عرض مشاركة واحدة
قديم 2016/12/13, 12:07 AM   #4
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي

العمل السياسي الدقيق في مواجهة العدوّ

كان قاطعًا وصريحًا. لم يتحدّث الرسول بكلامٍ يحمل وجهين. طبعًا عندما كان يواجه عدوًا، يؤدّي العمل السياسي بشكل دقيق فيُوقع العدوّ في الخطأ. وفي العديد من الموارد، غافَلَ الرسول العدو – سواء من الناحية العسكريّة، أو

من الناحية السياسيّة – غير أنّه كان مع المؤمنين ومع شعبه، صريحًا وشفافًا ويتحدّث بشكلٍ واضح ولم يتصرّف بنحوٍ سياسي، بل كان ليّنًا في الأماكن الضروريّة, مثال ذلك قضيّة عبد الله بن أبي الذي له قصّة مفصّلة[36].

تحرّك الرسول نحو مكّة قاصدًا العمرة. شاهدوا أنّه يتحرّك نحو مكّة في الشهر الحرام – وهو ليس شهر حرب حيث كانوا يحترمون الشهر الحرام – فماذا يفعلون؟ هل يفتحون الطريق ويسمحون له بالمجيء؟ ماذا سيفعلون إزاء هذا النجاح الذي أصابه، وكيف يمكنهم مواجهته؟ هل يتحرّكون في الشهر الحرام لحربه؟ كيف سيحاربون؟ في النهاية قرّروا وقالوا نذهب ولا ندعه يأتي إلى مكّة وإذا وجدنا مبرّرًا (أو سنحت الفرصة)، فسنقتل المسلمين بأجمعهم. تصرّف الرسول بدرجة عالية من الحنكة والتدبير للجلوس لتوقيع معاهدة معه على الرجوع, على أن يأتي في العام القادم لأداء العمرة, وبالتالي فتح كافّة الأجواء في المنطقة لتبليغ الرسالة. كان اسم ذلك صلحًا, لكنّ الله تعالى يقول في القرآن: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا﴾[37]. إنّ الذين يراجعون المصادر التاريخيّة الصحيحة والدقيقة، سيشاهدون كم كانت قصّة الحديبيّة عجيبة. في العام التالي ذهب الرسول لأداء العمرة وكانت شوكة ذاك العظيم تزداد يومًا بعد يوم. بعد عام من ذلك – أي في السنة الثامنة – وعندما نقض الكفار العهد، ذهب الرسول وفتح مكة، حيث كان فتحًا عظيمًا ينبئ عن

اقتدار الرسول وتمكّنه وقوّته. بناءً على ذلك، اتّسم تعامل الرسول مع العدوّ بالتدبير والحنكة والاقتدار مع ما امتاز به من صبرٍ وتحمّل من دون أن يتطرّق إليه الاضطراب أو التراجع حتّى خطوة واحدة فكان يتحرّك نحو الأمام يومًا بعد يوم ولحظة بعد لحظة[38].



إيجاد أجواء الوفاء ومعرفة الحقّ

في حديث أنّ وفدًا جاء إلى الرسول الأكرم في المدينة، موفَدًا من النجاشيّ – ملك الحبشة – لإيصال رسالة! وهو ما كان متدَاولًا بين الدول. كان النجاشيّ ملكًا على الحبشة، وكان كالكثير من السلاطين والأمراء في ذاك الزمان، مسيحيًّا غير مسلم, وعندما قدّم الوفد من الحبشة، نهض الرسول من مكانه لاستقبالهم. تكلّم الأصحاب وقالوا: “يا رسول الله دعنا نحن نقوم بأمر استقبالهم وشأن ضيافتهم”. فأجابهم الرسول قائلًا إنّه يريد التعويض عن الاحترام والتكريم الذي لاقاه المسلمون عندما هاجروا إلى الحبشة. وهذه إشارة إلى معرفة الحقّ.

… لذلك تشاهدون أنّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم, لم يوجّه جيشًا إلى الحبشة ولم يذهب إليها، على الرغم من دخوله حروبًا عديدة في حياته مع كفار قريش وخوضه عدّة حروب مع إمبراطورية الروم الشرقيّة -حيث كانت منطقة الشام وفلسطين خاضعة لها آنذاك – وتحرّكه ليشارك في معارك اليرموك ومؤتة وتبوك، ويخوض الجهاد والفتوحات في تلك النقاط!

… ليس صحيحًا أنّ الرسول كان يحارب كلّ ملك لا يقبل الإيمان الإسلامي, لا، فقد أبقى الرسول على معرفة العهد والحقّ (عرفان الجميل) وشكر النجاشي على محبّته، واستمرّ هذا الأمر في مرحلة الحكومة الإسلاميّة والعهد الذي كان الرسول فيه على رأس النظام الإسلامي.

في عهد الحكومة الإسلاميّة، جاءت امرأة إلى المدينة لرؤية الرسول. شاهد الأصحاب أنّ الرسول، قد أظهر الكثير من المحبّة لها، سأل عن أحوالها وأحوال عائلتها وتعاطى معها بمنتهى الاحترام واللطف. وبعد أن رحلت، توجّه الرسول إلى الأصحاب، محاولًا رفع تعجّبهم، موضّحًا أنّ هذه المرأة كانت تأتي إلى منزله في زمان خديجة (مرحلة الضغط والحصار والشدّة في مكة). لا بدّ أنّ ذلك كان في وقت حاصر فيه الجميع أصحاب الرسول، وكانوا لا يزورون السيّدة خديجة – زوجة الرسول الأكرم – فكانت هذه المرأة تتردّد إليها. لم تذكر الرواية أنّ هذه المرأة قد أصبحت مسلمة, لا. من المحتمَل أنّها لم تكن مسلمة، إلّا أنّ الرسول راعى هذا الحقّ لمجرّد وجود هذه الخصوصيّة، فأظهر المحبّة واللطف بعد سنواتٍ طويلة على ذلك[39].



الترويج للتعلّم

الآن، هنا – مكّة والمدينة – مركز الوحي ومحلّ نزول البركات الإلهيّة على جماعة مؤمنة ومقاومة تمكّنت ببركة الإيمان والعمل بالآيات الإلهيّة،

من النهوض من بين غبار الذلّ الذي رقد عليها, لتأخذ بعين الاعتبار الحريّة اللائقة للإنسان، وترفّع لواء الحريّة للبشريّة ونجاة الإنسان من سلطة إمبراطوريّات القوّة والظلم في ذاك الزمان، ولتؤسّس من خلال النور المعرفي الذي ينبع من القرآن، مركزًا عظيمًا للمعرفة البشريّة ولتتربّع لقرونٍ على منبر العلم والمعرفة البشريّة, ولتكون سخيّةً في تعليم البشريّة، فتقدّم أفضل الآثار العلميّة طيلة قرون متمادية وترسم (تحدّد) مصير عالم البشريّة بعلمها وسياستها وثقافتها, كلّ ذلك من بركات تعاليم الإسلام والحكومة الإسلاميّة الخالصة في عهد الرسول وفترة من صدر الإسلام حيث بقي المسلمون يتذوّقون ثمار ذلك على رغم تسلّط ونموّ الشجرة الخبيثة لحكومات السلطنة والارتداد عن المرحلة التوحيديّة[40].




توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس