عرض مشاركة واحدة
قديم 2015/05/24, 03:20 PM   #6
ولاية علي

موالي جديد

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3817
تاريخ التسجيل: 2015/05/22
المشاركات: 10
ولاية علي غير متواجد حالياً
المستوى : ولاية علي is on a distinguished road




عرض البوم صور ولاية علي
افتراضي اختصار رواية رحلة البقاء (عالم البرزخ)(أمواج يوم القيامه)

~: الحلقة الواحد والعشرون .


عندما ساد الصمت لحظات
قال أحد الكائنات الروحانية : والآن لابد من الفراق وسيبقى معك الصلاة والصيام إلى وقت آخر
ذهبوا وعيني تلاحقهم، ثم بعد سويعات غادرني الصلاة والصيام فبقيت وحيدا فريدا
ساد ظلام الليل لكني مازلت أرى فهناك أنوار ثابته وأخرى
تشع بين الحين والآخر، ومازالت رائحة الورود العطرة تخالط
النسيم النقي الذي كان يهب برفق وهدوء،
لكني لا أحس بلذة ذلك بسبب لدغة العقرب الذي لم يزل
عالقا في قدمي، وبين لحظة وأخرى تتطاير شرارات عينه
المخيفة نحوي، لذا تنحيت جانبا وجلست حزينا مستوحشا
على سرير دلني عليه نوره المشع وبريقه الجذاب.
قلت في نفسي اهذه هي الجنة التي كنت أحلم بنعيمها ؟!
لكني لا أرى فيها غير الغربة والوحشة، وفي هذه الأثناء
سمعت ُ نداءا من شجرة قريبة فتوجهت نحوها، وأطرقت لكلامها
فإذا بها تقول إن كل ماتراه هنا هو تجسم لأعمالك في الدنيا
قال تعالى ((يوم تجد كل نفس ماعملت من خير محضرا وماعملت من سوء.....))
وانت بحاجة إلى نقاء أكثر كي ترقى إلى وضع افضل مما انت فيه .
أجبت الشجرة متسائلا : حتى انت وهذا السرير الذي جلست عليه هو تجسّم لأعمالي ؟.
قالت نعم .
قلت : بالله عليك أخبريني أي عمل تجسم بصورتك هذه ؟
أجابت الشجرة أما أنا فقد خلقت منذ وقت طويل على أثر
ذكر وتسبيح وتهليل كان بتدبر وخلوص لله، وكذلك هذه
الأشجار التي تراها والمتباينة في الشكل والجمال، وإنما
هذا التباين بينها يتبع التفاوت في دوجة أذكارك.
قال لها سعيد: لم تخبريني عن السرير الذي كنت جالسا عليه.
قالت : اما السرير فهو تجسم لإيوائك مسافر ذات يوم
أدخلته ساعة في بيتك فوقيته حر الظهيرة .
قال سعيد: أصابتني الحسرة والندم على أوقات عمري التي
انقضت، ولم أملأها بذكر الله، لكن الحسرة لا تنفع والندم
لايجدي وعليّ التيليم والقبول .
تمعنت جيدا في ثمر هذه الشجرة، فرأيته أشبه بالتفاح لكنه
بألوان متعددة، فنويت الطلب من بعضها ولكن قبل أن
أتفوه بكلمة واحدة رأيت الثمر يتساقط أمامي واحدة تلو
الأخرى وبعدد ألوانها، تجولت في أنحاء الحديقة فرأيت
الطيور المضيئة بألوانها الزاهية وتغاريدها المطربة تطير
بين الأشجار ورأيت الأنهار تشق الحديقة بشكل هندسي رائع
لتجري وتشكل شلالات جميلة امتزجت أصواتها فتكونت
نغمة موسيقية عذبة، لم تكن الأنهار من نوع واحد وانما
متعدد فكان الاول نهر ماء عذب، والآخر لبن ناصع البياض
مصفى، والآخر تسمى مادته خمرا طعمه لذيذ ورائحته
عطرة إنه لايشبه خمر الدنيا سوى اسمه .
بينما كنت أتجول في الحديق الخلابة وانظر يمينا ويسارا
وإذا بشخص غاية في الجمال والبياض يتقدم نحوي ويسلم علي ،
فأجبته وعليك السلام .
فهل تعلمون من هو هذا الشخص في الحلقة القادم سوف نعرف


~: الحلقة الثانية والعشرون .


عندما سلّم عليّ الشخص الذي كان في غاية الجمال والبياض
وقلت له وعليك السلام أحسست براحة كبيرة عند رؤيته،
فقلت له: هل يمكن أن تخبرني من أنت وماذا تفعل هنا؟.
قال: أنا خلاصة أعمالك الحسنة، قد كنت معك في الدنيا،
وسأكون معك على طول مسيرتك في عالم البرزخ .
قال له سعيد: لكنني لم ارك قبل هذا الوقت !
قال خلاصة الأعمال الحسنة: ان الإنسان لايرى في الدنيا
سوى ظاهر عمله، غافل عن باطنه وحقيقته الملكوتية التي
هي مرافقة له لحظة الأداء ولاتظهر له إلا بعد كشف الغطاء عنه .
قال سعيد: وماذا بعد البرزخ ؟
قال: بعد البرزخ سيكون لي دور يتناسب مع عظمة الحساب والأهوال يوم ذاك .
قال سعيد: إذن قد فزت ونجوت.
قال ذو الأعمال الحسنة كلا، إن أمامك الكثير من الأهوال
والمصائب وأنواع من العذاب سوف يصب عليك، وكله
آثار أعمالك السيئة، وكل عذاب يصيبك في البرزخ سوف
يطهّرك أكثر واكثر حتى تنقى.
قال سعيد: وماذا سيكون دورك في كل ذلك، وأين رفقتك
لي في تلك الأهوال والمصائب ؟
قال: إن لي حدا محدودا في مرافقتك والسعي لنجاتك
إذ أن لديك ملكات فاسدة ومعاصي ارتكبتها ولم تتب منها
ولابد لك من أن تذوق عذابها، وفي ذلك سوف أكون بعيدا حتى تطهر منها .
قال سعيد: وماذا عن العقرب الذي في قدمي، وكيف الخلاص منه ؟
قال: إن هذا متعلق بالشخص الذي يطلبك مالا ولم
تؤده إليه، وسوف لايزول عنك حتى تؤديه دينه أو يبرئك منه.
قال سعيد: وماذا بوسعك أن تساعدني في هذا الأمر ؟.
قال سوف أبذل أقصى جهدي لمساعدتك ونجاتك منه
إنشاء الله . والان لابد لي من مفارقتك .
قال سعيد تركني وحيدا وذهب ، انطفأت كل المصابيح
وذهب بريق كل الأشياء، وساد الظلام، فلم أعد أرظ“ شيئا، ولا
أسمع صوتا، وغمرتني وحشة شديدة، وتحيرت إلى أي جهة
أقصد وإلى اي طرف أخطو، لعل هذا مقدمة للعذاب.....
انجلى الليل وأقبل عليّ كائنان عملاقان أسودان كسواد
القير، لا يُرى منهما شيء غير شرارات تخرج من عينيهما
وحلقيهما، وشرارات أخرى تخرج من عصاتيهما الملتهبتين،
دنيا مني حتى وصلاني وأنا في حالة خوف شديد،
فمسكني إحدهما من رأسي والآخر من قدمي وحملا بي
سريعا كالبرق إلى واد كبير عميق يصعد منه دخان أسود
عظيم وله سور ضخم لم اتمكن من تمييز حد لنهايته لا من
أعلى ولا من يمين أو يسار، اقتربنا منه فانفتح لنا بابه الذي
لو اجتمعت آلاف مؤلفة من البشر لِفتحه ماتمكنوا منه.
دخلنا وإذا بأصوات صراخ وعويل لنساء ورجال، وشممت رائحة كريهة نتنة
فقلت للمأمورين معي: ماهذا المكان الذي جلبتماني إليه، لعلكما اشتبهتما في شخصي.
قال أحدهما: نحن ملائكة الغضب لانشتبه في شخص
قط، وفوقنا رقيب نأخذ منه الأمر، ورقيبنا عليه رقيب حتى
يصل الأمر إلى الجليل الأعلى، ألم تقرأ في القرآن
الكريم لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون مايؤمرون .
أما الآخر فقال: وهذا وادي خصص لعذاب العاصين،
ولابد لك من قضاء أنواع العذاب فيه حتى تنقى من ذنوبك.
قال الملك كلامه وضربه على رأسه،

في الحلقة القادمة لنرى كيف كانت هذه الضربة وماالذنب الي اقترفه في دنياه.........

~: الحلقة الثالثة والعشرون .

قال سعيد: لما ضربني بعصاه على رأسي اشتعل نارا،
وصرخت صرخة عظيمة، وضربني الآخر على بطني
فالتهبت هي الأخرى. ذهبا عني وبقيت أتلوى وأحشائي
تحترق حتى بدأت اسمع صوت توغل النار فيها.
بأي حال سيئة كنت، وأي آلام تحملت، بل أي صراخ صرخت،
ناديت ومامن مجيب، واستغثت ومامن مغيث.
لقد كان احساسي بحرارة النار إحساس من حضر فيها ودخلها
لامن أخبروه عنها ويتخيلها، شتان بين الأثنين.
بقيت بهذه الحال ساعات شغلني ألمي فيها عمّا حولي،
فلما هدأت النار وعاد جلدي كما كان نظرت يمينا وشمالا
فرأيت واديا ليس له حدود قد انتشر فيه آلاف من ملائكة
الغضب بأشكال مختلفة مرعبة يحملون سياطا مختلفة،
منها الغليظ ومنها النحيف، وبعضها من نار وبعضها من
مواد أخرى أجهلها، وهناك مجاميع أخرى تحمل مقامع من
حديد مُحمر . قظ“دِم عليّ ملكان ظهرا فجأة فلا اعلم من أي
جانب أتيا. اقتربا مني وحملاني إلى غرفة مليئة بصفوف
الملائكة الذين اصطفوا بشكل مرتب ومنتظم،
وهم ينظرون إلى ملك عظيم الخلقة قد تصدرهم وتقدم
عليهم، ويبدو أنه زعيمهم. ألقياني أمامه وتحدثا معه
بحديث لم افهمه وخرجا فبقيت انظر اليه كالذليل بين يديه،
ارتجف خوفا منه. أومأ الى ملكين آخرين فأتيا سريعا
وحملاني إلى غرفة أخرى، إذ جاءنا فيها ملك يحمل لوحا علقه في عنقي
وقال: إن هذا اللوح يحوي أعمالك السيئة صغيرها وكبيرها
سوى ماُتبْتَ منه، ويوضح كل منها جزاء عمله من العذاب
حسب نوعه ودرجته ومدته، كما يحوي صفاتك وملكاتك
السيئة التي لم تزل باقية بسبب عدم اقتلاعها من جذورها في الدنيا،
أجابه سعيد: وهل يمكن لي معرفتها؟
نعم يمكن لك ذلك.
حملني إلى غرفة أخرى ودخلنا فيها فرأيت ملكا قد وضع
أمامه لوحا عظيما ، فلما رآني
قال للمأمور الذي معي: ما اسمه وما رمزه ؟ ذكر المأمور
اسمي الكامل ورقم طويل تتخلله أحرف وكلمات لم أفهمها،
بعدها خاطبني الملك قائلا: اجلس هنا. أشار إلى كرسي كان
في الغرفة فجلست عليه وقال: هل ترى هذا الكتاب ؟
قال تعالى في سورة الكهف ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لايغادر صغيرة ولاكبيرة إلا أحصاها ووجدوا ماعملوا حاضرا ولايظلم ربك أحدا"
نعم أراه ولكنه ليس بكتابٍ كما أعرفه !
توقف الملك قليلا عن الكلام
ثم قال: إن لكل إنسان يدخل هذا الوادي مقداراً معلوماً من
العذاب وفترة تتناقص مع كل لحظة تمضي عليه، وهذه
المدة لاتزيد ولاتنقص إلا بإذن الله، كما أن ذلك مرتبط بما
تركته في دنياك من صدقة جارية أو أعمال سيئة لم يزل
أثرها في الدنيا قائما.
قال سعيد: بالله عليك قل لي كم سأبقى أسيرا عندكم في
هذا الوادي المرعب ؟
نظر الملك الى الكتاب وتمعن فيه ثم قال ...

الحلقة الرابعة والعشرون .

نظر الملك الى الكتاب وتمعن فيه
ثم قال: إننا مأمورون طبق هذا الكتاب بحبسك مدة إحدى
وخمسين سنة وثمانية أيام و..... لم يكمل الملك حديثه بعد
أن التفت نحوي لأنه رآني قد أُغشي علي، ولولا تماسك
الكرسي لسقطتُ منه، أفقت بسوطٍ من أحد الملائكة اللذين
أحاطوا بي،
حينها قلت له بصوت ضعيف متقطع ولهجة آيس
معترض: بأي ذنب كل هذه المدة ؟ إنني تبت إلى الله توبة
خالصة قبل خمس سنين ، وسعيت جاهدا في طاعة الله
ورعاية حقوق الناس و.... قاطعني الملك
وقال: صحيح ماتقول، ولولا توبتك هذه لكان لابد لك من
اللبث هنا آلاف السنين، بل وقد يمتد عذابك إلى يوم
الحشر الأكبر، ولكن بسبب توبتك الخالصة سُجلت لك هذه
المدة القصيرة جدا.
قال سعيد أتقول إحدى وخمسون سنة مدة قصيرة!
قال الملك: بالنسبة إلى غيرك نعم قصيرة جدا، ولولا علمي
بدرجة إيمانك وتقواك ما أجبتك على أسئلتك، ولا أظهرتُ
لك هذا الأحترام . وبسبب ذلك الإيمان ستكون درجة
عذابك قليلة لو قارنتها بغيرك .
قال سعيد: وبماذا سوف تعذبونني ؟
نظر مرة أخرى الى الكتاب
وقال: نحن مأمورون طبق هذا الكتاب بإدخالك في مئة
وسبعة وثلاثين نوعا من العذاب ،
وها أنا ذا أشاهد فيه صفات سيئة لم تزل فيك وإن كانت
بدرجة ضعيف، من قبيل التكبر والعجب وصفات مختلفة
أخرى . توقف قليلا ثم استمر في حديثه
فقال: كان عليك مراقبة نفسك في الدنيا ومحاسبتها قبل أن
تحاسب الآن، كما انك كنت تستهين بذنوبك الصغيرة ولم
تتب منها وكان يصيبك شئ من العجب في طاعتك، ولديك
أعمال حسن أديتها لله لكن خالطها الرياء دون أن تشعر به .
توقف مرة أخرى وتمعن في الكتاب
وقال: وأرى ظلمك لولدك خمسا وأربعين مرة ، وأكلك مال
حرام خمسا وستين مره و.....
قال سعيد قاطعته معترضا: عن أي مال حرام تقول ؟ إني
سعيت جاهدا على عدم أخذ دينار واحد، فمن أين أتيتَ
بذلك ؟ إنني أرى الخطأ في كتابكم هذا.
أجابني بهدوء رغم جرأتي على اتهامهم بالخطأ في كتابهم
فقال: انك كنت تعمل مهندسا، وتتقاضى راتبا شهريا مقابل
ثمان ساعات عمل يوميا ولديك خمس وستون حاله
انشغلتَ فيها بأمور شخصية أثناء وقت عملك وبدون
رخصة من صاحب العمل، وقد أثر ذلك على إنتاحية الشركة
وان كان بشكل غير ملحوظ . فلابد من قضاء هذه المدة
بأي حال كان، ولعل يصل اليك شئ من أهل الدنيا يخفف
عنك العذاب، وينقص من مدة مكوثك، أو لعل لديك من
الأعمال الحسنة ما تسمح لك بنيل شفاعة الشافعين.
سلمت أمري إلى الله طوعا أو كرها ،
وقلت لهم احملوني إلى حيث يشاء ربي ......

~: الحلقة الخامسة والعشرون .


قال سعيد: سلمت أمري إلى الله طوعا أو كرها ،
وقلت لهم احملوني إلى حيث يشاء ربي .
ثم قال: ليتني عرفت قدري في الدنيا قبل أن يعرفونه لي
الآن تحت أقدام فأهل جهنم .
أَظ“لقوا بي وأنا مكتف الأيدي والأرجل على أرض محمرة
مسودة ملتهبة، كلما لامسها جزء من بدني دفعت به
ليتكيء ، فأصبحت متقلبا ممدودا أتحول من مكان إلى آخر
تحت أقدام سكان جهنم الذين كانوا يقفزون من شدة
آلامهم ، والنار مشتعلة فيهم ، فكأنهم قطع من نار متحركة
مضطربة ، والملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم بسياط غليظة.
آه ثم آه، ألمي لايوصف، وعذابي (( رغم قلة درجته على
قول الملك)) لو قُسّم على أهل الدنيا جميعا ماتحملوه .
لقد كانت حرارة النار تدخل إلى أعماق قلبي فتحرقه قبل بدني

في سورة الهمزة (( نار الله الموقدة . التي تطلع على الأفئدة))
وأي نار! أظن أن حرارتها لو مسّت جبال الأرض لانصهرت،
ولو سقطت شرارة منها على بحار الأرض لتبخرت.
كنتُ أسمع في الدنيا وأقرأ عن نار الآخرة وأتصورها بما
يتناسب مع تخيلاتي المحدودة في ذلك الوقت،
أما الآن فأن روحي بعينها تذوق العذاب وهي حاضرة فيه
لاخارجة عنه ، وشتان بين الاثنين.
أصابني عطش شديد، لذا كنت حين تقلبي انظر هنا وهناك بحثا عن الماء فرأيت أحد ملائكة الغضب يحمل إناءً اسود
يتصاعد منه بخار، ويُسمع منه صوت فوران ما بداخله،
أدناه مني فانشوى وجهي لشدة غليانه، وكنت مترددا بين
قبوله ورده لكن يبدو أن لا خيار لي في ذلك،
فقد أراقه في فمي دون أن ينتظر، وليته لم يرقه ،
لقد كان حميما وأي حميم ، قطّع أمعائي لشدة غليانه ،

((.... وسُقوا ماءً حميما فقطع أمعائهم))
فازددت ألما وعطشا فوق ألمي وعطشي، وندمتُ حتى
على نيتي في طلب الماء وشربه .
قال الملك وقد ضربني بسوطه مستهزئا: كيف كان طعم الماء؟ لم أجبه
فقال: انّه (( بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا))
الكهف

(... وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وكانت مرتفقا)
وهناك نوع من الماء هل تريده؟
أجبته بصوت ضعيف وشفاه يابسة: نعم .
تناول إناءً آخر وأراقه في فمي فإذا به أسوء من الأول
لذا قذفته خارجا بعد أن ترك في حلقي مرارة لاتطاق
فقلت له: أتقول عن هذا انه ماء؟!
قال: انه ماء صديد، يخرج مع الذي يسيل من اثر جروح أهل جهنم.

سورة ابراهيم
[color="rgb(46, 139, 87)"](( من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولايكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وماهو بميت....))

أحسست بجوع شديد حتى إنني لم أعد أقوى على الحركة ،
بل حتى على التقلب يمينا وشمالا .
رفعت رأسي قليلا بحثا عن الطعام فرأيت شخصا يصرخ
صراخ المجنون بعد أن دخلت أفعى عظيمة في فمه
ثم خرجت من دبره، وبدأت تلدغ في وجهه وبدنه والنار
ملتهبة تحت قدميه . نحّيت بصري عنه لبشاعة منظره ،
وإذا بسوط أحد الملائكة يهزني ،
رفعت رأسي نحوه فقال: هل تريد طعاما
أجبته بصوت خافت متقطع : نعم.
لم يمكث طويلا حتى أتى بإناء ممتلئ قرّبه مني فنظرت لِما فيه وإذا به طعام على هيأة نبات ذي أشواك حادة
ورائحة نتنة كريهة . فتح السلاسل من يديّ وأشار لي
بتناوله . أخذت الإناء وتناولت مافيه ، وليتني لم أتناوله ولم
أطلبه لقد مزق حلقي فلا يدخل فيه ولايخرج منه
ولم أقذفه إلا بشق الأنفس وجهد جهيد ،
فقلت له عجبا من طعام !
نظر لي الملك وقال:

[color="rgb(46, 139, 87)"](( إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما))[/color]
قلت له : من أين أتيتظ“ بهذا الطعام؟.
تابعونا ماذا أجاب الملك .........


~: الحلقة السادسة والعشرون


بعد أن قال سعيد للملك من أين أتيت بهذا الطعام
قال: أنت صنعته لنفسك في دنياك ، فأتيتُ به من خزانة أعمالك.
قال سعيد: عجبا، وكيف اصنع لنفسي طعاما كهذا؟
قال الملك: أكلك مال الحرام تجسم لك بهذا الشكل من
الطعام، كنت لا تراعي في وقت عملك انك أجير لثمان
ساعات يوميا في شركة أبرمت عقدا معها فتأتي متأخرا
أحيانا ، أو تخرج منها مبكرا دون عذر شرعي يجوز لك ذلك.
؟مضت ساعة وإذا بي أسمع ضجيج أناس يصرخون،
زاد الضجيج شيئا فشيئا لاقترابهم مني فتمعنت فيهم
وإذا بهم مجاميع مجاميع من أناس ذات وجوه وأبدان
سوداء والنار محيطة بهم، ونار أخرى تخرج من افواههم
وآذانهم، وهم في حالة هول وذعر شديدين، يركضون
وكأنهم قد فرّوا من فزع عظيم . أصغيت إلى صراخهم
فسمعتهم يقولون: أين نهر الماء ... أين نهر الماء !
جمعت قواي وقمتُ من مقامي وتبعتهم أملا
في إيجاد نهر ماء كما يزعمون، ولم يمض وقت حتى اقتربنا
من ضفة نهر كبير، وما أن وصلوا إليه حتى ألقوا بأنفسهم
فيه إلا أنا إذ وصلتُ متأخرا فهممتُ باللحاق بهم
ولكني سمعت صراخهم قد تضاعف، وعويلهم قد عظُم
نظرت إليهم فرأيتهم يصرخون ويستغيثون وسط نهر يغلي
غليانا شديدا علمت فيما بعد أن مادته كانت النحاس
المذاب ذات الحرارة العظيمة .
سورة الواقعة
[color="rgb(46, 139, 87)"](( في سموم وحميم وظل من يحموم لابارد ولاكريم )).[/color]
حمدت الله أني لم أكن معهم، ويبدو أن لدي من الأعمال
ما منعتني من ذلك . هممت بالعودة وإذا بي أرى مجاميع
أخرى في حالة ركض شديد نحو جهة أخرى، وتلاحقهم ريح
ذات حرارة وسموم حتى وصلتهم وأحاطت بهم ودخلت
في مسام أبدانهم، فبدأوا يصرخون ويستغيثون،
وكلما رأوا غيمة سوداء هربوا إليها ليستظلوا بظلها،
فإذا هي الأخرى تبدو وكأنها دخان أسود غليظ يمطر عليهم
بكتل من نار ملتهبة لاتخطئ في هدفها ولا توحم مَن تحتها
. انتهت فترة عذاب الصباح وكأنها استغرقت سنين طويلة
لشدتها وقسوتها، فهدأت النار وانطفأت من تحت أقدامنا،
واختفى سواد دخانها من انظارنا، وشعاع لهيبها عن أعيننا،
ورُفعت سياط ملائكة الغضب عن أبداننا، وأعلنوا بدأ
الأستراحة حتى الليل، حيث وجبة العذاب التالية

.....(.آيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة تشير إلى أن في البرزخ ليل ونهار، وأن هناك وجبتين من العذاب يوميا وهذا يبدو واضحا في ظ¤ظ¦ من سورة غافر والتي تعرض حال آل فرعون(( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب)).


~: الحلقة السابعة والعشرون .


بعد ان انتهى عذاب الصباح ، واعلان بدأ الأستراحة
حيث وجبة العذاب التالية . ذات يوم وبالتحديد بعد خمسة
أيام من دخولي في جهنم ، كنت أعيش حالة عصيبة من
المرارة والألم وسط حرارة النار المشتعلة حولي،
إذ كان عرقي يخرج من رأسي وبدني ويجري عليه ثم يتخذ
سبيله إلى الأرض التي تحتي ، فأراه يتبخر فورا لشدة
حرارتها وعظيم لهيبها، وبينما أنا في هذه الحالة إذ جاءتني
نسمة هواء باردة ، فغمرتني بعذوبتها وأطفأت النار من
حولي ، وجرى من تحتي ماء ! لا أصدق ما أرى ، نعم إنه ماء
يجري ، وها هي قدماي تبتل منه غرفت منه غرفة لأتيقن أن
ما أراه حقيقة لا خيال ، وقد كان كذلك . لقد تغير كل شئ وهدأت جميع النيران ، وغابت جميع مجسمات أعمالي
السيئة لأعيش حينها حالة من الراحة والسكون.
سمعت أصواتا ماكانت غريبة عني فأصغيت إليها جيدا
وإذا بها أصوات أهلي يتحدثون فيما بينهم ،
ثم ظهرت أمامي صورهم وقد اجتمعوا حول قبري . في الحدائق النضرة :

عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن ( ع ) قال: قلت له: المؤمن يعلم من يزور قبره؟ قال: نعم ، ولايزال مستأنسا به مازال عند قبره ، فإذا قام وانصرف من قبره دخله من انصرافه عن قبره ووحشتة
.نعم ها هي والتي تدعولي وتبكي ،
وها هو أخي يتلو القرآن، ما أجمل صوته وأعذب لحنه،
وهذه أختي تمسك مرتضى بيدها وتحاول قراءة شئ من
الكتاب الذي بيدها الأخرى، هممت بالتقدم نحو صورهم
وإذا بصوت يناديني: لا فائدة من ذلك، اكتف بالنظر اليهم
والأنس بوجودهم حول قبرك. فهمت المعنى وبقيت انظر
اليهم وأتمعن في صورهم وأحسست بأنس عظيم
باجتماعهم هذا. تمنيت أن لايغادروا قبري ولكن ليس كل
مايتمناه الانسان يناله فقد اقترب موعد الرحيل ثم تركوني
وذهبوا، وعاد كل شئ الى مكانه، وتوقدت النيران من جديد
وظهرت أعمالي السيئة بهيئتها الموحشة المظلمة مرة
أخرى وهي تحمل في داخلها حقد عظيم
مضت فترة أخرى في جهنم كنت خلالها متعجبا ومتألما
من العقرب العالق في قدمي كيف لايمل ولايهدأ
وكيف لايحترق بتلك النيران وحرارتها العالية
وذات يوم سمعته صرخ صرخة عظيمة، وأخرج شوكته
فنظر لي نظرة حقد وسخط ثم لاذ بالفرار بعيدا،
وحينها ما وجدت سببا لتصرف هذا، ولا علمت حدثا
يستوجب فراره هكذا ، فقلت في نفسي لعل الأيام
ستكشف لي ذلك . ذات يوم أخبرني أحد خزنة جهنم
أن غدا سيكون العذاب من نوع جديد ,
ياالله ماهذا العذاب ؟؟


~: الحلقة الثامنة والعشرون .


عندما أخرج العقرب شوكته ونظر لي نظرة حقد ولاذ بالفرار ،
أخبرني أحد خزنة جهنم أن غدا سيكون العذاب من نوع جديد
، وهو صعود جبل من نار ، وسيكون عذابه لي ذا درجة
قليلة نسبة مع من يتسلقه من أصحاب الذنوب والمعاصي،
وقال أيضا : سيكون العذاب على كل فرد يختلف عن الآخر
تبعا لدرجة معاصيه وملكاته الفاسدة . جاء الغد وإذا
بالملائكة يأتون بأشكالهم المخيفة ، ويجرونني ذليلا على
ارض جهنم الملتهبة نيرانها، فلا أدري من أي آلام اصرخ
واستغيث ، مِن حرارة النار تحت قدمي، أم من جروح بدني
الحارقة، ام من أثر سياط الملائكة الموجعة ،
أم من اثر الأشواك الحادة فهي كالسكاكين المبعثرة هنا
وهناك ، ام من لدغات العقارب والأفاعي والتي اخذ كل
منها سهمه مني، أم من الوحوش المرعبة التي ماتركتني
حتى غرزت أنيابها في بدني ، فقلت عجبا لأعمالي التي
تجسمت بهذه الصور فأصبحت قطّاع طرق لي ،
وعجبا لنفسي أن كنت غافلا عنها فلم أطهرها يوم كانت
لدي الفرصة لفعل ذلك . وعجبا أن كل مالاقيته الآن
هو في طريقنا إلى جبل النار ، فكيف إذا وصلنا إليه ،
أم كيف سيكون العذاب فيه وأنا بهذه الحالة من الضعف والعطش والجوع .....
قال سعيد: وصلنا المقصد فألقوا بي أرضا ، مكبَل الأيدي
والأرجل على أرض يجري فوقها ماء اسود كالقير،
يغلي كغلي القدور، والنار ملتهبة مشتعلة فيه وقد أحاطت
بي من كل جانب . ذهبوا عني وتركوني أتلوع وأتضرع ،
فنظرت أمامي وإذا بجبل عملاق لاترى قمته ولاتهدأ نيرانه
قد أُحيط بسور عظيم ، وأمام السور ملائكة شداد غلاظ
ذوي هياكل ضخمة ووجوه مرعبة قد وقفوا بهيأة محكمة
وصفوف منتظمة ، بقيت وانا بهذه الحالة انظر مبهورا
خائفا وإذا بأحد خزنة جهنم يضربني بسوطه
ثم يقول: إن صعود هذا الجبل الذي تراه أمامك يستغرق
عشر سنين حتى تصل قمته، وسوف تلاقي فيه مصائب
وبلايا وأنواعا من العذاب جديدة منهكة ومؤلمة حتى تصل
آخره ، ثم يلقى بك من تلك القمة في وادٍ مُظلم معتم لا
ترى فيه حتى قدميك ، قد مُلئ بأنواع من الوحوش
المفترسة الجائعة تأكل فيك ولاتشبع ، وهي على هذا
الحال مدة ثلاث سنين ، ثم توضع ممدودا مقيدا في
صندوق من حديد ساخن مدة خمسة سنين،
وسترافقك فيه أعداد من العقارب القارصة والأفاعي
السامة الملتهمة ، بعدها يفعل الله مايشاء.
سكت قليلا ثم أضاف وكأنه يهوّن عليّ ما سألاقيه
فقال: إن البعض منهم يستغرق صعوده الجبل آلاف
السنين ، ويلاقي فيه أنواع عذاب اشد واشد مما سوف
تراه وتلاقيه أنت في صعودك ، ويبدو لي انك انسان
مؤمن تقي ، لكن لم تزل فيك ملكات فاسدة بدرجة ضئيلة
، إذ انك ما استأصلتها من جذورها، تبعتها اعمال سيئة
فتجسمت جميعها بهذه الصور من العذاب التي سوف
تلاقيها في صعودك جبل النار هذا.......
احسست بحزن عميق وخوف لا يوصف لكنني احسست
بقدرة التوجه الى ربي ومناجاته ، فبكيت بكاءا شديدا،
وتضرعت إلى ربي متوسلا وانطلق لساني مرددا
(( ياغافر الذنب ياقابل التوب ياعظيم المن ياقديم الأحسان ، اين سترك الجميل ، اين عفوك الجليل ، اين فرجك القريب ، اين غياثك السريع، اين رحمتك الواسعة ......))
( لم يتمكن النطق به إلا لأنه كان يردده بتدبر وخشوع في عالم الدنيا ، فتجسم هنا بصورة قدرة على مناجاة الرب الصادقة).

بعد هذا الدعاء ماذا سوف يحدث لسعيد.؟؟....


~: الحلقة التاسعة والعشرون .


قال سعيد: بعد أن تردد لساني بالدعاء أقبل نحونا ملك
حسن الوجه ، جميل المنظر فاستبشرت من قدومه،
وكان كلما يقترب اكثر ينفتح صدري أكثر حتى وصل إلينا،
فسلّم ثم تحدث مع الخازن المرافق لي بحديث قصير
وذهب، وتبعه الآخر بعده! بقيت وحيدا مبهورا مما حدث
متحيرا في أمري وما سيؤول إليه مصيري .
أحسست بخفوت النار حولي وبرودة الماء الأسود تحتي حتى اختفى
فقلت في نفسي: أترى حان وقت الأستراحة!
كلا ليس هذا وقتها، إذن لعل زائرا محترما يريد القدوم!
لا أظن ذلك إذ لازال العذاب قائما على غيري.
أترى هو ضوء أمل بالنجاة ! نعم لعله مقدمة لذلك،
ولكن بأي سبب، فملائكة ربي لايخطئون في حساباتهم
ولاينقصون ولايزيدون في العذاب إلا بأمر من الجليل
الأعلى ، كما إنني لازلت مكبَل الأيدي والأرجل، ومازال جبل
النار يرعبني بضخامته ونيرانه ..... آه .... حقيقة عشتُ بين
الخوف والرجاء ، واليأس والأمل ، فتراني تارة اضحك
وأخرى ابكي ، وتارة تخنقني حسرة أعمالي التي أوصلتني
إلى المقام من الذلة والعذاب .
لم تمض مدة طويلة حتى أتاني خازن آخر ومعه مخلوق
غريب لم أرظ“ مثله من قبل . كان بدنه كالفرس ووجهه
كملائكة الغضب وله جناحين كبيرين . تقدم الخازن نحوي وفتح عني قيودي
وقال: لقد وصلتك هدية كبيرة من أهل الدنيا ، لذا أُمرتُ بنقلك إلى غرفة بعيدة عن جبل النار ، وسوف تستقر فيها
حتى يأتي أمر الله . لا أستطيع أن أصف حالتي ساعة
سمعت ذلك ، فأصبحت كالمجنون الذي يتخبط هنا وهناك
لا يعلم ماذا يفعل ، حتى هدأت والملك ينظر لي
فقلت له : اعذرني إنها الفرحة جعلتني افعل هكذا .
لم يجبني بشئ ، وأخذ بيدي وأشار لي بالصعود فوق ظهر
المخلوق الذي معه . انطلق بنا بسرعة فائقة واعتلى محلّقا
فوق ارض جهنم ، فرأيت في طريقنا مشاهد يشيب الرأس
لرؤيتها فكيف بمن يعيشها ! رأيت أعدادا لاتحصى من البحار
، ويبدو أنها بحار من المُهل والغسلين "

في سورة الحاقة: (( فليس له اليوم هاهنا حميم - ولاطعام إلامن غسلين- لايأكله إلا الخاطئون)). "
-- الغسلين هو مايسيل من أبدان أهل النار من قيح ونحوه
-- الغسلين التي قرأت عنها في عالم الدنيا ،

ورأيت دورا لاتحصى من الرصاص ، وأخرى من النحاس ،
وأخرى من الحديد وبينما كنت انظر لها مبهورا
قال الملك: في كل دار منها سبعون ألف تابوت من نار ،
وفي كل تابوت ألف حية، ومن كل حية يصدر ألف نوع من
العذاب ! ورأيت نساء معلقات بشعورهن ويصرخن صراخا
شديدا اختلط مع صوت غليان ادمغتهن ، وعليهن سلاسل
من حديد ساخن محمر ورأيت نساء على صور كلاب والنار
تدخل في أدبارهن وتخرج من أفواههن ،
ورأيت نساء معلقات بألسنتهن وصراخهن مثل صراخ الحمير
والنار تأكلهن ، والحَيات والعقارب تلسعهن وتنهشهن .
التفت الى الملك لعله يوضح لي شيئا مما أرى
فتدارك نظراتي إليه وقال: .....

~: الحلقة الثلاثون .


عندما التفتُ الى الملك لعله يوضح لي شيئا مما أرى
فتدارك نظراتي اليه وقال: اللواتي يكشفن شعورهن
وزينتهن لغير ازواجهن ، والصنفان الآخران اللواتي يؤذين
ويلومظ“نَّ أزواجهن من غير ضرورة . اشمأزت نفسي من
بشاعة هذه المناظر ، وأغلقت عيني وأطرقتُ قليلا وأردت
أن اشغل فكري بأمر آخر ، فحضر لدي أمر الهدية التي
وصلت من الدنيا وتساءلتُ في نفسي : ترى من الذي
ذكرني بعد ثلاثين عاما ، جزاه الله عني خيرا ترى هل هي
أمي أم أبي ؟ كلا لا أظن انهما في عالم الدنيا بعد هذه
المدة ، تُرى هل هي من زوجتي ؟ كلا إنها فارقت الدنيا
قبلي . لا أعلم ..... وبينما انا في هذه الدوامة من الحيرة والتفكير
وإذا بالملك يسألني : هل تعلم من أين أتت لك الهدية ؟
قال سعيد لاعلم لي ، بالله عليك أخبرني من أين هي ؟
قال الملك : إن ابنك مرتضى لم يزل في عالم الدنيا ،
وهو الآن شاب مؤمن متدين جمع مبلغا من المال خلال
سنة من الجهد والتعب والعناء لغرض شراء وسيلة نقل له
ولعائلته ، ولكن عندما علم بوجود سبعة عوائل فقيرة في
منطقته لاتملك قوت يومها ، عزم على تقسيم المبلغ بينها
وأهدى ثواب عمله هذا إليك ، فأمر الجليل الأعلى بعدم
إدخالك في جبل النار وكذلك نجاتك من عذاب عشر سنين
أخرى ، غمرتني فرحة شديدة فلم أتمالك نفسي ،
وكأن روحي تحاول فك القيود والتحليق في عالم الفرحة
والسرور ، حتى خشيت ُ الوقوع من على ظهر هذا المخلوق
الذي لم يزل يقطع المسافات الطويلة حتى أوصلنا
المقصد . لم أكد أضع قدمي أرضا حتى ان مدة العذاب
المكتوبة في الكتاب إحدى وخمسين سنة وثمانية أيام ،
قضيت منها ثلاثين عاما ، وعُفي عني عشرون ، إذن بقي
عام واحد وثمانية أيام . آه الويل لي ، صرخت صرخة
المجنون : أنا لا أريد العودة الى النار ، لا لاأريد ،
لاأطيق لحظة واحدة فيها . أراد أحد الملائكة أن يجرني
ويأخذني إلى الغرفة المقصودة ولكني أبيتُ ذلك وأجبته
قائلا : أنني أريد أن اناجي الجليل الأعلى ، أريد أن أتوسل
وأتضرع إلى ربي، أليس هو الرحمن الرحيم ؟
أليس هو أرحم الراحمين ؟ أليس هو حبيبي في الدنيا فكيف
يتخلى عني في الآخرة؟! ألقيت بنفسي ساجدا ودموعي
جارية وقلبي منكسرا وأملي منقطعا من كل شئ سوى الله
، وقرأت ملمات كثيراً ماترددت على لساني في الدنيا:
((ياالهي وسيدي وربي أتراك معذبي بنارك بعد توحيدك ،
وبعد ما انطوى عليه قلبي من معرفتك ، ولهج به لساني
من ذكرك واعتقده ضميري من حبك ، وبعد صدق اعترافي
ودعائي خاضعا لربوبيتك))
اجتمعت الملائكة حولي ، وأخذتهم الحيرة من أمري فهم
لايعلمون ماذا يجب عليهم فعله ، أراد أحدهم الدنو مني ،
لعله يتمكن من إقناعي بالذهاب ، لكني لم أبال بهم ،
وكنت غارقا في عالم آخر ، في عالم عشق الله وشوق لقائه
...... احسست بقدرة وجرأة اكبر على مناجاة ربي فدعوته
قائلا:(( الهي وسيدي وعزتك وجلالك لئن طالبتني بذنوبي لأطالبنك بعفوك ولئن طالبتني بلؤمي لأطالبنك بكرمك ، ولئن ادخلتني النار لأخبرت أهل النار بحبي لك)) .
كان بعضهم يقول لايمكن لنا إجباره على مغادرة المكان، إنه انسان مؤمن وفي حالة مناجاة لله تعالى ،
إذن علينا الانتظار حتى يأتي أمر من الجليل الأعلى .

اذن ماهو هذا الأمر للرجل المؤمن ......


الى اللقاء في الحلقة القادمة مع رحلة البقاء
[/color]



التعديل الأخير تم بواسطة ولاية علي ; 2015/05/24 الساعة 03:25 PM
رد مع اقتباس