Untitled 2
العودة   منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي > منتديات اهل البيت عليهم السلام > سيرة أهـل البيت (عليهم السلام)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018/04/06, 09:33 AM   #1
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي الغدر .. آخر الطريق

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين

وفي قصر الخلافة كان هارون يفكّر .. ويدبّر ، فقُتل كيف فكّر ، ثمّ قُتل كيف فكّر .. ها هو يتهامس مع يحيى بن خالد وقد بدت عيونهما تبرقان دناءةً وغدراً .. وبينهما طبق فيه عنقود عنب وفيه رطب ..

الزمن يمضي واهناً وقد بدت النجوم بين أكوام الغيوم قلوباً حزينة تنبض بالألم .. وكان القمر يختفي ويظهر .. يشرق ويغيب.

وفي منتصف تلك الليلة .. وفيما كانت السحب الدكناء تحتشد في السماء أيقظ يحيى بن خالد مديرَ الشرطة السنديَّ بن شاهَك ؛ ليسلّمه طبقاً مترعاً بالرطب والعنب والغدر ..

أدرك السنديّ أن اللحظة الرهيبة قد حلّت .. دلف إلى السرداب .. كان يتألق بأنوار المشاعل .. وكان عليّ بن سويد ما يزال يشهق بعبرته .. رفسه السندي وخاطبه بفظاظة :

ـ أنت ما تزال هنا ..

اقترب ابن سويد من سيّده العظيم ، قبّل يده ، شدّ عليها مودِّعاً .. كانت آثار القيود ما تزال محفورة ، همس بحزن :

ـ قلبي يحدّثني أنني لن أراك يا سيدي.

ـ ستراني قريباً.

سأل بلهفة :

ـ متى يا سيدي ؟

ـ يوم الجمعة.

ـ أين يا ابن رسول الله ؟!

ـ على الجسر ببغداد.

جذبه السندي من يده :

ـ أُخرج يا رافضيّ.

خرج عليّ وقد ملأ الأمل قلبَه وروحه ..

خرج ليبشر المستضعفين والمقهورين .. خرج ليقول أن اليوم الذي ينتظرونه قد دنا .. إنْ هي إلّا أيّام ثلاثة وتكتحل العيون .. وتبتهج القلوب بيوم الخلاص .. يوم الحريّة .. ذلك وعد غير مكذوب.

جثم صمت رهيب فوق المكان .. في ذلك السرداب البعيد عن سطح الأرض .. في ذلك القبو كان موسى يستعدّ للرحيل .. للخلاص .. وقف مدير الشرطة ينظر إلى سجينه .. وقد وضع بين يديه طبقَ « الخلافة » .. طبقاً مليئاً بالرطب وبالعنب.

صفّق السندي بيديه .. فاقتحم الشرطة المكان .. وجوه قاسية جامدة .. منحوتة من صخر ، وقلوب مصبوبة من الرصاص ، وقد دقت الساعة النحاسية آخر دقّات الليل .. سقطت اثنتا عشرة كرة من نحاس .. رنّت في منتصف الليل.

في ذلك الزمن النحاسي مدّ موسى يده المعروقة ليتناول رطباً مسموماً وعنباً ..

نظر الإمام إلى نقطة ما في سقف السرداب .. كانت نظراته تخترق القضبان والصخور والظلام ، همس بصوت حزين :

ـ يا ربّ .. إنّك تعلم أنّي لو أكلتُ قبل اليوم كنتُ قد أعنتُ على نفسي ..

غمغم السندي بصوت أجشّ :

ـ كُلْ يا موسى ، إنه رطب لذيذ خصّك به الخليفة من دون الناس. نحن في الشتاء وهذه فاكهة الصيف !

كان الإمام يلوك على مضض رطباً مسموماً ، وعنباً.

أمسك الإمام ولاذ بمحراب الصمت.

قال السندي :

ـ زِدْ على ذلك يا موسى.

رمقه الإمام بحزن :

ـ حسْبك ، قد بلغتَ ما تحتاج إليه !.

السمّ يسري في الجسد الواهن .. ورياح الشتاء تعصف ترشق النوافذ .. تدفع الأبواب الخشبية .. تُولول في الأزقة ، تجوس خلال الديار ، تعصف بشواهد القبور .. بغداد غارقة في الليل والظلام ، نوافذها مطفئة ما خلا نوافذ القصور المنيفة تتدفّق منها أنوار حمراء وموسيقى وأصوات ناعمة ..

« الخليفة » يقضي ليله مع الجواري الحِسان .. والألحان .. والقيان ، حتّى يطلع الصباح ، وتكفَّ شهرزدادُ عن الكلام المُباح.

وفي السماء .. كانت السحب الدكناء تتراكم بعضها فوق بعض .. بدت أكوام الغيوم لوحةً مشحونة بالمطر ..

تشكّلت خلجان ومرافئ وبحيرات وتلال وجبال .. وكانت الرياح تعصف .. تدور في الغيوم.

اختفت المرافئ ، وتهاوت التلال وتلاشت الخلجان ، وكان القمر يفرّ خائفاً ، لكأنه يبحث عن بقعة صافية في السماء .. ولكن لا جدوى ، غرق القمر .. اندثر تحت ركام السحب .. وبدا الجوّ مشحوناً ..

فجأة انفجر البرق .. توهّج كسوط سماويّ .. جلجل الرعد في الفضاء اللانهائيّ ، دارت معركة في السماء .. وكانت الصواعق تضيء كسيوف أُسطورية ، وقد بدت السماء تنوء بثقل الغيوم ..

وأخيراً .. تدفّق المطر من خلال ركام الغيوم عنيفاً غزيراً .. راحت ميازيب المدينة الغارقة في الليل والمطر .. تنشج .. وقد بدا جسر الرصافة حيث يخترق دجلة المدينة .. بدا في تلك الليلة المطيرة ثعباناً أسطورياً جاثماً فوق النهر .. ورجال الشرطة يهرولون .. يطرقون بعض الأبواب الكبيرة في المدينة ..

استحال قصر السندي حيث يقبع السجن الخاصّ لمدير شرطة بغداد .. استحال تلك الليلة إلى معسكر أُعلنت فيه حالة إنذارٍ قصوى ..

الأعصاب متوتّرة ، والأحذية الثقيلة تهزّ القاعات والأروقة .. وصهيل خيل الدوريات يوقظ النائمين .. وكان المطر ما يزال ينهمر بغزارة ، والرعود تدوّي .. و « الخليفة » يحدّق في الظلام ، مسّه طائف الأرق ..

وحده كان موسى هادئاً .. تغمره حالة من الطمأنينة والسلام .. وحده كان يمثّل النقطة المضيئة وسط الظلام .. وحده في وسط الإعصار حيث تدور الدوّامة الرهيبة .. توجد نقطة هادئة .. هي المركز ..

كان موسى في تلك النقطة الهادئة .. العالَم من حوله يموج بالمؤامرة .. بالغدر بالخسة والدناءة .. أمّا هو فقد بدا في تلك اللحظات رجلاً يشبه المسيح عيسى بن مريم ..

السرداب ما يزال مفعماً بالسلام .. وقد جلس موسى .. ينوء بآلام الإنسان .. السمّ يسري في أنحاء البدن المعذَّب .. كشرطة الدوريات تجوس خلال المدينة .. تدوس ورود البنفسج وتسحق رؤوس الأطفال .. تبقر بطون النسوة .. وتحيل شوارع المدينة إلى أنهار تتدفق دماءً وعذابات وآهات.

وقف السندي قلقاً .. سرت في جسمه رعدة .. وكان يبذل جهداً جبّاراً للحفاظ على توازنه .. خاطب كاتب الضبط بقسوة :

ـ إستعدّ .. سيأتي الشهود .. سَجّل الشهادات بدقة والأسماء والعناوين .. سجّل كلَّ شيء .. كل شيء ، أفهمت ؟

ـ نعم يا سيّدي.

ارتفعت جلبة .. أُحضر الشهود ، كانوا ثمانين من أهل بغداد من أهل القصور المنيفة.

وقفوا جميعاً ينظرون إلى موسى .. موسى الذي أرعب هارون .. أحال لياليه إلى أرق .. وقفوا يتطلعون إلى وجه أسمر يتألق بطيوف النبوّات .. رجل لم يقهره هارون .. لم تصرعه الدنيا .. ظلّ ثابتاً كجبل ، قويّاً كإعصار .. طاهراً كقطرات الندى ..

قال السندي بلهجة مترعة بالدجل :

ـ انظروا إلى هذا الرجل .. هل حدث به شيء ؟ إن الناس يزعمون .. أنه قد فُعل به مكروه .. يُكثرون من ذلك .. هذا منزله .. انظروا : قناديل .. مشاعل .. وهذا فراشه .. إنه يعيش في سعة .. لم يقصّر الخليفة في التوسعة عليه .. لا يعيش في ضيق .. لم يُرد به الخليفة سوءً .. لقد حبسه فقط .. حبسه ليناظره .. وها هو موسّع عليه فاسألوه !

لم يجرؤ أحد على السؤال ..

عاصفة من الشكّ تجتاج المكان تعصف بالرؤوس .. قال موسى بصوت أوهنه العذاب :

ـ أمّا ما ذُكر من التوسعة ، وما أشبه ذلك ، فهو على ما ذُكر .. غير أنّي أخبركم أيها النفر .. أنّي قد سُقيت السمَّ في تسع تمرات .. إنّني أموت ..

انهار السندي .. أُسقط ما في يده ، لقد تكشّفت خيوط جريمته. لعبة قديمة .. يلعبها الطغاة .. يقتلون الإنسان من الداخل .. خنجر لا يراه أحد .. يأتي الطبيب .. يُجري فحوصات على سلامة الجسم من كل شدّة خارجية .. جرح ، سوط عذاب .. يسجل شهادته : مات حتف أنفه .. ولكنّ الجوع والسم والعذاب .. كلّ هذا لا يحسب له طبيب السجن حساباً !



hgy]v >> Nov hg'vdr



توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس
قديم 2018/04/07, 04:10 PM   #2
عاشق نور الزهراء


معلومات إضافية
رقم العضوية : 1213
تاريخ التسجيل: 2013/03/14
الدولة: Canada
المشاركات: 14,823
عاشق نور الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : عاشق نور الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور عاشق نور الزهراء
افتراضي

بارك الله بكم وجزاكم خير الجزاء
لروعة ما تنشرون
من إبداع وعطاء
تقبلوا مروري مع شكري وتقديري


توقيع : عاشق نور الزهراء
تفضلوا بزيارة صفحة منتدياتكم المباركة على الفايسبوك على الرابط التالي :
https://www.facebook.com/she3aalhsen?ref=hl
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الغدر, الطريق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع


الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الشيعة ضحايا الغدر الأموي شجون الزهراء الحوار العقائدي 3 2015/05/29 02:46 PM
ماهو دور المرأة الغير متزوجة خادمة ألكوثر بنات الزهراء 3 2014/07/18 02:50 PM
الغدر والخيانة وأثارهما النبأ العظيم المواضيع الإسلامية 5 2013/09/25 10:58 PM
الغير متزوجه أريج المهدي بنات الزهراء 12 2013/03/24 01:05 PM
سيف الغدر لهيب العراقية الشعر الشعبي 2 2012/08/15 09:48 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي
|

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى || SiteMap Index


أقسام المنتدى

المنتــديات العامة @ السياسة @ المناسبات والترحيب بالأعضاء الجدد @ منتديات اهل البيت عليهم السلام @ سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) @ الواحة الفاطمية @ الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) @ الادعية والاذكار والزيارات النيابية @ المـدن والأماكن المقدسة @ المـنتـديات الأدبيـة @ الكتاب الشيعي @ القصة القصيرة @ الشعر الفصيح والخواطر @ الشعر الشعبي @ شباب أهل البيت (ع) @ المنتـديات الاجتماعية @ بنات الزهراء @ الأمومة والطفل @ مطبخ الاكلات الشهية @ المنتـديات العلمية والتقنية @ العلوم @ الصحه وطب أهل البيت (ع) @ الكمبيوتر والانترنيت @ تطبيقات وألعاب الأندرويد واجهزة الجوال @ المنتـديات الصورية والصوتية @ الصوتيات والمرئيات والرواديد @ الصــور العامة @ الابتسامة والتفاؤل @ المنتــــديات الاداريـــة @ الاقتراحات والشكاوي @ المواضيع الإسلامية @ صور اهل البيت والعلماء ورموز الشيعة @ باسم الكربلائي @ مهدي العبودي @ جليل الكربلائي @ احمد الساعدي @ السيد محمد الصافي @ علي الدلفي @ الالعاب والمسابقات @ خيمة شيعة الحسين العالميه @ الصــور العام @ الاثـــاث والــديــكــورآت @ السياحة والسفر @ عالم السيارات @ أخبار الرياضة والرياضيين @ خاص بالأداريين والمشرفين @ منتدى العلاجات الروحانية @ الابداع والاحتراف هدفنا @ الاستايلات الشيعية @ مدونات اعضاء شيعة الحسين @ الحوار العقائدي @ منتدى تفسير الاحلام @ كاميرة الاعضاء @ اباذر الحلواجي @ البحرين @ القران الكريم @ عاشوراء الحسين علية السلام @ منتدى التفائل ولاستفتاح @ المنتديات الروحانية @ المواضيع العامة @ الرسول الاعظم محمد (ص) @ Biography forum Ahl al-Bayt, peace be upon them @ شهر رمضان المبارك @ القصائد الحسينية @ المرئيات والصوتيات - فضائح الوهابية والنواصب @ منتدى المستبصرون @ تطوير المواقع الحسينية @ القسم الخاص ببنات الزهراء @ مناسبات العترة الطاهرة @ المسابقة الرمضانية (الفاطمية) لسنة 1436 هجري @ فارسى/ persian/الفارسية @ تفسير الأحلام والعلاج القرآني @ كرسي الإعتراف @ نهج البلاغة @ المسابقة الرمضانية لسنة 1437 هجري @ قصص الأنبياء والمرسلين @ الإمام علي (ع) @ تصاميم الأعضاء الخاصة بأهل البيت (ع) @ المسابقة الرمضانية لعام 1439هجري @ الإعلانات المختلفة لأعضائنا وزوارنا @ منتدى إخواننا أهل السنة والجماعه @


تصليح تلفونات | تصليح تلفونات | تصليح سيارات | تصليح طباخات | تصليح سيارات | كراج متنقل | تصليح طباخات | تصليح سيارات |