عرض مشاركة واحدة
قديم 2018/01/18, 06:54 PM   #2
الشيخ عباس محمد

موالي بلاتيني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3773
تاريخ التسجيل: 2015/04/07
المشاركات: 1,723
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً
المستوى : الشيخ عباس محمد is on a distinguished road




عرض البوم صور الشيخ عباس محمد
افتراضي

السؤال: مصادر من طرق أهل السنة حول كفره وجواز لعنه
أرجو التكرّم بتزويدي بمصادر من أهل السنة عن سيرة يزيد(لعنه الله) والمصادر التي تجيز لعنه لديهم.
الجواب:

قد أفتى كلّ من سبط بن الجوزي والقاضي أبو يعلى والتفتازاني والجلال السيوطي وغيرهم من أعلام السنة القدامى بكفر يزيد(لعنه لله) وجواز لعنه .
قال اليافعي : (وأمّا حكم من قتل الحسين ، أو أمر بقتله ، ممّن استحلّ ذلك فهو كافر) (شذرات من ذهب / ابن العماد الحنبلي : 1 / 68) .
قال التفتازاني في (شرح العقائد النفسيّة) : (والحق أن رضا يزيد بقتل الحسين ، واستبشاره بذلك ، وإهانته أهل بيت الرسول ممّا تواتر معناه ، لعنة الله عليه ، وعلى أنصاره وأعوانه) المصدر السابق.
قال الذهبي : (كان ناصبياً فظاً غليظاً ، يتناول المسكر ويفعل المنكر ، افتتح دولته بقتل الحسين ، وختمها بوقعة الحرّة) المصدر السابق .
قال ابن كثير : (ان يزيد كان اماماً فاسقاً …) (البداية : 8 / 223).
قال المسعودي : (ولمّا شمل الناس جور يزيد وعماله وعمّهم ظلمه وما ظهر من فسقه ومن قتله ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنصاره وما أظهر من شرب الخمر ، سيره سيرة فرعون ، بل كان فرعون أعدل منه في رعيّته ، وأنصف منه لخاصّته وعامّته أخرج أهل المدينة عامله عليهم ، وهو عثمان بن محمّد بن أبي سفيان) (مروج الذهب : 3 / 82) .
وروي أنّ عبد الله بن حنظلة الغسيل قال : (والله ما خرجنا على يزيد ، حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء ، أنّه رجل ينكح امّهات الأولاد والبنات والاخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة) (الكامل : 3 / 310 ) و (تاريخ الخلفاء:165).
هذا وقد صنّف أبو الفرج ابن الجوزي الفقيه الحنبلي الشهير كتاباً في الردّ على من منع لعن يزيد واسماه ( الردّ على المتعصّب العنيد المانع من ذم يزيد ) .
وختاماً نذكر لك بعض المصادر السنيّة التي ذكرت يزيد وجوره ومن كفّره وجوّز لعنه :
1- تاريخ الطبري : 3 / 13 و 6 / 267 و 7 / 11 و 10 / 60 و 11 / 538 .
2- منهاج السنة : 2 / 253 .
3- الإمامة والسياسية : 1 / 155 .
4- الخصائص الكبرى : 2 / 236 .
5- تطهير الجنان في هامش الصواعق : 64 .
6- روح المعاني للآلوسي : 26 / 73 .
7- البداية والنهاية لابن كثير : 8 / 265 .
8- تاريخ الاسلام للذهبي : 2 / 356 .
9- الكامل لابن الاثير : 3 / 47 .
10- تاريخ ابن كثير : 6 / 234 ، 8 / 22 .
11- تاريخ اليعقوبي : 6 / 251 .
12- تاريخ الخلفاء للسيوطي : 209 .
13- تاريخ الخميس : 2 / 302 .
14- مروج الذهب للمسعودي : 3 / 71 .
15- الاخبار الطوال للدينوري : 65 .
16- شذرات من ذهب لابن العماد الحنبلي : 1 / 168 .
17- فتح الباري : 13 / 70 .
18- رسائل ابن حزم : 2 / 140 .
19- اسد الغابة : 3 / 243 .








السؤال: أحاديث لا تصح فيه

أما بعد , هناك بعض الروايات التي يدّعي بعض اهل السنة بأنها مناقب ليزيد بن معاوية , منها :
(1) أخرج البخاري عن خالد بن معدان : أن عمير بن الأسود العنسي حدثه : أنه أتى عبادة بن الصامت وهو نازل في ساحة حمص وهو في بناء له ومعه أم حرام , قال عمير : فحدثتنا أم حرام أنها سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول : أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا , فقالت أم حرام : قلت : يا رسول الله أنا فيهم ؟ قال : أنت فيهم . ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله) أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم , فقلت : أنا فيهم ؟ قال : لا . البخاري مع الفتح ( 6/120 ) .
(2) وأخرج البخاري أيضاً , عن محمود بن الربيع في قصة عتبان بن مالك قال محمود : فحدثتها قوماً فيهم أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غزوته التي توفي فيها , ويزيد بن معاوية عليهم ـ أي أميرهم ـ بأرض الروم . البخاري مع الفتح ( 3/73 ) .
(3) يروي البلاذري أن محمد بن علي بن أبي طالب ـ المعروف بابن الحنفية ـ دخل يوما على يزيد بن معاوية بدمشق ليودعه بعد أن قضى عنده فترة من الوقت , فقال له يزيد , وكان له مكرماً : يا أبا القاسم , إن كنت رأيت مني خلقاً تنكره نَزَعت عنه وأتيت الذي تشير به علي ؟ فقال : والله لو رأيت منكراً ما وسعني إلا أن أنهاك عنه وأخبرك بالحق لله فيه , لما أخذ الله على أهل العلم عن أن يبينوه للناس ولا يكتموه , وما رأيت منك إلا خيراً . أنساب الأشراف للبلاذري ( 5/17 ) .
(4) قدم ابن عباس وافداً على معاوية رضي الله عنه , أمر معاوية ابنه يزيد أن يأتيه ـ أي أن يأتي ابن عباس ـ فأتاه في منزله , فرحب به ابن عباس وحدثه , فلما خرج , قال ابن عباس : إذا ذهب بنو حرب ذهب علماء الناس . البداية والنهاية ( 8/228 ـ 229 ) وتاريخ دمشق ( 65/403 ـ 404 ) .
فما رأيكم في هذه الأحاديث؟
الجواب:

في مقام الجواب ننبهك إلى عدة نقاط :
1- إن استشهاد الشيعة بمصادر السنة ليس من باب القول بحجيتها , وإنما من باب الالزام (الزموهم بما الزموا به أنفسهم ) , والشيعة وعلى مرّ العصور لم تعتبر صحاح ومسانيد أهل السنة حجة عليهم , لأنها قد ورد القدح في طرقها وفي مؤلفيها , فهي غير سليمة من ناحية الأسانيد , لذلك لا تكون حجة , وإنما يبحث فيها الشيعة من باب الالزام , فاذا استدلّ أهل السنة بحديث أو أحاديث من صحاحهم أو مسانيدهم , حاول علماء الشيعة في نقضه بالاعتماد على نفس مصادرهم في الجرح والتعديل , ليكون ألزم في الحجة , فلو فرضنا أن حديثاً ما عندهم لم نتمكن من إبطاله على مصادرهم , فهو لا يكون حجة علينا .
2- إن الأيادي الأثيمة التي حرّفت التاريخ وكانت مستأجرة من قبل السلطان , أدّت إلى أن لا يصل التاريخ والحوادث المهمة فيه بصورة نقية , فأكثر التاريخ الذي رواه أهل السنة متهم , لا يمكن الاعتماد عليه , يحتاج إلى بحث عميق وملاحظة سائر القرائن للتثبت من الأحداث .
3- بالنسبة إلى الحديث الأول والثاني: نشاهد بوضوح بأنه ليس من المتسالم عليه في كتب القوم أن يزيد قاد أول جيش غزا مدينة قيصر , حيث ذكر ابن خلدون في تاريخه ( 3/9 ط دار احياء التراث العربي ) : (( بعث معاوية سنة خمسين جيشاً كثيفاً إلى بلاد الروم مع سفيان بن عوف , وندب يزيد ابنه , فتثاقل فتركه , ثم بلغ الناس أن الغزاة أصابهم جوع ومرض , وبلغ معاوية أن يزيد أنشد في ذلك : ...)).
وكذلك نقل عن ابن التين وابن المنير نفيهما حضور يزيد في تلك الغزوة . وذهب إلى النفي غيرهم من المؤرخين .
4- ذهب ابن التين وابن المنير ـ كما عنهما في (فتح الباري / ب 93 / كتاب الجهاد / ح 2924 ) أن يزيد على فرض وجوده في الجيش , فان المراد بالمغفرة لمن وجد شرط المغفرة , قالا : (( أنه لا يلزم من دخوله في ذلك العموم أن لا يخرج بدليل خاص , إذ لا يختلف أهل العلم أن قوله (ص) : (مغفور لهم ) مشروط بأن يكونوا من أهل المغفرة , حتى لو ارتد واحد ممن غزاها بعد ذلك لم يدخل في ذلك العموم اتفاقاً , فدلّ على أن المراد : مغفور لمن وجد شرط المغفرة فيه منهم )) .
5- الرواية الثالثة:لم نعثر عليها في المصدر المذكور , وهي على فرض وجودها أيضاً , فهي مرسلة , ساقطة عن الحجية , موضوعة , وضعتها الأيدي المستأجرة من قبل السلطان .
6- الرواية الرابعة:فهي ضعيفة أيضاً , غير متصلة السند , فالرواية مرفوعة , وأغلب الظن كونها أيضاً من وضع أولئك الذي تلاعبوا في التاريخ ليغيروا الحقائق .
7- وأخيراً , فان كل هذا معارض بما روي في ذمّ يزيد , وكونه خارج عن الجادة المستقيمة , ومجموع ما روي في ذم يزيد يعطينا اطمئناناً بصدور هذا الذم في حق يزيد , وهنا نشير إلى بعض ما روي من ذلك , موكلين التفصيل فيه إلى مراجعة الكتب المؤلفة في ذلك الموضوع :
ففي (البداية والنهاية) : وكان فيه أيضاً إقبال على الشهوات وترك بعض الصلوات في بعض الأوقات، وإماتتها في غالب الأوقات.
وقد قال أحمد بن حنبل: حدثنا أبو عبد الرحمن، ثنا حيوة، حدثني بشير بن أبي عمرو الخولاني: أن الوليد بن قيس حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يكون خلفٌ من بعد ستين سنة أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً، ثم يكون خلف يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة مؤمن ومنافق وفاجر) وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا زهير بن حرب، ثنا الفضل بن دكين، ثنا كامل أبو العلاء: سمعت أبا صالح سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( تعوذوا بالله من سنة سبعين، ومن إمارة الصبيان )).
وروى الزبير بن بكار، عن عبد الرحمن بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أنه قال في يزيد بن معاوية:
لست منا وليس خالك منا ***** يا مضيع الصلوات للشهوات
وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا الحكم بن موسى، ثنا يحيى بن حمزة، عن هشام بن الغاز، عن مكحول، عن أبي عبيدة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال أمر أمتي قائماً بالقسط حتى يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد)). وقد رواه ابن عساكر من طريق صدقة بن عبد الله الدمشقي عن هشام بن الغاز، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني، عن أبي عبيدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال أمر هذه الأمة قائماً بالقسط حتى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد)).
وقال أبو يعلى: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن عوف، عن خالد بن أبي المهاجر، عن أبي العالية، قال: كنا مع أبي ذر بالشام فقال أبو ذر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أول من يغير سنتي رجل من بني أمية)).( 8/254). ورواه ابن خزيمة: عن بندار، عن عبد الوهاب بن عبد المجيد، عن عوف: حدثنا مهاجر بن أبي مخلد، حدثني أبو العالية، حدثني أبو مسلم، عن أبي ذر فذكر نحوه. وكذا رواه البخاري في (التاريخ) وأبو يعلى عن محمد بن المثنى، عن عبد الوهاب..
وقد أورد ابن عساكر أحاديث في ذم يزيد بن معاوية , وكذا اورد غيره , وهي بمجموعها تبعث الاطمئنان على صدور الذم من الرسول الاعظم في حق يزيد وانه على غير السراط المستقيم .
قال الحارث بن مسكين: عن سفيان، عن شبيب، عن عرقدة بن المستظل، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قد علمت ورب الكعبة متى تهلك العرب، إذا ساسهم من لم يدرك الجاهلية ولم يكن له قدم في الإسلام.
قال ابن كثير : يزيد بن معاوية أكثر ما نقم عليه في عمله شرب الخمر، وإتيان بعض الفواحش، فأما قتل الحسين فإنه كما قال جده سفيان يوم أحد لم يأمر بذلك ولم يسؤه . . .
وقيل: إن يزيد فرح بقتل الحسين أول ما بلغه ثم ندم على ذلك.
فقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: إن يونس بن حبيب الجرمي حدثه قال: لما قتل ابن زياد الحسين ومن معه بعث برؤوسهم إلى يزيد، فسرّ بقتله أولاً وحسنت بذلك منزلة ابن زياد عنده، ثم لم يلبث إلا قليلاً حتى ندم !
وهذا من ابن كثير ليس ببعيد , فانه معروف في الدفاع عن النواصب ومحاولاته لخلق التبريرات لقبائحهم , وليس العجيب من ابن كثير ومحاولاته لايجاد التبريرات ليزيد , وانما العجيب قبوله شرب الخمر ليزيد وانه فرح بقتل الحسين في البداية .
هذا وان من اشد قبائح يزيد بعد قتله للامام الحسين(عليه السلام) مافعله من اباحة المدينة ثلاثة أيام وماجرى في تلك الواقعة , حتى اضطر ابن كثير الى الاعتراف ببعض هذه القبائح , فقال : ولكن تجاوز الحد بإباحة المدينة ثلاثة أيام، فوقع بسبب ذلك شر عظيم كما قدمنا.






السؤال: مصادر حديث (أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية)
قرأت حديث عن رسول الله (صلى الله عليه واله) أنه قال إن أول رجل يبدل سنتي رجل من بني أميه, أرجوا ذكر المصدر من كتب العامه؟

الجواب:

روى ذلك ابن أبي شيبة في (المصنف: 8/341): حدثنا هوذة بن خليفة عن أبي خلدة عن عوف عن أبي العالية عن أبي ذر قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله ) يقول: (أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية).
والسيوطي في (الجامع الصغير: 1/435 ح2841): (أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية).
والمتقي الهندي في (كنز العمال: ج 31062 و ح31063)، نقله عن عدة ذكر رموز فلم.
والمناوي في (فيض القدير ح2841). وغيرها الكثير، وفيما ذكرناه كفاية.


تعليق على الجواب (1) تعليق على الجواب
السلام عليكم
بما أن هذا الحديث وارد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؛ فلماذا نتّهم عمر بتحريم المتعة بالاضافة الى التكتف في الصلاة وغيرها والسلام
الجواب:

الرواية المذكورة رواية سنية أوردناها وأوردنا مصادرها إلزاماً لهم بما يقرون بصدوره منهم ولا يعني هذا التزاماً بها,بل إذا أردنا الالتزام بها لابد أن نفهمها بما لا يتعارض مع الروايات والأخبار الصحيحة الدالة على تلاعب الأوائل بسنة النبي (صلى الله عليه وآله) .





السؤال: قاتل أهل البيت (عليهم السلام) مخلّد في النار
ما هو رأيكم بشأن من يعتقد أن يزيد بن معاوية (لعنهما الله) قد يستحق العفو والرحمة يوم القيامة؟
الجواب:

نعتقد ان صاحب هذا القول مبتدع ، لأنّه خلاف النصوص الواردة ، فقد ورد بالتخليد في جهنم لمن يرتكب قتل انسان مؤمن عادي ، فكيف بمن يرتكب قتل سيد الشهداء (عليه السلام).
هذا وقد وردت عقوبة فيمن يقتل أهل البيت (عليهم السلام) نصوص خاصة، وان قتلتهم مخلّدون في النار، ولا تشملهم الشفاعة ، ولا تدركهم الرحمة ، وان من مات مبغضا لآل محمد (صلوات الله عليهم) جاء يوم القيامة آيس من رحمة الله... الى آخره من النصوص العديدة.
والقول باحتمال شمول العفو والرحمة لمثل هؤلاء ابتداع في الدين.




السؤال: الادلة على أمر يزيد(لعنه الله) بقتل الامام الحسين (عليه السلام)
ما هي الادلة على امر يزيد(لعنه الله) بقتل الامام الحسين(عليه السلام)؟
الجواب:

ان الإمامية لا يلعنون يزيد بن معاوية على قتله الحسين (عليه السلام) من غير حجة أو دليل معتبر, فقتل يزيد للحسين (عليه السلام) ثابت متواتر كتواتر أسماء المدن في العالم, يعلمه كل إنسان لكثرة ما كتب وذكر في هذا الجانب, ولا يبرئ ساحة يزيد أنه لم يباشر القتل, فقد ينسب الأمر إلى القائد وإن لم يباشر كما في قوله تعالى: (يا هامان ابن لي صرحاً) (غافر:36).
وإليك أولاً نصوص بعض من صرّح من علماء أهل السنّة بأن يزيداً أمر بقتل الحسين (عليه السلام) ثم ننقل اليك نصوص بعض من صرّح منهم بكفره وجواز لعنه, ثم نذكر ما طلبته من الرواية الصحيحة عن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) في هذا الجانب.
أمر يزيد بأخذ البيعة من الحسين (عليه السلام) أخذاً شديداً لا رخصة فيه : قال الطبري في تاريخه (4/250) : ((ولم يكن ليزيد همة حين ولي الأمر إلاّ بيعة النفر الذين أبوا على معاوية , حين دعا الناس إلى بيعته وأنه ولي عهده بعده والفراغ من أمرهم, فكتب إلى الوليد في صحيفة كأنها أذن فأرة: أمّا بعد فخذ حسيناً وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذاً شديداً ليست فيه رخصة حتى يبايعوا والسلام)) انتهى.
وقال السيوطي في (تاريخ الخلفاء ص 207): (( وبعث أهل العراق إلى الحسين الرسل والكتب يدعونه إليهم, فخرج من مكة إلى العراق في عشرة ذي الحجة , ومعه طائفة من آل بيته رجالاً ونساءاً وصبياناً. فكتب يزيد إلى واليه بالعراق عبيد الله بن زياد بقتاله, فوجه إليه جيشاً أربعة آلاف , عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص...)) انتهى.
وقد ذكر الخوارزمي الحنفي في كتابه (مقتل الحسين 1/180) أن يزيد قد أمر عبيد الله في كتابه السابق بقتل الحسين بل وقتل كل من لم يبايع ممن ذكرهم سابقاً, وإليك لفظه بعينه: ((ثم كتب صحيفة صغيرة كأنها أذن فأرة: ((أما بعد, فخذا الحسين وعبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذاً عنيفاً ليست فيه رخصة , فمن أبى عليك منهم فاضرب عنقه وابعث إليَّ برأسه, والسلام)). انتهى .
وقد ذكر ابن الأثير في كامله رسالة ابن عباس ليزيد بعد مقتل الحسين (عليه السلام) , وطلب يزيد لمودته وقربه بعد امتناع ابن عباس عن بيعة ابن الزبير: (( أما بعد فقد جائني كتابك فأما تركي بيعة ابن الزبير فو الله ما أرجو بذلك برك ولا حمدك ولكن الله بالذي أنوي عليم وزعمت أنك لست بناس بري فأحبس أيّها الإنسان برك عني فإني حابس عنك بري وسألت أن أحبب الناس إليك وأبغضهم وأخذلهم لابن الزبير فلا ولا سرور ولا كرامة كيف وقد قتلت حسيناً وفتيان عبد المطلب مصابيح الهدى ونجوم الاعلام غادرتهم خيولك بأمرك في صعيد واحد مرحلين بالدماء مسلوبين بالعراء مقتولين بالظماء لا مكفنين ولا مسودين تسفي عليهم الرياح وينشي بهم عرج البطاح حتى أتاح الله بقوم لم يشركوا في دمائهم كفنوهم وأجنوهم وبي وبهم لو عززت وجلست مجلسك الذي جلست فما أنسى من الأشياء فلست بناس اطرادك حسيناً من حرم رسول الله إلى حرم الله وتسييرك الخيول إليه فما زلت بذلك حتى أشخصته إلى العراق فخرج خائفاً يترقب فنزلت به خيلك عداوة منك لله ولرسوله ولأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً فطلبت إليكم الموادعة وسألكم الرجعة فاغتنمتم قلة أنصاره واستئصال أهل بيته وتعاونتم عليه كأنكم قتلتم أهل بيت من الترك والكفر, فلا شيء أعجب عندي من طلبتك ودي وقد قتلت ولد أبي وسيفك يقطر من دمي وأنت أحد ثاري ولا يعجبك إن ظفرت بنا اليوم فلنظفرن بك يوماً والسلام )) انتهى. (الكامل في التاريخ : 3 / 466 و467).
وقد صرّح بقتل يزيد للحسين (عليه السلام) أقرب الناس إلى يزيد وهو معاوية ابنه! قال ابن حجر المكي في (الصواعق المحرقة ص134): (لما ولي معاوية بن يزيد صعد المنبر فقال: إن هذه الخلافة حبل الله, وإن جدي معاوية نازع الأمر أهله ومن هو أحق به منه علي بن أبي طالب, وركب بكم ما تعلمون, حتى أتته منيته فصار في قبره رهيناً بذنوبه, ثم قلد أبي الأمر وكان غير أهل له, ونازع ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقصف عمره وانبتر عقبه وصار في قبره رهيناً بذنوبه, ثم بكى وقال: إن من أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه وبئس منقلبه, وقد قتل عترة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , وأباح الخمر, وخرب الكعبة...). انتهى.
وأما من أفتى من أهل السنّة بكفر يزيد وجواز لعنه, فنقول لك: قد أفتى كل من سبط ابن الجوزي والقاضي أبو يعلى والتفتازاني والجلال السيوطي وغيرهم من أعلام السنّة القدامى بكفر يزيد وجواز لعنه.
قال اليافعي: (وأمّا حكم من قتل الحسين, أو أمر بقتله, ممّن استحلّ ذلك فهو كافر) (شذرات من ذهب/ ابن العماد الحنبلي: 1/68).
وقال التفتازاني في (شرح العقائد النفسية): (والحق أن رضا يزيد بقتل الحسين, واستبشاره بذلك, وإهانته أهل بيت الرسول ممّا تواتر معناه, لعنة الله عليه, وعلى أنصاره وأعوانه) المصدر السابق.
وقال الذهبي: (كان ناصيباً فظاً غليظاً, يتناول المسكر ويفعل المنكر, افتتح دولته بقتل الحسين, وختمها بوقعة الحرّة) المصدر السابق.
وقال ابن كثير: (ان يزيد كان إماماً فاسقاً...) (البداية: 8/223).
وقال المسعودي: (ولمّا شمل الناس جور يزيد وعماله وعمّهم ظلمه وما ظهر من فسقه ومن قتله ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنصاره وما أظهر من شرب الخمر, سيره سيرة فرعون, بل كان فرعون أعدل منه في رعيّته, وأنصف منه لخاصّته وعامّته أخرج أهل المدينة عامله عليهم, وهو عثمان بن محمّد بن أبي سفيان)( مروج الذهب: 3/82).
وروي أنّ عبد الله بن حنظلة الغسيل قال: (والله ما خرجنا على يزيد, حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء, أنّه رجل ينكح أمّهات الأولاد والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة)( الكامل: 3/310 وتاريخ الخلفاء: 165).
هذا وقد صنّف أبو الفرج ابن الجوزي الفقيه الحنبلي الشهير كتاباً في الردّ على من منع لعن يزيد وأسماه (الردّ على المتعصّب العنيد).
وختاماً نذكر لك بعض المصادر السنّية التي ذكرت يزيد وجوره ومن كفّره وجوّز لعنه:
1- تاريخ الطبري: 3/13 و6/267 و7/11 و10/60 و11/538.
2- منهاج السنّة: 2/253.
3- الإمامة والسياسة: 1/ 155.
4- الخصائص الكبرى: 2/ 236.
5- تطهير الجنان في هامش الصواعق: 64.
6- روح المعاني للألوسي: 26/73.
7- البداية والنهاية لابن كثير: 8/265.
8- تاريخ الإسلام للذهبي: 2/356.
9- الكامل لابن الأثير: 3/47.
10- تاريخ ابن كثير: 6/ 234, 8/22.
11- تاريخ اليعقوبي: 6/251.
12- تاريخ الخلفاء للسيوطي: 209.
13- تاريخ الخميس: 2/ 302.
14- مروج الذهب للمسعودي: 3/ 71.
15- الأخبار الطوال للدينوري: 65.
16- شذرات من ذهب لابن العماد الحنبلي: 1/ 168.
17- فتح الباري: 13/70.
18- رسائل ابن حزم: 2/ 140.
19- اسد الغابة: 3/243.
وأمّا الرواية الصحيحة التي طلبتها عن المعصوم التي تثبت أن يزيد أمر بقتل الحسين (عليه السلام) وإن القتل ينسب إلى يزيد: فقد روى الكليني بسند صحيح عن بريد بن معاوية قال: ((سمعت أبا جعفر ـ الباقر ـ عليه السلام يقول: ان يزيد بن معاوية دخل المدينة وهو يريد الحج, فبعث إلى رجل من قريش فأتاه فقال له يزيد: أتقر لي أنك عبد لي, إن شئت بعتك وإن شئت استرقيتك فقال له الرجل: والله يا يزيد ما أنت بأكرم مني في قريش حسباً ولا كان أبوك أفضل من أبي في الجاهلية والإسلام, وما أنت بأفضل مني في الدين ولا بخبر مني فكيف أقر لك بما سألت؟ فقال له يزيد: إن لم تقر لي والله قتلتك, فقال له الرجل: ليس قتلك إياي بأعظم من قتلك الحسين بن علي (عليهما السلام) ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأمر به فقتل)). (الكافي 8/235).
فهذه الرواية الصحيحة التي يذكرها المعصوم (عليه السلام) ولم يعلّق على ما سرده من مضمونها بشيء, بل ساقها في مقام استعراض مظالم أهل البيت (عليهم السلام) , يؤكد اعتباره (عليه السلام) أن يزيد هو قاتل الحسين (عليه السلام) وهو ما شهدت له الرسالة الخطية التي بعثها إلى عبيد الله بن زياد كما صرّح الخوارزمي الحنفي في كتابه (مقتل الحسين) كما تقدم, وأيضاً صرّح به المؤرخ اليعقوبي في تاريخه (2/215)، ويشهد له أيضاً ما تسامع به أهل بيت يزيد أنفسهم من أمره بقتل الحسين (عليه السلام) كما أفصح عنه ولده معاوية حين تولى الحكم وقال: ((إن من أعظم الأمور علينا بسوء مصرعه وبئس منقلبه, وقد قتل عترة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)... )) فيما ذكره ابن حجر المكي في صواعقه, ويشهد له رضا يزيد بقتل الإمام (عليه السلام) كما عبّر عنه متكلّم أهل السنّة التفتازاني بقوله في (شرح العقائد النسفية): ((والحق أن رضا يزيد بقتل الحسين, واستبشاره بذلك, وإهانته أهل بيت الرسول مما تواتر معناه, لعنة الله عليه, وعلى أنصاره وأعوانه)).
وأيضاً في رواية أخرى عن المعصوم (عليه السلام) نجد أن يزيد قد استحق اللعن بقتله الحسين (عليه السلام) دون شيء آخر كما في الزيارة المعروفة والمروية بالسند الصحيح وهي زيارة عاشوراء عن الإمام الباقر (عليه السلام) فراجع .




السؤال: جريرة يزيد (لعنه الله) بقتله الحسين (عليه السلام)

طرحت علينا هذه الروايات و فيها أن يزيد و معاوية (لعنهما الله) بريئان من قتل الحسين عليه السلام ، نتمنى منكم اخبارنا بمدى صحتها و كيف نرد على هذه الشبهات؟
*************************
الرويات :
ينقل الشيخ محمد الحائري من كتاب كامل التاريخ في كتابه معالي السبطين في أحوال الحسن والحسين في مجلده الأول خبر وصية معاوية لإبنه يزيد ص 200 مانصه (....فانظر أهل الحجاز فإنهم أصلك وأكرم من قدم عليك منهم وتعاهد من غاب وانظر أهل العراق .....الى قوله ...فأما ابن عمر فإنه رجل قد وقذته العباده فإذا لم يبق أحد غيره بايعك وأما الحسين بن علي فهو رجل خفيف ولن يتركه أهل العراق حتى يخرجوه فإن خرج وظفرت به فاصفح عنه فإن له رحما ماسه وحقا عظيما وقرابه من محمد (صلى الله عليه وآله) .... وينقل من كتاب الأمالي للصدوق مسندا عن زين العابدين (عليه السلام) .... ينقل الخبر بوجه مختلف نوعا ما الى أن يقول ...وأما الحسين (عليه السلام) فقد عرفت حظه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو من لحمه ودمه وقد علمت لا محاله أن أهل العراق سيخرجونه إليهم ثم يخذلونه ويضيعونه فإن ظفرت به فاعرف حقه ومنزلته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا تؤاخذه بفعله ومع ذلك فإن لنا به خلطة ورحما وإياك أن تناله بسوء أو يرى منك مكروها هذه وصية معاويه ليزيد . ص 201 .
في المجلد الثاني من كتاب معالي السبطين في أحوال الحسن والحسين ص 175 أورد الشيخ روايه دخول هند إلى مجلس يزيد وقوله لها ...الى أن يقول (....فلما رأى زوجته على تلك الحاله وثب إليها فغطاها وقال نعم فاعولي ياهند وابكي على ابن بنت رسول الله وصريخة قريش فقد عجل عليه ابن زياد لعنه الله فقتله قتله الله .....ثم يصف حال استقباله للسبايا ....فيقول (... وأمر يزيد بهن إلى منزله وأنزلهم في داره الخاصه فلما دخلت النسوة استقبلتهن نساء آل أبي سفيان وقبلن أيدي بنات رسول الله أو أرجلهن ونحن وبكين وقلن واحسيناه وألقين ما عليهن من الثياب والحلي وأقمن المآتم ثلاثة أيام فما كان يزيد يتغذى ويتعشى إلا ويحضر علي ابن الحسين (عليه السلام) وقال يوما لعلي بن الحسين إن شئت أقمت عندنا فبررناك وإن شئت رددناك إلى المدينه فقال (عليه السلام) لا أريد إلا المدينه فرده إليها مع أهله . انتهى سرد الشيخ محمد مهدي الحائري للروايه ....ينقل الشيخ الحائري كذلك رواية في الإرشاد عن المفيد وقائع في مجلس يزيد في المجلد الثاني من الكتاب ص151 ....(....فأطرق يزيد هنيئه وقال قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين أما إني لو كنت صاحبه لعفوت عنه وفي رواية أمر بضرب عنقه (يقصد بذلك ضرب عنق ناقل خبر قتل الحسين له وهو زحر بن قيس الذي أتى إليه مفتخرا !!!) كما أورده الحائري .. هنا نتسائل من قتل الحسين بن علي واقعا ...تجيب على هذا السؤال روايات في المجلد الثاني من الكتاب المذكور آنفا ...ص 256 مانصه (.... قام عبدالله بن جعفر وأتى إلى عمرو بن سعيد بن العاص وهو عامل يزيد بن معاوية على مكه فكلمه وقال اكتب إلى الحسين كتابا تجعل له فيه الأمان وتمنيه فيه البر والصلة والإحسان وتوثق له في كتابك وتسأله الرجوع لعله يطمأن إلى ذلك .....فقال عمرو بن سعيد اكتب ماشئت وأتني به حتى أختمه وابعثه به مع أخي يحيى ....إلى أن يأتي إلى ذكر الرساله .....(... بلغني أنك قد توجهت إلى العراق واني أعيذك بالله من الشقاق فإني أخاف عليك فيه الهلاك وقد بعثت إليك عبدالله بن جعفر ويحيى بن سعيد فأقبل إلي معهما فإن لك عندي الأمان والصلة والبر وحسن الجوار لك الله علي بذلك شهيد وكفيل ومراع ووكيل والسلام عليك . فبعث الإمام الحسين (عليه السلام) له رساله كان فيها ..(...فإن كنت نويت بالكتاب صلتي وبري فجزيت خيرا في الدنيا والآخره ) ولكن الأمر ليس في يد الحسين فانظر أخي إلى هذا الكلام في صفحة 226 من نفس الكتاب ونفس المجلد في ذكر ورود كتب أهل الكوفه إليه وثأثيمه إن لم يأتي إليهم بدعوى أن ليس لهم إماما ....(...ثم انه ليس علينا إمام فأقبل علينا لعل الله أن يجمعنا بك على الحق ...ثم يذكر رد الحسين لهم ص 228 _ 229 (..وذكرتم ومقالة جلكم أنه ليس علينا إمام فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الهدى والحق ..إلى أن يقول ...فلعمري ما الإمام إلا الحاكم بالكتاب القائم بالقسط الدائن بدين الحق الحابس نفسه على ذات الله والسلام .وفي ص 228 نقل الشيخ الحائري عن كتاب التبر المذاب قائلا ..كثرت عليه الكتب وتواترت عليه الرسل وكتبوا إليه أنك إن لم تصل إلينا فأنت آثم لوجود الأنصار ....إلى آخر كلامهم المزمع عليه .
لقد منع محمد الحنفيه ابن الإمام علي أخاه الحسين عن الخروج وأقسم عليه خوفا من غدر أهل الكوفه له كما فعلوا بأخيه الحسن لما بايع معاويه وحقن دماء المسلمين وكما فعلوا من قبل بأبيه صلوات الله عليهم أجمعين كما ورد في نفس الكتاب ص 230 (...فقال له محمد الحنفيه سألتك بحق جدك محمد (صلى الله عليه وآله) أن لا تفارق حرم جدك ورسول الله (صلى الله عليه وآله) فإن لك أعوانا كثيره فقال الحسين (عليه السلام) لابد من العراق . وما ذاك إلا لأنهم ألحوا على أن يأتيهم ويلم شعثهم الذي حتى يومنا هذا هو ليس بمنجبر !... كما أشرت إلى تأثيمهم وعزمهم له مسبقا .

*************************
الجواب:

أ- ان وصية معاوية وردت في تاريخ الطبري وتاريخ ابن الاثير، والحائري ناقل لها ليس الا، هذا أولاً.
وثانياً: قد علق عليها الشيخ القرشي بما يلي: قال: واكبر الظن أن هذه الوصية من الموضوعات فقد افتعلت لاثبات حلم معاوية وانه عهد الى ولده بالاحسان الشامل الى المسلمين وهو غير مسؤول عن تصرفاته (أي يزيد) ... ومما يؤيد وضعها مايلي:
1- ان المؤرخين رووا أن معاوية أوصى يزيد بغير ذلك فقال له: أن لك من أهل المدينة يوما فان فعلوها فارمهم بمسلم بن عقبة فانه رجل قد عرفنا نصيحته وكان مسلم بن عقبة جزاراً جلاداً لا يعرف الرحمة والرأفة وقد استعمله يزيد بعهد من ابيه في واقعة الحرة فاقترف كل موبقة واثم، فكيف تلتقي هذه الوصية بتلك الوصية التي عهد فيها بالاحسان الى أهل الحجاز؟!
2- انه اوصاه برعاية عواطف العراقيين، والاستجابة لهم اذا سألوه في كل يوم عزل من ولاه عليهم، وهذا يتنافى مع ماذكره المؤرخون انه عهد بولاية العراق الى عبيد الله بن زياد وهو يعلم شدته وصرامته وغدره، فهو ابن زياد الذي اغرق العراق بدماء الابرياء فهل العهد اليه بولايته العراق من الاحسان الى العراقيين والبر بهم؟
3- انه جاء في هذه الوصية انه يتخوف عليه من عبد الله بن عمر وقد وصفه بانه قد وقذته العبادة، واذا كان كذلك فهو بطبيعة الحال منصرف عن السلطة والمنازعات السياسية فما معنى التخوف منه؟
4- انه جاء في هذه الوصية انه يتخوف عليه من عبد الرحمن بن ابي بكر وقد نص المؤرخون انه توفي في حياة معاوية، فما معنى التخوف عليه من انسان ميت؟
5- انه اوصاه برعاية الحسين(عليه السلام) وان له رحما ماسة وحقا عظيما وقرابة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن المؤكد ان معاوية بالذات لم يدع أي جانب من جوانب القرابة من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقد قطع جميع اواصرها، فقد فرض سبها على رؤوس الاشهاد، وعهد الى لجان التربية والتعليم بتربية المنشأ ببغض أهل البيت (عليهم السلام)، ولم يتردد في ارتكاب أي وسيلة للحط من شأنهم.
وقد علق الاستاذ عبد الهادي المختار على هذه الفقرات من الوصية بقوله:
وتقول بعض المصادر ان معاوية اوصى ولده يزيد برعاية الحسين(عليه السلام) والذي نعتقده انه لا اثر لها من الصحة، فان معاوية لم يتردد في اغتيال الامام الحسن (عليه السلام) حتى بعدما بايعه، فكيف يوصي ولده بالعفو عن الحسين(عليه السلام) إن ظفر به, لم يكن معاوية بالذي يرعى لرسول الله (صلى الله عليه وآله) حرمة او قرابة حتى يوصي ابنه برعاية آل محمد، كلا أبداً فقد حارب الرسول في الجاهلية حتى أسلم كرها يوم فتح مكة، ثم حارب صهر الرسول وخليفته وابن عمه عليا، ونزا على خلافة المسلمين وانتزعها قهراً، وسم ابن بنت الرسول الحسن (عليه السلام) فهل يصدق بعد هذا كله ان يوصي بمثل ما اوصى به.
قد يكون اوصاه ان يقاتله سرا ويدس له السم، او يبعث له من يطعنه بليل ـ ربما كان هذا الفرض اقرب الى الصحة من تلك الوصية ـ ولكن المؤرخين سامحهم الله ارادوا ان يبرؤا ساحة الاب ويلقوا جميع التبعات على الابن وهما في الحقيقة غرس اثم واحد وثمرة جريمة واحدة ، واضاف يقول:
ولو أن الوصية المزعومة كانت صحيحة لما كان يزيد لا همّ له بعد موت ابيه الا تحصيل البيعة من الحسين وتشديده على عامله بالمدينة بلزوم اجبار الحسين على البيعة (حياة الامام الحسين 237:2).
وثالثاً: لو فرضنا صحة وصية معاوية لابنه يزيد، ثم ماذا؟ فانه لم يلتزم بالوصية...
فمعاوية كان ابعد نظراً من يزيد وكان يخشى زوال الدولة الاموية لو فعل يزيد هذه الفعلة الشنعاء.
ولكن يزيد لم يكن يهتم لما اشتهر عنه بالمجون والخلاعة والصقاعة.
و يرد مثل هذا الكلام على ما ورد في الامالي مع ضعف طريقه لوجود المجاهيل وبعض العامة فيه كما أن فيه ان والي المدينة هو عتبة بن ابي سفيان وهو خطأ فان الوالي كان الوليد بن عتبة.
ونضيف على ذلك كله أن معاوية نفسه هدد بقتل هؤلاء الثلاثة وكلف بهم من يقوم عليهم بالسيف اذا انكروا قبولهم البيعة من يزيد عندما صعد المنبر في مكة وادعاها عليهم وهم جلوس تحت المنبر على رؤوسهم السيف (الامامة والسياسة 1/157) وعندي انه لو صحت هذه الوصية فان معاوية قد اوصاه بانه اذا تمكن وقبض على الحسين (عليه السلام) ان يمن عليه ويطلقه حتى تكون منة له وسبة على بني هاشم مقابل فعل رسول الله (ص) معهم يوم فتح مكة، وهذا ما اشار اليه الامام الحسن (عليه السلام) وتجنبه يوم صالح معاوية واشار اليه الامام الحسين (عليه السلام) بقوله (الموت ولا العار والعار ولا النار) عندما عرضوا عليه تسليمه ليزيد، فاختار الموت والشهادة تجنباً للمنة والعار مدى الدهر على بني هاشم بان يكونوا طلقاء يزيد لعنه الله.
واخير فان الذي اورد وصية معاوية قد حذف منها الكثير لان فيه ما يشين معاوية ويفضحه وينقض غرض هذا المتنطع.
ب- واما ما نقله من فعل هند زوجة يزيد وقول يزيد لها بأن من قتله هو ابن زياد فان هذا المدعي قد حذف من النص ما يدل على فرح يزيد بما حل بالحسين (عليه السلام) وما فعله بالرأس الشريف وسبايا أهل البيت (عليهم السلام) حتى اذا انكرت عليه زوجته قال لها ما قال, واية فائدة واية دلالة لقوله ؟ وهل يرفع عنه الجريمة بعدما اسقط ما بيده؟ فان هناك روايات تقول بأن يزيد أظهر الندم على قتل الحسين (عليه السلام) بعدما أحس بغضب الناس وان حكمه بدأ ينتقض فما كان منه الا ان اظهر الندم سياسية وخداعاً.
مع ان هذه الرواية قد جاءت مرسلة بدون سند.
ج- واما ما نقله عن الارشاد من قول يزيد بأنه كان يرضى بطاعتهم من دون قتل الحسين (عليه السلام)، فقد اجاب عليه نفس المؤلف الشيخ الحائري قال: كذب ابن الفاعلة لو كان صادقا في مقاله لم يكن يفعل بالرأس الشريف مافعل، وينبغي ان أذكر في هذا المقام كلاما لسبط بن الجوزي في كتاب (الرد على المتعصب العنيد في تصويب فعل يزيد): ليس العجب من قتال ابن زياد اللعين الحسين (عليه السلام) وتسليطه عمر بن سعد والشمر على قتله ، وحمل الرؤوس اليه، انما العجب من خذلان يزيد ومما فعل هو بنفسه، وهو صب الخمر على رأس الحسين (عليه السلام) وضربه بالقضيب ثناياه وحمل آل الرسول سبايا على أقتاب المطايا وعزمه على أن يدفع فاطمة بنت الحسين الى الشامي وانشاده بأبيات ابن الزبعرى:

ليت اشياخي ببدر شهدوا ***** جزع الخزرج من وقع الاسل

(الخ) .... ( معالي السبطين: 567).
د- واما ما نقله من فعل عبد الله بن جعفر وكلامه مع عمرو بن سعيد بن العاص في أمان الحسين(عليه السلام) فانه قد نقله عن الطبري فلا حجة فيه, ومع ذلك فانه لم يورد جواب الحسين (عليه السلام) عليه, وفيه ما يرد على كل ترهاتهم واتهامهم للحسين (عليه السلام) بالشقاق، قال: اما بعد فانه لم يشاق الله ورسوله من دعا الى الله عز وجل وعمل صالحاً وقال انني من المسلمين... الى اخر الكتاب، ففيه التعريض باعدائه وانهم هم من يشاققوا الله ورسوله.
وكان المؤلف ذكر سابقاً نقلاً من البحار بان يزيد أنفذ عمرو بن سعيد في عسكر عظيم واوصاه بقبض الحسين (عليه السلام) سراً وان لم يتمكن منه يقتله غيلة ودس مع الحاج في تلك السنة ثلاثين رجلاً من شياطين بني امية وامرهم بقتل الحسين (عليه السلام) ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة. (معالي السبطين 239) .
ولكن الهوى والعصبية تجعلهم يحرفون الكلم عن مواضعه.
ط- واما ماذكره من أن خروج الحسين (عليه السلام) لم يكن بيده فلم أفهم له معنى، فيا ترى هل كان هناك من اجبره او أن كتب أهل العراق اجبرته، اذ أقصى مافيها أنها سوف تجعل التكليف عليه واجباً للدفاع عن الاسلام وتخليص امة محمد (صلى الله عليه وآله) من هؤلاء الجبابرة الكفرة, مع انه (عليه السلام) اعلم بتكليفه منا.
ثم هل هناك من جريرة في الثورة ورفض البيعة ليزيد الخمار وطلب البيعة ممن هو أهلها واحق الناس بها ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله), وقد بين الامام الحسين (عليه السلام) ذلك في جواب رسائلهم بقوله: فلعمري ما الامام الا الحاكم بالكتاب القائم بالقسط الدائن بدين الحق الحابس نفسه على ذات الله والسلام (معالي السبطين: 215) أي أن يزيد ليس حاكماً ولا اماماً فهو مشهور بالفسق والفجور ولا تتوفر فيه شروط الامامة.
و- واما ما نقله عن محمد بن الحنفية فهو كذب وزور فان محمد بن الحنفية لم يمنع الحسين (عليه السلام) من الخروج على يزيد, كيف هو يتمنى أن يخرج معه ويقول له: اني والله ليحزنني فراقك وما أقعدني عن المسير معك الا لأجل ما اجده من المرض الشديد فو الله يا اخي ما اقدر ان اقبض على قائم سيف ولا كعب رمح ... الخ (معالي السبطين: 216) اذ كيف يمنع مثل محمد بن الحنفية عن الخروج على هذا الجبار المستهتر وانما طلب منه عدم الذهاب الى العراق والبقاء في مكة أو الذهاب الى مكان آخر وبينهما فرق كبير ولكن هذا المزور لم ينقل نص كلام محمد بن الحنفية فعلى الكاذبين لعنة الله.



يتبع


رد مع اقتباس