Untitled 2
العودة   منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي > المنتــديات العامة > القران الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014/12/04, 07:37 AM   #1
الجمال الرائع


معلومات إضافية
رقم العضوية : 799
تاريخ التسجيل: 2012/12/12
المشاركات: 857
الجمال الرائع غير متواجد حالياً
المستوى : الجمال الرائع is on a distinguished road




عرض البوم صور الجمال الرائع
Post حول القرآن الكريم

حول القرآن الكريم ۞
يقظة الغرب وتخلف المسلمين
حتى نهاية القرن الثامن عشر من الميلاد، بقيت الأمة الاسلامية القمة والقدوة للأمم جمعاء. وكانت مؤهلاتها كثيرة تحفظها في هذا المركز، أهمها مبادئها المتمثلة في القرآن، وتاريخها الضخم من خلال فتوحاتها.
ورغم القرون العديدة التي مضت على ترهل الأمة الاسلامية، إلا أن أحداً من القادة ـ في العالم ـ ما كان يسمح لنفسه بالتفكير في تحدي الأمة الإسلامية، إذ لم يكن في استطاعة أحد أن يقنع نفسه بتخلي أمة القرآن عن القرآن، أو بعجزها عن الاحتفاظ بأمجادها العظيمة.
أقصى ما كان المفكرون يحاولونه، تقليد المسلمين في مسلكيتهم. وهذا التقليد قادهم إلى دراسة حياة قادة الاسلام، ابتداءً بالرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم وانتهاء بآخر المعروف من الحكام الأمويين والعباسيين والعثمانيين. فكانت الظاهرة التي تبرز في الساحة هي (الواقعية) التي تطبع حياة الرسول الأكرم بشكل ملفت.
وقد استخدم العرب هذه (الواقعية) في الثورة على خرافات الكنيسة، ابتداءً من (فكرة التثليث) التي تعطل (العقل) وانتهاء بالأخلاقيات الكنسية التي تعطل (العلم). فأعاد الاعتبار إلى (العقل) و(العلم).
وقد استخدم المسلمون هذه (الواقعية) في استيراد الفلسفات الأجنبية، واحترامها كمدارس علمية تنشط (العقل) و(العلم). ولم يحسنوا هضمها والاستفادة من تجربتها، فابتعدوا بها عن (الدين).
وهكذا .. التقى الغربيون والمسلمون على نقطة واحدة هي (الواقعية)، غير أنهم اختلفوا في توظيفها: فوظفها الغربيون في الثورة على الكنيسة، التي كانت عقدة تخلفهم. ووظفها المسلمون في الثورة على الإسلام، الذي كان سر تقدمهم. فكانت (حرية العقيدة) ـ التي هي من الأفكار الإسلامية ـ علة ارتفاع الغربيين إلى القمة، وانحدار المسلمين منها.
وهكذا.. عرف الغربيون شيئاً من الإسلام فتقدموا به، وعرف المسلمون شيئاً من الإسلام فتأخروا به.
لقد عرف الغربيون الإسلام متأخراً، ولكنهم عرفوه أخيراً. وعرف المسلمون الإسلام مبكراً، ولكنهم ألحدوا به أخيراً. فكان من الطبيعي أن تنقل المعادلة.
وإن كان من المؤسف أن الغرب عجز عن الأخذ بالإسلام ككل، تحت ضغط الكنيسة التي تلقت ضربات الحرية بمرونة كبيرة، فلم تلبث أن لملمت أنقاضها بسرعة، واستعادت هيبتها وسيطرتها، بإعادة تحالفها مع القوة السياسية الحاكمة، إن لم تكن بشكلها السابق كقوة قائدة، فبشكلها المعاصر كقوة معاصرة في مجرى الأحداث.
ولو استطاع الغرب أن يتخلص من سلطة الكنيسة تماماً، ويأخذ بالإسلام ككل ـ كما كان يحلم به بعض المفكرين ـ لأنقذ العالم من ويلاته المعاصرة، وقاده إلى السعادة المثالية كما قاده المسلمون من قبل، ولأخذ دور المسلمين بجدارة. ولكن صعقة قادة الكنيسة تحت ضربات الحرية، ومخاوفهم التاريخية من الإسلام؛ أدتا إلى وقوفهم ـ بحزم ـ ضد تيار الفكر الإسلامي. فأسفرت الثورة ضد الكنيسة، عن مقايضة من ثلاثة بنود هي:
1ـ تخلي الكنيسة عن احتكار العلم ومحاربة العلماء.
2ـ خروج الكنيسة عن الساحة السياسية كقوة قائدة.
3ـ بقاء المسيحية ديانة رسمية، وبقاء الكنيسة ممثلها الشرعي الوحيد.
واليوم، وقد انجلى دخان المعركة، واطمأن كل فريق إلى موقعه، نستطيع أن نوجه نداءنا إلى الغرب:
(إن الإسلام ليس ديننا ـ نحن المسلمين ـ فقط، وإنما هو دين الله على الأرض، فليس أحد أولى به من أحد إلا بمدى التمسك به ونحن المسلمين تحلينا عنه واقعياً ـ وإن بقينا متمسكين به رسمياً ـ فتبنوه أنتم اليوم، لا لمجرد كونه ديناً سماوياً صحيحاً، وإنما لكونه قادراً على إنقاذ العالم من مآسيه أيضاً).
وهذا.. نداء أطلق للتاريخ وللحق، وإلا فإن المسلمين يخسرون الكثير إذا أخذ الغرب بالإسلام ونجح في إنقاذ العالم، بعد أن تركه المسلمون رغم تجربتهم التاريخية العظيمة.
العقل والعلم لا يكفيان:
إن الغرب ـ اليوم ـ ليس مستعمراً لدول عظمى تحجب عنه حرية الديانة، ولكنه مكبل ـ من داخله ـ بالكنيسة التي تمنعه من الإسلام. والديانة المسيحية، الموجودة اليوم، ليست قادرة على هدايته إلى السعادة.
والمسلمون ـ اليوم ـ مستعمرون ثقافياً واقتصادياً، فليسوا قادرين على العودة إلى الإسلام، الذي هو قادر على هدايتهم وهداية العالم ـ من ورائهم ـ إلى السعادة. ولذلك: بقي العالم ـ بشقيه الغربي والإسلامي ـ متمسكاً بما هو متاح له، وكل ما هو متاح يتمثل في أمرين لا ثالث لهما، وهما: (العقل) و(العلم).
وقد حرك المفكرون عقولهم ما وسعهم تحريكه، وأرخص العلماء التضحيات ـ ما وسعهم التضحية ـ في سبيل المزيد من العلم، ولا زالوا يواصلون التضحيات، ولكنهم لم يستطيعوا تأمين حاجات البشرية حتى اليوم، ولا توجد في الأفق بوادر تؤمل بإمكان ذلك في وقت قريب ـ على الأقل ـ.
كل ما يستطيع (العقل) و(العلم) أن يقدماه للبشرية، يتلخص في تأمين (الخدمات) لها بشكل أفضل، من: تحسين وسائل المواصلات، ومكننة الزراعة، وتصنيع البلاد، وتسخير المزيد من طاقات الأرض والجو لخدمة الإنسان... وبعبارة واحدة: (ترفيه حياته المادية). وهذا.. ما يشك في كونه خدمة حقيقية للإنسان، لأن الرفاه المادي أدى إلى ضعف بنيته الجسدية.
وإذا استفتينا مليون مفكر:
(هل الإنسان القوي غير المرفه أفضل أو المرفه الضعيف)؟
لم يصوت الجميع إلى جانب الثاني، وربما تحيزت الأكثرية إلى جانب الأول. وإن كان من الصعب على المرفهين أن يتركوا الرفاه، لأنهم ـ بعد أن ضعفوا بالرفاه ـ يعجزون عن ممارسة الحياة بدونه.
وكل ما قدمه (العقل) و(العلم) لتأمين السعادة للإنسان، هو نبش الأجداث القديمة عن (الديمقراطية). وإذا استفتينا ألف مفكر: (هل الديمقراطية ـ كنظام حاكم للدنيا ـ أفضل أو الديكتاتورية الملتزمة)؟ فإن نسبة عالية منهم تصوت إلى جانب الديكتاتورية الملتزمة وتستشهد بأن الديكتاتورية كانت أفضل للصين، ولروسيا، ولكثير من البلاد؛ يمارس حكامها الديكتاتورية باسم الثورية أو في ظل ديمقراطية شكلية. مع العلم بأننا لو استفتيناهم بالصيغة التالية:
ـ (هل الديمقراطية أفضل أو الديكتاتورية الملتزمة)؟
فسيختارون الديمقراطية، خوفاً من الديكتاتورية أن لا تبقى ملتزمة.
إذن: فتجارب القرنين الأخيرين، تدل ـ بوضوح ـ على أن (العقل) و(العلم) لا يستطيعان تأمين حاجات الإنسان، فلا بد أن يدخل الساحة عنصر آخر يكمل هذين العنصرين.
يقول آينشتاين: «إن العلم يدلنا على ما هو موجود، ولكن الدين ـ وحده ـ هو الذي يدلنا على ما ينبغي أن يكون»(1).
ويقول بوسويه: «إن الناس يزعمون أن السعادة هي الوصول إلى الآمال، فيما السعادة ليست الوصول إلى الآمال. إن الركن الأهم للسعادة هو أن يعلم الإنسان ـ أولاً ـ ماذا ينبغي أن يريد وأن يتمنى؟ فإذا عرف ماذا ينبغي أن يريد وأن يتمنى، فإن الوصول إليه سعادة. وأما إذا لم يستطع أن يحدد مصلحته، وأن يسيطر على نفسه، فإن كثيراً مما يتمناه خاسر وخطير.»(2)
إن تجارب القرنين الأخيرين، تثبت أن المفاسد والجرائم والأمراض النفسية والجسدية، وسائر مظاهر الشقاء؛ ترتفع في خط متواز مع ارتفاع خط مظاهر التقدم العلمي. وهذا... ما أدى إلى يأس المفكرين من (العقل) و(العلم) أن يؤمنا شيئاً من سعادة الإنسان، فأخذوا يزجون إلى الرأي العام مئات الكتب والمقالات معلنين حاجة الإنسان إلى السماء. وإن كانوا لا يجدون نبرات السماء في المذاهب والأديان المطروحة عليهم، ولا يجرؤون على التحدث باسم الإسلام، فإنهم يحاولون الإيحاء به. ولكنا قد نجد الجرأة لدى بعضهم على الحديث باسم الاسلام، مثل برنارد شو حيث يقول:
«في رأيي: إن رجلاً: مثل محمد لو ملك زمام الدنيا الجديدة، لعالج مشاكلها بشكل يؤمن السعادة المنشودة».
ويضيف: «في رأيي: إن الإسلام هو المذهب الوحيد، الذي يملك القدرة على السيطرة على المتغيرات الحياتية، ومواجهة القرون المختلفة».
ولكن مثل هذا الرأي يضيع بين ضجيج الآلة وصخب المصالح الكبرى، التي لا تتردد لحظة في تعريض العالم كله للدمار، إذا هددها بشكل من الأشكال.
الملجأ الوحيد:
ومهما يكن موقف العالم السياسي، ومصالحها الكبرى، لا ملجأ للعالم ـ من الدوامة الرهيبة التي يدور فيها منذ قرنين ـ غير الالتجاء إلى الدين الصحيح، المنزه من ضباب التقاليد والعادات، والأفكار التجارية التي يروجها سماسرة الأديان وسدنة المعابد.
ومن حسن الحظ، أننا نجد مثل هذا الدين في القرآن الذي حفظه الله من الدس والتحريف، فبقي ـ على أصالته وصفائه ـ قادراً على كشف الزيف، وإنارة الطريق، كما قال هو عن نفسه:
{إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم...}(3).
وكما قال عنه الرسول الأعظم:
«.. فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم، فعليكم بالقرآن... وهو الدليل يدل على خير سبيل»(4).
إنه.. الملجأ الوحيد. وإذا تغافله الغربيون ـ اليوم ـ مهما كانت المبررات، وإذا اكتفى المسلمون ـ اليوم ـ بتلاوته وبلاغته، أو تفسيره وتأويله في أفضل الحالات؛ فإنه لن يكسد ولن يبور، وستتجه إليه الدنيا ـ غداً ـ تحت ضغط مشاكلها المتصاعدة، لأنه الملجأ الوحيد.
***
القرآن ليس معجزة واحدة فحسب، وإنما هو (موسوعة معجزات): فاجتماعياته معجزة لعلماء الاجتماع، وسياسياته معجزة للسياسيين، وأخلاقياته معجزة للأخلاقيين، وعسكرياته معجزة للعسكريين، واقتصادياته معجزة للاقتصاديين، وتربوياته معجزة للتربويين، وأداؤه معجزة للأدباء.. ولكل اختصاصي معجزة في اختصاصه، فهو يفهم جانب اختصاصه أكثر من بقية جوانبه.
بل: إن القرآن معجزة لكل إنسان، في الجانب المنسجم مع أوليات ذلك الإنسان. فهو معاجز بعدد الخلائق. أوليست (الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق)؟! فهو معجزة للناس أجمعين.
وفوق ذلك: إنه معجزة الفلسفة، فهو كتاب أعطى الفلسفة الكاملة الصحيحة للبشر. فهو (كتاب الكون)، بل هو (عدل الكون). فالكون كله كلمة من كلمات الله، فأمر الله ـ إذا أراد شيئاً ـ أن يقول له: (كن) فيكون، والقرآن كلمة أخرى من كلمات الله. فهي... وتلك.. كلمتان مترادفتان: (الكون قرآن) ولكن بشكل، و(القرآن كون) ولكن بشكل آخر. ولا نعلم: أيهما أثقل في الميزان؟ لأننا لا نستوعب: لا هذه.. ولا تلك.. فنحن جزء من تلك = الكون، ونحن تحت ضوء هذه = القرآن.
فالقرآن ليس مجرد كتاب أخلاق، أو مجرد كتاب اجتماع، أو مجرد كتاب اقتصاد، أو مجرد كتاب عسكرية، أو مجرد كتاب فلسفة.. وإنما هو هذه.. جمعاً، وفوق هذه جمعاً. وإنما هو كتاب فيه من كل أصناف علوم البشر شيء يعلو ويزيد، أوليس الكتاب الذي جمع فأوعى؟! فهو كتاب دين.
وليس القرآن مجرد معجزة خاتم النبيين، وإنما هو ـ في الوقت ذاته ـ معجزة لخاتم النبيين. فهو يدل على أن من هبط على قلبه خير من اتصل بالسماء، لأنه أكرم بحمل أكبر الهدايا إلى الأرض. أوليس هو (الثقل الأكبر)، ، الذي من أجله ضحى كل (المعصومين) عليهم السلام؟!
***
القرآن ليس كتاباً يؤخذ، ويستوعب، لأنه تناول مواضيع من خارج ثقافة البشر، وخارج محيط فكر البشر، من المعنويات والروحانيات وفلسفة الماديات، {من أنباء الغيب}(5) ـ كما أسماها ـ؛ وأخضعها للغة البشر الجامدة القاصرة. فأصبح أشبه بالتعبير الرمزي، الذي يحاول أن يعطي كل الحقيقة، ولكن بلغة لا تستوعبها ولمن لا يستطيع استيعابها. فعندما يتحدث عن: الله، والملائكة، والروح، والشيطان، والجان، والجنة، والنار، والقيامة... وحتى عندما يتحدث عن: فكرة الكون، وخلق السماوات والأرض... وحتى عن: {مرج البحرين}(6)، و{مد هامتان}(7) المردف بـ{ فبأي آلاء ربكما تكذبان}(8)...
يبدو ـ جلياً ـ أنه يشير إلى ما لا نستطيع استيعابه بثقافتنا المعاصرة، فيتحدث كل عن مسبقاته الشخصية وهو يفسر القرآن، ويبقى القرآن فوق كل ما نقول باسم تفسير القرآن. إنك لو أردت أن تفسر: معاني الجنس، أو لذة العلم، أو الرئاسة... للطفل، تجد نفسك مضطراً إلى استخدام تعبيرات وأمثلة طفولية، لا تستوعب الواقع الذي تحاول تصويره، ويأخذ الطفل عنه انطباعاً مختلفاً تماماً، رغم عدم قصور اللغة عن هذه المفاهيم.
ومشكلة القرآن: أنه محاولة لإعطاء صور غير مادية بلغة مادية، ولأشخاص ماديين. وقوة مصدر القرآن، تعوض كثيراً عن عجز اللغة، ولكن ليس لها أن تعوض عن عجز الوعي البشري.
انظر إليه وهو يتحدث عن الجنة، إنه يصورها مرتعاً مادياً خصباً. ولكن هل الجنة مرتع مادي أو نوع من التنعم الروحاني؟ ففي عز الاسترسال مع التصوير المادي للجنة، تأتي الصدمة القوية:
{... ورضوان من الله أكبر}(9). إذن: ليست الجنة مجرد مرتع مادي.
ويأتي الحديث عن الخمر المفضلة، بالشكل المترف:
{.. وأنهار من خمر لذة للشاربين..}(10)، ولا تتملى من نشوة خمرة الجنة حتى توقفك المفاجأة:
{لا فيها غول...}(11). إذن: ليست خمرة الجنة بمفهومها الدنيوي.
وتستمع إلى الحديث الرقيق عن الحور العين:
{كأمثال اللؤلؤ المكنون}(12) و{كواعب أتراباً}(13)...
فلا تتأهب لاستقبالهن بفكرك.
أولم يقل الإمام الصادق عليه السّلام لمحدثه: «... أتزعم أن محمداً كان يكلم الناس بحاق عقله؟! لا والله، ولا يوماً واحداً»(14)؟! فكل الصور الموجودة في القرآن والحديث صور رمزية، قد نفهم منها أشياء ـ تساعدنا على الاتجاه المستقيم ـ ولكنها تبقى فوق مستوى ثقافتها.
ضع أية صورة قرآنية أمامك، تجدها بعد دراسة ساعات، ومداولة أيام، وتأمل أشهر أو سنوات... تجدها تمنحك معطيات بقدرك، وفي الوقت ذاته: تطلك على آفاق بعيدة لست مجهزاً لاقتحامها. تماماً.. كما أن دراسة المجرة ـ بكامل الأجهزة العلمية ـ تمنحك معطيات بقدرك وفي الوقت ذاته: توضح أمامك أبعاداً لست مهيئاً للدخول فيها.
من هنا.. قد نجد بعض الأمل في الأحاديث المبشرة بظهور الإمام المهدي ـ عجل الله تعالى فرجه الشريف ـ : «يضع يدهم على الرؤوس فتكتمل العقول..»(15) أي: يرفع الثقافة العامة، «يأتي بدين جديد»(16)؛ وهو يبشر بشريعة جده الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم . ولكنه عندما يصعد المستوى العام، يؤهل البشر لاستيعاب الحقائق، فلا يضطر إلى الأحاديث الرمزية، وإنما يكلم الناس بحق عقله، فينسف التصورات المادية الطفولية التي نتصورها ـ اليوم ـ كل الحقيقة.
***
من المفاهيم الحديثة، الشائعة في الأوساط الإسلامية، التي لم أجد من أشبعها أو ناقشها ـ مفهوم يقول: (القرآن دستورنا).
فهل: (القرآن دستورنا)؟
وقبل الاجابة على هذا السؤال لا بد من تحديد معنى الدستور، فمفهوم الدستور أحد أمرين:
أ ـ (الصيغة القانونية لإرادة شعب).
ب ـ (إطار يجمع الخطوط الرئيسة لقانون، ويكسب شرعيته من موافقة شعب).
والقرآن ليس دستوراً بالمفهوم الأول، لأن: ـ
1 ـ القرآن ليس صيغة قانونية، وإنما هو كتاب كوني، يغمر الإنسان ـ جزء من الكون ـ بكل أبعاده، ويقتحمه من كل مداخله.
ولهذا: فرغ القرآن للأحكام الشرعية(520) آية فقط، من آياته البالغ عددها (6666) آية، والتي تعرض: قصصاً، وأمثالاً، ونصائح، وكونيات، وماورائيات...
2 ـ القرآن ليس تعبيراً عن إرادة شعب، وإنما هو تعبير عن إرادة الله، الجامعة للمصلحة الدارينية للإنسان.
والقرآن ليس دستوراً بالمفهوم الثاني، لأن: ـ
القرآن ليس إطاراً يجمع الخطوط الرئيسة لقانون، فهو كتاب واسع، يضم نظاماً كاملاً للإنسان ـ كجزء من الكون ـ بجوانبه العديدة، التي منها الجانب القانوني ـ إن صح إطلاق (القانون) على الأحكام الشرعية ـ.
القرآن لا يكسب شرعيته من موافقة شعب، وإنما شرعيته نابعة من: تقرير الله أولاً، وواقعيته ثانياً.
وأوضح دليل على أن القرآن ليس (دستوراً) ـ بالمفهوم المتداول للدستور ـ أنك لو وضعته إلى جانب أي دستور تجده يختلف عنه تماماً.
سؤال:
إذن: فأين يقف القرآن من الدستور الاسلامي؟
جواب: ـ
القرآن مادة الدستور الاسلامي: فالقرآن معدن، يمكن أن تكرر آيات منه في صيغة الدستور، لتشكل إطاراً يجمع الخطوط الرئيسة لقانون اجتماعي. تماماً.. كما يمكن أن تكرر آيات أخر منه في صيغة روحية، لتشكل إطاراً يجمع الخطوط الرئيسة لقانون روحي. وكما يمكن أن تكرر آيات ثالثة منه في صيغة كونية، لتشكل إطاراً يجمع الخطوط الرئيسة لقانون كوني، يعبر عن العلاقات الكونية ـ بما فيها الإنسان ـ.
فالقرآن كتاب دين جامع، وليس دستوراً أو أي شيء آخر على انفراد.
***
القرآن دستور دين اسمه: (الاسلام)، وليس دستوراً مدنياً، وإنما هو مادة للدساتير المدنية.
والقرآن ليس كتاباً اقتصادياً، ولا كتاباً سياسياً، ولا كتاباً اجتماعياً، ولا كتاباً عسكرياً، ولا كتاباً علمياً...
1ـ لأن القرآن لو كان أحد هذه الكتب، لما كان بقية هذه الكتب. ولو كان كل هذه الكتب على وجه الجمع بينها، لم يكن كتاب تخصص، وإنما هو كان أشبه بـ(الكشكول) الذي تجمع فيه أشتات من كل علم وفن.
2ـ لأن القرآن لو كان أحد هذه الكتب ـ أو كل هذه الكتب ـ لكان كتاب علم، ولم يكن كتاب دين..
صحيح أن العلم يدعو إلى الدين والدين يدفع إلى العلم، ولكنهما أمران متغايران:
فالدين تقنين لاتجاه الإنسان إلى الله، والعلم تقنين لتصرف الإنسان في اتجاه الحياة، ابتداءً بنفسه وانتهاء بآخر ما يستطيع التصرف فيه من مواد الحياة.
فليس الدين ذات العلم، وليس العلم ذات الدين. فالماهيتان مختلفتان، وبينهما (عموم وخصوص مطلق):
فالدين كله علم، وليس العلم كله دين، والعمل الديني علمي دائماً، والعمل العلمي ليس عملاً دينياً دائماً، وإنما بعضه ديني وبعضه غير ديني.
والعالم بالدين لا يشترط أن يعلم كل العلوم حتى يكون عالماً بالدين، والعالم بأحد العلوم لا يشترط أن يكون عالماً بالدين حتى يكون عالماً بما تخصص به.
3ـ لأن القرآن يعالج كل ما يعالجه من زاوية توجيهه إلى الله، وهذه الكتب تعالج ما تعالجه لا من زاوية توجيهه إلى الله، وإنما من زاويته المحايدة، سواء أكان متجهاً إلى الله أو إلى الشيطان.
4ـ لأن القرآن ـ كدستور دين ـ ليس أياً من هذه الكتب على انفراد، وليس كل هذه الكتب على اجتماع، وإنما هو يصلح لأن يتخذ مادة لهذه الكتب ومهيمناً عليها. كما أن أي دستور، ليس أياًَ من هذه الكتب على انفراد، وليس كل هذه الكتب على اجتماع، وإنما يصلح أن يتخذ مادة لهذه الكتب ومهيمناً عليها.
فمهمة القرآن، هي تقنين اتجاه الإنسان إلى الله، بصرف اتجاهه عن المعبودات التي لم ينزل بها من سلطان، وتكريس اتجاهه العبادي إلى الله وحده، وتوسيع هذا الاتجاه بحيث يشمل كل الإنسان، حتى يتجه إلى الله في تفكيره، وفي تعامله مع الحياة، ابتداءً بتعامله مع نفسه وانتهاء بآخر ما يمكنه التعامل معه من مواد الحياة.
القرآن مجموعة من آيات كونية، وآيات فقهية، وآيات عقيدية، وآيات عسكرية، واقتصادية، وسياسية، واجتماعية... وهو لايريد أن يكون كتاباً كونياً، أو فقهياً، أو عقيدياً، أو عسكرياً، أو اقتصادياً، أو سياسياً، أو اجتماعياً.. وإنما يريد أن يكون كتاب هداية، يضع الهندسة لفهم: الكون، والفقه، والعقيدة، والعسكريات، والاقتصاد، والسياسة، والاجتماع... فلذلك: لا يستكمل حتى الخطوط العريضة لهذه المواضيع، لأنه لا يحاول أن يعطي للإنسان هذه المواد، وإنما يحاول أن يعطي أسلوب تناوله لهذه المواد، ثم على الإنسان ـ نفسه ـ أن يتابع الخط الطويل.
وهكذا ... كان الأنبياء وأوصياؤهم عليهم السّلام يعملون، فلم يؤلفوا أي كتاب متخصص في أي موضوع من المواضيع، لأن هدفهم توجيه طاقة الإنسان إلى الخطوط العامة للحياة والكون والإنسان، ولم يكونوا أساتذة كلاسيكيين يقفون أمام تلاميذهم لشرح آية معينة، إلا مادة التوجيه العام نحو الفهم الصحيح والتناول الصحيح، لكل موضوع يمكن أن يحتاجوا إليه، وتدفعهم الحاجة إلى فهمه وتناوله.
***
القرآن بلغ من قوة التعبير وقوة المضمون، إلى درجة عالية لا تتحملها الألفاظ إلا وهي مرهقة تنوء بثقل أكبر من طاقتها. فتتقطع آيات حتى تحتفظ بماء وجهها، ولا تعلن عجزها عن المتابعة والاسترسال في أداء ما يراد بها من وفرة التعبير والمضمون. فيجب أن تختم بجمل ـ أو كلمات ـ قوية جبارة تغطي عجز الألفاظ، وتضفي عليها قوة أكبر من واقعها، حتى كأنها تؤدي ما يراد منها بتوفر ونشاط..
وهذه الجمل والكلمات، من نوع:
{سبحان الله رب العالمين}(17)، {فإني غفور رحيم}(18)، {رب العرش العظيم}(19)...
أما إذا تجردت من تلك الخواتيم القوية الجبارة، فإنها لا تملك القدرة المعجزة للألفاظ، وإنما ـ بالعكس من ذلك تماماً ـ تظهر عجز الألفاظ عن تلك التعابير والمضامين المعجزة، وتبدو الألفاظ مرهقة قد أدركها العجز والقصور، رغم أنها هي تلك الألفاظ لم يتغير منها حرف، وإنما حاولت المتابعة والاسترسال في تحمل التعابير والمضامين القرآنية فقط فكشفت عن واقعها المحدود الموضوع لتحمل التعابير والمضامين، التي انبثقت ـ هي والألفاظ ـ من مصدر واحد وهو الفكر البشري المحدود؛ دون التعابير والمضامين المعجزة، التي انقضت ـ من فوق مستوى الفكر البشري ـ على الألفاظ، فأرهقتها أيما إرهاق، وحملتها أكثر من طاقاتها بدرجات.
فالألفاظ أوعية محدودة، تسع كميات محدودة من المضامين. إنها كالأواني التي تسع ـ بمختلف مساحات فراغاتها ـ كميات مماثلة من المواد ولكن تلك الألفاظ ـ بفرض التعابير والمضامين القرآنية، الهائلة الأبعاد والأحجام ـ أصبحت كالأواني المصنوعة للموائد العادية، لو فرض عليها أن تسع ما في البحر والفضاء، فإنها ـ مهما تكلفت ـ لا تسعها إلا بادية التكلف والإرهاق، ولا يمكن أن تسعها ـ بتوفر ونشاط ـ إلا بمعجزة كالمعجزة القرآنية تلك.
القرآن لم تصنف مواضيعه، حتى يكون قرآناً يحتمله كل الأذهان والأذواق صباح مساء، ولا يكون كتاباً لا يحتمله سوى الأذهان المتمرسة بتكلف...
فالقرآن كله يشبه الجملة ـ الحكمة ـ(20)، التي تفرغ في الذهن شحتنها قبل أن يتبرم برتابتها، وتدغدغ الذوق بجمال يشجعه على تملي تلك الشحنة وهضمها، بارتياح وهناء، وكأنها تتسلى بنكتة، ولا تتعبد بموعظة.
مواد تمهيدية
معنى التفسير
مجمل الأحاديث المروية عن أهل البيت عليهم السلام، يدل على غلق باب تفسير القرآن. ويمكن تصنيف هذه الأحاديث إلى ثلاثة أصناف: ـ
الأول: ـ الأحاديث التي تحصر فهم القرآن في أهل البيت، مثل قوله عليه السلام: «إنما يعرف القرآن، من خوطب به»(21).
الثاني: ـ الأحاديث التي تمنع تفسير القرآن بدون مراجعة أهل البيت، مثل قوله عليه السلام: «من فسر القرآن برأيه، فليتبوأ مقعده من النار»(22).
الثالث: ـ الأحاديث التي تؤكد أن الله لم يعلم القرآن لغير أهل البيت، مثل قول الإمام الصادق عليه السّلام لأبي حنيفة: «ما ورثك الله من كتابه حرفاً»(23).
ويستفاد من مجمل هذه الأحاديث، أن القرآن ـ كله ـ من نوع الشيفرة، وأن الله لم يعط مفاتيحه إلا لأهل البيت عليهم السلام، وعلى غيرهم أن يأخذوها منهم، أو أن يكفوا عن الخوض فيه، خشية أن ينسبوا إلى الله ما لم يثبت أنه منه. ومن هنا.. جاء التحذير عن التفسير بالرأي.
ويمكن الخروج من هذا المأزق بوجوه: ـ
1: إن آيات القرآن على قسمين:
{محكمات هن أم الكتاب}(24)وهي التي تتناول الشريعة، وأصول العقيدة..
{وأخر متشابهات}(25)تتناول تفاصيل العقيدة. والأحاديث المذكورة منصرفة إلى المتشابهات، لأن المحكمات واضحات، وظواهر الألفاظ حجة.
والجواب: ـ الأحاديث المذكورة آبية عن التخصيص، خاصة قوله: «إنما يعرف القرآن، من خوطب به.»(26). و«وما ورثك الله من كتابه حرفاً»(27).
وظواهر الألفاظ حجة، ما لم ترد دلالة على أن نصاً معيناً ليس على نمط العبارات المتداولة. وتلك الروايات، صريحة في أن القرآن ليس من نمط العبارات المتداولة، وإنما هو من نوع آخر، كالشيفرة مثلاً.
2ـ إن التفسير ليس هو بيان الدلالات السطحية للكلمات والجمل، وإنما هو تفجير العبارات، والاستفادة من تفاعل دلالاتها وطاقاتها العميقة.
وهذه.. عملية استنباط معطيات القرآن، بدليل أن الإمام الصادق عليه السّلام عندما قال لأبي حنيفة: «ما ورثك الله من كتابه حرفاً»(28)؛ أكد قوله بالسؤال عن الصّلاة والصيام، أيهما أهم؟ ـ مثلاً ـ ، ولم يسأله عن تفسير سورة (المسد) وسورة (التكاثر).
فالقرآن قد يؤخذ بظواهره كما هي، وهذا ليس من التفسير. وربما يؤخذ بمعطياته العميقة، وهذا هو التفسير، الذي لا يقدر عليه إلا من استوعبوا القرآن بكل دلالاته الظاهرة والخفية، وهم أهل البيت عليهم السلام. تماماً.. كالبترول: ربما يراد أخذه خاماً لمجرد الوقود، وهذا في مقدور كل إنسان. وقد يراد الاستفادة من مشتقاته، وهذا في مقدور المختصين فقط.
وعلى هذا الأساس نستطيع القول: إن الإمام عندما قال لأبي حنيفة: «... حرفاً» ؛ كان يعني حرفاً كاملاً، بكل دلالاته وبطونه. وعندما قال: «إنما يعرف القرآن ...» ؛ كان يعني معرفة القرآن الكاملة، أي: بكل دلالاته وبطونه.
وعندما منع الناس عن التفسير بالرأي، كان يعني منعهم عن الدخول في استنباط المعطيات العميقة للقرآن، وهم لا يعرفون دلالاته وبطونه، التي لا يستوعبها أحد إلا من تعلم من أهل البيت عليهم السلام، فيؤدي خوضهم فيه ـ من دون الاعتماد على المختصين ـ إلى تحميل آرائهم على القرآن، لا إلى أخذ الرأي من القرآن. وهذا .. ما حدث فعلاً، فجميع الفرق الإسلامية تسند آراءها المتناقضة إلى القرآن، لأن كل إنسان ينطلق من مسبقاته في اتجاه ما لايعرف.
والجواب: ـ أن هذا المعنى خارج عن مفهوم التفسير. فلو كان المقصود من «... حرفاً» كل دلالاته وبطونه، بعد قوله لأبي حنيفة: «بم تفتي الناس؟»، لكان باستطاعة أبي حنيفة أن يقول: (وماذا أفعل بكل دلالاته وبطونه في الفتوى)؟ ولو كان المقصود من قوله: «إنما يعرف القرآن، من خوطب به»(29) كل أعماقه وأبعاده، لبقي عامة الناس في غنى عن مراجعة أهل البيت عليهم السلام، إذ لا يحتاج إليهم إلا الذين يحاولون التضلع في القرآن.. ولو كان المقصود من التفسير بالرأي تحميل الآراء على القرآن، لكان الأولى أن يقال: (لا تفسروا القرآن بغير وجهه) أو (خذوا آراءكم من القرآن، ولا تحملوه آراءكم) أو ما شابه ذلك.
وكما ورد في (دعاء السمات): «اللهم! بحق هذا الدعاء، وبحق هذه الأسماء، التي لا يعلم تفسيرها ولا تأويلها ولا باطنها ولا ظاهرها غيرك...»(30)؛ لعل القرآن من هذا النوع، بحيث لو ترك الناس والقرآن لم يفهموا شيئاً منه بوجه صحيح، وإنما يعرفون بعضه ـ اليوم ـ لأن أهل البيت عليهم السّلام عمموا تفسيره حتى أصبح من المعروف المألوف، كسائر المسلمات العلمية والدينية، التي لم تصبح مسلمات إلا بعد جهود مضنية بذلها العلماء والأئمة.
س: ـ إذا كان القرآن من هذا النوع، فماذا يستفيد منه الناس، علماً بأنه نزل للناس كافة؟
ج: ـ
أ: ـ كما يستفيدون من الأسماء المذكورة في (دعاء السمات)، وكما يستفيدون من العناصر الأولية للكون وهم لا يعرفونها أو لا يعرفون حقيقتها. فكثيراً ما تتم الاستفادة من الأشياء بدون التعرف عليها، وبخاصة في مجال التكوين. ولعل الفوائد التكوينية من القرآن، أكثر من فوائده التشريعية.
ب: ـ الناس يستطيعون الاستفادة من القرآن بعد تفسير أهل البيت عليهم السلام، وتعليق الاستفادة من القرآن على تفسير أهل البيت عليهم السّلام لا يعني تعطيل دور القرآن، كما أن تعليق رؤية الألوان على النور لا يلغي دور الألوان.
التفسير بالرأي
لقد ورد تحذير شديد عن تفسير القرآن بالرأي، في أحاديث كثيرة، وهذه الأحاديث تنقسم إلى مجموعتين:
الأولى: ـ تؤكد انحصار المعرفة بالقرآن في النبي وآله، فتقول: «إنما يعرف القرآن، من خوطب به»(31)، وقال الإمام الصادق لأبي حنيفة ـ في حوار طويل ـ: «ما ورثك الله من كتابه حرفاً»(32)... وإذا كان أبو حنيفة لم يتعلم من كتاب الله رغم تتلمذه سنتين على الإمام الصادق عليه السلام، فما عسى أن يصيب من لم يتتلمذ على الإمام الصادق وعلى غيره من الأئمة الذين خوطبوا بالقرآن؟!
الثانية: ـ تحذر من التصدي لتفسير القرآن بالرأي، وتهدد عليه بالنار، فتقول: «من فسر القرآن برأيه، فليتبوأ مقعده من النار»(33).
وعندما نحاول فهم المجموعة الأولى، نستطيع أن نقول:
إن القرآن نظام واحد مترابط لكون واحد مترابط، تتماسك فيه الطبيعة بما وراء الطبيعة، والعوالم السابقة واللاحقة بعالم الدنيا؛ ولإنسان واحد ـ في إنسانيته ـ قادم من عوالم سابقة، وسائر ـ في عالم الدنيا ـ إلى عوالم لاحقة.
والقرآن ـ مثل الدنيا ـ فيه السهل وفيه الممتنع، وفيه القريب وفيه البعيد. أو ـ حسب تعبيره ـ: فيه محكمات ومتشابهات. وبما أنه مترابط ترابطاً عضوياً يرفض التجزئة، لا يمكن فهم أي جزءٍ منه على حقيقته، بدون استيعاب خطوطه الرئيسة.
والنبي وآله، في مستوى القرآن، أي: في مستوى الحياة العامة، فمن الطبيعي أن يعرفوه معرفة كاملة. وأما غيرهم، فليس في مستوى القرآن، فمن الطبيعي أن لا يفهم لا كلاً ولا بعضاً:
أما كلاً، فلاشتماله على المتشابهات: التي تتحدث عن قضايا لا يعرفها الإنسان مطلقاً، كقضايا الألوهية. وتتحدث عن قضايا مر بها الإنسان ـ قبل الدنيا ـ من خلال اللاشعور فلم يهضمها، أو مر بها من خلال الشعور ثم نسيها عبر مليارات السنين التي فصلت العوالم السابقة عن هذا العالم. وتتحدث عن قضايا يعيشها الإنسان في هذا العالم، ولكن خلف حاجز سميك يفصل بين الماديات والماورائيات، كجميع قضايا: الملائكة، والشياطين، والأجنة... وسائر الخلائق الحية التي لا يمكن دركها بالحواس الخمس.
وأما بعضاً، فلأن معرفة أي جزءٍ من كل عضو مترابط، لا يمكن ـ على حقيقته ـ بدون معرفة الخطوط الرئيسة لذلك الكل. كما لا يمكن معرفة أي عضو من حيوان ـ على حقيقته ـ مع منافعه وموارد استخدامه، بعيداً عن التعقلات الرئيسة لذلك الحيوان المركب من كامل أعضائه.
فأبو حنيفة، لا شك أنه كان عربي اللسان، وعلى جانب من العلم. ولكنه لم يكن في مستوى القرآن، إذ لم يكن في مستوى الحياة العامة التي تضم الطبيعة بما وراء الطبيعة، وتجمع ـ جميع العوالم التي مر أو يمر بها الإنسان ـ في إطار واحد. فلم يكن يستطيع فهم القرآن كلاً، ولم يكن له طريق إلى معرفة خطوطه الرئيسة غير طريق أهل البيت عليهم السلام. ولكنه كان يرفض سلوك هذا الطريق، أذ نصب نفسه مناوئاً لهم، وكثيراً ما حاول مناقضة المعلومات الصادرة عنهم. فلم يكن يعرف الخطوط الرئيسة للقرآن، حتى يستطيع فهم أي جزء منه على حقيقته. فبقي لا يفقه حرفاً من القرآن، لا لقصور فيه بالذات، وإنما لأنه رفض اتباع الطريق المؤدي إلى فهم القرآن، وهو طريق أهل البيت (ع). وأصر على اتباع طريق لا يؤدي إلى فهم القرآن، وهو رأيه. ورأي الإنسان قاصر عن درك القرآن ـ مهما كان لامعاًـ، كما أن رأي الإنسان قاصر عن درك الحياة العامة ـ مهما كان ذكياً ـ.
إذن: لا يفهم القرآن ـ كله على حقيقته إلا الوسط القرآني، وهو الوسط الذي اختاره الله لإنزال القرآن عليه، كما في الحديث: «إنما يعرف القرآن، من خوطب به»(34).
وما نفهمه من ظواهر بعض الآيات، فهم ناقص لا معول عليه. تماماً.. كما لو رأينا عضواً من جسم لا نعرفه، لا شك أننا نأخذ انطباعاً معيناً عن هذا العضو، ولكن ـ بما أننا لا نعرف التعقلات الرئيسة لذلك الجسم ـ نعجز عن تقييم هذا العضو تقييماً دقيقاً يمكن التعويل عليه.
وإذا حاولنا فهم المجموعة الثانية التي تحذر من تفسير القرآن بالرأي، نستطيع أن نقول:
إن المجموعة الثانية مترتبة على المجموعة الأولى، وطبيعية بعد ثبوت المجموعة الأولى. فإذا لم يعرف القرآن أحد غير النبي وآله (ع)، فتفسيره من قبل غيرهم خطأ كبير من وجهين: ـ
الأول:ـ إن من لم يفهم القرآن عليه أن لا يحاول تفسيره، لأنه لا يطمئن إلى صحة تفسيره، والبت فيما لا يطمئن إليه الإنسان خطأ مهما كان موضوعه.
الثاني: إن تصدي أي جاهل لأي دستور، يعرضه لأشد أنواع العقاب، فكيف بالتصدي للقرآن الذي هو الدستور الثابت للأجيال، منذ نزوله حتى انقراض البشر. وتفسيره بالرأي، يساوي التدخل في مختلف الشؤون العقيدية والعبادية والمسلكية للبشرية، باسم الله. والله ـ تعالى ـ هو القيم على البشر، والذي يفسر القرآن برأيه إنما يمارس قيمومة الله على البشر بدون تخويل من الله وينصب من نفسه ناطقاً باسم الله بدون إذن من الله، فليتبوأ مقعده من النار.
التكرار في القرآن
لا تكرر في الكون، بمعنى التكرار الكلاسيكي الذي يعني أن يأتي شيءٌ مرتين في موضع واحد. نعم.. قد يكون هنالك تكرار في الشكل لا في الواقع:
ـ مثلاً: كل رقم من الأرقام واحد، من رقم(1) إلى رقم (2) وإلى ما زاد، ويضاعف بتتابع الأرقام. ولكل رقم موضعه الخاص به، الذي لا تكرار فيه.
ـ مثلاً: المصابيح في المدينة كثيرة، فهل هي مكررة لأنها متشابهة؟! كلا.. فكل مصباح واحد، في موضع خاص به.
ـ مثلاً: أفراد البشر متشابهون، فهل هم مكررون؟! أو أن كل واحد منهم واحد، في موضعه الخاص به.
ـ النجوم في السماء كثيرة متشابهة، فهل هي مكررة؟!
وهكذا .. كل شيء: ابتداءً من الذرات الهائلة العدد، إلى الخلايا الحيوانية والنباتية، وانتهاءً بالمركبات كالأفراد والأشجار والمنظومات...
ولنعد إلى التكرار اللفظي: إن للكلمة وجوداً لفظياً إلى جانب ما لأي شيء ثلاثة وجودات أخرى: هي الوجود الخارجي والذهني والصوري (الذي يساوي وجود رسمه أو اسمه مكتوباً). فإذا وجدناه قد جاء مرتين، فلدلالتين. حتى تكرار التأكيد، لا يعني التكرار الكلاسيكي، وإنما يعني أنه جاء في موضعين لدلالتين، لأنه لو قلنا: (جاء زيد زيد)، فلزيد الثاني دلالة ثانية، كما أنه وجود آخر.
وكمثال: كلمة (الناس) إنما جاءت في سورة (الناس) خمس مرات؛ تماماً.. كخمسة مصابيح متشابهة ركزت في مواقع خمسة.
ضمائر القرآن
القرآن ـ عندما يعبر عن الله تعالى ـ قد يستخدم ضمير المتكلم وحده، وقد يستخدم ضمير المتكلم مع الغير، نحو:
{...إني أنا الله رب العالمين}(35)، ونحو:
{إنا أنزلناه في ليلة القدر}(36)، {أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا؟!..}(37).
فعندما يستخدم ضمير المتكلم وحده يعبر عن وحدة الله تعالى، لأن الله ـ تعالى ـ واحد، فالتعبير صحيح. ولكن عندما يستخدم ضمير المتكلم مع الغير يحتاج إلى بيان سبب استخدامه، لأن الله واحد، فكيف يصح استخدام ضمير المتكلم مع الغير، وليس مع الله غيره؟!
وكان علماء البلاغة والتفسير، يفسرون ذلك بأنه من باب التعظيم. وهذا التفسير غير موضوعي، لأنه لو كان لغرض التعظيم، لكان اللازم استخدامه في كل تعبير عن الله، لأن الله عظيم في كل تعبير.
والذي أتصوره ـ ولا أؤكده، لأن التفسير لا يؤكد إن لم يستند إلى معصوم ـ: إن الضمير قد يوجه الذهن إلى الله وحده، فلا بد أن يكون مفرداً، نحو:
{إني أنا الله}(38) و{هو الله الخالق البارىء...}(39) و{...لا إله إلا هو...}(40)... وقد يوجه الذهن إلى الله مع غيره ـ وإن كان دور غيره دوراً ثانوياً ـ فيكون جمعاً، مثل:
{إنا أنزلناه}(41) لأن الله أنزل القرآن، وكان للملائكة دور في إنزاله، لأن القرآن نزل بواسطتهم. و{أن يسبقونا}(42) أي: الله وأولياءه، لأن أوليائه هم المظهر البشري له. و{إنا هديناه السبيل...}(43)، لأن أولياء الله شاركوا في هداية الإنسان. و(أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون؟!)(44)، لأن الظواهر الكونية تتم بواسطة الملائكة، وآمر السحاب ملك، وبكل قطرة ملك موكل...
وهكذا.. الله ـ تعالى ـ يحترم دور عباده الذين يعطيهم دوراً، فيشير إلى دورهم بضمير الجميع، ولا يلغي دورهم ـ تكريماً لهم ـ، رغم أن دورهم بالنسبة إليه لا شيء، لأنه هو يحركهم، ويوفقهم للقيام بالدور الذي يعهده إليهم.
علاقة القرآن بالبصر
قال الإمام الصادق (ع) ـ: «من قرأ القرآن في المصحف، متع ببصره.»(45).
يحتمل أن يكون معنى (متع ببصره): ـ
1ـ أنه استخدم طاقة البصر به، بينما لا يمتع ببصره من يقرأ القرآن عن ظهر القلب، فهو إشارة إلى مجرد استخدام هذه الطاقة الباصرة.
2ـ إن استخدام الباصرة ـ في قراءة القرآن ـ ترويض لها، والرياضة تقوي كل عضو يعرض لها. فمن يستخدم عينه كثيراً، يمتع بعينه أكثر من الذي لايستخدمها في القراءة.
3ـ إنه عندما يستخدم لسانه وعينه في قراءة القرآن، ينفذ القرآن إلى قلبه من نافذتين، فيكون أعمق تأثيراً. بينما الذي يستخدم لسانه ـ فحسب ـ في قراءة القرآن، لا ينفذ القرآن، إلى قلبه إلا من نافذة واحدة هي نافذة اللسان، فيكون أقل تأثيراً.

لبنان ـ بيروت: حسن مهدي الشيرازي

(1) كتاب: (الثقافة الإسلامية)، نقلاً عن مقالة للدكتور ميلر بروز بعنوان: (العلاقة بين العلم والدين في الإسلام).م.
(2) آئين سخنوري، تأليف: فروغي، ج2.م.
(3) سورة الإسراء: 9.
(4) أصول الكافي ج2 ص599ح2.
(5) سورة يوسف: 102.
(6) سورة الرحمن: 19.
(7) سورة الرحمن: 64.
(8) سورة الرحمن: 65.
(9) سورة التوبة: 72.
(10) سورة محمد: 15.
(11) سورة الصافات: 47.
(12) سورة الواقعة: 23.
(13) سورة النبأ: 33.
(14) بحار الأنوار ج1 كتاب العقل والجهل ص85 ح7.
(15) بحار الأنوار ــ ج52 ــ باب(26) ـ ص329.
(16) بحار الانوار ـ ج52 ـ باب(26) ـ ص338.
(17) سورة النمل آية 8.
(18) سورة النمل: آية 11.
(19) سورة النمل: آية 26.
(20) قيل لأحد الحكماء: (قل حكمة سائرة)، فقال: (أمهلوني سنة). فقيل له: (اكتب مقالة ناجحة)، فقال: (أمهلوني شهراً). فقيل له: (ألف كتاباً). قال: (ائتوني بقلم وورق، حتى أبدأ الآن).م.
(21) بحار الأنوار ج46 ص349 ـ 350.
(22) تفسير الصافي ج1 ـ ص20 المقدمة الخامسة.
(23) بحار الأنوار ج2 ص293.
(24) سورة آل عمران: آية 7
(25) سورة آل عمران: آية 7.
(26) بحار الأنوار ج46 ص349 ــ 350.
(27) بحار الأنوار ج2 ص293.
(28) بحار الأنوار ج2 ص293.
(29) بحار الأنوار ج46 ص349 ـ 350.
(30) مفاتيح الجنان، للشيخ عباس القمي ــ 72.
(31) بحار الأنوار ج46 ص349 ـ 350.
(32) بحار الأنوار ج2 ص293.
(33) تفسير الصافي ج1 ص20 المقدمة الخامسة.
(34) بحار الأنوار ج46 ص349 ـ 350.
(35) سورة القصص: آية 30.
(36) سورة القدر: آية 1.
(37) سورة العنكبوت: آية 4.
(38) سورة القصص: آية 30.
(39) سورة الحشر: آية 34.
(40) سورة الحشر: آية 33.
(41) سورة القدر: آية 1.
(42) سورة العنكبوت: آية 4.
(43) سورة الدهر: آية 3.
(44) سورة الواقعة: آية 69.
(45) الكافي ج2 ص613 ح1.


p,g hgrvNk hg;vdl



توقيع : الجمال الرائع
أمن العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك واماءك، وسوقك بنات رسول الله سبايا، قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، تحدو بهن الأعداء من بلد الى بلد، ويستشرفهن أهل المناهل والمعاقل، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد، والدني والشريف، ليس معهن من حماتهن حمي ولا من رجالهن ولي، وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه اكباد الازكياء، ونبت لحمه من دماء الشهداء، وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر الينا بالشنف والشنأن، والاحن والأضغان ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم
رد مع اقتباس
قديم 2014/12/04, 05:37 PM   #2
عاشق نور الزهراء


معلومات إضافية
رقم العضوية : 1213
تاريخ التسجيل: 2013/03/14
الدولة: Canada
المشاركات: 14,823
عاشق نور الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : عاشق نور الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور عاشق نور الزهراء
افتراضي



توقيع : عاشق نور الزهراء
تفضلوا بزيارة صفحة منتدياتكم المباركة على الفايسبوك على الرابط التالي :
https://www.facebook.com/she3aalhsen?ref=hl
رد مع اقتباس
قديم 2014/12/04, 06:18 PM   #3
الجمال الرائع


معلومات إضافية
رقم العضوية : 799
تاريخ التسجيل: 2012/12/12
المشاركات: 857
الجمال الرائع غير متواجد حالياً
المستوى : الجمال الرائع is on a distinguished road




عرض البوم صور الجمال الرائع
افتراضي



توقيع : الجمال الرائع
أمن العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك واماءك، وسوقك بنات رسول الله سبايا، قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، تحدو بهن الأعداء من بلد الى بلد، ويستشرفهن أهل المناهل والمعاقل، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد، والدني والشريف، ليس معهن من حماتهن حمي ولا من رجالهن ولي، وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه اكباد الازكياء، ونبت لحمه من دماء الشهداء، وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر الينا بالشنف والشنأن، والاحن والأضغان ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لماذا لم يذكر القرآن الكريم أسماء أهل البيت عليهم السلام؟ بسمة الفجر القران الكريم 4 2014/11/27 07:24 PM
المعنى الحقيقي لحمل القرآن شجون الزهراء القران الكريم 2 2014/11/26 05:25 PM
هل كان النبي يعلم بالقرآن قبل نزوله اليه بسمة الفجر القران الكريم 2 2014/09/21 01:19 AM
علم المستقبل في القرآن الكريم راجي الرحمة القران الكريم 3 2014/09/05 10:10 PM
قراءة القرآن .......... تجارةٌ لن تبور خادمة سراج المتوكلين القران الكريم 3 2014/08/29 09:41 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي
|

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى || SiteMap Index


أقسام المنتدى

المنتــديات العامة @ السياسة @ المناسبات والترحيب بالأعضاء الجدد @ منتديات اهل البيت عليهم السلام @ سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) @ الواحة الفاطمية @ الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) @ الادعية والاذكار والزيارات النيابية @ المـدن والأماكن المقدسة @ المـنتـديات الأدبيـة @ الكتاب الشيعي @ القصة القصيرة @ الشعر الفصيح والخواطر @ الشعر الشعبي @ شباب أهل البيت (ع) @ المنتـديات الاجتماعية @ بنات الزهراء @ الأمومة والطفل @ مطبخ الاكلات الشهية @ المنتـديات العلمية والتقنية @ العلوم @ الصحه وطب أهل البيت (ع) @ الكمبيوتر والانترنيت @ تطبيقات وألعاب الأندرويد واجهزة الجوال @ المنتـديات الصورية والصوتية @ الصوتيات والمرئيات والرواديد @ الصــور العامة @ الابتسامة والتفاؤل @ المنتــــديات الاداريـــة @ الاقتراحات والشكاوي @ المواضيع الإسلامية @ صور اهل البيت والعلماء ورموز الشيعة @ باسم الكربلائي @ مهدي العبودي @ جليل الكربلائي @ احمد الساعدي @ السيد محمد الصافي @ علي الدلفي @ الالعاب والمسابقات @ خيمة شيعة الحسين العالميه @ الصــور العام @ الاثـــاث والــديــكــورآت @ السياحة والسفر @ عالم السيارات @ أخبار الرياضة والرياضيين @ خاص بالأداريين والمشرفين @ منتدى العلاجات الروحانية @ الابداع والاحتراف هدفنا @ الاستايلات الشيعية @ مدونات اعضاء شيعة الحسين @ الحوار العقائدي @ منتدى تفسير الاحلام @ كاميرة الاعضاء @ اباذر الحلواجي @ البحرين @ القران الكريم @ عاشوراء الحسين علية السلام @ منتدى التفائل ولاستفتاح @ المنتديات الروحانية @ المواضيع العامة @ الرسول الاعظم محمد (ص) @ Biography forum Ahl al-Bayt, peace be upon them @ شهر رمضان المبارك @ القصائد الحسينية @ المرئيات والصوتيات - فضائح الوهابية والنواصب @ منتدى المستبصرون @ تطوير المواقع الحسينية @ القسم الخاص ببنات الزهراء @ مناسبات العترة الطاهرة @ المسابقة الرمضانية (الفاطمية) لسنة 1436 هجري @ فارسى/ persian/الفارسية @ تفسير الأحلام والعلاج القرآني @ كرسي الإعتراف @ نهج البلاغة @ المسابقة الرمضانية لسنة 1437 هجري @ قصص الأنبياء والمرسلين @ الإمام علي (ع) @ تصاميم الأعضاء الخاصة بأهل البيت (ع) @ المسابقة الرمضانية لعام 1439هجري @ الإعلانات المختلفة لأعضائنا وزوارنا @ منتدى إخواننا أهل السنة والجماعه @


تصليح تلفونات | تصليح تلفونات | تصليح سيارات | تصليح طباخات | تصليح سيارات | كراج متنقل | تصليح طباخات | تصليح سيارات |