لماذا عزل عمر بن الخطاب خالد بن الوليد من قيادة الجيش؟

[وليد الضوى]

لماذا عزل عمر بن الخطاب خالد بن الوليد من قيادة الجيش؟

-فى الواقع من المسائل المهمة فى التاريخ الاسلامى قرار عزل عمر بن الخطاب لخالد بن الوليد من قيادة الجيش وكان ذلك اول قرار اتخذه عمر
بعد توليه الخلافة هو عزل خالد بن الوليد من قيادة الجيش رغم ان الجيش الاسلامى كان لايزال يخوض معارك عنيفة ضد الروم ولم يتنظر عمر حتى يحسم الجيش الاسلامى الموقف امام الروم ليصدر القرار وعندما تسلم خالد بن الوليد القرار اخفاه عن الجنود حتى انتهت المعركة ضد الروم ثم ابلغهم بالقرار . وكان السبب الذى اعلنه عمر بن الخطاب والذى برر به عزل خالد بن الوليد من قيادة الجيش رغم ما عرف عن خالد من عبقرية حربية ورغم ان الجيش تحت قيادته قد حقق انتصارات كبيرة ضد الروم والفرس كان السبب المعلن هو خوف عمر ان يفتتن المسلمون بخالد ويعتقدون ان النصر سببه خالد وليس مشيئة وارادة الله عز وجل .
لذلك فالسؤال الذى يطرح نفسه الآن هل السبب الذى اعلنه عمربن الخطاب مبررا به عزل خالد عن قيادة الجيش هو السبب الحقيقى ام ان هناك اسباب اخرى غير معلنة ؟ ولماذا قبل خالد قرار العزل ولم يعترض ؟ ولماذا لم يعترض احد من المسلمون على هذا القرار ولماذا لم يندهشون من توقيت صدوره؟ فى الواقع سوف نوضح ونثبت للقارىء ان السبب المعلن لعزل خالد لم يكن هو السبب الحقيقى اطلاقا وكانت هناك اسباب اخرى وراء هذا القرار على النحو التالى .
1- ان السبب الذى اعلنه عمر بن الخطاب مبررا به عزل خالد عن قيادة الجيش طبقا للروايات كان سببا كاذبا ومخادعا اراد به المؤرخون المنحازون لعمر بن الخطاب اعطاء شرعية للقرار واضفاء صورة مثالية عن شخصية عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد ايضا فعمر بن الخطاب بوصفه خليفة المسلمين يخشى على المسلمين ان يضعف ايمانهم بالله مع مرور الوقت ويعتقدون ان النصر انما يأتى لان خالد قائدا عليهم وليس من عندالله كما يظهرون خالد بمظهر القائد المتواضع الذى ضرب المثل فى اطاعة اوامر الخليفة ونكران الذات فوافق على قرار العزل ولم يعترض ولم يغتر ببطولته العسكرية وانجازاته العسكرية
2- اما السبب الحقيقى لعزل خالد هو ان عمر بن الخطاب لم يكن يحب خالد وذلك عندما قتل مالك بن نويرة ظلما وسبى زوجته اثناء حروب الردة وفى ذلك التوقيت توعده عمر بأنه سيعاقبه ولم يكن عمر عندما غضب من قيام خالد بقتل مالك بن نويرة سببه الحقيقى رفض عمر للظلم وسفك الدماء وحبه للعدل وانما بسبب تعصب عمر للعرب وعدم حبه اصلا لخالد حيث سبق لخالد فى الجاهلية ان كسر قدم عمر بن الخطاب ولذلك فهو السبب الارجح الذى جعل عمر يغضب من قيام خالد بقتل مالك بن نويرة ظلما وغدرا ومما يجعلنا نميل الى هذا الرآى ان جميع قادة حروب الردة ارتكبوا المذابح والمجازر الوحشية ضد المخالفين لحكم ابى بكر ولم يعترض عمر ولم يتوعد احد منهم بالعقاب فلماذا غضب عمر من خالد بن الوليد على وجه التحديد ولماذا توعده بالعقاب هو وحده ؟ فمن الواضح هنا ان الاحقاد الشخصية هى السبب الرئيسى وراء قرار عمر بعزل خالد عن قيادة الجيش
3- هل يمكن ان نصدق ان عمر فعلا يخشى على المسلمين من الافتتان بخالد وكأنه يخاف على المسلمون فى امور دينهم ودنياهم وهو الذى كان عونا لابى بكر فى اغتصاب الخلافة وفى الانقلاب على منهج رسول الله وكان شريكا لابى بكر يدعمه فى امور الحكم وشريكا له فى كل جرائمه بدءا من اغتصاب الخلافة مرورا بحرمان السيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين من ميراثها عن ابيها وحروب الردة التى سفك فيها ابى بكر دماء المخالفين لحكمه غير الشرعى وانتهاء بما يسمى بالفتوحات البكرية التى هى فى حقيقتها غزوات استعمارية الهدف منها احتلال اراضى الغير والسلب والنهب والحصول على الغنائم والسبايا ؟
وهى الغزوات الاستعمارية التى استمر فيها عمر وتوسع فيها فهل بعد ذلك كله نصدق ان عمر بن الخطاب يخشى على المسلمون من الفتنة؟!!!!!!!!!!!
4-وحتى لو سلمنا جدلا ان الجيش الاسلامى يحارب فى مهمة دينية مقدسة وشرعية فهل السبب الذى اعلنه عمر لعزل خالد يمكن ان يكون مقنعا ومقبولا لاى شخص ؟ لماذا يخشى عمر على المسلمون من الافتتان بخالد وهم من جيل الصحابة الاوائل الذين عاصروا رسول الله اكثر من عشرين سنة واصحاب الايمان القوى الراسخ ؟ الم يذوق هؤلاء المسلمون الانتصارات العظيمة المتتالية تحت قيادة الرسول ؟ اذن فليست هذه هى المرة الاولى التى يحققون فيها انتصارات كبيرة حتى يمكن ان نقول ان عمر لديه مبرر للخوف على المسلمين من الفتنة
وهذه هى المرة الاولى وربما الاخيرة التى نسمع فيها ان يعزل الحاكم قائدا لجيشه رغم كفاءته وعبقريته الحربية بحجة الخوف على الجنود من الافتتان بقائده !!!!!!! فهذه الواقعة على حد علمى لم تحدث فى اى عصر من العصور ولا فى اى مكان فى العالم الا لسبب واحد الخوف من نفوذه او خشية انقلاب عسكرى فقط واذا كان الحكام المسلمون فى العصور اللاحقة لعصر الصحابة وحتى يومنا هذا لا يخشون على المسلمون من الفتنة رغم ان الوازع الدينى اضعف كثيرا من ايمان الجيل الاول من الصحابة فمن اى شىء كان يخشى عمر ؟
4-وهل يعقل ان يصدر عمر قرار بعزل خالد من قيادة الجيش فى هذا التوقيت الحرج حيث كان الجيش لايزال يخوض معركة عنيفة ضد الروم ولاينتظر ان ينتهى المسلمون من حسم المعركة حتى يصدر القرار ؟
ولو افترضنا ان خالد فعلا كان عبقرية عسكرية لا مثيل لها بين المسلمين وان لا احد من المسلمين يضاهيه فى عبقريته الحربية فلماذا عزله عمر والمعركة لم تنتهى بعد ؟الم يكن من الضرورى الانتظار حتى تنتهى المعركة ثم ويعزله حرصا على حياة المسلمين ؟ ومادام خالد بن الوليد هو القائد الوحيد القادر على تحقيق انتصارات عسكرية حاسمة وسريعة فكيف يغامر عمر بعزله عن قيادة الجيش وفى هذا التوقيت الحرج ولايوجد بديل افضل او حتى مساو لخالد فى الكفاءة والعبقرية الحربية خاصة ان الجيش الاسلامى يواجه جيوش اقوى واكبر دولتين فى ذلك الوقت وهما دولتى الفرس والروم وجيوشهما تفوق جيوش المسلمين فى العدد و العدة ؟ بل ولماذا يتحمل عمر هذه المخاطرة لانه لو انهزم المسلمون فى المعركة نتيجة غياب خالد عن القيادة فسوف يثير ذلك سخط المسلمون على الخليفة عمر بن الخطاب بالاضافة الى انه فى حالة هزيمة المسلمين فإن لا احد يستطيع ان يتوقع خطورة ذلك على موقف المسلمين فى صراعهم ضد الروم والفرس .
4- ان كل هذه التساؤلات السابقة هى بمثابة مفتاح لفهم حقيقة هذا القرار ودوافعه ونستنج منه الحقائق التالية :
- ان خالد بن الوليد لم يكن قائدا متميزا ولا يملك اى كفاءة عسكرية اصلا ولذلك لم يكن يخشى عمر على الجيش الاسلامى من الهزيمة فى حالة عزل خالد عن الجيش ولم يكن يخشى تذمر المسلمين من هذا القرار ولم يكن توقيت اصدار القرار رغم انه توقيت حرج ليضر بالمسلمين فى شىء لتواجد قادة اخرين اكفاء افضل من خالد يستطيعون قيادة الجيش الاسلامى بكفاءة واحراز النصر رغم انهم لم تكن لديهم خبرة سابقة فى قيادة الجيش كماا ان اختيار هذا التوقيت لاصدار قرار عزل خالد كان مقصودا وكان اختيارا ذكيا من عمر لانه اراد عزل عمر فى وقت يكون المسلمون منشغلون فيه بالمعارك وليس لديهم اى وقت او اى فرصة ليتسائلوا عن اسباب ودوافع القرار او ليعبروا عن سخطهم او اعتراضهم على القرار وتفويت الفرصة على خالد لمحاولة اثارة اتباعه او تحريضهم على رفض القرار وبالتالى يرضخ المسلمون للقرار ولا يستطيعون بعد انتهاء المعركة ان يعترضوا على القرار لانه سيكون قد فات الاوان كما انهم بعد تولى ابوعبيدة بن الجراح قيادة الجيش وهو قائد يعرف عمر انه كفؤ ومتوقع ان يقود المسلمون الى النصر فمن المتوقع ان نجاح ابوعبيدة فى الانتصار بالجيش الاسلامى يقطع الطريق على المعترضين على عزل خالد ويسحب منهم اى ذريعة للاعتراض على عزل خالد .
- نلاحظ ان خالد بن الوليد لم يعترض على القرار ووافق على تنفيذه ليس لانه متواضع فكيف يكون هذا القاتل سفاك الدماء رجلا متواضعا ولكن السبب الحقيقى وراء رضوخ خالد لهذا القرار هو ان توقيت اصدار القرار حيث انشغال المسلمون بالقتال لم يتيح الفرصة لخالد للاعتراض كما ان خالد كان يدرك مسبقا ان عمر يكرهه ويتوعده ولاشك ان خالد كان يعرف ان عمر بن الخطاب هو اكبر الداعمين لحكم ابى بكر وانه على الارجح سيتولى الحكم بعد وفاة ابى بكر لذلك كان يتوقع ان يعاقبه عمر بن الخطاب وينتقم منه لذلك فلابد ايضا ان عمر كان يعرف ما يدور فى نفس خالد فجعله يتوقع رد فعل عنيف جدا من عمر ثم يتخذ رد فعل اقل عنفا بكثير مما يتوقعه خالد وبالتالى فلا يشعر خالد بالسخط ويطمئن على حياته و مستقبله ولا يكون لدى خالد مبرر امام المسلمين وحتى امام نفسه للاعتراض على القرار ويقبل القرار ولك ان تتخيل لو اصدر عمر قرارا بعزل خالد عن قيادة الجيش والقبض عليه او قتله او استبعاده تماما من الجيش فمن الطبيعى ان يثير ذلك سخط خالد ويتمرد على الخليفة ومعه عصبيته كل ذلك يؤكد ان عمر لم يصدر هذا القرار الا حقدا وكراهية على خالد وليس بسبب خوفه من افتتان المسلمين به ولا حتى بسبب جرائم خالد وسفكه للدماء لانه لو كان الامر كذلك فلماذا لم يوقع عليه اى عقوبة ولو مخففة ولماذا توعده اصلا بالعقاب رغم انه لم يعاقبه عندما تولى عمر الخلافة ؟ فى الواقع ان عمر كان يكن كراهية شديدة لخالد لذلك شعر بالغيرة والحقد بسبب تعيين خالد بن الوليد قائدا لجيش من جيوش المسلمين فى حروب الردة وقيامه بلعب دور قيادى فى عهد ابى بكر لذلك انتهز عمر بن الخطاب فرصة قيام خالد بقتل مالك بن نويرة ليشنع على خالد امام الخليفة ابى بكر وليتوعده بانه سيعاقبه ليكون لديه مبرر لعزل خالد من قيادة الجيش واضعاف دوره دون ان يستطيع احد ان يقول ان سبب العزل احقاد شخصية من عمر .
- كما ان عمر لم يكن من الممكن ان يعاقب خالد على قتله مالك بن نويرة وهو يدرك ان المسلمين انفسهم يقتلون اهل فارس والروم ظلما وغدرا بتعليمات من عمر شخصيا .
- ولم يكن المسلمون على استعداد لمناصرة خالد فى حالة اعتراضه على قرار العزل فهم مشغولون بالقتال وبالغنائم والسبايا خاصة ان عمر بن الخطاب لم يمنع خالد من القتال مع الجيش بعد عزله عن القيادة وله نصيبه هو الاخر من الغنائم والسبايا . ولو كان خالد بن الوليد يتسم بالكفاءة النادرة ما كان عمر ليجرؤ على عزله على الاقل فى هذا التوقيت
- فلو افترضنا ان مجموعة من اللصوص يسرقون كنزا وقام زعيم اللصوص بعزل القائد الذى يتولى مهمة السرقة بنفسه وتعيين مشرف اخر فهل سيعترض بقية اللصوص على قرار العزل ؟ بالطبع لا مادام زعيم اللصوص لم يمنعهم من السرقة ولم يقلل نصيبهم من الاموال المسروقة الا اذا كان هذا المشرف خبير جدا بالسرقة والبديل اقل منه كفاءة وهذا بالضبط ينطبق على قرار عزل خالد من قيادة الجيش. ولو كان المسلمون فى مهمة مقدسة ولو كان خالد فعلا عبقرية حربية ولو كان البديل له فى القيادة هو ابوعبيدة بن الجراح اقل كفاءة من خالد لاعترض المسلمين اعتراضا وخوفا على تعريض ارواح المسلمين للخطر خاصة انهم يواجهون جيوشا جرارة .



- ولعل اكبر دليل على انه كان يوجد قادة اكفاء غير خالد بل وافضل منه هو نجاح سعد بن ابى وقاص فى احراز النصر على جيش الفرس فى معركة القادسية وكانت معركة حاسمة حسمت الصراع ضد الفرس وقضت تماما على دولة فارس وكذلك نجاح عمرو بن العاص فى فتح مصر اى ان الجيش الاسلامى قد حقق انتصارات سريعة وحاسمة بوجود قادة لم يسبق لهم قيادة الجيش فى معارك كبيرة وخطيرة سابقا مثل خالد بن الوليد كما ان خالد وان كان قد حقق انتصارات كبيرة وهامة ضد الفرس والروم الا انها لم تكن معارك حاسمة اى ان انجازات سعد بن ابى وقاص وعمرو بن العاص العسكرية اكبر واهم من انجازات خالد العسكرية .
- لم يكن خالد يملك اى كفاءة عسكرية صحيح انه حقق انتصارات عسكرية كثيرة ومهمة عندما كان قائدا للجيش الا ان هذا ليس معناه بالضرورة ان الفضل فى هذه الانتصارات يعود الى خالد وانما الاحتمال الارجح هو وجود مجموعة من المستشارين العسكرين الذين كان خالد يستشيرهم لوضع خطط للمعركة ومن الطبيعى ان ينسب الانتصار الى قائد الجيش لذلك اعتقد الناس ان خالد يملك عبقرية حربية وهو غير صحيح

المصدر: منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي - من قسم: الحوار العقائدي

---

glh`h u.g ulv fk hgo'hf ohg] hg,gd] lk rdh]m hg[da?