عرض مشاركة واحدة
قديم 2012/12/31, 12:01 PM   #2
احمد العراقي


معلومات إضافية
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل: 2010/12/19
المشاركات: 2,307
احمد العراقي غير متواجد حالياً
المستوى : احمد العراقي تم تعطيل التقييم




عرض البوم صور احمد العراقي
افتراضي

بما أن الزمن يسير دون توقف فكل جديد يصبح قديماً بمرور الزمن حتى يصل إلى النهاية، هذا ما تعلمناه وتعودناه من كتاب الدنيا:
(هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً).[سورة الإنسان: الآية 1].
والآن نحن نقرأ في المصحف المبارك حول خلود الإنسان في الآخرة سلباً أو إيجاباً، نتساءل عن كيفية الخلود هذا، فيقول القرآن المجيد:
(الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون).[سورة البقرة: الآية 257].
وبالمقابل تتحدث الآيات عن الخلود في الجنة فمثلاً: (والذين آمنوا و عملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون).[سورة البقرة: الآية 82] فمن حقنا أن نتساءل عن الخلود و هل يمكن تحققه ومن ثم هل من العدل ذلك؟ أي أنه حينما يرتكب الإنسان أثماً وعصياناً لفترة زمنية محددة هل يستحق هذا المذنب عذاباً دائماً وهل من العدل أن يؤمن الإنسان بالله ويطيعه ويحسن في حياته فترة زمنية ليعيش نعيماً خالداً دائماً..
وللإجابة على هذه الشبهة نعود لنقول إن الإنسان ضعيف وقاصر عن معرفة الكثير من الأمور المحيطة به فضلاً عن القضايا المستقبلية في الزمن الغائب فعدم رؤيته وإحساسه الملموس لا يمكن أن يكون دليلاً قائماً بل إن اعتراف الإنسان بضعفه دليل قاطع على أن إحساسه لا يستطيع أن يحيط بكثير من الأمور بل يدركها بالآثار والعقل..
وأما الشق الثاني من الشبهة:
أمن العدل الخلود للإنسان؟ سلباً كان أو إيجاباً:
وأرى هنا لا بد من مقدمة بسيطة قبل الإجابة على الشبهة.
إن الخلود ليس أمام المعاصي والآثام القابلة للمغفرة وإنما كما قال جل وعلا:
(والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون).[سورة البقرة: الآية 39].
أما المعاصي الأخرى القابلة للغفران فيكون العقاب متناسباً معها ففي الحديث النبوي الشريف: (يخرج الله قوماً من النار فيدخلهم الجنة..)
وحديث آخر عنه(صلى الله عليه وآله): (يخرج من النار قوم بعدما احترقوا فيدخلون الجنة فيسميهم أهل الجنة الجهنميون) إذن فالخلود في النار هو الأثر الطبيعي للمعاصي الكبرى:
(إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).[سورة النساء: الآية 48].
فالكبائر من الآثام هي المسببة لحالة الخلود في النار وكما ورد في الحديث النبوي الشريف: (الدنيا مزرعة الآخرة) فما يزرع الإنسان هنا في الدنيا يحصد أثره في الآخرة بالشكل الطبيعي كالذي يزرع الفواكه ضمن الضوابط الجوية الصالحة والتربة والماء فسيحصد الفواكه نهاية الموسم بصورة طبيعية كذلك الأعمال في الدنيا إن كانت خيراً فسيحصد العامل النتيجة الصالحة وإن كانت شراً فسيحصد النتيجة السلبية قال سبحانه:
(ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً).[سورة الكهف: الآية 49].
(فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره).[سورة الزلزلة: الآيتان 7-8].
فإذن المسألة طبيعية تكوينية تتعلق بالجعل الإلهي والسنة الربانية.
مثلاً إنسان يحرق نفسه ويموت من الدنيا تماماً أي دون رجعة إلى الحياة فهل في المسألة ظلم وتعد أم أنه استحقاق طبيعي لما ارتكبه من خطأ ولما أصابه من حرق؟ فهو استحقاق طبيعي لتطبيق سنة تكوينية معينة وهي حرق الجسم بالنار يودي بحياة الإنسان كلها تماماً وهو لم يرتكب سوى ذنباً بسيطاً وهو إحراق نفسه !!.
فالمهم من المعاصي الكيف لا الكم فقد تكون هنالك معاص كبيرة تخلد الإنسان في الجحيم وإن كانت لذتها في زمن قصير عابر فالعذاب أو النعيم لا يعتمدان على زمن أدائهما فلا يتحددان بتحديد زمن المعصية أو الطاعة فلرب معصية ترتكب في زمن قصير تجلب عذاباً طويلاً ولرب طاعة في لحظة تجلب نعيماً مديداً.
وهذا هو الذي يتناسب مع العدالة الإلهية، أليس كذلك؟.
فقد جاء في الأثر المقدس عن الإمام الصادق(عليه السلام) في توضيح الآية الكريمة: (ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) انه قال: (ليس يعني أكثر عملاً ولكن أصوبكم عملاً وإنما الإصابة خشية الله والنية الصادقة والحسنة ثم قال الإبقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل...).
فإذن المسألة متعلقة تماماً بالكيف فأداء المعروف القليل بروح متفاعلة خير من أداء المعروف الكثير بدون روح متفاعلة صابرة.
ونقرب ذلك بمثل آخر بالنسبة لامتحانات الطلبة في المدارس فإن ساعات الإجابة في قاعة الامتحان معدودة لكنها تقرر مصير سنة دراسية كاملة أما النجاح وأما الفشل والمسألة في إطارها القانوني الطبيعي بعيدة كل البعد عن المظالم.
ويحدد الإمام الصادق(عليه السلام) علة الخلود سلباً أو إيجاباً في قوله: (إنما خلّد أهل النار في النار لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبداً وإنما خلّد أهل الجنة في الجنة لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبداً فبالنيات خلّّّد هؤلاء وهؤلاء ثم تلا قوله تعالى (قل كل يعمل على شاكلته) قال: على نيته)(40).
وهذه النية يحددها الله سبحنه وستكشف يوم القيامة: (يوم تبلى السرائر) وتكشف الأسرار وكل يأخذ نتيجته مقابل أعماله وحقاً إنها قمة العدالة ورأس الأنصاف حيث يترك الله عز وجل الإنسان في فرص ذهبية في حياته عسى أن يرتدع أو يتوب أو يتراجع عن معصيته ولكن.
لا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون).[سورة المطففين: الآية 14].
فما يلاقيه المذنب من عذاب هو ما يستحقه بالعدل الإلهي على ضوء أعماله فالنتيجة الطبيعية هي عذابه الدائم وما يلاقيه المؤمن من نعيم خالد كذلك نتيجة طبيعية لأعماله الخيرة ولا ننسى لطف الله ونعمته ومننه على الناس جميعاً وبالذات المؤمنين منهم حيث يعطيهم سبحانه وتعالى أكثر مما يستحقون من باب اللطف والعطف والرحمة ونقرأ في الدعاء ـ (يا من يعطي من سأله ويا من يعطي من لم يسأله ومن لم يعرفه تحنناً منه ورحمة...).


توقيع : احمد العراقي
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


أنہي مہأأمہلہك وجہودي كہل وجہودي بہيہن أديہك
شہلہون يہصہيہر وأنہي مہلہكہك أبہخہل بہدمہي عہلہيہك

رد مع اقتباس