Untitled 2
العودة   منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي > المنتــديات العامة > الحوار العقائدي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016/06/24, 04:22 AM   #1
معلومات إضافية
رقم العضوية : 4414
تاريخ التسجيل: 2016/02/20
المشاركات: 1,006
ابو الحسن غير متواجد حالياً
المستوى : ابو الحسن is on a distinguished road




عرض البوم صور ابو الحسن
Faraj بحوث حول الامام المهدي (عج)


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين

الموضوع ليس للنقاش


الاداره الموقره
رجاءا وليس امرا
تثبيت الموضوع بهذا القسم للفائده



بحوث حول الامام المهدي (عج)
(منقول للفائده)



في الأدلة على وجود الإمام المهدي(عليه السلام)



الأدلة على وجود الإمام المهدي عليه السلام

أولاً: الأدلة القرآنية على وجود الإمام مهدي عليه السلام

من هو المستخلف

ثانياً: الأدلة الروائية الدالة على وجود الإمام المهدي عليه السلام

الطائفة الاولى: روايات ((لا تخلو الأرض من حجة))

الطائفة الثانية: روايات ((من مات و لم يعرف إمام زمانه...))

الطائفة الثالثة: حديث ((الأئمة اثني عشر))

الطائفة الرابعة: حديث الثقلين

روايات اُخرى

فهرسة الروايات

مولده بين الكتمان و الإعلان





إنّ المهدي(عليه السلام) (ليس تجسيداً لعقيدة إسلامية ذات طابع ديني فحسب، بل هو عنوان اتجهت إليه البشرية بمختلف أديانها ومذاهبها، وصيانة لإلهام فطري، أدرك الناس من خلاله ـ على الرغم من تنوع عقائدهم ووسائلهم إلى الغيب ـ أنّ للإنسانية يوماً موعوداً على الأرض تحقق فيه رسالات السماء بمغزاها الكبير وهدفها النهائي)([1]).

فالبشرية الآن بمختلف تياراتها تنتظر هذا المصلح لينقذها من الظلم والجور الذي تعيشه.

والأمر الذي ينبغي الإشارة إليه أنّ بعض أبناء العامة ـ على الرغم من اعتقادهم بظهور هذا المصلح وأنـّه المهدي، كما هو اعتقاد الشيعة ـ يذهبون إلى أنّ المهدي سيُولد في آخر الزمان، ونحن لا نريد الدخول في الأسباب والخلفيات التي تقف وراء هذا الرأي، إلاّ أنـّنا نريد أن نلفت النظر إلى ما تواترت عليه النصوص الشريفة من أهل البيت(عليهم السلام)، فضلاً عما ورد من طريق أبناء العامة في ذلك، وهو اعتقاد كثير من علمائهم، وأنّه(عليه السلام)«ولد ولا زال حياً»، كما سيتضح إن شاء الله.



أولاً: الأدلة القرآنية على وجود الإمام المهدي(عليه السلام):

يوضّح القرآن الكريم هذه المسألة بأروع بيان، كاشفاً عن ضرورة وجود الحجة المتمثل بالإمام المهدي(عليه السلام) بأدق وجه، حيث نجد عدداً من الآيات القرآنية التي تشير لهذا المعنى:

الآية الاُولى: قوله تعالى: (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً )([2]).

وهذه الآية المباركة تشير إلى قضيتين أساسيتين:

الاُولى: ضرورة وجود خليفة عن الله تعالى:

ومعنى الخليفة: هو مَن يخلف غيره فيه يرجع إلى المستخِلف ـ بالكسر ـ فما دامت الأرض مسكونة من قبل المكلفين لابد من وجود خليفة، ولا وجه لاختصاصه بمدة حياة آدم (عليه السلام)، ولذا نجد أنّ الله تعالى يخاطب داود (يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الاَْرْضِ ).

وفي هذا الميدان يقول الفخر الرازي: (الخليفة! مَن يخلف غيره ويقوم مقامه)([3]).





مَن هو المستخلِف:

يكشف النص القراني عن هوية المستخلِف، وأنّه ليس مطلق الإنسان; حتى أولئك الذين عبّر عنهم القرآن الكريم بقوله تعالى: (أُولئِكَ كَالأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ...)([4])، وإنّما هو ذلك الإنسان الكامل الذي أصبح مسجود الملائكة، ومظهراً لأسماء الله تعالى وصفاته، وبتعبير أحدهم، في معنى هذه الخلافة التي تسلّمها ذلك الخليفة الأرضي والتي لم تستطع الملائكة النهوض بها: (ويفهم من كلام القوم ـ قدّس الله أسرارهم ـ أنّ المراد من الآية بيان الحكمة في الخلافة على أدق وجه وأكمله، فكأنّه قال جلّ شأنه: اُريد الظهور بأسمائي وصفاتي ولم يكمل ذلك بخلقهم ]أي الملائكة[، فإنّي أعلم ما لا تعلمون; لقصور استعدادكم ونقصان قابليتكم، فلا تصلحون لظهور جميع الأسماء والصفات فيكم، فلا تتمّ بكم معرفتي، ولا يظهر عليكم كنزي، فلابدّ من إظهار مَن تمّ استعداده وكملت قابليته; ليكون مجلىً لي ومرآةً لأسمائي وصفاتي، ومظهراً للمتقابلات فيَّ، ومظهراً لما خفي عندي وبي، يسمع وبي يبصر، وبي...)([5]).

الثانية: دوام الخلافة:

من النقاط المهمة التي تشير الآية المباركة إليها هي مسألة دوام خلافة الإنسان الكامل، وأنّ لهذا الخليفة وجوداً ممتداً في المكان والزمان إلى أن يرث الله الأرض.

حيث تحمل الآية المباركة في طيّاتها عدة مؤشّرات تدل على هذه الحقيقة، منها: الوضع اللغوي للآية، فالجملة الاسمية التي ابتدأت بـ «إنّ» التي تفيد التأكيد، وكذا كلمة «جاعل» صيغة فاعل التي هي بمنزلة الفعل المضارع الذي يفيد الدوام والاستمرار على ما هو المعروف عند أهل اللغة، ولذا يذكر الفخر الرازي في تفسيره أنّ (جاعل من جعل، له مفعولان)،([6]) كما يذكر الآلوسي في «روح المعاني»: (جاعل اسم فاعل من الجعل بمعنى التصيير، فيتعدّى لاثنين)([7]).

إذن تبين أنّ الجعل الاستخلافي الإلهي ليس امراً مؤقتاً ينحصر في بُرهة زمنية معينة أو بقعة مكانية خاصة، وانما هو جعل مستمر دائم في كل زمان ومكان.

وقد جاء في تفسير هذه الحقيقة قول أحد المفسرين للآية المباركة (إنّي جاعل في الأرض خليفة) حيث يقول: (ولم تزل تلك الخلافة في الإنسان الكامل إلى قيام الساعة وساعة القيام، بل متى فارق هذا الإنسان العالم; مات العالم; لأنّه الروح الذي به قوامه، فهو العماد المعنوي للسماء، للدار الدنيا جارحة من جوارح جسد العالم الذي الإنسان روحه... والله سبحانه الفعّال لما يريد، ولا فاعل في الحقيقة سواه)([8]).

إذن الآية المباركة صريحة القول بوجود الإنسان الكامل (الخليفة)، وعدم خلوّ أيّ مقطع زماني ومكاني منه.

وهذا الإنسان الكامل خليفة ا لله في أرضه يستحيل صدقه على غير الإمام الثاني عشر الحجة (عليه السلام).

الآية الثانية: قوله تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هاد )([9]).

والذي يعطيه النظر الصحيح فيما تقتضيه الآية المباركة هو وجود هاد لكلّ زمان، ثمّ إنّ الهادي لا يكون هادياً إلى الدين إلاّ إذا كان عالماً بجميع الدين اُصولاً وفروعاً، ولا يكون عالماً إلاّ إذا كان معصوماً آخذاً علمه من الوحي أو من النبي (صلى الله عليه وآله).

وقد ورد في تفسير العامة([10]) والخاصة: أنّ المنذر هو الرسول(صلى الله عليه وآله): والهادي عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، وفي كل زمان إمام يهديهم إلى ما جاء به النبي(صلى الله عليه وآله).

وفي بعضها عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير الآية: «والله ما ذهبت منّا، وما زالت فينا إلى الساعة»([11]).

وعن أبي عبدالله (عليه السلام) في تفسير الآية قال: «كل إمام هاد لكلّ قوم في زمانهم»([12]) وغيرها مما يعضدها في المعنى تؤكد على ضرورة وجود هاد في كل عصر، وهو إمام معصوم.

وقد تظافرت الروايات من العامة والخاصة على أنّ أهل البيت (عليهم السلام)هم الهداة.

فقد جاء في ينابيع المودة عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) «..ونحن من رحمة الله على خلقه، وبنا يفتح وبنا يختم، ونحن الأئمة الهداة والدعاة إلى الله، ونحن مصابيح الدجى ومنار الهدى...»([13]).

وعن أميرالمؤمنين(عليه السلام) في خطبة له قال: «وإنّ الأئمة قوام الله على خلقه، وعرفاؤه على عباده، لايدخل الجنّة إلاّ من عرفهم وعرفوه، ولايدخل النار من أنكرهم وأنكروه»([14]).

والملاحظة الجديرة بالذكر أنّ تخصيص الرسول(صلى الله عليه وآله) الهادي بعليّ بن أبي طالب إنّما كان بلحاظ فترة حياة الإمام علي(عليه السلام)، لاسيما بملاحظة الروايات الاُخرى التي تشهد وتؤكد على أنّ أهل البيت(عليهم السلام) هم الأئمة الهداة.

وعند إلقاء الضوء على ما ورد من روايات في هذا السياق نجد أنّها تتضمن خصائص ومواصفات الأئمة الهادين، تصف كونهم أماناً لأهل الأرض، وأنّ قوام الدين بهم إلى قيام الساعة، وأنّ وجودهم مستمر إلى آخر الدهر، وصلاح الاُمّة والناس بهم، وأنّهم كلّهم يعمل بالهدى ودين الحق.

ومن الواضح أنّ من يتّصف بهذه المواصفات والخصوصيات يكون هو الهادي لا غير، ومن هذه الروايات:

ما ورد عن النبي(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «في كل خلوف من اُمّتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ألا وإن أئمتكم وفدكم إلى الله عزّ وجل فانظروا بمن توفدون»([15]).

وروي عنه(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «لا تهلك هذه الاُمة حتى يكون فيها اثنا عشر خليفة كلهم يعمل بالهدى ودين الحق»([16]) وغيرها من الروايات.

ومن ذلك يتضح معنى الروايات المفسِّرة للاهتداء بالهداية إلى ولاية الإمام المعصوم في قوله تعالى: (وَإِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ).

إذن فالآية المباركة واضحة الدلالة على ضرورة وجود المعصوم في زماننا، وهو الإمام المهدي بن الحسن العسكري(عليهما السلام) ولو بقرينة الروايات الاُخرى.

الآية الثالثة: قوله تعالى: (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناس بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً * وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الآْخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً )([17]).

وحاصل الاستدلال بها: لمّا ثبت أنّ دين الإسلام مستمر وباق إلى قيام الساعة فذلك يستلزم أن يكون إمام للمتدين في كل زمان يأتم به; لئلاّ يكون اُناس ليس لهم إمام، ولا يكون للآية الشريفة تطبيق وتجسيد في زماننا إلاّ بإمامة الإمام المهدي بن الحسن العسكري(عليهما السلام) ولو بمساعدة الروايات الواردة في هذا السياق.

الآية الرابعة: قوله تعالى: (قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ )([18]).

والآية صريحة في ضرورة وجود معصوم إلى آخر زمان التكليف; لإقامة الحجة التي تعني بلوغ التكليف إلى المكلفين، ومن الواضح عدم تمامية الحجة بغير إمام معصوم.

وممّا يدعم ذلك: وجود عدد آخر من الروايات التي تصرح بضرورة عدم خلوّ الأرض من حجة، وستأتي لاحقاً.

ولا يمكن إيجاد تطبيق واقعي للآية إلاّ بوجود الإمام المهدي بن الحسن العسكري (عليهما السلام).

الآية الخامسة: قوله تعالى: (وَما كانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ )([19]).

والآية المباركة تكشف عن دور وأثر المعصوم ـ سواء كان النبي أو الإمام ـ على درء الفساد.

وقد أشار الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى وجود هذا المعنى من أهل بيته(عليهم السلام) وأنّهم أمان لأهل الأرض كما هو (صلى الله عليه وآله) أمان لهم. وهذا المعنى يلتقي مع روايات متظافرة تشهد وتؤكد على أنّ أهل البيت (عليهم السلام) أمان لأهل الأرض، فقد ورد عنه (صلى الله عليه وآله) قوله: «النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لاُمّتي من الاختلاف»([20])، و «إذا ذهبوا ماجت الأرض بأهلها»([21])، أو «لساخت الأرض بأهلها»([22])، وغيرها من الروايات الكثيرة التي تشاركها في المضمون.

وسيأتي معنى كيفية درأ الفساد من قبل المعصوم.

وبذلك تسجّل هذه الآيات المباركة رقماً صريحاً في حقيقة وضرورة وجود المعصوم في هذا الزمان، وأنّه الإمام محمّد بن الحسن العسكري(عليه السلام)، مضافاً لغايتها الكبيرة في معالجة ما يطرأ على بعض الأذهان من التباسات حيال المسألة.

والنقطة التي تستدعي الالتفات: أنّ دعوى ضرورة وجود معصوم بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) وعدم خلوّ زمان من معصوم ليست من مختصات مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)كما يتهم بعضٌ الشيعة الإمامية بذلك، بل هنالك جملة من أعلام المسلمين أعلنوا عن هذه الحقيقة، وهي وجود المعصوم في كل زمان.

فهذا الفخر الرازي يقول في تفسيره في ذيل قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ )([23]): «إنّه تعالى أمر المؤمنين بالكون مع الصادقين، ومتى وجب الكون مع الصادقين، فلابدّ من وجود الصادقين في كل وقت».

فإنّ قيل: لِمَ لا يجوز أن يقال: إنّ المراد بقوله: (كونوا مع الصادقين)أي كونوا على طريقة الصادقين، كما أنّ الرجل إذا قال لولده: كن مع الصالحين لا يفيد إلاّ ذلك، لكن نقول: إنّ هذا الأمر كان موجوداً في زمان الرسول(صلى الله عليه وآله) فقط، فكان هذا أمراً بالكون مع الرسول، فلا يدل على وجود صادق في سائر الأزمنة.

والجواب عن الأوّل: إنّ قوله: (كونوا مع الصادقين) أمر بموافقة الصادقين ونهي عن مفارقتهم، وذلك مشروط بوجود الصادقين. ومالا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب، فدلّت الآية على وجود الصادقين. وقوله: إنّه محمول على أن يكونوا على طريقة الصادقين، فنقول: إنّه عدول عن الظاهر من غير دليل.

وقوله: هذا الأمر مختصّ بزمان رسول الله(صلى الله عليه وآله) قلنا: هذا باطل لوجوه:

الأوّل: أنّه ثبت بالتواتر الظاهر من دين محمّد(صلى الله عليه وآله) أنّ التكاليف المذكورة في القرآن متوجّهة إلى المكلفين حتى قيام القيامة، فكان الأمر في هذا التكليف كذلك.

الثاني: أنّ الصيغة تتناول الأوقات كلها بدليل صحة الاستثناء.

والثالث: لمّا لم يكن الوقت المعين مذكوراً في لفظ الآية لم يكن حمل الآية على البعض أولى من حمله على الباقي، فإمّا أن لا يحمل على شيء من الأوقات فيفضي إلى التعطيل وهو باطل، أو على الكلّ وهو المطلوب.

والرابع: وهو أنّ قوله: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ ) أمرٌ لهم بالتقوى، وهذا الأمر إنّما يتناول من يصح منه أن لا يكون متيقّناً وإنّما يكون كذلك لو كان جائز الخطأ، فكانت الآية دالة على أن من كان جائز الخطأ وجب كونه مقتدياً بمن كان واجب العصمة وهم الذين وصفهم الله بكونهم صادقين، فهذا يدل على أنـّه واجب على جائز الخطأ كونه مع المعصوم عن الخطأ حتى يكون المعصوم عن الخطأ مانعاً لجائز الخطأ عن الخطأ. وهذا المعنى قائم في جميع الأزمان فوجب حصوله في كل الأزمان»([24]).

وقال أيضاً في ذيل قوله تعالى: (يَاأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم )([25]): «إنّ الله تعالى أمر بطاعة اُولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية، ومَن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لابدّ أن يكون معصوماً عن الخطأ; إذ لو لم يكن معصوماً عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته، فيكون ذلك أمراً بفعل ذلك الخطأ. والخطأ لكونه خطأً منهيّ عنه، فهذا يُفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد وأنّه محال، فثبت أنّ الله تعالى أمر بطاعة اُولي الأمر على سبيل الجزم، وثبت أنّ كلّ مَن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوماً عن الخطأ، فثبت قطعاً أن اُولي الأمر المذكور في هذه الآية لابدّ أن يكون معصوماً»([26]).



ثانياً: الأدلة الروائية الدالة على وجود الإمام المهدي(عليه السلام):

ويمكن تصنيفها إلى طوائف عدة:

الطائفة الاُولى: روايات «لاتخلو الأرض من حجة»:

وقد ورد هذا المضمون في مصادر كثيرة وبعبارات مختلفة عند العامة، فمن أعلام العامة الذين أخرجوا هذا الحديث الخطيب البغدادي في تاريخه، والبيهقي في «المحاسن والمساوئ»، وأبو طالب المكّي في «قوت القلوب»، وابن عبد ربه في «العقد الفريد»، وابن قتيبة في «عيون الأخبار»، وغيرهم([27]).

على أنّ المسألة لا تقتصر على ما روى العامة، بل نجد أنّ التراث المرويّ عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يسجّل نقطة التقاء في التأكيد على المضمون ذاته، حيث وردت العشرات من الروايات التي تؤكد هذه الحقيقة، وهي: أنّ الأرض لا تخلو من حجة لله: وأنّها لو خلت لساخت الأرض بأهلها ونكتفي بذكر واحدة منها:

فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «ولولا ما في الأرض منّا لساخت بأهلها»، ثم قال: «ولم تخلُ الأرض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها ظاهر مشهور، أو غائب مستور، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة لله فيها»([28]).

وهذه الطائفة واضحة الدلالة على دوام الحجة في الأرض، ولاشك في أنّه الإمام المهدي(عليه السلام)، لاسيما مع الالتفات إلى أنّ حجة الله تعالى يتمتع بمواصفات وقدرات خاصة، كالعصمة والطهارة، وهذه الخصوصيات لا يمكن أن تنطبق إلاّ على الإمام المهدي ابن الإمام الحسن العسكري(عليهما السلام)، والذي هو من آل محمّد، والذي لا يقاس بهم أحد.

الطائفة الثانية: روايات «مَن مات ولم يعرف إمام زمانه...»:

وقد ورد هذا المضمون أيضاً في روايات متظافرة من طرق الفريقين تناقلتها بألفاظ مختلفة([29])، فضلا عن ما ورد من طرق الإمامية، فقد عقد المجلسي باباً روى فيه أربعين حديثاً في هذا المعنى بألفاظ متقاربة([30]).

وتدل هذه الروايات على ضرورة وجود الإمام في كل زمان، ولا يمكن تطبيق هذه الأحاديث إلاّ على ما تعتقد به الإمامية من وجود الإمام المهدي (عليه السلام).

الطائفة الثالثة: حديث «الأئمة اثني عشر»:

فقد روى البخاري في الصحيح، عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي(صلى الله عليه وآله) يقول: «يكون اثنا عشر أميراً»، فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي «أنّه قال: «كلّهم من قريش»([31]).

وروى مسلم في الصحيح، عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي(صلى الله عليه وآله)يقول: «لا يزال أمر الناس ماضياً ماوليهم اثنا عشر رجلاً»، ثم تكلم النبي(صلى الله عليه وآله)بكلمة خفيت عليّ، فسألت أبي: ماذا قال رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ فقال: «كلهم من قريش»([32]).

وروى الترمذي في السنن، عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يكون من بعدي اثنا عشر أميراً»، ثم عقّب على ذلك بقوله: قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح([33]).

وكذلك ورد هذا الحديث في سنن أبي داود([34]) والحاكم في المستدرك([35]) وأحمد بن حنبل([36]) وابن كثير في البداية والنهاية([37])، وغيرهم.

وأمّا على صعيد الإمامية فقد ورد هذا الحديث بطرق كثيرة لا نذكرها مراعاةً للاختصار.

وظاهر هذه الأحاديث أنّ الأئمة الاثني عشر ليسوا أئمة جور، وأنّهم لا يخلو منهم زمان.

وعلى هذا الأساس ارتبكت آراء علماء العامة، وتناقضت تفاسيرهم، وتضاربت تصريحاتهم في تفسير حديث الاثني عشر تفسيراً واقعياً صحيحاً.

ونحن لم نجد تفسيراً صحيحاً إلاّ تفسير الإمامية، المستند إلى العترة الطاهرة المتمثلة بأهل البيت(عليهم السلام)، لا سيما بملاحظة الروايات التي وردت عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وما تضمنته من خصائص ومميزات للخلفاء الاثني عشر التي لم نجدها عند غيرهم، من قبيل: «كلهم يعمل بالهدى»، «وإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها»، و«صلاح الاُمّة بهم»، و«إنّ قيام الدين إلى قيام الساعة بهم»، وغيرها، وهذه الخصائص والمميزات لا تقبل الشك والترديد في انطباقها على أهل البيت (عليهم السلام)».

إذن هذه الطائفة من الروايات دليل واضح على وجود الإمام المهدي (عليه السلام).

الطائفة الرابعة: حديث الثقلين:

وهو أفضل حديث من حيث السند والوثاقة، حتى بلغ حدّ التواتر، وأجمع على صحيحه المحدّثون من كل الفرق الإسلامية، ويكفي ان يكون من بين رواته كلّ من: صحيح مسلم، ومسند أحمد، وسنن أبي داود وابن ماجة، وخصائص النسائي، ومستدرك الحاكم، وذخائر الطبري، وحلية الاولياء، بالإضافة إلى الكثير من كتب التفسير: كالرازي والثعلبي ولسان الحديث، كما في رواية زيد ابن أرقم: «إنّي تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي، كتاب الله حبل ممدود بين السماء والأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفونني فيهما»([38]).

ويدل الحديث على جملة من الاُمور:

1 ـ إنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) ترك من بعده خليفتين هما: القرآن وعترته أهل بيته.

2 ـ إنّهما لن يفترقا إلى يوم القيامة.

3 ـ التمسّك بهما معاً يعصم الاُمّة من الضلال.

وفي ضوء ما تقدم تتضح لنا حقيقة مهمة، وهي حتمية وجود حجة وإمام من أهل البيت (عليهم السلام) في كلّ زمان لا يفترق عن كتاب الله، وهما متلازمان أحدهما في عرض الآخر، ولا يمكن التمسك بأحدهما دون الآخر.

ومن هنا يتبين ضرورة وجود الإمام من أهل البيت(عليهم السلام)، وهو الإمام الثاني عشر الحجة بن الحسن (عليه السلام) من أهل البيت (عليهم السلام)، وإلاّ فلم يتم حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) والعياذ بالله; لأنّه يؤدي إلى أنّ القرآن موجود من دون وجود لأهل البيت معه، وهو خلاف ما دعانا إليه الرسول (صلى الله عليه وآله).

إذن نستفيد من حديث الثقلين وجود الإمام المهدي(عليه السلام). أمّا إذا قيل: كيف يكون الإمام موجوداً وهو غائب؟ والجواب على ذلك يأتي إن شاء الله تعالى.

وقال ابن حجر في «الصواعق المحرقة»: (وفي أحاديث الحثّ على التمسّك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك إلى يوم القيامة، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض في كلّ خلف من اُمتي عدول من أهل بيتي»([39]).



روايات اُخرى:

وهنالك عدد وافر من الروايات المتظافرة وردت عن طريق العامة تشهد بأنّ المهدي ـ عجّل الله فرجه الشريف ـ من أهل البيت(عليهم السلام):

منها: حديث ابن مسعود، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي»([40]).

ومنها: حديث أبي سعيد، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «لا تقوم الساعة حتى تُملأ الأرض ظلماً وجوراً وعدواناً، ثم يخرج من أهل بيتي من يملؤها قسطاً وعدلاً»([41]).

ومنها: حديث أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «المهدي من أهل البيت»([42]).

ومنها: حديث أبي سعيد الخدري: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «يخرج في آخر اُمّتي المهدي:([43]).

وقد صرح بعض الأعلام بتواتر هذه الأحاديث، كالبري في مناقب الشافعي، والمزي في التهذيب([44])، والقرطبي في التذكرة([45])، والعسقلاني في تهذيب التهذيب([46]) وغيرهم.

فعلى سبيل المثال فإنّ ابن حجر قال في تهذيب التهذيب نقلاً عن الإيري في ترجمة محمّد بن خالد الجندي: (وقد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى (صلى الله عليه وآله) في المهدي وأنّه من أهل بيته، وأنّه يملك سبع سنين ويملأ الأرض عدلاً، وأنّ عيسى (عليه السلام) يخرج فيساعده على قتل الدجّال وأنّه يؤمّ هذه الاُمّة وعيسى خلفه)([47]).

ولم يقتصر القول بتواتر هذه الأحاديث على علماء المسلمين المتقدمين، بل تتخطّاها إلى المتأخرين، حيث نجد من أهل التحقيق ممّن يصرحون بصحة أحاديث المهدي بل بتواترها، كالشيخ محمّد الخضري المصري، والشيخ محمّد فؤاد عبدالباقي، وأبو الأعلى المودودي، وناصر الدين الألباني، والشيخ محمود التويجري، والشيخ عبدالعزيز ابن باز، وغيرهم([48]).

إذن فمسألة ظهور المهدي في آخر الزمان وأنّه من أهل البيت(عليهم السلام) و من عترة الرسول(صلى الله عليه وآله) هي من المسائل الواضحة التي تعلو على البرهنة والاستدلال.

حاصل ما تقدم: نجد أنّ هذه الطوائف الروائية المذكورة آنفاً الواردة من طرق العامة قد استوفت المسألة وغطّتها من جميع جوانبها; لما تتضمن من روح بيانية وصراحة فائقة من أنّ المهدي هو الإمام الثاني عشر ابن الإمام العسكري(عليهما السلام)، فقد سجّلت هذه النصوص ضرورة وجود معصوم لا يفارق الكتاب ولا يفارقه، كما يكشف عن ذلك حديث الثقلين، ويضيء حديث الاثني عشر إضاءة اُخرى بأنّ عدد هؤلاء المعصومين اثنا عشر مضافاً إلى عشرات الروايات الواردة عن طرق الفريقين: بأنّ هؤلاء الاثني عشر هم: عليّ والحسن والحسين وتسعة من صلب الحسين(عليهم السلام)ينتهون بالمهدي المنتظر، وبذلك يتحصل أنّ الإمام المهدي هو الإمام الثاني عشر، وأنّه حي يرزق لكنه غائب مستور عن الخلق لحكمة إلهية، كما سيأتي.



فهرسة الروايات:

عند ملاحظة الروايات الآتية نجد أنّ الدلالات تحتشد في الذهاب إلى أنّ الإمام المهدي هو الإمام الثاني عشر ابن الإمام الحسن العسكري(عليهما السلام)، وهو حي يرزق لكنه غائب مستور، وقد أحصاها بعض المعاصرين([49]) كالتالي:

1 ـ الروايات التي تشير إلى ظهوره عجّل الله فرجه، وهي 657 رواية.

2 ـ الروايات التي تبين أنّه يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، وهي 123 رواية.

3 ـ الروايات التي تثبت أنّ المهدي المنتظر من أهل البيت(عليهم السلام)ومجموعها 389 رواية.

4 ـ الروايات التي تبين أنّه من ولد أمير المؤمنين(عليه السلام)، وعددها 214 رواية.

5 ـ الروايات التي تثبت أنّه من ولد فاطمة(عليها السلام)، و 192 رواية.

6 ـ الروايات التي تقول: إنّه من ولد الإمام الحسين(عليه السلام)، وبلغت 185 رواية.

7 ـ الروايات التي تذكر أنّه التاسع من ولد الحسين، وهي 148 رواية.

8 ـ الروايات التي تقول: إنّه من ولد علي بن الحسين، و مجموعها 185 رواية.

9 ـ الروايات التي تصرّح أنّه من ولد محمّد الباقر(عليه السلام)، وهي 103 رواية.

10 ـ الروايات التي تقول: إنّه من ولد الصادق (عليه السلام)، وعددها 103 رواية.

11 ـ الروايات التي تبيّن أنّه السادس من ولد الصادق (عليه السلام)، وهي 199 رواية.

12 ـ الروايات التي تقول: أنّه من ولد موسى بن جعفر(عليه السلام)، وبلغت 101 رواية.

13 ـ الروايات التي ذكرت أنّه الخامس من ولد موسى بن جعفر (عليه السلام)، وهي 98 رواية.

14 ـ الروايات التي تقول: إنّه الرابع من ولد علي بن موسى الرضا(عليه السلام)، ومجموعها 95 رواية.

15 ـ الروايات التي تحدّد أنّه الثالث من ولد محمّد بن علي النقي، وهي 90 رواية.

16 ـ الروايات التي تقول: أنّه من ولد علي الهادي(عليه السلام)، وعددها 90 رواية.

17 ـ الروايات التي بيّنت أنّه ابن أبي محمّد الحسن العسكري، وهي 146 رواية.

18 ـ الروايات التي تقول: إنّه الثاني عشر من الائمة وخاتمهم، وبلغت 136 رواية.

19 ـ في أنّ له غيبتين، 10 رواية.

20 ـ في أنّ له غيبة طويلة، 91 رواية.

21 في أنّه طويل العمر جداً، وهي 318 رواية.

وبعد أن ثبتت عصمة أهل البيت(عليهم السلام) لا يرد الإشكال بأنّه كيف يستدل بروايات أهل البيت(عليهم السلام) على إمامتهم؟ وأنّه دور، فضلاً عن أنّه حتى لو أغمضنا النظر عن عصمتهم(عليهم السلام) فإنّه يمكن الاعتماد والأخذ برواياتهم(عليهم السلام)باعتبار أنهم رواة ثقات عن رسول الله(عليهم السلام)، ولا ريب في حجيتهم في هذا المقدار.

إذن هذه الخلفية الروائية تمهّد السبيل ـ بما تحدّثه من انشراح النفوس والصدور ـ لأجل حصول الاعتقاد والإيمان بوجود الإمام الثاني عشر وهو الإمام الحجة ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).

وبعد أن انتهينا في الكلام إلى هذه التخوم وبانت حدوده يكون من المنطقي الانتقال إلى الخطوة التالية المتمثلة بأقوال علماء أهل السنّة وأعلامهم، القائلين بولادة الإمام محمّد بن الحسن، وأنّه المهدي المنتظر عجل الله فرجه:

1 ـ الحافظ أبو محمّد أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن هاشم الطوسي البلاذري (ت339هـ )، حيث يقول: إنّه التقى بالإمام محمّد بن الحسن (عليه السلام)ونقل عنه رواية بلا واسطة، وفقاً لما جاء في كتاب «أسنى المطالب في مناقب سيدنا علي بن أبي طالب» لشمس الدين الجزري الشافعي; حيث نقل فيه رواية يتصل إسنادها إلى البلاذري، محدِّثاً فيها عن محمّد بن الحسن، واصفاً إيّاه بإمام عصره، وقبل أن ننقل الرواية بإسنادها ننوّه إلى أنّ شمس الدين الجزري قد ذكر في مقدمة كتابه هذا بأنّه لا ينقل فيه إلاّ ما تواتر أو صح أو حسن من الروايات، وعليه فتكون الرواية معتبرة.

ونصّ الرواية عن البلاذري حافظ زمانه، عن محمّد بن الحسن بن علي إمام عصره: حدثنا أبي الحسن بن علي السيد المحجوب، حدثنا أبي علي بن محمّد الهادي، حدثنا أبي محمّد بن علي الجواد، حدثنا أبي علي ابن موسى الرضا، حدثنا أبي موسى بن جعفر الكاظم، حدثنا أبي جعفر بن محمّد الصادق، حدثنا أبي محمّد ابن علي الباقر، حدثنا أبي علي بن الحسين زين العابدين، حدثنا أبي الحسين بن علي سيد الشهداء، حدثنا أبي علي بن أبي طالب سيد الأولياء رضي الله عنهم، أخبرني سيد الأنبياء محمّد ابن عبد الله (صلى الله عليه وآله) قال: «أخبرني جِبرائيل سيد الملائكة قال: قال الله تعالى سيد الكائنات: إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا، مَن أقرَّ لي بالتوحيد دخل حصني، ومَن دخل حصني أمِن من عذابي»([50]).

إذن هو يعترف بكل صراحة بأنّ الإمام محمّد بن الحسن(عليه السلام) هو إمام العصر.

2 ـ الحافظ محمّد بن أحمد بن أبي الفوارس، أبو الفتح البغدادي (ت412 هـ )، حيث يروي خبراً يتصل بسنده إلى الإمام الرضا(عليه السلام)، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب أنّه قال: «قال لي أخي رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: من أحب أن يلقى الله عزّ وجل وهو مقبل عليه غير معرض عنه فليوالِ علياً(عليه السلام)، ومن سرّه أن يلقى الله عزّ وجل وهو راض عنه فليوالِ ابنك، ومن أحب أن يلقى الله عزّ وجل ولا خوف عليه فليوالِ ابنك الحسين، ومن أحب أن يلقى الله وهو تمحّص عن ذنوبه فليوالِ عليَّ بن الحسين(عليه السلام)، فإنّه كما قال الله تعالى: (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ )([51])، ومن أحب أن يلقى الله عزّ وجل وهو قرير العين فليوالِ محمّد بن علي(عليه السلام)، ومن أحب أن يلقى الله فيعطيه كتابه بيمينه فليوالِ جعفر بن محمّد(عليه السلام)، ومن أحب أن يلقى الله طاهراً مطهّراً فليوالِ موسى بن جعفر الكاظم(عليه السلام)، ومن أحب أن يلقى الله وقد بلغت درجاته وبدّلت سيئاته حسنات فليوالِ ابنه محمّداً، ومن أحب أن يلقى الله عزّ وجل فيحاسبه حساباً يسيراً ويدخله جنة عرضها السماوات والأرض فليوالِ ابنه علياً، ومن أحب أن يلقى الله عزّ وجل وهو من الفائزين فليوالِ ابنه الحسن العسكري، ومَن أحب أن يلقى الله وقد كمل إيمانه وحسن إسلامه فليوالِ ابنه صاحب الزمان المهدي، فهؤلاء مصابيح الدُجى وأئمة الهدى وأعلام التقى، فمن أحبّهم ووالاهم كنت ضامناً له على الله الجنة»([52]).

3 ـ أبو المؤيد الموفّق بن أحمد المكّي أخطب خوارزم (ت 568هـ) نقل بعض الأحاديث([53]) الدالة على ولادة الإمام المهدي من دون أن يعلِّق عليها.

4 ـ الشيخ جلال الدين الرومي([54]) (ت 672هـ).

5 ـ الشيخ العارف عامر بن بصري (ت 696 هـ ).

6 ـ المحدث الكبير إبراهيم بن محمّد بن المؤيد الجويني الشافعي([55])(ت 722 هـ ).

7 ـ الشيخ الفقيه أبو عبدالله محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعي([56]) (ت 658 هـ ).

8 ـ فريد الدين عطار النيشابوري([57]) (ت 627 هـ).

9 ـ أحمد بن الحسن النامقي الجامي([58]) (ت 536هـ).

10 ـ يحيى بن سلامة بن حسين بن أبي محمّد عبدالله الدياربكري الطنزي الحصكفي([59]) (ت 553 هـ).

11 ـ الشيخ محيي الدين محمّد بن علي المعروف بابن عربي الطائي الأندلسي([60]) (ت 638هـ).

12 ـ العلاّمة يوسف بن فرغلي المعروف بابن الجوزي([61]) (ت 654هـ).

13 ـ الشيخ شمس الدين محمّد بن يوسف الزرندي([62]) (ت 747 هـ ).

14 ـ علي بن محمّد بن شهاب الهمداني (ت 786هـ).

15 ـ نور الدين علي بن محمّد بن الصباغ المالكي([63]) (ت 855 هـ).

وغيرهم الكثير من أعلام السنّة الذين صرّحوا بأنّ الإمام المهدي هو محمّد بن الحسن العسكري، واعترفوا بولادته (عليه السلام) ومهدويته.



مولده بين الكتمان والإعلان:

بعد أن ثبت أنّ الإمام المهدي هو محمد بن الحسن العسكري(عليهما السلام)، وبعد أن وقفت على اتفاق أقوال جملة من علماء وأعلام أهل السنّة على أنّ الإمام المهدي من أهل البيت(عليهم السلام) وأنّ ظهوره في آخر الزمان، فلا نحتاج إلى إثبات ولادته تاريخياً، ولا مجال للشك والترديد في ذلك، وعلى الرغم من وضوح ولادته(عليه السلام) وتظافر النصوص بين العامة والخاصة على ولادته(عليه السلام) نكتفي هنا بذكر روايتين:

فعن الإمام الرضا(عليه السلام) أنّه قال: «سقط من بطن اُمّه جاثياً على ركبتيه، رافعاً سبّابته نحو السماء، ثمّ عطس فقال: الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله، عبدٌ ذاكر لله، غير مستنكف ولا مستكبر»([64]).

وقد شهدت السيدة حكيمة ـ وهي من أجلّ نساء زمانها وأكرمهن، فهي بنت الإمام الجواد واُخت الهادي وعمّة العسكري ـ وحضرت الولادة ورأت المولود ساعة تفتّح عينيه لنور الحياة، فقالت: «ولد السيد مختوناً، ولم أرَ باُمّه دماً في نفاس»([65]).

مضافاً إلى إجراء الإمام العسكري(عليه السلام) السُنّة الشريفة بعد ولادة المهدي(عليه السلام) كما يفعل الملتزمون بالسُنّة([66])، فضلاً عما ورد من أحاديث تشهد برؤية المهدي من قبل أصحاب الأئمة(عليهم السلام):

منها: ما روي في الكافي: عن علي بن محمد، عن حمدان القلانسي قال: قلتُ للعمري: قد مضى أبو محمد؟ فقال لي: قد مضى، ولكن خلّف فيكم مَن رقبته مثل هذه، وأشار بيده([67]).

إلى غيرها من الروايات الكثيرة، مضافاً إلى الأخبار والأحاديث الصريحة برؤية السفراء الأربعة كلٌّ في زمان وكالته للإمام المهدي(عليه السلام)، وكثير منها بمحضر من الشيعة، كما ورد في كتاب الغيبة للطوسي والكافي والإرشاد للشيخ المفيد وغيبة النعماني وغيرها([68]).

نعم، كان مولده خفياً، فعن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال عند ذكر أول صفات القائم وعلاماته هو: «خفيّ المولد والمنشأ، غير خفيٍّ في نسبه».([69])

ومن دلائل ولادته: أنّ الخليفة العباسي بذل قصارى جهده في البحث عنه ليقتله، إلاّ أنّ الله تعالى ردّ كيد الخليفة وعصم إمامنا(عليه السلام)([70]).

هذا، مضافاً إلى وجود اعترافات كثير من أهل السُنّة بولادة الإمام المهدي(عليه السلام)([71]). وفي خاتمة هذا الفصل نذكر نموذجاً يكشف عن كيفية تباشر أهل البيت(عليهم السلام) بالمهدي قبل ولادته، حتى صار هذا الاعتقاد سائداً بين الشعراء.

يقول دعبل الخزاعي : لمّا أنشدت مولاي الرضا الإمام الثامن(عليه السلام) هذه القصيدة ـ وهي قصيدة طويلة تعرف بالتائية ـ وانتهيت إلى قول:

خروج إمام لا محالة خارج***يقوم على اسم الله والبركات

يُميِّز فينا كلّ حقٍّ وباطل***ويَجزي على النعماء والنقمات

بكى الإمام الرضا(عليه السلام)، ثمّ رفع رأسه إليَّ وقال: «ياخزاعي، لقد نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين»([72]).

إذن لا يبقى مجال لأصحاب الأفكار الفاترة من التشكيك بهذا الأمر، وعلى المنصف المتدبّر أن يتأمّل فيما ورد بذلك.





--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ بحث حول المهدي، الشهيد السيد محمدباقر الصدر(رحمه الله): 9.

[2] ـ البقرة: 30.

[3] ـ التفسير الكبير للفخر الرازي: 2/165.

[4] ـ الأعراف: 179.

[5] ـ روح المعاني في تفسير التراث العظيم والسبع المثاني للآلوسي: 1/223.

[6] ـ التفسير الكبير: 2/165.

[7] ـ روح المعاني: 1/220.

[8] ـ روح المعاني: 1/220 ـ 221.

[9] ـ الرعد: 7.

[10] ـ التفسير الكبير للفخر الرازي: 5/271، تفسير ابن كثير:2/516.

[11] ـ الكافي: 1/192/4، عنه البحار: 35/402/14 .

[12] ـ المستدرك للحاكم: 3/129، تفسير الشوكاني: 3/570.

[13] ـ شواهد التنزيل، للحسكاني: 1/293.

[14] ـ ينابيع المودة: 1/83/24.

[15] ـ الصواعق المحرقة، لابن حجر الهيتمي: 150، ذخائر العقبى، محب الدين الطبري: 17.

[16] ـ تاريخ بغداد: 3/372، فتح الباري: 13/179.

[17] ـ الاسراء: 71 ـ 72.

[18] ـ الانعام: 149.

[19] ـ الأنفال: 33.

[20] ـ مستدرك الحاكم: 3/149، وقال: (هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه).

[21] ـ كنز العمال: 12/17/33856، وفيه (هلكوا) بدل (ذهبوا) المعجم الكبير للطبراني: 2/196.

[22] ـ غيبة الطوسي: 139 ذح 102، عنه البحار: 36/259 ح 79، دلائل الإمامة: 226، … ï

ً والكافي: 1/534 ح 17، تقريب المعارف: 175، علل الشرائع: 1/234 ح 17.

[23] ـ التوبة: 119.

[24] ـ التفسير الكبير: 16/220.

[25] ـ النساء: 59.

[26] ـ التفسير الكبير: 10/144.

[27] ـ تفسير القمي: 1/361، عنه البحار: 23/20 ح 16، علل الشرائع: 1/232 ح 11، عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 1/58 ضمن ح 20، غيبة النعماني: 32.

[28] ـ أمالى الصدوق: 252 ح 277، وكمال الدين: 207 ح 22، عنهما البحار: 23/6 ح 10.

[29] ـ صحيح مسلم في كتاب الإمارة: 12/201 ح 1849، صحيح البخاري: 4/222.

[30] ـ بحار الأنوار: 23/76 ـ 93.

[31] ـ صحيح البخاري: 4/248 كتاب الأحكام .

[32] ـ صحيح مسلم: 3/1452/1821 كتاب الإمارة، باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش، وقد نقل مسلم هذا الحديث بطرق متعددة.

[33] ـ سنن الترمذي: 4/501، ط مصطفى البابي الحلبي.

[34] ـ سنن أبي داود: 4/103/4280.

[35] ـ الحاكم في المستدرك: 1 / 222، وقال: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه.

[36] ـ مسند أحمد: 5/87 .

[37] ـ البداية والنهاية لابن كثير: 1/177.

[38] ـ سنن الترمذي: 5/662 ح 3788.

[39] ـ الصواعق المحرقة: 151.

[40] ـ مستدرك الحاكم: 4/442، وقال: صحيح على شرط الشيخين.

[41] ـ المصدر السابق: 4/554.

[42] ـ المصدر السابق: 4/557.

[43] ـ المصدر السابق: 4/558.

[44] ـ تهذيب الكمال: 25/146 في ترجمة محمّد بن خالد الجندي.

[45] ـ التذكرة: 5/701.

[46] ـ تهذيب التهذيب: 9/125/201 في ترجمة محمّد بن خالد الجندي.

[47] ـ المصدر السابق.

[48] ـ راجع الاحتجاج بالأثر على مَن أنكر المهدي المنتظر: 70، الاحتجاج بالأثر للتويجري، كلمة التصدير بقلم ابن باز: 3.

[49] ـ منتخب الأثر 2/553 ـ 562 .

[50] ـ أسنى المطالب في مناقب سيدنا علي بن أبي طالب: 86 ـ 87.

[51] ـ الفتح: 29.

[52] ـ نقله صاحب «كشف الاستار عن وجه الغائب عن الأبصار»: 60، فضائل ابن شاذان: 141، والروضة في الفضائل: 21، عنهما البحار: 36/296 ح 125، مقتصب الأثر: 13.

[53] ـ انظر مقتل الخوارزمي: 1/145، الفصل السادس في فضائل الحسن والحسين ح21.

[54] ـ ينابيع المودة: 3/351.

[55] ـ فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والأئمة(عليهم السلام): 2/136.

[56] ـ البيان في أخبار صاحب الزمان: (ضمن كفاية الطالب): 478.

[57] ـ ينابيع المودة: 3/350، وفيه أشعار بالفارسية.

[58] ـ ينابيع المودة: 3/349، وفيه أشعار بالفارسية.

[59] ـ ذكره الذهبي في السير: 2/32.

[60] ـ نقل كلامه عبدالوهّاب الشعراني في الجزء الثاني من كتاب «اليواقيت والجواهر».

[61] ـ تذكرة الخواص: 325.

[62] ـ نقلاً عن كتاب «أئمتنا» لمحمّد علي دخيل: 2/435.

[63] ـ الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة: 2/1107.

[64] ـ كشف الغمّة: 2/996، الغيبة للطوسي: 244/211، البحار: 51/4.

[65] ـ ينابيع المودّة: 3/113، منتخب الأثر: 2/394 ح 787 .

[66] ـ اكمال الدين 2 : 425/26 ب 42.

[67] ـ اُصول الكافي 1 : 331 ح4 .

[68] ـ غيبة الطوسي: 360 ذيل ح 322، عنه البحار: 51/347، الكافي: 1/331 ح 4 ـ 10، ارشاد المفيد: 2/351.

[69] ـ الغيبة النعماني: 173/9، منتخب الأثر: 2/293/657.

[70] ـ الغيبة الطوسي: 149.

[71] ـ راجع كتاب إلزام الناصب للشيخ الحائري.

[72] ـ نور الأبصار : ص 311 ـ 312، عيون أخبار الرضا(عليه السلام) 2: 297/35.


يتبع
-
-
-
-






fp,e p,g hghlhl hgli]d (u[) hgli]d hghlhl



توقيع : ابو الحسن
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 2016/06/24, 04:25 AM   #2
معلومات إضافية
رقم العضوية : 4414
تاريخ التسجيل: 2016/02/20
المشاركات: 1,006
ابو الحسن غير متواجد حالياً
المستوى : ابو الحسن is on a distinguished road




عرض البوم صور ابو الحسن
افتراضي



في غيبته(عليه السلام)



في غيبته عليه السلام

الغيبة الصغرى

فلسفة مرحلية الغيبة؟

الغيبة الكبرى

الغيبة لطف إلهي

هوية الغيبة

خلفيات غيبة الإمام عليه السلام

أولاً: حفظ وجود الإمام

ثانياً: التمحيص الإعدادي

ثالثاً: اتـّـضاح عجز الاُطروحات الاُخرى

رابعاً: استمرار روح الرفض للظلم و الظالمين

خامساً: الغيبة تبلور مفهوم الانتظار: و سيأتي الحديث عنه لاحقاً

سادساً: الغيبة سرّ من أسرار الله تعالى

سابعاً: تساهم الغيبة في عدم خلو الأرض من حجة



في غيبته

لا شكّ أنّ الاعتقاد بأنّ للإمام المهدي(عليه السلام) غيبتين ـ صغرى وكبرى ـ من معتقدات الشيعة القطعيّة، ووافقهم على ذلك بعض علماء السُنّة، وهذا ما تؤكّده الروايات المكثّفة الواردة عن الفريقين.

فقد أخرج النعماني بإسناده، عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمد(عليه السلام) يقول: «للقائم غيبتان إحداهما طويلة والاُخرى قصيرة، فالاُولى يعلم بمكانه فيها خاصة من شيعته، والاُخرى لا يعلم بمكانه فيها إلاّ خاصة مواليه في دينه»([1]).

وعن أبي بصير قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): كان أبو جعفر(عليه السلام) يقول: «لقائم آل محمد غيبتان إحداهما أطول من الاُخرى، فقال: نعم .....»([2]).

وقال ابن الصباغ وهو مالكي المذهب: وله قبل قيامه غيبتان: إحداهما أطول من الاُخرى، فأمّا الاُولى فهي القصرى، فمنذ ولادته إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته، وأمّا الثانية وهي الطولى، فهي التي بعد الاُولى في آخرها يقوم بالسيف، قال تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الاَْرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ )([3]).



الغيبة الصغرى :

بدأت الغيبة الصغرى بولادة الإمام المهدي(عليه السلام) سنة (255 هـ )، وانتهت بوفاة السفير الرابع والأخير علي بن محمد السمري سنة (328 هـ أو 329 هـ )، فامتدّت أربعاً وسبعين سنة.

وكان الإمام(عليه السلام) خلال هذه الفترة يتصل بأتباعه عن طريق السفراء، وهم بدورهم ينقلون إليه الأسئلة ويأخذون منه الأجوبة. والسفراء هم:

1 ـ عثمان بن سعيد العمري الأسدي، المتوفى ببغداد، والذي قَبِل السفارة عن الإمام المهدي(عليه السلام)، وكان وكيلاً عن جدّه الإمام علي الهادي(عليه السلام)، ثمّ عن أبيه الإمام الحسن العسكري(عليه السلام).

2 ـ محمد بن عثمان بن سعيد العمري، المتوفى عام 305 هـ ببغداد.

3 ـ الحسين بن روح النوبختي، المتوفى عام 320 هـ ببغداد.

4 ـ علي بن محمد السمري، المتوفى عام 328 هـ ببغداد.



فلسفة مرحلية الغيبة؟

لقد اقتضت الحكمة الإلهية أن تكون الغيبة على مرحلتين، والسرّ في ذلك من الوضوح بمكان حيث تعتبر الغيبة الصغرى بمثابة مرحلة انتقال بين حالة الظهور الكامل للأئمة السابقين(عليهم السلام)، وبين الغيبة الكاملة للإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه، فهي في الواقع خطوة تمهيدية أخيرة للغيبة الكبرى.

وقد مهّد الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة(عليهم السلام) لغيبة الإمام في أحاديث متظافرة كانت أغلبها مشفوعة بإخبارات تفصيلية دقيقة تبيّن شكل هذه الغيبة، وهوية الإمام الغائب، وأنّه الثاني عشر، ونحوها.

وتُعدّ هذه النصوص من الدلائل الإعجازية الواضحة على إمامته عجل الله تعالى فرجه.

فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «من أنكر القائم من ولدي في زمان غيبته مات ميتة جاهلية»([4]).

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «وجعل في صلب الحسين أئمة ليوصون بأمري ويحفظون وصيتي، التاسع منهم قائم أهل بيتي ومهديّ اُمتي، أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله، يظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مضلّة، فيعلن أمر الله ويظهر دين الحق...»([5]).



الغيبة الكبرى:

بدأت الغيبة الكبرى بانتهاء السفارة، أي بعد وفاة السفير السمري(رضي الله عنه)سنة 328 هـ ، وستبقى مستمرة إلى يوم الظهور الموعود، بعد أن تستعدّ البشرية للقاء الإمام(عليه السلام) ليخرجها من الظلم والجور إلى النور.

الغيبة لطف إلهي :

بما أنّنا نعتقد ـ نحن الشيعة ـ بأنّ وجود الإمام لطف من الله على عباده، ولولا الإمام لساخت الأرض بأهلها، إذن فوجود الإمام المهدي(عليه السلام)لطف من الله تعالى، وحيث إنّ الإمام(عليه السلام) بوجوده الظاهري بين الناس سوف يكون عرضة للقتل، كما نلمس هذا المعنى من عدّة روايات من أهل البيت(عليهم السلام)، ففي الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «......... أمّا مولد موسى(عليه السلام)، فإنّ فرعون لمّا وقف على أنّ زوال ملكه على يده أمر بإحضار الكهنة، فدلّوه على نسبه، وأنّه يكون من بني إسرائيل، حتى قتل في طلبه نيفاً وعشرين ألف مولود، وتعذّر عليه الوصول الى قتل موسى(عليه السلام) بحفظ الله تبارك وتعالى إيّاه، كذلك بنو اُمية وبنو العباس لمّا وقفوا على أنّ زوال ملك الاُمراء والجبابرة منهم على يد القائم منّا ناصبونا العداوة، ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، وإبادة نسله طمعاً منهم في الوصول إلى القائم، ويأبى الله عزّوجل أن ينكشف أمره لواحد من الظلمة إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره المشركون»([6]).

إذن على هذا الأساس يتّضح أنّ غيبة الإمام وحفظه من الأعداء لطف إلهي بعباده، بعدما رفض الناس أنفسهم هذه التوصية الإلهية المتمثّلة باتّباع أهل البيت(عليهم السلام).



هوية الغيبة :

عند إجراء مسح ميداني للروايات الواردة بصدد الغيبة وتحديد هويتها، نجد أنّها ظاهرة بأنّ غيبة الإمام ليست أكثر من فقد معرفة شخص الإمام المبارك، وبعبارة اُخرى: أنّ الغيبة ليست أكثر من استتار الهوية والعنوان، وليس استتار وخفاء شخص الإمام، وهذا يظهر من كثير من الروايات:

منها: ما ورد من التوقيع الذي خرج من المهدي(عليه السلام) إلى سفيره محمد بن عثمان(رضي الله عنه) يقول فيه: «فإنّهم إن وقفوا على الاسم أذاعوه، وإن وقفوا على المكان دلّوا عليه»([7]).

ولا شك أنّ الوقوف على المكان ينسجم مع كون الإمام(عليه السلام) حاضراً بشخصه، غايته أنّنا لا نعرفه ولا نعلم مكانه.

وكذا من الروايات: ما أخرجه الشيخ الطوسي في الغيبة([8])، عن السفير الثاني محمد بن عثمان العمري أنّه قال: «والله إنّ صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كلّ سنة ويعرفهم ويرونه».

وهذه الرواية واضحة الدلالة على أنّ غيبة الإمام(عليه السلام) ليست أكثر من خفاء هويته، دون خفاء الشخص.

ومن الروايات كذلك: ما قاله أبو سهل النوبختي حين سُئل، فقيل له: كيف صار هذا الأمر إلى الشيخ أبي القاسم الحسين روح دونك؟ فقال: هم أعلم وما اختاروه، ولكن أنا رجل ألقى الخصوم واُناظرهم، ولو علمت بمكانه كما علم أبو القاسم وضغطتني الحجة على مكانه لَعلِّي كنت أدلّ على مكانه، وأبو القاسم لو كانت الحجة تحت ذيله وقُرّض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه([9]).

ومن الواضح أنّ قوله: لو علمت بمكانه كما علم أبو القاسم... لعلّي كنت أدلّ على مكانه» يدلّ على وجود الإمام بشخصه، إلاّ أنّه مجهول المكان للجهل بمعرفة شخصه المبارك.

مضافاً إلى ما ورد من استحباب الدعاء للإمام(عليه السلام) في عصر الغيبة بالحفظ من خلفه ومن أمامه... وهي واضحة الدلالة على وجود الإمام بشخصه المبارك، إلاّ أنّنا لا نعرفه فقط. إذن اتّضحت هوية الغيبة، وأنّها ليست غيبة لشخص الإمام، وإنّما الإمام حاضر بشخصه ووجوده إلاّ أنّ الناس غير عارفين له أو ملتفتين إلى حقيقته.



خلفيات غيبة الإمام(عليه السلام):

لقد جاءت الكثير من النصوص الروائية حافلة بذكر الأسباب والعلل والخلفيات لغيبة الإمام(عليه السلام)، ومن هذه الخلفيات:



أولاً: حفظ وجود الإمام:

وهذا الأمر في غاية الوضوح حين نجد السلطات العباسية تسعى سعياً حثيثاً لقتله. إذن لأجل أن لا تخلو الأرض من حجة لله تعالى لابدّ من حفظ وجوده(عليه السلام). أمّا السبب الذي يكمن وراء اختصاص الإمام الثاني عشر بالغيبة لحفظه من القتل، في حين أنّنا نجد آباءه (عليه السلام) كانوا حججاً لله أيضاً أنّهم(عليهم السلام) قد تعرّضوا للقتل والمطاردة والاغتيال.

والجواب بات واضحاً مع ملاحظة الدور الموكول إليه وهو اقامة الدولة الاسلامية العالمية على يديه، فيبقى غائباً إلى حين توفر جميع العوامل اللازمة لانجاز مهمة كتوفر الانصار وغيرها.

ومن الروايات التي تشهد لذلك هي ما رواه زرارة عن الإمام الباقر(عليه السلام)انه قال «ان للقائم غيبة قبل ظهوره، قلت ولِمَ؟ قال: يخاف ـ وأومى بيده إلى بطنه، قال زرارة يعني القتل)([10]).



ثانياً: التمحيص الإعدادي:

التمحيص: هو التطهير مع شدّة الاختبار، حيث إنّ مادة (محص) تدلّ على الخلوص والتطهير من كل عيب، يُقال: محّص الذهب بالنار أي خلّصه ممّا يشوبه، وعن عليٍّ(عليه السلام) في ذكر فتنة قال: «يمحّص الناس فيها كما يمحّص ذهب المعدن»، وفي الدعاء «اللهمّ محّص عنّا ذنوبنا» أي خلّصنا من ذنوبنا([11]).

والتمحيص والابتلاء سُنّة إلهية رافقت البشرية منذ خلقها، كما يشير إليها الذكر الحكيم، قال تعالى: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ )([12])، وقال أيضاً: (وَلُِيمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ أَلَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ )([13]).

فمن خلال التمحيص يتعين مركز الفرد وواقعه تجاه عقيدته وإيمانه، استقامةً أو انحرافاً. كما يكشف التمحيص عناصر القوّة والضعف في نفسية الإنسان، فهو طريق لاستكمال النفوس، كما أشار لذلك السيد الطباطبائي في الميزان، حيث قال: التربية الإلهية للإنسان من جهة دعوته إلى حسن العاقبة والسعادة امتحان; لأنّه يظهر ويتعين حال الشيء أنّه من أهل أي الدارين، دار الثواب ودار العقاب؟ لذلك سمّى الله تعالى هذا التصرف الإلهي بلاءً وابتلاءً وفتنةً، فقال بوجه عام: (وَنَبْلُوَكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً )([14])([15])

فقد تبيّن بأنّ الامتحان سُنّة إلهية جارية... ومن هنا يظهر معنى المحق والتمحيص أيضاً، فإنّ الامتحان إذا ورد على المؤمن أوجب امتياز فضائله الكامنة من الرذائل، أو إذا ورد على الجماعة فاقتضى امتياز المؤمنين من المنافقين والذين في قلوبهم مرض صدق عليه اسم التمحيص، وهو التمييز، وكذا إذا توالت الامتحانات الإلهية على الكافر والمنافق وفي ظاهرهما صفات وأحوال حسنة مضبوطة فأوجبت تدريجاً ظهور ما في باطنهما من الخبائث، وكلّما ظهرت خبيثة أزالت فضيلة ظاهرية كان ذلك محقاً له أي كان انفاداً تدريجياً لمحاسنهما، قال تعالى: (وَتِلْكَ الاَْيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلُِيمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ )([16]).

وتتضاعف أهمية التمحيص في عصر الغيبة فيما إذا اقترن بالإعداد ليوم الظهور; لتحمّل المسؤولية لإنقاذ العالم من الظلم والجور، التي تفترض وجود عدد كاف ممحّص ليكون من المخلصين الذين لهم شرف المشاركة في الدولة الكريمة.

وقد تظافرت الروايات عن الرسول وأهل بيته(عليهم السلام) على تعرض الأمة للتمحيص والاختبار الشديد:

منها: عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «والله لتكسّرن) تكسّر الزجاج، وإنّ الزجاج لَيعاد فيعود كما كان، والله لتكسّرنّ تكسّر الفخار، وإن الفخار ليتكسّر فلا يعود كما كان، والله لتُغربَلُنّ، ووالله لتميّزنّ، وواللهِ لتُمحّصنّ حتى لا يبقى منكم إلاّ الأقلّ»، وصعّر كفّه([17]).

وعن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) قال: «والله لا يكون ما تمدّون إليه أعناقكم حتى لتمحّصوا، وحتى لا يبقى منكم إلاّ الأندر الأندر»([18]).

وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنّه قال: «هيهات هيهات، لا يكون الذي تمدّون إليه أعناقكم حتى تمحّصوا، هيهات، ولا يكون الذي تمدّون إليه أعناقكم حتى تُميَّزوا، ولا يكون الذي تمدّون إليه أعناقكم حتى تُغربَلوا، ولا يكون الذي تمدّون إليه أعناقكم إلاّ بعد إياس، ولا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم حتى يشقى من يشقى ويسعد مَن يسعد)([19]).

وعن ابن عباس: أنّ جابر قال لرسول الله(صلى الله عليه وآله): يا رسول الله، وللقائم من ولدك غيبة؟ قال(صلى الله عليه وآله): «إي وربّي، ليمحِّص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين»([20]).

مضافاً لروايات الفتن والابتلاء في آخر الزمان التي وردت في طرق الفريقين بالتواتر، وهنالك أبواب خاصة عقدت في مصادر القوم في هذا المجال، وما ذلك إلاّ لأجل التمحيص والاختبار; لاستخراج المخلصين وإعدادهم للنهوض بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم في دولة الإمام المهدي (عليه السلام).

وأخرج الحاكم في مستدركه، عن أبي سعيد، عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «ينزل باُمّتي في آخر الزمان بلاء شديد، فيبعث الله عزّ وجلّ من عترتي، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً)([21]).

ومن هذا المنطلق نعرف أهمية التمحيص والاختبار الذي أشارت إليه الروايات بكثافة، وممّا يشهد على أهمية ودور التمحيص، هو ما فعلته الاُمّة الإسلامية بعد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث حادت عن كتابها وسُنّة نبيّها، ممّا يكشف عن أنّها لم تكن اُمّة ممحّصة قادرة على تحمّل المسؤولية. ومن هنا نفهم عدم قيام الأئمّة(عليهم السلام) بحملة عسكرية; لأنّهم لا يرون القيام بعمل عسكري وحده كافياً للانتصار وإقامة دعائم الحكم الصالح على يد الإمام، بل يتوقف على إعداد جيش عقائدي ممحّص مخلص يؤمن بالإمام وعصمته إيماناً مطلقاً، ويعي أهدافه الكبيرة، ويدعم تخطيطه.

أمّا في دولة المهدي(عليه السلام) فسوف يتحقق فيها هذا الشرط وهذا العدد الكافي من المخلصين من خلال معاصرة البشرية تلك الظروف القاسية.

ومما ينبغي الإشارة إليه هو أنّ التمحيص المقصود الذي من خلاله تتهيّأ البشرية لليوم الموعود هو تمحيص البشرية بشكل عام وعلى مدى عمرها الطويل، بالشكل الذي ينتج الأفراد المخلصين القادرين على تحمّل المسؤولية في الدولة الكريمة.



ثالثاً: اتّضاح عجز الاُطروحات الاُخرى:

ففي فترة الغيبة يتضح عجز كلّ الاُطروحات والمدارس الاُخرى عن تحقيق السعادة والكمال المنشود للمجتمع البشري، وينكشف زيف هذه الاُطروحات، كاُطروحة الاُمم المتحدة، أو حقوق الإنسان وغيرها، وهذا يشكّل عاملاً مهمّاً يساهم في ازدياد التفاعل الإيجابي مع المهمّة الإصلاحية الكبرى للإمام(عليه السلام)، ومن ثم يزيل العقبات التي تقف بوجه هذا التفاعل المطلوب لتحقيق الأهداف الإلهية. وفي هذا الصدد جاءت بيانات أهل البيت(عليهم السلام) لتبيّن هذه الحقيقة:

فعن الإمام الباقر(عليه السلام) قال: «دولتنا آخر الدول، ولم يبقَ أهل بيت لهم دولة إلاّ ملكوا قبلنا، لئلاّ يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سِرنا مثل سيرة هؤلاء، وهو قول الله عزّ وجل: (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ )»([22]).

رابعاً: استمرار روح الرفض للظلم والظالمين:

إنّ الغيبة للامام(عليه السلام) تساهم في إدامة رفض الظلم والفساد من قبيل حكّام الجور; وذلك لأنّه(عليه السلام) لو كان ظاهراً قبل توفّر الظروف المناسبة لتحركه فهو في هذه الحالة: إمّا أن يهادن الظلمة ويجمّد أيّ نشاط له، ومن ثم يبايع الحكام الظلمة، وهذه البيعة لا تسمح له بالتحرك، مع أنّه مذخور للقضاء على الظلم والفساد، مضافاً إلى أنّ مهادنته(عليه السلام) وتجميد نشاطه يضعف روح الرفض للظلم لدى المؤمنين; لأنّهم يرون أمامهم المكلف بإزالة الظلم صامت، فضلاً عن أنّ هذا الموقف السلبي لن يوقف كيد الظالمين ومساعيهم المستمرة لقتله تخلّصاً من هاجس دوره المرتقب; لذا تساهم الغيبة في مضاعفة روح الرفض للظلم. ومن هنا علّلت الروايات الغيبة «لئلاّ يكون في عنقه بيعة إذا قام بالسيف»([23])، وكذا ما جاء في توقيعه(عليه السلام) إلى إسحاق بن يعقوب في جواب أسئلته «... وأمّا علّة ما وقع من الغيبة فإنّ الله عزّ وجلّ يقول: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ )([24])، أنّه لم يكن أحد من آبائي(عليهم السلام) إلاّ وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، وإنّي أخرج حين أخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي»([25]).

خامساً: الغيبة تبلور مفهوم الانتظار: وسيأتي الحديث عنه لاحقاً.

سادساً: الغيبة سرّ من أسرار الله تعالى:

فقد علّلت جملة من الروايات أنّ الغيبة هي سرّ من أسرار الله تعالى، وليس بالضرورة الاطّلاع على السبب والحكمة وراء أفعال الله تعالى، وإلاّ فالكثير بل غالب أفعال الله تعالى لا تبيّن الحكمة من ورائها; ولذا جاء في بعض الروايات عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله: «إنّ للقائم (عليه السلام) منّا غيبة يطول أمرها»، فسأله سدير: ولِمَ ذاك يابن رسول الله؟ قال: «إنّ الله عزّ وجلّ أبى إلاّ أن يُجري فيه سنن الأنبياء (عليهم السلام) في غيباتهم، وإنّه لابدّ له يا سدير من استيفاء عدد غيباتهم، قال تعالى: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَق)»([26]).

سابعاً: تساهم الغيبة في عدم خلو الأرض من حجة.

وهذا واضح جداً، لا سيّما مع ملاحظة ما جرى على آبائه من القتل والمطاردة، فلو كان (عجل الله فرجه) ظاهراً لعمد الظالمون لقتله والقضاء عليه، وفي هذا انقطاع لخليفة الله في الأرض. إذن فالغيبة تساهم في الحفاظ على وجود خليفة الله في أرضه.

ولذا ورد في الروايات عن النبي(صلى الله عليه وآله): «لا يزال الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش، فاذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها»([27]).







--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ الغيبة للنعماني: 175/2.

[2] ـ نفس المصدر: 177/7.

[3] ـ الفصول المهمّة: 2 : 1100 .

[4] ـ إكمال الدين: 413/12، كفاية الأثر: 66.

[5] ـ كفاية الأثر: 10.

[6] ـ كمال الدين: 147 ضمن ح 13.

[7] ـ الغيبة للطوسي: 364/331.

[8] ـ المصدر السابق: 364/329.

[9] ـ نفس المصدر 391/358.

[10] ـ كمال الدين: 481/9، علل الشرائع 1/287/9.

[11] ـ تفسير مواهب الرحمن: 6 : 335 .

[12] ـ آل عمران: 179 .

[13] ـ آل عمران: 141 ـ 142 .

[14] ـ الأنبياء : 35 .

[15] ـ تفسير الميزان: 4/35 .

[16] ـ آل عمران : 140 ـ 141 .

[17] ـ الغيبة للطوسي: 340/289.

[18] ـ الغيبة للطوسي: 337/283.

[19] ـ الكافي: 1/370/6، الإمامة والتبصرة: 130.

[20] ـ ينابيع المودة: 3/297/7، كشف الغمّة للأربلي: 2/1016، معجم احاديث المهدي 1/100.

[21] ـ مستدرك الحاكم: 4/465.

[22] ـ غيبة الطوسي: 472/493، والآية: 128 من سورة الأعراف.

[23] ـ علل الشرائع: 1/286/6، عيون أخبار الرضا: 1/247/6.

[24] ـ المائدة: 101 .

[25] ـ معادن الحكمة: 2/303، الاحتجاج: 2/544، بحار الأنوار: 53/181/10.

[26] ـ إثباة الهداة: 3/486/212.

[27] ـ كنز العمال: 12/17/33856.


يتبع

-
-
-




توقيع : ابو الحسن
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 2016/06/24, 04:27 AM   #3
معلومات إضافية
رقم العضوية : 4414
تاريخ التسجيل: 2016/02/20
المشاركات: 1,006
ابو الحسن غير متواجد حالياً
المستوى : ابو الحسن is on a distinguished road




عرض البوم صور ابو الحسن
افتراضي



ما الفائدة من الإمام الغائب؟




ما الفائدة من الإمام الغائب؟

أولاً: دفع العذاب

أقسام العذاب

كيف يقوم الإمام المهدي عليه السلام بدرء العذاب؟

وجه التشابه بين دور الخضر و دور المهدي عليه السلام

ثانياً: المحافظة على الكيان الاسلامي

ثالثاً: المحافظة على أتباع أهل البيت

رابعاً: تسديد العمل الاجتهادي

خامساً: الحيلولة دون حصول الإجماع

سادساً: الإمام مصدر الفيض الإلهي

سابعاً: الإمام يدعو لشيعته

ماذا فقد الشيعة نتيجة غيبة إمامهم

إدارة المجتمع الشيعي في عصر الغيبة

سمات و خصائص عصر الغيبة






ما الفائدة من الإمام الغائب؟

بعد الوقوف على هوية الغيبة، وأنّها ليست أكثر من استتار العنوان فقط، يتضح أنّ الإمام حاضر بوجوده المبارك في الوسط الشيعي، وأنّه يمشي في الطرقات ويدخل في الدور، ويجول في شرق الأرض وغربها، ويسمع الكلام، ويسلّم على الجماعة ويرى ولا يرى...([1]) وعلى هذا الأساس فهو حاضر ببركاته وفيوضاته بيننا، وحيث لا يمكننا الإحاطة بفوائد وجوده المبارك، إلاّ أنّه يمكن أن نستخلص بعض منافعه وبركاته وآثاره علينا في هذا العصر. كما في الرواية عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) حين سأله جابر بن عبدالله الأنصاري: هل ينتفع الشيعة بالقائم في غيبته؟

«فقال: إي والذي بعثني بالنبّوة، إنّهم لينتفعون به، ويستهنئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن جلّلها السحاب»([2]). ومن هذه المنافع هي:

أولاً: دفع العذاب:

ويمكن استيحاء هذه المفردة من نصوص روائية متظافرة من قبيل «لولا الحجّة لساخت الأرض بأهلها»، وغيرها ممّا يشاركها في المضمون، إلاّ أنّ السؤال الذي يطرح نفسه في المقام هو: أي عذاب يدفعه الإمام؟

أقسام العذاب:

ولكي تكون الاجابة واضحة لا لبس فيها نقول: إنّ العذاب ينقسم إلى قسمين:

1 ـ العذاب الذي يبيد البشرية بأسرها، ويسمّى عذاب الاستئصال، كالطوفان والخسف ونحوها، كما حصل في الاُمم السابقة.

2 ـ العذاب التأديبي الذي لا يستأصل البشرية بكاملها، من قبيل الأمراض كالإيدز مثلاً، أو عذاب الطغاة والظالمين، ونحوهما مما لا يقضي على كل البشر.

والروايات التي قاربت مهمّة الإمام (الحجّة) التي جاءت بلسان «لولا الحجّة لساخت الأرض» تشير إلى المعنى الأوّل من العذاب، وهو عذاب الاستئصال الذي يقضي على البشرية كاملاً، وقد أضاء القرآن الكريم جوانب هذه الحقيقة، كاشفاً عن دور الحجة في الأرض، كما في قوله تعالى: (وَما كانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ )([3])، فالآية المباركة تعتبر الرسول(صلى الله عليه وآله) المصدر الأوّل للأمان، ومن الواضح أنّ ذكر الرسول(صلى الله عليه وآله) باعتبار وجوده هو حجة الله في أرضه، وبذلك يشمل أهل البيت(عليهم السلام) كل أمان للناس في زمان، وعلى هذا الأساس يكون الإمام المهدي(عليه السلام) مصدر الأمان في فترة وجوده وإمامته.

وأشار القرآن الكريم مرةً اُخرى لدور الحجة والخليفة في درء الفساد، كما هو واضح من اعتراض الملائكة على جعل الله تعالى للخليفة، كما في قوله تعالى: (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ )([4])، ولا ريب أنّ اعتراض الملائكة لا يتوجه على العذاب وسفك الدماء الجزئي الذي يقابل الخير الكثير، وإنّما كان اعتراضهم ينحصر في العذاب الكامل أو الأكثر، ولذا جاء الجواب من الباري تعالى: (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ )(3) في إشارة منه تعالى إلى دور الخليفة في منع العذاب الكامل.



كيف يقوم الإمام المهدي(عليه السلام) بدرء العذاب؟

للجواب عن هذا السؤال علينا أن نعود إلى القرآن الكريم، حيث نجد أنّه يضرب مثلين للحكومة التي تُدير الكون، وهي:

أ ـ الحكومة الخفية كحكومة الخضر(عليه السلام).

ب ـ الحكومة العلنية كحكومة ذي القرنين(عليه السلام).

وهذان القسمان من الحكومة هما أبرز نموذجين لحكومة وإدارة الإمام المهدي وقيامه بدوره، حيث تمثّل إدارة الخضر لوظائفه الملقاة على عاتقه خير مثال لحكومة الإمام المهدي وأداء وظائفه في عصر الغيبة، وكذلك الحال بالنسبة لحكومة ذي القرنين الذي آتاه الله من كلّ شيء سبباً، وهو خير مثال لحكومة الدولة العادلة بقيادة الإمام المهدي(عليه السلام).



وجه التشابه بين دور الخضر ودور المهدي(عليه السلام)

عند الرجوع إلى القرآن الكريم نجد أنّه يرمي من وراء استعراضه لهذه القصة إلى أمر مهم; وذلك لأنّ القرآن لم يكن يهدف إلى حكاية قصص خيالية لا واقع لها ـ والعياذ بالله ـ فالقرآن منزّه عن ذلك، بل أراد من وراء ذلك الإشارة إلى كيفية إدارة الكون من خلال إيكال مسؤوليات مهمة لعباد وأولياء يمارسون دورهم بالخفاء، حيث نجد أنّ الله تعالى يأمر موسى بالذهاب إلى الخضر المتخفّي المتستّر، ليتعلم منه كما قال تعالى: (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنّا عِلْماً * قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمّا عُلِّمْتَ رُشْداً * قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً )([5])، ثم بعد ذلك تستعرض السورة المباركة ثلاث قضايا لها دور كبير على صعيد البشرية، وهذه القضايا المركزية مارسها الخضر (عليه السلام) هي:

الاُولى: وهي ترتبط بصورة مباشرة بالعامل الاقتصادي، وهي قضية خرق السفينة; لكي لا يغصبها الملك، كما قال تعالى: (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَة غَصْباً )([6]). إذن مارس الخضر(عليه السلام) وظيفته في المحافظة على معيشة هؤلاء الفقراء، والسفينة تعتبر مصدر رزقهم فخرقها; لكي لا يأخذها الملك; لأنّه كان يأخذ كلّ سفينة سالمة.

ولذلك قال الفخر الرازي في تفسيره.

الثانية: قصة قتل الغلام وأنّه لو كان حياً لكان مفسدةً لوالديه، بل في بعض الروايات: أنّ الغلام لو بقي حياً لكان سبباً في قتل سبعين نبيّاً، ولا ريب كم هي المفسدة التي تَحرم البشرية من هداية سبعين نبياً([7]).

الثالثة: قصة إقامة الجدار، قال تعالى: (وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً )([8]). فعلّل الخضر (عليه السلام) سبب إقامة الجدار أنّه لو سقط لضاع مال الأيتام، ولا يخفى ما في هذه العملية من حفظ لأموال اليتامى والطبقات المحرومة.

ومن ذلك نستخلص أنّ الخضر (عليه السلام) كان منفّذاً لأمر الله تعالى، كما هو واضح من قوله: (وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ).

إذن لله تعالى عباد صالحون وأولياء ينفِّذون أمره في الأرض بإذنه وإرادته تعالى:

وعلى هذا الأساس فإنّ الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ يقوم بدوره وينفِّذ أمر الله تعالى في الخفاء، ضمن مجموعة بشرية منظّمة تسمّى بالأوتاد أو الأبدال، كما في الروايات:

فعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «لا يزال في اُمّتي ثلاثون بهم تقوم الأرض وبهم تُمطرون وبهم تنظرون»([9]).

ونحوها من الروايات، ولذلك نقرأ في دعاء رجب «... وصلِّ على محمّد وآله، وعلى عبادك المنتجبين وبَشَرِكَ المحتجبين»([10]).

وقد ورد عن الإمام الصادق قال: «لابدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة، ولابدّ له في غيبته من عزلة، ونعم المنزل طيبة، وما بثلاثين من وحشة»([11]).

وفي بعض الأحاديث: أنّ الخضر(عليه السلام) من مرافقيه([12]).

وقد أشار القرآن الكريم لمثل هذا الدور في اعتراض الملائكة كما تقدم([13])، وهو دور الخليفة في الحفاظ على البشرية من الاستئصال والفساد الكامل.

إذن الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ يمارس دوره بهذه الكيفية من الخفاء; ليمنع البشرية من الانحدار في الهاوية، والحيلولة دون انتشار الفساد والحروب التي تستأهلها أو أكثرها، سواء على الصعيد العسكري أو الصحي أو الاخلاقي..

ولا يخفى أنّ ممارسة الدور في الخفاء ربما يكون أقوى من الحكومة العلنية، كما هو واضح في عالم اليوم، فإنّ الأيادي الخفية هي التي تدير العالم اليوم دون الحكومات المعلنة، كما نلمس ذلك في الأجهزة الأمنية للدول ونحوها.

وقد أشارت بعض الروايات لهذا الدور، كما في تعبير إحداها: «وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الانظار السحاب...»([14]). فهي تشعر بالدور الخفي للامام (عليه السلام).

وفي بعض الروايات تعلّل تسميته بالقائم ـ رغم أنّ الأئمة(عليهم السلام) كلّهم قائمون ـ هو لأجل التنبيه على أنّ المهدي في الغيبة يقوم بالأمر وليس قاعداً.

إذن اتضح ان الفائدة والدور الاساسي للامام المهدي (عجل الله فرجه) في غيبته هو درء الفساد الكلي عن البشرية.

ثانياً: المحافظة على الكيان الاسلامي

وهذا ما نلمسه من رسالة الإمام المهدي(عليه السلام) للشيخ المفيد، حيث يقول «.. فإنّا نحيط علماً بأنبائكم، ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم، ومعرفتنا بالذلّ الذي أصابكم مُذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً، ونبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم، كأنّهم لا يعلمون أنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللاواء واصطلمكم الأعداء»([15]).

ثالثاً: المحافظة على أتباع أهل البيت(عليهم السلام)

حيث أنّ الإمام ـ عجل الله فرجه ـ يتابع أوضاع المؤمنين وما يتعرضون له من محاولات الإبادة، ومن ثم يتخذ الإجراءات اللازمة لدفع الأخطار عنهم بمختلف أشكالها. وهذه الرعاية هي أحد العوامل المفسِّرة لحفظ أتباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام) واستمرار وجودهم، على الرغم من كلّ المحاولات الرامية لتصفيتهم والقضاء عليهم والتي مورست ضدّهم لقرون طويلة.

رابعاً: تسديد العمل الاجتهادي:

وتعدّ هذه المهمة من المهامّ الاساسية للإمام، حيث يقوم(عليه السلام) بتسديد العلماء والفقهاء الذين نصبهم بالنيابة العامة عنه (عجل الله فرجه)، فهو(عليه السلام)يتدخّل بالمقدار الممكن لتسديد العمل الاجتهادي.



خامساً: الحيلولة دون حصول الإجماع:

ومعنى ذلك: أنّ الإجماع في مذهب أهل البيت(عليهم السلام) يعدّ أحد مصادر التشريع; لأنّه يكشف عن رأي المعصوم، كما هو مقرر في اُصول الفقه([16])، فاذا تمّ اتفاق الجميع على مسألة معينة وكانت هذه المسألة مخالفة في حكمها للواقع، فإنّ الإمام (عجل الله فرجه) يلقي الخلاف بينهم لكي لا ينعقد إجماع على حكم مخالف للواقع.

ومن الواضح أنّ هذه المهمة تعتبر من المهامّ الرئيسية في الحفاظ على التشريع الإسلامي الصحيح.

سادساً: الإمام مصدر الفيض الإلهي:

إنّ من بركات وفوائد الإمام (عجل الله فرجه) ـ وإن كان غائباً ـ هي كونه مصدراً من مصادر الفيض الالهي للمخلوقات جميعاً.

وقد أشارت لهذه الوظيفة الروايات الواردة بلسان «لولا أهل بيتي لساخت الأرض بأهلها»([17]). ونحوها مما يشاركها بالمضمون مضافاً إلى ما ورد من روايات تشير إلى أن الله تعالى جعل محمّد وآل محمّد علة الخلق ولولاهم لم يخلق الله الخلق.

وقد أخرج الحمويني عن جعفر الصادق (عليه السلام) «... ونحن الذين بنا تمسك السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذن الله، وبنا ينزل الغيث وتنشر الرحمة وتخرج بركات الأرض ولولا ما على الارض منا لساخت بأهلها...»([18]).

سابعاً: الإمام يدعو لشيعته:

من أبرز بركات وفوائد إمامنا (عليه السلام) في غيبته: أنّه يدعو لمنتظريه ومحبّيه ويستغفر لهم، وقد وردت في ذلك عدة من الروايات([19]).

وهذه فائدة عظيمة لاغنى عنها لا سيما عند ملاحظة أهمية الدعاء في حياة المؤمن خصوصاً إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنّ الإمام(عليه السلام) مستجاب الدعوة.



ماذا فقد الشيعة نتيجة غيبة إمامهم(عليه السلام)؟:

عندما نستنطق الواقع الشيعي في عصر الغيبة، لنبصر الأثر الذي تركته الغيبة على الشيعة نجد أنّ غيبة الإمام(عليه السلام) ـ وإن كانت لطفاً إلهياً، وأنّه لم يغب في دوره الوجودي أيّة غيبة لبركاته وفيوضاته ـ لها تداعيات وآثار على الشيعة، منها:

1 ـ إنّ الغيبة حوّلت الإمامة من شهادة وحضور إلى غيب، ففي

الحديث عن الشيخ الصدوق(رضي الله عنه) بإسناده، عن يحيى بن أبي القاسم، قال: سألت الصادق(عليه السلام)عن قول الله عزّوجل: (الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ )([20])؟ فقال: «المتقون: شيعة علي(عليه السلام)، والغيب هو الحجّة الغائب». وشاهد ذلك قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّى مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ )([21])»([22])، ولاشكّ أنّ فقدان الحضور والمشاهدة بالحس، يفقد عنصر الاطمئنان الفردي والإجتماعي.

2 ـ إنّ الغيبة تمثل تأجيلاً بالنسبة إلى اليوم الموعود وبشارة الأنبياء واللقاء مع الإمام(عليه السلام)، الذي أسندت إليه السماء تصفية الحساب مع الإنسانية الكافرة.

ومن الواضح أنّ هذا التأخير والتأجيل لهذا المشروع الإلهي يسبّب الألم والأسى في قلوب المؤمنين.

3 ـ إنّ الغيبة تمثّل تأجيلاً لمشروع الإنسان الموحِّد لله تعالى ففي رواية عن أبي الحسن(عليه السلام) قال: «... لا يبقى في المشارق والمغارب أحد إلاّ وحَّد الله»([23]).

4 ـ في الغيبة تعود الجاهلية بصورة أعقد ممّا كانت عليه في أيّام رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، ففي الرواية: «إنّ قائمنا إذا قام استقبل من جهل الناس أشدّ ممّا استقبله رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) من جهّال الجاهلية»، قلت: وكيف ذلك؟ قال: «إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة، وإنّ قائمنا إذا قام أتى الناس وكلّهم يُؤَوِّل عليه كتاب الله ويحتجّ به عليه»([24]).



إدارة المجتمع الشيعي في عصر الغيبة:

بعدما ثبت أنّ لأهل البيت(عليهم السلام) المرجعية بعد رسول الله(عليهم السلام)، وأنّ هذه المرجعية والإمامة امتداد لحركة الأنبياء والمرسلين، فإنّ العترة الطاهرة جعلت الفقيه العارف العالم العادل نائباً عنهم في زمن الغيبة الكبرى، فعن الإمام العسكري(عليه السلام) أنّه قال: «فأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه فللعوامّ أن يقلّدوه»([25]).

وفي التوقيع الشريف الصادر عن الإمام المهدي(عليه السلام) والذي يقول فيه: «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم، وأنا حجّة الله عليهم»([26]).

وكذلك ما ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «ينظر أنّ مَن كان منكم ممّن روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً»([27]).

إذن فإدارة المجتمع الشيعي في هذا العصر تقع على عاتق العلماء المراجع الذين تتمثّل صفاتهم في (الاجتهاد والعدالة والكفاءة)([28]).

وهذا النظام من المرجعية في عصر الغيبة هو الذي رسمه وأرسى دعائمه أهل البيت(عليهم السلام)، ولعلّنا لا نجانب الصواب إذا ما قلنا: إنّ الغيبة الصغرى لها دور كبير في ترسيخ دعائم هذا النظام; لكي يعتمد الشيعة بعد السفراء على الاستقلال بأنفسهم، من خلال الرجوع إلى العلماء الذين اُطلق عليهم اسم (نوّاب الإمام)، وقد عُبّر عن وظيفتهم الشرعية بـ (النيابة العامة).



سمات وخصائص عصر الغيبة :

إنّ الغيبة تمثّل حالة استثنائية بالنسبة لأتباع أهل البيت(عليهم السلام); لأنّ الحالة الطبيعية تتمثّل في كون الإمام حاضراً ومشهوداً، ومن هنا تميّزت هذه الفترة الاستثنائية بخصائص ومميّزات، منها:

1 ـ إنّ الشيعة في هذا المقطع من وجودهم انقطعوا عن إمامهم، وبذلك فقدوا إمكانية التعاطي المباشر مع الإمام(عليه السلام).

2 ـ انتشار الظلم والجور في الأرض، وتعرّض الشيعة في هذا المقطع الزمني لأقسى وأشدّ حالات الظلم بالشكل الذي فاق ما كانت عليه في عصر الحضور، وحديث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) المتواتر المضمون وهو أنّ المهدي بعد ظهوره «... يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً» يكشف عن حجم ومقدار الظلم الذي يسود الأرض إلى درجة امتلائها بالجور والظلم.

3 ـ تأكّد الامتحـان الإلهي على العبـاد في هـذه الفتـرة.





--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ الغيبة للنعماني : 72، 73.

[2] ـ إلزام الناصب: 1/378، كمال الدين: 1/253/3، عنه البحار: 52/93 .

[3] ـ الأنفال: 33.

[4] و 3 ـ البقرة: 30.

[5] ـ الكهف: 65 ـ 68.

[6] ـ الكهف: 79.

[7] ـ التفسير الكبير: 11/161 .

[8] ـ الكهف: 82.

[9] ـ راجع مجمع الزوائد للهيثمي: 10/63، فتح الباري لابن حجر العسقلاني: 355، عون المعبود للعظيم آبادي: 8/151، كتاب السنّة لابن عاصم: 582.

[10] ـ مصباح المتهجد: 557. مفاتيح الجنان: ما يُدعى به في كلّ يوم من شهر رجب.

[11] ـ الكافي 1/340/16، غيبة النعماني 194/41.

[12] ـ راجع كمال الدين: 390/4، اثباة الهداة: 3/480/181.

[13] ـ مرّ ذكره في أوائل الفصل الأوّل.

[14] ـ الأمالي للشيخ الصدوق: ص253 .

[15] ـ الاحتجاج: 2/598، معادن الحكمة: 2/303.

[16] ـ فرائد الأصول للشيخ الأنصاري 1/179.

[17] ـ غيبة الطوسي: 139 ح 102، عنه البحار: 36/259 ح 79.

[18] ـ ينابيع المودة: 1/75 ح 11، فرائد السمطين: 1/45 ح 11، عنه منتخب الأثر: 2/268 ح 638.

[19] ـ انظر الإحتجاج للطبرسي: 2/324 .

[20] ـ البقرة: 1 ـ 3 .

[21] ـ يونس : 20 .

[22] ـ كمال الدين: 1/18، عنه بحار الأنوار: ج 52/124/10.

[23] ـ تفسير العياشي: 1/207/82، عنه بحار الأنوار : 52/340/90.

[24] ـ الغيبة للنعماني: 307/1.

[25] ـ الاحتجاج: 2/511.

[26] ـ كمال الدين: 2/484/4، وسائل الشيعة: 27/140، أبواب صفات القاضي، ب 11، ح 9.

[27] ـ الكافي: 1/67/10، وسائل الشيعة: 27/136، أبواب صفات القاضي، ب 11، ح1.

[28] ـ راجع الكتب الفقهية في هذا المجال .


يتبع

-
-





توقيع : ابو الحسن
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 2016/06/24, 04:30 AM   #4
معلومات إضافية
رقم العضوية : 4414
تاريخ التسجيل: 2016/02/20
المشاركات: 1,006
ابو الحسن غير متواجد حالياً
المستوى : ابو الحسن is on a distinguished road




عرض البوم صور ابو الحسن
افتراضي



الإعداد النفسي و الانتظار



الاعداد النفسي

أثر الإعداد النفسي على الفرد و المجتمع في عصر الغيبة

الانتظار

الانتظار في اللغة

الانتظار في القرآن

الانتظار في الأخبار

فضائل المنتظرين

هل الانتظار واجب على كل أحد؟





الاعداد النفسي

لا شكّ أنّ أعداء الإسلام والمنافقين، الذين انشدُّوا إلى زخارف الدنيا وتعلّقوا بأهداب الحياة الرخيصة، دأبوا على إثارة الشكوك وزرع اليأس والقنوط في قلوب المسلمين، وخصوصاً الشيعة منهم، فقد انصبّت جهودهم على تدميرنا وتفريقنا من داخل نفوسنا، من استئصال واجتثاث جذور عقيدتنا; لكي يتحوّل هذا إلى مرض عُضال وسلاح قاتل.

ومن هنا نجد اهتمام القرآن الكريم وأهل البيت(عليهم السلام) في معالجة هذا الداء، ووضع العلاج والمناهج القويمة للقضاء عليه، فنلاحظ تارةً من خلال زرع الأمل وتحريم اليأس، والحثّ على الانتظار والمرابطة، كما سيأتي، وكلّ ذلك لأجل إعداد النفوس وجعلها قادرة على الصمود بوجه الأفكار والإثارات الغريبة، واستقبالها بروح متفائلة مطمئنة هادئة; لكي تنقشع غيوم الإحباط والقنوط، ويتجدّد الأمل ويتجدد معه العزم والنشاط والسعي، وتتمكّن من خلال ذلك من الاستمرار ومواصلة مسيرتها نحو هدفها المرسوم لها، ومن ثمّ يكون قلب المؤمن مشدوداً إلى ربّه، معتصماً به،ويكون على اُهبة الاستعداد النفسي والمعنوي للمشاركة مع إمامه(عليه السلام)في نشر العدل وإقامة الدولة الكريمة.

وعلى هذا الأساس تتضح أهمية هذا الجانب، وضرورة الاهتمام به، لمِا له الأثر الكبير في حياة الفرد والمجتمع المؤمن في عصر الغيبة.



أثر الإعداد النفسي على الفرد والمجتمع في عصر الغيبة :

إنّ شيعة أهل البيت(عليهم السلام) وأتباعهم يهدفون في حركتهم إلى تحقيق هدفهم المرسوم، والقيام بتحمّل المسؤولية في دولتهم المباركة بقيادة إمامهم المنتظر(عليه السلام)، وعلى هذا الضوء نجد أنّهم يستمدّون وقود حركتهم من هذا الهدف العظيم، ومن هنا لكي لا يصيبنا الخواء والضعف الروحي والمعنوي ـ الذي يعبّر عنه القرآن الكريم (بالوهن)، الذي إذا اُصيب به المجتمع الشيعي وسرى في جسده، سوف تتراكم عليه الانكسارات والهزائم، ومن ثمّ يتضاءل إرتباطه بالله تعالى، ويضعف إيمانه بهدفه وبالتالي يصل إلى مجتمع خاو فاقد للارادة ـ تتّضح أهمية الإعداد النفسي، ويمكن الإشارة إلى ذلك من خلال النقاط التالية:

1 ـ إنّ عملية إعداد الفرد والمجتمع تجعلهما ذات إحساس قوي بالهدف،ويجعل عقيدته ذات حضور دائم في كلّ حركة من حركاته، ممّا يجعله يعيش معها في أفكاره ومشاعره، وفي علاقاته ومطامحه، فتتسع في قلبه وتتحوّل إلى همٍّ يوميٍّ متحرّك، بدلا من أن تكون عقيدته مختفية في زاوية محدودة من زوايا الفكر. وربّما يمكن استيحاء هذا المعنى ـ من حضور العقيدة ـ من الكلمة العظيمة لأمير المؤمنين(عليه السلام): «ما رأيت شيئاً إلاّ ورأيت الله قبله وبعده وفيه»([1]).

2 ـ إنّ عملية الإعداد النفسي تربّي الفرد والمجتمع، وتجعلهما قادرين على مواجهة الرياح العاصفة، فلا يتزلزل أمام أيّة ريح، ولا يهتز أمام أيّ تحدّي.

3 ـ الإعداد النفسي للفرد والمجتمع يساهم في تصعيد درجة الإخلاص، ومن ثمّ يساهم في تحقيق شرط الظهور.

4 ـ من خلال الإعداد النفسي للظهور تتعمّق الصلة مع الإمام(عليه السلام)، ومن ثم تتجذّر عقيدته أكثر فأكثر، وهذا بدوره يسهم في إصلاح نفسه وإصلاح مجتمعه ومَن حوله.

5 ـ إنّ الإعداد النفسي يربّي عند الفرد المؤمن والمجتمع حالة الشعور بالمسؤولية، الذي يُعدّ من العناصر الأساسية في المسيرة التكاملية للفرد والمجتمع، فبمقدار قوة هذا الشعور في نفس المؤمن يكون له اضطلاع بتحمّل المسؤولية، وبمقدار تحمله للمسؤولية يتلقّى مدده بالتوفيق من الله تعالى لنيل الغاية، قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الُْمحْسِنِينَ )([2]).

وسوف تتضح ثمرات اُخرى في بحث الانتظار والمرابطة إن شاء الله تعالى. ويمكن تحصيل الإعداد النفسي من خلال:



الانتظار:

اهتمّ القرآن الكريم وأهل البيت(عليهم السلام) بعملية إعداد الفرد والمجتمع بالتمهيد لظهور الإمام; لأجل قيام دولة العدل في الأرض، قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الاَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُـمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً )([3]).

ومن أهم المرتكزات التي اعتمد عليها أهل البيت(عليهم السلام) تبعاً للقرآن الكريم في عملية الإعداد هي الانتظار، ومن هنا نودّ أن نلقي الضوء ـ على عجالة ـ على بُعد من أبعاد هذه الوظيفة العظيمة، ودورها في حياة الفرد والمجتمع في عصر الغيبة.

الانتظار في اللغة:

الانتظار لغةً: هو التوقّع إلاّ أنّ المعنى الذي يمكن استفادته من حصيلة النصوص الواردة في الانتظار هو: التمهيد والتوطئة، لتنفيذ الفرض الإلهي الكبير وحصول اليوم الموعود الذي تعيش فيه البشرية العدل الكامل بقيادة الإمام المهدي(عليه السلام).

ومن الواضح أنّ التمهيد والتوطئة لمثل هكذا فرض عظيم لا يتحقق باللفظ فقط، وإنّما يحتاج الى عقيدة راسخة وعمل دؤوب، ابتداءً من النفس والعقيدة والأخلاق وفق الشريعة; ليتوفّر الفرد أو المجتمع على الكيفية والهيئة التي تنبعث منها حالة الاستعداد للقيام والمشاركة بتحقيق هذا الهدف العظيم.

الانتظار في القرآن:

من الملاحظ أنّ الانتظار ذو جذر قرآني، حيث أراد منه القرآن الكريم أن يزوّد به قلب كلّ نفس مؤمنة; لكي ينير عواطفها ومشاعرها وآمالها. ففي تفسير قوله تعالى: (قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى )، قال السيد العلاّمة الطباطبائي([4]):

التربّص: الانتظار... وقوله: (كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ ): أي كلّ منّا ومنكم منتظر، فنحن ننتظر ما وعده الله لنا فيكم وفي تقدّم دينه وتمام نوره.

وعن البزنطي قال: قال الرضا(عليه السلام): «ما أحسن الصبر وانتظار الفرج، أما سمعت قول الله تعالى: (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ )، وقوله عزّوجلّ:(فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِنَ الْمُنتَظِرِينَ )، فعليكم بالصبر....»([5]).

وبالإسناد عن محمد بن فضيل، عن الرضا(عليه السلام) قال: سألته عن شيء من الفرج؟ فقال: أليس انتظار الفرج من الفرج؟ إنّ الله عزّوجل يقول: (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِنَ الْمُنتَظِرِينَ )([6])، وقوله تعالى: (وَقُل لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ * وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ )([7]).

ويمكن القول بأنّ الانتظار يمثّل الحالة الوسطى بين حرمة اليأس من روح الله وبين حرمة الأمن من مكر الله.

إذن الانتظار في واحدة من أبعاده أنّه ذو أصل قرآني مهمّ، ويعتبر واحدة من الركائز الأساسية التي تسيّر حركة المجتمع إلى هدفه وغايته، فبالانتظار تُفتح المغالق، وتُذلَّل المصاعب، وتُنوَّر السبل في متاهات هذه الحياة.

الانتظار في الأخبار:

وقد تواترت الأخبار بين العامّة والخاصّة على ضرورة وأهمية الانتظار في عصر الغيبة، وهذا ما نلاحظه من خلال الحشد المتنوّع لروايات الانتظار، ممّا يكشف عن أنّ الانتظار ذو مفهوم روائي وركيزة أساسية من الركائز التي اعتمدتها السُنّة الشريفة في مسيرة المجتمع المسلم، لا سيّما ما نلاحظه في توجيه أهل البيت(عليهم السلام) لأتباعهم على ضرورة التزام منهج الانتظار في هذه الفترة، فمن الروايات:

1 ـ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «من مات منكم على هذا الأمر منتظراً له، كان كمن كان في فسطاط القائم(عليه السلام)»([8]).

2 ـ وعن أبي عبدالله(عليه السلام) عن آبائه(عليهم السلام) قال: «المنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل الله»([9]).

3 ـ وعن الصادق(عليه السلام) أيضاً قال: «طوبى لشيعة قائمنا، المنتظرين لظهوره في غيبته، المطيعين له في ظهوره، اُولئك أولياء الله الذين لاخوف عليهم ولا هُم يحزنون»([10]).

4 ـ عن الإمام عليّ بن الحسين(عليه السلام) قال: «انتظار الفرج من أعظم الفرج»([11]).

5 ـ وعنه (عليه السلام) أيضاً قال: «تمتدّ الغيبة بوليّ الله عزّوجلّ الثاني عشر من أوصياء رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة بعده، يا أبا خالد، إنّ أهل زمان غيبته القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره أفضل من أهل كلّ زمان; لأنّ الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بالسيف، اُولئك المخلصون حقاً، وشيعتنا صدقاً، والدعاة إلى دين الله عزّوجلّ سرّاً وجهراً»([12]).

6 ـ عن المفضّل بن عمر قال: ذكرنا القائم(عليه السلام) ومَن مات من أصحابنا ينتظره، فقال لنا أبو عبدالله(عليه السلام): «إذا قام اُتي المؤمن في قبره، فيقال له: ياهذا، إنّه قد ظهر صاحبك، فإن تشأ أن تلحق به فالحَقْ، وإن تشأ أن تُقيم في كرامة ربّك فأقم»([13]).

7 ـ وعن أبي عبدالله، عن آبائه(عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: «أفضل عبادة المؤمن انتظار فرج الله»([14]).

8 ـ وعن أبي بصير قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): جعلت فداك متى الفرج؟ فقال: «ياأبا بصير، وأنت ممّن يريد الدنيا، مَن عرف هذا الأمر فقد فرّج عنه لانتظاره»([15]).

9 ـ وعن علي بن مهزيار قال : كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر(عليه السلام) أسأله عن الفرج، فكتب إليّ: «إذا غاب صاحبكم عن دار الظالمين فتوقّعوا الفرج»([16]).

10 ـ عن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: «انتظروا الفرج، ولا تيأسوا من روح الله، فإنّ أحبّ الأعمال إلى الله عزّوجلّ انتظار الفرج»([17]).

11 ـ وعن أمير المؤمنين(عليه السلام) أيضاً قال: «الآخذ بأمرنا معنا غداً في حظيرة القدس، والمنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل الله»([18]).

12 ـ وعن الفيض بن المختار، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «مَن مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر كمن هو مع القائم في فسطاطه، قال: ثمّ مكث هنيئة ثمّ قال: لا بل كمن قارع معه بسيفه، ثمّ قال(عليه السلام): لا والله كمن استشهد مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)»([19]).

13 ـ وعن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): حقيق على الله أن يدخل أهل الضلال الجنة، وإنّما عنى بهذا المؤمنين الذين قاموا في زمن الفتنة على الائتمام بالإمام الخفيّ المكان المستور عن الأعيان، فهم بامامته مقرّون، وبعروته مستمسكون، ولخروجه منتظرون، موقنون غير شاكّين، صابرون مسلّمون، وإنّما ضلّوا عن مكان إمامهم وعن معرفة شخصه....»([20]).

14 ـ وعن أبي عبدالله(عليه السلام) في قول الله عزّوجل: (الم * ذلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) فقال: «المتقون: شيعة علي(عليه السلام)، والغيب هو الحجة الغائب، وشاهد ذلك قول الله عزّوجل: (وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِن رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ )([21])».

15 ـ وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «ما ضرَّ مَن مات منتظراً لأمرنا أن يموت في وسط فسطاط المهدي وعسكره»([22]).

16 ـ وعن أبي عبدالله(عليه السلام) مخاطباً عمار الساباطي، قال: «أما والله ياعمار، لا يموت منكم ميّت على الحال التي أنتم عليها إلاّ كان أفضل عند الله من كثير من شهداء بدر واُحد، فأبشروا»([23]).

17 ـ وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «... واعلموا أنّ المنتظر لهذا الأمر له مثل أجر الصائم القائم، ومَن أدرك قائمنا فخرج معه فقَتل عدوّنا كان له أجر عشرين شهيداً، ومَن قُتل مع قائمنا كان له مثل أجر خمسة وعشرين شهيداً»([24]).

18 ـ وعن الحرث بن المغيرة قال: كنّا عند أبي جعفر(عليه السلام) فقال: «العارف منكم هذا الأمر، المنتظر له، المحتسب فيه الخير، كمن جاهد والله مع قائم آل محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) بسيفه»، ثمّ قال: «بل والله كمن جاهد مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بسيفه»، ثمّ قال الثالثة: «بل والله كمن استشهد مع رسول الله في فسطاطه»([25]).

19 ـ وفي تفسير البرهان، عن ابن أبي حمزة، عن أبيه قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): جعلت فداك، قد كبر سنّي، ودقّ عظمي، واقترب أجلي، وقد خفت أن يدركني قبل هذا الأمر الموت، قال: فقال لي: «يا أبا حمزة، مَن آمن بنا وصدّق حديثنا، وانتظر أمرنا كان كمن قتل تحت راية القائم، بل والله تحت راية رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)»([26]).

20 ـ وعن إسحاق بن عمار قال: حدّثني رجل من أصحابنا، قال: أقبل رجل على أبي جعفر(عليه السلام)، ثمّ قال: يابن رسول الله، أدنِني منك جعلني الله فداك، فوالله إنّي لاُحبكم واُحبّ مَن يحبّكم، فوالله ما أحبّكم وأحب مَن يحبكم لطمع في دنيا، وإنّي لأبغض عدوّكم، وأبرأ منه، ووالله ما أبغضه وأبرأ منه لوتر كان بيني وبينه، والله إنّي لاُحلّ حلالكم، واُحرّم حرامكم، وأنتظر أمركم، فهل ترجو لي جعلني الله فداك؟

فقال أبو جعفر(عليه السلام): «إليَّ إليَّ حتى أقعده إلى جنبه»، ثمّ قال: «أيّها الشيخ، إنّ أبي علي بن الحسين(عليه السلام) أتاه رجل فسأله عن مثل الذي سألتني عنه، فقال له أبي(عليه السلام): إنْ تَمُتْ ترِدْ على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى عليّ والحسن والحسين وعلي بن الحسين ويثلج قلبك، ويبرد فؤادك، وتقرّ عينك، وتستقبل بالروح والريحان مع الكرام الكاتبين، لو قد بلغت نفسك هاهنا ـ وأهوى بيده الى حلقه ـ وإن تَعشْ تَرَ ما يقرّ الله به عينك، وتكون معنا في السنام الأعلى...»([27]).

21 ـ وعن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «إنّ لنا دولةً يجيء الله بها إذا شاء»، ثمّ قال: «مَن سرَّه أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر، وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر»([28]).

22 ـ وعن الإمام الصادق(عليه السلام) أيضاً قال: «مِن دِين الأئمّة: الورع والعفّة والصلاح وانتظار الفرج بالصبر...»([29]).

23 ـ وكذا قال الإمام الصادق(عليه السلام): «إذا مات المنتظِر، وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر مَن أدركه، فجِدّوا وانتظروا، هنيئاً أيّتها العصابة المرحومة...»([30]).

هذا، مضافاً إلى وجود العشرات من الروايات الواردة في فضل الانتظار والمنتظِرِين...

ومن حصيلة النصوص الشريفة المتقدّمة، وغيرها ممّا يشاركها في المضمون تتّضح فضيلة الانتظار وأهمّيته في عصر الغيبة، كذلك تتّضح أهم الصفات التي يتمتع بها المنتظر، ويمكن الإشارة الإجمالية لها مراعاةً للاختصار (وقد تقدّمت الإشارة إليها في الفصول السابقة) منها:

1 ـ المعرفة بإمام الزمان(عليه السلام).

2 ـ الإخلاص لله ولإمامه ولدينه بأعلى درجات الإخلاص.

3 ـ الولاية لأهل البيت(عليهم السلام) والبراءة من أعدائهم.

4 ـ التسليم لله تعالى والرضا بقضائه.

5 ـ الصبر على الأذى والبلاء.

6 ـ التمسّك بأهل البيت(عليهم السلام).

7 ـ الورع عن محارم الله تعالى.

8 ـ الالتزام الدقيق بأوامر الله ونواهيه.

9 ـ العفة وحسن الأخلاق.

10 ـ المُرابطة (تأتي الإشارة إليها).

11 ـ العمل بالتقية (تأتي الإشارة اليها).



فضائل المنتظِرِين:

وردت نصوص كثيرة في فضل المنتظرين لليوم الموعود، الصامدين على الحق، منها:

1 ـ عن الإمام الحسين(عليه السلام) قال في كلام له عن المهدي(عليه السلام): «له غيبة يرتدّ فيها أقوام، ويثبت على الدين فيها آخرون، ويُقال لهم: متى هذا الوعد إن كنتم صادقين. أمّا الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)»([31]).

2 ـ وعن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «سيأتي قوم من بعدكم، الرجل الواحد منهم له أجر خمسين منكم، قالوا: يارسول الله، نحن كنّا معك ببدر واُحد وحنين، وحين نزل القرآن، فقال: إنّكم لو تحملون لما حملوا لم تصبروا صبرهم»([32]).

إلى غيرها من عشرات الروايات في هذا المضمون التي تكشف عن فضل المنتظِرِين، ومراعاة للإسهاب نقتصر على ذكر أهمّ هذه الفضائل التي مُنحت للمنتظرين، مستقاة من روايات أهل بيت العصمة(عليهم السلام) مع ذكر مصادرها:

1 ـ المنتظر لظهور إمامه(عليه السلام) أفضل من أهل كلّ زمان([33]).

2 ـ المنتظر الذي يموت وهو على حالة انتظار إمامه مثل الذي استشهد مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)([34]).

3 ـ المنتِظر دائماً في حالة طاعة وعبادة لله تعالى «أفضل عبادة المؤمن انتظار الفرج»([35]).

4 ـ المنتظر الذي يموت على هذا الأمر يكون كالذي يستشهد مع إمامه(عليه السلام).

5 ـ الذي يموت وهو في حالة الانتظار لإمامه (عليه السلام) كمن كان في فسطاط الإمام المهدي (عليه السلام)([36]).

6 ـ المنتظر كالمتشحّط بدمه في سبيل الله([37]).

7 ـ المنتظر مفرّج عليه وهو في حالة انتظاره لإمامه «انتظار الفرج من الفرج»([38]).

8 ـ الميّت وهو في حالة الانتظار لإمامه أفضل عند الله من كثير من شهداء بدر واُحد([39]).

9 ـ المنتظرون: مصابيح الدجى، ينجيهم الله من كل فتنة غبراء مظلمة([40]).

10 ـ المنتظر لإمامه الغائب(عليه السلام) له مثل أجر الصائم القائم([41]).

11 ـ المنتظر لإمامه الغائب(عليه السلام) يحشر في زمرة أهل البيت(عليهم السلام)([42]).





هل الانتظار واجب على كل أحد؟

لا يخفى على المتأمّل في هذا الحشد الواسع من روايات أهل بيت العصمة(عليهم السلام) الخاصّة في الانتظار، يجد أنّها تولي الانتظار أهمية متميزة وتشدد على ضرورة الالتزام به، وترفعه إلى درجة الوجوب على كل أحد، وتعدّه من الركائز الأساسية في حياة المؤمن في عصر الغيبة. ونكتفي بالإشارة المفهمة لذلك من خلال ذكر بعض الروايات في هذا الباب، مضافاً إلى ما ذكرنا من روايات في هذا الجانب.

ومن الروايات: عن أبي جعفر(عليه السلام) مخاطباً أبي الجارود، قال: «والله لاُعطينّك ديني ودين آبائي الذي تدين الله عزّوجل به: شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمداً رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) والإقرار بما جاء به من عند الله، والولاية لوليّنا، والبراءة من عدوّنا، والتسليم لأمرنا، وانتظار قائمنا، والاجتهاد والورع»([43]).

وما رواه الصدوق بإسناده، عن عبدالعظيم الحسني قال: دخلت على سيدي محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب(عليهم السلام) وأنا اُريد أن أسأله عن القائم هو المهدي أو غيره؟ فابتدأني فقال لي: «ياأبا القاسم، إنّ القائم منّا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته، ويُطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي»([44]).

وعن أبي بصير، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه قال ذات يوم: «ألا اُخبركم بما لا يقبل الله عزّوجلّ من العباد عملا إلاّ به؟»، فقلت: بلى، فقال: «شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمداً عبده ورسوله، والإقرار بما أمر الله، والولاية لنا، والبراءة من أعدائنا ـ يعني الأئمة خاصة ـ والتسليم لهم، والورع، والاجتهاد، والطمأنينة، والانتظار للقائم(عليه السلام)»([45]).

وفي اُصول الكافي بإسناده، عن إسماعيل الجعفي، قال: دخل رجل على أبي جعفر(عليه السلام) ومعه صحيفة، فقال له أبو جعفر(عليه السلام): «هذه صحيفة مخاصم([46]) سأل عن الدين الذي يقبل فيه العمل»، فقال: رحمك الله، هذا الذي اُريد، فقال أبو جعفر(عليه السلام): «شهادة أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ محمداً عبده ورسوله، وتُقرُّ بما جاء من عند الله، والولاية لنا أهل البيت، والبراءة من عدوّنا، والتسليم لأمرنا، والورع، والتواضع، وانتظار قائمنا، فإنّ لنا دولةً إذا شاء الله جاء بها»([47]).

ونود الإشارة إلى أنّ مفهوم الانتظار من المفاهيم المُشكّكة، أي أنّ هنالك تناسباً طردياً على صعيد العلاقة بين درجة وشدّة الانتظار، وبين درجة وشدة حبّ المنتظر، فهنالك ترابط وثيق بينهما، حيث تبدأ مناشئ ومبادئ الانتظار من المعرفة السليمة ودرجة حبّ المنتظر، وهذا من البديهيات التي تعلو على البرهنة، ألا ترى إذا كان لديك مسافر تنتظر قدومه، فإنّ مقدار تهيّئك لاستقباله ربّما تصل إلى درجة تسلب منك النوم، وتجعلك مشدوداً ومتوجّهاً نحوه فيما إذا كان مَن تنتظر قدومه على درجة عالية من المحبّة عندك؟

إذن المؤمن المنتِظر لقدوم مولاه كلّما كان انتظاره شديداً كان تهيّؤه ـ من خلال الاستعانة بالورع والاجتهاد، وتهذيب نفسه من الرذيلة، والتحلّي بالأخلاق الفاضلة ـ أكثر وأشدّ.

إذن الحلقة التأسيسية للانتظار إنّما تكمن في درجة حبّ ومعرفة المنتظر، فكلّما غاب أو ضعف انتظارنا لإمامنا(عليه السلام) علينا أن نشك بسلامة معرفتنا وحبّنا لإمامنا الغائب المنتظر(عليه السلام).





--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ اللمعة البيضاء: 169 .

[2] ـ العنكبوت : 69 .

[3] ـ النور: 55 .

[4] ـ الميزان في تفسير القرآن : 14/240 .

[5] ـ تفسير العياشي : 2/20 ح52 ، كمال الدين: 645/4، بحار الأنوار: 52/129 .

[6] ـ تفسير العياشي : 2/168/62 ، كمال الدين: 645/4، بحار الأنوار : 52/128/22 .

[7] ـ هود : 11 / 21 .

[8] ـ كمال الدين : 2/644/1 .

[9] ـ كمال الدين: 2/645/6 .

[10] ـ كمال الدين : 2/357/54.

[11] ـ كمال الدين : 2/320/2 .

[12] ـ كمال الدين : 1/319/2 .

[13] ـ الغيبة للطوسي : 459/470 .

[14] ـ المحاسن: 1/453 / 1044، بحار الأنوار : 52/ 131/33 .

[15] ـ اُصول الكافي : 1/371/3 .

[16] ـ كمال الدين : 2/380/3 .

[17] ـ الخصال: 675/10/، بحار الأنوار : /52/123/7 .

[18] ـ المصدر السابق: 685/10، بحار الأنوار : 52/123/7.

[19] ـ المحاسن: 1/277 / 543، بحار الأنوار : /52/126/18 .

[20] ـ بحار الأنوار : 52/143/61 عن تفسير النعماني.

[21] ـ كمال الدين : 2/340/20، والاية في الاعراف: 71.

[22] ـ اُصول الكافي : 1/372/6 .

[23] ـ الكافي : 1/334/2 .

[24] ـ الكافي : 2/222/4 .

[25] ـ مجمع البيان : 9/359 .

[26] ـ تأويل الآيات: 2/666 ح21، عنه، تفسير البرهان : 7/449/9 .

[27] ـ الكافي : 8/76/30 .

[28] ـ غيبة النعماني: 207 ح16، عنه البحار: 52/140ح 5، مكيال المكارم: 135.

[29] ـ الخصال: 124، عنه البحار: 52/122 ح1.

[30] ـ غيبة النعماني : 207 ذيل ح16، عنه البحار: 52/140 ذيل ح50 .

[31] ـ عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 1/69 ح36، عنه البحار: 36/385 ح6.

[32] ـ الغيبة للطوسي: 457/467، بحار الأنوار : 52/130/26 .

[33] ـ إكمال الدين : 2/357 .

[34] ـ المحاسن: 1/277/542، البحار : 52/126/18 .

[35] ـ المحاسن: 1/453/1044، البحار : 52/131/ 33 .

[36] ـ الكافي : 5/22/2 .

[37] ـ كمال الدين : 2/645/ 6 .

[38] ـ الغيبة: 459/471، بحار الأنوار: 52/125/29 .

[39] ـ الكافي : 1/ 334 / 2 .

[40] ـ بصائر الدرجات: 104/4، بحار الأنوار : 52/124/8 .

[41] ـ الكافي : 2/222/4 .

[42] ـ الغيبة للطوسي : 456 ح466 .

[43] ـ الكافي : 2/22 / 10 .

[44] ـ كمال الدين وتمام النعمة : 2/ 377/ 1 .

[45] ـ الغيبة للنعماني : 207/ 16.

[46] ـ الظاهر من الخبر أنّ «مخاصم» اسم رجل، وهو اسم السائل.

[47] ـ اُصول الكافي : 2/ 22 /13 .


يتبع

-






توقيع : ابو الحسن
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 2016/06/24, 04:32 AM   #5
معلومات إضافية
رقم العضوية : 4414
تاريخ التسجيل: 2016/02/20
المشاركات: 1,006
ابو الحسن غير متواجد حالياً
المستوى : ابو الحسن is on a distinguished road




عرض البوم صور ابو الحسن
افتراضي



دور الانتظار في حياة الفرد والمجتمع في عصر الغيبة




دور الانتظار في حياة الفرد والمجتمع في عصر الغيبة

محاربة اليأس و بثّ روح التفاؤل و أقسام اليأس

المرابطة

أقسام المرابطة

هل الإمام صاحب الزمان مرابط؟

أثر المرابطة في عصر الغيبة






دور الانتظار في حياة الفرد والمجتمع في عصر الغيبة

للانتظار أبعاد وزوايا مختلفة، وعلى هذا يكون له دور وأثر كبير وفاعل في حياة الفرد والمجتمع، ولعلّ من أهمّ آثاره هي:

1 ـ من خلال الانتظار يتوجّه الإنسان إلى التعلّق بربّه والتمسّك بإمامه، وطلب الفرج من الله تعالى، وهذا ممّا عَلّمناه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث قال: «أفضل عبادة المؤمن انتظار الفرج من الله عزّوجلّ»([1]).

2 ـ إنّ الانتظار في واحدة من أبعاده يعني الإيمان بالغيب، ومن ثمّ يحمل العبد على العمل والتعبّد بعقيدته، ويكون محباً للعدل كارهاً للظلم، وبذلك يوجّه نفسه وسائر إخوانه إلى ما فيه الخير لنفسه ولإخوانه، من خلال مشاركته وتعاونه مع إخوانه في أحاسيس الانتظار; ليتمكنوا من مقارعة الجزع، كما نلمس ذلك في دعاء الندبة: «هل من معين فاُطيل معه العويل والبُكاء؟ هل من جزوع فاُساعد جزعه إذا خلا؟ هل قذيت عينٌ فساعدتها عيني على القذى؟»([2]).

3 ـ يساهم الانتظار بدفع المؤمن للامتثال والالتزام الكامل بتطبيق الأحكام الإلهية، وبذلك يكتسب الإرادة القوية والإخلاص الحقيقي الذي يؤهّله للمشاركة والتشرّف بتحمّل المسؤولية الكبيرة في اليوم الموعود.

4 ـ إنّ الانتظار يدفع الإنسان المؤمن إلى أن يعيش هذه العقيدة بشكل يملي سلوكه وكلّ أحواله، كما في الدعاء «هل إليك يابن أحمد سبيل فنلقى؟ هل يتّصل يومنا منك بعدة فنحظى...؟ فقد طال الصدى، متى نغاديك ونراوحك فَنقُرَّ عيناً؟ متى ترانا ونراك؟...»([3]).

5 ـ الانتظار يحقق الرابطة الروحية والصلة الوجدانية بين الإمام وشيعته المنتظرين، وبذلك يتوفّر الإنسان المؤمن على عزيمة ـ للمشاركة مع إمامه في نشر العدل على الأرض ـ لا يثنيها حتى الموت، كما في الدعاء: «... وإن حال بيني وبين لقائه الموت الذي جعلته على عبادك حتماً، وأقدرت به على خليقتك رغماً، فابعثني عند خروجه ظاهراً من حفرتي، مؤتزراً كفني، حتى اُجاهد بين يديه في الصفّ الذي أثنيت على أهله في كتابك، فقلت: (كَأَنّهُم بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ)»([4]).

6 ـ يمثّل الانتظار عنصر التوازن في حياة المؤمن إلى الحالة الوسط بين الإفراط ـ الذي يمثّل حالة اليأس والقنوط ـ والتفريط وهو الاستعجال بالأمر، وكلاهما منهيّ عنهما في الشريعة، فعن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: «انتظروا الفرج، ولا تيأسوا من روح الله، فإنّ أحبّ الأعمال إلى الله عزّوجل انتظار الفرج»([5]).

وكذا ما ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «... كذب الوقّاتون، وهلك المستعجلون، ونجا المسلّمون، وإلينا يصيرون، ما وقّتنا فيما مضى، ولا نوقّت فيما يستقبل»([6]).

7 ـ الإنسان المؤمن المنتظر لإمامه لا شكّ أنّه مقتد بإمامه الصابر أمام هذه المحن والظلم، وهذا بدوره يساهم في استلهام روح الصبر من إمامه(عليه السلام).

إذن الانتظار ذو عطاء تربوي كبير على المؤمنين العاملين في مختلف نواحي الحياة، إذ يزيل عوامل اليأس والخَوَر من النفوس، ويبشّر بغد مشرق يشعّ فيه نور الإسلام على جميع أنحاء المعمورة. وهذا يدعم مسيرة التكامل إلى الأمام.

8 ـ من خلال الانتظار يتم التعلق بالأنبياء ورسالاتهم وتجديد العهد معهم، والارتباط بمركز الرسالة النبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته(عليهم السلام)، لاسيّما الإمام الذي يحقق هدف الأنبياء، والمنقذ الكامل لرسالة الإسلام على وجه الأرض.

9 ـ يساهم الانتظار في بناء وإصلاح المجتمع، حيث إنّ الإنسان المؤمن حين يشعر أنّ كل أداء ونشاط اجتماعي يصبّ في خدمة وتحقيق هدف الإمام وهو إقامة دولة العدل، وهذا بدوره يمنح الإنسان طاقة كبيرة من الروح المعنوية حال ممارسته نشاطاته وأعماله.



محاربة اليأس وبثّ روح التفاؤل وأقسام اليأس:

إنّ عدم اليأس يمكن أن يدخل تحت مفهوم الانتظار، فيكون من مصاديقه أو من لوازمه، إلاّ أنّنا أفردناه لأجل تسليط الضوء عليه; لما يتمتع به من الأهمّية، ويمكن جعل اليأس على أربعة أقسام:

القسم الأول: اليأس من الظهور بصورة كلّيّة ونهائية، ولازم هذا الكلام عدم ظهور القائم(عليه السلام)، مع أنّ قيام القائم من ضروريات المذهب، إذن هذا القسم من اليأس حرام ولا إشكال في حرمته، ولعلّ هذا القسم مصداق لقوله تعالى: و(لاَ يَيْأَسُ مِن رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )([7])، حيث عدّ اليأس في الشريعة من الكبائر.

القسم الثاني: اليأس من ظهور الإمام القائم(عليه السلام) في فترة معينة، كأن يُقال مثلا: إنّ الإمام(عليه السلام) لا يظهر في هذه الفترة إلى مدة 30 سنة، ولعلّ حكم هذا القسم هو الحرمة أيضاً; لأنّ اليأس من الظهور خلال هذه الفترة المعينة يلازمها عدم الانتظار خلالهما، وهو خلاف ما ورد في كثير من الروايات التي تحثّ على الانتظار صباحاً ومساءً، فمن جملة الروايات الواردة في هذا الجانب هي :

1 ـ عن أبي المرهف، عن الصادق(عليه السلام) قال: «هلكت المحاضير»، قال: وما المحاضير؟ قال(عليه السلام): «المستعجلون، ونجا المقرّبون»([8]).

2 ـ في الحديث أنّه قال يقطين لابنه علي: ما بالنا قيل لنا فكان، وقيل بكم فلم يكن؟ قال: فقال له علي: إنّ الذي قيل لكم ولنا من مخرج واحد، غير أنّ أمركم حضركم فاُعطيتم محضه، وكان كما قيل لكم، وإنّ أمرنا لم يحضر، فعُلِّلنا بالأمانيّ، ولو قيل لنا: إنّ هذا الأمر لا يكون إلى مائتي سنة أو ثلثمائة سنة لقست القلوب، ولرجعت عامّة الناس عن الإسلام، ولكن قالوا: ما أسرعه وما أقربه، تألّفاً لقلوب الناس، وتقريباً للفرج»([9]).

3 ـ عن الفضل، عن الصادق(عليه السلام) قال: «أقرب ما يكون العبد إلى الله عزّوجل وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجّة الله فلم يظهر لهم ولم يعلموا بمكانه، وهم في ذلك يعلمون أنّه لم تبطل حجة الله، فعندها توقّعوا الفرج كلّ صباح ومساء»([10]).

4 ـ عن حمّاد بن عثمان، عن الصادق(عليه السلام) قال: «وتوقّع أمر صاحبك ليلك ونهارك فإنّ الله كلّ يوم هو في شأن، لا يشغله شأن عن شأن»([11]).

5 ـ عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «... إذا اشتدّت الحاجةُ والفاقةُ، وأنكر الناس بعضهم بعضاً فعند ذلك توقّعوا هذا الأمر صباحاً ومساءً»([12]).

6 ـ ما ورد في التوقيع الشريف: «فإنّ أمرنا يبعثه فجأةً حين لا تنفعه توبة»([13]).

7 ـ الحديث المروي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) حينما سأل: قيل له: يارسول الله، متى يخرج القائم من ذرّيّتك؟ فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): «مَثَلُهُ مَثلُ الساعة (لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماوَاتِ وَالاَْرْضِ لاَتأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً)»([14]).

ويمكن دخول هذا القسم مصداقاً للآية الكريمة: (لاَ يَيْأَسُ مِن رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )([15]).

القسم الثالث: اليأس من قرب زمان الظهور، ولعلّ حكم هذا القسم كسابقه; لدخوله تحت الأخبار الواردة في وجوب انتظار الفرج صباحاً ومساءً.

القسم الرابع: وهذا القسم من اليأس هو الممدوح; لأنّه يأس من كلّ الاُطروحات التي تّدعي قيام العدل، والدفاع عن حقوق الإنسان، أمثال منظمة حقوق الإنسان، والاُمم المتحدة، وغيرها من المراكز التي تحمل الشعارات الخالية من المضمون. فعندما يحصل اليأس من كلّ التجارب السابقة التي ادّعت لنفسها حلّ مشاكل العالم ثمّ افتضح زيفها، نتيجة التمحيص، وهو كما قال تعالى: (اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُـجْرِمِينَ )([16])، حيث قال السيد العلاّمة الطباطبائي في تفسيرها: «تلك الرسل الذين كانوا رجالا أمثالك من أهل القرى، وتلك قراهم البائدة، دعوهم فلم يستجيبوا، وأنذروهم بعذاب الله فلم ينتهوا، حتى إذا استيأس الرسل من إيمان اُولئك الناس وظنّ الناس أنّ الرسل قد كُذِبُوا ـ أي أخبروا بالعذاب كذباً ـ جاء نصرنا...»([17]).

وهذا المعنى تشير إليه الروايات، وأنّه إذا حصل اليأس فتوقّعوا الفرج، ولا يكون الظهور إلاّ بعد اليأس. فعن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين فشكا إليه طول دولة الجور، فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): «والله ما تأملون حتى يهلك المبطلون، ويضمحلّ الجاهلون ويأمن المتّقون، وقليل ما يكون حتّى يكون لأحدكم موضع قدمه، وحتى يكونوا على الناس أهون من الميتة عند صاحبها، فبينا أنتم كذلك، إذ جاء نصر الله والفتح، وهو قوله عزّوجل في كتابه: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا )»([18]).

إذن ظاهرة اليأس التي حرّمها القرآن الكريم، وأكّد أهل البيت(عليهم السلام)على ضرورة التخلّي عنها، من الظواهر السلبية في حركة الفرد والمجتمع، لاسيّما في عصرنا هذا، إذن يجب علينا أن نتفاءل ونلقِّن أنفسنا، ونتيقّن بأنّ الفرج والفتح بيد الله عزّوجلّ، وأنّ الكون والطبيعة والحياة كلّها تسير وتتجه إلى غايتها، وأنّ كلّ خطوة وحركة تقرّبنا من الهدف، فلابدّ أن نكون ثابتين أقوياء، لا نعرف الذبذبة في اتخاذ الرأي، ولا الوهن في المواقف، ولا الميوعة والترهّل في السلوك، علينا أن نستمدّ قوّتنا من قوة الإسلام وثباته.





المرابطة:

المرابطة مأخوذة من الربط، بمعنى الشدّ، وعرّفها السيّد العلاّمة الطباطبائي في تفسير الميزان([19]) بأنّها: «نسيج الترابط بين قوى وأفعال أفراد المجموعة الإسلامية في الشدّة والرخاء، وفي جميع شؤونهم الدينية والدنيوية».

ويتحقّق هذا الارتباط من خلال الالتزام العملي بالشريعة ودوام العمل بها، وتحديد مسؤولية كلّ فرد بالنسبة إلى الاجتماع الذي يقع في مقدمته التمسّك بولاية أهل البيت(عليهم السلام)، كما أشار لذلك العلاّمة المجلسي(رحمهم الله)في شرح قول الإمام أبي عبد الله(عليه السلام): «رباطنا رباط الدهر»، حيث قال: «أي يجب على الشيعة أن يربطوا أنفسهم على طاعة إمام الحقّ وانتظار فرجه ويتهيّؤا لنصرته»([20]).

وفي ضوء ما تقدّم نجد اهتمام وتأكيد القرآن الكريم وأهل البيت(عليهم السلام)على ضرورة المرابطة، كما سيتّضح.

أقسام المرابطة:

بعد التأمّل في حصيلة النصوص الواردة في المرابطة من القرآن والسُنّة يمكن تصوريها على ثلاثة أقسام:

القسم الأوّل: وهو الإرصاد لحفظ الحدود وثغور المسلمين، والاستعداد والتهيّؤ للدفاع عن البلاد الإسلامية في مناطق الثغور والحدود مع الكفّار، وهذا القسم من المرابطة واجب لدى وقوع بلاد المسلمين في معرض الخطر من هجوم الكفار، وأمّا إذا لم تكن في معرض الخطر من الكفّار فلا تجب وإن كانت في نفسها أمراً مرغوباً فيه في الشريعة الإسلامية المقدّسة([21]).

ولعلّ ما يشير إلى ذلك الروايات التالية:

1 ـ عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السلام)، قالا: «الرباط ثلاثة أيام، وأكثره أربعون يوماً، فإذا كان ذلك فهو جهاد»([22]).

2 ـ عن النبىّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «رباط ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه، فإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمل، واُجري عليه رزقه وأمن الفتان»([23]).

3 ـ عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «كل ميت يختم عمله، إلاّ المرابط في سبيل الله فإنّه ينمو له عمله إلى يوم القيامة، ويؤمن من أفتان القبر»([24]).

4 ـ وعن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً أنّه قال: «عينان لا تمسّهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله»([25]).

القسم الثاني: وهي مرابطة المؤمن لإمام زمانه(عليه السلام)، بأن يربط نفسه بحبل ولايته ويتمسّك به، ويلتزم اتباع أوامره ونواهيه، ويمكن القول بوجوب هذا القسم على كلّ فرد، كما تقدّم من عدم قبول العمل إلاّ بولايتهم(عليهم السلام)، ولعلّ ما يشير إلى ذلك من الروايات هي:

1 ـ ما ورد عن الإمام الباقر(عليه السلام) في قول الله عزّوجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا ) قال: «اصبروا على أداء الفرائض، وصابروا عدوّكم، ورابطوا إمامكم المنتظر»([26]).

2 ـ عن الإمام الكاظم(عليه السلام) قال: «اصبروا على المصائب، وصابروا على التقيّة، ورابطوا على ما تقتدون به، (وَاتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )»([27]).

3 ـ وعن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «اصبروا على الفرائض، وصابروا على المصائب، ورابطوا على الأئمة»([28]).

4 ـ عن يعقوب السرّاج، عن أبي عبدالله(عليه السلام) في معنى الآية قال: «اصبروا على الأذى فينا»، قلت: فصابروا، قال(عليه السلام): «على عدوّكم مع وليّكم»، قلت: ورابطوا؟ قال: «المقام مع إمامكم، واتقوا الله لعلّكم تفلحون»، قلت: تنزيل؟ قال: «نعم»([29]).

5 ـ وعن أبي عبدالله(عليه السلام) في حديث آخر أنّه قال: «رابطوا إمامكم فيما أمركم، وفرض عليكم»([30]).

6 ـ عن الإمام الصادق(عليه السلام) في تفسير الآية قال: «اصبروا على المصائب، وصابروا على الفرائض، ورابطوا على الأئمة»([31]).

القسم الثالث: وهو أن يربط فرساً أو نحوها، لكي يركبه ويقاتل به أعداء الإمام(عليه السلام) انتظاراً ليوم ظهوره. ولعلّ ما تشير إلى استحباب هذا القسم من الروايات هي:

1 ـ عن الإمام الصادق(عليه السلام) في معنى آية المرابطة (اصبروا) يقول: «عن المعاصي، وصابروا على الفرائض، واتقوا الله، يقول الله: (وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ )ثمّ قال(عليه السلام): وأيّ منكر أنكر من ظلم الاُمّة لنا وقتلهم إيّانا؟ ورابطوا، يقول: في سبيل الله، ونحن السبيل فيما بين الله وخلقه، ونحن الرباط الأدنى، فمن جاهد عنّا فقد جاهد عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وما جاء به من عند الله»([32]).

2 ـ وعن أبي جعفر(عليه السلام) في هذه الآية، قال: «نزلت فينا، ولم يكن الرباط الذي اُمرنا به بعد، وسيكون ذلك من نسلنا المرابط»([33]).

3 ـ ما ورد عن ابن طيفور المتطبِّب، قال: سألني أبو الحسن(عليه السلام): «أي شيء تركب؟»، قلت: حماراً، فقال(عليه السلام): «بكم ابتعته؟»، قلت: بثلاثة عشر ديناراً، فقال(عليه السلام): «إنّ هذا هو السرف أن تشتري حماراً بثلاثة عشر ديناراً»، قلت: ياسيدي، إنّ مؤونة البرذون أكثر من مؤونة الحمار، قال: فقال: «إنّ الذي يموّت الحمار يموّت البرذون، أما علمت أنّ من ارتبط دابّةً متوقّعاً به أمرنا ويغيّظ به عدوّنا، وهو منسوب إلينا، ادرّ الله رزقه، وشرح صدره، وبلّغه أمله، وكان عوناً على حوائجه»([34]).

ولا يخفى أن احضار الفرس ونحوه كناية عن حالة التأهّب والاستعداد التامّ.

هل الإمام صاحب الزمان مرابط ؟:

دلّت جملة من الروايات الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة(عليهم السلام)على أنّ الإمام صاحب الأمر والزمان(عليه السلام) هو المرابط في سبيل الله عزّوجل، منها:

1 ـ ما ورد في التوقيع الشريف الخارج إلى الشيخ المفيد، وهو: «مِن عبدالله المرابط في سبيله، إلى ملهم الحقّ ودليله»([35]).

2 ـ ما ورد عن أبي جعفر(عليه السلام) في معنى آية المرابطة، قال: «نزلت فينا، ولم يكن الرباط الذي اُمرنا به بعد، وسيكون ذلك من نسلنا المرابط، ومن نسل ابن ناثل([36]) المرابط»([37]).

3 ـ عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين(عليهم السلام): أنّ ابن عباس بعث إليه مَن يسأله عن هذه الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا )([38])، فغضب علي بن الحسين(عليه السلام) وقال للسائل: «وددت أنّ الذي أمرك بهذا واجهني به»، ثمّ قال: «نزلت في أبي وفينا، ولم يكن الرباط الذي اُمرنا به بعد، وسيكون ذلك ذرّيّة([39]) في نسلنا المرابط»([40]).



أثر المرابطة في عصر الغيبة:

للمرابطة دور كبير في حياة الفرد والمجتمع، لاسيّما في عصر الغيبة، ولعلّ من أهمّ آثارها هي:

1 ـ إنّها تقوّي الروابط بين الفرد والمجتمع، وتجعلهم متّجهين صوب الهدف، ومن هنا نجد اهتمام الإسلام بالمجتمع كاهتمامه بالفرد على حدٍّ سواء في الأهمية، قال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيًما فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ )([41]).

2 ـ حيث إنّ نفس المرابطة لا تتحقّق إلاّ بالالتزام العملي بالشريعة، وهذا بدوره يساهم في جعل كلّ حركة من حركات الإنسان قائمةً على أساس الشريعة، وبذلك يتحوّل التزامه بالشريعة إلى همٍّ يوميٍّ متحرّك، ممّا يدعم إخلاصه وارتباطه بالله تعالى وبإمامه(عليه السلام)، وهذا بلا شكّ أنّه من مقرِّبات الظهور.

3 ـ من خلال المرابطة يتحقّق حفظ البلاد الإسلامية من الأعداء، ويحفظ النظام في المجتمع، وبدونها يختلّ النظام، ولا يمكن تحصيل السعادة في المجتمع إلاّ من خلالها.

4 ـ حيث إنّ المرابطة تكون بكل ما فيه الخير والصلاح للفرد والمجتمع، ممّا دعت إليه الشريعة، فتشمل العبادات كالصلاة والصيام...، وتشمل المعاملات بين الأفراد وأحكام الزواج; لأنّ جميع ذلك أنزلها الله تعالى لصالح الإنسان وهدايته إلى الكمال، ففي الرواية الواردة في الدرّ المنثور، عن جابر بن عبدالله، قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «ألا أدلّكم على ما يهجر الله به الخطايا، ويكفّر الذنوب؟»، قلنا: بلى يارسول الله، قال: «إسباغ الوضوء مع المكاره، وكثرة الخُطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط»([42]).

5 ـ تساهم في إعداد النفس معنوياً لليوم الموعود، والمشاركة في تحمّل المسؤولية، وهذا ما نلمسه في الروايات التي تحثّ على إعداد السلاح، انتظاراً لظهور الإمام(عليه السلام)، ومن الروايات التي تشير إلى ذلك عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «لَيَعُدَّنّ أحدُكم لخروج القائم(عليه السلام) ولو سهماً، فإنّ الله تعالى إذا علم ذلك من نيّته رجوت لأن يُنسئ من عمره»([43]).

وعن أبي عبدالله الجعفي قال: قال لي أبو جعفر محمد بن علي(عليه السلام): «كم الرباط عندكم؟»، قلت: أربعون، قال(عليه السلام): «لكنّ رباطنا رباط الدهر، ومن ارتبط فينا دابّة كان له وزنها ووزن وزنها ما كانت عنده، ومَن ارتبط فينا سلاحاً كان له وزنه ما كان عنده، لا تجزعوا من مرّة، ولا من مرّتين، ولا من ثلاث، ولا من أربع، فإنّما مَثَلنا ومَثَلكم مَثَل نبيّ كان في بني إسرائيل، فأوحى الله عزّوجل إليه أن ادع قومَك للقتال فإنّي سأنصرك، فجمعهم من رؤوس الجبال ومن غير ذلك، ثمّ توجّه بهم فما ضربوا بسيف ولا طعنوا برمح حتى انهزموا، ثمّ أوحى الله إليه أن ادع قومك إلى القتال، فإنّي سأنصرك، فدعاهم فقالوا: وعدتنا النصر فما نصرنا، فأوحى الله تعالى إليه: إمّا أن يختاروا القتال، أو النار، فقال: ياربّ القتال أحبّ إليّ من النار.

فدعاهم فأجابه منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر عدة أهل بدر، فتوجّه بهم، فما ضربوا بسيف ولا طعنوا برمح حتّى فتح الله عزّوجل لهم»([44]).

وقال العلاّمة المجلسي(قدس سره) في شرح قوله(عليه السلام): «كان وزنها...» إلى آخره، أي كان له ثواب التصدّق بضعفي وزنها ذهباً وفضة كل يوم، ويحتمل أن يكون من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس، أي له من الثواب مثِلَي وزن الدابّة»([45]).





--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ المحاسن 1/453 ح446، عنه البحار: 52/131 ح33.

[2] ـ راجع مفاتيح الجنان، دعاء الندبة .

[3] ـ يراجع مفاتيح الجنان، دعاء الندبة .

[4] ـ الصف: 4.

[5] ـ الخصال: 675/10، البحار : 52/123/7 .

[6] ـ غيبة الطوسي: 426 ح412 و413 ، عنه البحار: 52/103 ح6 و7 .

[7] ـ يوسف: 87 .

[8] ـ الغيبة للنعماني: 203/5، بحار الأنوار: 52/138/43 .

[9] ـ الغيبة لطوسي: 343/292، بحار الأنوار: 52/102/4 .

[10] ـ كمال الدين: 1/337/10، بحار الأنوار: 52/145/67 .

[11] ـ الاقبال: 1/368 .

[12] ـ تفسير القمي: 2/ 185 .

[13] ـ التهذيب: 1/38 .

[14] ـ كمال الدين: 2/372 /6 ، والآية: 187 من سورة الأعراف.

[15] ـ يوسف: 87 .

[16] ـ يوسف: 110 .

[17] ـ الميزان : 11/279 .

[18] ـ دلائل الإمامة: 248، والآية في يوسف: 110.

[19] ـ الميزان: 4/96 .

[20] ـ روضة الكافي: 8/282/ 576، مرآة العقول: 26/582.

[21] ـ منهاج الصالحين للسيد الخوئي: 376، كتاب الجهاد ، جواهر الكلام: 555 مجلد الحجّ والجهاد.

[22] ـ تهذيب الأحكام: 6/125 ح1، عنه وسائل الشيعة: 15/29، أبواب جهاد العدو، ب6، ح 1.

[23] ـ تذكرة الفقهاء: 9/451.

[24] ـ منتهى المطلب: 2/902.

[25] ـ بحار الأنوار : 90/329 ح 8، عن الخصال: 124 ح46 .

[26] ـ تفسير البرهان : 2/149/4، عن غيبة النعماني: 206 ح13 .

[27] ـ تفسير البرهان : 2/149/3، عن معاني الاخبار: 369 ح1.

[28] ـ تفسير البرهان : 2/149/2، عن الكافي: 2/66 ح3.

[29] ـ تفسير البرهان : 2/152/13، عن تفسير العياشي: 1/237 ح200.

[30] ـ تفسير البرهان : 2/151/8، عن مختصر البصائر: 63 ح31.

[31] ـ تفسير القمي : 1/136.

[32] ـ تفسير البرهان : 2/151/10، عن تفسير العياشي: 1/236 ح197 .

[33] ـ تفسير البرهان : 2/152/14، عن تفسير العياشي: 1/237 ح201 .

[34] ـ الكافي: 6/535 ح1.

[35] ـ الاحتجاج: 2/600، البحار : 53/176/8 .

[36] ـ ابن ناثل: هو ابن عباس، كما ذكر المجلسي في البحار: 24/218.

[37] ـ تفسير العياشي: 1/237 ح201، عنه البرهان: 2/152 ح14 .

[38] ـ آل عمران : 200 .

[39] ـ كذا في المصدر.

[40] ـ الغيبة للنعماني : 206/12، عنه البحار: 24/219 ح15 .

[41] ـ الأنعام : 153 .

[42] ـ بحار الأنوار: 77/311 .

[43] ـ الغيبة للنعماني : 335/10، عنه البحار: 52/366 ح146 .

[44] ـ روضة الكافي : 8/381 /576، عنه البحار: 19/318 ح67.

[45] ـ مرآة العقول : 26/582 .







توقيع : ابو الحسن
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 2016/06/24, 09:14 AM   #6
معلومات إضافية
رقم العضوية : 4182
تاريخ التسجيل: 2015/11/25
المشاركات: 1,648
عبد الرزاق محسن غير متواجد حالياً
المستوى : عبد الرزاق محسن is on a distinguished road




عرض البوم صور عبد الرزاق محسن
افتراضي

احسنتم مولاي وسدد الله خطاكم واثابكم على الجهاد في رفع كلمة ال محمد كل خير و كل اجر عظيم


رد مع اقتباس
قديم 2016/06/24, 09:43 PM   #7
معلومات إضافية
رقم العضوية : 4414
تاريخ التسجيل: 2016/02/20
المشاركات: 1,006
ابو الحسن غير متواجد حالياً
المستوى : ابو الحسن is on a distinguished road




عرض البوم صور ابو الحسن
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرزاق محسن مشاهدة المشاركة
احسنتم مولاي وسدد الله خطاكم واثابكم على الجهاد في رفع كلمة ال محمد كل خير و كل اجر عظيم

احسن الله لكم اخي العزيز ومحاورنا القدير

عبد الرزاق محسن

تحية اجلال وتقدير لك ولاسلوبك القيم ولصبرك الكبير في الحوار

مع اعتذاري لعدم مشاركتكم بالحوار بسبب التزاماتي الرمضانيه والتزامات العمل وكذلك سوء صحتي

وبالنسبه لهذا الموضوع فاني طلبت من الاداره تثبيته بنفس القسم ليكون حجه على المخالفين والرجوع اليه بدل التطاول والاستهزاء بامامنا القائم عجل الله فرجه الشريف

تقبل تحياتي وتقديري واحترامي لشخصكم الغالي


توقيع : ابو الحسن
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 2016/06/26, 07:04 PM   #8
الرافضيه صبر السنين


معلومات إضافية
رقم العضوية : 3796
تاريخ التسجيل: 2015/05/07
المشاركات: 7,552
الرافضيه صبر السنين غير متواجد حالياً
المستوى : الرافضيه صبر السنين is on a distinguished road




عرض البوم صور الرافضيه صبر السنين
افتراضي

اللهم صل على محمد وال محمد
احسنتم طرحا وبارك الله فيكم وجعل اعمالكم في موازين حسناتكم
شكرا لكم وجزاكم الله خيرا على مجهودكم الحسيني
فعلا طرحا يستحق التثبيت
تحيات اختكم الرافضيه


توقيع : الرافضيه صبر السنين
رد مع اقتباس
قديم 2016/06/27, 04:45 AM   #9
معلومات إضافية
رقم العضوية : 4414
تاريخ التسجيل: 2016/02/20
المشاركات: 1,006
ابو الحسن غير متواجد حالياً
المستوى : ابو الحسن is on a distinguished road




عرض البوم صور ابو الحسن
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الرافضيه صبر السنين مشاهدة المشاركة
اللهم صل على محمد وال محمد
احسنتم طرحا وبارك الله فيكم وجعل اعمالكم في موازين حسناتكم
شكرا لكم وجزاكم الله خيرا على مجهودكم الحسيني
فعلا طرحا يستحق التثبيت
تحيات اختكم الرافضيه

احسن الله لكم اختي العزيزه

ربي يحفضكم ويعلي شائنكم بخدمة محمد وال محمد الطيبين الطاهرين

ويجعلنا واياكم من انصار امامنا القائم الحجة بن الحسن المهدي عجل الله فرجه الشريف


توقيع : ابو الحسن
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 2016/06/27, 05:48 AM   #10
معلومات إضافية
رقم العضوية : 3431
تاريخ التسجيل: 2014/10/05
المشاركات: 2,923
عابر سبيل غير متواجد حالياً
المستوى : عابر سبيل is on a distinguished road




عرض البوم صور عابر سبيل
افتراضي

جزاكم الله خير الجزاء يا ابا الحسن على بحثكم القيم
ووفقكم الله لكل ما هو خير لهذا الصرح ...

اطلب بتثبيت الموضوع ... مع فائق الود والتقدير


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
(عج), المهدي, الامام, بحوث

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مولد الامام المهدي: علامات الظهور - مولد الامام المهدي (عج) 1437 - الشيخ علي عيديبي علوش البصري الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) 4 2016/05/31 11:06 PM
الاجراءات التي اتّخذها الامام العسكري لاثبات ولادة الامام المهدي ع شجون الزهراء الحوار العقائدي 1 2016/05/25 02:42 PM
توبة جعفر بن الامام الهادي بلسان الامام المهدي عليه السلام عصر الشيعة سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) 3 2016/03/11 07:04 PM
سيصدر قريباً كتاب بعنوان ) بحوث جديدة حول الإمام المهدي عليه السلام (للأستاذ علي الزي ابو اسعد الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) 1 2013/04/06 01:53 PM
العلاقة بين انصار الامام الحسين وانصار الامام المهدي (عليهما السلام) نسمة الحنان الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) 14 2013/01/10 12:58 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي
|

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى || SiteMap Index


أقسام المنتدى

المنتــديات العامة @ السياسة @ المناسبات والترحيب بالأعضاء الجدد @ منتديات اهل البيت عليهم السلام @ سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) @ الواحة الفاطمية @ الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) @ الادعية والاذكار والزيارات النيابية @ المـدن والأماكن المقدسة @ المـنتـديات الأدبيـة @ الكتاب الشيعي @ القصة القصيرة @ الشعر الفصيح والخواطر @ الشعر الشعبي @ شباب أهل البيت (ع) @ المنتـديات الاجتماعية @ بنات الزهراء @ الأمومة والطفل @ مطبخ الاكلات الشهية @ المنتـديات العلمية والتقنية @ العلوم @ الصحه وطب أهل البيت (ع) @ الكمبيوتر والانترنيت @ تطبيقات وألعاب الأندرويد واجهزة الجوال @ المنتـديات الصورية والصوتية @ الصوتيات والمرئيات والرواديد @ الصــور العامة @ الابتسامة والتفاؤل @ المنتــــديات الاداريـــة @ الاقتراحات والشكاوي @ المواضيع الإسلامية @ صور اهل البيت والعلماء ورموز الشيعة @ باسم الكربلائي @ مهدي العبودي @ جليل الكربلائي @ احمد الساعدي @ السيد محمد الصافي @ علي الدلفي @ الالعاب والمسابقات @ خيمة شيعة الحسين العالميه @ الصــور العام @ الاثـــاث والــديــكــورآت @ السياحة والسفر @ عالم السيارات @ أخبار الرياضة والرياضيين @ خاص بالأداريين والمشرفين @ منتدى العلاجات الروحانية @ الابداع والاحتراف هدفنا @ الاستايلات الشيعية @ مدونات اعضاء شيعة الحسين @ الحوار العقائدي @ منتدى تفسير الاحلام @ كاميرة الاعضاء @ اباذر الحلواجي @ البحرين @ القران الكريم @ عاشوراء الحسين علية السلام @ منتدى التفائل ولاستفتاح @ المنتديات الروحانية @ المواضيع العامة @ الرسول الاعظم محمد (ص) @ Biography forum Ahl al-Bayt, peace be upon them @ شهر رمضان المبارك @ القصائد الحسينية @ المرئيات والصوتيات - فضائح الوهابية والنواصب @ منتدى المستبصرون @ تطوير المواقع الحسينية @ القسم الخاص ببنات الزهراء @ مناسبات العترة الطاهرة @ المسابقة الرمضانية (الفاطمية) لسنة 1436 هجري @ فارسى/ persian/الفارسية @ تفسير الأحلام والعلاج القرآني @ كرسي الإعتراف @ نهج البلاغة @ المسابقة الرمضانية لسنة 1437 هجري @ قصص الأنبياء والمرسلين @ الإمام علي (ع) @ تصاميم الأعضاء الخاصة بأهل البيت (ع) @ المسابقة الرمضانية لعام 1439هجري @ الإعلانات المختلفة لأعضائنا وزوارنا @ منتدى إخواننا أهل السنة والجماعه @


تصليح تلفونات | تصليح تلفونات | تصليح سيارات | تصليح طباخات | تصليح سيارات | كراج متنقل | تصليح طباخات | تصليح سيارات |