Untitled 2
العودة   منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي > المنتــديات العامة > المواضيع الإسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018/01/28, 06:54 PM   #1
الشيخ عباس محمد

موالي بلاتيني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3773
تاريخ التسجيل: 2015/04/07
المشاركات: 1,723
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً
المستوى : الشيخ عباس محمد is on a distinguished road




عرض البوم صور الشيخ عباس محمد
افتراضي سلوك وعبادة المتقين

سلوك المتقين
فَالْمُتَّقُونَ فِيهَا هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ: مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ، وَمَلْبَسُهُمُ الاْقْتِصَادُ، وَمَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ.
غَضُّوا أَبْصَارَهُم عَمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمْ، وَوَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ لَهُمْ.
قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ، وَشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ، وَأَجْسَادُهُمْ نَحِيفَةٌ، وَحَاجَاتُهُمْ خَفِيفَةٌ، وَأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ.
صَبَرُوا أَيَّاماً قَصِيرَةً أَعْقَبَتْهُمْ رَاحَةً طَوِيلَةً، تِجَارَةٌ مَرْبِحَةٌ، يَسَّرَهَا لَهُمْ رَبُّهُم.
يَمْزُجُ الْحِلْمَ بِالْعِلْمِ، وَالْقَوْلَ بِالْعَمَل.
تَرَاهُ قَرِيباً أَمَلُهُ، قَلِيلاً زَلَلُهُ، خَاشِعاً قَلْبُهُ، قَانِعَةً نَفْسُهُ، مَنْزُوراً أَكْلُهُ، سَهْلاً أَمْرُهُ، حَرِيزاً دِينُهُ، مَيِّتَةً شَهْوَتُهُ، مَكْظُوماً غُيْظُهُ.


المتقون والجوارح

لقد استطاع المتقون أن يملكوا جوارحهم ويسيطروا عليها ويفعّلوا نشاطها لكسب الآخرة، وقد فصّل الإمام عليه السلام ذلك وأشار إلى صفة كل جارحة من جوارحهم،

41

في هذا المقطع الموجز والميئ بالمعاني التي ينبغي الوقوف عندها.


سلامة المنطق

مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ _ بعيداً فحشه _ ليّناً قوله _ إِنْ صَمَتَ لَمْ يَغُمَّهُ صَمْتُهُ
إن اللسان من أصغر الجوارح وأخطرها على مصير الإنسان، ومن أصعب الجوارح ضبطاً وسيطرةً، والمتقون قد استطاعوا السيطرة على هذا اللسان، هذه السيطرة التي تظهر من خلال المفردات التالية:

1 – منطق صواب أو صمت

إن نطقوا فمنطقهم الصواب، فلا يسكتون عما ينبغي أن يقال فيكونون مفرّطين، ولا يقولون ما ينبغي أن يسكت عنه فيكونون مفرطين، "إن صمت لم يغمه صمته، وإن ضحك لم يعل صوته".

الإنسان بأمس الحاجة إلى ما يعالج همومه وغمومه وتخيلاته النفسية التى تقوده إلى الاضطراب والقلق النفسي والصمت الواعي خير علاج لذلك.

والصمت المقصود هو الذي يرجع على الإنسان بمردود إيجابي في مختلف حياته الدنيوية والاخروية.
وله مميزات وثمار ونتائج عديدة على مستوى :

* التربية الفكرية: قال أبوالحسن عليه السلام: "من علامات الفقه العلم والحلم والصمت، إن الصمت باب من أبواب الحكمة، إن الصمت يكسب المحبة إنه دليل على كل خير"1.

* التربية الروحية: لأن له مدخلية كبيرة في تطهير القلب وتهذيب النفس الأمارة بالسوء ومقدمة للعبادة بل من أفضل العبادات حيث يحقق الهدف للعبادة. ففي (ثواب الأعمال) و(الخصال) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "ما عبد الله بشيء

42

مثل الصمت، والمشي إلى بيت الله "2.

* التربية الاجتماعية: والصمت كما يربي الفرد المسلم التربية الحسنة كذلك يهذب المجتمع ويربيه من خلال تربية الأفراد ويتدخل في كثير من مشاكل المجتمع ليحلها فهو يحقق للمؤمن الصامت الصفات التي يتقدم بها في المجتمع ويقودهم إلى شاطئ الأمان والسلام: فعن الإمام علي عليه السلام في نهج البلاغة: "بكثرة الصمت تكون الهيبة"3.

2 – بعيد عن الفحش في الكلام

"وتراه: بعيدا فحشه"، والفحش بمعناه الظاهر من الموبقات العظيمة، وقد حذّر منه فى الأخبار الكثيرة وبشّر الفحّاش بالنّار، فعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: "إنّ اللّه حرّم الجنّة على كلّ فحّاش بذيّ قليل الحياء لا يبالى ما قال ولا ما قيل له" ومن تعرّض للنّاس بشتمهم وهو يعلم أنهم سيردون عليه في نفس الأسلوب، فذلك لا يبالى ما قال ولا ما قيل له.

3 – ليّن القول

"ليّنا قوله" يتكلّم بالرّفق ولا يغلظ فى كلامه، فانّ الرّفق فى القول يوجب المحبّة ويجلب الالفة ويدعوإلى الإجابة عند الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ولذلك أمر اللّه عزّ وجل موسى وهارون عليهما السّلام عند بعثهما إلى فرعون بأن يقولا له قولا ليّنا ليكون أسرع إلى القبول وأبعد من النّفور.

وعن الإمام الصادق عليه السلام: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: "ليجتمع فى قلبك الافتقار إلى النّاس والاستغناء عنهم، فيكون افتقارك إليهم في لين كلامك وحسن بشرك، ويكون استغناؤك عنهم فى نزاهة عرضك وبقاء عزّك"4.

43

4 – التواضع

"مشيهم التواضع" إن التواضع من أعظم ما يتخلق به المرء فهو جامع الأخلاق وأساسها، بل ما من خلق في الإسلام إلا وللتواضع منه نصيب، فبه يزول الكبر، وينشرح الصدر، ويعم الإيثار، وتزول القسوة والأنانية والتشفي وحب الذات وفي رواية عن الإمام الصادق عليه السّلام في ما أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى داود: "كما أنّ أقرب الناس من اللّه المتواضعون كذلك أبعد الناس من اللّه المتكبّرون"5.
والمقصود من التواضع المحمود أن يترك المرء التطاول على عباد الله والترفع عليهم والإزراء بهم حتى مع وقوع الخطأ عليه، ومن ذلك أيضاً التواضع للدين والاستسلام لشرع الله بحيث لا يعارضه المرء بمعقول ولا رأي ولا هوى. وأن ينقاد لما جاء به خاتم الرسل صلى الله عليه وآله وسلم، وأن تعبد الله وفق ما أمرك به.

وليس من التواضع الاستكانة أمام نصرة دين الله سبحانه، والذي يسبب التخاذل وهجر النصيحة وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والخنوع أمام الباطل، والبعد عن نصرة والمظلوم.

ومما ورد في صفات رسول الله صلى الله عليه وآله: "لقد كان صلى الله عليه وآله وسلم جمَّ التواضع، وافر الأدب، يبدأ الناس بالسلام، وينصرف بكله إلى محدثه، صغيراً كان أوكبيراً، ويكون آخر من يسحب يده إذا صافح، وإذا تصدق وضع الصدقة، وإذا جلس جلس حيث ينتهي به المجلس، لم يُرَ ماداً رجليه قط، ولم يكن يأنف من عمل لقضاء حاجته، أوحاجة صاحب أوجار، فكان يذهب إلى السوق، ويحمل حاجته بيده ويقول: أنا أولى بحملها وكان يجيب دعوة الحرِّ والعبد والمسكين، ويقبل عذر المعتذر، وكان يرفوثوبه، ويخصف نعله، ويكنُس داره، ويخدم نفسه، ويعقل بعيره، وكان في مَهنة أهله، وكان يأكل مع الخادم، ويقضي حاجة الضعيف والبائس، وكان يمشي هوناً خافض الطرف...".

44

القناعة

"قَانِعَةً نَفْسُهُ _ وحاجاتهم خفيفة"
قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾6.
روي عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال في معنى الحياة الطيبة، إنها القناعة والرضا بما قسم الله تعالى.

وتتجسد حالة القناعة عند المؤمن في: التفاؤل وبسط الوجه، وعدم الشكوى، كذا وصف الله تعالى أهل القناعة والعفة فقال: ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًاًً﴾7.

والقانع على درجة من الايمان وحسن الظن بالله تعالى، والثقة به في كل أحواله، فهو يعلم أن الله عز وجل لا يمنع إلا لمصلحة العبد وهو العزيز الحكيم، يهب لحكمة، ويمنع لحكمة، ويقدر الأرزاق لحكمة. قلبه مطمئن بالله تعالى، وروحه متوجهة إلي الآخرة، لم يُسحر قلبه بزينة الدنيا الزائلة.
عن الإمام الرضا عليه السلام: "لا يسلك طريق القناعة إلا رجلان: إما متعبد يريد أجر الآخرة، أوكريم متنزه عن لئام الناس".

ثم القناعة تأتي بخصال أخرى كريمة، تبينها النصوص الشريفة التالية:
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "من قنعت نفسه، أعانته على النزاهة والعفاف- القناعة رأس الغنى- كفى بالقناعة ملكاً- من عز النفس لزوم القناعة- ثمرة القناعة العز- أعون شيء على صلاح النفس: القناعة".


غض البصر ووقف السمع

"غضوا أبصارهم.. ووقفوا أسماعهم.."
ولان السمع والبصر نعمتان فهما تستوجبان شكر الله المنعم ، وحق الشكر أن لا

45

تستخدم نعم الله في معصيته ، بل يذكر الإمام السجاد عليه السلام لهما حقوقاً فيقول:
"وأما حق السمع فتنزيهه عن أن تجعله طريقاً إلى قلبك إلا لفوهة كريمة تحدث في قلبك خيراً، أوتكسب خلقاً كريماً، فإنه باب الكلام إلى القلب، يؤدي إليه ضروب المعاني على ما فيها من خير أوشر، ولا قوة إلا بالله..".

إن جهاز السمع هو الأداة الفعالة في تكوين شخصية الإنسان، وبناء سلوكه، وذلك بما ينقله من المسموعات التي تنطبع في دخائل الذات وقرارة النفس، ومن حقه على الإنسان أن يجعله بريداً لنقل الآداب الكريمة، والفضائل الحسنة، والمزايا الحميدة ليتأثر بها، وتكون من صفاته وخصائصه.

وهكذا يفعل المتقون الذين (وقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم) في الدّنيا والآخرة الموجب لكمال القوّة النظرية والحكمة العمليّة، وأعرضوا عن الإصغاء إلى اللّغووالأباطيل كالغيبة والغناء ونحوها، وقد وصفهم اللّه سبحانه بذلك في قوله ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونًًَ﴾ وقد ورد عن الإمام الباقر عليه السلام :"الغناء مما وعد الله عليه النار" وتلا هذه الآية ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينًًٌ﴾8، وعن الإمام الصادق عليه السلام: "بيت الغناء لا تؤمن فيه الفجيعة، ولا تجاب فيه الدعوة، ولا يدخله ملك"9.

"وأما حق بصرك فغضه عما لا يحل لك، وترك ابتذاله إلا لموضع عبرة تستقبل بها بصراً أوتستفيد بها علماً فإن البصر باب الاعتبار" إن للبصر حقاً على الإنسان، وهو حجبه عن النظر إلى ما حرمه الله الذي هو مفتاح الولوج في اقتراف الآثام، فينبغي للمسلم أن يغض بصره عما لا يحل له، وأن ينظر إلى مواضع العبر ليستفيد منها في بناء شخصيته، كما أنه ينبغي له أن يستفيد ببصره علماً يهذب به نفسه،

46

وينفع به مجتمعه.
فالمتقون غضّوا أبصارهم عمّا حرّم اللّه عليهم امتثالا لأمره تعالى ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونًًََ﴾10".

وعن الإمام الصادق عليه السّلام: " كلّ عين باكية يوم القيامة إلاّ ثلاثة أعين: عين غضّت عن محارم اللّه، وعين سهرت في طاعة اللّه، وعين بكت في جوف اللّيل من خشية اللّه"11.


عفة النفس

كما في خطبة وصف المتّقين. يقول عليه السلام عن المتقين "حاجاتهم خفيفة وأنفسهم عفيفة"

وفي رواية عنه عليه السلام: "ما المجاهد في سبيل الله بأعظم أجراً ممن قدر فعفّ، لكاد العفيف أن يكون ملكا من الملائكة"12، وهذا الحديث ترجمة لحديث الجهاد الأكبر مع النفس التي تتجلى بصيانة النفس والتنزه عن الدنايا.
ومن أهم موارد العفاف: الطعام والشهوة. قال تعالى: ﴿وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفًًَْ﴾13، ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهًًَ﴾14، وعن رسول الله صلى الله عليه وآله: "أحبّ العفاف الى الله تعالى عفة البطن والفرج"15.

47

خلاصة الدرس
تجلى سلوك المتقين من خلال:

التواضع
"مشيهم التواضع" إن التواضع من أعظم ما يتخلق به المرء فهو جامع الأخلاق وأساسها، بل ما من خلق في الإسلام إلا وللتواضع منه نصيب، فبه يزول الكبر، وينشرح الصدر، ويعم الإيثار، وتزول القسوة والأنانية والتشفي وحب الذات

ليّن القول
"ليّنا قوله" يتكلّم بالرّفق ولا يغلظ فى كلامه، فإنّ الرّفق فى القول يوجب المحبّة ويجلب الالفة ويدعوإلى الإجابة عند الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر

سلامة المنطق
إن اللسان من أصغر الجوارح وأخطرها على مصير الإنسان، ومن أصعب الجوارح ضبطاً وسيطرةً، والمتقون قد استطاعوا السيطرة على هذا اللسان، هذه السيطرة التي تظهر من خلال المفردات التالية :

القناعة
والقانع على درجة من الايمان وحسن الظن بالله تعالى، والثقة به في كل أحواله، فهو يعلم أن الله عز وجل لا يمنع إلا لمصلحة العبد وهو العزيز الحكيم، يهب لحكمة، ويمنع لحكمة، ويقدر الأرزاق لحكمة.

غض البصر ووقف السمع
السمع والبصر نعمتان فهما تستوجبان شكر الله المنعم، وحق الشكر أن لا تستخدم نعم الله في معصيته.

عفة النفس
ومن أهم موارد العفاف: الطعام والشهوة.
أسئلة حول الدرس
1- أذكر بعضاً من مواصفات منطق المتقين.
2- ما المقصود من التواضع المحمود والتواضع المذموم؟
3- ما هي الخصال المترتبة على التحلي بالقناعة؟
4- السمع والبصر نعمتان ، كيف يستفيد منهما المتقون؟
5- ما معنى عفة النفس ، وأين تتجلى؟
للحفظ
عن الإمام علي عليه السلام:
"فَالْمُتَّقُونَ فِيهَا هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ: مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ، وَمَلْبَسُهُمُ الاْقْتِصَادُ، وَمَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ.
غَضُّوا أَبْصَارَهُم عَمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمْ، وَوَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ لَهُمْ.
قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ، وَشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ، وَأَجْسَادُهُمْ نَحِيفَةٌ، وَحَاجَاتُهُمْ خَفِيفَةٌ، وَأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ.
صَبَرُوا أَيَّاماً قَصِيرَةً أَعْقَبَتْهُمْ رَاحَةً طَوِيلَةً، تِجَارَةٌ مَرْبِحَةٌ، يَسَّرَهَا لَهُمْ رَبُّهُم.
يَمْزُجُ الْحِلْمَ بِالْعِلْمِ، وَالْقَوْلَ بِالْعَمَل.
تَرَاهُ قَرِيباً أَمَلُهُ، قَلِيلاً زَلَلُهُ، خَاشِعاً قَلْبُهُ، قَانِعَةً نَفْسُهُ، مَنْزُوراً أَكْلُهُ، سَهْلاً أَمْرُهُ، حَرِيزاً دِينُهُ، مَيِّتَةً شَهْوَتُهُ، مَكْظُوماً غُيْظُه".
أشعار الحكمة
وقالوا في الحرص على عدم أذية قلوب الآخرين وجرح مشاعرهم :
احرص على صون القلوب من الأذى
********************************* فرجوعها بعد التـنـافـر يعـسـر
إن القـلـوب إذا تـنـافـر ودهـا
********************************* مثل الزجاجة كسرهـا لا يجـبـر

وقالوا في انتظار الفرج بعد الشدة :
ولرب نازلة يضيق لها الفتى
************************** ذرعاً وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
************************** فرجت وكنت أظنها لا تفرج

وقالوا في فضيلة الصبر :
اصبر ففي الصبر خير لوعلمت به
******************************* لطبت نفساً ولم تجزع مـن الألـمِ
واعلم بأنك لولم تصطبر كـرمـاً
******************************* صبرت رغماً على ما خط بالقلـمِ***
للمطالعة
يقول العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي صاحب كتاب تفسير الميزان رحمه الله: حينما كنت في بداية شبابي مقيماً بالنجف الأشرف لدراسة العلوم الإسلامية، كنت بين حين وآخر أذهب للقاء المرحوم آية الله القاضي وهو من كبار علماء الأخلاق وأساتذته في حوزة النجف الأشرف وذلك بحكم القرابة وصلة الرحم.

ذات يوم، كنت واقفاً عند باب مدرسة كان يمر بها المرحوم القاضي في طريقه. فلما اقترب دنا إلي، فوضع يده على كتفي وقال:
"يا بني ان كنت تريد الدنيا فصل صلاة الليل، وإن كنت تريد الآخرة فصل صلاة الليل".
وقد ترك هذا الكلام أثراً تربوياً عميقاً في نفسي فصرت من ذلك الوقت وبعد ما رجعت إلى إيران لازمته مدة خمس سنوات ليلاً ونهاراً، ولم أفرط بلحظة استطيع فيها الاستزادة من فيضه والتأسي بكمالاته الروحية.
هوامش
1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414هـ.ق- ج12 ص182 ح16023.
2- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414هـ.ق- ج12 ص 185 ح16034.
3- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414هـ.ق- ج12 ص 187 ح16040.
4- الشيخ الكليني- الكافي- دار الكتب الإسلامية، آخوندي- الطبعة الثالثة- ج2 ص149.
5- الشيخ الكليني- الكافي- دار الكتب الإسلامية، آخوندي- الطبعة الثالثة- ج2 ص124.
6- النحل:97.
7- البقرة:273.
8- لقمان:6.
9- الشيخ الكليني- الكافي- دار الكتب الإسلامية، آخوندي- الطبعة الثالثة- ج6 ص434.
10- النور:30.
11- الشيخ الكليني- الكافي- دار الكتب الإسلامية، آخوندي- الطبعة الثالثة- ج2 ص80.
12- الريشهري- محمد محمدي- ميزان الحكمة- دار الحديث، الطبعة الأولى- ج1 ص20.
13- النساء:60.
14- النور:33.
15- الشيخ الكليني- الكافي- دار الكتب الإسلامية، آخوندي- الطبعة الثالثة- ج2 ص79.


يتبع


sg,; ,ufh]m hgljrdk sg,;



رد مع اقتباس
قديم 2018/01/28, 06:55 PM   #2
الشيخ عباس محمد

موالي بلاتيني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3773
تاريخ التسجيل: 2015/04/07
المشاركات: 1,723
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً
المستوى : الشيخ عباس محمد is on a distinguished road




عرض البوم صور الشيخ عباس محمد
افتراضي

عبادة المتقين
أَمَّا اللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ......حَانُونَ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ، مُفْتَرِشُونَ لِجَبَاهِهِمْ وَأَكُفِّهِمْ، وَأَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ، يَطْلُبُونَ إِلَى اللهِ فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ.
فَمِنْ عَلاَمَةِ أَحَدِهِمْ أَنَّكَ تَرَى لَهُ.... خُشُوعاً فِي عِبَادَة.
يصف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه ‏السلام حال أولياء اللّه‏ فى مناجاتهم إذا جنّهم اللّيل، وذِكرهم ووقوفهم بين يدي الله بقوله "أمّا الليل فصافّون أقدامهم" فيها للصّلاة علما منهم بما فيه من الفضل العظيم والأجر الخطير. وقد مدح اللّه القيام فيها والقائمين في كتابه الكريم بقوله تعالى ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾، فعن الإمام الصّادق عليه السّلام في تفسيره: هو السّهر في الصّلاة.
وبقوله تعالى ﴿َأمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو

53

حْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾1.


رجال الليل والنهار

لليل رجال ودولة، وللنهار رجال ودولة. ودولة الليل في التضرع والاستكانة إلى اللّه والدعاء والمناجاة والذكر والخشوع والتبتل والإنابة والتوبة. ودولة النهار في الجد والعزم والسعي والكدح والجهاد والتقوى. ولكل دولة رجال وأبطال.
ومن الناس من يكون من رجال الليل. وليس من رجال النهار. فإذا جاء الليل نشط للعبادة والتضرع والبكاء والاستكانة، ومن الناس من يكون من رجال النهار في العزم والجد والكدح والتقوى والإخلاص فإذا حلّ به الليل أخلد إلى النوم وسلّم للنوم جوارحه وجوانحه تسليماً.
والنوم في حياة الإنسان حاجة كسائر حاجاته الطبيعية، يأخذ منه المؤمن ما يحتاجه منه ولا يستسلم له: "وخلق لهم الليل ليسكنوا فيه من حركات التعب ونهضات النصب فيكون لهم جماماً وقوة ولينالوا به لذة وشهوة"2.
فإن المؤمن إذا اقتصر من النوم على حاجته تحكّم هو في النوم، وإذا سلّم له جوارحه وجوانحه تحكّم النوم فيه. وهؤلاء هم النمط الثاني من الناس.
والنمط الثالث من الناس الذين آتاهم اللّه تعالى دولة الليل والنهار، وهم أقل من القليل وصفوة الصفوة من عباد الله، ولا يتكامل الإنسان حق الكمال ولا يبلغ ذروة التقوى والصلاح والمعرفة والذكر إلا عندما يجمع بين دولة الليل والنهار.
يقول أمير المؤمنين عليه السلام عن هؤلاء في خطبة المتقين المعروفة بخطبة همّام:
"أما الليل فصافّون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونها ترتيلاً يحزّنون به أنفسهم ويستثيرون دواء دائهم، فإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً وتطلعت نفوسهم إليها شوقاً وظنّوا أنها

54

نصب أعينهم، وإذا مرّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم فظنّوا أن زفير جهنم وشهيقها في اُصول آذانهم، فهم حانون على أوساطهم مفترشون لجباههم وأكفّهم وركبهم وأطراف أقدامهم يطلبون فكاك رقابهم. وأما النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء".
وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم القدوة، يأخذ من هذا وذاك بصورة متوازنة، يأخذ من الليل الحب والإخلاص والذكر، ويأخذ من النّهار القوة والسلطان والمال، لتمكين الدعوة وترسيخها وكانت ناشئة الليل تعينه، وتمكّنه من حمل عب‏ء الرسالة الثقيل. يقول تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ الْلَيْلَ إِلاّ قَليلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَليلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَ رَتِّلِ الْقُرآنَ تَرْتيلاً * إِنّا سَنُلْقى عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقيلاً * إِنَّ ناشِئةَ الْلَيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَ أقْوَمُ قِيلاً * إِنَّ لَكَ فيِ النَّهارِ سَبْحاً طَويلاً﴾3 .


الصلاة رحلة إلى اللّه

الصلاة رحلة إلى اللّه تعالى، والى هذه الحقيقة يشير الحديث الشريف: "الصلاة معراج المؤمن".
وفي الصلاة يعرج الإنسان إلى اللّه، ومهما كان عروج الإنسان في صلاته أكثر كان أقرب الى اللّه تعالى.
ما هي الغاية من الصلاة؟ وكيف نصلي؟
إن (الذكر) هو الغاية من الصلاة. يقول تعالى: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾4.
فالصلاة إذن ذكر، والغاية من الصلاة الذكر ولا يتأتى للإنسان الذكر من دون "حضور القلب" في الصلاة، فإن الذكر هو الحضور، والغفلة الغياب، ولكي يحقق الانسان في صلاته حالة الذكر لابد له من تحضير القلب.

55

ولا قيمة الصلاة إلا بمقدار حضور القلب، وليس للمصلي من صلاته الا ما أقبل عليها بقلبه. وقد دلت الروايات على ذلك. فعن رسول اللّه صلى الله عليه وآله: "كم من قائم حظه من صلاته النصب والتعب"5.
وعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم: "إذا أقمت للصلاة فعليك بالإقبال على الله، فإنما لك من الصلاة ما أقبلت عليه بقلبك"6.
وقد تكون الصلاة فارغة تماماً من ذكر وإقبال على اللّه، وليس فيها من الصلاة الا الشكل والمظهر.. فيضرب بها وجه صاحبها.


الخشوع في الصلاة

فَمِنْ عَلاَمَةِ أَحَدِهِمْ أَنَّكَ تَرَى لَهُ.... خُشُوعاً فِي عِبَادَة.
فما هو الخشوع وكيف يمكن تحصيل هذه الحالة من القرب الى الله؟
الخشوع في اللغة :هو الخضوع والسكون. قال :﴿وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً﴾7. أي سكنت.
والخشوع في الاصطلاح: لين القلب ورقته وسكونه وخضوعه،فإذا خشع القلب تبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء،لأنها تابعة له فالخشوع محله القلب ولسانه المعبر هو الجوارح.
إن الخشوع في الصلاة، هو توفيق من الله جل وعلا، يوفق إليه الصادقين في عبادته،المخلصين المخبتين له،العاملين بأمره والمنتهين بنهيه. فمن لم يخشع قلبه بالخضوع لأوامر الله خارج الصلاة،لا يتذوق لذة الخشوع ولا تذرف عيناه الدموع لقسوة قلبه وبعده عن الله.قال تعالى: ﴿ِإنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾8، فالذي لم تنهه صلاته عن المنكر لا يعرف إلى الخشوع سبيلاُ،ومن كان حاله كذلك،فإنه وإن صلى لا يقيم الصلاة كما أمر الله جل وعلا، قال

56

تعالى:﴿َاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾9.


أهم أسباب الخشوع

إن الخشوع ما هو إلا ثمرة لصلاح القلب واستقامة الجوارح، ولا يحصل ذلك إلا بمعرفة الله جل وعلا،والإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر،ومعرفة أمره والعمل به،ومعرفة نهيه واجتنابه،ثم اقتران ذلك كله بالإخلاص.لذلك فإن مرد أسباب الخشوع كلها إلى هذه الأمور.

1- معرفة الله:

وهي أهم الأسباب وأعظمها،وبها ينور القلب ويتقد الفكر وتستقيم الجوارح فالعلم اليقين بلا إله إلا الله،يثمر في القلب طاعة الله وتوقيره والذل والانكسار له في كل اللحظات،ويعلّم المؤمن الحياء من الله لإيقانه بوجوده ومعيته وقربه وسمعه وبصره.قال تعالى: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾10.

2- تعظيم قدر الصلاة والاستعداد لها:

وإنما يحصل تعظيم قدرها،إذا عظم المسلم قدر ربه وجلال وجهه وعظيم سلطانه، واستحضر في قلبه وفكره إقبال الله عليه وهو في الصلاة، فعلم بذلك أنه واقف بين يدي الله، وقد كان الإمام علي بن الحسين السجاد عليه السلام إذا توضأ اصفر لونه فيقول له أهله:ما هذا الذي يعتريك عند الوضوء ؟فيقول: "أتدرون بين يدي من أقوم؟ "11.
وليس من شك أن الاهتمام من عوامل الانتباه، وكلما يكون اهتمام الإنسان بأمر أكثر يكون انتباهه إليه أكثر وهذه قضية واضحة، فإن الإنسان إذا واجه أمرين وكان اهتمامه إلى أحدهما أعظم من الآخر انصرف إليه بقلبه.
وإنما ينصرف الناس عن صلاتهم الى ما يهمهم من أمور دنياهم لأن اهتمامهم

57

بها أعظم من اهتمامهم بالصلاة، إذن الخلفية النفسية لمسألة حضور القلب في الصلاة هي قضية الاهتمامات، وما لم يحول الإنسان اهتماماته من "الأنا" إلى "اللّه" ومن "الدنيا" إلى "الآخرة"... لا يتمكن من أن يؤدي الصلاة أداءً حسناً، بالإقبال والذكر والانشداد.

3_ تفريغ القلب:

إن قلب الإنسان إناء واحد، لا يجتمع فيه أمران متضادان، يقول تعالى: ﴿مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهٌِ﴾. فإذا كان قلب الإنسان مشغولاً بشواغل الدنيا، فلا يستطيع أن ينصرف الى ذكر اللّه تعالى، وتبقى هذه الشواغل تلاحقه، وتطارده، حتى في صلاته، وهذه الشواغل على نحوين:
شواغل خارجية، وأخرى داخل النفس، والثانية أشق من الأولى.
أما الشواغل الخارجية فهي ما تحيط الإنسان وتشغل باله، مثل زخرفة مكان المصلّي ونقوش الفرش الذي يصلّي عليه الإنسان.
وأهم من الشواغل الخارجية الشواغل الداخلية في النفس، وهي الاهتمامات التي تشغل المصلي عن صلاته وذكره، وتشتت باله، وترهقه بالطمع والحسد والجشع وطول الأمل.

4_ منهج الخطاب

عندما ننظر في كتاب أونستمع إلى محاضرة قد نصاب بشرود الذهن، وكذلك الأمر عندما نقرأ كتاباً بصوت مسموع. ولكن عندما نخاطب أحدا أونتلقى خطاباً من احد بالمواجهة لا نصاب بالشرود،ففي حالة الخطاب ينشد الإنسان إلى "المخاطب" (بالفتح والكسر)، بسبب عامل الخطاب. إذن "الخطاب" من أهم عوامل الانشداد.
فإذا استشعر المؤمن خطاب اللّه تعالى له في القرآن، وخطابه له تعالى في

58

"الصلاة" و"الدعاء" لم يصرفه عنه شيء، ولا يجد أمراً ألذّ إلى قلبه وعقله منه.

5- تدبر القرآن في الصلاة:

إن تدبر القرآن من أعظم أسباب الخشوع في الصلاة ,وذلك لما تشتمل عليه الآيات من الوعد والوعيد وأحوال الموت ويوم القيامة وأحوال أهل الجنة والنار وأخبار الأنبياء الرسل وما ابتلوا به من قومهم وكل هذه القضايا تسبح بخلدك فتهيج في قلبك نور الإيمان وصدق التوكل وتزيدك خشوعاً على خشوع وكيف لا وقد قال الله جل وعلا: ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونٌَِ﴾12.


صلاة الليل

"وأما الليل فصافون أقدامهم....."
إن النوافل هي مجال التنافس والتسابق، والتسامي في نيل الدرجات الزلفى عند رب العالمين، يوم القيامة.
قال تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرٌَُِ﴾13
ومن أهم هذه النوافل، صلاة الليل يقول الله تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًاٌَُِ﴾14.
ويقول تعالى: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونٌََُِ﴾15.


آثار صلاة الليل:

فمن آثار هذه الصلاة:

59

أولاً: إن صلاة الليل تثبت النور في قلب العبد النور، وقد ورد عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أنه قال: "إن العبد إذا تخلّى بسيّده في جوف الليل المظلم وناجاه، أثبت الله النور في قلبه"16.

ثانياً: إن صلاة الليل تستوجب رضوان الله سبحانه وتعالى، وقد قرن الإمام الرضا عليه السلام بين صلاة الليل ورضا الله تعالى، فقال: "قيام الليل رضا الرب" 17.

60

خلاصة الدرس
يصف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‏ السلام حال أولياء اللّه‏ فى مناجاتهم إذا جنّهم اللّيل، وذِكرهم ووقوفهم بين يدي الله بقوله "أمّا الليل فصافّون أقدامهم" فيها للصّلاة علما منهم بما فيه من الفضل العظيم والأجر الخطير.
ولليل رجال ودولة، وللنهار رجال ودولة. ودولة الليل في التضرع والاستكانة إلى اللّه والدعاء والمناجاة والذكر والخشوع والتبتل والإنابة والتوبة. ودولة النهار في الجد والعزم والسعي والكدح والجهاد والتقوى. ولكل دولة رجال وأبطال.

الصلاة رحلة إلى اللّه تعالى، وإلى هذه الحقيقة يشير الحديث الشريف: "الصلاة معراج المؤمن".

ولا قيمة الصلاة إلا بمقدار حضور القلب، وليس للمصلي من صلاته الا ما أقبل عليها بقلبه.

إن الخشوع في الصلاة، هو توفيق من الله جل وعلا، يوفق إليه الصادقين في عبادته،المخلصين المخبتين له،العاملين بأمره والمنتهين بنهيه. فمن لم يخشع قلبه بالخضوع لأوامر الله خارج الصلاة،لا يتذوق لذة الخشوع ولا تذرف عيناه الدموع لقسوة قلبه وبعده عن الله
أهم أسباب الخشوع
1- معرفة الله.
2- تعظيم قدر الصلاة والاستعداد لها.
3_ تفريغ القلب.
4_ منهج الخطاب.
5- تدبر القرآن في الصلاة.
أسئلة حول الدرس
1-ما هي أحوال الناس في الليل والنهار من حيث الطاعة والعبادة ؟
2-ما هو الدور التربوي للعبادة في الإسلام ؟
3-ما هي الغاية من الصلاة؟ وكيف نصلي؟
4-ما هو الخشوع وكيف يمكن تحصيل هذه الحالة من القرب الى الله ؟
5-بين فضل صلاة الليل وقيام المتقين فيه.
للحفظ
عن الإمام علي عليه السلام :
" أَمَّا اللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ......حَانُونَ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ، مُفْتَرِشُونَ لِجَبَاهِهِمْ وَأَكُفِّهِمْ، وَأَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ، يَطْلُبُونَ إِلَى اللهِ فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ.
فَمِنْ عَلاَمَةِ أَحَدِهِمْ أَنَّكَ تَرَى لَهُ.... خُشُوعاً فِي عِبَادَة..."
أشعار الحكمة
لك الحمد يا ذا الجود والمجد والعلى
****************************** تباركت تعطي من تشاء وتمنعُ
إلهي وخلاقي وحرزي وموئلي
****************************** إليك لدى الإعسار واليسر أفزعُ
إلهي لئن جلت وجمت خطيئتي
****************************** فعفوك عن ذنبي أجل وأوسعُ
إلهي لئن أعطيت نفسي سؤلها
****************************** فها أنا في روض الندامة أرتعُ
إلهي ترى حالي وفقري وفاقتي
****************************** وأنت مناجاتي الخفية تسمعُ
إلهي فلا تقطع رجائي ولا تزغ
****************************** فؤادي فلي في سيْب جودك مطمعُ
إلهي أجرني من عذابك إنني
****************************** أسير ذليل خائف لك أخضعُ
إلهي فآنسني بتلقين حجتي
****************************** إذا كان لي في القبر مثوى ومضجعُ
للمطالعة
حكي أحد العلماء أنه ذهب في كربلاء المقدسة إلى آية الله العظمى الشيخ مرتضى الأنصاري رحمه الله يطلب منه مساعدة مالية لسيد جليل من كبار العلماء، كانت زوجته تقرب من وضع حملها وله عيال كثير.
فقال الشيخ الأنصاري "ليس لدي مال الآن سوى مبلغ لمن يصلي ويصوم نيابةً لميت". فقال له الوسيط "سيد جليل ومتعفف، ولأنه كثير الاهتمام بدروسه ومطالعاته العلمية لا يتفرغ لهذه العبادة الاستيجارية".
يقول: فتأمل الشيخ الأنصاري قليلاً ثم قال "إذن أنا أصلي وأصوم بدلاً عنه، خذ هذه الأموال". وهذا بالرغم من كون الشيخ مرتضى الأنصاري لمكانته المرجعية كان كثير الانشغال وقليل الوقت، ولكنه تحمل ذلك بدلاً عن السيد المحتاج الذي لم يكن يعرفه بسبب التعفف.

وهناك قصة أخرى مشابهة لهذه القصة حصلت للسيد علي الدزفولي وكان شديد الفقر، فذهب للشيخ الأنصاري مباشرةً ليطلب منه شيئاً لسد الفاقة.
فأجابه الشيخ: "ليس في يدي شيء أعينك به في الوقت الحاضر، ولكن اذهب عند فلان، خذ منه مبلغاً لصلاة استيجارية مدة عامين، وأنا أصليها بدلاً عنك".
هوامش
1- الزمر:9.
2- المجلسي- محمد باقر- بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة- ج55 ص199، من دعاء الإمام السجاد عليه السلام في الليل والنهار.
3- المزمل:1-7.
4- طه:14.
5- الرازي- وفاة 206- التفسير الكبير ج23 ص77.
6- المجلسي- محمد باقر- بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة- ج81 ص260.
7- طه:108.
8- العنكبوت:45.
9- البقرة:45.
10- الحديد:4.
11- المجلسي- محمد باقر- بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة- ج77 ص347.
12- الحشر:21.
13- فاطر:32.
14- الإسراء:79.
15- السجدة:16-17.
16- مستدرك الوسائل: 207/5 باب28.
17- التهذيب2: 121 باب8 ح225.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المتقين, سلوك, وعبادة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الاسلام سلوك ومعاملة شجون الزهراء المواضيع العامة 2 2016/01/24 02:22 PM
تغطية المرأة وجهها بحضرة الرجل الأجنبي عادة وعبادة عاشقة بيت النبي بنات الزهراء 2 2014/08/14 10:17 PM
صفات وعبادة الإمام الحسن عليه السلام! بنت الصدر سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) 1 2014/07/19 11:31 PM
صفات وعبادة الإمام الحسن عليه السلام! النبأ العظيم سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) 2 2013/11/25 09:47 PM
الإمام الكاظم (عليه السلام ) وعبادة السجن شجون الزهراء سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) 3 2013/06/09 06:16 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي
|

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى || SiteMap Index


أقسام المنتدى

المنتــديات العامة @ السياسة @ المناسبات والترحيب بالأعضاء الجدد @ منتديات اهل البيت عليهم السلام @ سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) @ الواحة الفاطمية @ الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) @ الادعية والاذكار والزيارات النيابية @ المـدن والأماكن المقدسة @ المـنتـديات الأدبيـة @ الكتاب الشيعي @ القصة القصيرة @ الشعر الفصيح والخواطر @ الشعر الشعبي @ شباب أهل البيت (ع) @ المنتـديات الاجتماعية @ بنات الزهراء @ الأمومة والطفل @ مطبخ الاكلات الشهية @ المنتـديات العلمية والتقنية @ العلوم @ الصحه وطب أهل البيت (ع) @ الكمبيوتر والانترنيت @ تطبيقات وألعاب الأندرويد واجهزة الجوال @ المنتـديات الصورية والصوتية @ الصوتيات والمرئيات والرواديد @ الصــور العامة @ الابتسامة والتفاؤل @ المنتــــديات الاداريـــة @ الاقتراحات والشكاوي @ المواضيع الإسلامية @ صور اهل البيت والعلماء ورموز الشيعة @ باسم الكربلائي @ مهدي العبودي @ جليل الكربلائي @ احمد الساعدي @ السيد محمد الصافي @ علي الدلفي @ الالعاب والمسابقات @ خيمة شيعة الحسين العالميه @ الصــور العام @ الاثـــاث والــديــكــورآت @ السياحة والسفر @ عالم السيارات @ أخبار الرياضة والرياضيين @ خاص بالأداريين والمشرفين @ منتدى العلاجات الروحانية @ الابداع والاحتراف هدفنا @ الاستايلات الشيعية @ مدونات اعضاء شيعة الحسين @ الحوار العقائدي @ منتدى تفسير الاحلام @ كاميرة الاعضاء @ اباذر الحلواجي @ البحرين @ القران الكريم @ عاشوراء الحسين علية السلام @ منتدى التفائل ولاستفتاح @ المنتديات الروحانية @ المواضيع العامة @ الرسول الاعظم محمد (ص) @ Biography forum Ahl al-Bayt, peace be upon them @ شهر رمضان المبارك @ القصائد الحسينية @ المرئيات والصوتيات - فضائح الوهابية والنواصب @ منتدى المستبصرون @ تطوير المواقع الحسينية @ القسم الخاص ببنات الزهراء @ مناسبات العترة الطاهرة @ المسابقة الرمضانية (الفاطمية) لسنة 1436 هجري @ فارسى/ persian/الفارسية @ تفسير الأحلام والعلاج القرآني @ كرسي الإعتراف @ نهج البلاغة @ المسابقة الرمضانية لسنة 1437 هجري @ قصص الأنبياء والمرسلين @ الإمام علي (ع) @ تصاميم الأعضاء الخاصة بأهل البيت (ع) @ المسابقة الرمضانية لعام 1439هجري @ الإعلانات المختلفة لأعضائنا وزوارنا @ منتدى إخواننا أهل السنة والجماعه @


تصليح تلفونات | تصليح تلفونات | تصليح سيارات | تصليح طباخات | تصليح سيارات | كراج متنقل | تصليح طباخات | تصليح سيارات |