Untitled 2
العودة   منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي > منتديات اهل البيت عليهم السلام > سيرة أهـل البيت (عليهم السلام)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012/12/04, 10:46 PM   #11
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي

الصحائف في الأعناق منشورة ، والأوزار على الظهور مارورة ، لا انفكاك ، ولا مناص ، ولا محيص عن القصاص .
قد أقحمتهم الحجة ، وحَلُّوا في حِيرة المَحجَّة ، وهَمس الضجة ، معدول بهم عن المحجة .

إلا من سبقَتْ له من الله الحسنى ، فنَجا من هول المشهد ، وعظيم المورد ، ولم يكن ممن في الدنيا تمرد ، ولا على أولياء الله تَعنَّد ، ولهم استبعد ، وعنهم بحقوقهم تَفَرَّد .
اللَّهُمَّ فإنَّ القلوب قد بلغت الحناجر ، والنفوس قد علت التراقي ، والأعمار قد نفذت بالانتظار ، لا عن نقص استبصار ، ولا عن اتهام مقدار .
ولكن لما تعاني من ركوب معاصيك ، والخلاف عليك في أوامرك ونهيك ، والتلعب بأوليائك ، ومظاهرة أعدائك .
اللَّهُمَّ فَقرِّب ما قد قرب ، وأورد ما قد دنى ، وحقق ظنون الموقنين ، وبَلِّغ المؤمنين تأميلهم من إقامة حَقِّك ، ونَصر دينك ، وإظهار حُجَّتك ) .
هذا الأدعية وثيقة كاملة ، تحفل بصورة واضحة عن سعة
علم الامام عليه السلام في جميع حقوق المعرفة ، في الظاهر والخفي ، والمعاد وحشر الناس يوم القيامة ، لعرضهم للحساب أمام الله .
وكل واحد منهم يحمل وزره على ظهره ، ومطالبه بما اقترفه في الدار الدنيا ، ولا ينجو من أهوال ذلك المشهد الرهيب ، إلا من سبقت له من الله الحسنى ، ولم يكن من المستعبدين لعباد الله ، ولا من المتمرِّدين على حقوق الله .
كما يبدو من الدعاء تَعريض بِحُكَّام الأمويِّين ، الذين اتخذوا مال الله دولاً ، وعباد الله خولاً ، وإن القلوب قد بَلَغت الحناجر من ظُلمِهم .

منذ نعومة أظفاره بالعلم الغزير ، والمعرفة الواسعة ، فكانوا يرجعون إليه في كل المسائل التي لا يهتدون إلى حَلِّها .
يقول المؤرخون : إن الإمام محمد الباقر ( عليه السلام ) سُئل عن أدَقِّ المسائل فأجاب عنها ، وكان له من العمر تسع سنين .
كما روى المؤرخون : أن رجلاً سأل عبد الله بن عمر عن مسألة ، فلم يقف على جوانبها ، فقال للرجل : اِذهب إلى ذلك الغلام - مشيراً إلى الإمام الباقر ( عليه السلام ) - فاسأله ، وأعلمني بما يجيبك .
فبادر الرجل نحو الإمام وسأله ، فأجابه ( عليه السلام ) عن مسألته ، ثم خَفَّ إلى ابن عمر وأخبره بجواب الإمام ( عليه السلام ) .

عندها أبدى إعجابه بذكاء الإمام ( عليه السلام ) المبكر ، وقال : ( إنَّهم أهلُ بَيتٍ مفهمون )
ولا غرابة في الأمر فالله تعالى خَصَّ أهل البيت عليهم السلام

بالعلم ، والفضل ، والمعرفة ، وَوَهَبهم الكمال المطلق ، الذي يَهِبُه لأنبيائه ( عليهم السلام ) .
وقال
الرسول الاكرم صلى الله عليه واله عن الأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) : ( إِنِّي تَاركٌ فيكم الثقلين ، ما إِنْ تَمسَّكتم بِهِما لن تضلوا أبداً : كِتَابَ الله وَعِترَتي أهل بيتي ) .
فَكل فَرْدٍ من أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) لا تُخفَى عليه أيَّة مسألة تعرض عليه ، لأنهم ( عليهم السلام ) زَقُّوا العلم زَقّاً .
فأخذوه من مصادره الأساسية الصحيحة ، ونشروه على الناس جميعاً ، ليظهروا الحق ، ويُعلُوا كلمة الله جَلَّ شأنُه .

كرامات الامام الباقر عليه السلام




يتميّز الائمه عليهم السلامبارتباطٍ خاصٍّ بالله تعالى وعالَم الغيب ، بسبَبِ مقامِ العصمة والإمامة ، ولَهُم - مثل الأنبياء - معاجزٌ وكرامَاتٌ تؤيِّد ارتباطهم بالله تعالى ، وكونَهم أئمّة . وللإمام الباقر ( عليه السلام ) معاجزٌ وكراماتٌ كثيرةٌ ، سجَّلَتْها كتبُ التاريخ ، ونذكر هنا بعضاً منها :


توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس
قديم 2012/12/04, 10:46 PM   #12
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي

الكرامة الأولى :



عن عباد بن كثير البصري قال : قلت للباقر ( عليه السلام ) : ما حق المؤمن على الله ؟ فصر
ف وجهه ، فسألته عنه ثلاثاً ، فقال : ( من حق المؤمن على الله أن لو قال لتلك النخلة أقبلي لأقبلت ) .
قال عباد : فنظرت والله إلى النخلة التي كانت هناك قد تحرّكت مقبلة ، فأشار إليها : ( قري فلم أعنك ) .
الكرامة الثانية :



عن أبي الصباح الكناني قال : صرت يوماً إلى باب أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) ، فقرعت الباب ، فخرجت إليّ وصيفة ناهد ، فضربت بيدي إلى رأس ثديها ، وقلت لها : قولي لمولاك إنّي بالباب ، فصاح من آخر الدار : ( أدخل لا أم لك ) ، فدخلت وقلت : والله ما قصدت ريبة ولا أردت إلاّ زيادة في يقيني ، فقال : ( صدقت لئن ظننتم أنّ هذه الجدران تحجب أبصارنا كما تحجب أبصاركم ، إذن لا فرق بيننا وبينكم ، فإيّاك أن تعاود لمثلها ) .
الكرامة الثالثة :



أنّ حبابة الوالبية دخلت على الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، فقال لها : ( ما الذي أبطأ بك عنّي ) ، قالت بياض عرض في مفرق رأسي شغل قلبي ، قال : ( أرينيه ) ، فوضع ( عليه السلام ) يده عليه ، ثمّ رفع يده فإذا هو أسود ، ثمّ قال : ( هاتوا لها المرآة ) ، فنظرت وقد أسودّ ذلك الشعر .
الكرامة الرابعة :



عن أبي بصير قال : كنت مع الإمام الباقر ( عليه السلام ) في مسجد رسول الله ص قاعداً ، حدّثنا ما مات علي ابن الحسين عإذ دخل الدوانيقي ، وداود بن سليمان قبل أن أفضي الملك إلى ولد العباس ، وما قعد إلى الباقر ( عليه السلام ) إلاّ داود ، فقال ( عليه السلام ) : ( ما منع الدوانيقي أن يأتي ؟ ) قال : فيه جفاء .
قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( لا تذهب الأيام حتّى يلي أمر هذا الخلق ، فيطأ أعناق الرجال ، ويملك شرقها وغربها ، ويطول عمره فيها ، حتّى يجمع من كنوز الأموال ما لم يجمع لأحد قبله ) ، فقام داود وأخبر الدوانيقي بذلك ، فأقبل إليه الدوانيقي وقال : ما منعني من الجلوس إليك إلاّ إجلالاً لك ، فما الذي أخبرني به داود ؟ فقال : ( هو كائن ) .
فقال : وملكنا قبل ملككم ؟ قال : ( نعم ) ، قال : ويملك بعدي أحد من ولدي ، قال : ( نعم ) ، قال : فمدّة بني أميّة أكثر أم مدّتنا ؟ قال : ( مدّتكم أطول ، وليتلقفن هذا الملك صبيانكم ، ويلعبون به كما يلعبون بالكرة ، هذا ما عهده إليّ أبي ) ، فلمّا ملك الدوانيقي تعجّب من قول الباقر ( عليه السلام ) .
الكرامة الخامسة :



عن أبي بصير قال : قلت يوماً للباقر ( عليه السلام ) : أنتم ذرّية رسول الله ؟ ، قال : ( نعم ) ، قلت : ورسول الله وارث الأنبياء كلّهم ؟ قال : ( نعم ، ورث جميع علومهم ) ، قلت : وأنتم ورثتم جميع علم رسول الله ؟ قال : ( نعم ) ، قلت : وأنتم تقدرون أن تحيوا الموتى ، وتبرءوا الأكمة والأبرص ، وتخبروا الناس بما يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم ؟ قال : ( نعم ، بإذن الله ) .
ثمّ قال : ( أدن منّي يا أبا بصير ) ، فدنوت منه ، فمسح يده على وجهي ، فأبصرت السهل والجبل والسماء والأرض ، ثمّ مسح يده على وجهي ، فعدت كما كنت لا أبصر شيئاً ، قال : ثمّ قال لي الباقر ( عليه السلام ) : ( إن أحببت أن تكون هكذا كما أبصرت ، وحسابك على الله ، وإن أحببت أن تكون كما كنت وثوابك الجنّة ) ، فقلت : أكون كما كنت والجنّة أحب إليّ .
الكرامة السادسة :




عن جابر الجعفي قال : كنا عند الإمام الباقر ( عليه السلام ) نحواً من خمسين رجلاً ، إذ دخل عليه كثير النواء ، وكان من المغيرية فسلّم وجلس ، ثمّ قال : إنّ المغيرة بن عمران عندنا بالكوفة ، يزعم أنّ معك ملكاً يعرّفك الكافر من المؤمن ، وشيعتك من أعدائك ، قال : ( ما حرفتك ؟ ) قال : أبيع الحنطة ، قال : ( كذبت ) .
قال : وربما أبيع الشعير ، قال : ( ليس كما قلت ، بل تبيع النوى ) ، قال : من أخبرك بهذا ؟ قال : ( الملك الذي يعرّفني شيعتي من عدوّي ، لست تموت إلاّ تائها ) . قال جابر الجعفي : فلمّا انصرفنا إلى الكوفة ، ذهبت في جماعة نسأل عن كثير ، فدللنا على عجوز ، فقالت : مات تائها منذ ثلاثة أيّام .
الكرامة السابعة :



عن أبي بصير قال : كنت مع الإمام الباقر ( عليه السلام ) في المسجد ، إذ دخل عليه عمر بن عبد العزيز ، عليه ثوبان ممصران متكئاً على مولى له ، فقال ( عليه السلام ) : ( ليلين هذا الغلام ، فيظهر العدل ، ويعيش أربع سنين ، ثمّ يموت ، فيبكي عليه أهل الأرض ، ويلعنه أهل السماء ) ، فقلنا : يا ابن رسول الله ، أليس ذكرت عدله وإنصافه ؟ قال : ( يجلس في مجلسنا ، ولا حق له فيه ) ، ثمّ ملك وأظهر العدل جهده .
الكرامة الثامنة :



عن عاصم بن أبي حمزة قال : ركب الإمام الباقر ( عليه السلام ) يوماً إلى حائط له ، وكنت أنا وسليمان بن خالد معه ، فما سرنا إلاّ قليلاً ، فاستقبلنا رجلان ، فقال ( عليه السلام ) : ( هما سارقان خذوهما ) ، فأخذناهما ، وقال لغلمانه : ( استوثقوا منهما ) ، وقال لسليمان : ( انطلق إلى ذلك الجبل مع هذا الغلام إلى رأسه ، فإنّك تجد في أعلاه كهفاً فادخله ، وصر إلى وسطه فاستخرج ما فيه ، وادفعه إلى هذا الغلام يحمله بين يديك ، فإنّ فيه لرجل سرقة ، ولآخر سرقة ) .
فخرج واستخرج عيبتين ، وحملهما على ظهر الغلام ، فأتى بهما الباقر ( عليه السلام ) ، فقال : ( هما لرجل حاضر ، وهناك عيبة أخرى لرجل غائب سيحضر بعد ) ، فذهب واستخرج العيبة الأخرى من موضع آخر من الكهف ، فلمّا دخل الباقر ( عليه السلام ) المدينة ، فإذا صاحب العيبتين ادعى على قوم ، وأراد الوالي أن يعاقبهم ، فقال الباقر ( عليه السلام ) : ( لا تعاقبهم ، ورد العيبتين إلى الرجل ) .
ثمّ قطع السارقين ، فقال أحدهما : لقد قطعتنا بحق ، والحمد لله الذي أجرى قطعي وتوبتي على يدي ابن رسول الله ، فقال الباقر ( عليه السلام ) : ( لقد سبقتك يدك التي قطعت إلى الجنّة بعشرين سنة ) ، فعاش الرجل عشرين سنة ، ثمّ مات .
قال : فما لبثنا إلاّ ثلاثة أيّام حتّى حضر صاحب العيبة الأخرى ، فجاء إلى الباقر ( عليه السلام ) ، فقال له : ( أخبرك بما في عيبتك وهي بختمك ؟ فيها ألف دينار لك ، وألف أخرى لغيرك ، وفيها من الثياب كذا وكذا ) .
قال : فإن أخبرتني بصاحب الألف دينار من هو ؟ وما اسمه ؟ وأين هو ؟ علمت أنّك الإمام المنصوص عليه المفترض الطاعة ، قال : ( هو محمّد بن عبد الرحمن ، وهو صالح كثير الصدقة ، كثير الصلاة ، وهو الآن على الباب ينتظرك ) ، فقال الرجل ـ وهو بربري نصراني ـ : آمنت بالله الذي لا إله إلاّ هو ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، وأنّك الإمام المفترض الطاعة ، وأسلم .
الكرامة التاسعة :


توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس
قديم 2012/12/04, 10:47 PM   #13
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي



عن محمّد بن أبي حازم قال : كنت عند أبي جعفر ( عليه السلام ) ، فمر بنا زيد بن علي ، فقال أبو جعفر : ( أمّا والله ليخرجن بالكوفة ، وليقتلن وليطافن برأسه ، ثمّ يؤتى به ، فينصب على قصبة في هذا الموضع ) ، وأشار إلى الموضع الذي قتل فيه ، قال : سمع أذناي منه ، ثمّ رأت عيني بعد ذلك ، فبلغنا خروجه وقتله ، ثمّ مكثنا ما شاء الله ، فرأينا يطاف برأسه ، فنصب في ذلك الموضع على قصبة فتعجّبنا .
الكرامة العاشرة :



إنّ الإمام الباقر ( عليه السلام ) جعل يحدّث أصحابه بأحاديث شداد ، وقد دخل عليه رجل يقال له النضر بن قرواش ، فاغتم أصحابه لمكان الرجل ممّا يستمع حتّى نهض ، فقالوا : قد سمع ما سمع وهو خبيث ، قال : ( لو سألتموه عمّا تكلّمت به اليوم ما حفظ منه شيئاً ) .
قال بعضهم : فلقيته بعد ذلك ، فقلت : الأحاديث التي سمعتها من أبي جعفر أحب أن أعرفها ، فقال : والله ما فهمت منها قليلاً ولا كثيراً .


توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس
قديم 2012/12/04, 10:48 PM   #14
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي


مكارم الأخلاق الباقرية


المعروف

حث الإمام (عليه السلام) في كثير من أحاديثه على فعل المعروف ومما أثر عنه:

أ ـ (إن الله جعل للمعروف أهلاً من خلقه حبب إليهم المعروف وحبب إليهم فعاله، ووجه لطلاب المعروف الطلب إليهم، ويسر إليهم قضاءه كما يسر الغيث للأرض المجدبة ليحييها ويحيي أهلها، وإن الله جعل للمعروف أعداءً من خلقه بغض إليهم المعروف، وبغض إليهم فعاله وحظر على طلاب المعروف التوجه إليهم، وحظر عليهم قضاءه كما يحظر الغيث على الأرض المجدبة ليهلكها، ويهلك أهلها، وما يعفو عنه الله أكثر)(1).

إنه كلام جميل جمع فأوعى وتشبيه لطيف أصاب الهدف في الصميم، فللمعروف أهله يحبونه ويحبون به كما تحيي الأرض المجدبة بالمطر، وللمعروف أعداؤه يبغضونه ويكرهون فعاله وهو محظر إليهم كما هو محظر الغيث عن الأرض المجدبة ليهلكها ويهلك أهلها.

فيا سبحان الله هذه المتناقضات موجودة في الطبيعة منذ وجدت وفيها يكمن سر الحياة، ومن التناقض خير وشر. فالليل والنهار يتناقضان ويدفع كل منهما الآخر، وكذلك هي حال الإنسان يقلدا الطبيعة في سيرها ومن هذا الصراع بين المتناقضات في داخلنا وخارجنا نعيش الحياة، الهادئة حيناً والمضطربة أحياناً. ومن صراعنا مع الحياة تتوالد أشكال من التاريخ المفرح والمشين. فمنا من لديه القدرة في تجهيز العدة اللازمة ليزيل جماع الظلام القاسي، ومنا من لا يملك هذه القدرة فيفشل ويقضي معظم أيامه في الظلام. وكما الليل يجادل النهار فيأخذ منه ويعطيه كذلك نحن البشر نجادل الزمان فنستهلك جزء أمنه ويستهلك عمرنا.

وفي أجسادنا تجري معارك موصولة بين كائنات حية تتوق إلى الانطلاق وتكون حياتنا منذ البدء ميداناً فسيحاً للمغالبة، فأما أن ترتفع وتسمو إلى المثل العليا المتصوفين، وأما أن تنزلق في منحدرات كالماديين.

ب ـ وقال (عليه السلام): صنايع المعروف تقي مصارع السوء، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، وأول أهل الجنة دخولاً أهل المعروف وإن أول أهل النار دخولاً إلى النار أهل المنكر)(2).

عمل المعروف عمل إنساني فرضه الله عز وجل على عباده الصالحين، والمعروف مهما كان نوعه ماديا كان أم معنوياً هو صدقة. والصدقة كما هو معلوم تدفع عن أصحابها مصارع السوء وتمنحهم مركزاً اجتماعياً محبوباً ومرموقاً وأهل المعروف مكرمين في الدنيا والآخرة. وهم أول الداخلين إلى الجنة. أما أهل المنكر فهم على العكس مكروهين في الدنيا ومطرودين من الجنة وهم أول الداخلين إلى النار. من هنا أمر الإسلام المؤمنين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال تعالى: (يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر)(3).
الإحسان



الإحسان إلى الناس من أوثق الروابط الاجتماعية التي تدعو إلى تماسك المجتمع وترابطه، وتشيع المحبة والألفة بين أبنائه، وقد ندب إليه الإسلام. قال تعالى: (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)(4) وحث عليه الإمام الباقر (عليه السلام) فقال: (ما تذرع إليّ بذريعة، ولا توسل بوسيلة هي أقرب إليّ من يد سالفة مني إليه أتبعتها أختها ليحسن حفظها وربها لأن منع الأواخر يقطع لسان شكر الأوائل، وما سمحت لي نفسي برد بكر الحوائج)(5).

إنه أحب شيء إلى نفس الإمام (عليه السلام) مواصلة الإحسان وتكراره ليغرس به المودة والحب والألفة في قلوب الناس.

ليس هذا غريباً على من اختارهم الله تعالى وخصهم بالكرامة والعصمة وجعلهم فوق مستوى البشر في مواهبهم وأخلاقهم وجميع صفاتهم، فأخلاق الإمام الباقر هي أخلاق أبيه الإمام زين العابدين ، وأخلاق جديه الإمام الحسين سيد الشهداء و أمير المؤمنين وارث علم الأنبياء فنجده الإمام علي (عليه السلام) عفا عن مروان أحد قادة الجيوش لحربه في البصرة وأحسن إليه بعد أن ظفر به ووقع أسيراً في قبضته.

وجده الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) عفا عن رأس الشرك أبي سفيان بعد أن ظفر به، كما عفا عن زوجته هند بن عتبة وأحسن إليها بعد عملها الشنيع عندما شقت بطن عمه الحمزة واستخرجت كبده ونهشتها، وعفا أيضاً عن ابن سرح عندما ظفر به في مكنة وقد كان يؤذيه ويسيء إليه.

فهذه صفة الأوصياء ورثة الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام.
مقابلة المعروف بالإحسان



لقد أوصى الإمام (عليه السلام) أصحابه بمقابلة المعروف بالإحسان فقال (عليه السلام): (من صنع مثل ما صنع إليه فقد كافاه. ومن أضعف كان شكوراً، ومن شكر كان كريماً. ومن علم أنه ما صنع كان إلى نفسه لم يستبطئ الناس في شكرهم، ولم يستزدهم في مودتهم، فلا تلتمس من غيرك شكر ما أتيته إلى نفسك، ووقيت به عرضك، واعلم أن طالب الحاجة لم يكرم وجهه عن مسألتك فاكرم وجهك عن رده)(6).

فبعد أن أوصى (عليه السلام) بمقابلة المعروف بالمزيد من الإحسان، دعا إلى صنع المعروف بما هو معروف وأن لا يبغي الذي يسديه لا جزاءاً ولا شكوراً. لأنه قد صنع ذلك لنفسه. فالعمل الصالح يفيد صاحبه الذي يقمه في سبيل الله أكثر مما يفيد المسدى إليه. (الأعمال الصالحات خير وأبقى) (ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره).
القول الحسن والمعاملة الحسنى

دعا الإمام (عليه السلام) إلى هجر الكلام السيئ ومعاملة الناس بالحسنى فقال (عليه السلام): (قولوا للناس: أحسن ما تحبون أن يقال لكم، فإن الله يبغض اللعان السباب الطعّان على المؤمنين، الفاحش المتفحش السائل الملحف، ويحب الحيَّ الحليم العفيف المتعفف)(7).

الكلام الطيب يصدر من قلب طيب وأخلاق طيبة ذلك أن الإناء يرشح بما فيه. والكلمة الطيبة تمنح صاحبها احتراماً ومهابة وتبقى خالدة على الأيام يتداولها الناس ويذكرون قائلها بالخير. وما أروع الكلمات التي خلدت أصحابها والتي نرددها نحن اليوم. وقد ضرب لنا الله عز وجل مثلاً عنها فقال تعالى: (.. كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله المثال للناس لعلهم يتذكرون)(8).



توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس
قديم 2012/12/04, 10:49 PM   #15
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي


مكارم الأخلاق الباقرية


المعروف

حث الإمام (عليه السلام) في كثير من أحاديثه على فعل المعروف ومما أثر عنه:

أ ـ (إن الله جعل للمعروف أهلاً من خلقه حبب إليهم المعروف وحبب إليهم فعاله، ووجه لطلاب المعروف الطلب إليهم، ويسر إليهم قضاءه كما يسر الغيث للأرض المجدبة ليحييها ويحيي أهلها، وإن الله جعل للمعروف أعداءً من خلقه بغض إليهم المعروف، وبغض إليهم فعاله وحظر على طلاب المعروف التوجه إليهم، وحظر عليهم قضاءه كما يحظر الغيث على الأرض المجدبة ليهلكها، ويهلك أهلها، وما يعفو عنه الله أكثر)(1).

إنه كلام جميل جمع فأوعى وتشبيه لطيف أصاب الهدف في الصميم، فللمعروف أهله يحبونه ويحبون به كما تحيي الأرض المجدبة بالمطر، وللمعروف أعداؤه يبغضونه ويكرهون فعاله وهو محظر إليهم كما هو محظر الغيث عن الأرض المجدبة ليهلكها ويهلك أهلها.

فيا سبحان الله هذه المتناقضات موجودة في الطبيعة منذ وجدت وفيها يكمن سر الحياة، ومن التناقض خير وشر. فالليل والنهار يتناقضان ويدفع كل منهما الآخر، وكذلك هي حال الإنسان يقلدا الطبيعة في سيرها ومن هذا الصراع بين المتناقضات في داخلنا وخارجنا نعيش الحياة، الهادئة حيناً والمضطربة أحياناً. ومن صراعنا مع الحياة تتوالد أشكال من التاريخ المفرح والمشين. فمنا من لديه القدرة في تجهيز العدة اللازمة ليزيل جماع الظلام القاسي، ومنا من لا يملك هذه القدرة فيفشل ويقضي معظم أيامه في الظلام. وكما الليل يجادل النهار فيأخذ منه ويعطيه كذلك نحن البشر نجادل الزمان فنستهلك جزء أمنه ويستهلك عمرنا.

وفي أجسادنا تجري معارك موصولة بين كائنات حية تتوق إلى الانطلاق وتكون حياتنا منذ البدء ميداناً فسيحاً للمغالبة، فأما أن ترتفع وتسمو إلى المثل العليا المتصوفين، وأما أن تنزلق في منحدرات كالماديين.

ب ـ وقال (عليه السلام): صنايع المعروف تقي مصارع السوء، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، وأول أهل الجنة دخولاً أهل المعروف وإن أول أهل النار دخولاً إلى النار أهل المنكر)(2).

عمل المعروف عمل إنساني فرضه الله عز وجل على عباده الصالحين، والمعروف مهما كان نوعه ماديا كان أم معنوياً هو صدقة. والصدقة كما هو معلوم تدفع عن أصحابها مصارع السوء وتمنحهم مركزاً اجتماعياً محبوباً ومرموقاً وأهل المعروف مكرمين في الدنيا والآخرة. وهم أول الداخلين إلى الجنة. أما أهل المنكر فهم على العكس مكروهين في الدنيا ومطرودين من الجنة وهم أول الداخلين إلى النار. من هنا أمر الإسلام المؤمنين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال تعالى: (يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر)(3).
الإحسان



الإحسان إلى الناس من أوثق الروابط الاجتماعية التي تدعو إلى تماسك المجتمع وترابطه، وتشيع المحبة والألفة بين أبنائه، وقد ندب إليه الإسلام. قال تعالى: (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)(4) وحث عليه الإمام الباقر (عليه السلام) فقال: (ما تذرع إليّ بذريعة، ولا توسل بوسيلة هي أقرب إليّ من يد سالفة مني إليه أتبعتها أختها ليحسن حفظها وربها لأن منع الأواخر يقطع لسان شكر الأوائل، وما سمحت لي نفسي برد بكر الحوائج)(5).

إنه أحب شيء إلى نفس الإمام (عليه السلام) مواصلة الإحسان وتكراره ليغرس به المودة والحب والألفة في قلوب الناس.

ليس هذا غريباً على من اختارهم الله تعالى وخصهم بالكرامة والعصمة وجعلهم فوق مستوى البشر في مواهبهم وأخلاقهم وجميع صفاتهم، فأخلاق الإمام الباقر هي أخلاق أبيه الإمام زين العابدين ، وأخلاق جديه الإمام الحسين سيد الشهداء و أمير المؤمنين وارث علم الأنبياء فنجده الإمام علي (عليه السلام) عفا عن مروان أحد قادة الجيوش لحربه في البصرة وأحسن إليه بعد أن ظفر به ووقع أسيراً في قبضته.

وجده الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) عفا عن رأس الشرك أبي سفيان بعد أن ظفر به، كما عفا عن زوجته هند بن عتبة وأحسن إليها بعد عملها الشنيع عندما شقت بطن عمه الحمزة واستخرجت كبده ونهشتها، وعفا أيضاً عن ابن سرح عندما ظفر به في مكنة وقد كان يؤذيه ويسيء إليه.

فهذه صفة الأوصياء ورثة الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام.
مقابلة المعروف بالإحسان



لقد أوصى الإمام (عليه السلام) أصحابه بمقابلة المعروف بالإحسان فقال (عليه السلام): (من صنع مثل ما صنع إليه فقد كافاه. ومن أضعف كان شكوراً، ومن شكر كان كريماً. ومن علم أنه ما صنع كان إلى نفسه لم يستبطئ الناس في شكرهم، ولم يستزدهم في مودتهم، فلا تلتمس من غيرك شكر ما أتيته إلى نفسك، ووقيت به عرضك، واعلم أن طالب الحاجة لم يكرم وجهه عن مسألتك فاكرم وجهك عن رده)(6).

فبعد أن أوصى (عليه السلام) بمقابلة المعروف بالمزيد من الإحسان، دعا إلى صنع المعروف بما هو معروف وأن لا يبغي الذي يسديه لا جزاءاً ولا شكوراً. لأنه قد صنع ذلك لنفسه. فالعمل الصالح يفيد صاحبه الذي يقمه في سبيل الله أكثر مما يفيد المسدى إليه. (الأعمال الصالحات خير وأبقى) (ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره).
القول الحسن والمعاملة الحسنى

دعا الإمام (عليه السلام) إلى هجر الكلام السيئ ومعاملة الناس بالحسنى فقال (عليه السلام): (قولوا للناس: أحسن ما تحبون أن يقال لكم، فإن الله يبغض اللعان السباب الطعّان على المؤمنين، الفاحش المتفحش السائل الملحف، ويحب الحيَّ الحليم العفيف المتعفف)(7).

الكلام الطيب يصدر من قلب طيب وأخلاق طيبة ذلك أن الإناء يرشح بما فيه. والكلمة الطيبة تمنح صاحبها احتراماً ومهابة وتبقى خالدة على الأيام يتداولها الناس ويذكرون قائلها بالخير. وما أروع الكلمات التي خلدت أصحابها والتي نرددها نحن اليوم. وقد ضرب لنا الله عز وجل مثلاً عنها فقال تعالى: (.. كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله المثال للناس لعلهم يتذكرون)(8).



توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس
قديم 2012/12/04, 10:49 PM   #16
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي

وكما حثنا سبحانه على الكلمة الطيبة دعانا أيضاً إلى البعد عن السباب واللعان والطعان على المؤمنين لأن الكلام الفاحش المتفحش مبغوض عند الله، والسبابون مكروهون مذمومون في الدنيا والآخرة.

المؤمن الصالح لا يسب أحداً ولا يهتم إنه سبه الآخرون لأن همه الوحيد كسب رضى الله تعالى لا غيره. فالإمام (عليه السلام) سبه الأمويون على المنابر وافتعلوا الأحاديث في ذمه وحاولوا تزوير الحقائق وتشويه تاريخه المجيد. لكنهم فشلوا وسقطوا وبقي ذكره عالياً كاسمه تطيب الألسن بذكره ويمجد اسمه عند المؤمنين الصالحين، ويذكر اسمه كل يوم على المآذن بعد ذكر الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله). فلعن الله السبابين الذين يطعنون على المؤمنين لقد زالوا واندثروا ولم يسجل التاريخ اسمهم إلا على صفحاته السود. وقد وصفهم الله تعالى في كتابه العزيز: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء)(9).
طلاقة الوجه


أمر الإمام (عليه السلام) المؤمنين بمقابلة الناس بطلاقة الوجه والترحيب بهم ببشاشة وسرور. فقال (صلّى الله عليه وآله):

(البشر الحسن، وطلاقة الوجه، وسوء البشر مكبة للمحبة وقربة من الله، وعبوس الوجه، وسوء البشر مكسبة للمقت وبعد من الله)(10).

من آداب السلوك الاجتماعية التي أمر الله بها عباده الصالحين الوجه البشوش عند استقبال الناس لأن هذا مما يوثق الروابط الاجتماعية بين الناس ويزرع في النفوس الألفة والمحبة والتعاون. بينما الوجه العبوس يجلب المقت لصاحبه ويبعد الناس عنه ويجعله ممقوتاً منبوذاً في مجتمعه، وبالتالي فإنه يبتعد عن الله عز وجل. جاء في الحديث الشريف: (الخلق كلهم عيال الله وأقربهم إليه أنفعهم لعياله)(11).
الامام الباقر عليه السلام
حقوق المسلم



شرع الإسلام الحقوق الكاملة للمسلم تجاه أخيه المسلم، وأدلى الإمام (عليه السلام) بهذه الحقوق فقال (12):

(أحبب أخاك المسلم، وأحبب له ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لنفسك، وإذا احتجت فسله، وإذا سألك فأعطه، ولا تدخر عنه خيراً فإنه لا يدخره عنك، كن له ظهراً فإنه لك ظهر، إن غاب فاحفظه في غيبته، وإن شهد فزره، وأجله، وأكرمه فإنه منك، وأنت منه، وإن كان عليك عاتباً فلا تفارقه حتى تسل سخيمته (13). وما في نفسه، وإذا أصابه خير فاحمد الله عليه، وإن ابتلي فاعضده، وتمحل له)(14).

إنها تعاليم حية خالدة ترسخ دعائم الحياة الاجتماعية بين الأفراد، وأننا نرى أنه لو طبق المسلمون هذه التعاليم على واقع حياتهم، وخاصة في هذه الأيام الصعبة، لأصبحوا من أقوى الشعوب في العالم، ولما تجرأت الأمم الأخرى على غزوهم ونهب ثرواتهم. ولما انحرف بعضهم عن هذه المبادئ الإسلامية الأصيلة تفرقوا شيعاً وأحزاباً وهانوا وذلوا واصبحوا (كل حزب بما لديهم فرحون)(15).

ولما كانت هذه حقوق المسلم فلابد من قضاء حاجاته.
قضاء حاجة المسلم



طالب الإمام (عليه السلام) المسلمين إلى قضاء حوائج إخوانهم، وحذر من تركها أو إهمالها، فقال (عليه السلام): (ما من عبد يمتنع عن معونة أخيه المسلم والسعي له في حاجته قضيت له أو لم تقض إلا ابتلي في حاجة فيما يأثم عليه، ولا يؤجر، وما من عبد يبخل بنفقة ينفقها فيما يرضى الله إلا ابتلي بأن ينفق أضعافها فيما أسخط الله)(16).

إن قضاء حاجة المسلم أمر شرعي وواقعي واجتماعي والله عز وجل سمى: (إنما المؤمنون أخوة) ورسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال: (المسلم مرآة أخيه)(17).
صلة الأرحام



حث الإمام الباقر (عليه السلام) على صلة الأرحام وقال: (صلة الأرحام تزكي الأعمال، وتنمي الأموال، وتدفع البلوى، وتيسر الحساب، وتنسئ في الأجل)(18).

عني الإسلام بصلة الرحم ودعا إليها لأنها توجب تماسك الأسرة وارتباطها بالعطف والمحبة، وتعود على الأمة بأفضل الثمرات. قال الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) في ذلك: (بلّوا أرحامكم ولو بالسلام)(19) وفي رواية أخرى: (انضحوا أرحامكم). والمراد: صلوا أرحامكم ولو بالسلام، أي جددوا المودة بينكم وبين أقربائكم ولو بالتسليم عليهم تشبيهاً ببل السّقاء اليابس. لأن حسن المخالقة (20) تجديداً لمخلقها (21). ومثل ذلك قول الكميت الأسدي:

نضحتُ أديم الود بيني وبينهم بآصــــــــرة الأرحـــــام لو يتبللُ (22)
الصدقة

أكد الإمام على الصدقات وذكر الفوائد الناجمة عنها والتي يظفر بها المتصدق. وقد أدلى بها أمام أصحابه فقال (عليه السلام): (إلا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه يبعد السلطان، والشيطان منكم) فقال له أبو حمزة: (بلى أخبرنا حتى نفعله) قال (عليه السلام): (عليكم بالصدقة فبكروا بها، فإنها تسود وجه إبليس وتكسر شره السلطان الظالم عنكم في يومكم ذلك، وعليكم بالحب لله والتودد والمؤازرة على العمل الصالح فإنه يقطع دابرهما ـ يعني الشيطان والسلطان ـ وألحوا في الاستغفار فإنه ممحاة للذنوب) (23). والسر في الصدقة أن تنفق مستورة وفي سبيل الله وليس بقصد الافتخار والمباهاة. ولهذا قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في حديث طويل: (ورجل تصدق بصدقة لا تعلم شماله ما تنفقه يمينه)(24) والمراد كتمان النفقة التي يتصدق بها وإخفاؤها. فإذا كانت شماله لا تعلم بما تنفقه يمينه وهي شقيقتها وقسيمتها، فالأجدر ألا يعلم بذلك غيرها ممن بعد داراً وشط جواراً.


توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس
قديم 2012/12/04, 10:50 PM   #17
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي

وكما حثنا سبحانه على الكلمة الطيبة دعانا أيضاً إلى البعد عن السباب واللعان والطعان على المؤمنين لأن الكلام الفاحش المتفحش مبغوض عند الله، والسبابون مكروهون مذمومون في الدنيا والآخرة.

المؤمن الصالح لا يسب أحداً ولا يهتم إنه سبه الآخرون لأن همه الوحيد كسب رضى الله تعالى لا غيره. فالإمام (عليه السلام) سبه الأمويون على المنابر وافتعلوا الأحاديث في ذمه وحاولوا تزوير الحقائق وتشويه تاريخه المجيد. لكنهم فشلوا وسقطوا وبقي ذكره عالياً كاسمه تطيب الألسن بذكره ويمجد اسمه عند المؤمنين الصالحين، ويذكر اسمه كل يوم على المآذن بعد ذكر الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله). فلعن الله السبابين الذين يطعنون على المؤمنين لقد زالوا واندثروا ولم يسجل التاريخ اسمهم إلا على صفحاته السود. وقد وصفهم الله تعالى في كتابه العزيز: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء)(9).
طلاقة الوجه


أمر الإمام (عليه السلام) المؤمنين بمقابلة الناس بطلاقة الوجه والترحيب بهم ببشاشة وسرور. فقال (صلّى الله عليه وآله):

(البشر الحسن، وطلاقة الوجه، وسوء البشر مكبة للمحبة وقربة من الله، وعبوس الوجه، وسوء البشر مكسبة للمقت وبعد من الله)(10).

من آداب السلوك الاجتماعية التي أمر الله بها عباده الصالحين الوجه البشوش عند استقبال الناس لأن هذا مما يوثق الروابط الاجتماعية بين الناس ويزرع في النفوس الألفة والمحبة والتعاون. بينما الوجه العبوس يجلب المقت لصاحبه ويبعد الناس عنه ويجعله ممقوتاً منبوذاً في مجتمعه، وبالتالي فإنه يبتعد عن الله عز وجل. جاء في الحديث الشريف: (الخلق كلهم عيال الله وأقربهم إليه أنفعهم لعياله)(11).
الامام الباقر عليه السلام
حقوق المسلم



شرع الإسلام الحقوق الكاملة للمسلم تجاه أخيه المسلم، وأدلى الإمام (عليه السلام) بهذه الحقوق فقال (12):

(أحبب أخاك المسلم، وأحبب له ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لنفسك، وإذا احتجت فسله، وإذا سألك فأعطه، ولا تدخر عنه خيراً فإنه لا يدخره عنك، كن له ظهراً فإنه لك ظهر، إن غاب فاحفظه في غيبته، وإن شهد فزره، وأجله، وأكرمه فإنه منك، وأنت منه، وإن كان عليك عاتباً فلا تفارقه حتى تسل سخيمته (13). وما في نفسه، وإذا أصابه خير فاحمد الله عليه، وإن ابتلي فاعضده، وتمحل له)(14).

إنها تعاليم حية خالدة ترسخ دعائم الحياة الاجتماعية بين الأفراد، وأننا نرى أنه لو طبق المسلمون هذه التعاليم على واقع حياتهم، وخاصة في هذه الأيام الصعبة، لأصبحوا من أقوى الشعوب في العالم، ولما تجرأت الأمم الأخرى على غزوهم ونهب ثرواتهم. ولما انحرف بعضهم عن هذه المبادئ الإسلامية الأصيلة تفرقوا شيعاً وأحزاباً وهانوا وذلوا واصبحوا (كل حزب بما لديهم فرحون)(15).

ولما كانت هذه حقوق المسلم فلابد من قضاء حاجاته.
قضاء حاجة المسلم



طالب الإمام (عليه السلام) المسلمين إلى قضاء حوائج إخوانهم، وحذر من تركها أو إهمالها، فقال (عليه السلام): (ما من عبد يمتنع عن معونة أخيه المسلم والسعي له في حاجته قضيت له أو لم تقض إلا ابتلي في حاجة فيما يأثم عليه، ولا يؤجر، وما من عبد يبخل بنفقة ينفقها فيما يرضى الله إلا ابتلي بأن ينفق أضعافها فيما أسخط الله)(16).

إن قضاء حاجة المسلم أمر شرعي وواقعي واجتماعي والله عز وجل سمى: (إنما المؤمنون أخوة) ورسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال: (المسلم مرآة أخيه)(17).
صلة الأرحام



حث الإمام الباقر (عليه السلام) على صلة الأرحام وقال: (صلة الأرحام تزكي الأعمال، وتنمي الأموال، وتدفع البلوى، وتيسر الحساب، وتنسئ في الأجل)(18).

عني الإسلام بصلة الرحم ودعا إليها لأنها توجب تماسك الأسرة وارتباطها بالعطف والمحبة، وتعود على الأمة بأفضل الثمرات. قال الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) في ذلك: (بلّوا أرحامكم ولو بالسلام)(19) وفي رواية أخرى: (انضحوا أرحامكم). والمراد: صلوا أرحامكم ولو بالسلام، أي جددوا المودة بينكم وبين أقربائكم ولو بالتسليم عليهم تشبيهاً ببل السّقاء اليابس. لأن حسن المخالقة (20) تجديداً لمخلقها (21). ومثل ذلك قول الكميت الأسدي:

نضحتُ أديم الود بيني وبينهم بآصــــــــرة الأرحـــــام لو يتبللُ (22)
الصدقة

أكد الإمام على الصدقات وذكر الفوائد الناجمة عنها والتي يظفر بها المتصدق. وقد أدلى بها أمام أصحابه فقال (عليه السلام): (إلا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه يبعد السلطان، والشيطان منكم) فقال له أبو حمزة: (بلى أخبرنا حتى نفعله) قال (عليه السلام): (عليكم بالصدقة فبكروا بها، فإنها تسود وجه إبليس وتكسر شره السلطان الظالم عنكم في يومكم ذلك، وعليكم بالحب لله والتودد والمؤازرة على العمل الصالح فإنه يقطع دابرهما ـ يعني الشيطان والسلطان ـ وألحوا في الاستغفار فإنه ممحاة للذنوب) (23). والسر في الصدقة أن تنفق مستورة وفي سبيل الله وليس بقصد الافتخار والمباهاة. ولهذا قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في حديث طويل: (ورجل تصدق بصدقة لا تعلم شماله ما تنفقه يمينه)(24) والمراد كتمان النفقة التي يتصدق بها وإخفاؤها. فإذا كانت شماله لا تعلم بما تنفقه يمينه وهي شقيقتها وقسيمتها، فالأجدر ألا يعلم بذلك غيرها ممن بعد داراً وشط جواراً.


توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس
قديم 2012/12/04, 10:51 PM   #18
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي

ومن المعروف شرعاً أن الصدقة تجب على الميسور والغني ويعفى منها فقير الحال. ولهذا قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (الصدقة عن ظهر غنى)(25) والظهر هنا بمعنى القوة، فكأن المال للغني بمنزلة الظهر الذي عليه اعتماده. من ذلك قولهم: فلان ظهر لفلان إذا كان يتقوى به ويلجأ إليه في الحوادث. وكذلك قول الله تعالى: (لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً)(26).
العطف على اليتيم

اليتيم هو أمانة في رقاب العباد الصالحين ومساعدتهم له واجب شرعي. قال تعالى: (وآتوا اليتامى أموالهم ولا تبدلوا الخبيث بالطيب)(27). والإمام الباقر (عليه السلام) الذي وضع علم الأصول وحفيد الرسول (صلّى الله عليه وآله) يدعو إلى العطف على اليتيم والبر بالضعيف يقول: (أربع من كن فيه بنى له الله بيتاً في الجنة من آوى اليتيم، ورحم الضيف وأشفق على والديه ورفق بمملوكه)(28).



الهوامش:

1- تحف العقول ص 295.

2- أمالي الصدوق ص225.

3- سورة لقمان، الآية 17 وراجع سورة الأعراف، الآية 157 وسورة التوبة، الآية 71 و112 وسورة الحج، الآية 41.

4- سورة البقرة، الآية 195.

5- تحف العقول ص296.

6- تحف العقول ص300.

7- نفسه ص300.

8- سورة إبراهيم، الآية 24ـ25.

9- سورة إبراهيم، الآية 26 و27.

10- تحف العقول ص 296.

11- المجازات النبوية ص 241.

12- أمال الصدوق ص288. وكن له ظهراً: أي عوناً.

13- سخيمته: ضغينته.

14- أمالي الصدوق ص288.

15- سورة المؤمنون، الآية 53.

16- تحف العقول ص292.

17- المجازات النبوية ص79.

18- تحف العقول ص298.

19- المجازات النبوية ص101.

20- المخالقة: المعاشرة بحسن الخلق.


توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس
قديم 2012/12/04, 10:52 PM   #19
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي

21- المخلق الذين استنفذت جدته فصار بالياً والمراد: تجديد البالي بالمعاشرة.

22- آصرة الأرحام: صلة الأرحام والآصرة تطلق على الرحم وعلى القرابة وعلى المنة والعطية.

23- تحف العقول ص298.

24- المجازات النبوية ص413.

25- المجازات النبوية ص75 وهذا جواب عن سؤال سأله أحدهم للنبي (صلّى الله عليه وآله) (أي الأعمال أفضل فقال الرسول (صلّى الله عليه وآله): (الصدقة عن ظهر غني).

26- سورة الإسراء، الآية 88 وظهيراً معيناً.

27- سورة النساء، الآية 2.

28- الخصال ص204.

زهد الامام عليه السلام

كيف لا يزهد الإمام ( عليه السلام ) و جَدُّه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، كان زاهداً في جميع مباهج الحياة ؟ ، فأعرض عن بَهارِجها و زينتها ، فلم يتَّخذ الرياش في داره ، و إنما كان يفرش بمنزله حصيراً .

فنظر ( عليه السلام ) نظرة عميقة في جميع شؤون الحياة ، فزهد في ملاذِّها ، و اتجه نحو الله تعالى بقلب منيب .

يقول جابر بن يزيد الجعفي : قال لي محمد بن علي ( عليه السلام ) : ( يا جابر ، إنِّي لَمَحزون ، و إني لمشتغل القلب ) .

فانبرى إليه جابر قائلاً : ما حزنك ، و ما شغل قلبك ؟

فأجابه ( عليه السلام ) بما أحزنه و زهده في هذه الحياة قائلاً : ( جابر ، إنَّه من دخل قلبه صافي ، و يذكر الله عزَّ و جلَّ شغله عما سواه . يا جابر ، ما الدنيا ؟ ، و ما عسى أن تكون ، هل هي إلا مركب ركبته ، أو ثوب لبسته ، أو امرأة أصبتها ؟ ) .

و قد أثرت عنه ( عليه السلام ) كلمات كثيرة في الزهد و الإقبال على الله ، و التحذير من غرور الدنيا .
إنه ابن
العترة الطاهرة ( عليهم السلام ) ، الذين أرسلهم الله تعالى لإرشاد الناس إلى الطريق الصحيح ، ليأمروا بالحق ، و لِيَنهوا عن الباطل ، و يعملوا في سبيل الخير و الصلاح .




توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس
قديم 2012/12/04, 10:53 PM   #20
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي

بــاقــر الـعــلــم ومـــــن يـجـهـلــه
كــنــز طــاهــا المـصـطـفـى يـحـمـلـه
فـــي فــــؤاداٍ نــيــراٍ مــــا مـثـلــه
آخـــــذٌ لـلـعـلــم مـــــن مـنـهـلــه
حــــق لــــلأرض تــنــوح لأجــلـــه
فـهـيـا كـانــت تـحــت نـعـلـي رجــلــه
تـسـتـمـد الـخـيــر مــــن خـطــواتــه
تـسـتـظـل وتـحـتـمـي فــــي ظــلـــه



في اجتهاده في كسب المعاش





روى الشيخ المفيد وغيره عن الامام الصادق عليه السلام انه قال:




ان محمد بن المنكدر كان يقول: ما كنت أرى مثل علي بن الحسين عليهما السلام يدع خلفا، لفضل علي بن الحسين عليهما السلام حتي رأيت ابنه محمد بن علي فأردت ان أعظه فوعظني فقال له اصحابه: باي شيء وعظك؟
قال: خرجت الى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيت محمد بن علي عليهما السلام وكان رجلا بدينا وهو متكيء على غلامين له اسودين او موليين له، فقلت في نفسي: شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا لأعظنّه، فدنوت منه فسلمت عليه فسلم عليّ بنهر وقد تصبب عرقا.
فقلت: اصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة علي هذه الحال في طلب الدنيا لو جاءك الموت وانت على هذه الحال، قال: فخلـّى عن الغلامين من يده ثم تساند وقال: لو جاءني والله الموت وانا في هذه الحال جاءني وانا في طاعة من طاعات الله اكفّ بها نفسي عنك وعن الناس وانما كنت اخاف الموت لو جاءني وانا على معصية من معاصي الله، فقلت: يرحمك الله اردت ان اعظك فوعظتني[1].

يقول المؤلف:



والظاهر عندي ان محمد بن المنكدر من متصوّفي العامة كطاووس وابن ادهم وامثالهما الذين يصرفون اوقاتهم بالعبادة الظاهرية، ويدعون الكسب، وهم كل علي الناس، ذكر صاحب المستطرف انه: «... جزّأ محمد بن المنكدر، عليه وعلى امّه وعلى اخيه الليل اثلاثا فماتت اخته، فجزأه عليه وعلى امه، فماتت امه فقام الليل كله».

يقول المؤلف:



الظاهر ان محمد بن المنكدر اخذ هذا العمل من آل داوود فيما ورد من ان داوود النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قسّم ساعات الليل علي اهل بيته فكانت لا تمضي ساعة من الليل الا وأحد أولاده مشغولاً بالصلوة، قال الله تعالى: «اعملوا آل داوود شكرا».


وكلام الامام الباقر عليه السلام



«لو جاءني والله الموت وانا في هذه الحال جاءني وانا في طاعة من طاعات الله اكف بها نفسي عنك وعن الناس وانما كنت اخاف الموت لو جاءني وانا على معصية من معاصي الله...» تعريضاً به وبأقرانه.

ويؤيد هذا المطلب ما رواه صاحب كشف الغمة عن شقيق البلخي قال: خرجت حاجاً في سنة تسع واربعين ومائة، فنزلنا القادسية فبينا انا أنظر الى الناس في زينتهم وكثرتهم فنظرت الى فتى حسن الوجه شديد السمرة ضعيف، فوق ثيابه ثوب من صوف، مشتمل بشملة، في رجله نعلان وقد جلس منفردا، فقلت في نفسي: هذا الفتى من الصوفية يريد ان يكون كلا علي الناس في طريقهم والله لأمضين اليه ولأوبخنه... (وتمام الخبر في باب حياة موسي بن جعفر عليهما السلام).

والغرض، الاعلام بان المتصوفة كانوا كلا على الناس انذاك ولذا وردت روايات كثيرة عن الصادقين عليما السلام في الحث على التكسب والنهي عن تركه، والذي ينشغل بالعبادة ويتقوت من غيره تكون عباده هذا الذي يقوته أفضل من عبادته بل روي الامام الصادق عن النبي الصادق (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: ملعون من القى كلــّه على الناس.

روي عن الامام جعفر الصادق عليه السلام انه قال:



فقد أبي بغلة له: فقال: لئن ردها الله تعالى لأحمدنه بمحامد يرضاها، فما لبث ان اتى بها بسرجها ولجامها فلما استوى عليها وضم اليه ثيابه رفع رأسه الى السماء فقال: الحمدلله، فلم يزد، ثم قال: ما تركت ولا بقيت شيئا جعلت كل انواع المحامد لله عزوجل، فما من حمد الا هو داخل فيما قلت[5].

وهو كما قال عليه السلام لان الألف واللام في الحمدلله للاستغراق فاستغرق جميع الافراد.

نقل عن كتاب البيان والتبيين للجاحظ انه قال: قد جمع محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام صلاح شأن الدنيا بحذافيرها في كلمتين فقال: صلاح شأن المعاش والتعاشر ملء مكيال: ثلثان فطنة وثلث تغافل[6].

وقال له نصراني:



انت بقر؟ قال: لا، انا باقر، قال: انت ابن الطباخة؟ قال: ذاك حرفتها قال: انت ابن السوداء الزنجية البذية؟ قال: ان كنت صدقت غفرالله لها وان كنت كذبت غفر الله لك، قال: فأسلم النصراني.

يقول المؤلف:



لقد اقتدى بالامام عليه السلام وباخلاقه الشريفة سلطان العلماء والمحققين، افضل الحكماء والمتكلمين ذو الفيض القدوسي الخواجه نصير الدين الطوسي (قدس سره)، حيث وصل اليه كتاب من شخص يسبه ويشتمه فيه، ومن تلك الكلمات القبيحة انه قال للخواجة «يا كلب ابن الكلب».

فكتب (ع) الجواب في غاية المتانة والحسن من دون استعمال اي كلام سيئ قال له: قلت لي يا كلب وهذا غير صحيح لان الكلب يمشي على اربع وله مخالب طويلة واني منتصب القامة وبشرتي ظاهرة بينما بشرة الكلب يغطيها الشعر، واني ناطق ضاحك، فهذه الفصول والخواص التي غير الفصول والخواص في الكلب.


روي عن زرارة قال:



حضر ابوجعفر عليه السلام جنازة رجل من قريش وانا معه وكان فيها عطاء (مفتي مكة مع المشيعين) فصرخت صارخة، فقال عطاء: لتسكتن او لنرجعن، قال: فلم تسكت فرجع عطاء، قال: فقلت لابي جعفرعليه السلام: ان عطاء قد رجع، قال: ولم؟ قلت: صرخت هذه الصارخة فقال لها: لتسكن او لنرجعن، فلم تسكت فرجع.


فقال: امض بنا فلو انا اذا رأينا شيئا من الباطل مع الحق تركنا له الحق لم نقض حق مسلم، قال: فلما صلى على الجنازة قال وليها لابي جعفر: ارجع مأجورا رحمك الله فانك لا تقوي على المشي فأبى ان يرجع، قال: فقلت له: قد اذن لك في الرجوع ولي حاجة اريد ان أسألك عنها، فقال: امض فليس باذنه جئنا ولا باذنه نرجع انما هو فضل واجر طلبناه فبقدر ما يتبع الجنازة الرجل يؤجر على ذلك.

يقول المؤلف:



يظهر من هذا الحديث الشريف فضل تشييع الجنائز وروي: ان اول تحفة المؤمن ان يغفر الله له ولمن تبع جنازته.


وقال اميرالمؤمنين عليه السلام:



من تبع جنازة كتب له اربع قراريط: قيراط باتباعه اياها، وقيراط بالصلاة عليها، وقيراط بالانتظار حتى يفرغ من دفنها، وقيراط للتغزية، وقال ابوجعفر عليه السلام في رواية اخري: القيراط مثل جبل احد.


روى الكليني (عن يونس بن يعقوب عن بعض اصحابنا) قال:



كان قوم اتوا ابا جعفر عليه السلام فوافقوا صبيا له مريضا فرأوا منه اهتماما وغما وجعل لا يقر، قال: فقالوا: والله لئن اصابه شيء انا لنتخوف ان نرى منه ما نكره، قال: فما لبثوا ان سمعوا الصياح عليه فاذا هو قد خرج عليهم منبسط الوجه في غير الحال التي كان عليها، فقالوا له: جعلنا الله فداك لقد كنا نخاف مما نرى منك ان لو وقع (اي اذا مات الصبي) ان نرى منك ما يغمنا، فقال لهم: انا لنحب ان نعافى فيمن نحب فاذا جاء امر الله سلمنا فيما احب؟.


قال ابوعبدالله عليه السلام:


في كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اذا استعملتم ما ملكت ايمانك في شيء يشق عليهم فاعملوا معهم فيه، قال: وان كان ابي ليأمرهم فيقول: كما انتم، فياتي فينظر فان كان ثقيلا قال: بسم الله، ثم عمل معهم وان كان تنحى عنهم[12].



عظم الله أجورنا وأجوركم







قال عليه السلام





قُم بالحق ، واعتزل ما لا يعنيك ، وتجنب عَدوَّك ، واحذر صديقك من الأقوام ، إلا الأمين من خشي الله ، ولا تصحب الفاجر ، ولا تطلعه على سِرِّك ، واستشر في أمرك الذين يخشون الله



توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هامة ولينه .. باقر الاسدي .. محمد التميمي الصوتيات والمرئيات والرواديد 6 2012/08/27 07:08 PM
عظم الله اجوركم ياموالين الدعم الفني خيمة شيعة الحسين العالميه 22 2012/08/14 10:26 PM
معالجة الطفل الرضيع المصاب بلمقص احمد الكعبي الأمومة والطفل 4 2012/08/08 06:03 PM
عاجل : الحكومة المحلية تتجرأ على الله وتهدم مسجد السيد محمد باقر الصدر في جنح الظلام صرخة سكينه السياسة 6 2012/07/29 10:10 PM
صور الشيخ المجاهد نمر باقر النمر الياس الموالي صور اهل البيت والعلماء ورموز الشيعة 9 2012/07/27 05:29 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي
|

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى || SiteMap Index


أقسام المنتدى

المنتــديات العامة @ السياسة @ المناسبات والترحيب بالأعضاء الجدد @ منتديات اهل البيت عليهم السلام @ سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) @ الواحة الفاطمية @ الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) @ الادعية والاذكار والزيارات النيابية @ المـدن والأماكن المقدسة @ المـنتـديات الأدبيـة @ الكتاب الشيعي @ القصة القصيرة @ الشعر الفصيح والخواطر @ الشعر الشعبي @ شباب أهل البيت (ع) @ المنتـديات الاجتماعية @ بنات الزهراء @ الأمومة والطفل @ مطبخ الاكلات الشهية @ المنتـديات العلمية والتقنية @ العلوم @ الصحه وطب أهل البيت (ع) @ الكمبيوتر والانترنيت @ تطبيقات وألعاب الأندرويد واجهزة الجوال @ المنتـديات الصورية والصوتية @ الصوتيات والمرئيات والرواديد @ الصــور العامة @ الابتسامة والتفاؤل @ المنتــــديات الاداريـــة @ الاقتراحات والشكاوي @ المواضيع الإسلامية @ صور اهل البيت والعلماء ورموز الشيعة @ باسم الكربلائي @ مهدي العبودي @ جليل الكربلائي @ احمد الساعدي @ السيد محمد الصافي @ علي الدلفي @ الالعاب والمسابقات @ خيمة شيعة الحسين العالميه @ الصــور العام @ الاثـــاث والــديــكــورآت @ السياحة والسفر @ عالم السيارات @ أخبار الرياضة والرياضيين @ خاص بالأداريين والمشرفين @ منتدى العلاجات الروحانية @ الابداع والاحتراف هدفنا @ الاستايلات الشيعية @ مدونات اعضاء شيعة الحسين @ الحوار العقائدي @ منتدى تفسير الاحلام @ كاميرة الاعضاء @ اباذر الحلواجي @ البحرين @ القران الكريم @ عاشوراء الحسين علية السلام @ منتدى التفائل ولاستفتاح @ المنتديات الروحانية @ المواضيع العامة @ الرسول الاعظم محمد (ص) @ Biography forum Ahl al-Bayt, peace be upon them @ شهر رمضان المبارك @ القصائد الحسينية @ المرئيات والصوتيات - فضائح الوهابية والنواصب @ منتدى المستبصرون @ تطوير المواقع الحسينية @ القسم الخاص ببنات الزهراء @ مناسبات العترة الطاهرة @ المسابقة الرمضانية (الفاطمية) لسنة 1436 هجري @ فارسى/ persian/الفارسية @ تفسير الأحلام والعلاج القرآني @ كرسي الإعتراف @ نهج البلاغة @ المسابقة الرمضانية لسنة 1437 هجري @ قصص الأنبياء والمرسلين @ الإمام علي (ع) @ تصاميم الأعضاء الخاصة بأهل البيت (ع) @ المسابقة الرمضانية لعام 1439هجري @ الإعلانات المختلفة لأعضائنا وزوارنا @ منتدى إخواننا أهل السنة والجماعه @


تصليح تلفونات | تصليح تلفونات | تصليح سيارات | تصليح طباخات | تصليح سيارات | كراج متنقل | تصليح طباخات | تصليح سيارات |