أوان الرحيل

[المهندسة روض المولى]

أوان الرحيل

رسالة إلى أمي
أماه .. أكتب إليكِ من تحت التراب .. من قبر ليس بقبر و من منفىً داخل الوطن .
أماه .. حين أخبروني أني سأحصل على إجازة , أردت أن أركب السحاب لأصل إليكِ .. أردتُ أن أستعير أجنحة الطيور علني أصل مسرعاً .. لهذا اتصلت بكِ في ذلك الصباح الصيفي الجميل لأخبركِ , أنني سأكون معكم على مائدة الغداء .
أماه .. لم أصدق من حذرني من الخيانة ..... لم أرد أن أصدق .
أماه .. حين أن أنهيت اتصالي بك , أفقت من الحلم .. على كابوس . و علمت أني لن أراكِ من جديد .
أماه .. حين قيدوني , نظرت إلى السماء و قلت وداعاً أيتها الشمس .. وداعاً أيتها الطيور .. وداعاً يا سماء بلادي .
أماه .. حين سددوا سلاحهم نحوي تناهت إلي صورتك و أنت تستقبلين الخبر .. و نظرت إلى ماء دجلة الذي أصبح أحمر لكثرة ما أريق فيه من الدماء .
أماه .. أمازال ماء دجلة أحمر ؟ أم أنه ابتلع دماءنا و صمت . و هل شعرتِ بدمائي حين شربت الماء في ذلك اليوم ؟
أتعلمين يا أمي أنهم وضعوني في حفرة و أهالوا علي التراب .. لم يكن قبراً لم تكن ملحودة بل أردوا أن يواروا سوءتي كما فعل قابيل بأخيه أو ظنوا أن الله لا يرى ؟
أماه .. كان القبر مظلماً و خانق .. شعرت برائحة جسدي تمتزج برائحة دمائي ..لم تكن رائحة تعرقي بل رائحة لحمي المتفسخ .
أماه .. حين بدأت ديدان الأرض تهاجمني و تأخذ مني ما تريد , تمنيت وجودك عندي كي تبعديها إذ لم يكن بإمكاني فعل ذلك .
أماه .. كان القبر موحشاً .. موحش .. موحش .
أماه .. قالوا أن سبب قتلي لم يكن طائفياً !! . فلماذا سألوني عن مذهبي قبل أن يقتلوني ؟ و لماذا تركوا من لم يكونوا على مذهبي ؟
أماه .. إن ذهبت يوماً إلى النجف ووقفتِ أمام الضريح فقولي له (يا علي من أجلك قُتلنا و في حبك أوذينا) .
أماه .. حين أخرجوا رفاتي من القبر كنت أسأل نفسي "هل ستعانقين رفاتي ؟ أم أنك سوف تأنفين مني؟" .
و أعود لأسأل يا أمي .. لماذا فعلوا ذلك بي ؟ ما ذنبي ؟ هل لأن موعد رحيلي قد أتى ؟ أم أنني مضيت قبل أوان الرحيل ؟

المصدر: منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي - من قسم: الشعر الفصيح والخواطر

---

H,hk hgvpdg