بسم الله الرحمن الرحيم
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم
إرشاد القلوب : بالإسناد إلى أبي حمزة الثماليّ عن أبي إسحاق السبيعيّ قال : دخلت المسجد الأعظم بالكوفة ، فإذا أنا بشيخ أبيض الرّأس واللّحية لا أعرفه ، مستندا إلى اُسطوانة وهو يبكي ودموعه تسيل على خدّيه ، فقلت : يا شيخ ما يبكيك ؟ فقال لي : أتى عليّ نيّف ومائة سنة لم أر فيها عدلاً وحقّا ولا علما ظاهرا إلاّ ساعتين من ليل وساعتين من نهار ، وأنا أبكي لذلك ، فقلت : وما تلك الساعة واللّيلة واليوم الّذي رأيت فيه العدل ؟ قال : إنّي رجل من اليهود ، وكان لي ضيعة بناحية سوراء ، وكان لنا جار في الضيعة من أهل الكوفة يقال له الحارث الأعور الهمدانيّ ، وكان رجلاً مصاب العين ، وكان لي صديقا وخليطا ،
وإنّي دخلت الكوفة يوما من الأيّام ومعي طعام على أحمرة لي اُريد بيعها بالكوفة ، فبينما أنا أسوق الأحمرة وقد صرت في مسبخة الكوفة ، وذلك بعد عشاء الآخرة ، فافتقدت حميري ، فكأنّ الأرض ابتلعتها أو السّماء تناولتها ، وكأنّ الجنّ اختطفتها ، وطلبتها يمينا وشمالاً فلم أجدها ، فأتيت منزل الحارث الهمدانيّ من ساعتي أشكو إليه ما أصابني ، وأخبرته بالخبر ، فقال : انطلق بنا إلى أمير المؤمنين
عليهالسلام حتّى نخبره ، فانطلقنا إليه فأخبره الخبر ، فقال أمير المؤمنين
عليهالسلام للحارث : انصرف إلى منزلك وخلّني واليهوديّ ، فأنا ضامن لحميره وطعامه حتّى أردّها له ، فمضى الحارث إلى منزله ، وأخذ أمير المؤمنين
عليهالسلام بيدي حتّى أتينا الموضع الّذي افتقدت حميري وطعامي ، فحوّل وجهه عنّي وحرّك شفتيه ولسانه بكلام لم أفهمه ، ثمّ رفع رأسه فسمعته يقول : واللّه ما على هذا بايعتموني يا معشر الجنّ ، وايم اللّه لئن لم تردّوا على اليهوديّ حميره وطعامه لأنقضنّ عهدكم ، ولاُجاهدنّكم في اللّه حقّ جهاده ، قال : فواللّه ما فرغ أمير المؤمنين
عليهالسلام من كلامه حتّى رأيت حميري وطعامي بين يدي ، ثمّ قال أمير المؤمنين
عليهالسلام : اختر يا يهودي إحدى الخصلتين ؛ إمّا أن تسوق حميرك وأحثّها عليك أو أسوقها أنا وتحثّها عليّ أنت ، قال : قلت : بل أسوقها وأنا أقوى على حثّها ، وتقدّم أنت يا أمير المؤمنين
عليهالسلام أمامها إلى الرحبة ، فقال : يا يهوديّ إنّ عليك بقيّة من اللّيل فاحفظ حميرك حتّى تصبح ، وحطّ أنت عنها أو أحطّ أنا عنها وتحفظ أنت ، فقلت : يا أمير المؤمنين أنا قويّ على حطّها وأنت على حفظها حتّى يطلع الفجر ، فقال أمير المؤمنين
عليهالسلام : خلّني وإيّاها ونم أنت حتّى يطلع الفجر ، فلمّا طلع الفجر انتبهت ، فقال : قم ، قد طلع الفجر فاحفظ حميرك وليس عليك بأس ، ولا تغفل عنها حتّى أعود إليك إن شاء اللّه تعالى .
ثمّ انطلق أمير المؤمنين
عليهالسلام فصلّى بالنّاس الصّبح ، فلمّا طلعت الشمس أتاني وقال : افتح برّك على بركة اللّه تعالى وسعّر طعامك ، ففعلت ، ثمّ قال : اختر منّي خصلة من خصلتين : إمّا أن أبيع أنا وتستوفي أنت الثّمن ، أو تبيع أنت وأستوفي أنا لك الثمن ، فقلت : بل أبيع أنا وتستوفي أنت الثّمن ، فقال : افعل ،
فلمّا فرغت من بيعي سلّم إليّ الثّمن ، وقال لي : لك حاجة ؟ فقلت : نعم ، اُريد أدخل السّوق في شراء حوائج ، قال : فانطلق حتّى اُعينك فإنّك ذمّي ، فلم يزل معي حتّى فرغت من حوائجي ، ثمّ ودّعني ، فقلت عند الفراغ : أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، وأشهد أنّك عالم هذه الاُمّة وخليفة رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم على الجنّ والإنس ، فجزاك اللّه عن الإسلام خير الجزاء ، ثمّ انطلقت إلى ضيعتي فأقمت بها شهورا ونحو ذلك ، فاشتقت إلى رؤيته فقدمت وسألت عنه فقيل : قد قتل أمير المؤمنين
عليهالسلام فاسترجعت وصلّيت عليه صلاة كثيرة وقلت عند فراقي : ذهب العلم ، وكان أوّل عدل رأيته منه تلك اللّيلة وآخر عدل رأيته منه في ذلك اليوم ، فما لي لا أبكي ؟ وكان هذا من دلائله
ـ البحار : ج39 ص189 .
hgado hgdi,]d ,u]g ugd ugdihgsghl