Untitled 2
العودة   منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي > منتديات اهل البيت عليهم السلام > سيرة أهـل البيت (عليهم السلام)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012/07/09, 01:50 AM   #1
فدك الزهراء


معلومات إضافية
رقم العضوية : 13
تاريخ التسجيل: 2011/12/24
الدولة: في الدنيا
المشاركات: 2,091
فدك الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : فدك الزهراء is on a distinguished road




عرض البوم صور فدك الزهراء
افتراضي الطاغية هارون يعرف ان الامام الكاظم عليه اسلام امام من الله

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
من كتاب الامام الكاظم عليه السلام سيد بغداد
بقلم سماحة الشيخ علي الكوراني


الفصل التاسع


هارون يعرف أن الكاظم (عليه السلام) إمام من الله تعالى


1- يعرف أنه إمام رباني ويعاديه !


1.نقل المأمون اعتراف أبيه بأن الإمام الكاظم (عليه السلام) إمام من الله تعالى ، وأنه أحق من هارون ومن غيره بمقام رسول الله (ص) ، ولكن الملك عقيم !
فقد قال سفيان بن نزار «كنت يوماً على رأس المأمون فقال: أتدرون من علمني التشيع؟فقال القوم جميعاً: لا والله ما نعلم ! قال:علمنيه الرشيد! قيل له وكيف ذلك والرشيد كان يقتل أهل هذا البيت؟ قال: كان يقتلهم على الملك لأن الملك عقيم ، ولقد حججت معه سنةً فلما صار إلى المدينة تقدم إلى حجابه وقال: لا يدخلن عليَّ من أهل المدينة ومكة من أهل المهاجرين والأنصار وبني هاشم وساير بطون قريش إلا نسب نفسه ! وكان الرجل إذا دخل عليه قال: أنا فلان بن فلان ، ينتهى إلى جده من هاشمي أو قرشي أو مهاجري أو أنصاري ، فيصله من المال بخمسه آلاف دينار وما دونها ، إلى مأتي دينار على قدر شرفه وهجرة آبائه ، فأنا ذات يوم واقف إذ دخل الفضل بن الربيع ، فقال: يا أمير المؤمنين على الباب رجل يزعم أنه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. فأقبل علينا ونحن قيام على رأسه والأمين والمؤتمن وساير القواد فقال: إحفظوا على أنفسكم ، ثم قال لآذنه: إئذن له ولا ينزل إلا على بساطي ! فإنا كذلك إذ دخل شيخ مسخد (مصفر الوجه) قد أنهكته العبادة ، كأنه شن بال ، قد كُلَمَ من السجود وجهه وأنفه ، فلما رأى الرشيد رمى بنفسه عن حمار كان راكبه فصاح الرشيد:لا والله إلا على بساطي ! فمنعه الحجاب من الترجل ، ونظرنا إليه بأجمعنا بالإجلال والإعظام ، فما زال يسير على حماره حتى صار إلى البساط والحجاب والقواد محدقون به ، فنزل فقام إليه الرشيد واستقبله إلى آخر البساط وقبل وجهه وعينيه وأخذ بيده حتى صيره في صدر المجلس وأجلسه معه ، وجعل يحدثه ويقبل بوجهه عليه ويسأله عن أحواله ثم قال له: يا أبا الحسن ما عليك من العيال؟ فقال: يزيدون على الخمس مأة . قال: أولاد كلهم؟ قال: لا أكثرهم موالي وحشم . أما الولد فلي نيف وثلاثون والذكران منهم كذا والنسوان منهم كذا . قال: فلم لا تزوج النسوان من بني عمومتهن وأكفائهن؟ قال: اليد تقصر عن ذلك . قال: فما حال الضيعة ؟قال: تعطى في وقت وتمنع في آخر . قال: فهل عليك دين؟ قال : نعم قال: كم ؟ قال : نحو عشره آلاف دينار .
فقال الرشيد : يا ابن عم أنا أعطيك من المال ما تزوج الذكران والنسوان وتقضي الدين وتعمر الضياع .
فقال له : وصلتك رحم يا ابن عم وشكر الله لك هذه النية الجميلة والرحم ماسة والقرابة واشجة والنسب واحد ، والعباس عم النبي (ص) وصنو أبيه ، وعم علي بن أبي طالب (عليه السلام) وصنو أبيه ، وما أبعدك الله من أن تفعل ، وقد بسط يدك وأكرم عنصرك وأعلى محتدك !
فقال: أفعل ذلك يا أبا الحسن وكرامة . فقال : يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل قد فرض على ولاة عهده أن ينعشوا فقراء الأمة ، ويقضوا عن الغارمين ، ويؤدوا عن المثقل ، ويكسوا العاري ، ويحسنوا إلى العاني ، فأنت أولى من يفعل ذلك فقال: أفعل يا أبا الحسن . ثم قام فقام الرشيد لقيامه وقبل عينيه ووجهه ، ثم أقبل عليَّ وعلى الأمين والمؤتمن فقال: يا عبد الله ويا محمد ويا إبراهيم إمشوا بين يدي عمكم وسيدكم ، خذوا بركابه وسووا عليه ثيابه وشيعوه إلى منزله ، فأقبل عليَّ أبو الحسن موسى بن جعفر سراً بيني وبينه ، فبشرني بالخلافة فقال لي: إذا ملكت هذا الأمر فأحسن إلى وُلدي، ثم انصرفنا .
وكنت أجرأ ولد أبي عليه ، فلما خلا المجلس قلت: يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي قد أعظمته وأجللته ، وقمت من مجلسك إليه فاستقبلته ، وأقعدته في صدر المجلس وجلست دونه ، ثم أمرتنا بأخذ الركاب له ؟!
قال: هذا إمام الناس وحجة الله على خلقه وخليفته على عباده !
فقلت: يا أمير المؤمنين أوليست هذه الصفات كلها لك وفيك ؟
فقال : أنا إمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر ، وموسى بن جعفر إمام حق! والله يا بني إنه لأحق بمقام رسول الله (ص) مني ومن الخلق جميعاً . ووالله لو نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك ، فإن الملك عقيم !
فلما أراد الرحيل من المدينة إلى مكة ، أمر بصرة سوداء فيها مائتا دينار ، ثم أقبل على الفضل بن الربيع فقال له: إذهب بهذه إلى موسى بن جعفر وقل له: يقول لك أمير المؤمنين: نحن في ضيقه وسيأتيك برنا بعد الوقت .
فقمت في صدره فقلت: يا أمير المؤمنين تعطي أبناء المهاجرين والأنصار وساير قريش وبني هاشم ومن لا تعرف حسبه ونسبه خمسه آلاف دينار إلى ما دونها ، وتعطى موسى بن جعفر وقد أعظمته وأجللته مأتي دينار ، أخس عطيةٍ أعطيتها أحداً من الناس ! فقال: أسكت لا أم لك فإني لو أعطيت هذا ما ضمنته له ما كنت أمنته أن يضرب وجهي غداً بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه . وفقر هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم وأعينهم !
وفي رواية أن هارون قال: يا بني هذا وارث علم النبيين ، هذا موسى بن جعفر بن محمد ! إن أردت العلم الصحيح فعند هذا . قال المأمون: فحينئذ انغرس في قلبي محبتهم ».(عيون أخبار الرضا (عليه السلام) :1/84 ، والإحتجاج:2/165).

وفي رواية الطبري:4/650، أن الرشيد أعطى في تلك السفرة أهل مكة والمدينة ثلاثة أعطية :« فبلغ ذلك ألف ألف دينار وخمسين ألف دينار » !

أقول:العجب من هارون يشهد على نفسه بأنه ظالم غاصب لمقام رسول الله (ص) وأعجب منه كلام المأمون الذي يزعم أن الإعتراف والتشيع النظري للنبي وعترته المعصومين (ص) يكفي للنجاة من النار ، وإن خالف ذلك في قوله وفعله ، وغصب منصب الإمامة وقتل الإمام الرباني !

2- حبس هارون للإمام الكاظم (عليه السلام) - المرة الأولى


كان هارون يعرف أن الإمام الكاظم (عليه السلام) إمام من الله تعالى، بل كان كل ملوك بني أمية والعباس يعرفون جيداً أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الذين عاصروهم . فهم حقاً كما قال الله تعالى: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا !
ومع علم هارون بمقام الإمام (عليه السلام) أحضره الى بغداد واحترمه في الظاهر ، وجلس معه عدة مجالس، وحاول قتله مراراً فلم يتيسر له ذلك ، فأطلقه !
كان ذلك في أول خلافة هارون سنة170، ففي تلك السنة ولد الأمين فوضعه في حجر جعفر بن الأشعث الشيعي (الطبري:6/444)، وحسده يحيى بن خالد البرمكي ، وأخذ يعمل ضد ابن الأشعث وضد الإمام الكاظم (عليه السلام)

قال المسعودي في إثبات الوصية/193: «بويع لهارون الرشيد في شهر ربيع الأول في تلك السنة سنة سبعين ومائة في اثنتين وعشرين سنة من إمامة أبي الحسن ، فوجه في حمل أبي الحسن (عليه السلام) ، فلما وافاه الرسل دعا أبا الحسن الرضا (عليه السلام) وهو أكبر ولده فأوصى إليه بحضرة جماعة من خواصه ، وأمره بما احتاج إليه ، ونحله كنيته وتكنى بأبي إبراهيم ، ودفع إلى أم أحمد مالاً وكتباً وقال لها سراً: من أتاك فطلب منك ما دفعته إليك وأعطاك صفته فادفعيه إليه ، ودفع إليها رقعة مختومة وأمرها بأن تسلمها معها قبلها إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) إذا طلبها، وأمر أبا الحسن أن يبيت في كل ليلة في دهليز داره أو على بابه أبداً ما دام حياً يعني نفسه».

وفي مروج الذهب:2/2،وط.مصر:2/356:« ذكر عبد الله بن مالك الخزاعي وكان على دار الرشيد وشرطته، قال: أتاني رسول الرشيد في وقت ما جاءني فيه قط فانتزعني من موضعي ومنعني من تغيير ثيابي ، فراعني ذلك منه ! فلما صرت إلى الدار سبقني الخادم فعرَّفَ الرشيد خبري فأذن لي في الدخول عليه ، فدخلت فوجدته قاعداً على فراشه فسلمت ، فسكت ساعة فطار عقلي وتضاعَفَ الجزع عليَّ ، ثم قال لي: يا عبد الله أتدري لم طلبتك في هذا الوقت؟
قلت: لا والله يا أمير المؤمنين ! قال: إني رأيت الساعة في منامي كأن حَبَشِيّاً قد أتاني ومعه حربة فقال لي: إن تُخَلِّ عن موسى بن جعفر الساعة ، وإلا نحرتك بهذه الحربة! فاذهبْ فخلّ عنه!
فقلت : يا أمير المؤمنين أطلقُ موسى بن جعفر؟! ثلاثاً، قال: نعم ، إمض الساعة حتى تطلق موسى بن جعفر ، وأعطه ثلاثين ألف درهم ، وقل له: إن أحببت المقام قِبَلَنَا فلك عندي ما تحب ، وإن أحببت المضيَّ إلى المدينة ، فالإذن في ذلك إليك ! قال: فمضيت إلى الحبس لأخرجه ، فلما رأني موسى وثب إلي قائماً وظن إني قد أمرت فيه بمكروه ! فقلت: لا تخف ، وقد أمرني أمير المؤمنين بإطلاقك ، وأن أدفع إليك ثلاثين ألف درهم وهو يقول لك : إن أحببت المقام قبلنا فلك ما تحب ، وإن أحببت الإنصراف إلى المدينة فالأمر في ذلك مُطْلَقٌ إليك وأعطيته الثلاثين ألف درهم وخليت سبيله وقلت له:لقد رأيت من أمرك عجباً ! قال: فإني أخبرك: بينما أنا نائم إذ أتاني النبي (ص) فقال: يا موسى حُبست مظلوماً فقل هذه الكلمات ، فإنك لا تبيت هذه الليلة في الحبس! فقلت: بأبي وأمي ما أقول؟ فقال: قل يا سامع كل صوت ، ويا سابق الفوْت ، ويا كاسي العظام لحماً ومنشرها بعد الموت أسألك بأسمائك الحسنى ، وبإسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون ، الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين، ياحليماً ذا أناة لا يُقْوي على أناته ياذا المعروف الذي لا ينقطع أبداً ، ولا يُحْصَى عمداً ، فرِّجْ عني . فكان ما ترى »!

أقول: وروى نحوه في وفيات الأعيان:5/308 ، وتأتي روايته من مصادرنا ، وهو يدل على أمور عديدة:
منها: عنف هارون وقسوته حتى أن كبار وزرائه وموظفيه يتوقع أحدهم أن يُحضره نصف الليل ويقتله ، دون أن يعرف السبب !
ومنها، يدل تعجب رئيس الشرطة وسؤاله لهارون ثلاثاً عن أمره بإطلاق الإمام (عليه السلام) ، على أن هارون كان أحضره ليقتله !
ومنها ، أن ذلك كان في حياة والدته خيزران لأنها ماتت سنة173، وأنها لم تتدخل لإطلاق الإمام (عليه السلام) ، وقد تكون وافقت على رأي يحيى البرمكي بضرورة قتل الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) .
كما تدل على أن الأمر بإطلاقه (عليه السلام) كان في الليالي الأولى لسجنه (عليه السلام) في تلك المرة وربما في الليلة الأولى، ففي مناقب آل أبي طالب:3/422: « لما حبس هارون الكاظم (عليه السلام) جَنَّ عليه الليل فجدد موسى طهوره ، فاستقبل بوجهه القبلة وصلى أربع ركعات ثم دعا فقال: يا سيدي نجني من حبس هارون وخلصني من يده ، يا مخلص الشجر من بين رمل وطين ، ويا مخلص النار من بين الحديد والحجر ، ويا مخلص اللبن من بين فرث ودم ، ويا مخلص الولد من بين مشيمة ورحم ، ويا مخلص الروح من بيت الأحشاء والأمعاء ، خلصني من يد هارون الرشيد !قال : فرأى هارون رجلاً أسود بيده سيف قد سله...الخ.»
وفي عيون أخبار الرضا (عليه السلام) :2/87:«لما حبس الرشيد موسى بن جعفر (عليه السلام) جَنَّ عليه الليل ، فخاف ناحية هارون أن يقتله ، فجدد موسى بن جعفر طهوره فاستقبل بوجهه القبلة وصلى لله عز وجل أربع ركعات ، ثم دعا بهذه الدعوات فقال: يا سيدي نجني من حبس هارون وخلصني من يده . يا مخلص الشجر من بين رمل وطين ، ويا مخلص اللبن من بين فرث ودم ، ويا مخلص الولد من بين مشيمة ورحم ، ويا مخلص النار من الحديد والحجر ، ويا مخلص الروح من بين الأحشاء والأمعاء ، خلصني من يد هارون . قال: فلما دعا موسى (عليه السلام) بهذه الدعوات أتى هارون رجل أسود في منامه ، وبيده سيف قد سله فوقف على رأس هارون وهو يقول: يا هارون أطلق موسى بن جعفر وإلا ضربت علاوتك بسيفي هذا ! فخاف هارون من هيبته ، ثم دعا الحاجب فجاء الحاجب فقال له: إذهب إلى السجن فأطلق عن موسى بن جعفر! قال: فخرج الحاجب فقرع باب السجن فأجابه صاحب السجن فقال:من ذا ؟ قال: إن الخليفة يدعو موسى بن جعفر فأخرجه من سجنك وأطلق عنه ، فصاح السجان: يا موسى إن الخليفة يدعوك فقام موسى (عليه السلام) مذعوراً فزعاً وهو يقول: لا يدعوني في جوف هذا الليل إلا لشر يريده بي ، فقام باكياً حزيناً مغموماً آيسا من حياته ، فجاء هارون وهو ترتعد فرائصه ، فقال: سلام على هارون فرد عليه السلام ثم قال له هارون: ناشدتك بالله هل دعوت في جوف هذا الليل بدعوات؟ فقال: نعم . قال: وما هن؟ قال: جددت طهوراً وصليت لله عز وجل أربع ركعات ورفعت طرفي إلى السماء وقلت: يا سيدي خلصني من يد هارون وشره ، وذكر له ما كان من دعائه فقال هارون: قد استجاب الله دعوتك ! يا حاجب أطلق عن هذا ، ثم دعا بخلع عليه ثلاثاً وحمله على فرسه وأكرمه وصيره نديماً لنفسه ، ثم قال: هات الكلمات فعلمه قال: فأطلق عنه وسلمه إلى الحاجب ليسلمه الدار ويكون معه فصار موسى بن جعفر (عليه السلام) كريماً شريفاً عند هارون ، وكان يدخل عليه في كل خميس ، إلى أن حبسه الثانية فلم يطلق عنه حتى سلمه إلى السندي شاهك وقتله بالسم ».
وروى الصدوق في عيون أخبار الرضا (عليه السلام) :2/73،والمفيد في الإختصاص/59رواية مشابهة عن وزير الرشيد الفضل بن الربيع ، وأنه طلب من الإمام (عليه السلام) أن يعلمه الصلاة والدعاء اللذين علمه إياهما النبي (ص) في منامه .

3- خلط الرواة بين أخبار حبسه (عليه السلام) في المرة الأولى والثانية

ينبغي التنبيه على أن بعض الرواة خلطوا بين أحاديث سجن الإمام (عليه السلام) في المرتين ، وقد تخللهما فرض الإقامة الجبرية عليه في بغداد .

وعلامة المرة الأولى: أنها كانت في أول خلافة هارون كما نص المسعودي ، ولم يكن الفضل بن الربيع يومها وزيراً ، بل في المرة الأخيرة .

وعلامتها: أن هاروناً ناظر الإمام (عليه السلام) فيها في وصف أبناء علي وفاطمة (عليهما السلام) بأنهم أبناء النبي (ص) وذريته ، فاستدل الإمام (عليه السلام) بآيات القرآن واقتنع هارون .
وبعد تسع سنين جاء هارون فسلم على النبي (ص) ، ثم سلم عليه الإمام (عليه السلام) وقال: السلام عليك يا أبت ، فقال هارون: أشهد أنه أبوه حقاً ، وهو يدل على أن مناظرة الإمام (عليه السلام) معه في الموضوع كانت قبل ذلك .
وعلامتها: أن الإمام الكاظم (عليه السلام) دعا لما جن عليه الليل بالخلاص من سجن هارون ، فرأى هارون مناماً مرعباًوأطلقه ، ولم يرد ذلك في حبسه في المرة الثانية .

وعلامتها: أنها لم يرد فيها إسم الفضل بن الربيع ، وأمر هارون للإمام بثلاثين ألف درهم ، ووافق على طلبه أن يرجع الى المدينة ولم يرد ذلك في المرة الثانية .

وعلامتها:أن مدة فرض الإقامة الجبرية عليه ومدة سجنه كانت أقل من الثانية، فقد قال هارون في آخر مناقشته للإمام (عليه السلام) كما سيأتي: « أحسنت يا موسى إرفع إلينا حوائجك! فقلت له: إن أول حاجة لي أن تأذن لابن عمك أن يرجع إلى حرم جده وإلى عياله! فقال : ننظر إن شاء الله ».
ومعنى«ننظر» أنه لم يأذن له وفرض عليه الإقامة الجبرية في بغداد ، وفرض عليه وأن يحضر مجلسه كل خميس ، فمكث (عليه السلام) مدة على ذلك ، ثم سجنه بقصد قتله ، فدعا الله تعالى فرأى هارون المنام المرعب وأطلقه .
وعلامة الثانية: أنه مدتها كانت نحو أربع سنوات ، منها نحو سنة في البصرة وثلاث سنوات في بغداد ، وكان الإمام (عليه السلام) في أكثرها في الإقامة الجبرية ، وكان ملزماً بالحضور في مجلس هارون كل يوم خميس أيضاً !

قال في الإرشاد:2/240، يصف هذه المرة:« فوجه الرشيد من تسلمه من عيسى بن جعفر ، وصير به إلى بغداد ، فسلم إلى الفضل بن الربيع ، فبقي عنده مدة طويلة فأراده الرشيد على شئ من أمره فأبى ، فكتب إليه بتسليمه إلى الفضل بن يحيى فتسلمه منه... فوسع عليه الفضل بن يحيى وأكرمه ، فاتصل ذلك بالرشيد وهو بالرقة ، فكتب إليه ينكر عليه توسعته على موسى ويأمره بقتله، فتوقف عن ذلك ولم يقدم عليه ، فاغتاظ الرشيد لذلك ودعا مسروراً الخادم فقال له: أخرج على البريد في هذا الوقت إلى بغداد .الخ.».
فقد كان في المرتين إقامة جبرية وسجن ، وكانت الثانية أطول ، وفي المرة الأولى أطلق سراحه (عليه السلام) وسمح له بالعودة الى المدينة ، وفي الثانية سجنه في آخرها وقتله وكان الفاصل بين المرتين تسع سنوات ، ومدة الثانية أربع سنوات .

وقد روي عن الإمام (عليه السلام) مجموعة أحاديث ومناظرات مع هارون ، والقاضي أبي يوسف ، والبرمكيين ، وأحاديث مع هشام بن الحكم ، وغيرهم ، وكانت في الفترتين اللتين أجبر فيهما الإمام (عليه السلام) على الإقامة في بغداد ، لكن يصعب التمييز بين ما كان منها في المرة الأولى والثانية ، خاصة وأن الرواة خلطوا بين أخبارهما.

وقد تعنت ابن تيمية فأنكر أن يكون الإمام (عليه السلام) مرَّ من أمام بيت بشر الحافي وتاب على يده ، بحجة أنه (عليه السلام) كان في بغداد محبوساً ! وهذا دأب ابن تيمية في مسارعته لإنكار أي فضيلة لأهل البيت (عليهم السلام) . (راجع: شرح منهاج الكرامة:1/176).

4- الإمام الكاظم (عليه السلام) يصارح هارون !


نقلت الرواية التالية (عيون أخبار الرضا (عليه السلام) :2/79، والإحتجاج :2/161)مناظرة هارون للإمام الكاظم (عليه السلام) عندما أحضره الى بغداد قبل أن يسجنه ، وقد تضمنت مصارحة الإمام (عليه السلام) له وقرعه إياه بأقوى الحجج !
قال (عليه السلام) : «لما أدخلتُ على هارون سلمت عليه فرد عليَّ السلام ثم قال: يا موسى بن جعفر خليفتان يجئ إليهما الخراج؟!
فقلت: يا أمير المؤمنين أعيذك بالله أن تبوء بإثمي وإثمك ، فتقبل الباطل من أعدائنا علينا، فقد علمت بأنه قد كذب علينا منذ قبض رسول الله (ص) وعلم ذلك عندك! فإن رأيت بقرابتك من رسول الله (ص) أن تأذن لي أحدثك بحديث أخبرني به أبي عن آبائه عن جدي رسول الله (ص) ؟فقال: قد أذنت لك ، فقلت: أخبرني أي عن آبائه عن جدي رسول الله (ص) أنه قال: إن الرحم إذا مست تحركت واضطربت ، فناولني يدك جعلني الله فداك !
قال: أدن مني، فدنوت منه فأخذ بيدي ثم جذبني إلى نفسه وعانقني طويلاً ، ثم تركني ، وقال: أجلس يا موسى! فليس عليك بأس ، فنظرت إليه فإذا به قد دمعت عيناه فرجعت إلى نفسي ، فقال: صدقت وصدق جدك (ص) ، لقد تحرك دمي واضطربت عروقي حتى غلبت عليَّ الرقة وفاضت عيناي ، وأنا أريد أن أسألك عن أشياء تتلجلج في صدري منذ حين ، لم أسأل عنها أحداً ، فإن أنت أجبتني عنها خليت عنك ولم أقبل قول أحد فيك، وقد بلغني أنك لم تكذب قط ، فأصدقني فيما أسألك ما في قلبي!
فقلت: ما كان علمه عندي فإني مخبرك به إن أنت أمنتني! قال: لك الأمان إن صدقتني وتركت التقية التي تعرفون بها معاشر بني فاطمة !
قلت ليسأل أمير المؤمنين عما يشاء. قال: أخبرني لم فضلتم علينا ونحن وأنتم من شجرة واحدة ، وبنو عبد المطلب ونحن وأنتم واحد ، إنا بنو عباس وأنتم ولد أبي طالب ، وهما عما رسول الله (ص) وقرابتهما منه سواء ؟
فقلت: نحن أقرب. قال: وكيف ذاك ؟ قلت: لأن عبد الله وأبا طالب لأب وأم وأبوكم العباس ليس هو من أم عبد الله ، ولا من أم أبي طالب .
قال: فلم ادعيتم أنكم ورثتم النبي (ص) والعم يحجب ابن العم وقبض رسول الله (ص) وقد توفي أبو طالب قبله ، والعباس عمه حي؟!
فقلت له: إن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني عن هذه المسألة ، ويسألني عن كل باب سواه يريده ! فقال: لا ، أو تجيب ! فقلت: فآمني. قال: آمنتك قبل الكلام. فقلت: إن في قول علي بن أبي طالب (عليه السلام) : أنه ليس مع ولد الصلب ذكراً كان أو أنثى لأحد سهم إلا الأبوين والزوج والزوجة ، ولم يثبت للعم مع ولد الصلب ميراث ، ولم ينطق به الكتاب العزيز والسنة ، إلا أن تيماً وعدياً وبني أمية قالوا: العم والد ، رأياً منهم بلا حقيقة ، ولا أثر عن رسول الله (ص) !
ومن قال بقول علي (عليه السلام) من العلماء قضاياهم خلاف قضايا هؤلاء ، هذا نوح بن دراج يقول في هذه المسألة بقول علي (عليه السلام) وقد حكم به ، وقد ولاه أمير المؤمنين المصرين الكوفة والبصرة وقضى به ! فأْمُرْ بإحضاره وإحضار من يقول بخلاف قوله منهم: سفيان الثوري ، وإبراهيم المازني ، والفضيل بن عياض !
فأحضرهم فشهدوا أنه قول علي (عليه السلام) في هذه المسألة، فقال لهم فيما بلغني بعض العلماء من أهل الحجاز:لم لاتفتون وقد قضى نوح بن دراج؟فقالوا: جَسُرَ وجَبُنَّا!
وقد أمضى أمير المؤمنين قضيته بقول قدماء العامة عن النبي (ص) أنه قال : أقضاكم علي. وكذلك عمر بن الخطاب قال: علي أقضانا، وهو إسم جامع لأن جميع ما مدح به النبي (ص) أصحابه من القرابة والفرائض والعلم داخل في القضاء ! قال: زدني يا موسى ! قلت: المجالس بالأمانات وخاصة مجلسك ؟
فقال: لا بأس به .فقلت: إن النبي لم يورث من لم يهاجر ولا أثبت له ولاية حتى يهاجر! فقال: ما حجتك فيه؟ قلت: قول الله تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَئٍْ حَتَّى يُهَاجِرُوا ، وإن عمي العباس لم يهاجر !
فقال لي: إني أسألك يا موسى هل أفتيت بذلك أحداً من أعدائنا ، أو أخبرت أحداً من الفقهاء في هذه المسألة بشئ؟ فقلت: اللهم لا، وما سألني عنها إلا أمير المؤمنين !
ثم قال لي: جوَّزتم للعامة والخاصة أن ينسبوكم إلى رسول الله ويقولوا لكم: يا بني رسول الله ، وأنتم بنو علي ، وإنما ينسب المرء إلى أبيه وفاطمة إنما هي وعاء والنبي جدكم من قبل أمكم ؟!
فقلت : يا أمير المؤمنين لو أن النبي نشر فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه؟ قال:سبحان الله ولم لا أجبه بل أفتخر على العرب والعجم وقريش بذلك؟فقلت له : لكنه لا يخطب إلي ولا أزوجه ! فقال: ولم ؟ فقلت: لأنه ولدني ولم يلدك !
فقال: أحسنت يا موسى! ثم قال: كيف قلتم إنا ذرية النبي والنبي لم يعقب ، وإنما العقب الذكر لا الأنثى ، وأنتم ولد الإبنة ولا يكون ولدها عقباً له !
فقلت: أسألك بحق القرابة والقبر ومن فيه ، إلا أعفيتني عن هذه المسألة !
فقال: لا أو تخبرني بحجتكم فيه يا ولد علي ! وأنت يا موسى يعسوبهم وإمام زمانهم ، كذا أنهي إلي ، ولست أعفيك في كل ما أسألك عنه ، حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب الله ، وأنتم تدعون معشر ولد علي أنه لا يسقط عنكم منه شئ ألف ولا واو إلا تأويله عندكم ، واحتججتم بقوله عز وجل: مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَئٍْ ، واستغنيتم عن رأي العلماء وقياسهم !
فقلت: تأذن لي في الجواب ؟ قال: هات، فقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم : وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ . وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ .
مَن أبو عيسى يا أمير المؤمنين؟فقال:ليس لعيسى أب.فقلت: إنما ألحقناه بذراري الأنبياء (عليهم السلام) من طريق مريم (عليها السلام) ، وكذلك ألحقنا بذراري النبي (ص) من قبل أمنا فاطمة !
أزيدك يا أمير المؤمنين ؟ قال: هات . قلت: قول الله عز وجل: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ . ولم يدَّع أحد أنه أدخله النبي (ص) تحت الكساء عند مباهلة النصارى إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام) وفاطمة والحسن والحسين.أبناؤنا الحسن والحسين ، ونسائنا فاطمة ، وأنفسنا علي بن أبي طالب. على أن العلماء قد أجمعوا على أن جبرئيل قال يوم أحد: يا محمد إن هذه لهي المواساة من علي قال: لأنه مني وأنا منه ، فقال جبرئيل: وأنا منكما يا رسول الله ، ثم قال: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي ، فكان كما مدح الله عز وجل به خليله (عليه السلام) إذ يقول:قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ.إنا نفتخر بقول جبرئيل إنه منا .
فقال: أحسنت يا موسى إرفع إلينا حوائجك! فقلت له: إن أول حاجة لي أن تأذن لابن عمك أن يرجع إلى حرم جده وإلى عياله! فقال : ننظر إن شاء الله ».
فهذه المناقشة كانت في حبس الإمام أول مرة أوائل خلافة هارون ، لأن هارون حج بعد تسع سنوات ، وقال كما تقدم: أشهد أنه أبوه حقاً !
وفي تفسير العياشي:2/29، أن هارون سأله :« حين أدخل عليه ما هذه الدار ؟ قال:هذه دار الفاسقين! قال وقرأ: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ! فقال له هارون: فدار من هي؟ قال: هي لشيعتنا قرة ولغيرهم فتنة ! قال: فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟ قال: أخذت منه عامرة ، ولا يأخذها إلا معمورة. فقال : أين شيعتك ؟ فقرأ أبو الحسن: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ .قال له: فنحن كفار ؟ قال: لا ولكن كما قال الله: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ! فغضب عند ذلك وغلظ عليه » ! والاختصاص/262 .

5- الإمام الكاظم (عليه السلام) ينسف أساس نظام العباسيين !


روى الخطيب في تاريخ بغداد:13/32: « حج هارون هارون ، فأتى قبر النبي(ص) زائراً له ، وحوله قريش وأفياء القبائل ، ومعه موسى بن جعفر ، فلما انتهى إلى القبر قال: السلام عليك يا رسول الله ، يا ابن عمي ، افتخاراً على من حوله ! فدنا موسى بن جعفر فقال : السلام عليك يا أبت ! فتغير وجه هارون وقال: هذا الفخر يا أبا الحسن حقاً » وتهذيب الكمال:29 /49 ،وابن خلكان في وفيات الأعيان:5/308 ، وابن الأثير في الكامل: 6/163،والذهبي في سير أعلام النبلاء: 6/273.
وعلق عليه الذهبي في تاريخه:12/417:«ولعل هارون ما حبسه إلا لقولته تلك: السلام عليك يا أبَهْ ! فإن الخلفاء لا يحتملون مثل هذا» !
وقال ابن كثير في النهاية:10 /197:« فقال هارون: هذا هو الفخر يا أبا الحسن! ثم لم يزل ذلك في نفسه حتى استدعاه في سنة تسع وسبعين وسجنه فأطال سجنه، فكتب إليه موسى رسالة يقول فيها: أما بعد يا أمير المؤمنين إنه لم ينقض عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك يوم من الرخاء، حتى يفضي بنا ذلك إلى يوم يخسر فيه المبطلون ».
ورواه من مصادرنا الكافي:4/553:«عن علي بن حسان ، عن بعض أصحابنا قال: حضرت أبا الحسن الأول (عليه السلام) وهارون الخليفة وعيسى بن جعفر وجعفر بن يحيى بالمدينة ، قد جاؤوا إلى قبر النبي (ص) فقال: هارون لأبي الحسن (عليه السلام) : تقدم فأبي فتقدم هارون فسلم وقام ناحية ، وقال عيسى بن جعفر لأبي الحسن: تقدم فأبى ، فتقدم عيسى فسلم ووقف مع هارون، فقال: جعفر لأبي الحسن: تقدم فأبى، فتقدم جعفر فسلم ووقف مع هارون . وتقدم أبو الحسن (عليه السلام) فقال: السلام عليك يا أبه ، أسأل الله الذي اصطفاك واجتباك وهداك وهدى بك ، أن يصلي عليك .فقال هارون لعيسى: سمعت ما قال ؟ قال: نعم ، فقال هارون: أشهد أنه أبوه حقاً ».وكامل الزيارات/55 ، وتهذيب الأحكام:6/6.
أقول: نلاحظ أن الإمام الكاظم (عليه السلام) احترم عيسى بن جعفر وكان والي البصرة كما احترم جعفر بن يحيى البرمكي رئيس وزراء هارون ، وقدمهما على نفسه ليسلما على النبي (ص) قبله .ثم تقدم وقال: السلام عليك يا أبهْ ، يقول بذلك للعباسيين أنتم تدعون الحق بالخلافة لأنكم أبناء عم النبي (ص) بينما نحن أبناؤه !
أما قول هارون: « أشهد أنه أبوه حقاً » ! فلأنه كان ناقش الإمام (عليه السلام) عندما حبسه في أول خلافته وأثبت له أن أبناء فاطمة (عليها السلام) أبناء النبي (ص) بنص القرآن !

6- حبس هارون للإمام الكاظم (عليه السلام) - المرة الثانية


اتفقت المصادر على أن هارون حج في سنة179، واعتقل الإمام الكاظم (عليه السلام) ، وتقدم قول الذهبي وابن كثير أن سبب ذلك قول الإمام (عليه السلام) أمام هارون: السلام عليك يارسول الله ، السلام عليك يا أبت !

ولكن السبب الحقيقي برأيي هو تأثير الإمام (عليه السلام) العميق والواسع على جمهور المسلمين وشخصيات الدولة ، ومنهم وزراء هارون وخاصته ، فكان هارون يرى فيه خطراً كبيراً من جهة ، وكان يعرف أنه ليس من مذهبه ولا مذهب أبيه الصادق (عليهما السلام) الخروج عليه والعمل لتسلم الخلافة ، لكنه يحتمل أن يغير رأيه !
وقد حرص الإمام (عليه السلام) في حبسه الأول ولقاءاته في بغداد على طمأنة هارون وبلاطه بأنه لا يعمل للثورة وإسقاط النظام العباسي !

بل كان ذلك معروفاً عن الإمام الكاظم وأبيه الصادق (عليهما السلام) من زمن المنصور، ففي مهج الدعوات/217: «لما قتل الحسين بن علي صاحب فخ ، وهو الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن وتفرق الناس عنه ، حمل رأسه والأسرى من أصحابه إلى موسى بن المهدي...ثم أمر برجل من الأسرى فوبخه ثم قتله...وجعل ينال منهم إلى أن ذكر موسى بن جعفر (عليه السلام) فنال منه ثم قال: والله ما خرج حسين إلا عن أمره ولا اتبع إلا محبته ، لأنه صاحب الوصية في أهل هذا البيت، قتلني الله إن أبقيت عليه ! فقال له أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي وكان جريئاً عليه: يا أمير المؤمنين أقول أم أسكت؟ فقال: قتلني الله إن عفوت عن موسى بن جعفر ، ولولا ماسمعت من المهدي فيما أخبر به المنصور ما كان به جعفر من الفضل المبرز عن أهله في دينه وعمله وفضله ، وما بلغني من السفاح فيه من تعريضه وتفضيله ، لنبشت قبره وأحرقته بالنار إحراقاً !
فقال أبو يوسف: نساؤه طوالق ، وعتق جميع ما يملك من الرقيق ، وتصدق بجميع ما يملك من المال وحبس دوابه ، وعليه المشي إلى بيت الله الحرام ، إن كان مذهب موسى بن جعفر الخروج ، ولا يذهب إليه ولا مذهب أحد من ولده ولا ينبغي أن يكون هذا منهم »!

لكن مع ذلك ، قرر هارون حبس الإمام الكاظم (عليه السلام) وحاول قتله ، لأنه كان يعيش عقدة من تأثيره العجيب على شخصيات المجتمع ، وخاصة كبار وزرائه !

قال الكليني (قدس سره) في الكافي:1/476: « وكان هارون حمله من المدينة لعشر ليال بقين من شوال سنة تسع وسبعين ومائة ، وقد قدم هارون المدينة منصرفه من عمرة شهر رمضان، ثم شخص هارون إلى الحج وحمله معه ، ثم انصرف على طريق البصرة فحبسه عند عيسى بن جعفر ثم أشخصه إلى بغداد ، فحبسه عند السندي بن شاهك فتوفي (عليه السلام) في حبسه ودفن ببغداد في مقبرة قريش».والإحتجاج:2/165.

وفي غيبة الطوسي/23:«وحج الرشيد في تلك السنة فبدأ بقبر النبي (ص) فقال: يا رسول الله إني أعتذر إليك من شئ أريد أن أفعله، أريد أن أحبس موسى بن جعفر ، فإنه يريد التشتيت بأمتك وسفك دمائها، ثم أمر به فأخذ من المسجد فأدخل إليه فقيده » !
وفي عيون أخبار الرضا (عليه السلام) :2/82: « عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي قال: سمعت أبي يقول: لما قبض الرشيد على موسى جعفر (عليه السلام) قبض عليه وهو عند رأس النبي (ص) قائماً يصلي فقطع عليه صلاته ، وحُمل وهو يبكي ويقول: أشكو إليك يا رسول الله ما ألقى ! وأقبل الناس من كل جانب يبكون ويصيحون ، فلما حمل إلى يدي الرشيد شتمه وجفاه ، فلما جن عليه الليل أمر ببيتين فهُيِّآ له ، فحُمل موسى بن جعفر (عليه السلام) إلى أحدهما في خفاء ودفعه إلى حسان السروي ، وأمره بأن يصير به في قبة إلى البصرة فيسلم إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر وهو أميرها، ووجه قبة أخرى علانيةً نهاراً إلى الكوفة معها جماعة ليُعَمِّي على الناس أمر موسى بن جعفر (عليه السلام) . فقدم حسان البصرة قبل التروية بيوم فدفعه إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر نهاراً علانية حتى عرف ذلك وشاع خبره ، فحبسه عيسى بيت من بيوت المجلس الذي كان يجلس فيه وأقفل عليه ، وشغله العيد عنه فكان لا يفتح عنه الباب إلا حالتين حالة يخرج فيها إلى الطهور وحالة يدخل فيها الطعام . قال أبي: فقال لي الفيض بن أبي صالح وكان نصرانياً ثم أظهر الإسلام وكان زنديقاً ، وكان يكتب لعيسى بن جعفر وكان بي خاصاً ، فقال: يا أبا عبد الله لقد سمع هذا الرجل الصالح في أيامه هذه في هذه الدار التي هو فيها ، من ضروب الفواحش والمناكير ما أعلم ولا أشك أنه لم يخطر بباله !
قال أبي: وسعى بي في تلك الأيام إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر علي بن يعقوب بن عون بن العباس بن ربيعة ، في رقعه دفعها إليه أحمد بن أسيد حاجب عيسى قال: وكان علي بن يعقوب من مشايخ بني هاشم وكان أكبرهم سناً ، وكان مع كبر سنه يشرب الشراب ويدعو أحمد بن أسيد إلى منزله ، فيحتفل له ويأتيه بالمغنين والمغنيات ، يطمع في أن يذكره لعيسى ، فكان في رقعته التي رفعها إليه: إنك تقدم علينا محمد بن سليمان في إذنك وإكرامك وتخصه بالمسك وفينا من هو أسن منه ، وهو يدين بطاعة موسى بن جعفر المحبوس عندك !
قال أبي: فإني لقائل يوم قايظ إذ حُركت حلقه الباب عليَّ فقلت: ما هذا؟ قال لي الغلام: قعنب بن يحيى على الباب يقول: لا بد من لقائك الساعة ! فقلت: ما جاء إلا لأمر إئذنوا له فدخل فخبرني عن الفيض بن أبي صالح بهذه القصة والرقعة، قال: وقد كان قال لي الفيض بعد ما أخبرني: لا تخبر أبا عبد الله فتحزنه ، فإن الرافع عند الأمير لم يجد فيه مساغاً وقد قلت للأمير: أفي نفسك من هذا شئ حتى أخبر أبا عبد الله فيأتيك ويحلف على كذبه؟ فقال: لا تخبره فتغمه فإن ابن عمه إنما حمله على هذا الحسد له! فقلت له: يا أيها الأمير أنت تعلم أنك تخلو بأحد خلواتك به فهل حملك على أحد قط ؟ قال: معاذ الله! قلت: فلو كان له مذهب يخالف فيه الناس لأحب أن يحملك عليه . قال: أجل ومعرفتي به أكثر .
قال أبي: فدعوت بدابتي وركبت إلى الفيض ساعتي فصرت إليه ومعي قعنب في الظهيرة ، فاستأذنت فأرسل إليَّ وقال: جعلت فداك قد جلست مجلساً أرفع قدرك عنه، وإذا هو جالس على شرابه فأرسلت إليه: والله لا بد من لقائك فخرج إليَّ في قميص رقيق وإزار مورَّد فأخبرته بما بلغني، فقال لقعنب: لاجزيت خيراً ألم أتقدم إليك لا تخبر أبا عبد الله فتغمه؟ ثم قال لي: لا بأس فليس في قلب الأمير من ذلك شئ . قال: فما مضت ذلك إلا أيام يسيره حتى حمل موسى بن جعفر سراً إلى بغداد وحبس ثم أطلق ، ثم حبس ثم سلم إلى السندي بن شاهك فحبسه وضيق عليه ، ثم بعث الرشيد بسم في رطب وأمره أن يقدمه إليه ، ويحتم عليه في تناوله منه ، ففعل فمات صلوات الله عليه »!
أقول: تدل هذه الرواية على خوف هارون من ردة فعل الشيعة ، واحتمال أن يحاولوا تخليص الإمام (عليه السلام) من يده، ولذلك موَّه مكانه وأخفى مقصد إرساله .
كما تدل الرواية على فساد الجهاز الإداري العباسي ، ومنه بلاط حاكم البصرة، وهو حفيد المنصور الدوانيقي .
كما تدل على أن بقاء الإمام (عليه السلام) في سجن البصرة كان أياماً ، لكن ورد أنه بقي فيها سنة، ففي غيبة الطوسي/23: « فحبسه عنده سنة، ثم كتب إلى الرشيد أن خذه مني وسلمه إلى من شئت وإلا خليت سبيله ، فقد اجتهدت بأن أجد عليه حجة فلم أقدر على ذلك حتى أني لأتسمع عليه إذا دعا لعله يدعو علي أو عليك فما أسمعه يدعو إلا لنفسه يسأل الرحمة والمغفرة. فوجه من تسلمه منه» !
ويحتمل أن يكون هارون قد حبسه في البصرة أكثر من مرة ، فقد كان مرتبكاً في أمر الإمام (عليه السلام) لما رأى من آياته! فقد حبسه مرات وأطلقه وأبقاه في بغداد ، ثم قتله بالسم ! وهذا يشبه ارتباك جده المنصور عندما كان يستدعي الإمام الصادق (عليه السلام) ويحاول قتله !

7- فرض عليه هارون الإقامة الجبرية في بغداد

استمر سجن الإمام والإقامة الجبرية في هذه المرة أربع سنوات ، ففي الكافي:1/381: «عن مسافر قال: أمر أبو إبراهيم (عليه السلام) حين أخرج به ، أبا الحسن (عليه السلام) أن ينام على بابه في كل ليلة أبداً ما كان حياً إلى أن يأتيه خبره !
قال: فكنا في كل ليلة نفرش لأبي الحسن في الدهليز ، ثم يأتي بعد العشاء فينام ، فإذا أصبح انصرف إلى منزله ! قال: فمكث على هذه الحال أربع سنين ، فلما كان ليلة من الليالي أبطأ عنا وفرش له فلم يأت كما كان يأتي ، فاستوحش العيال وذعروا ، ودخلنا أمر عظيم من إبطائه، فلما كان من الغد أتى الدار ودخل إلى العيال ، وقصد إلى أم أحمد فقال لها: هات التي أودعك أبي ، فصرخت ولطمت وجهها وشقت جيبها ، وقالت: مات والله سيدي ، فكفها وقال لها لا تكلمي بشئ ولا تظهريه حتى يجيئ الخبر إلى الوالي ، فأخرجت إليه سفطاً وألفي دينار أو أربعة آلاف دينار ، فدفعت ذلك أجمع إليه دون غيره ، وقالت : إنه قال لي فيما بيني وبينه وكانت أثيرة عنده: إحتفظي بهذه الوديعة عندك ، لا تطلعي عليها أحداً حتى أموت ، فإذا مضيت فمن أتاك من ولدي فطلبها منك ، فادفعيها إليه واعلمي أني قد متُّ. وقد جاء ني والله علامة سيدي. فقبض ذلك منها وأمرهم بالإمساك جميعاً إلى أن ورد الخبر ، وانصرف فلم يعد لشئ من المبيت كما كان يفعل ، فما لبثنا إلا أياماً يسيرة حتى جاءت الخريطة بنعيه ، فعددنا الأيام وتفقدنا الوقت فإذا هو قد مات في الوقت الذي فعل أبو الحسن (عليه السلام) ما فعل ، من تخلفه عن المبيت وقبضه لما قبض !».
وروى الطبري في دلائل الإمامة/372: «فمكث على هذه الحال نحو أربع سنين ، وأبو إبراهيم (عليه السلام) مقيم في يد السلطان ذاهباً جائياً في حال رفاهة وإكرام ، وكان الرشيد يرجع إليه في المسائل فيجيبه عنها ! ثم كان من البرامكة ما كان في السعي على دمه والإغراء به ، حتى حبسه في يد السندي بن شاهك ، وأمره الرشيد بقتله في السم . فلما كان في ليلة من الليالي وقد فرشنا لأبي الحسن الرضا على عادته ، أبطأ عنا فلم يأت كما كان يأتي ، فاستوحش العيال وذعروا وداخلنا من إبطائه أمر عظيم، فلما أصبحنا أتى الدار ، ودخل قاصداً إليها من غير إذن ، ثم أتى أم حميد فقال لها: هات الذي أودعك أبي وسماه لها فصرخت ولطمت وشقت ثيابها وقالت: مات والله سيدي ! فكفها وقال لها: لا تكلمي بهذا ولا تظهريه حتى يجئ الخبر إلى والي المدينة...».
أقول: لاحظ قوله: «وأبو إبراهيم (عليه السلام) مقيم في يد السلطان ذاهباً جائياً في حال رفاهة وإكرام ، وكان الرشيد يرجع إليه في المسائل فيجيبه عنها..الخ.»!
وقد فرض عليه أن يحضر مجلسه كل يوم خميس: «قال: فأطلق عنه وسلمه إلى الحاجب ليسلمه الدار ويكون معه ، فصار موسى بن جعفر (عليه السلام) كريماً شريفاً عند هارون ، وكان يدخل عليه في كل خميس ، إلى أن حبسه الثانية ، فلم يطلق عنه حتى سلمه إلى السندي شاهك، وقتله بالسم » (أمالي الصدوق/461، والعيون:2/88).

وكان الإمام الكاظم (عليه السلام) يقضي وقته في بغداد في عبادة ربه عز وجل ، ويلتقي بهارون ووزرائه وغيرهم ، ويلتقي ببعض خاصته علناً أو سراً .
ففي رجال الطوسي:2/790: « عن محمد بن سالم قال: لما حُمل سيدي موسى بن جعفر (عليه السلام) إلى هارون ، جاء إليه هشام بن إبراهيم العباسي فقال له: يا سيدي قد كتبت لي صك إلى الفضل بن يونس فسله أن يروج أمري . قال فركب إليه أبو الحسن (عليه السلام) فدخل إليه حاجبه فقال: يا سيدي أبو الحسن موسى بالباب ، فقال: إن كنت صادقاً فأنت حرٌّ ولك كذا وكذا ! فخرج الفضل بن يونس حافياً يعدو حتى خرج إليه فوقع على قدميه يقبلهما ، ثم سأله أن يدخل ، فدخل فقال له: إقض حاجة هشام فقضاها ، ثم قال: يا سيدي قد حضر الغذاء فتكرمني أن تتغدى عندي ، فقال هات فجاء بالمائدة وعليها البوارد ، فأجال أبو الحسن (عليه السلام) يده في البارد وقال: البارد تجال اليد فيه ، فلما رفعوا البارد وجاءوا بالحار ، فقال أبو الحسن (عليه السلام) : الحار حمى ».
وفي المحاسن:2/451: «عن الفضل بن يونس الكاتب قال: أتاني أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) في حاجة للحسين بن يزيد ، فقلت: إن طعامنا قد حضر ، فأحب أن تتغدى عندي ، قال: نحن نأكل طعام الفجاء ، ثم نزل فجئته بغداء ووضعت منديلاً على فخذيه فأخذه فنحاه ناحية ، ثم أكل ».
فهذه الروايات تدل على أنه (عليه السلام) كان طليقاً نسبياً في بغداد ، في المرتين .

8- سكن الإمام (عليه السلام) في بغداد في بيت متواضع


اختار الإمام (عليه السلام) أن يسكن في بيت متواضع ، ففي عيون أخبار الرضا (عليه السلام) :2/75، عن الفضل بن الربيع قال: «كنت أحجب الرشيد فأقبل عليَّ يوماً غضباناً وبيده سيف يقلبه فقال لي: يا فضل بقرابتي من رسول الله لئن لم تأتني بابن عمى الآن لآخذن الذي فيه عيناك ! فقلت: بمن أجيؤك ؟ فقال: بهذا الحجازي . فقلت: وأي الحجازي؟ قال: موسى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب . قال الفضل: فخفت من الله عز وجل أن أجئ به إليه ثم فكرت في النقمة فقلت له: أفعل . فقال: آتيني بسوطين وهسارين وجلادين !
قال:فأتيته بذلك ومضيت إلى منزل أبي إبراهيم موسى بن جعفرفأتيت إلى خربة فيها كوخ من جرايد النخل ، فإذا أنا بغلام أسود فقلت له: إستأذن لي على مولاك يرحمك الله ، فقال لي: لُجْ فليس له حاجب ولا بواب ، فولجت إليه فإذا أنا بغلام أسود بيده مقص يأخذ اللحم من جبينه وعرنين أنفه من كثرة سجوده! فقلت: له السلام عليك يا بن رسول الله ، أجب الرشيد !
فقال: ما للرشيد وما لي، أما تشغله نعمته عني؟ ثم وثب مسرعاً وهو يقول: لولا أني سمعت في خبر عن جدي رسول الله (ص) أن طاعة السلطان للتقية واجبة إذاً ما جئت ! فقلت له:إستعد للعقوبة يا أبا إبراهيم رحمك الله! فقال (عليه السلام) : أليس معي من يملك الدنيا والآخرة ؟! ولن يقدر اليوم على سوء بي إن شاء الله تعالى ! قال فضل بن الربيع: فرأيته وقد أدار يده (عليه السلام) يلوح بها على رأسه ثلاث مرات ، فدخلت على الرشيد فإذا هو كأنه امرأة ثكلى قائم حيران ! فلما رآني قال لي: يا فضل ، فقلت: لبيك . فقال جئتني بابن عمي؟قلت: نعم . قال: لا تكون أزعجته . فقلت: لا، قال: لا تكون أعلمته أني عليه غضبان فإني قد هيجت على نفسي ما لم أرده ! إئذن له بالدخول فأذنت له فلما رآه وثب إليه قائماً وعانقه وقال له: مرحباً بابن عمي وأخي ووارث نعمتي ، ثم أجلسه على فخذيه فقال له: ما الذي قطعك عن زيارتنا؟ فقال سعة مملكتك وحبك للدنيا فقال: إيتوني بحُقَّة الغالية ، فأتيَ بها ، فغلفه بيده ثم أمر أن يحمل بين يديه خلع وبدرتان دنانير ، فقال موسى بن جعفر: والله لولا أني أرى من أزوجه بها من عزاب بني أبي طالب لئلا ينقطع نسله أبداً ما قبلتها .ثم تولى عليه وهو يقول: الحمد لله رب العالمين . فقال الفضل: يا أمير المؤمنين أردت أن تعاقبه فخلعت عليه وأكرمته ! فقال لي: يا فضل إنك لما مضيت لتجيئني رأيت أقواماً قد أحدقوا بداري بأيديهم حراب قد غرسوها في أصل الدار يقولون: إن آذى ابن رسول الله خسفنا به ! وان أحسن إليه انصرفنا عنه وتركناه ! فتبعته (عليه السلام) فقلت له: ما الذي قلت حتى كفيت أمر الرشيد؟ فقال دعاء جدي علي بن أبي طالب ، كان إذا دعا به ما برز إلى عسكر إلا هزمه ولا إلى فارس إلا قهره ، وهو دعاء كفاية البلاء . قلت: وما هو؟ قال قلت: بك أساور وبك أحاول وبك أجاور ، وبك أصول وبك أنتصر وبك أموت وبك أحيا ، أسلمت نفسي إليك وفوضت أمرى إليك ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اللهم إنك خلقتني ورزقتني وسترتني عن العباد بلطف ما خولتني وأغنيتني، وإذا هويت رددتني، وإذا عثرت قومتني وإذا مرضت شفيتني ، وإذا دعوت أجبتني. يا سيدي إرض عني فقد أرضيتني».

9 - محاولات هارون الإستخفاف بالإمام (عليه السلام) وإهانته

«قال علي بن يقطين قال: استدعى الرشيد رجلاً يبطل به أمر أبي الحسن (عليه السلام) ويخجله في المجلس ، فانتدب له رجل مُعَزِّم ، فلما أحضرت المائدة عمل ناموساً (سحراً) على الخبز ، فكان كلما رام خادم أبي الحسن تناول رغيف من الخبز طار من بين يديه! واستفز هارون الفرح والضحك لذلك ، فلم يلبث أبو الحسن أن رفع رأسه إلى أسد مصور على بعض الستور فقال له: يا أسد الله خذ عدو الله ! قال فوثبت تلك الصورة كأعظم ما يكون من السباع فافترس ذلك المعزم ! فخرَّ هارون وندماؤه على وجوههم مغشياً عليهم ، وطارت عقولهم خوفاً من هول ما رأوه ! فلما أفاقوا من ذلك بعد حين ، قال هارون لأبي الحسن: أسألك بحقي عليك لما سألت الصورة أن ترد الرجل . فقال: إن كانت عصا موسى ردت ما ابتلعته من حبال القوم وعصيهم فإن هذه الصورة تردُّ ما ابتلعته من هذا الرجل. فكان ذلك أعمل الأشياء في إفاقة نفسه »! (مناقب آل أبي طالب:3/417).

أقول: في العبارة الأخيرة خلل ، وروتها بعض المصادر بلفظ: أعمل الأشياء في إماتة نفسه (الحدائق:18/180)، أي أن هذه المعجزة كانت السبب في قرار هارون بقتل الإمام (عليه السلام) . وكلا المعنيين غير مقنع !

قال المحقق البحراني (رحمه الله) في الحدائق الناضرة:18/180: «ونحو ذلك روى في كتاب الخرائج والجرايح عن الإمام الهادي (عليه السلام) مع المتوكل . وفي كتاب الثاقب في المناقب عن الصادق (عليه السلام) مع المنصور.

ثم قال (رحمه الله) في هامشه:وملخص الأول: أنه وقع رجل مشعبذ من ناحية الهند إلى المتوكل فأمره أن يخجل الإمام الهادي (عليه السلام) وأحضر على المائدة خبزاً رقاقاً فكان كلما مد الإمام يده إلى قرص من ذلك الخبز طيرها ذلك المشعبذ ، فتضاحك الناس ، وكان على مستورة صورة أسد ، فضرب الإمام (عليه السلام) يده على تلك الصورة وقال: خذه . فوثبت تلك الصورة من المستورة فابتلعت الرجل ، وعادت في المستورة كما كانت ، فتحير الجميع ونهض الإمام !فقال المتوكل: سألتك بالله إلا جلست ورددته فقال: والله لا يرى بعدها، أتسلط أعداء الله على أولياء الله، وخرج من عندهم فلم ير الرجل بعدها .
(مدينة المعاجز/ 548 حديث 52 ).
وملخص الخبر الثاني: أن المنصور وجه إلى سبعين رجلاً من أهل بابل ، فدعاهم وقال: إنكم ورثتم السحر من آبائكم من أيام موسى بن عمران ، وإنكم لتفرقون بين المرء وزوجه ، وأن أبا عبد الله جعفر بن محمد كاهن ساحر مثلكم ، فاعملوا شيئاً من السحر فإنكم إن أبهتموه أعطيتكم الجائزة العظيمة ! فقاموا إلى المجلس الذي فيه المنصور فصوروا سبعين صورة من السباع ، وجلس كل واحد منهم جنب صاحبه ، وجلس المنصور على سرير ملكه ووضع التاج على رأسه وقال لحاجبه إبعث إلى أبي عبد الله وأحضره الساعة ، قال: فلما أحضره دخل عليه ، فلما نظر إلى ما قد استعد له غضب (عليه السلام) فقال: يا ويلكم أتعرفوني ، أنا حجة الله الذي أبطل سحر آبائكم في أيام موسى بن عمران ، ثم نادى برفيع صوته: أيتها الصور الممثلة ، ليأخذ كل واحد منكم صاحبه بإذن الله تعالى ، فوثب كل سبع إلى صاحبه وافترسه وابتلعه في مكانه ، ووقع المنصور مغشياً عليه من سريره ! فلما أفاق قال: الله الله يا أبا عبد الله ، أقلني ، فإني تبت توبة لا أعود إلى مثلها أبداً! فقال (عليه السلام) : قد عفوتك . ثم قال: يا سيدي قل السباع أن تردهم إلى ما كانوا ، فقال: هيهات هيهات ، إن أعادت عصى موسى سحرة فرعون فستعيد هذه السباع هذه السحرة . (مدينة المعاجز/362 حديث: 23 ). انتهى.

«وفي رواية أن الرشيد أمر حميد بن مهران الحاجب بالإستخفاف به (عليه السلام) فقال له إن القوم قد افتتنوا بك بلا حجة، فأريد أن يأكلني هذان الأسدان المصوران على هذا المسند! فأشار (عليه السلام) إليهما وقال: خذا عدو الله، فأخذاه وأكلاه! ثم قالا: وما الأمر، أنأخذ الرشيد ؟ قال: لا، عودا إلى مكانكما »! (مناقب آل أبي طالب:3/417).


hg'hydm ihv,k duvt hk hghlhl hg;h/l ugdi hsghl hlhl lk hggi



توقيع : فدك الزهراء
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
رد مع اقتباس
قديم 2012/07/09, 07:57 PM   #2
ابوشهد

موالي ماسي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 67
تاريخ التسجيل: 2012/03/04
المشاركات: 4,509
ابوشهد غير متواجد حالياً
المستوى : ابوشهد is on a distinguished road




عرض البوم صور ابوشهد
افتراضي

مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه


توقيع : ابوشهد
عظم الله اجرك و احسن عزاءك و غفر لشهدائك يا عراق
رد مع اقتباس
قديم 2012/07/09, 08:12 PM   #3
ابوشهد

موالي ماسي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 67
تاريخ التسجيل: 2012/03/04
المشاركات: 4,509
ابوشهد غير متواجد حالياً
المستوى : ابوشهد is on a distinguished road




عرض البوم صور ابوشهد
افتراضي

متميزة دائما

مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه


توقيع : ابوشهد
عظم الله اجرك و احسن عزاءك و غفر لشهدائك يا عراق
رد مع اقتباس
قديم 2012/07/14, 10:33 PM   #4
اهات الانتظار

موالي ماسي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 215
تاريخ التسجيل: 2012/06/20
الدولة: قلب الحبيب
المشاركات: 4,756
اهات الانتظار غير متواجد حالياً
المستوى : اهات الانتظار is on a distinguished road




عرض البوم صور اهات الانتظار
افتراضي

اللهم صل على محمد وال محمد
السلام عليك ياسيدي مولاي
يسلموو فدك
على الطرح نوارني
الله يعطيك العافيه
في ميزان الحسناتك
موفقه على حب محمد وال محمد


توقيع : اهات الانتظار

سيدي يااصاحب الزماان قد ماات قلبي واريد
ان اعيد له الحيااء من جديد لكن كيف واناا لا ارك
قد نسيت معنى الحيااء سأصبر فهذا امر ربي
لكن لن اقوول لك سوى
اذا العين لاتراك فالقلب لن ينساااك
اهـــــــــــــــــــــــ الانتظار ــــــــــــــــــــــــــــــــات

رد مع اقتباس
قديم 2012/07/14, 10:37 PM   #5
الياس الموالي

موالي ماسي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 12
تاريخ التسجيل: 2011/12/24
الدولة: الہــعہراقہ-الـہـ عہ ــمہارہ-مہيسہانہ
المشاركات: 11,072
الياس الموالي غير متواجد حالياً
المستوى : الياس الموالي is on a distinguished road




عرض البوم صور الياس الموالي
افتراضي

جزاكم ربي الف خير


توقيع : الياس الموالي
رد مع اقتباس
قديم 2012/07/16, 12:57 AM   #6
البيرق

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 254
تاريخ التسجيل: 2012/07/11
المشاركات: 1,193
البيرق غير متواجد حالياً
المستوى : البيرق is on a distinguished road




عرض البوم صور البيرق
افتراضي

الله اكبر الله اكبر الله اكبر
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرج آل بيت محمد
تقبل الله دعائكم ورزقنا واياكم شفاعة المعصوم عليه السلام
ووفقكم وثبت اقدامكم لنصرة الحق تعالى


بحث رائع جدا الله يوفقك لكل خير


توقيع : البيرق
رد مع اقتباس
قديم 2012/07/16, 01:31 AM   #7
فدك الزهراء


معلومات إضافية
رقم العضوية : 13
تاريخ التسجيل: 2011/12/24
الدولة: في الدنيا
المشاركات: 2,091
فدك الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : فدك الزهراء is on a distinguished road




عرض البوم صور فدك الزهراء
افتراضي

اللهم صل على محمد وال محمد
نورتو متصفحي


توقيع : فدك الزهراء
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
رد مع اقتباس
قديم 2012/07/22, 04:48 AM   #8
محمد التميمي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 249
تاريخ التسجيل: 2012/07/09
الدولة: Iraq
المشاركات: 4,392
محمد التميمي غير متواجد حالياً
المستوى : محمد التميمي is on a distinguished road




عرض البوم صور محمد التميمي
افتراضي

السلام عليكم يا آل بيت النبي ..

جزيتم خيراً ان شاء الله ..


توقيع : محمد التميمي

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصيدة الامام علي عليه السلام في حق حبيبه رسول الله صلى الله عليه واله عاشقة الحسين الشعر الشعبي 6 2015/07/02 10:10 AM
سجل حضورك بثلاث اسماء من اسماء الله الحسنى روح الزهراء المواضيع الإسلامية 274 2013/12/25 07:46 AM
مناظرة الإمام الكاظم ( عليه السلام ) مع هارون الرشيد فدك الزهراء سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) 9 2012/07/04 03:57 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي
|

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى || SiteMap Index


أقسام المنتدى

المنتــديات العامة @ السياسة @ المناسبات والترحيب بالأعضاء الجدد @ منتديات اهل البيت عليهم السلام @ سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) @ الواحة الفاطمية @ الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) @ الادعية والاذكار والزيارات النيابية @ المـدن والأماكن المقدسة @ المـنتـديات الأدبيـة @ الكتاب الشيعي @ القصة القصيرة @ الشعر الفصيح والخواطر @ الشعر الشعبي @ شباب أهل البيت (ع) @ المنتـديات الاجتماعية @ بنات الزهراء @ الأمومة والطفل @ مطبخ الاكلات الشهية @ المنتـديات العلمية والتقنية @ العلوم @ الصحه وطب أهل البيت (ع) @ الكمبيوتر والانترنيت @ تطبيقات وألعاب الأندرويد واجهزة الجوال @ المنتـديات الصورية والصوتية @ الصوتيات والمرئيات والرواديد @ الصــور العامة @ الابتسامة والتفاؤل @ المنتــــديات الاداريـــة @ الاقتراحات والشكاوي @ المواضيع الإسلامية @ صور اهل البيت والعلماء ورموز الشيعة @ باسم الكربلائي @ مهدي العبودي @ جليل الكربلائي @ احمد الساعدي @ السيد محمد الصافي @ علي الدلفي @ الالعاب والمسابقات @ خيمة شيعة الحسين العالميه @ الصــور العام @ الاثـــاث والــديــكــورآت @ السياحة والسفر @ عالم السيارات @ أخبار الرياضة والرياضيين @ خاص بالأداريين والمشرفين @ منتدى العلاجات الروحانية @ الابداع والاحتراف هدفنا @ الاستايلات الشيعية @ مدونات اعضاء شيعة الحسين @ الحوار العقائدي @ منتدى تفسير الاحلام @ كاميرة الاعضاء @ اباذر الحلواجي @ البحرين @ القران الكريم @ عاشوراء الحسين علية السلام @ منتدى التفائل ولاستفتاح @ المنتديات الروحانية @ المواضيع العامة @ الرسول الاعظم محمد (ص) @ Biography forum Ahl al-Bayt, peace be upon them @ شهر رمضان المبارك @ القصائد الحسينية @ المرئيات والصوتيات - فضائح الوهابية والنواصب @ منتدى المستبصرون @ تطوير المواقع الحسينية @ القسم الخاص ببنات الزهراء @ مناسبات العترة الطاهرة @ المسابقة الرمضانية (الفاطمية) لسنة 1436 هجري @ فارسى/ persian/الفارسية @ تفسير الأحلام والعلاج القرآني @ كرسي الإعتراف @ نهج البلاغة @ المسابقة الرمضانية لسنة 1437 هجري @ قصص الأنبياء والمرسلين @ الإمام علي (ع) @ تصاميم الأعضاء الخاصة بأهل البيت (ع) @ المسابقة الرمضانية لعام 1439هجري @ الإعلانات المختلفة لأعضائنا وزوارنا @ منتدى إخواننا أهل السنة والجماعه @


تصليح تلفونات | تصليح تلفونات | تصليح سيارات | تصليح طباخات | تصليح سيارات | كراج متنقل | تصليح طباخات | تصليح سيارات |