عرض مشاركة واحدة
قديم 2016/06/11, 12:52 AM   #46
أبو زينب اليمني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 4529
تاريخ التسجيل: 2016/04/22
المشاركات: 1,034
أبو زينب اليمني غير متواجد حالياً
المستوى : أبو زينب اليمني is on a distinguished road




عرض البوم صور أبو زينب اليمني
افتراضي

3 - الإيمان بمعنى العِـــلم :

وهو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع .

قال تعالى : ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾.

في هذه الآية المباركة دروس جليلة ومعانٍ شريفة ، والّذي يهمّنا هو موضع الشاهد الّذي جئنا بالآية من أجله ؛
قوله : أرني كيف تحيي الموتى ، أي علِّمني ، أرني وعلِّمني بمعنى واحد.

قوله : أو لم تؤمن ، أي أو لم تعلم ؟
قوله : بلى ، أي أنا عالم يا رب، ولكن زدني عِلما ، زدني إيماناً.

وإبراهيم عليه السلام في هذا المقام يسأل اللهَ العلمَ التطبيقيَّ العمليَّ ، وليس مجرّد المعرفة النّظرية الوجدانية.

فلمّا علّمَ اللهُ إبراهيمَ كيفيةَ إحياء الموتى ، وآتاه من لدنه علماً صار إبراهيم عليه السلام من أولي العلم ؛ إنّ إبراهيم لَذو علمٍ لِما علّمَه ربُّه.

ومن كان كذلك فهو عليمٌ ، وليس مجرّد عالمٍ عادي ؛
كلّ عليم عالِمٌ وليس كلّ عالِمٍ عليماً.
قال تعالى : ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾.

فالعلمُ معنىً من معاني الإيمان ، وهو معرفة حقيقة الشيء على وجه الإتقان واليقين والكمال ، نظرياً وعملياً.

هناك اشتراك معنوي بين العلم والإيمان.

قال تعالى : ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّـهِ إِلَىٰ يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَـٰذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.

العطف الموجود بين العلم والإيمان أفاد التشريك في المعنى.

العِــلم : اعتقادٌ جازمٌ مطابق للواقع، والإيمــان اعتقاد جازم مطابق للواقع. والعِلم أصل الإيمان.

وهذا المفهوم معنىً من معاني الحِكمة أيضاً ، الحكمة : العِلم بحقائق الأشياء على ما هي عليه ، نظريّاً وعمليّاً.

لهذا جاءت الآية الكريمة مُذَيَّلة بقوله تعالى :
" واعلم أنّ الله عزيزٌ حكيمٌ ".

وعليــه ، فإنّ الموصوف في آية الولاية ، من أولي العلم ، فهو إمامٌ عليم.

" إنّما وليّكم الله ورسوله وأولوا الإيمان الّذين يقيمون .........." الآية .
أولوا الإيمان : أي أولوا العلم .

معاني الإيمان يا أخوتي ، لا تنتهي عند حدّ ، وقد عرفنا أنّ " الإيمان " في آية الولاية عبارة عن كناية أفادت مجموعة معانٍ ، وهذه هي بلاغة الكناية.

أولوا العلم، وصفٌ مخصوصٌ بحدّ ذاته ، لفظاً ومعنى ، ولا يصح إطلاق الوصف على كلّ مَن لديه أثارة من عِلم ، أو عنده مجموعة من المعارف الدّينية أو الدّنياوية.

أولوا العلم في الشريعة : هم الربّانيّون ، هم الّذين آتاهم اللهُ العلم الشامل، والمعرفة الكاملة بحقائق الأشياء ، قد أكملَ اللهُ عقولَهم ، وطهّر قلوبهم من كلّ شكّ وريب ، وأيّدَهم بالعصمة الكاملة قولاً وعملاً واصطفاهم أعلاماً لِدِينه.

هم الّذين شهدوا لله بالوحدانية شهادةَ إيمانٍ وإيقان ، وإخلاصٍ وإذعان ، قد قرنَ اللهُ شهادتَهم بشهادته إعلاءً لِذكرهم ، وتعظيماً لِمقامهم ، وجاء معهم الملائكةُ مقترنين.

قال عزوجل : ﴿ شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾.

فمَن هذا الّذي يبلغ منزلة أولي العلم أو يروم مقامهم ؟
هيهات هيهات ، وقد خاب مَن ادّعَى.
.......................................

4 - الإيمان بمعنى الطاعة :

الإيمان والطاعة وجهان لعملةٍ واحدة ، الإيمان عقيدة وعمل ، الطاعة كذلك، الطاعة هي الدّين ، والإيمان كذلك.

الإيمان : أن يُطاع الوليّ الشرعي فلا يُعصى.

ولا إيمانَ إلّا بأداء فرض الطاعة لِمن أمر الشرعُ بطاعته ، لأنّ الطاعة والإيمان أمران مقرونان إذا رُفعَ أحدهما رفع الآخر.

قال تعالى : ﴿ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾.

وقد أوضحنا مسألة الإيمان والطاعة عند حديثنا حول آية الإطاعة.

" إنّمـا وليّــكم الله ورسولــه وأهل الإيمــان الّذين .........." الآية.

أي أهل الطاعة : الجديرين والأحقّاء بها.

فالموصوف في آية الولاية ، أهلٌ لِأن يُطاع فلا يُعصى ، وقد أوجب الشرعُ طاعته وجوباً مطلقاً ، طاعته كطاعة الله ورسوله.

والطاعة هي الدِّين ، والدّين هو الأمن ، فمَن فارَقَ الأمنَ فقد فارقَ الدِّينَ، والأمن هو الأمان ، والأمان هو الإيمان ، والإيمان هو العلم ، والعلم هو الحكمة، والحكمة هي الإمامة ، والإمامة هي الولاية ، والولاية هي السلطان، والسلطان هو الوليّ ، والوليّ هو المولى ، والمولى هو الأَوْلى ، والأوْلى هو المُطاع ، والمُطاع هو المستحقّ للطاعة حقّاً ، شرعاً وعقلاً.

قال تعالى : ﴿ وَلَمَّا جَاءَ عِيسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ ﴾.

وقال تعالى : ﴿ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ﴾.
وقال صلى الله عليه وآله : { الإيمانُ يمانٌ والحكمة يمانيَة } .

صدَقَ الله عزّ وجلّ وبلّغَ رسولُــه الأمين صلى الله عليه وآله وسلم.
.........................................

تلكم أحبّتي بعض معاني الإيمان في الشرع.

وقد كان للاسم الموصول كما رأينا ، بالغ الأثر في بيان كمال الموصوف، والعناية به ورفعة شأنه ، والتشويق إلى معرفته ، والحث على التمسك به.

ودلّت الموصولية أيضاً على أنّ ولاية الأمر متواصلة ومستمرة بعد رحيل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله عن هذه الدّنيا.

ولمّا كانت معاني الإيمان متجسِّدة حقّاً في الموصوف ، وأصبَحَت مَلَـكَةً فيه صار " الإيمــان " عَلَـمَاً له ، إسمــاً وكُنيــةً ولَـقَبَـــاً.

" إنّما وليّكم الله ورسوله وذو الإيمان الّذين يقيمون .............." الآية.
" إنّما وليّكم الله ورسوله و ذات الإيمان الّذين يقيمون ..........." الآية.

ذو الإيمان ، وذات الإيمان : أي الإيمان ذاته ، صاحب هذا الإسم " الإيمان ".

هل عرفتَ أخي القارئ ، كيف أنّ الاسم الموصول ، في آية الولاية ، دلّ على إغراق في مذاهب البلاغة ومنازع الفصاحة ؟

وما دمنا قد عَلِمنا ذلك ، فاعلموا أنّ وليّــكم هو ذو الإيمان، صاحب هذا الاسم " الإيمــان " احفظوه جيّداً فإنّ له شأناً عظيماً.

" إنّما وليّكم الله ورسوله وذو الإيمان الّذين ......... " الآية.

ذو : عبـــارة عن صِلة ، أي زائــدة ، و " ذو " : عبـارة عن لفظ كنــائي،الجمع "ذوين" - يستوي فيه المفرد والجمع - كناية عن العَــلاء ، الشرف والرفعة والسيادة.

قال تعالى : ﴿ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ ﴾.

وقال نَجمُ الشعراء :

ولا أعني بقولي أسفليـكم
ولكنّي أريد به الذّويـنــا.
(الكميت الأسدي - ديوانه).


" إنّما وليّكم الله ورسوله والإيمــانُ الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون
الزكـــاة وهـم راكـعــون ".

فيا تُرى من هو الإيمان، المؤتي الزكاة حال الركوع ؟ والّذي هو وليُّنا بعد الرسول ص بلا فصل ؟

هل له إسم خاص يُشتَهرُ به حتى نتمكّنَ من معرفته ؟.

ومن هنا نواصل رحلةَ العُمْرِ ، ووجهتنا هذه المرّة هو المقصد الثاني من آية الولاية ؛
إسم وليّ الأمر الأوّل خِلافةً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

المقصــد الثـاني :

إسم وليّ الأمر الأوّل خلافةً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وفي رحاب الولاية، تستمر الحكاية .....


رد مع اقتباس