|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2014/02/02, 08:04 AM | #1 |
معلومات إضافية
|
لمحات عن المصائب التي اعترضت حياة زينب عليها السلام منذ طفولتها
صحيح ان كل الناس لا تخلو حياته من الهموم والمتاعب والآلام من غير فرق بين عامة الناس وبين ذوي الجاه والسلطان والثراء ، وقديما قيل : اذا انصفك الدهر فيوم لك ويوم عليك ، ومن الذي استطاع في حياته ان ينجو من البلاء والنكبات وأن يحقق جميع رغباته وما يطمح اليه في حياته ، ولم يبتلى اما بنفسه او بعزيز من أعزائه وأبنائه او بأشخاص من خارج اسرته ينغصون عليه حياته . ولكن من غير المألوف ان يكون الإنسان مستهدفاً للمحن والأرزاء والمصائب منذ طفولته وحتى اخر لحظة من حياته وأن يعيش في خضم الاحداث والمصائب والأرزاء كما عاشت عقيلة الهاشميين التي احاطت بها الشدائد والنوائب من كل جهاتها وتوالت عليها الواحدة تلو الاخرى حتى وكأنها واياها على ميعاد وأصبحت تعرف بأم المصائب اكثر مما تعرف =============== ( 109 ) باسمها . فقد شاهدت جدها المصطفى وهو يصارع الموت وأمها وأبوها وخيار الصحابة يتلوون بين يديه مذهولين عن كل شيء إلا عن شخصه الكريم ومصير الإسلام من بعده ، وشاهدت وفاته وانتقاله الى الرفيق الأعلى وفجيعة المسلمين به وبخاصة ابيها وامها ، وسمعت اباها امير المؤمنين يقول يومذاك : لقد نزل بي من وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ما لم اكن أظن الجبال لو حملته عنوة كانت تنهض به ، ورأيت الناس من اهل بيتي ما بين جازع لا يملكن جزعه ولا يضبط نفسه ولا يقوى على حمل ما نزل وحل به ، وبين من أذهب الجزع صبره وأذهل عقله وحال بينه وبين الفهم والافهام والقول والإسماع . وليس ذلك بغريب ولا مستهجن اذا أصيب اهل البيت بذلك وأكثر منه فان تأثير المصائب والاحداث انما يكون حسب جسامتها وما يرافقها ويحدث بعدها على ذوي الفقيد وعلى مجتمعه ، وأهل البيت (عليهم السلام) من أعرف الناس بمقام النبي وأكثرهم انصهارا بمبادئه ورسالته وبما قدمه للبشرية في كل عصر وزمان ويدركون الاخطار التي ستحيط بالرسالة وبهم ممن لم يخالط الإسلام قلوبهم وممن كانوا ينتظرون وفاته بفارغ الصبر . هذا بالإضافة الى انه كان قد حدث اهل بيته بكل ما سيجري عليهم من بعده وكرره على مسامعهم اكثر من مرة تصريحاً وتلويحاً ، وحتى ساعة وفاته كان ينظر اليهم ويبكى وقال لمن سأله عن بكائه : ابكي لذريتي وما يصنعه معهم شرار أمتي من بعدي . لقد شاهدت زينب كل ذلك وكانت تتلوى وتتألم الى جانب امها وأبيها ، وشاهدت محنة امها الزهراء وبكائها المتواصل على ابيها في بيت الاحزان ، ودخول القوم الى بيتها وانتهاك حرمتها واغتصاب حقها وارثها واسقاط جنينها ، وهي تستغيث وتناشد القوم ان يراعوا وصية =============== ( 110 ) رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فيها وفي اهل بيته فلا تغاث ، هذا وبلا شك فان العقيلة يومذاك كانت تتلوى وتصرخ الى جانب امها وتكاد صرختها تخرج من حشاها اللاهب الذي يقطعه الاسى والألم ، وبعد أيام معدودات من مواقف القوم واسقاط جنينها من آثار تلك الصدمة شاهدت امها جثة هامدة على المغتسل تجهزها اسماء بن عميس وجاريتها فضة الى مقرها الاخير بجوار ابيها الذي بشرها بالموت السريع وقال ها : انت اول بيتي لحوقاً بي فابتسمت للموت السريع الذي لا يبتسم له إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً ، ورأت اباها وهو يبكيها ويندبها بقوله : قل يا رسول الله عن صفيتك صبري ورق عن سيدة النساء تجلدي ، لقد استرجعت الوديعة وأخذت الرهينة وستنبئك بتضافر أمتك على هصما فاحفها السؤال واستخبرها الحال ، اما حزني فسرمد وأما ليلي فمسهد ، إلى اخر ما جاء عنه في وداعها وهي تتلوى لفقد امها وما حل بأبيها . وظلت تتجرع آلام تلك الاحداث طيلة حياتها وشاهدت بعد ان اصبحت زوجة وأما لاسرة من أحفاد جدها ابي طالب مصرع ابيها امير المؤمنين وآثار تلك الضربة الغادرة بسيف البغي والعدوان في رأسه وسريان السم في جسده الشريف ودموعه تتحدر على خديه وهو يقلب طرفه بالنظر اليها تارة والى أخويها الحسن والحسين اخرى ويتلوى لما سيجري عليهم من بعده من مردة الأمويين وطواغيتهم . وشاهدت اخاها الحسن السبط أصفر اللون يجود بنفسه ويلفظ كبده قطعاً من آثار السم الذي دسه اليه ابن هند وكان من في البيت قد وضعوا طشتا بين يديه وهو يقذف كبده فيه ، ولما أحس بدخولها عليه كالمذهولة امرهم باخراج الطشت من امامه اشفاقا عليها ، وحينما حمل المسلمون نعشه لمواراته الى جانب مرقد جده كما كان يتمنى رأت عائشة المسماة بأم المؤمنين على بغلة وحولها طواغيت بني أمية وهي =============== ( 111 ) تصيح بأعلى صوتها : والله لا يدفن الحسن مع جده او تجز هذه مشيرة الى ناصيتها وتقول لمن كان محيطا بنعشه من الهاشميين : يا بني هاشم لا تدخلوا بيتي من لا احب وهي لا تملك من البيت غير الثمن من التسع ورأت أخاها الحسين (عليه السلام) حينما واراه في قبره يبكيه بلوعة وأسف ويقول : سـأبكيك مـا ناحت حمـامة ايكـة * وما اخضر في دوح الحجاز قضيب أأدهن رأسـي ام تـطيب مجالسـي * وخــدك معفـور وأنـت سليـب غـريب وأكناف الحجـاز تحوطـه * الاكـل مـن تـحت التراب غريب فلا يفـرح الباقي ببعد الذي مـضى * فكـل فتـى للمـوت فيـه نصيب بكائـي طويـل والـدموع غزيـرة * وأنـت بعيـد والمــزار قـريب ولـيس حريبـاً مـن أصيب بمالـه * ولكـن مـن وارى اخـاه حـريب وكانت العقيلة شريكته في كل ما كان يعانيه لفقد اخيه وما رافق ذلك من أحداث تلت وفاته واستمرت طيلة حياتها في سلسلة من المصائب والأحزان بين الحين والاخر طيلة تلك الأعوام حتى كانت مصيبتها الكبرى بأخوتها وسراة قومها على صعيد كربلاء واشتركت بأكثر فصولها ، ولم يبق غيرها لتلك القافلة من النساء والايتام والاسرى بعد تلك المجزرة الرهيبة وخلال مسيرتها من كربلاء الى الكوفة ومنها الى الشام عاصمة الجلادين . هكذا كانت حياة السيدة زينب من حين طفولتها الى الشطر الاخير من حياتها حياة مشبعة بالأحزان متخمة بالمصائب والآلام وبعد هذه الاشارة الموجزة الى جميع مراحل حياتها يحق لنا ان نتساءل عن مواقفها من تلك الاحداث ، هل أصيبت بما تصاب به النساء وحتى الرجال من الاضطراب ، وهل هيمنت عليها العاطفة العمياء التي لا يبقى معها اثر لعقل =============== ( 112 ) ودين وخرجت عن حدود الاحتشام والاتزان كما يخرج عامة الناس في مثل هذه الحالات والاحداث الجسام . لقد كانت ابنة محمد وعلي وفاطمة وأخت الحسنين وحفيدة أبي طالب أثبت من الجبال الرواسي وأقوى من جميع تلك الاحداث والخطوب التي لا يقوى على مواجهتها احد من الناس ، لقد وقفت في مجلس ابن زياد في الكوفة متحدية لسلطانه وجبروته تنقض عليه كالصاعقة غير هيابة لوعيده ولا لسياط جلاديه ، كما وقفت نفس الموقف في مجلس بن ميسون وأثارت عليه الرأي العام الإسلامي بحجتها ومنطقها مما جعله يتباكى على الحسين ويكيل الشتائم لابن مرجانة كما ذكرنا . لقد تحولت تلك المحن والمصائب بكاملها الى عقل وصبر وثقة بالله ، وكشفت كل نازلة نزلت بها عن اسمى معاني الكمال والجلال في نفسها وعقلها وعن اسمى درجات الايمان والصبر الجميل ولم يكن اعتصامها بالله وثقتها به الا صورة صادقة لاعتصام جدها وأبيها وثقتهما به في أحلك الساعات وأشد الازمات ، وأي شيء أدل على ذلك من قيامها بين يدي الله سبحانه للصلاة ليلة الحادي عشر من المحرم وأخيها الحسين وبنيها واخوتها وأبناء عمومتها وأصحاب اخيها جثث على ثرى الطف تسفى عليهم الرياح ، ومن حولها عشرات النساء والأطفال في صياح وعويل يملأ صحراء كربلاء وجيش ابن زياد وابن سعد يحيط بها من كل جانب . ان صلاتها في تلك الليلة وفي ذلك الجو الذي يذهل فيه الإنسان عن نفسه مهما بلغ من رباطة الجأش وقوة الارادة كصلاة جدها رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في المسجد الحرام في مطلع الدعوة والمشركون يومذاك على شراستهم يحيطون به من كل جانب ومكان يرشقونه بالحجارة وبما أعدوه لإهانته من الأوساخ والنافيات ويتوعدونه بكل انواع الاساءة ، =============== ( 113 ) وكصلاة ابيها امير المؤمنين في وسط المعركة في صفين والقتلى تتساقط عن يمينه وشماله . ومعاوية يحرض جيشه على مواصلة القتال واغتياله بكل الوسائل وكصلاة اخيها سيدة الشهداء في وسط المعركة يوم العاشر من المحرم وسهام اهل الكوفة تنهال عليه من كل جانب ومكان . وان لم يكن لها الا قولها حين مروا بموكب السبايا في طريقهم على مصارع القتلى ورأت أخاها الحسين وبنيها واخوتها وأبناء عمومتها وأنصارهم أشلاء مبعثرة هنا وهناك ان لم يكن لها إلا قولها حين نظرت الى تلك الاشلاء اللهم تقبل منها هذا القربان يكفها لان تكون فوق مستوى الإنسان مهما بلغ من العلم والمعرفة والصبر وقوة الإيمان . وخلال حديثي عن ثورة الحسين (عليه السلام) لقد عرضت بعض الجوانب من مواقف العقيلة في كربلاء خلال المعركة وبعدها وفي الكوفة مع اهالي الكوفة الذي خرجوا يبكون ويندبون الحسين ومن قتل معه ، ومع ابن مرجانة في قصر الخضراء حينما رأت الابتسامة تملأ شدقيه ورأس اخيها سيد الشهداء بين يديه ينكث ثناياه بمخصرته ويتمنى حضور اشياخه الذين صرعهم علي بن ابي طالب والد الحسين في معركة بدر الى غير ذلك من مواقفها الكريمة التي ضربت فيها اروع الأمثلة في البطولات والشمم والمثل العليا ، وبينت بمواقفها للعالم في كل عصر وجيل ان المرأة المسلمة باستطاعتها ان تزعزع عروش الطغاة وفراعنة العصور وأن تقلب الدنيا على رؤوسهم كما فعلت ابنة علي والزهراء . glphj uk hglwhzf hgjd hujvqj pdhm .dkf ugdih hgsghl lk` 't,gjih |
2015/09/21, 02:19 PM | #2 |
معلومات إضافية
|
احسنتم
بارك الله بكم |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
حجاب السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام والسيدة الحوراء زينب عليها السلام | فدك-الزهراء | الواحة الفاطمية | 13 | 2014/08/14 10:18 AM |
لمحات عن حياة العقيلة قبل معركة كربلاء | بسمة الفجر | عاشوراء الحسين علية السلام | 2 | 2013/12/17 06:02 PM |
حجاب السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام والسيدة الحوراء زينب عليها السلام | شجون الزهراء | بنات الزهراء | 3 | 2013/12/08 06:44 AM |
عظم الله أُجورنا وأجوركم بذكرى وفاة اُم المصائب السيدة زينب سلام الله عليها | هو الحق | المناسبات والترحيب بالأعضاء الجدد | 20 | 2013/05/30 08:45 PM |
لمّا ولدت زينب(عليها السلام) جاءت بها أُمّها الزهراء(عليها السلام) | عاشق نور الزهراء | سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) | 2 | 2013/03/19 12:50 AM |
| |