عرض مشاركة واحدة
قديم 2013/12/14, 07:36 AM   #1
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي خط الموت على ولد آدم


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.


{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}
محاور الموضوع :
1) حقيقة النفس البشرية.
2) تعريف الموت.
3) منازل الموت.
1) حقيقة النفس البشرية:
النفس التي هي أقرب شيء لدينا لازلنا لا ندرك حقيقتها، ولأجل بيان حقيقتها هناك اتجاهان في تحليل حقيقتها:
1- أن النفس البشرية جوهرٌ مجردٌ متعلقٌ بالبدن تعلق التدبير والتصرف، بمعنى أن النفس خارج البدن وإنما تديره وتحركه كمن يستخدم الريموت لتحريك سيارة، فهي ليست شيئًا ماديًا لتدخل البدن، وأصحاب هذا الاتجاه استدلوا على ذلك بدليلين:
1. عقلي: أن كل شيء مادي يقبل القسمة، والشيء الذي لا يقبل القسمة فهو غير مادي، فالجسد والذرة ماديان لأنهما يقبلان القسمة، أما النفس والتي نعبر عنها بكلمة (أنا) وجودٌ بسيط لا تقبل القسمة إلى جزأين، وبالتالي فهي ليست مادية.
2. نقلي: القرآن الكريم قسّم الوجود إلى قسمين {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ}: عالم الخلق (ما يحتاج وجوده إلى مادة ومدة) وعالم الأمر (لا يحتاج وجوده إلى مادة ومدة)، والجسد عبّر عنه القرآن بالخلق {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} ولكنه عندما عبر عن النفس عبر عنها بالأمر {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}.
2- أن النفس البشرية شيءٌ ماديٌ، وهذا ما يؤيده جمعٌ من فقهائنا، ومنهم السيد الخوئي، النفس البشرية ليست مجردة عن المادة، فهي شيءٌ ماديٌ في البدن، والدليل على ذلك:
1. عندما نراجع الآيات نجد أنّ الروح شيءٌ ماديٌ، قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}والشيء الذي يُمْسَك ويُرْسَل لابد أن يكون ماديًا، وعليه فالروح شيءٌ ماديٌ يُمْسَك ويُرْسَل.
2. نحن نسلم أن الشيء المادي هو ما يقبل القسمة ولكن القسمة على نوعين:
1/ قسمة فعلية: مثل ذرة التراب، فهي تقبل القسمة.
2/ قسمة وهمية (عقلية): مثل النور، فهو جزيئات ذرية مادية.
فليس كل مادي يقبل القسمة الفعلية، والروح كذلك – كجزيئات النور – تقبل القسمة الوهمية.
3. نحن نسلم أن هناك عالم خلق وعالم أمر ولكن في القرآن الروح غير النفس، والقرآن لا يعبّر عن الإنسان بأنه روحٌ وإنما يعبر عنه بالنفس: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ}{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا}... وغيرها من الآيات، أما الروح التي في القرآن فهي مخلوقٌ أعظم شأنًا من الملائكة، ووظيفته التأييد والتسديد للأوصياء والأنبياء، قال تعاىل: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ}{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}{وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} وعليه فإذا أطلقت كلمة الروح في القرآن فهي لا تعني الإنسان، ولذلك الروح في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} لا تعني الإنسان.
2) تعريف الموت:
كلنا يؤمن بالموت، فهو قادمٌ لا محالة، وهو ليس مرضًا نعالجه وإنما هو مصيرٌ حتميٌ، قال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}، ولذلك بحث العلماء في حقيقته، وللموت ثلاثة تعريفات:
1- التعريف الفقهي:
الفقهاء يأخذون بالمفاهيم العرفية البسيطة لأن الآيات والروايات جاءت موجهة إلى العرف العربي العام، وعليه عرّفوا الموت على أنه فقدان الحياة، ويترتب عليه بعض الآثار، مثل الجنين إذا سقط قبل ولوج الروح، فهو ليس ميتًا، ولا تجري عليه أحكام الميت، إذ لم يذق الحياة حتى يذوق الموت، أما إذا سقط بعد ولوج الروح فيعتبر ميتًا، وتجري عليه أحكام الميت.
2- التعريف الفلسفي:
الموت هو خلع جسدٍ ولبس جسدٍ، فالنفس دائمًا أمامها جسدٌ تحرّكه، ففي الدنيا كان أمامها هذا الجسد المادي، فإذا مات وصارفي التراب تلبّست بجسدٍ ثانٍ مثالي ليس ماديًا.
3- التعريف العرفاني:
الموت كمالٌ لا نقص، نحن نخاف الموت لأننا نعتبره نقصًا، فهو يحرمنا من أهلنا وأولادنا، ولكنه في الواقع كمالٌ وجمالٌ، وهنا مقدمتان يتبيّن من خلالهما نظر العرفان:
1. كل طاقة خلقها الله في الإنسان لابد أن تبرز وتظهر يومًا من الأيام، إذ لو لم تبرز لكانت لغوًا وعبثًا، والحكيم لا يفعل القبيح.
2. نسبة الدنيا للآخرة نسبة ما قبل الموت لما بعد الموت، وهي كنسبة الرحم لما هو خارج الرحم، فالجنين مادام يعيش في رحم أمه يعتبر الرحم كل الكون، وهو يعتقد أنه وجودٌ واسعٌ وكافٍ، وبمجرد أن ينزل يندهش ويرى أن الدنيا شيءٌ كبيرٌ، وأن نسبة الرحم لها كذرة في هذا الكون الوسيع، والإنسان كذلك يعتقد أن الدنيا واسعة ومليئة بالملذات، وعندما نموت سنكتشف عالمًا غريبًا مملوءًا بمليارات الأرواح، كالجنين فقد كان له رئتان وهو في الرحم ولكنه لا يستخدمهما ولا يشعر بهما، ولكنه عندما نزل إلى الدنيا أصبح يتنفس بهما، وكذلك الإنسان يمتلك طاقاتٍ لا يشعر بها ولن يكتشفها إلا بعد الموت، مثل طاقة الشهود، وهي أن تتجاوز النفسُ الزمانَ والمكانَ، فالإنسان كان عليه غطاءٌ في الدنيا، قال تعالى: {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}.
إذن الموت كمالٌ وشهودٌ، وما دمنا في عالم المادة فنحن في نقصٍ وغطاءٍ، والموت يرفع عنا هذا الغطاءَ.
3) منازل الموت:
للموت عدة منازل سنمر بها كلنا:
1- نزول الملائكة: نحن سنرى الملائكة لحظة الموت، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}،{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ}.
2- النزاع: نزاع الروح شديدٌ، وهو انتزاع الروح من كل عظمة من الجسد، ويظل الإنسان يتذكره حتى في الجنة، قال تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى}.

3- العروج إلى السماء: كيف ستعرج؟ هل ستعرج وأنت واثقٌ؟! أم أنك ستعرج وأنت تعيش الرهبة والخوف؟! كلٌ يعرج بحسب عمله الذي فعله في الدنيا.
تذكر دائمًا أنك في سفر، تذكر أنّك راحلٌ عن هذه الدنيا، تذكر الموتَ دائمًا.




o' hgl,j ugn ,g] N]l



توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس