2014/02/05, 11:10 PM | #1 |
معلومات إضافية
|
التربية والتعليم في نهج البلاغة
مفهوم التربية عند الإمام علي ( عليه السلام ) : لعلّ من المفيد أنّ نستهل هذا الموضوع بتبيان المدلول اللغوي لمفهوم التربية ، فالتربية في اللغة مأخوذة من ربى ولده ، والصبي يربّه ، ربّاه أي أحسن القيام عليه حتّى أدرك ، فالتربية بمدلولها اللغوي تعني تعهّد الطفل بالرعاية والتغذية المادّية والمعنوية حتّى يشب . يرى ( عليه السلام ) أنّ الإنسان هو غاية الوجود ، ومن أجله خلق الله ما خلق إذ بعد أن خلق تعالى الكون ورتّبه أحسن ترتيب ، ونظّمه أجمل تنظيم ، وأتم مرافقه على أكمل وجه ، وجمع فيه ما تشتهي الأنفس ، وتلذ الأعين ، أخرج إليه الإنسان ، وأسكنه فيه على أن يكون خليفته في أرضه ، يحيا في كنفها ويعيش من خيراتها ، ويمضي في أقواله وأفعاله ونواياه ومقاصده ، وفق أحكام الله وإرادته مطيعاً ، مذعناً ، شاكراً ، إلاّ أنّه خالف أمر الله ، وسلك بوحي من نفسه الأمارة بالسوء ، فجذبته الدنيا إليها وحجبت عنه الرؤية السليمة ، فبات أسير أوهامه وشهواته . إنّ ضعف الإنسان أمام إغراء المادّة ، والإيمان بأنّ الشيطان الذي أغواه في الجنّة لن يتوانى عن إغوائه مرّة أخرى وهو على الأرض ، وبالتالي سوف لن يتمكّن من ممارسة الخلافة كما أوجبها الله ما دام ضعيف الحجّة ، مسلوب الإرادة ، قليل الإيمان . هذه الأمور أوجبت أخذه بالتربية والتعليم حتّى تستقيم نفسه ويقوى على مقاومة الضلالة والفساد ، إلاّ أنّ هذه التربية لا تستند فقط إلى مبادئ نظرية لا صلة بها بالواقع ، بل تتّخذ منها طريقاً ومنهجاً يعضده العلم والعمل والإيمان بهدف منفعة العباد وخيرهم . وكثيرة هي الخطب والكلمات التي تضمّنها ( النهج ) ، وهي تدعو إلى طلب العلم وأخذه من أي مصدر كان ، كما وتحث على العمل حتّى لا تبقى التربية مجرد نظريات لا فائدة منها في عالم الواقع ، لذلك فإنّ الإمام ( عليه السلام ) يدعم القول بالعمل وهذا هو الحق الذي يشهد به العمران ، والتقدّم والتطوّر الحاصل في المجتمعات من ذلك ( العلم مقرون بالعمل ، فمن علم عمل ) ، إذ لا خير في علم بلا عمل ، ولابد للعارف من أن يكون عاملاً حتّى لا يكون علمه حجّة عليه . ولقد أدرك الإمام علي ( عليه السلام ) هذا الأمر وطبّقه على سائر مجريات حياته ، يبدو ذلك في حديثه عن العلماء الذين يتعلّمون ـ برأيه ـ لغايات ثلاث : 1ـ للمراء والجدل . 2ـ للاستطاعة والحيل . 3ـ للفقه والعمل . أمّا الأوّل : ( فإنّك تراه ممارياً للرجال في أندية المقال ، قد تسربل بالتخشّع ، وتخلّى من الورع ، فدق الله من هذا حيزومه وقطع منه خيشومه ) . وأمّا الثاني : ( فإنّه يستطيل على أشباهه من أشكاله ، ويتواضع للأغنياء من دونهم ، فهو لحلوائهم هاضم ، ولدينه حاطم ، فأعمى الله من هذا بصره ، ومحى من العلماء أثره ) . وأمّا الثالث : ( فتراه ذا كآبة وحزن ، قام الليل في حندسه ، وانحنى في برنسه ، ويعمل ويخشى ، فشد الله من هذا أركانه ، وأعطاه يوم القيامة أمانه ) . فليس المهم بنظر الإمام ( عليه السلام ) كثرة العلوم النظرية ، لأنّها لا تغني عن السلوك الحسن والسيرة الخيرة ، ولا كثرة العلماء ما دام البعض منهم قد اتخذ العلم وسيلة للهدم ، أو أداة للرياء والنفاق ، في حين أنّ البقية الباقية منهم ممّن آمنوا بربّهم وخشعوا له ، قد اتخذوه للعمل الحر الشريف . فالتربية التي تعتمد الكمّية في أساليبها ليست مقبولة ما دامت لا تستند إلى الكيفية والنوعية ، إلاّ أنّ هذه النوعية لا فائدة منها إذا لم تقترن بالفاعلية ، فالعلم لا يراد لذاته ، بل لأجل التغيير والنمو في شخصية الفرد والمجتمع كما يقول ( عليه السلام ) : ( لا تجعلوا علمكم جهلاً ويقينكم شكّاً ، إذا علمتم فاعملوا ، وإذا تيقنتم فأقدموا ) . إلاّ أنّ العمل قد يجر الويل على المجتمع ، إذا لم يستند إلى أساس روحي خلقي ، وما نراه اليوم دليلاً على ذلك ، فالذرّة قد تستعمل للبناء وقد تستعمل للفناء والدمار ، والذي ينحى بها هذا المنحى أو ذاك ، هو الإنسان ذاته الذي اكتشفها ، لذلك كانت التربية الروحية الخلقية لابدّ منها في صياغة كيان الفرد وتفكيره وخلقه ، ولقد جمع الإسلام بين التربية الدينية والدنيوية بقوله تعالى : ( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ) . هذه النظرية للتربية التي انفرد بها الإمام علي ( عليه السلام ) هي أكثر شمولاً وعمقاً من تلك التي أوحت بها تعريفات بعض العلماء فبينما نرى أنّ فلاسفة التربية قد قصروا نشاطها على جانب معين من حياة الفرد ( أفلاطون ـ ارسطو ـ جولز سيمون ) . يتوسّع الإمام ( عليه السلام ) في هذا النشاط ليشمل جميع نواحيه الفكرية والاجتماعية والأخلاقية والدينية والدنيوية كما سنرى فيما بعد ، وذلك من أجل إيجاد الإنسان الفاضل القريب من الكمال ، هذا المضمون نفسه هو الذي أكّده كل من ( الغزالي ) و( جون ديون ) ، ممّا يثبت بأنّ هذا الكتاب كان وما يزال في صميم المعرفة التي تحدث عنها الفلاسفة والعلماء في كل عصر وجيل . سمات المنهج التربوي العلوي : ينطلق الإمام ( عليه السلام ) من مسلّمات بديهية على أساسها يضع المنهج في تربية الإنسان وإعداده منها : 1ـ حقيقة الإنسان وطبيعته . سبق في علمنا أنّ حقيقة الإنسان هي الروح والجسد معاً ، ولقد اختلف المتكلّمون في هذا الأمر ، فقال العلاّف : ( إنّ الإنسان هو الشخص الظاهر المرئي الذي له يدان ورجلان ) ، أي هو الجسد فقط دون الروح ، واحتج على ذلك بقوله تعالى : ( خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ) . وقال النظّام : ( الإنسان هو الروح ولكنّها مداخلة للبدن ... وإنّ البدن آفة عليه ، وحبس وضاغط له ) ، أمّا بشر بن المعتمر فقد وافق الإمام ( عليه السلام ) على أنّ ( الإنسان جسد وروح ، وأنّهما جميعاً إنسان ، وأنّ الفعال هو الإنسان الذي هو جسد وروح ) ، وقد دمج النظّام بين الروح والنفس والجسم فقال : ( الروح هي جسم وهي النفس ) ، في حين ميّز بينهما العلاّف وقال ، ( النفس معنى غير الروح ) ، أمّا الأصم فقد اعتبر أنّ ( النفس هي هذا البدن بعينه لا غير ، وإنّما جرى عليها هذا الذكر على جهة البيان والتأكيد لحقيقة الشيء ، لا على أنّها معنى غير البدن ) . منقول hgjvfdm ,hgjugdl td ki[ hgfghym |
2015/09/28, 02:39 PM | #2 |
معلومات إضافية
|
احسنتم
جزاكم الله خيرا |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ماهو نهج البلاغة؟ | عاشقة الحسين ع | سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) | 1 | 2015/09/28 02:40 PM |
مناقب النبي (ص وآله ) بين التعظيم والتعليم // من درر الشيخ حبيب الكاظمي | النبأ العظيم | الرسول الاعظم محمد (ص) | 5 | 2013/09/16 07:53 PM |
فن التلاعب بالاصابع | النبأ العظيم | الصــور العامة | 2 | 2013/08/04 04:10 AM |
من درر نهج البلاغة | عاشق نور الزهراء | المواضيع الإسلامية | 8 | 2013/05/21 02:45 AM |
الديمقراطية في نهج البلاغة -1 | تراب البقيع | سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) | 11 | 2012/08/26 03:22 PM |
| |