم الحكم لباقي المعصومين(عليه السلام):
فأوّلاً: بالإطلاقات الواردة لتسرّي الأحكام من بعض المعصومين(عليهم السلام) على جميعهم، إلاّ إذا ورد خطاب يخصّص بعضهم دون بعض.
وثانياً: بالرواية نفسها التي أوردناها في جواب بعض الإخوة إذ جاء فيها (...وعلى مثله (الحسين(عليه السلام) تلطم الخدود وتشّق الجيوب)(5)، ولا ريب أنّ المثيل الأوّل والأخير للمعصوم هو المعصوم(عليه السلام).
وبالجملة، نستنتج جواز، بل استحباب إقامة كافّة أنواع العزاء - ومنها اللطم - على الحسين(عليه السلام) وباقي المعصومين(عليهم السلام).

(1) انظر: مسند أحمد 1: 41، 42 مسند عمر بن الخطّاب، صحيح البخاري 2: 81 باب في الجنائز، جامع الأُصول في أحاديث الرسول 11: 82 حديث (8570)، سنن النسائي 4: 17 كتاب النياحة، إرشاد الساري 3: 408 كتاب الجنائز الباب (32) حديث (1288)، اللؤلؤ المرجان فيما اتّفق عليه الشيخان 1: 252 كتاب الجنائز الباب (9) حديث (536).
(2) انظر: صحيح البخاري 2: 81 باب في الجنائز، صحيح مسلم 3: 42 كتاب الجنائز باب (الميت يعذّب ببكاء أهله)، جامع الأُصول في أحاديث الرسول 11: 83 حديث (8570)، إرشاد الساري 3: 409 كتاب الجنائز الباب (32) حديث (1289).
(3) انظر: الآحاد والمثاني 2: 316 حديث (1080) ترجمة النعمان بن مقرن، كنز العمّال 15: 727 حديث (42896)، 731 حديث (42908)، أُسد الغابة في معرفة الصحابة 5: 31، الاستيعاب 4: 1506 حديث (2626)ترجمة نعمان.
(4) انظر: الاستيعاب ترجمة حجر بن عدي، الإصابة في تمييز الصحابة ترجمة عثمان بن مظعون، وترجمة قيس بن سفيان، وترجمة قيس بن عاصم، وترجمة شماس بن عثمان.
(5) تهذيب الأحكام 8: 325 كتاب الأيمان والنذور والكفّارات حديث (1207).

السؤال: لطم الهاشميات دليل على جوازه
سؤالي هو: كيف أُقنع أُناساً من مذاهب أُخرى بقضية اللطم على الصدر في شهر محرّم؟
الجواب:

إنّ لكلّ قوم عُرف خاصّ بالنسبة إلى إقامة العزاء، وما دام أنّ أصل الحزن وإقامة العزاء ثابت على الحسين(عليه السلام)، فإنّ اللطم هو أحد مصاديق إظهار الحزن عند الشيعة، فلا نحتاج في المسألة إلى دليل خاصّ، ما دام هو داخل تحت عمومات الحزن.
أضف إلى ذلك، فإنّ الهاشميات لطمن على الإمام الحسين(عليه السلام)، وبحضور الإمام السجّاد(عليه السلام)، وحيث لم ينهاهنّ الإمام(عليه السلام)، فيكون تقريراً لجوازه واستحبابه على الإمام الحسين(عليه السلام)(1).

(1) انظر: تهذيب الأحكام 8: 325 كتاب الأيمان والنذور والكّفارات حديث (12071)

لسؤال: من مظاهر الحزن.. اللطم
هل هناك أحاديث تدلّ على استحباب اللطم؟ أحاديث فيها كلمة اللطم صراحة، والاستحباب كذلك؟
الجواب:

نحن لا نحتاج إلى حديث يدلّ على استحباب اللطم ما دامت المسألة راجعة إلى العرف، فكلّ ما يصدق عليه أنّه من مظاهر الحزن على الإمام الحسين(عليه السلام) عند العرف سيكون مستحبّاً، وكما تعلمون فإنّ لكلّ أُناس عادات وتقاليد في إظهار الحزن، ومن عاداتنا وتقاليدنا في إظهار الحزن: اللطم، فيكون داخلاً تحت العمومات التي تحثّ على إحياء أمر أهل البيت(عليهم السلام)، وإظهار الحزن عليهم.
وبعد هذا، نذكّركم بورود روايات وردت عن فعل اللطم من قبل السيّدة زينب(عليها السلام)، وسائر الهاشميات، وغيرهنّ.


تعليق على الجواب (1)
في جوابكم لم تذكروا مصدر الرواية أو نصّ الرواية..
ونحن نعتمد في إجاباتنا في الإنترنت والمناظرات كثيراً على أجوبتكم، فلو افتقدت المصادر ستسقط حجّيتها على الخصم.
الجواب:

لا يخفى عليكم أنّ الأصل في الأفعال: الإباحة، ما لم يرد دليل على المنع(1).
فاللطم فعل من الأفعال، ومظهر من مظاهر الحزن والتألّم، يقيمه المؤمنون تذكّراً لمصاب سيّد الشهداء الحسين(عليه السلام)، وإحياءً لتلك الفاجعة التي ألمّت بأهل بيت النبوّة(عليهم السلام)، والتي كانت من أفجع المصائب، وأعظم الرزايا التي فدح بها المسلمون في تأريخهم، فهي مصيبة ليست ككلّ المصائب، وفاجعة ليست ككلّ الفجائع..
وقد تألّم لها رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وعليّ(عليه السلام)، والزهراء(عليها السلام)، قبل حدوثها، لِما وصلهم من علم الله سبحانه وتعالى بها..
وقد ورد في ذلك أحاديث صريحة وصحيحة رواها أحمد في (مسنده) وغيره؛ فانظر: ما نقله الهيثمي في (مجمع الزوائد) عن أحمد بن حنبل في مسنده، وعن أبي يعلى والبزّار والطبراني(2)، وصرّح بأنَّ رجال الحديث ثقات، في بكاء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وألمه لِما سيجري على الحسين(عليه السلام)، وإخبار عليّ(عليه السلام) بذلك(3).
فالحزن على الإمام الحسين وعلى مصائب أهل البيت(عليهم السلام) جائز، بل راجح؛ لِما نفهم من أحاديث النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالحثّ على البكاء والحزن على رجالات الدين الذين بذلوا مهجهم في سبيله، وضحّوا في سبيل إعلاء كلمة الحقّ، وهذا المعنى من الحثّ يتلمّسه الفقيه بوضوح لما يقرأه من قول رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (على مثل جعفر فلتبكِ البواكي)(4).
فمظاهر الحزن من البكاء واللطم ولبس السواد وغيرها جائزة شرعاً، لأصالة الإباحة في الأفعال، ومن قال بخلاف ذلك ومنعه فعليه تقديم الدليل، وأيضاً لِما ورد من الحثّ على الحزن على رجالات الدين خاصّة في فعل رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقوله، كما أشرنا إليه.
ولا نحتاج في هذا المورد إلى دليل خاص لجواز اللطم بعينه بعد أصالة الإباحة. وإلاّ على المنكر أن يظهر الدليل بجواز ركوب الطائرة، واستعمال الهاتف، ومشاهدة التلفاز، بل ولبس القميص والبنطلون وغيرها من الأفعال التي لم يرد لها ذكر أو اسم في الروايات ولم تكن على عهد التشريع.. فكيف تحلّ المشكلة؟ والجواب هو الجواب.

(1) انظر: حاشية ردّ المحتار لابن عابدين 1: 113 مطلب: المختار: أنّ الأصل في الأشياء الإباحة، فقه السُنّة 3: 288، المغني لابن قدامة 1: 131، 760، 3: 36، 296، 311، 371، 4: 124، 303.
(2) انظر: مسند أحمد بن حنبل 1: 85 مسند عليّ بن أبي طالب، المصنّف لابن أبي شيبة 8: 632 حديث (259)، مسند أبي يعلى 1: 298 حديث (363)، مجمع الزوائد 9: 187.
(3) مجمع الزوائد 9: 187.
(4) رواه ابن عبد البر في الاستيعاب 1: 243 ترجمة جعفر.

السؤال: الأدلّة على جواز اللطم ونشوئه
اللطم أثناء المأتم الحسيني، ما هو الدليل الشرعي عليه؟ وبداية نشوئه في أيّ فترة من التاريخ الإسلامي؟
الجواب:

من الأدلّة على جواز اللطم في المجالس الحسينية هو الحديث الوارد عن الإمام الصادق(عليه السلام): (إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جزع، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليّ(عليهما السلام)؛ فإنّه فيه مأجور)(1)، واللطم نوع من الجزع.
ولا يخفى عليكم، أنّ النهي عن الجزع نهي تشريعي، وليس نهياً تكوينياً، وبالتالي فهو قابل للتخصيص، وقد ورد تخصيص من الشارع المقدّس لعموم النهي عن الجزع، هذا أوّلاً.
وثانياً: لأصالة الإباحة؛ فطالما لم يكن في اللطم ضرر، فمقتضى أصل الإباحة هو عدم الإشكال في اللطم ما لم يرد نهي.
وثالثاً: اللطم على مصائب أهل البيت(عليهم السلام) يدخل في باب تعظيم الشعائر، وشدّ الناس إلى قضية الإمام الحسين(عليه السلام) التي هي قضية الإسلام.
وأمّا بداية نشوئه، فالظاهر أنّه عريق، كما يبدو من بعض الحوادث التي يذكرها ابن الأثير في (تاريخه)، فقد ذكر في الحوادث الواقعة في القرن الرابع والخامس الهجري، أنّه وقع خلاف وصدام بين الشيعة والسُنّة، بسبب بعض أعمال يوم عاشوراء من اللطم وغيره(2).

(1) كامل الزيارات: 201 الباب (32) حديث (286).
(2) انظر: الكامل في التاريخ 8: 549 حوادث سنة 352هـ، 8: 558 حوادث سنة 353هـ، 9: 155 حوادث سنة 389هـ.

تعليق على الجواب (1)
عن أبي عبد الله(عليه السلام): (لا ينبغي الصياح على الميّت، ولا تشقّ الثياب)(الكافي 3/225، وسائل الشيعة 2/916).
عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: (لا يصلح الصياح على الميّت، ولا ينبغي، ولكن الناس لا يعرفون)(الكافي 3/226، الوافي 12/88، وسائل الشيعة 2/916).
عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قال: (صوتان ملعونان يبغضهما الله: إعوال عند مصيبة، وصوت عند نغمة، يعني: النوح والغناء)(مستدرك الوسائل للنوري 1/144، بحار الأنوار 82/101).
عن أبي سعيد: أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (لعن النائحة والمستمعة) مستدرك..
أخي العزيز! ما أوردته نهياً عامّاً عن اللطم، وإذا كان اللطم سيّئاً فسيكون سيّئاً حتّى على الحسين، وإلاّ لماذا نهى الله عنه؟ وقولك: لا يضرّ، غير صحيح؛ فله عدّة أضرار، منها: إيذاء الجسد، والاساءة لآل البيت والمسلمين؛ حيث أنّ المشهد غير حضاري، وأيضا أنّه: بدعة، وهذا أهم، وأنا أعتبر كلّ شيء لم يأتِ به رسول الله بدعة؛ لأنّه أكمل الدين، ولم يبق لمن جاء بعده إلاّ الطاعة.
الجواب:

ينبغي الالتفات إلى أنّ اللطم على الإمام الحسين(عليه السلام) ليس هو لطماً لأجل مقتل شخص مسلم عادي؛ فالحسين(عليه السلام) هو إمام المسلمين وقدوتهم، وخليفة الله ورسوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهو يمثّل الإسلام... وحينئذٍ فإنّ ورود الاستثناء بشأن اللطم عليه له ما يبرّره.
مع أنّ المسألة ليست استحسانية حتّى يسوغ لك المقارنة بين الإمام الحسين(عليه السلام) وسائر الناس! وإنّما ورد النهي عن اللطم على الميّت؛ لأنّه غالباً ما يكون مصاحباً للجزع وعدم التسليم والرضا بالقضاء.. وهذا العنصر مفقود في حال اللطم على أبي عبد الله الحسين(عليه السلام)؛ لأنّ الجزع عليه ليس اعتراضاً على القضاء، بل إشفاقاً على الدين وإمام المسلمين والقرآن الناطق، ومن هو بمنزلة لحم ودم النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، بل نفسه كما يدلّ عليه قوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (حسين منّي وأنا من حسين)(1).. فيرجع الأمر في النهاية إلى التعلّق بالدين والمودّة لآل البيت الطاهرين(عليهم السلام) والتعبير عن الولاء لهم؛ فتأمّل!

(1) مسند أحمد بن حنبل 4: 172، سنن الترمذي 5: 324 حديث (3864)، المستدرك على الصحيحين 3: 177، مجمع الزوائد 9: 181.

السؤال: مشروعية اللطم
بحثت عن إجابة لأسئلة تقدّم بها صديق لي من إخواننا السُنّة، وهو زميل لي بالعمل.. وكان السؤال عن مشروعية اللطم على الحسين خاصّة وأهل البيت عامّة.. بعدما أجبته عن كثير من الأسئلة المتعلّقة بمذهب أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين..
وأتيت إلى صفحتكم المباركة في (إقامة المجالس لأحياء أمر أهل البيت(عليهم السلام)/اللطم على الصدور)، ولكنّي لم أستشف ما أرجوه لكي أنقله إلى صديقي وأخي السُنّي..
لذلك أرجو إذا تكرّمتم علَيَّ بالإجابة الوافية حول مشروعية اللطم والاستدلالات المستند عليها في فقه الشيعة؟
الجواب:

الاستدلال على مشروعية اللطم يتم من خلال نقاط:
أولاً: إنّ الأصل في الأشياء: الإباحة، أيّ: أنّ كلّ شيء مباح حتّى يرد فيه حرمة ونهي، لا كما يظهر من كلام من يعترض على اللطم من أنّ الأصل في الأشياء الحرمة. فإنّ أصالة الإباحة أصل أُصّل في علم أُصول الفقه، فيه بحوث علمية لا يعرفها أبناء المذهب المخالف - ويمكنك اطّلاعهم عليها - .. وعليه فإنّ مدّعي الحرمة والمنع يحتاج إلى دليل، وليس العكس.
ثانياً: بل إنّ اللطم على الإمام الحسين(عليه السلام) مستحبّ؛ لأنّه بعد الأصل يدخل في إحياء شعائر الله (( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوبِ )) (الحج:32)، ومن المعلوم لدينا دخول الشعائر الحسينية في شعائر الله، فإنّ يوم الحسين يوم من أيام الله بلا جدال.
ثالثاً: ولكن مع كلّ هذا فإنّ للشيعة أدلّتهم من الروايات، التي فيها إقرار اللطم على الحسين(عليه السلام) والمعصومين(عليهم السلام)، كما ورد في زيارة الناحية المقدّسة من فعل الفواطم: (برزن من الخدور، ناشرات الشعور، على الوجوه لاطمات)(1)؛ إذ جاءت هذه الزيارة على لسان معصوم، فضلاً عن سكوت الإمام زين العابدين(عليه السلام) زمن الحادثة الدال على تقريره.
وأيضاً ما رواه الصدوق من أنّ دعبل الخزاعي لمّا أنشد الإمام الرضا(عليه السلام):
إذاً للطمت الخدّ فاطم عنـده ***** وأجريت دمع العين في الوجنات
لطمت النساء وعلا الصراخ من وراء الستار، وبكى الإمام الرضا(عليه السلام) حتّى أُغمي عليه مرّتين(2)، وفيه من التقرير والرضا ما لا يخفى؛ إذ لو كان فيه خلاف الشرع لأنكره(عليه السلام).
وفي (التهذيب) عن الإمام الصادق(عليه السلام): (وقد شققن الجيوب، ولطمن الخدود - الفاطميات - على الحسين بن عليّ(عليهما السلام)، وعلى مثله تلطم الخدود، وتشقّ الجيوب)(3).
وقال في (الجواهر): ((إنّ ما يحكى من فعل الفاطميات... ربّما قيل: إنّه متواتر))(4).
وفي (اللهوف) لابن طاووس: إنّه لمّا رجع السبايا إلى كربلاء: ((فوجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري وجماعة من بني هاشم، ورجالاً من آل الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد وردوا لزيارة قبر الحسين(عليه السلام): فوافوا في وقت واحد، وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم، وأقاموا المآتم المقرحة للأكباد، إجتمع إليهم نساء ذلك السواد، فأقاموا على ذلك أيّاماً))(5).
ومن المعلوم أنّ الإمام السجّاد(عليه السلام) كان معهم.
وروي في أحاديث كثيرة استحباب الجزع على الإمام الحسين(عليه السلام)، وفسّر الإمام الباقر(عليه السلام) الجزع بقوله: (أشدّ الجزع: الصراخ بالويل والعويل، ولطم الوجه والصدر)(6).
وغيرها من الروايات. أفبعد هذا يقال بالمنع من اللطم!!!
نعم إنّ ذلك مختصّ بالإمام الحسين(عليه السلام)، كما ذكر الفقهاء.
ولكن المانعين المدّعين لحرمة اللطم حاولوا إيراد أدلّة تدلّ على حرمة اللطم بالعنوان الثانوي، منها:
1- أنّه إلقاء في التهلكة، وقد قال جلّ وعلا: (( وَلاَ تُلقُوا بِأَيدِيكُم إِلَى التَّهلُكَةِ )) (البقرة:195)، مع أنّ الآية ناظرة إلى التهلكة في الآخرة، ولو سلّمنا فإنّه ليس في ما يفعله اللاطم تهلكة في الدنيا. وإن حدث حادث في بعض الحالات النادرة، أي: إن مات أحدهم مثلاً، فإنّ ذلك لا يوجب التحريم أصلاً؛ فهو كما يتّفق في كلّ شيء مباح، مثل: ركوب السيارة مثلاً.
2- أنّه إضرار بالنفس، والإضرار حرام، مع أنّه لم يثبت حرمة كلّ إضرار بالنفس، بل الثابت حرمة ما يؤدّي إلى هلاك النفس، أو ما يؤدّي إلى ضرر بالغ. والعقلاء يُقدِمون على الضرر القليل من أجل هدف أسمى وأكبر، بل قد يُقدِمون على أمور فيها هلاك النفس من أجل المبادئ والقيم التي يؤمنون بها.
3- أنّ هذه الممارسات ومنها: اللطم، فيها توهين للمذهب.
وجوابه: إنّ ذلك يختلف باختلاف المواقف، وإنّ تشخيص الموضوع يعود للمكلّف من صدق التوهين هنا أو لا؟ ولو أردنا مجاراة كلّ من خالفنا وشنّع علينا ممارساتنا الدينية بمثل هذه الحجّة لما بقى لدينا شيء، حتّى الحجّ والصلاة.
4- قد يعترض المخالف من أهل العامّة بأنّه بدعة، ولكن تعريف البدعة هو: إدخال في الدين ما ليس من الدين (أو ليس منه)(7)، وهو قد يطلق على ما كان محرّماً، وقد عرفت ممّا سبق الأدلّة على جوازه وأنّه من الدين.

(1) المزار: 504 زيارة أُخرى يوم عاشوراء.
(2) انظر: عيون أخبار الرضا(عليه السلام) 1: 154 حديث (8)، 294 حديث (34)، 297 حديث (35).
(3) تهذيب الأحكام 8: 325 كتاب الأيمان والنذور والكفّارات حديث (1207).
(4) جواهر الكلام 4: 371.
(5) اللهوف في قتلى الطفوف: 114.
(6) الكافي 3: 222 كتاب الجنائز باب (الصبر والجزع والاسترجاع)، وسائل الشيعة 3: 217 حديث (3625).
(7) انظر: المحصول 2: 298، الحدائق الناضرة 8: 311.

لسؤال: اللطم جائز للإقرار وللأصل
من المتعارف عليه بين أبناء الشيعة الإمامية إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين(عليه السلام)، ويصاحب ذلك في كثير من الأحيان اللطم، أو ما عرف بالعزاء.
وهو إنشاد القصائد الرثائية في أهل البيت، ويصحب ذلك اللطم على الصدور، وحسب اطّلاعي المتواضع، فإنّ الأئمّة(عليهم السلام) كانوا يحيون هذه الأيّام، ولكن لم يرد بأنّهم كانوا يلطمون على صدورهم، أو كانوا يحثّون على ذلك، ولو كانت هذه العادة هي شعيرة خاصّة، أو لها أهمّية لجاءت أخبار الأئمّة بالحثّ عليها، بل ربّما هناك ما يتعارض مع مثل ذلك.
فنحن نعرف وصية الإمام الحسين(عليه السلام) لأخته زينب(عليها السلام) ليلة العاشر: بأن تتعزّى بعزاء الله، ولا تشقّ عليه جيباً، أو تلطم عليه خدّاً... مع أنّ السيّدة زينب ليست بحاجة لذلك، إلاّ أنّ الإمام ربّما قال لها ذلك من باب: إيّاك أعني واسمعي يا جارة.
كذلك سمعت من البعض: بأنّ أوّل ظهور لهذه العادة كان في عصر الشيخ المفيد، وكان الشيخ يقف موقفاً سلبياً ممّن يمارسون هذه العادة.
أودّ أن أسمع تعليقكم حول هذا الموضوع بالتفصيل؟ شاكراً ومقدّراً لكم.
الجواب:

نلخّص الجواب في نقاط:
أولاً: هناك كلّية صحيحة يُرجع إليها في الاستدلال، وهي: كُلّ ما يأمر به، أو يحثّ عليه، أو يفعله، أو يقرّه النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أو الإمام(عليه السلام) فهو جائز بالمعنى العام، أي: أعمّ من الواجب والمستحبّ والمباح.
وهناك قضية يأتي بها المغالطون كثيراً على أنّها كلّية صحيحة يمكن الاستدلال بها، ليموّهوا على مناقشيهم بنوع من المغالطة، وهي: إنّ كُلّ جائز - وليس الواجب - يجب أن يفعله النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أو الإمام(عليه السلام)، وهي عكس الأُولى، وهذه الكلّية غير صحيحة وباطلة، ولم تثبت لا عقلاً ولا شرعاً.
ومن راجع علم المنطق يعرف: إنّ العكس المستوي في الموجبة الكلّية يكون موجبة جزئية، فعكس القاعدة الأُولى: كُلّ ما يفعله الإمام فهو جائز، وهي موجبة كلّية، يكون: بعض ما هو جائز يفعله الإمام، وهي موجبة جزئية، ثمّ إنّه لم يثبت في الشرع أنّ كُلّ شيء جائز - سواء كان مستحبّاً أو مباحاً - يجب أن يفعله الإمام.
ملاحظة: نحن اقتصرنا في القضية على فعل الإمام(عليه السلام)؛ لأنّ المخالفين الذين يتعمّدون المغالطة يحتجّون دائماً علينا بأنّ الإمام لم يفعل كذا، ولم يفعل كذا، فهو غير جائز، ولا يحتجّون علينا بعدم فعل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلاّ نادراً.
أمّا نحن، فإنّ هذه القاعدة واضحة عندنا، فلا نحتجّ عليهم بعدم فعل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لشيء لإثبات عدم جوازه إلاّ من باب النقض.
ومن هنا عرفت الجواب على كُلّ من يعترض على فعلٍ ما بأنّ الإمام(عليه السلام) لم يفعله، أو لم يثبت فعله له، ومنها: الاستدلال بعدم فعل الإمام(عليه السلام) للّطم.
ثانياً: تبيّن أنّ إقرار النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أو الإمام(عليه السلام) لفعل ما يدلّ على جوازه بالمعنى الأعم، ولا يثبت به الوجوب، فهو يحتاج إلى دليل آخر.
وفي موردنا جاءت عدّة روايات تثبت إقرار الإمام(عليه السلام) لِما فعله الآخرون من اللطم أمامَه، أو لم ينكر على من ذكر اللطم على الإمام الحسين(عليه السلام)، ويبيّن له المنع من ذلك..
منها: ما رواه الشيخ الطوسي عن الإمام الصادق(عليه السلام): (وقد شققن الجيوب، ولطمن الخدود - الفاطميات - على الحسين بن عليّ(عليه السلام)، وعلى مثله تلطم الخدود، وتشقّ الجيوب)(1).
ومنها ما رواه الشيخ الصدوق: إنّ دعبل الخزاعي أنشد الإمام الرضا(عليه السلام) قصيدته التي فيها:
أفاطم لو خلت الحسين مجدّلاً ***** وقد مات عطشاناً بشط فراتِ
إذاً للطمت الخدّ عنده ***** وأجريت دمع العين في الوجنات(2)
فلم يعترض عليه الإمام(عليه السلام) بأنّ فاطمة(عليها السلام) لا تفعل الحرام، وهو اللطم، بل بكى(عليه السلام).
ومنها: ما ورد في زيارة الناحية المقدّسة: (فلمّا رأين النساء جوادك مخزيّا، ونظرن سرجك عليه ملويّا، برزن من الخدور، ناشرات الشعور، على الخدود لاطمات، الوجوه سافرات، وبالعويل داعيات...)(3)، وغيرها.
ثالثاً: إنّ استنباط الحكم الشرعي لقضية معيّنة يتمّ من خلال قواعد مقرّرة في أُصول الفقه وعلم الفقه، ويستدلّ بها من القرآن والسنّة والعقل والإجماع، ولا ينحصر الدليل بقول المعصوم أو فعله، وإذا فقد الدليل من هذه الأربعة يرجع إلى الأُصول العملية التي تحدّد الوظيفة العملية للمكلّف باتجاه هذه القضية.
وقد قرّروا أنّ الأصل في الأشياء: الإباحة ما لم يأتِ فيه تحريم، فإذا سلّمنا بفقد الدليل على اللطم، نرجع إلى هذا الأصل الأوّلي فيه، وهو: الإباحة، ولم يثبت في هذه القضية أصل ثانوي من أنّه إضرار بالنفس، وعلى فرض ثبوته فليس كُلّ ضرر - وإن كان لا يعتدّ به - حراماً.
رابعاً: ومثل هذا يثبت بخصوص خروج المواكب في الطرقات وإنشاد المراثي، على أنّ شعائر خروج المواكب في الطرقات كان من عهد البويهيين في بغداد في القرن الرابع الهجري، وهو عصر علماء عظام من الإمامية - كالمفيد وابن قولويه والمرتضى والرضي - ولم يُسمع من أحد منهم الاعتراض والنهي عن ذلك، ولم نعرف المصدر الذي نقلت منه موقف الشيخ المفيد السلبي بخصوص ذلك، فنرجو أن تذكر المصدر حتّى ننظر فيه.
خامساً: وأمّا ما أوردته من الرواية عن الإمام الحسين(عليه السلام) يخاطب زينب(عليها السلام): بأن تتعزّى بعزاء الله، ولا تشقّ عليه جيباً، أو تلطم عليه خدّاً...، فإنّ متن الرواية هكذا، كما في (اللهوف) لابن طاووس (ت664هـ): (انظرن إذا أنا قتلت، فلا تشققن عليّ جيباً، ولا تخمشن عليّ وجهاً...)(4)، ومثله في (الفتوح) لابن أعثم (ت314هـ)(5).
وليس فيها: ((ولا تلطمن عليّ خدّاً)) حتّى تستدلّ بها على النهي عن اللطم.
بل عن رواية الأقدم منهما، وهو: أبو مخنف - المتوفّى (ت158هــ) - عن الحارث بن كعب وأبي الضحّاك، عن الإمام علي بن الحسين(عليه السلام)؛ أنّ المخاطبة كانت زينب(عليها السلام)، إذ قال لها الحسين(عليه السلام): (يا أُخية! إنّي أُقسم عليك فأبري قسمي: لا تشقّي عليّ جيباً، ولا تخمشي عليّ وجهاً، ولا تدعي عليّ بالويل والثبور، إذا أنا هلكت)(6).
مع ملاحظة أنّ القضية في كُلّ الروايات واحدة، وهي خبر إنشاد الحسين لعدّة أبيات، والتي أوّلها: يا دهر أُفٍّ لك من خليل...، ليلة عاشوراء، فمرّة مخاطباً النساء معاً، ومرّة مخاطباً زينب(عليها السلام) وحدها، إضافة إلى أنّ رواية ابن أعثم والسيّد ابن طاووس مرسلة.
نعم، قد يستدلّ برواية أُخرى في (دعائم الإسلام) عن الإمام الصادق(عليه السلام): أنّه أوصى عندما احتضر فقال: (لا يلطمن عليّ خدّ، ولا يشقّن عليّ جيب، فما من امرأة تشقّ جيبها إلاّ صدع لها في جهنّم صدع، كلّما زادت زيدت)(7).
ولكن، بغضّ النظر عمّا قيل في توثيق كتاب (دعائم الإسلام)، فقد قال السيّد الخوئي بخصوص هذه الرواية وغيرها: (إلاّ أنّ الأخبار لضعف إسنادها لا يمكن الاعتماد عليها في الحكم بالحرمة بوجه)(8).
ولذا أفتى علماؤنا بجواز شقّ الثوب على الأب والأخ؛ فراجع!
فيتّضح أنّ ما تقدّم من الروايات لا تنهض حجّة لمقاومة الأدلّة التي ذكرناها.

(1) تهذيب الأحكام 8: 325 حديث (1207) كتاب الإيمان باب الكفّارات.
(2) بحار الأنوار 45: 257 الباب (44).
(3) المزار: 504 الباب (18).
(4) اللهوف في قتلى الطفوف: 50.
(5) كتاب الفتوح 5: 84 ذكر نزول الحسين(رضي الله عنه) بكربلاء.
(6) مقتل الحسين لابن مخنف: 111.
(7) دعائم الإسلام 1: 226 كتاب الجنائز ذكر التعازي والصبر وما رخص فيه من البكاء.
(8) التنقيح في شرح العروة الوثقى 9: 232 كتاب الطهارة فصل في أحكام الأموات.

السؤال: أدلّة جواز اللطم على الإمام الحسين(عليه السلام)
هل توجد روايات تكشف عن رضى المعصوم من ممارسة اللطم حزناً على الإمام الحسين(عليه السلام)؟
الجواب:

إنّ الروايات الدالّة على اللطم، بحضور المعصوم، وظهور موافقته، ورضاه، وفي بعضها الحثّ عليه منه (عليه السلام)، كثيرة، منها:
1- عن أبي عبد الله الصادق(عليه السلام): (وقد شققن الجيوب، ولطمن الخدود - الفاطميات - على الحسين بن عليّ، وعلى مثله تلطم الخدود، وتشقّ الجيوب)(1).
وفي الجواهر: ((وما يحكى من فعل الفاطميّات، كما في ذيل خبر خالد بن سدير عن الصادق(عليه السلام)، بل ربّما قيل: إنّه متواتر))(2)، ونقل القول بإجماع الأصحاب عن ابن إدريس أيضاً(3).
2- وحين سمعت السيّد زينب(عليها السلام) أخاها الإمام الحسين(عليه السلام) ينشد:
يا دهر أُفٍّ لك من خليلِ، الخ...
لطمت وجهها، وهوت إلى جيبها فشقّته، ثمّ خرت مغشياً عليها...(4).
3- وحين أخبر الإمام الحسين(عليه السلام) أُخته بأنّه (عليه السلام) رأى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأنّه قال له: إنّك تروح إلينا، ((فلطمت أخته وجهها، ونادت بالويل، الخ...))(5).
4- ولمّا مروا بالسبايا على الإمام الحسين(عليه السلام) وأصحابه عليهم السلام، وهم صرعى، ((صاحت النساء، ولطمن وجوههنّ، وصاحت السيّدة زينب: يا محمّداه...))(6).
5- وفي زيارة الناحية: ((فلمّا رأين النساء جوادك مخزيّاً، إلى أن قال: على الخدود لاطمات، الخ...))(7).
6- وحين رجع السبايا من الشام إلى كربلاء، ووجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري، وجماعة من بني هاشم، ((تلاقوا بالبكاء، والحزن، واللطم. وأقاموا المآتم المقرحة للأكباد))(8). وكان الإمام السجّاد(عليه السلام) معهم يرى ويسمع.
7- وحين أنشد دعبل الخزاعي تائيته المشهورة، بحضرة الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام)، قال فيها:
أفاطم لو خِلتِ الحسين مجدّلاً ***** وقد مات عطشاناً بشطّ فراتِ
إذاً للطمت الخدّ فاطم عنده ***** وأجريت دمع العين في الوجناتِ(9)
لم يعترض الإمام عليه، ولم يقل: إنّ أُمّنا فاطمة(عليها السلام) لا تفعل ذلك لأنّه حرام، أو مكروه، بل هو قد بكى وأعطى الشاعر جائزة، وأقرّه على ما قال.
8- وقد روي في الأحاديث الكثيرة: أنّ الجزع مستحبّ على الإمام الحسين(عليه السلام)، وفسّر هذا الجزع بما يشمل اللطم؛ فقال(عليه السلام): (أشدّ الجزع: الصراخ بالويل، والعويل، ولطم الوجه، والصدر...)(10).

(1) تهذيب الأحكام 8: 325 حديث (1207) كتاب الإيمان والنذور والكفّارات.
(2) جواهر الكلام 4: 371 أحكام الأموات.
(3) جواهر الكلام 33: 84 الكفّارات، السرائر 3: 78 باب الكفارات.
(4) الإرشاد للمفيد 2: 93 تاريخ الإمام الحسين(عليه السلام)، مقاتل الطالبيين: 75 مقتل الحسين بن عليّ(عليه السلام)، تاريخ اليعقوبي 2: 244 مقتل الحسين(عليه السلام)، تاريخ الطبري 4: 319 سنة إحدى وستّين.
(5) الإرشاد للمفيد 2: 90 تاريخ الإمام الحسين(عليه السلام).
(6) مقتل الحسين للخوارزمي 2: 44 حديث (10)، مقتل الحسين لأبي مخنف: 203، تاريخ الطبري 4: 348 سنة احدى وستّين.
(7) المزار لابن المشهدي: 504 الباب (18) الزيارة (9).
(8) انظر: اللهوف: 144 في رجوع السبايا إلى كربلاء.
(9) كشف الغمّة 3: 112 ذكر الإمام الثامن أبي الحسن علي بن موسى الرضا(عليه السلام)، بحار الأنوار 45: 257 الباب (44).
(10) الكافي 3: 222 كتاب الجنائز باب الصبر والجزع والاسترجاع، وسائل الشيعة 2: 915

لسؤال: الكلام عن حديث النهي عن شقّ الجيوب ولطم الخدود وتنافيه مع الشعائر الحسينية!
روى الشيخ الطبرسي رواية عن الرسول الكريم محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أنّه قال: (ليس منّا من لطم الخدود وشقّ الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية)، وحتّى إن كانت هذه الرواية على لسان أحد الأئمّة الأطهار، فما هو المغزى من هذا الكلام؟
وهل هناك استثناء في قضية لطم الخدود وشقّ الجيوب على سيّد الشهداء الإمام الحسين(عليه السلام)؟
وبما أنّ الحديث لا يشير هنا إلى أيّ استثناء، والواو إحداهما معطوفة على الأُخرى، فما هو الدليل على لطم الخدود وشقّ الجيوب؟ وكيف نحاور الطرف الآخر من المسلمين حول هذه المسألة؟.
الجواب:

هذا الحديث لم يُرو في مصادرنا الحديثية، وإنّما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من العامّة، عن أبي موسى وابن مسعود(1)، وذكره بعض فقهائنا، كالشهيدين في (الترغيب والترهيب)، عن العامّة، وهو حديث معارَض بأحاديث الإباحة، كشقّ أبي محمّد الحسن على أبيه الهادي(عليهما السلام)، وقوله: (قد شقّ موسى على هارون)(2)، مع أنّ معناه مروي(3)، وهو محمول على الكراهة إلاّ على الأنبياء والأئمّة(عليه السلام)، فترتفع الكراهة لوجود النصوص المصرّحة بالجواز، كالتي ذكرناها، وغيرها.
ومن الواضح أنّ النوح بالباطل هو المنهي عنه بقرينة (الدعوة بدعوى الجاهلية) المذكورة والمعطوفة في الحديث، إن صحّ! وهي مسألة فقهية صرّح بعض أساطين علماء العامّة، كالشافعي، فيها بالكراهة(4)، وكلّ مكروه مباح فعله؛ إذ لا إثم على مرتكب المكروه بالاتّفاق!
هذا والحديث المذكور لم نجده في كتب الشيخ الطبرسي على ما بحثناه, إلاّ إذا كان المقصود: النوري الطبرسي، فهو يرويها في المستدرك(5)، عن (مسكّن الفؤاد) للشهيد الثاني، وهو يرويها من طريق العامّة عن أبي مسعود(6).

(1) انظر: مسند أحمد بن حنبل 1: 386، 432، 442، 456، 465، مسند عبد الله بن مسعود،صحيح البخاري 2: 82، 83 باب في الجنائز، 4: 160 كتاب بدء الخلق باب قصّة زمزم، صحيح مسلم 1: 70 كتاب الإيمان باب تحريم ضرب الخدود.
(2) اختيار معرفة الرجال 2: 842 حديث (1084، 1085)، كشف الغمّة 3: 214 ذكر الإمام الحادي عشر(عليه السلام).
(3) تهذيب الأحكام 8: 325 حديث (1208) باب الكفّارات.
(4) كتاب الأمّ 1: 318 كتاب الجنائز باب القيام للجنائز.
(5) مستدرك الوسائل 2: 452 حديث (2443).
(6) مسكّن الفؤاد: 99 الباب الرابع.

السؤال: قول الحسين (عليه السلام) لزينب (لا تشقي عليّ جيباً)
قال الحسين لأُخته زينب في كربلاء كما نقله صاحب (منتهى الآمال) بالفارسية وترجمته بالعربية:
(يا أُختي، أحلفك بالله عليك أن تحافظي على هذا الحلف، إذا قتلت فلا تشقّي علَيَّ الجيب، ولا تخمشي وجهك بأظفارك، ولا تنادي بالويل والثبور على شهادتي).
فلماذا تندبون وتصرخون في ذكراه؟ وتمارسون أغرب الطقوس رغم نهيه؟ ألا يعد هذا عصياناً له رضي الله عنه?
الجواب:

بالنسبة إلى قول الإمام الحسين(عليه السلام) لأُخته الحوراء زينب(عليها السلام) فلا حاجة لذهابكم إلى ترجمة كتاب فارسي، فالقول متداول منشور في كتبنا العربية، كـ(الإرشاد) للمفيد(1)، و(بحار الأنوار) للمجلسي(2). وعلى أيّة حال فالأُمور التي ينبغي عليكم ملاحظتها في هذا الحديث هي:
1- الحديث مرسل، فهو ليس بحجّة من حيث السند.
2- ليس كلّ نهي يدلّ على الحرمة؛ فإنّه كما يوجد النهي التحريمي يوجد النهي التنزيهي، ويمكن أن يكون طلب الإمام الحسين(عليه السلام) لأُخته زينب(عليها السلام) عدم شقّ الجيب من باب الشفقة، أو من باب عدم الوقوع في شماتة الأعداء، ومع عدم وجود الدليل على تعيين أحد المحتملات، فلا مجال لإثبات الحرمة التكليفية من الحديث.
3- ولو سلّم؛ فإنّ الحديث لم يتعرّض إلى لطم الخد، بل المنهي عنه هو خمش الوجه، ومن الجائز أن يكون النهي مخصّصاً بالأُمور الثلاثة دون غيرها، وبالتالي لا ينافي البكاء واللطم والحزن على الحسين(عليه السلام).
4- ولو سلّم؛ فهو معارَض بما ورد عندنا بالسند الصحيح عن الإمام الصادق(عليه السلام) على ما رواه الشيخ الطوسي في (الأمالي)(3) من جواز الجزع على الإمام الحسين(عليه السلام)، بل هذا الخبر الصحيح وغيره من الأخبار الواردة في الحثّ على البكاء على مصيبة الحسين(عليه السلام) مقدّمة على هذا الحديث المرسل؛ إذ التعارض هو فرع الحجّية، أي: أن يكون الخبر حجّة من حيث السند، والخبر الذي أوردتموه مرسل لا حجّية له.

(1) الإرشاد 2: 94 ليلة عاشوراء.
(2) بحار الأنوار 45: 3 بقية الباب (37).
(3) أمالي الطوسي: 162 المجلس(6) حديث (268).

لسؤال: شقّ الجيوب وخمش الخدود ولطم الخدود
هل الإمام الحسين(عليه السلام) أوصى السيّدة زينب(عليها السلام) بعدم النياح وشقّ الجيب وخدش الخدود وغير ذلك؛ حيث يدّعي الخصوم أنّ هناك حديثاً للإمام الحسين(عليه السلام) وهو يخاطب السيّدة زينب(عليها السلام) به، بما معناه أن لا تقوم بنياح عليه وغيره ممّا فعلته زينب بنطح رأسها، وما نفعله الآن في المجالس الحسينية.
أرجو منكم الردّ، وهل هناك حديث من هذا القبيل؟

الجواب:

بخصوص الحديث الوارد عن الإمام الحسين(عليه السلام) لزينب بنت أمير المؤمنين(عليه السلام), فنقول: إنّه لا يخلو إمّا أن يكون خطاباً وحكماً خاصّاً بزينب(عليها السلام)، أو أنّه يشمل غيرها أيضاً؟
فعلى القول الأوّل، فلا علاقة له بغيرها, ومع ذلك فإنّ هناك ملاحظات على هذا الخبر:
أ - إنّ أصل هذا الخبر عندنا حسب تتبّعنا هو: ما رواه الشيخ المفيد في كتاب (الإرشاد), وعنه العلامّة المجلسي في (بحار الأنوار)، وجاء فيه: أنّ الإمام الحسين(عليه السلام) قال لزينب(عليها السلام): (لا تشقّي علَيَّ جيباً, ولا تخمشي عليَّ وجهاً, ولا تدعي علَيَّ بالويل والثبور إذا أنا هلكت).
نعم، رواه اليعقوبي في تاريخه مرسلاً أيضاً، ولكن الطبري رواه عند أبي مخنف بإسناد ضعيف(1).
وهذا الخبر لا تعرّض فيه إلى اللطم وغيره من الشعائر التي يقوم بها الشيعة الآن, بل المنهي عنه فيه هو: شقّ الجيب، وخمش الوجه، والدعاء بالويل والثبور، ومن الجائز أن يكون النهي مخصّصاً بالأُمور الثلاثة دون غيرها, وبالتالي لا تنافي رواية ضرب زينب(عليها السلام) رأسها بمقدّم المحمل إن صحّت في ذلك الرواية!
ب - إنّ إثبات صحّة صدور الخبر وبالتالي التكليف الشرعي من الإمام(عليه السلام) لزينب(عليها السلام) يحتاج إلى دليل, ولو كان يمكن إثبات صدور النهي لزينب(عليها السلام) لمجرّد كونها رواية، لصحّ لنا في المقابل أن نثبت صدور نطح زينب(عليها السلام) جبينها بمقدّم المحمل بعد العاشر من المحرّم لوجود الرواية؛ إذ لا مرجّح لرواية على أُخرى.
والرواية التي تنهى زينب(عليها السلام) عن الخمش والشقّ مرسلة كرواية نطح زينب(عليها السلام) رأسها, ولا مرجّح لأحدهما من هذه الجهة على الأُخرى إلاّ أنّ رواية النطح تتوافق مع ما ثبت في السند الصحيح عن الإمام الصادق(عليه السلام) على ما رواه الشيخ الطوسي في (الأمالي)(2) من جواز الجزع على الإمام الحسين(عليه السلام).
ج - ومع كلّ هذا فليس كلّ نهي يدلّ على الحرمة, وكما يوجد النهي التحريمي فهناك النهي التنزيهي أيضاً, مع إمكانية أن يكون طلب عدم شقّ الجيب من باب الشفقة من الإمام على زينب(عليها السلام), أو من باب عدم الوقوع في شماتة الأعداء, ودواعي صيغة (لا تفعل) متعدّدة كما تعلمون, وكما هو ثابت في اللغة والبلاغة, ومع عدم وجود الدليل على تعيّن أحد المحتملات فلا مجال لإثبات الحرمة التكليفية.
أمّا على القول الثاني, فهناك ملاحظات أيضاً، وهي:
أ - كما توجد مثل هذه الرواية فهناك روايات أُخرى في مقابلها, منها: ما روي في آخر الكفّارات من (تهذيب الأحكام) للشيخ الطوسي عن الإمام الصادق(عليه السلام): (وقد شققن الجيوب، ولطمن الخدود - الفاطميات - على الحسين بن عليّ(عليهما السلام), وعلى مثله تلطم الخدود وتشقّ الجيوب)(3).
ومنها: ما روي عن الإمام الحجّة(عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) يوم عاشوراء: (فلمّا رأين النساء جوادك مخزياً... على الخدود، لاطمات الوجوه)(4).
ب - لم يلتزم أحد من الفقهاء بهذه الرواية لإثبات الحرمة.
ج - إنّ هناك اختلافاً بين الفقهاء في أصل حرمة اللطم والخدش, وفي (التنقيح في شرح العروة الوثقى) للسيّد الخوئي يقول تعليقاً على عبارة: ((لا يجوز اللطم والخدش)): ((وهذا كسابقه؛ وإن ورد النهي عنه في بعض الأخبار - إلى أن قال: - إلاّ أنّ الأخبار لضعف أسنادها لا يمكن الاعتماد عليها في الحكم بالحرمة بوجه))(5).
وعلى فرض القول بالحرمة فقد استثنيت تلك المحرّمات في عزاء الإمام الحسين(عليه السلام) عند الفقهاء..
يقول السيّد الخوئي في المصدر السابق نفسه: ((نعم استثنى الأصحاب من حرمة تلك الأُمور: الإتيان بها في حقّ الأئمّة والحسين(عليهم السلام), مستندين فيه إلى ما فعلته الفاطميات على الحسين بن عليّ، من لطم الخد وشقّ الجيب, كما ورد في رواية خالد بن سدير))(6).

(1) الإرشاد 2: 94 تاريخ الإمام الحسين(عليه السلام) أحداث ليلة عاشوراء، بحار الأنوار 45: 3، تاريخ اليعقوبي 2: 244 أحداث مقتل الحسين(عليه السلام)، تاريخ الطبري 4: 319 أحداث سنة (61)، الكامل في التاريخ 4: 559.
(2) أمالي الطوسي: 162 المجلس(6) حديث (268).
(3) تهذيب الأحكام 8: 325 كتاب الأيمان والنذور والكفّارات باب الكفّارات حديث (1208).
(4) المزار الكبير للشيخ المشهدي: 504 الباب (18) زيارة الناحية.
(5) التنقيح في شرح العروة الوثقى 9: 231.
(6) التنقيح في شرح العروة الوثقى 9: 235 - 236.

السؤال: الدليل على مشروعية لبس السواد
بالنسبة للبس السواد في مناسبات وفيات أهل البيت(عليهم السلام)، وبالخصوص في أيّام عزاء الإمام الحسين(عليه السلام)، أحببت لو تزوّدوني بالأدلّة التي تجوّز هذا الأمر، وبخاصّة من مصادر إخواننا العامّة.
وما هو الردّ على بعض الروايات الموجودة في الكافي وغيره، والتي تنهى عن لبس السواد؟
مثل هذه الرواية: ((عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: (لمّا فتح رسول الله مكّة بايع الرجال، ثمّ جاء النساء يبايعنه، فأنزل الله عزّ وجلّ... وقالت أُمّ حكيم بنت الحارث بن هشام، وكانت عند عكرمة بن أبي جهل: يا رسول الله! ما ذلك المعروف الذي أمرنا الله أن لا نعصيك فيه؟
قال(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (لا تلطمن خدّاً، ولا تخمشن وجهاً، ولا تنتفن شعراً، ولا تشققن جيباً، ولا تسوّدن ثوباً...) ) ))(1).
علماً أنّ هذه الرواية وجدتها مع مصدرها في نشرة دأب الوهّابيون على نشرها في أيّام محرّم، أفيدونا جزاكم الله تعالى خيراً.
(1) الكافي 5: 527 كتاب النكاح.
الجواب:

لقد ناقش الفقهاء في أصل مشروعية لبس السواد، إلاّ أنّ هناك ما يشبه الاتّفاق على جوازه، بل استحبابه في محرّم وعاشوراء حزناً على مصاب الإمام الحسين(عليه السلام)، وإليك ما أورده بعضهم:
1- واستثنى بعضهم ما لبسه للحسين(عليه السلام) فإنّه لا يكره، بل يرجّح لغلبة جانب تعظيم شعائر الله على ذلك، مضافاً إلى روايات متضافرة في موارد مختلفة، يستفاد منها ذلك(1).
2- لا يبعد استثناء لبس السواد في مأتم الحسين(عليه السلام) من هذه الأخبار؛ لما استفاضت به الأخبار من الأمر بإظهار شعائر الأحزان(2).


يتبع


رد مع اقتباس