2014/07/15, 09:52 PM | #1 |
معلومات إضافية
|
كيف يقابل المسلمون فتن ما قبل الظهور؟!
كيف يقابل المسلمون فتن ما قبل الظهور؟! الشيخ علي آل زايد* - « شبكة راصد » - العاقل من يتحرى الخلاص من الفتن: حين يسمع العاقل من مصادر موثقة بأن ثمة انفجاراً سيحدث في بلد معين، فلا شك أنه سيتوخى الحذر من أن يكون في ذلك البلد ساعة الانفجار، وحين يعلم بأن ثمة غباراً مليئاً بالميكروبات سيمر ببلده، فلا شك أنه سيتخذ كل أسباب الحيطة والحذر، حتى لا يصاب من ذلك الوباء المقبل، وهكذا حين يسمع من المعصوم بأن البلاد الإسلامية ستمر بها فتن عصيبة، فلا شك أنه سيبادر بالبحث عن سبيل الخلاص منها، وهذا فعلاً ما فعله عبد الله بن مسعود حين سمع من رسول قوله: «تكون فتنة، النائم فيها خير من المضطجع، والمضطجع فيها خير من القاعد، والقاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي خير من الراكب، قتلاها كلها في النار!»، فسأله قائلاً: «يا رسول الله ومتى ذلك؟ قال: ذلك أيام الهرج.» ثم سأله سؤالاً آخر: «ومتى أيام الهرج؟ قال: حين لا يأمن الرجل جليسه.» ثم سأله سؤالاً يرتبط بالبحث عن سبيل النجاة من الفتنة، فقال: «فبم تأمرني إن أدركت ذلك الزمان؟ قال: اكفف نفسك ويدك وادخل دارك» [1] . اتجاهات الصالحين أمام فتن ما قبل الظهور: وحيث أننا لسنا في زمن المشافهة مع المعصوم، حتى نسأله عن كيفية التعامل مع الفتن المقبلة! لذا لا بد من مراجعة الروايات الواردة، لمحاولة الاستفادة من دلالاتها، لنأخذ منها أفكاراً واضحة، تبصرنا كيفية التعاطي مع الفتن الآتية؛ وبعد الاطلاع القاصر على النصوص الإسلامية، أمكن القول بأن الصالحين في زمن الفتن، والتي تقع بالقرب من عصر الظهور، سيكونون بين ثلاثة اتجاهات، وكل اتجاه له أصل في الروايات دينية، وهي كالتالي: الاتجاه الأول: الحياد وعدم المشاركة في الإصلاح: وهذا الخيار يعني الابتعاد عن أي طرف مشترك في الصراع، سواء كان على المستوى الاجتماعي أو السياسي، فالفرد المنتمي لهذا الخيار ينأى بنفسه عن كل مواطن التوتر، فهو لا يتفوه بأي كلمة تؤخذ عليه لدى أي طرف من الأطراف المتصارعة، وقد يصل به الحذر إلى درجة العزوف، عن المساهمة في أي نشاط ثقافي أو اجتماعي، خشية أن يجره ذلك إلى منزلق التصادم، مع أي جهة لا ترضى بذلك النشاط! ولئلا يصنف بأنه منحاز في موقفه، فيتعرض للأذى من قبل جهة ما، ولعل هذا الخيار هو ما عليه أغلب الصالحين في ذلك الزمان. وهذا الخيار هو من الناحية الشرعية موافق لبعض الروايات الصادرة من كتب الفريقين، والتي تدعو إلى التحلي بالصبر، والابتعاد عن المشاكل لاسيما السياسية منها، ومن هذه النصوص قول رسول الله : «إنها ستكون فتنة، يكون المضطجع فيها خيراً من الجالس، والجالس خيراً من القائم، والقائم خيراً من الماشي، والماشي خيراً من الساعي، قال ـ الراوي ـ: يا رسول الله ما تأمرني؟ قال: مَن كانت له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه» [2] ، وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «أظلتكم فتنة مظلمة عمياء مكتنفة، لا ينجو منها إلا النومة « قيل: يا أبا الحسن وما النومة؟ قال: » الذي لا يعرف الناس ما في نفسه "» [3] ، وعن عبد الله بن عمرو قال: «بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه ـ وآله ـ وسلم إذ ذكروا الفتنة أو ذكرت عنده. قال: إذا رأيت الناس قد مرجت عهودهم وخفت أماناتهم، وكانوا هكذا وشبك بين أصابعه! قال: فقمت إليه، فقلت له: كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك؟ قال: الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ ما تعرف ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة» [4] ، هذا بالإضافة إلى ما جاء في حديث ابن مسعود، الذي سبقت الإشارة إليه في بداية البحث. الاتجاه لثاني: القيام بالإصلاح ولكن بحذر: وهذا الاتجاه يعني أن المؤمن في ذلك الزمان، سيسعى لإصلاح المجتمع بالسبل الممكنة، تطبيقاً للنصوص الداعية للإصلاح، وفي نفس الوقت سيكون حذراً من الوقوع في الفتنة، لمراعاة للأخبار الواردة في هذا الشأن، وهذا الخيار وإن كان عليه القلة من المؤمنين بالمقارنة مع الاتجاه الأول، إلا أنه قد سار عليه عدد كبير من العلماء والمثقفين، وأكدوا عليه عند كلامهم في مسألة الانتظار، ورأوا بأن الانتظار للمصلح العالمي، لا يعني التخلي عن الإصلاح في عصر القلاقل والمحن. ومن هؤلاء العلماء الذين كتبوا مشيرين إلى ضرورة اتخاذ هذا المسلك في عهد الغيبة العلامة المظفر« قدس سره» حيث قال: «ليس معنى انتظار هذا المصلح المنقذ «المهدي» أن يقف المسلمون مكتوفي الأيدي، فيما يعود إلى الحق من دينهم، وما يجب عليهم من نصرته، والجهاد في سبيله، والأخذ بأحكامه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل المسلم أبداً مكلف بالعمل بما أنزل من الأحكام الشرعية، وواجب عليه السعي لمعرفتها على وجهها الصحيح، بالطرق الموصلة إليها حقيقة، وواجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ما تمكن من ذلك وبلغت إليه قدرته» [5] ، ومنهم الإمام الشيرازي« قدس سره» حيث كتب ما نصه: «إن انتظار خوض الصراع بين الشعب وجماهيره وبين الأنظمة، لا يعني انتظاراً بارداً صامتاً ساكناً، وإنما انتظار الصراع يعني إعداداً دائماً ومستمراً من أجل ساعة المواجهة» [6] . ولسان حال هذا الخيار يقول: بأن مسؤولية الأمر المعروف والنهي عن المنكر لا تسقط عن كاهل المكلف إلا بمقدار الضرر فقط! وهو بذلك يُخَطِّئ أصحاب الخيار الأول الذي تبنى الحيطة بشكل مفرط، إلى درجة الانزواء عن إصلاح المجتمع! ومن الأحاديث التي تدعم هذا الاتجاه، ما ورد عن النبي صلى الله عليه واله: «طوبى للغرباء، قيل: ومَن الغرباء؟ قال: قوم يصلحون حين يفسد الناس» [7] . بيد أن أصحاب هذا الاتجاه مع أنهم يتبنون الإصلاح في المجتمع، إلا أنهم يأخذون الحيطة والحذر أمام الفتن والقلاقل، بمعنى أنهم يحاولون أن لا يكونوا طرفاً في أي صراع اجتماعي أو سياسي، مستبصرين بما جاء من النصوص في هذا المجال، والتي منها: قول الإمام الصادق عليه السلام: «يا ابن النعمان إذا كانت دولة الظلم، فامش واستقبل من تتقيه بالتحية، فإن المتعرض للدولة قاتل نفسه وموبقها، إن الله يقول: ﴿ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾[8] » [9] ، نعم قد تصل النوبة عند هؤلاء إلى السكوت أمام المنكرات، خشية الضرر على أنفسهم، فيكون حالهم حال من تحدث عنهم الإمام الصادق عليه السلام في وصفه لآخر الزمان، حيث قال: «ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينكر إلا بقلبه» [10] . والإمام يتحدث هنا عن آخر الزمان، الذي تتقلب فيه الأحوال والموازين، وتكون السيطرة فيه لأناس يحكمون بغير ما أنزل الله! فيرى أصحاب هذا الاتجاه، أن تكليفهم الشرعي يقتصر على الإنكار بالقلب، حفاظاً على النفس من التلف، من قبل أناس قد تخلو عن المبادئ والقيم، وتقمصوا الثقافة الدخيلة على المجتمع الإسلامي! وقد جاءت نصوص تشير إلى أن المؤمن في ذلك الزمان يلتزم الصمت، ولعل الالتزام بالصمت يعود إلى الأسباب التالية: السبب الأول: لعلمه بعدم الفائدة من إنكاره، وذلك لعدم القبول منه، باعتبار أن منهجه وتوجهه يختلف عن منهج وتوجه من يريد نصحهم! وقد أشار الإمام الصادق لهذا السبب بإيجاز فقال: «ورأيت المؤمن صامتاً لا يقبل قوله» [11] . ولهذا دعا أمير المؤمنين معاشرة الناس في ذلك الزمان معاشرة ظاهرية، حيث قال لمن سأله: كيف العيش في ذلك الزمان؟ فقال : «خالطوهم بالبرانية، وخالفوهم في الباطن، للمرء ما اكتسب، وهو مع من أحب، وانتظروا مع ذلك الفرج من الله عز وجل.» [12] . السبب الثاني: لعلمه بأن إنكاره سيجلب له الأذى من قبل مخالفيه! بمعنى أن المجتمع سيرزح في يوم من الأيام تحت وطأة الفساد، ويمنع الناصح من التفوه بكلمة الحق، لأن القوانين المعمول بها تنص على معاقبة من يتجرأ على قول الحق أو إنكار الباطل، وقد يعاقَب المنكِر من قبل أناس لا خلاق لهم في الدين، الذين يعملون ما يحلو لهم من فساد، ومن يعترض عليهم يقابلونه بالعنف! ولعل الأنظمة القائمة في ذلك العصر تساند تصرفاتهم! وهذا للأسف ما سيؤول إليه المجتمع الإسلامي، الذي تنبأ به الرسول ، حين قال: «كيف بكم إذا فسدت نساؤكم، وفسق شبابكم ولم تأمروا بالمعروف، ولم تنهوا عن المنكر!...» [13] ، وقد أشار النبي إلى هذا السبب بقوله: «ستكون فتن لا يستطيع المؤمن أن يغير فيها بيد ولا لسان، فقال علي بن أبي طالب : وفيهم يومئذ مؤمنون؟ قال: نعم. قال: فينقص ذلك من إيمانهم شيئاً؟ قال: لا، إلا كما ينقص القطر من الصفا، إنهم يكرهونه بقلوبهم» [14] . السبب الثالث: أن يقوم المؤمن بذلك تعبداً وامتثالاً لما ورد من نصوص داعية للسكوت، ومن هذه النصوص: عن أبي الجارود، عن أبي جعفر ، قال: قلت له: أوصني، فقال: «أوصيك بتقوى الله، وأن تلزم بيتك، وتقعد في دهماء هؤلاء الناس، وإياك والخوارج منا فإنهم ليسوا على شيء ولا إلى شيء - إلى أن قال - واعلم أنه لا تقوم عصابة تدفع ضيماً أو تعز ديناً، إلا صرعتهم البلية حتى تقوم عصابة شهدوا بدراً مع رسول الله ، لا يوارى قتيلهم، ولا يرفع صريعهم، ولا يداوي جريحهم» فقلت: من هم؟ قال: الملائكة» [15] ، وعن سدير قال: قال أبو عبد الله : يا سدير الزم بيتك، وكن حلساً من أحلاسه، واسكن ما سكن الليل والنهار، فإذا بلغك أن السفياني قد خرج، فارحل إلينا ولو على رجلك» [16] . وعن جابر، عن أبي عبد الله أنه قال: «يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم. فيا طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان - إلى أن قال: - قال جابر: فقلت: يا بن رسول الله، فما أفضل ما يستعمله المؤمن في ذلك الزمان؟ قال: حفظ اللسان، ولزوم البيت» مستدرك سفينة البحار - الشيخ علي النمازي الشاهرودي - ج 4 - ص 311 سؤال: أليس الساكت عن الحق شيطان أخرس؟ وقد يعترض البعض ويقول: ولم يسكت المؤمن؟ أليس الساكت عن الحق شيطان أخرس؟ الجواب: بلى، ولكن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مشروط بشروط واضحة في كتب الفقهاء، ومن جملة تلك الشروط: «أن لا يلزم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرر على الآمر في نفسه أو عرضه أو ماله بالمقدار المعتد به، وكذا لا يلزم منه وقوعه في حرج لا يتحمل عادة» [17] ، وأصحاب هذا الخيار يمتثلون لهذا الحكم الشرعي، وقد جاءت أحاديث كثيرة توافق هذا الحكم، ومنها قول الإمام الصادق : «إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتعظ، أو جاهل فيتعلم، وأما صاحب سوط أو سيف فلا» [18] ، وقوله : «يا مفضل من تعرض لسلطان جائر، فأصابته بلية لم يؤجر عليها، ولم يرزق الصبر عليها» [19] . وعن مسعدة بن صدقة قال: سئل جعفر بن محمد عليهما السلام، عن الحديث الذي جاء عن النبي « إن أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر » ما معناه؟ قال: هذا على أن يأمره بقدر معرفته، وهو مع ذلك يقبل منه، وإلا فلا» [20] . وواضح من الحديث السابق أن الإمام يضع شرطين أساسيين، للقيام بأداء كلمة العدل عند إمام جائر، وهما: معرفة الناصح بما يريد قوله وأنه موافق للحق، وقبول المنصوح من دعوة الناصح. وقال النبي : «ستغربلون حتى تكونوا في حثالة من الناس، قد مرجت عهودهم، وخربت أماناتهم، فقال قائل: كيف بنا يا رسول الله؟ فقال: تعملون بما تعرفون، وتتركون ما تنكرون، وتقولون: أحد أحد! انصرنا على من ظلمنا واكفنا من بغانا» [21] . وواضح من هذه الرواية أن المجتمع سينتابه ظلم من قبل من يتولى الحكم عليه، ولعل أصحاب هذا الاتجاه ملتفتون لهذا النص، ولذلك هم مفضلون خط الصبر ـ الذي قد يسميه البعض خط الذل والهوان ـ على خط المواجهة الذي يطلق عليه خط الأحرار والنضال. الاتجاه الثالث: القيام بالإصلاح مع مواجهة التحديات: أي أن أصحاب هذا الاتجاه سيتبنون خياراً قاسياً في حياتهم، وهو اختيار طريق ذات الشوكة، وهو ما يعبر عنه أحياناً بخيار المواجهة، بمعنى أنهم سيكونون أحد الأطراف المتصارعة اجتماعياً أو سياسياً، فهم معارضون مع كل من يشعرون بأنه حائد عن الدين، سواء كان فرداً أو جماعة أو تكتلاً أو حتى حكومة، وفي أدبيات هذا الاتجاه الدينية والثقافية أنه لا مانع من تقديم الغالي والرخيص، قرباناً في سبيل إعلاء كلمة الإسلام، وأصحاب هذا الخيار هم الأندر من الناس عادة، كما أن أصحاب هذا الاتجاه لديهم أدلة كافية، تسوغ لهم المضي قدماً للسير نحو هذا الطريق، فهم يرون بأن هذا الدرب هو درب الأحرار، وخط الشهداء، وهو بالتالي الطريق الموصل إلى رضوان الله تعالى، ومن أبرز تلك الشواهد التي يستدل بها على متانة وقوة هذا المسار، ما جاء عن الإمام الحسين قوله: «أما بعد فقد علمتم أن رسول الله قد قال في حياته: «من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ثم لم يغير بقول ولا فعل، كان حقيقاً على الله أن يدخله مدخله» [22] ، وما قاله الإمام علي - لما خرج على أصحابه محزوناً يتنفس - فقال: «كيف أنتم وزمان قد أظلكم! تعطل فيه الحدود ويتخذ المال فيه دولاً، ويعادى [فيه] أولياء الله، ويوالي فيه أعداء الله؟!. قلنا: [يا أمير المؤمنين] فإن أدركنا ذلك الزمان فكيف نصنع؟ قال: كونوا كأصحاب عيسى ، نشروا بالمناشير، وصلبوا على الخشب، موت في طاعة الله عز وجل خير من حياة في معصية الله» [23] ، وما نبأ به الرسول بقوله: «سيكون عليكم أئمة يملكون أرزاقكم، يحدثونكم فيكذبونكم، ويعملون فيسيئون العمل، لا يرضون منكم حتى تحسنوا قبيحهم، وتصدقوا كذبهم، فأعطوهم الحق ما رضوا به، فإذا تجاوزوا فمن قتل على ذلك فهو شهيد» [24] . فالرسول في هذا النص أوضح ما لا يدع مجالاً للشك، بأن تكليف المؤمن في عصر المحن، أن يتحمل مرارة الحاكم ـ الذي بيده أرزاق الناس كالوظائف والتعليم الموصل للتوظف ـ إلى حد ما، فإذا تجاوز الحدود المعقولة، بحيث أصبح الناس في نظره كالعبيد، يبتغي منهم السمع والطاعة في كل شيء، دون أن يقدم لهم ما يجب عليه فعله، ففي هذه الحال أرخص النبي ، للمؤمن أن ينتفض عليه معترضاً ومنتقداً لسياسته، وإذا قتل في سبيل ذلك فهو شهيد. أقول: وما دام أن الحاكم يتسم بالتجبر والطغيان، فإن اختيار هذا المسلك، لاشك سيخلف وراءه خسائر كثيرة في الأرواح والممتلكات، فضلاً عن الجرحى والأسرى والمشردين، بل وسيبتلى المجتمع بأزمات نفسية واجتماعية، مما يسبب تصدعاً كبيراً في كيان البنية الدينية، وقد يؤدي إلى تأجج صراع بين أبناء الطائفة الواحدة، بسبب ما يرون من تفاقم للمشاكل الحياتية، فيرمي البعض الآخر بالتهور والاستعجال والتسبب في إراقة الدماء! ويقذف الآخر المخالف له بعار الجبن والانبطاح والخذلان! مما قد يؤدي إلى انفلات الأعصاب عند بعضهم، فيتسرع البعض بالبصق في وجه الآخر، ويرميه بالكذب والافتراء! وقد جاء في الرواية ما يشير إلى ذلك، يقول أمير المؤمنين : «فو الذي نفسي بيده، ما ترون ما تحبون حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض، وحتى يسمي بعضكم بعضاً كذابين...» [25] . أعمال تقتضي النجاة من الفتن: يجب على المؤمن أن يعي بأن شدة الفتن في آخر الزمان مؤشر واضح على قرب ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، بل جاءت روايات تدعو المؤمنين أن لا يكرهوا فتن آخر الزمان بل عليهم أن يتمنوها، لأنها السبيل للخلاص من المنافقين والجبابرة، قال رسول الله : «لا تكرهوا الفتنة في آخر الزمان، فإنها تبير المنافقين» [26] ، وقال الإمام الصادق : «تمنوا الفتنة، ففيها هلاك الجبابرة، وطهارة الأرض من الفسقة» ولعل الإمام عنى بالتمني حين تمس عصر ما قبل الظهور[27] . ومع أن الفتن هي علامة من علامات الظهور، إلا أن المؤمن ينبغي أن يعرف الطرق التي تخلصه من لهبات الفتن وشرورها، ليحظى بالنجاة والتوفيق لنصرة الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف، ومن خلال الروايات الشريفة يتضح بأن السبيل للخلاص من أهوال الفتن، تكمن في القيام بالأعمال التالية: أولاً: عدم الاقتراب من لهب الفتن: وهذا ما يفيده حديث الإمام علي حيث قال: «لا تقتحموا من فور الفتنة، وأميطوا عن سننها، وخلوا قصد السبيل لها» [28] ، ولكي لا يُستخدَم الفرد مطية لتأجيج الصراع، فعليه أن يجسد ما قاله الإمام : «كن في الفتنة كابن لبون، لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب» [29] . وبالابتعاد عن الفتن ينل واحة الأمان، ولعل العلة من الدعوة إلى التحلي بالصمت وملازمة البيت، الواردة في بعض النصوص، لئلا يقع الإنسان فريسة للهبات الفتن، يقول الإمام علي : «قد لعمري يهلك في لهب الفتنة المؤمن، ويسلم غير المسلم» [30] ، والاحتفاظ بالنفس في عصر ما قبل الظهور موصى به، لنصرة الإمام المهدي لاسيما عند بروز علامة الممهدين من المشرق، حيث وردت رواية عن الإمام أبي جعفر بهذا الشأن تقول: «كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق، يطلبون الحق فلا يعطونه، ثم يطلبونه فلا يعطونه، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يقوموا، ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم، قتلاهم شهداء، أما إني لو أدركت ذلك لأبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر» [31] . ثانياً: التمسك بالقرآن وأهل البيت : حيث جاء عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله : «فإذا التبست عليكم الفتن، كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن، فإنه شافع مشفع وماحل مصدق، ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار...» [32] ، فالقرآن الكريم هو المخرج، ولكن بشرط التسليم بمنطقه، دون إقحام الترسبات الثقافية عليه، ثم العمل بما يوحي من واجبات، وترك ما يزجر من محرمات، فعن هشام بن سالم عن أبي عبد الله قال: «... وقارئ قرأ القرآن فاستتر به تحت برنسه، فهو يعمل بمحكمه ويؤمن بمتشابهه، ويقيم فرائضه، ويحل حلاله ويحرم حرامه، فهذا ممن ينقذه الله من مضلات الفتن، وهو من أهل الجنة ويشفع فيمن يشاء» [33] . وأما ما جاء في التمسك بأهل البيت عليهم السلام ، كسبيل للخلاص من الفتن، فهذا ما ذكره حديث الثقلين المشهور، فعن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله سلم: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي; أحدهما أعظم من الآخر; كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما» [34] . وأكد عليه سلمان المحمدي بقوله: «وإذا رأيتم الفتن نحوكم كقطع الليل المظلم، فعليكم بأهل بيت محمد، فإنهم القادة وإليهم المقادة» [35] . وهذا يعني وجوب معرفة العقائد والأحكام الصحيحة لهذه المدرسة، لئلا يقع الإنسان فريسة التيارات الخبيثة، التي تريد النيل من هذه الثقافة الأصيلة، عبر إشاعة الشبهات العقائدية والشرعية، ولعلها الحرب القادمة كما يقول بعض الأعلام، فعلى العاقل أن يتزود من معين مدرسة أهل البيت عليهم السلام، عبر الاطلاع المكثف فيما يرتبط بالفقه والعقيدة. المصدر: منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي - من قسم: الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) ;dt drhfg hglsgl,k tjk lh rfg hg/i,v?! |
2014/07/15, 10:13 PM | #2 |
معلومات إضافية
|
شكرا لك على الموضوع
وبارك الله بكم تقبلوا مروري المتواضع |
2014/07/16, 02:00 AM | #3 |
معلومات إضافية
|
مهما افعل . ومهما احاول .ومهما أعطي
فلا أملك قلماً كقلمك ولااملك فكرا كف*** ولاابداعا كابداعك إنك تملك قلماً و فكرا وابداعا نادراً ماوجد مثله كم انا سعيدا انك هنا وبيننا في الروقان.. تحياتي لك.. |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الفرق بين علامات الظهور وشرائط الظهور | طبع الشمع | الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) | 5 | 2013/09/22 08:53 PM |
لماذا لم يقاتل المولى علي الصحابة لما هجموا على الزهراء | الهاد | الحوار العقائدي | 4 | 2013/08/02 08:27 PM |
علي الدلفي وفاضل حسن مع المسلمون الصينيون ^_^ | حنين الورد | صور اهل البيت والعلماء ورموز الشيعة | 2 | 2013/06/02 10:02 PM |
الفرق بين علامات الظهور وشرائط الظهور | الفتلاوي2 | الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) | 6 | 2013/03/11 09:49 PM |
ور آسرة للحظات حميمة حين يقابل أشبال الأسد والدهم لأول مرة ليلاعبوه ويقبلوا رأسه! | نسمة الحنان | الصــور العامة | 5 | 2013/02/22 09:06 AM |
| |