عرض مشاركة واحدة
قديم 2016/06/13, 08:50 PM   #54
أبو زينب اليمني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 4529
تاريخ التسجيل: 2016/04/22
المشاركات: 1,034
أبو زينب اليمني غير متواجد حالياً
المستوى : أبو زينب اليمني is on a distinguished road




عرض البوم صور أبو زينب اليمني
افتراضي

سبب نزوٍل آية الولاية

أَوْفَى الزكاةَ مع الصلاة أقامَـها
واللهُ يرحمُ عبدَه الصـبّــارا

مَن ذا بخاتمه تَصَـدَّقَ راكِــعـا
وأسرَّها في نفسه إســرارا

مَن كان باتَ على فراش محمّد
ومحمّـدٌ أسرى يـؤمُّ الغــارا

مَن كان جبرائيلُ يقوم يمينـــــَه
فيها وميكائيـلُ يقومُ يســارا

مَن كان في القرآن سُمِّيَ مؤمنا
في تسع آياتٍ جُعِلنَ كبــــارا.

تذكُر الرواياتُ الحديثيّة ، وكتبُ التأريخ ، وأخبارُ السِّيَر أنّ المؤمنَ المؤتيَ الزكاة حال الركوع ، في آيــة الولايــة ، هو الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

دَلّت أقوال جملة من الصحابة والتابعين ، والعلماء من أهل التفسير والحديث على أنّ آية الولاية نزلت في شأن علي عليه السلام حين تصدّق بخاتمه وهو راكع ، وقد استفاضت الروايات بذلك.

قال الثعلبي : قال بن عباس ، وقال السّدّي ، وعتبة بن حكيم ، وثابت بن عبدالله : إنّما يعني بقوله :
" والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ........." الآية ، علي بن أبي طالب، مرّ به سائلٌ وهو راكع في المسجد وأعطاه خاتمَه.

وقال ابن الجوزي : وبه قال مقاتل ، وقال مجاهد : نزلت في علي بن أبي طالب تصدّق وهو راكع .

وقال أبو جعفر الإسكافي ( ت : 240 هـ ) : وفيه نزلَت : " إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " ، تصديقاً لقول رسول الله ص : " مَن كنتُ مَولاه فعليٌّ مَولاه " ، إذ قرَنَ اللهُ ولايته بولاية رسوله.

وقال الجصاص : وقوله تعالى : " ويؤتون الزكاة وهم راكعون " ، يدلّ على أنّ صدقة التطوّع تسمّى زكاة ، لأنّ عليّاً تصدّق بخاتمه تطوّعا.

وقال الآلوسي : " وغالب الإخباريين على أنّها نزلت في عليّ كرم الله وجهه ....."، وقال أيضا : والآية عند معظم المحدِّثين نزلت في علي كرّمَ الله وجهه.

والروايات متظافرة مستفيظة ، نذكر للقارئ طرفاً منها :

الخطيب في " المتفق " عن ابن عبّاس قال : تصدّق عليٌ بخاتمه وهو راكع ، فقال النّبي للسائل : ( مَن أعطاك هذا الخاتم ؟ قال : ذاك الراكع ، فأنزل الله : إنّما وليّكم الله ورسوله .................. ).

والحاكم عن عليّ ع قال : نزلت هذه الآية على رسول الله ص : ( إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) فخرج رسول الله ص ، ودخل المسجد والنّاس يصلّون بين راكع وقائم ، فصلّى فإذا سائل، قال يا سائل أعطاك أحدٌ شيئا ؟ فقال : لا ، إلّا هذا الراكع (لعلي) ، أعطاني خاتما.

وابن مردويه عن ابن عباس ، قال : كان علي بن أبي طالب قائماً يصلّي ، فمرَّ سائلٌ وهو راكع ، فأعطاه خاتمه ، فنزَلَت : ( إنّما وليّكم الله ورسوله ............ ).

وابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل ، قال : تصدّق عليٌ بخاتمه وهو راكع ، فنزلت : ( إنّما وليّكم الله .......................... ) الآية.

وروايات الباب مستفيضة يعضد بعضها بعضاً ، وحسبنا قول الحافظ السيوطي : " فهذه شواهد يقوي بعضها بعضا ".

(سبب النزول، نقلا عن : تلخيص كتاب أئمة أهل البيت في كتب السنة).

وعن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
{ ألا أدلّكم على ما إن تساءلتم عليه لم تهلكوا ؟
إنّ وليّكم الله ، وإنّ إمامَكم عليّ بن أبي طالب ، فناصحوه وصدِّقوه، فإنّ جبريل أخبرني بذلك }.
(شرح النهج - ابن أبي الحديد).

وبناءً على سبب نزول آية الولاية ، يتضح الآتي :

☆ أنّ المشاهدين الكرام عرفوا صاحب الحال حقّ المعرفة ، وتميَّزَ عندهم كمال التمييز ، وهو الإمام عليّ عليه السلام.

☆ أنّ السّنّة المطهرة قدَّمَت للمكلَّفين بيان تفسير يكون حجةً على النّاس أجمعين، في كلّ العصور والأزمنة.


﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾.
..........................................

المزيد من الشواهد في الكتاب والسّنّة

الشاهد الأوّل : نزول آيــة التبليـــغ يوم غـدير خُـــمّ.

الشاهد الثاني : خُطبة الرسول الوداعية يوم غدير خُمّ.

١ ـ آيــة التبليغ

قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾.

إنّه وبعد نزول آية الولاية ، أنزل الله عزّ وجلّ على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم آيةَ التبليغ ، والأمر المُنزَل من عند الله ، والمأمور ص بتبليغه للنّاس هو ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، والأخبار في هذا الشأن متواترة من طريق السّنّة والشيعة معاً.

فقد ذكرَ ذلك جمعٌ من علماء التفسير السنّة ، منهم : ـ

* الواحدي في أسباب النّزول .
* جلال الدين السيوطي في الدّر المنثور .
* محمد بن جرير الطبري في كتابه الولاية .
* الحافظ الحسكاني في شواهد التنزيل .
* الحافظ أبو بكر الشيرازي في " ما أُنزِلَ من القرآن في عليّ عليه السلام ".
* الحافظ أبو سعيد السجستاني في كتابه الولاية .
* الحافظ ابن أبي حاتم في تفسير القدير .
* القاضي الشوكاني في فتح القدير .
* الحافظ النطنزي في الخصائص العَلويّة .
* الإمام الثعلبي في تفسير كشف البيان .

هؤلاء وغيرهم ، ذكروا أنّ هذه الآية نزلت على الرسول يوم الغدير، ولمّا نزلَت أخذَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله بيد علي بن أبي طالب وقال : { مَن كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه }.

معنى هذا الحديث الشريف : مَن كنتُ وليّه فهذا عليٌّ وليّه.

وليّ : بمعنى مفعول ، أي مولى ؛ مَن كنتُ مُطاعه فهذا عليٌّ مُطاعه ، مَن كنتُ محبوبه فهذا عليّ محبوبه ، مَن كنتُ منصوره فهذا عليّ منصوره.

وهكذا بلَّغَ الرسول الأمين صلى الله عليه وآله وسلم آية الولاية ، وما على الرسول إلّا البلاغ المبين.

قــال جلّ شأنـــه :

﴿ وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾.

( أحصى الشيخُ الأميني ، في الجزء الأوّل من الغدير ، رواةَ حديث الغدير فكانوا مائة وعشرة من الصحابة ، وأربعة وثمانين من التابعين ، وثلاثمئة وسبعة وخمسين من العلماء ومعظمهم ، بل جميعهم ، من علماء السنّة ، وأحصى مَن أفردَ التأليف في الغدير من علماء الفريقينِ فكانوا ستةً وعشرين عالِما ، وقال ابن كثير في البداية والنّهاية 5/208 : وقد اعتنى بأمر هذا الحديث أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتأريخ ، فجمعَ فيه مجلّدينِ أوردَ فيهما طُرقَه وألفاظَه ، وكذلك الحافظ الكبير أبو القاسم ابن عساكر أوردَ أحاديثَ كثيرةً في هذه الخطبة . وقال القندوزي في ينابيع المودّة ص 36 : " حُكِيَ عن أبي المعالي الجويني الملقَّب بإمام الحرمينِ، أستاذ أبي حامد الغزالي رحمهما الله ،كان يتعجّب ويقول : رأيتُ مجلَّدا في بغداد في يدِ صحّافٍ فيه روايات خبر غدير خُمّ مكتوباً عليه : المجلّدة الثامنة والعشرون من طُرقِ قوله ص : " من كنت مولاه فعليٌّ مولاه " ويتلوه المجلَّدة التاسعة والعشرون ). هذا أوّلاً

ثانيا : لو تدبّرَت أمّة إقرأ هذه الآية لَعَلِمَت عظيم منزلة الولاية ، وأهمّيتها في الدِّين، وإنّ قوله تعالى : " وإن لم تفعل فما بلّغتَ رسالته " قرينة عند العقلاء بأنّ الأمر جليل ومُهمّ ، أي يلزم أن يساوي في الأهمّية أمر الرسالة والنّبوّة ، بحيث إذا لم يبلّغه
الرسول ص لأمّتِه في تلك الساعة فكأنّه لم يبلّغ شيئاً من رسالته.

إنّها الولايــــة ، أصل الشرائــع .

ثالثاً : إنّ الخطاب القرآني بـِ " يا أيها الرسول " لم يأتِ في آيِ الذِّكر الحكيم إلّا في هذه الآية ، وآية أخرى هي الآية رقم 41 من سورة المائدة ، والّتي تتحدّث عن الإيمان والنّفاق ، وهما ـ الإيمان والنّفاق ـ مرتبطان تماماً بمسألة الطاعة والولاية.

رابعاً : تذكر كتبُ التأريخ أنّ واقعة الغدير كانت يوم الثامن عشر من ذي الحجّة 10هـ ، ومعلوم أنّ الصلاة كانت ـ قبل نزول آية التبليغ ـ قائمة ، والزكاة تُجبى ، وصوم رمضان يؤدّى ، وكان البيت محجوجا ، والحلال بيِّنا ، والشريعة متسقة.
فأيّ شيءٍ تبقّى غير الخِلافـــــة ؟

خامساً : لوازم التهديد والوعيد في الآية موجّهةٌ إلى أولئك المنافقين والّذين في قلوبهم مرض ، والمعارضين لتبليغ الولاية ، لا إلى الرسول ص، وإنّما هو على حدّ المثل :
( إياك أعني فاسمعي يا جارة ).

سادساً : ألقَى الرسولُ صلى الله عليه وآله على مسامع الخلقِ خطبته الوداعية الشهيرة ، وبلَّغَهم ولاية أمير المؤمنين ع يومَ الغدير المبارك ، وبذلك اكتملَ الدّين وتمّت نعمة اللهِ على العالَمين ، إذ يقول عزوجل :

﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾.

سابعاً : نجد في آية التبليغ أنّ الأمر الّذي أُنزِلَ على الرسول ، وأُمِرَ صلى الله عليه وآله بتبليغه محذوفٌ من النّصِّ ، وقد عرفنا أنّ الحذف في كلام البلغاء أفصح من الذِّكر وأبلغ، لأنّ له فوائده ، ودلالاته ومعانيه.

وعليــه ، يتأكّد لنا مرارا وتكرارا أنّ للولاية المكانة الأسمى ، والمنزلة العظمى في الدّين .

الولاية أصل الشرائع ، هي الدّين كلّه ، بها ابتدأ الدّين وبها اكتمل ؛

قال عزّ وجلّ : ﴿ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾.

وقال عزّ وجلّ : ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ .

اكتملَ الدّين وتمّت النِّعمة بولاية أبي السبطين عليه السلام.

قـالـوا الرّابــع قُلنــــَا الأوّل عـَــلـِيّ
نــَـصٌّ عــَـــــنــه في الــقُــرآنِ نــَزَل ْ
تمّـــتْ فيـــــهِ النِـــّـعمــةُ مِن ربّـِنــــَـا
والدّيـنُ بـِفَضلِ الكَرّارِ اكتَمَلْ


٢ ـ خطبة الوداع يوم الغدير الأغر

إنّه وبنزول آيــة التبليغ ، استرجعَ الرسول صلى الله عليه وآله المتقدّمين من الحُجَّــاج ، واستنزل مَن معه، وانتظر المتأخّرين ، حتى اجتمع النّــاسُ كلّهم في صعيدٍ واحــد، فألقى على مسامعهم خطبته الشهيرة صلى الله عليه وآله، المعروفة بخطبة الوداع.

وقد درَسناها في المدارس وفيها تحريفٌ ، وبترٌ وتزوير، قامت به الأيادي اللّعينة الآثمة الّتي تتولّى وضع المنهج الدّراسي، لا باركَ اللهُ فيهم ولا أنالَهم شفاعةَ محمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم.

وإليـكم نَصّ بعض المأثـور من الخُطبة الصحيحة غير المُزوَّرَة :

{ أيّها النّاس ، يوشَكُ أن أُدعَى فأجيب ، وإنّي مسؤولٌ وإنّكم مسؤولون ، فماذا أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنّك قد بلّغتَ وجاهدتَ ونصحتَ فجزاك اللهُ خيرا ، فقال :
أليس تشهدون ألّا إلهَ إلّا الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، وأنّ جنّتَه حقّ ، وأنّ الموت حقّ ، وأنّ البعث حقٌّ بعد الموت ، وأنّ الساعة آتيةٌ لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث مَن في القبور ؟ قالوا : بلى نشهد بذلك ، قال : اللّهمّ اشهد ؛ ثمّ قال : يا أيّها النّاس إنّ اللهَ مَولاي وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أوْلى بهم من أنفسهم فمَن كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه ، وعادِ مَن عاداه ، ثمّ قال : يا أيّها النّاس إنّي فرطكم وإنّكم واردون عَلَيَّ الحوض ، حوض أعرض مما بين بصرى إلى صنعاء ، فيه عدد النّجوم قدحان من فضّة ، وإنّي سائلكم حين تردون عَلَيَّ عن الثـِّــقْــلَينِ كيف تخلّفوني فيهما، الثـِّـقْـل الأكبر كتاب الله عزّ وجلّ ، سببٌ طرفه بيدِ الله تعالى وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به لا تضلّوا ولا تبدّلوا ، وعترتي أهل بيتي ، فإنّه قد نبّأني اللّطيفُ الخبير أنّهما لن ينقضيا حتى يرِدا عَلَيَّ الحوض }.
(المراجعات - عبدالحسين شرف الدين الموسوي - المراجعة رقم : ٥٤ ؛ هناك تجد الخطبة التي أوردناها وتعرف المصدر الأصلي للخطبة الشريفة).

وقد علّقَ العلّامة عبد الحسين شرف الدّين رحمه الله، على الخطبة قائلاً :

* إنّما نعَى صلى الله عليه وآله نفسَه الزكيّة تنبيهاً إلى أنّ الوقت قد استوجبَ تبليغ عهده، واقتضى الأذان بتعيين الخليفة من بعده ، وأنّه لا يسعه تأخير ذلك مخافةَ أن يُدعى فيجيب قبل إحكام هذه المهمة الّتي لا بدّ له من إحكامها ، ولا غنى لأمّته عن إتمامها.

* لمّا كان عهده صلى الله عليه وآله إلى أخيهِ ثقيلاً على أهل التنافس ، والحسد ، والشحناء والنّفاق أرادَ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قبل أن ينادي بذلك ـ أن يتقدّم بالاعتذار إليهم تأليفاً لقلوبهم فقال : إنّي مسؤولٌ وإنّكم مسؤولون ، ليعلموا أنّه مأمورٌ بذلك ومسؤولٌ عنه، فلا سبيلَ له إلى تركه.

* إنّ الخطبة ترمي إلى أنّ ولاية علِيّ عليه السلام من أصول الدّين ، حيث إنّه صلى الله عليه وآله سألهم أوّلاً فقال : أليس تشهدون ألّا إله إلّا الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله ..... إلى أن قال : وأنّ الله يبعث مَن في القبور ، ثمّ عقّبَ ذلك بذكر الولاية لِيُعلَم أنّها على حدّ تلك الأمور الّتي سألهم عنها فأقرّوا بها ؛ وهذا ظاهرٌ لكلّ مَن عرف أساليب الكلام ومغازيه مِن أولي الأفهام.

* قوله ص : إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من أنفسهم، وكلمة ( أنا أَوْلَى ) قرينة لفظيّة على أنّ المراد من المولى إنّما هو الأَوْلَى ، فيكون المعنى أنّ الله أولى بي من نفسي ، وأنا أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم ، ومَن كنتُ أوْلى به من نفسه فَعَلِيٌّ أوْلَى به من نفسه.

انتهى كلامُــه رُفِعَ مقامُـــــه.

وهو كما تجد أخي القارئ ، كلاماً سليما دقيقا ، في غاية الصحة والصواب ، يتفق تماماً مع التفسير الّذي قررناه ، والمعنى الّذي حكيناه في آية الولاية وآية الإطاعة.

حيث قلنا إنّ الآية الشريفة تضمّنت أصول الدّين، الّتي لا يكتمل ولا يتحقق إيمان المرء إلّا بها ، مصداقاً لقوله تعالى : " إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ".
فماذا نفعل يا ربّنا إن كنّا نؤمن بك وباليوم الآخر ؟
قال : { أطيـعـوا اللهَ وأطيـعـوا الرّسولَ وأولِي الأمرِ منـكم } .

هكذا يكون الإيمان الحقيقي.

الولاية أصلٌ عظيمٌ من أصول الدّين ، هي كذلك هي كذلك ، إنّها لَإحدى الكُبَر.

وذكَرْنا أيضاً أنّ أولي الأمر الّذين أوجب اللهُ طاعتهم ينبغي أن يكونوا معروفين حتى يتمكّنَ المكلَّفون من أداء فرض الطاعة ، وأنّه لا سبيلَ إلى معرفتهم واختيارهم إلّا من جهة الشرع ، لا مِن جهة السقيفة ، مَهبط الشيطان ومسقط رأس البغي.

فكانت آية الولاية ، وسبب نزولها ، وآية آل حاميم ، وخطبة الرسول صلى الله عليه وآله الوداعية يوم الغدير المبارك ، وحديث الثقلين ، هي النّصوص الشرعيّة الجليّة الصريحة الّتي عرَّفَتْ المكلّفين بأولي الأمر الشرعيين ، الّذين أوجب اللهُ ولايتهم خِلافةً عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، وجعلَ طاعتهم شرطاً واجباً من شروط الإيمان بالله واليوم الآخر ؛ وهم أهل البيت النّبويّ الأكرمين صلوات الله عليهم أجمعين.

أوّلُهم سيّدُ العربِ والعجمِ ، والإنسِ والجنِّ ، خيرُ البريّة ، أميرُ المؤمنين وزعيمُ الآل المنتجَبين ، الإيمانُ كلُّه ، سيفُ الله الغالب عليّ بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام.

وهكذا بلَّغَ الرسول الأمين صلى الله عليه وآله وسلم ولاية أمير المؤمنين تبياناً وتفسيراً لِما جاء في القرآن الحكيم ، لِيَحيى مَن حيّ عن بيِّنــة ويهلك مَن هلك عن بيِّنـــة.

بلَـغَ البـدرُ كمالَـه والبنيـانُ تمامَـه ، وبذلكَ فليفـرحِ المؤمنـون.

والسّلام على مَن اتّبـعَ الهـدى وابتغى الإسـلامَ دينــــا.

.........................................



املأوا الدنيا ابتساما
وارفعوا في الشمس هاما.


عَـلـِيّ وَلِيّ الله

أميرُ المؤمنين عليه السلام ، سيّـدُ الأوصياء ، ووارثُ عِلـم الأنبياء ، عَلَـمُ الدِّين، ومُميِّزُ المنافقين ، ومجاهدُ النّاكثين والقاسطين والمارقين ، ناصرُ دين الله ، ووليُّ أمر الله ، سليلُ الأصلاب الشامخة ، والأرحام المطهَّرة

الإمامُ عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مُرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أدد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن النبت بن حمل بن قيذار بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل بن تارخ بن ناحور بن سروخ بن أرغوا بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن إدريس بن يرد بن مهلائيل بن زبارز بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم عليه السلام.

اللّهمّ صلِّ على محمد وآلِ محمد وبارك على محمد وآلِ محمد كما صلّيتَ وباركتَ على إبراهيم وآلِ إبراهيم إنّـك حميــدٌ مجيــد.
.........................................

اللّهمّ و صلِّ علَى علِيّ أمير المؤمنين ، ووصِيّ رسولِ ربّ العالمين ، عبدِك ووليّك، وأخي رسولِك ، وحُجّتِك على خَلْقِك ، وآيتِك الكُبرى والنّبأ العظيم.
.....................
وتستمر الحكاية .........



التعديل الأخير تم بواسطة أبو زينب اليمني ; 2016/06/13 الساعة 10:32 PM
رد مع اقتباس