2014/01/29, 09:29 AM | #1 |
معلومات إضافية
|
المتقــون والدنـــيا...
أصناف الناس في التعاطي مع الدنيا ان واقع الحال يدل على تفاوت الناس في النظر إلى الدنيا والتعاطي معها. 1- من يجعل الدنيا أمام عينيه، والآخرة خلف ظهره.:- وهؤلاء ذكرهم القرآن الكريم في قوله ﴿إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ﴾5. وهذه الآية أيضاً إنما تنتقد أن يرضى الإنسان بالحياة الدنيا ويطمئن إليها ويغفل عن آيات الله ولا يرجو لقاء الله سبحانه. وكذا قوله تعالى ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْم﴾6. ِ 2- من يجعل الدنيا أكبر همّه، والآخرة - مع ذلك - نصب عينيه! هي حالة العداوة والمنافرة، وهي الحالة التي يكون فيها مثلهما كمثل الضرّتين، أو المشرقين والمغربين والماشي بين هذين. وما دام قد جعله همه الأساسي هو الدنيا، فهو بمقدار ذلك يبتعد عن الآخرة، فعن أمير المؤمنين: "إن الدنيا والآخرة عدوان متفاوتان، وسبيلان مختلفان، فمن أحب الدنيا وتولاها أبغض الآخرة وعاداها. وهما بمنزلة المشرق والمغرب وماش بينهما، كلما قرب من واحد بعد من الآخر، وهما بعد ضرتان"7. ومن الواضح أن الإسلام لا يمنع من الجمع بين العمل للآخرة وللدنيا بمعنى الاستفادة منها، وإنما الممنوع منه في الإسلام هو الجمع بينهما بمعنى الهدف والغاية. 3- من يجعل الدنيا وسيلة، والآخرة غاية:- وفي نهج البلاغة إشارة واضحة إلى هذا، حيث يقول عليه السلام: "الناس في الدنيا عاملان: عامل في الدنيا للدنيا، قد شغلته دنياه عن آخرته، يخشى على من يخلف الفقر ويأمنه على نفسه، فيفني عمره في منفعة غيره. وعامل عمل في الدنيا لما بعدها، فجاءه الذي له من الدنيا بغير عمل، فأحرز الحظين معاً، وملك الدارين جميعاً، فأصبح وجيهاً عند الله لا يسأل الله حاجة فيمنعه"8. قصة توضح الموقف الصواب دخل أمير المؤمنين عليه السلام على العلاء بن زياد الحارثي في البصرة - وهو من أصحابه – يعوده، فلما رأى سعة داره قال عليه السلام: "ما كنت تصنع بسعة هذا الدار في الدنيا، وأنت إليها في الآخرة أحوج؟ وبلى إن شئت بلغت بها الآخرة، تقري فيها الضيف، وتصل فيها الرحم، وتطلع منها الحقوق مطالعها فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة". فقال له العلاء: يا أمير المؤمنين، أشكو إليك أخي عاصم بن زياد، قال عليه السلام: وما له؟: قال: لبس العبادة وتخلى عن الدنيا قال علي عليه السلام علي به فلما جاء قال عليه السلام: "يا عدي نفسه: لقد استهام بك الخبيث أما رحمت اهلك وولدك، أترى اللّه قد احل لك الطيبات، وهو يكره أن تأخذها؟ أنت أهون على الله من ذلك". قال: يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك، وجشوبة مأكلك قال: ويحك إني لست كأنت إن الله فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس، كيلا يتبيّغ بالفقير فقره9. ما هو حال المتقين؟ هم من الذين أدركوا حقيقة الدنيا ونظروا إليها نظرة واقعية، فعلموا أنها لا تبقى فزهدوا بها، وان الآخرة لا تزول فصرفوا قلبهم ووجدانهم نحوها، كما قال الإمام: "قُرَّةُ عَيْنِهِ فِيَما لاَ يَزُولُ، وَزَهَادَتُهُ فِيَما لاَ يَبْقَى". وهذا هو شأن الإنسان العاقل الذي لا يفرط في الباقي من أجل الفاني كما قال تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً﴾10. فلو أراد أن يكون واقعياً في نظرته إلى الحياة - والإنسان إنما ينال السعادة بالواقعية لا بالأوهام والخيالات - فلابدّ له من أن يجعل هذه الحقيقة نصب عينيه، ثم لا يغفل عنها أبداً. أحرار لا عبيد ما من أحد إلا ويحتاج إلى شيء من متاع الدنيا، ويسعى إليه جاهداً، وتحصيل ذلك أمر مشروع، ولكن حاجته قد تكون في يد ظالم أو متكبر لا ينالها صاحبها إلا بتنازل عن بعض قيمه أو كرامته، أو يقف دونها غير ذلك من الحواجز التي لا يتخطاها الإنسان إلا بالدخول فيما لا يليق، أو طمعاً في ما لا ضرورة فيه فيقدم من لا حرج له في ذلك، وهذا شأن العبيد لا الأحرار "الطمع رق مؤبد"11، وأما الأحرار فهم المتقون الذين يصبرون عن حاجتهم، ويضحونبها في سبيل دينهم وكرامتهم، وكان في مقدورهم أن يبلغوا من الدنيا ما يريدون لو تنازلوا عندينهم وكرامتهم، ولكنهم أبوا إلا مرضاة الله فكانوا الأحرار"أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها". حاولت الدنيا أن تمتلكهم وتستعبدهم بالمال والجاه، لكنّهم نظروا إليها بعين البصيرة وعرفوها حقّ المعرفة وعاشوا أحرارا لا سلطان عليهم إلا لله وحده. 5- يونس، :7. 6- النجم:29-30. 7- نهج البلاغة، ج4 حكمة103. 8- نهج البلاغة، ج4 حكمة269. 9- نهج البلاغة، خ209. 10- الكهف:45. 11- نهج البلاغة، الكلمات القصار، الكلمة 180. hgljrJJ,k ,hg]kJJJdh>>> |
2014/01/29, 01:21 PM | #2 |
معلومات إضافية
|
اللهم تقبل اعمالنا
وفقكم الله على الطرح |
2014/01/30, 06:05 PM | #3 |
معلومات إضافية
|
مروركم زاد متصفحي نورا وجمالا
شكرا على المرور ايتها الغالية |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
| |