عرض مشاركة واحدة
قديم 2016/06/07, 08:15 PM   #35
أبو زينب اليمني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 4529
تاريخ التسجيل: 2016/04/22
المشاركات: 1,034
أبو زينب اليمني غير متواجد حالياً
المستوى : أبو زينب اليمني is on a distinguished road




عرض البوم صور أبو زينب اليمني
افتراضي

المقصـد الأوّل
المعنى المُراد في آية الولاية.

يتمّ معرفة المعنى في الآية الشريفة من خلال التالي :

* أداة القصر الموجودة في الآية الكريمة : إنّما.
* الإطناب الموجود في الآية المباركة، قوله تعالى :
" الّذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".
* معنى الركوع الوارد في الآية الكريمة : " وهم راكعون ".
* معنى الوليّ الوارد في الآية الشريفة : " وليّكم ".
* المقصود من قوله تعالى : " الّذين ءامنوا الّذين ........ " الآية.
هل هو شخص واحد أو مجموعة أشخاص ؟.

تلكم هي العناوين المعتمدة لبيان المعنى المقصود في آية الولايــــــة. وإلى التـفاصيــل : ـ

أوّلاً : القصر الموجود في الآية الشريفة
القصر في الاصطلاح : تخصيص أمرٍ بآخر بطريق مخصوص ؛ وأركانُه هي :
أداة القصر ، والمقصور ، والمقصور عليه.
أداة القصر في الآية : " إنّما ". تفيد معنى الحصر والتوكيد.
المقصور في الآية : الولاية ؛ لفظ " وليـّـكم ".
المقصور عليه : " الله ، ورسوله ، والّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة
ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".
إذاً ، الولاية مقصورةٌ على ثلاثة أطراف ، منفيّةٌ عمّن عداهم ، مقصورة على :
" الله ورسوله والّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".

أنت ترى، أخي القارئ، أنّ النّصّ القرآني لم يتوقّف عند قوله تعالى :
" الّذين ءامنوا" ؛ ولو توقّفَ لكان ذلك معيباً ، وخدشاً في اللّسان العربي المبين؛ لأنّ الآية مُصَدَّرَة بأداة القصر " إنّما " وهي للتخصيص ، و" الّذين ءامنوا " إسم جنس ؛ فتكون الآية في تلك الحالة مركَّبا ناقصا لا يصح السكوت عليه؛ فلا بدّ إذاً ، من التفصيل والتوضيح ، لكي يزول الإبهام ، ويبلغ البنيان تمامه.

وقد جاء البيان الأكمل ، قوله عزّ وجلّ :
" الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".
هذا الشطر من الآية يسمّى ، من وجهة نظر علم البلاغة ، استئنافاً بيانيّا، نوعه : كمال اتصال. ومن وجهة نظر علم النحو ، تابعا، نوعه : نعت، وعطف بيان، وتوكيد، ومُبْدَل منه وليس بدلاً ، وسنوافيكم بالبدل في الموضع المناسب.
ومن وجهة نظر علم الدّلالة ، تعيينا، ومن وجهة نظر علم المنطق وعلم الكلام، تشخُّصاً ، أفادَ تمييز الموصوف عن غيره وحدّد جنسه وذاته.

ثانياً : الدّلالة المعنوية للإطناب في الآية الشريفة
الإطناب في آية الولاية ، عبارة عن جملة حالية ، جيء بها من أجل تمييز مَن عناه النّصّ القرآني بـِ " الّذين ءامنوا ". والحال عبارة عن وصف ، أي نعت.
ووفقاً لعلم المعــاني، فإنّ الوصف يؤتَى بـه لأغراض عدّة ، منها، تمييز الموصوف عمّا عداه بشيءٍ معلوم تتمّ به معرفته وتمييزه عن غيره أكمل تمييز.

" الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " جملة حالية.
أركان الجملة الحالية :
وهم راكعون : الواو للحال ، الإتيان بالواو في هذا الموضع واجب.
هم راكعون : جملة الحال ، وهي جملة إسمية ، في محل نصب حال.
يؤتون الزكاة : العامل في الحال.
الّذين ءامنوا : صاحب الحال.
يقيمون الصلاة : لا محلّ لها من الإعراب.

والحال وصفٌ لبيان هيئة الفعل، وهي نوعان : حال ثابتة، وحال متنقِّلة.
الحال المذكورة في آية الولاية بيّنَت الكيفيّة الّتي حصل بها إيتاء الزكاة، وهي حال متنقّلة.
وبنـــاءً على ذلك، يكون المقصود هو التالي :
" الّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة حال ركوعهم ".
" الّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة إذ هم راكعون ".
" الّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة أثناء ركوعهم ".

التابع، في الآية الشريفة ، جملةٌ خبريّة ، وهي الّتي تحتمل الصدق والكذب؛ والقرآن الكريم صدقٌ كلّه، لا كذبَ فيه، قطعاً حصلَ إيتاءٌ للزكاة أثناء الركوع، فيكون المعنى المستفاد : أنّه وقع من صاحب الحال (الّذين ءامنوا) إيتاء الزكاة حال الركوع ؛ والركوع ركنٌ من أركان الصلاة.

قد يقول سائلٌ : إذا كان المعنى كما ذكرتَ فلماذا جاء الفعل في الآية بصيغة الزمن الحاضر، أي بصيغة المضارع، ولم يأتِ بصيغة الماضي هكذا : " الّذين ءامنوا الّذين أقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة وهم راكعون " ؟

الدّلالة المعنوية لاستخدام صيغة الزمن المضارع :

1 - الدّلالة على أنّ الحال المذكورة مرئية للعيان ، متحققة فعلاً ، وأنّ المخاطبين عند نزول الآية شاهدوا الواقعة ، ولا زالوا يعيشون الحدث ـ إيتاء الزكاة حال الركوع ـ وصاحب الحال حاضرٌ أمامهم، موجودٌ بينهم؛
فنزول الآية في نفس الوقت والحال قبل مغادرة المشاهدين الكرام مفاده الخبر التالي : إنّ هذا المؤمن المؤتي الزكاة حال ركوعه ، والمُشاهَد فورا هو وليّكم، هو نفسه لا أحدَ غيره ، فآمِنوا بذلك وكونوا عليه من الشاهدين.
فالآية الشريفة بمثابة نبأ عاجل، والأنباء العاجلة لا تكون بصيغة الزمن الماضي، وهذا يدلّ على أنّ الحال المذكورة في الآية ، والّتي يسخر منها الكثيرون ، هي السبب في نزول آية الولاية.
ولو تمّ استخدام صيغة الزمن الماضي لفَقدَ البلاغ الفوري أهميته ، وتأثيره النّفسي والبياني، ومقصده الجليل.
لأنّه يؤدّي إلى احتمال وتوهم أنّ إيتاء الزكاة حال الركوع قد صدر عن أكثر من شخص فيقع الاشتراك واللّبس ، نظراً للعامل الزّمني الدّال على المُضي والانقضاء ، ونظرا لأنّ " الّذين ءامنوا " اسم جنس.
وعندها سيقول خُبراء الإجماع، وأساطين التفسير إنّ الآية نزلت للإخبار عن الأمم البائدة ، والعصور الغابرة ؛ ولعلّهم سيرجّحون أنّها نزلت في شأن نبيّ الله داوود ونبيّ الله سليمان عليهما السلام، لأنّهم كانوا أغنياء جدّاً ، أمّا أمّة محمّد فلا شأنَ لها بهذه الآية ، لأنّ الرسول وأصحابه كانوا فقراء ، يفترشون الحصير، ويلتحفون السماء فأنّى لهم أن يؤتوا الزكاة ؟.
ومن أجل سدّ أبواب السفسطة ، ونفي أي توهم أو لبس ، تمّ استعمال الزمن الحاضر الدّال على الحال ؛ لأنّه يستحيل، عقلاً ومنطقاً، أن يتّصف بهذا الفعل المتميِّز، والفريد من نوعه ـ إيتاء الزكاة حال الركوع ـ يستحيل أن يتصف به، أو يقوم به أكثر من شخص في نفس الزمن ونفس الوقت ؛ لأنّ الحال في الآية حال متنقِّلة ؛ فصاحب الحال ليس إلّا واحداً معيَّنَا، مخصوصاً بذاته ونعته و إسمه ، وهو
مِن أمّة محمّدٍ صلى الله عليه وآله.

2 - الدّلالة على الحال ، والتأكيد على أنّ التابع في آية الولاية جملة حالية ؛ لأنّ الفعل المضارع ، في الأصل ، يُستعمَل لِحكاية الحال.
والإتيــان بالمضارع مُراداً به الماضي كثيرُ الورود في اللّســـان العربي، وشواهده لا تُحصى ؛
قال تعالى : ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ ﴾.
الإعطاء محققٌ ، قد وقع وحصل ، وجيء بالمضارع لحكاية الحال، فكأنّ الإعطاء واقع حالاً.
وقال تعالى : ﴿ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾.
تقتلون : فعل مضارع ، معطوف على كذّبتم : فعل ماضٍ ؛ المعنى : فريقاً كذّبتم وفريقاً قتلتم. وتمّ العدول عن الماضي إلى المضارع لحكاية الحال، ونظراً لأنّ في المضارع استحضار صورة الماضي في الذّهن ، فتكون ماثلة أمام النّفس وتأثيرها أبلغ وأقوى.
وقال الشــاعــر :
فلمّا خشيتُ أظافيرهم نجوتُ وأرهنُهم مالكا.
(دلائل الإعجاز - عبدالقاهرالجرجاني).
ينطبق على البيت الشعري نفس الكلام المذكور آنفاً، حيث إنّ الشاعر عطفَ الفعل المضارع " أرهنهم " على الفعل الماضي " نجوتُ " ؛ فالمعنى :
نجوتُ ورهنتهم مالكا ، وإنّما جيء بالمضارع لحكاية الحال ، واستحضار صورة الماضي.

وعليــه ، فإنّ صيغة المضارع في آية الولاية نقَلَت الحَدثَ من الماضي البعيد حكايةً للحال، وعرَضَتْه في مقام المشاهَدة لِيُستيقَن منه ولا يُناقَش فيه.

3 - مجيء التابع، في آية الولاية، بصيغة الزمن الحاضر فيه إشارة إلى العهدية؛ العهد الحضوري بالنّسبة للمخاطَبين عند نزول الآية، والعهد الذّهني المعنوي بالنّسبة للأجيال المتعاقبة عبر الأزمان وفي كلّ العصور، لأنّ الحال في الآية متنقِّلة، فهي معلومةٌ حسّاً ومعنى.

فليتنبّه المخاطَب إلى هذه الدّلالات المعنوية ، وليدرِك الخبر في الآية من كافّة الوجوه ؛ وسوف نُبيِّن كلَّ شيءٍ بالتفصيل إن شاء الله ، وما على القارئ الكريم إلّا أن يستحضر عقله وذهنه ، فالبحر عميقٌ ، والأمر دقيقُ المسلك.
وتستمر الحكاية .........

ثالثاً : معنى الــرّكــوع


رد مع اقتباس