عرض مشاركة واحدة
قديم 2017/03/04, 01:36 AM   #1
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي كيف نوفق بين فائدة الدعاء وحتمية القضاء؟



بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته



ربّما يقول الإنسان: ما هي فائدة الدعاء؟! إذا كان الشيء مقدّرًا فسوف يتحقق دعوت أو لم تدع، وإذا كان غير مقدّر فلن يتحقق دعوت أو لم تدع، مثلًا: أنا مريض، فأدعو: اللهم ارزقني الشفاء، إذا كان شفائي من مرضي مقدرًا عند الله فسوف يحصل دعوت أم لم أدع، هو واجب الحصول، لأن ما قدّره الله لا يمكن أن يتخلّف، وإذا لم يكن مقدّرًا إذن هو ممتنع الحصول، إذ يستحيل وجود شيء لم يقدّره الله، فأين هو دعائي؟! إما واجب الحصول وإما ممتنع الحصول، فدعائي لا أثر له، ما هو أثر الدعاء حينئذ؟!

التفت إلى هذه النقطة، الجواب: أنت تدعو بالشفاء، تقول: اللهم ارزقني الشفاء، الشفاء مقدر، لكن ما هو المقدر؟ هل مقدر على نحو القضية التنجيزية أم على نحو القضية التعليقية؟ يعني هل قدّر الله لك الشفاء، أم قدّر الشفاء معلقًا على سبب معين؟ ما قدّر الشفاء مطلقًا، وإنّما قدّر الشفاء معلقًا، لأن الشفاء مسبّب فيحتاج إلى سبب، قدّر الشفاء معلّقًا على حصول سببه، والسبب قد يكون سببًا ماديًا كشرب الدواء، وقد يكون سببًا تجريديًا كالدعاء، لعلّ من أسباب شفائك التي عُلِّق في القدر عليها هو دعاؤك، فإذن أنت تقول: الشفاء مقدّر أم غير مقدّر؟! مقدّر، أما ما قدّره الله الشفاء معلقًا على دعائك، الشفاء معلقًا على شربك للدواء، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾.
هذا نظير أعمالك الاختيارية، شخص يقول: أنا لماذا أبادر للصلاة؟! نفس السؤال، لماذا أنا أبادر للصلاة؟! إن كان الله قدّر أن أصلي سوف أصلي أردت أم لم أرد، وإن كان الله قد قدّر ألا أصلي فيستحيل أن أصلي أردت أم لم أرد! نقول: لا، الله قدّر لك الصلاة معلقة على إرادتك، ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾، معلّق عليك أنت، صلاتك معلقة على إرادتك، معصيتك معلقة على إرادتك، كذلك شفاؤك، رزقك، كلّ ما يتعلّق بك معلّق على صدور عمل اختياري منك، لا تقل مقدّر أم غير مقدّر؟! مقدّر لكن معلقًا على صدور فعل اختياري منك، ولذلك قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾.
الدعاء ليس إلغاء للسببية، وإنما هو هدمٌ للسببية الاستقلالية، ما هو معنى هذا المصطلح؟ أنت تريد أن يرزقك الله زوجة صالحة، أنت شاب مؤمن وتريد أن تتزوج، ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾، أنت تدعو، ارزقني زوجة صالحة، ارزقني ولدًا صالحًا، يعني يرزقك بدون سعي؟! بدون سبب مادي؟! ينزل عليك من السماء؟! إذن بالنتيجة الدعاء ليس إلغاء للسببية، الدعاء اعتراف بأنّ هناك أسبابًا مادية عليك أن تسعى نحو تحقيقها، أنت تطلب زوجة صالحة، اسع لأسباب ذلك، تطلب ولدًا صالحًا، اسع لأسباب ذلك، الدعاء ليس فيه إلغاء للسببية وإنما هدمٌ للسببية الاستقلالية.
شرب البندول سببٌ لتسكين الألم، هل تعتقد أنّ شرب البندول سبب مطلق لتسكين الألم، سبب تام لتسكين الألم، سبب مستقل لتسكين الألم؟ إذا اعتقدت بذلك فهذا شرك، معناه أنّ هناك سببًا في عالم الوجود غير الله تبارك وتعالى، ولكن الدعاء يعني أنّ شرب البندول وإن كان سببًا لتسكين الألم إلا أنه سبب ناقص، تحتاج سببيته إلى إرادته تعالى، فبما أنّني أقر بأنّ الأسباب ناقصة إذن أنا أدعو الله كي يجعل السبب الناقص سببًا تامًا، فالدعاء ليس إلغاء للسببية، بل هو اعتراف بالسببية، لكنه هدمٌ للسببية الاستقلالية، ولذلك ورد في الحديث الشريف: ”لا يرد القضاء إلا الدعاء“، وورد في الحديث الشريف: ”إنّ الدعاء يدفع البلاء وقد أبرم إبرامًا“، قد تجتمع الأسباب المادية، تجتمع الأسباب المادية نحو مرضك، نحو موتك، شخص يعبر الشارع، بحسب الأسباب المادية تصيبه السيارة وتقضي على حياته، ولكن الدعاء منع تأثير الأسباب المادية في مسبَّبها، ”لا يرد القضاء إلا الدعاء“، ”الدعاء مخ العبادة“.




;dt k,tr fdk thz]m hg]uhx ,pjldm hgrqhx? hgrqhx? thz]m ,pjldm



توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس