عرض مشاركة واحدة
قديم 2017/09/12, 02:23 PM   #2
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي


ثالثاً: العلم

يشكل العلم اساس قيام مدرسة أهل البيت، عليهم السلام، فهي مدرسة تلتف حول من تجدهم اكثر الناس علماً ومعرفة بمستنبطات الاحكام من مصادر التشريع، وأكثر حكمة ودراية بحوادث الايام.

لقد اثبتت الروايات ان أئمة أهل البيت كانوا اكثر اهل زمانهم علماً وحكمة، ولم يستطع أحد من الصحابة ومن علماء عصرهم دحض حجتهم واثبات تفوقه عليهم، وليس أدل على ذلك من قول «الخليفة الثاني»: «لولا علي لهلك عمر» فعلم علي، عليه السلام، فاق علم جميع الصحابة، وكذلك علم ابنائه من الأئمة، و ورد عن أهل البيت كثير من الاحاديث المؤكدة لأهمية العلم في حياة البشر، كقول الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم:

«أطلب العلم من المهد الى اللحد»، كما ورد عن الامام علي، عليه السلام، قال: «العلم مقرون بالعمل فمن علم عمل، والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه والاّ ارتحل عنه»، وقوله: «الناس ثلاث: فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا الى ركن وثيق».

ان تقديس العلم واحترامه في هذه المدرسة يجعلنا لا نقبل أن يكون الحاكم على الناس، أقلهم علماً ومعرفة وكفاءة، أفلا يمكن ان يقود الجهلة وأنصاف المتعلمين شعوبهم مستعملين سياسة الحديد والنار، فيغرقونها في ويلات ومحن لا تعرف سبل الخلاص منها، وهذه القاعدة عند الالتزام بها ستقطع الطريق على المغامرين والطماعين والطامحين من اصحاب الاهواء الذين يتاجرون بالشعارات والبيانات الرنانة لتضليل وخداع الناس من أجل تحقيق مصالحهم، كما حصل للامة ان وقعت في ويلات حكومات فاسدة بعد رحيل الرسول الاكرم، صلى الله عليه وآله وسلم، من بني أمية وبني العباس، والخوارج، والتكفيريين سابقاً ولاحقاً، ممن يفتقرون الى نور العلم والمعرفة.



رابعاً: الايثار ومحبة المستضعفين

لا تقوم مدرسة أهل البيت على سحق الضعفاء والمساكين من الناس واحتقارهم كما تفعل وفعلت الاموية القديمة والحديثة، وكذلك الانظمة الرأسمالية الفاشلة، والشيوعية والقومية، بل هي مدرسة الايثار والحب الكبير للضعفاء من الناس، فتؤكد على معونتهم ومساعدتهم وأداء الحقوق إليهم وترقية حسهم الانساني، انطلاقاً من قيم الاسلام وأحكامه الجليّة والواضحة، وقد دلّ على ذلك قوله تعالى في سورة الانسان، الآية:8-29 {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً}، إذ نزلت هذه الآيات بحق الامام علي وأهل بيته، عليهم السلام، والمسكين واليتيم والاسير الذين ساعدوهم أهل بيت النبوة وقدموهم على انفسهم، يمثلون جانباً من الطبقات المستضعفة في المجتمع، ولما كان قول الأئمة وفعلهم وتقريرهم، واجبة الاتباع في مدرستهم، إذاَ؛ يجب على اتباعهم جعل الاهتمام منصباً على مساعدة هذه الطبقات وحمايتها ومحبتها وايثارها على النفس، بدلاً من الاهتمام بالمترفين من اصحاب النفوذ والسلطان، وهذا الأمر سيجعل من مدرسة أهل البيت، مدرسة تستوعب كل الطبقات المحرومة في المجتمعات المعاصرة، ثم تنميها وتطورها وتساعدها في الدفاع عن حقوقها وحرياتها.



خامساً: التاريخ يحكم لصالح مدرسة أهل البيت
يُدرس التاريخ من منظارين مختلفين؛ الاول يرتبط بالعمران والحضارة المادية، والثانية يرتبط بالانسان، فمن يدرس التاريخ بالمنظار الاول قد تعجبه المنجزات العمرانية والحضارة للدول الماضية والحاضرة، كالدولة الاموية والعباسية والعثمانية، ثم التجارب الشيوعية فيما كان يسمى «الاتحاد السوفيتي» سابقاً، او التجارب الامريكية والصينية و غيرها، لان هذه الدول وأمثالها، حققت وتحقق منجزات عمرانية مذهلة، لكن مثل هذه الدراسة للتأريخ تكون بعين واحدة لا تبصر ما قام عليه العمران الحضاري من آلام ومعاناة للبشر، وانحراف عن منهج الحق وسحق لكرامة الانسان وامتهان حقوقه، وتشويه لكيانه المتميز على بقية المخلوقات.

أما من يدرس التأريخ بالمنظار الثاني، فلا تبهره المنجزات العمرانية، على اهميتها، بقدر ما ينشغل بحركة التاريخ، كحركة متدفقة ترتبط ببناء الانسان وتقدمه، فيكون بناء الانسان مقدماً على بناء العمران وتحقيق الانجاز.

والمنظار الأخير يجب أن يكون الاساس في دراسة التاريخ وتحليل أحداثه، لان الامم والدول القوية لا تكون قوية بمنجزاتها الحضارية التي قامت على دموع البشر ومعاناتهم، بل تكون قوية بقدرة قياداتها والمسؤولين فيها على بناء الانسان الضامن لديمومة العمران الحضاري واستمراره وتقدمه الى الامام أكثر.(4)


من هنا نفهم سر تأخر قيام أهل البيت، عليهم السلام، في عدة عهود، او عدم قبول أو الانخراط في حركة العباسيين ضد الامويين، رغم رفع شعارات «يا لثارات الحسين» او اشتراط النهضة ضد الظلمة بشرط الطاعة المطلقة لله وللدين والامام، او عدم افشاء السر، وذلك كون الهدف ليس الوصول لسلطة زائلة، إنما لتحقيق كرامة الانسان بحيث يكون فوق السلطة (انسانياً) وليس تحتها، كما حصل للمتصارعين من بني امية، وبني العباس، بحيث أخذ أحدهم يذبح الآخر وصولاً للسلطة وكلهم يتحدثون باسم «خلافة الاسلام»!


--------------

1-في اشارة الى جواز التمثيل بالأسير لأجل ادخال الرعب في قلب العدو، خلافاً لسنة النبي من احترام الأسير، وهذا ما أجازه أحمد بن حنبل وآخرون!

2-نهج البلاغة وشرح محمد عبده، ط1 /ص459.

3-المصدر السابق، ص361.


4-الانحياز الموضوعي الى مدرسة أهل البيت، عليهم السلام، د. خالد العر داوي - مركز الفرات للتنمية.








توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس